المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[السادس: - ذكر بعض الأحاديث في شأن المهدي الواردة في غير الصحيحين مع الكلام عن أسانيد بعضها] - عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر

[عبد المحسن العباد]

الفصل: ‌[السادس: - ذكر بعض الأحاديث في شأن المهدي الواردة في غير الصحيحين مع الكلام عن أسانيد بعضها]

المهدي والسنة يفسر بعضها بعضا ومن الأحاديث الدالة على ذلك الحديث الذي رواه الحارث ابن أبي أسامة الذي في مسنده بسنده عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا فيقول: لا إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة" وهذا الحديث قال فيه ابن القيم في المنار المنيف إسناده جيد. انتهى. وهو دال على أن ذلك الأمير المذكور في صحيح مسلم الذي طلب من عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام أن يتقدم للصلاة يقال له المهدي، وقد أورد الشيخ صديق حسن في كتابه الإذاعة جملة كبيرة من أحاديث المهدي جعل آخرها حديث جابر المذكور عند مسلم ثم قال عقبه: "وليس فيه ذكر المهدي ولكن لا محمل له ولأمثاله من الأحاديث إلا المهدي المنتظر كما دلت على ذلك الأخبار المتقدمة والآثار الكثيرة، ولما كان المقام لا يتسع لإيراد الكثير من الأحاديث الواردة في غير الصحيحين في شأن المهدي والكلام عليها رأيت الاقتصار هنا على إيراد بعضها مع الكلام على بعض أسانيدها:

[السادس: - ذكر بعض الأحاديث في شأن المهدي الواردة في غير الصحيحين مع الكلام عن أسانيد بعضها]

ذكر بعض الأحاديث في المهدي الواردة في غير الصحيحين

1-

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أبشركم بالمهدي يبعث على اختلاف من الناس وزلازل فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض يقسم المال صحاحا" قال له رجل ما صحاحا قال "بالسوية ويملأ الله قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غناء ويسعهم عدله" إلى آخر الحديث قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه أحمد بأسانيد أبو يعلى باختصار كثير ورجالهما ثقات.

2-

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ذكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم المهدي فقال: "إن قصر فسبع وإلا فثمان وإلا فتسع وليملأن الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلما" قال الهيثمي رواه البزار ورجاله ثقات وفي بعضهم بعض الضعف.

3-

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فثمان وإلا فتسع تنعم أمتي فيها نعمة لم ينعموا مثلها يرسل السماء عليهم مدرارا ولا تدخر الأرض شيئا من النبات والمال كدوس يقوم الرجل فيقول يا مهدي أعطني فيقول خذ" قال الهيثمي رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.

4-

عقد أبو داود في سننه كتابا قال في أوله: أول كتاب المهدي وقال في آخره آخر كتاب المهدي جعل تحته بابا واحدا أورد فيه ثلاثة عشر حديثا وصدر هذا الكتاب بحديث جابر ابن سمرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يزال هذا

ص: 134

الدين قائما حتى يكون عليكم إثنا عشر خليفة" الحديث قال السيوطي في آخر جزء العرف الوردي في أخبار المهدي إن في ذلك إشارة إلى ما قاله العلماء أن المهدي أحد الإثنى عشر وقد ذكر ذلك أيضا ابن كثير في تفسيره لقوله تعإلى: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ} في سورة المائدة كما يجيء ذكر كلامه، ويرى جماعة من العلماء ومنهم شارح الطحاوية أن الإثني عشر هم الخلفاء الراشدون وثمانية انتهى.

5-

ما رواه أبو داود في سننه من طريق عاصم بن أبي النجود عن أبي زرعة عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا". وهذا الحديث سكت عليه أبو داود والمنذري وكذا ابن القيم في التهذيب السنن وقد أشار إلى صحته في المنار المنيف وصححه ابن تيميه في منهاج السنة النبوية وقد أورده في مصابيح السنة في فصل الحسان وقال عنه الألباني في تخريج أحاديث المشكاة "وإسناده حسن"، انتهى.

والحديث مداره على عاصم بن أبي النجود وقد لخص في عون المعبود شرح مسند سنن أبي داود الأقوال التي قيلت فيه فقال: "وعاصم هذا هو ابن أبي النجود واسم أبي النجود بهدلة أحد القراء السبعة" قال: "أحمد بن حنبل كان رجلا صالحا وأنا اختار قراءته" وقال أحمد وأبو زرعة أيضا: "ثقة" وقال أبو حاتم: "محله عندي محل الصدق صالح الحديث ولم يكن بذلك الحافظ" وقال أبو جعفر العقيلي: "لم يكن فيه إلا سوء الحفظ" وقال الدارقطني: "في حفظه شيء" وأخرج له البخاري في صحيحه مقرونا وأخرج له مسلم قال الذهبي: "ثبت في القراءة وهو في الحديث دون التثبت صدوق يهم وهو حسن الحديث" والحاصل أن عاصم بن بهدلة ثقة على رأي أحمد وأبي زرعة وحسن الحديث صالح الإحتجاج على رأي غيرهما ولم يكن فيه إلا سوء الحفظ فرد الحديث بعاصم ليس من دأب المنصفين على أن الحديث قد جاء من غير طريق عاصم أيضا فارتفعت عن عاصم مظنة الوهم والله أعلم. انتهى.

والحديث ذكره ابن خلدون في مقدمة تاريخه وقدح فيه من جهة عاصم ابن أبي النجود ملاحظا ما قيل فيه من سوء الحفظ وقال إن الجرح مقدم على التعديل وقد أنكر عليه ذلك، قال الشيخ أحمد شاكر في تخريج أحاديث المسند: "إن ابن خلدون لم يحسن قول المحدثين إن الجرح مقدم على التعديل ولو اطلع على أقوالهم وفقهها ما قال شيئا مما قال وقال أيضا إن عاصم ابن أبي النجود من أئمة القراء المعروفين ثقة في

ص: 135

الحديث أخطأ في بعض حديثه ولم يغلب خطؤه على روايته حتى ترد" قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: "أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل فيما كتب إلي قال سألت أبي عن عاصم ابن بهدلة فقال ثقة رجل صالح خير ثقة والأعمش أحفظ منه وكان شعبة يختار الأعمش عليه في تثبيت الحديث وقال ابن أبي حاتم سألت أبي عن عاصم بن بهدلة فقال هو صالح هو أكثر حديثا من أبي قيس الأودي وأشهر منه وأحب إلي من أبي قيس وقال سئل إلي عن عاصم بن أبي النجود وعبد الملك بن عمير فقال قدم عاصما على عبد الملك عاصم أقل اختلافاً عندي من عبد الملك، وقال سألت أبا زرعة عن عاصم بن بهدلة فقال ثقة قال فذكرته لأبي فقال ليس محله هذا أن يقال ثقة وقد تكلم فيه ابن علية فقال كأن كل من كان اسمه عاصما سيء الحفظ" قال الشيخ أحمد شاكر:"وهذا أكثر ما قيل فيه من الجرح، أفمثل هذا يطرح حديثه ويجعل سبيلا لإنكار شيء ثبت بالسنة الصحيحة من طرق متعددة من حديث كثير من الصحابة حتى لا يكاد يشك في صحته أحد كما ورد في روايته من عدل وصدق لهجة ولارتفاع احتمال الخطأ فمن كان في حفظ شيء بما ثبت عن غيره ممن هو مثله في العدل والصدق وقد يكون أحفظ منه ما هكذا تعلل الأحاديث" انتهى.

6-

وقال أبو داود في سننه حدثنا سهل بن تمام بن بديع حدثنا عمران القطان عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ويملك سبع سنين"، قال ابن القيم في المنار المنيف رواه أبو داود بإسناد جيد وأورده في مصابيح السنة في فصل الحسان وقال الألباني في تخريج أحاديث المشكاة وإسناده حسن ورمز لصحته السيوطي في الجامع الصغير.

7-

وقال ابن ماجه في سننه: حدثنا محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف قالا: حدثنا عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي اسماء الرحبي عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم-ثم ذكر شيئا لا أحفظه- فقال فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي"، قال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه على سنن ابن ماجه: في الزوائد: "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين"، انتهى. وقد أورد هذا الحديث بسنده الحافظ ابن كثير في كتاب الفتن والملاحم وقال: "وهذا إسناد قوي صحيح، ثم أورد

ص: 136

حديثا عن الترمذي فيه ذكر الرايات السود أيضا ثم قال وهذه الرايات ليست هي الرايات التي أقبل بها أبو مسلم الخرساني فاستلب بها دولة بني أمية في سنة اثنتين وثلاثين ومائة بل رايات سود أخر تأتي بصحبة المهدي وهو محمد بن عبد الله العلوي الفاطمي الحسني رضي الله عنه" انتهى.

8-

قال أبو داود في سننه: حدثنا حمد بن إبراهيم حدثنا عبد الله جعفر الرقي حديثا أبو المليح الحسن بن عمر عن زياد بن بيان عن علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة. ." وأخرجه ابن ماجه عن سعيد ابن المسيب قال كنا عند أم سلمة فتذاكرنا المهدي فقالت سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول: "المهدي من ولد فاطمة" وقد أورد هذا الحديث السيوطي في الجامع الصغير ورمز لصحته وأورده في مصابيح السنن في فصل الحسان وقال الألباني في تخريج أحاديث المشكاة وإسناده جيد.

9-

قال ابن القيم في المنار المنيف وقال الحارث بن أبي أسامة في مسنده: حدثنا اسماعيل بن عبد الكريم حدثنا إبراهيم بن عقيل عن أبيه عن وهب بن منبه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا فيقول لا إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة" قال ابن القيم وهذا إسناد جيد، انتهى.

وبالرجوع إلى ما قاله أهل هذا الفن في سند الحديث وجدت أن السند متصل من أوله إلى آخره لا نقطاع فيه أما ما قيل عن كل راو من رواته:

فاسماعيل بن عبد الكريم قال عنه الحافظ في التقريب: "اسماعيل بن عبد الكريم ابن معقل بن منبه صدوق من التسعة" وذكر في تهذيب التهذيب أنه روى عن ابن عمه إبراهيم بن عقيل وعن غير إبراهيم بن عقيل هذا هو الذي روى عنه اسماعيل هذا الحديث في المهدي وذكر أنه روى عن اسماعيل المذكور جماعة منهم أحمد بن حنبل والحارث ابن أبي أسامة وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب أيضا قال النسائي: "ليس به بأس" وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن معين: "ثقة رجل صدق" وقال الحافظ ابن حجر: "وأما قول ابن القطان الفاسي لا يعرف فمردود عليه" وقال مسلمة بن قاسم: "جائز الحديث ولم يزد في خلاصة تهذيب الكمال عن قول ابن معين فيه ثقة صدوق وقال قال ابن سعد توفي سنة عشر ومائتين" انتهى. وهو من رجال أبي داود في سننه وابن ماجه في التفسير كما رمز لذلك الحافظ في تقريب التهذيب.

والثاني من رجال سند الحديث إبراهيم بن عقيل بن معقل الصنعاني ابن عم اسماعيل المتقدم ذكره قال الحافظ في التقريب: "صدوق من الثامنة" ورمز لكونه من رجال أبي داود وقال

ص: 137

في تهذيب التهذيب: "روى عن أبيه وعنه أحمد بن حنبل وابن عمه اسماعيل بن عبد الكريم وغيرهم قال ابن معين لم يكن به بأس وقال المعجلي ثقة وقال الحافظ قلت وأخرج له ابن خزيمة في صحيحه وكذا ابن حبان والحاكم وذكر ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين قال إبراهيم ثقة وأبوه ثقة وقال ابن أبيه وهب بن منبه" انتهى.

الثالث من رجال سند الحديث عقيل بن معقل قال الحافظ في التقريب: "هو ابن أخي وهب بن منبه وقال صدوق من السابعة" ورمز لكونه من رجال أبي داود ذكر في تهذيب التهذيب أنه روى عن عميه همام ووهب وعنه إبنه إبراهيم وأناس آخرون سماهم وذكر أنه وثقة أحمد بن حنبل وابن معين وقال وذكره ابن حبان في الثقات وعلق له البخاري عن جابر في تفسير سورة النساء أثرا في الكهان وقد جاء موصولا من رواية عقيل هذا عن وهب وعنه إبنه إبراهيم وعبد الرزاق قال أحمد ثقة قرأ التوراة والإنجيل" انتهى.

الرابع من رجال سند الحديث وهب بن منبه بن كامل اليماني قال في التقريب: "ثقة من الثالثة" ورمز لكونه من رجال الصحيحين وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه في التفسير.

وقال في تهذيب التهذيب روى عن أبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس وابن عمرو ابن شعيب وأبي خلفية البصري وأخيه همام ابن منبه وغيرهم وذكر أنه روى عنه ابناه عبد الله وعبد الرحمن وابناء أخيه عبد الصمد وعقيل بن معقل بن منبه وقال قال: "عبد الله ابن أحمد بن حنبل عن أبيه كان من ابناء فارس" وقال العجلي: "تابعي ثقة وكان على قضاء صنعاء" وقال أبو زرعة والنسائي: "ثقة" وذكره ابن حبان في الثقات، انتهى. وقال أحمد ابن حنبل "وكان يهتم بشيء من القدر ثم رجع عنه" وقال الحافظ في تهذيب التهذيب ايضا روى له البخارى حديثا واحدا من روايته عن أخيه عن أبي هريرة "ليس أحد أكثر حديثا مني إلا عبد الله بن عمرو بن العاص فإنه كان يكتب ولا أكتب" وقال قلت:"وقال عمرو بن علي الغلاس كان ضعيفا" انتهى. أقول وذكر شارح الطحاوية عن وهب ابن منبه أنه قال: "نظرت في القدر فتحيرت ثم نظرت فيه فتحيرت ووجدت أن أعلم الناس بالقدر أكفهم عنه وأجهل الناس بالقدر أنطقهم به"

أما الحارث ابن أبي أسامة صاحب المسند فقد ترجم له الذهبي في الميزان وقال فيه: "وكان حافظا عارفا بالحديث عالي الإسناد بالمرة تكلم فيه بلا حجة"، قال الدارقطني:"قد اختلف فيه وهو عندي صدوق" وقال ابن حزم: "ضعيف ولينه بعض البغاددة لكونه يأخذ على

ص: 138