المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌لمن الخلق والأمر والتدبير

- ‌لله الأمر جميعاً:

- ‌عنده خزائن كل شيء:

- ‌يدبر الأمور كلها:

- ‌هذا هو ربك الحي القيوم:

- ‌قانون السببية:

- ‌كل شيء بأمره وإمداده:

- ‌ولا مثقال ذرة:

- ‌حقيقة الربانية:

- ‌هل نترك الأسباب

- ‌التوكل وإنجاح الأسباب:

- ‌الإمداد على قدر الاستعداد

- ‌العجز والفقر الذاتي:

- ‌أين حرية الاختيار

- ‌كيف نستجلب الإمداد الإلهي

- ‌ما هو العزم

- ‌أولوا العزم:

- ‌عزم الأمور:

- ‌البداية من العبد:

- ‌عزيمة امرأة:

- ‌إن تصدق الله يَصدُقُك:

- ‌أصدق الله فيه:

- ‌الخليفة الخامس:

- ‌قصة الطالب والمسألتين:

- ‌الهزيمة النفسية وغياب الروح

- ‌الرسوم المسيئة:

- ‌خطورة الهزيمة النفسية على الأمة:

- ‌آثار الهزيمة النفسية على الفرد:

- ‌غياب الروح عن العاملين في حقل الدعوة:

- ‌الثكلى والمستأجرة:

- ‌اصمت .. لا تتكلم

- ‌البداية .. عودة الأمل:

- ‌لا تعتذر بالقضاء والقدر ولا تستسلم للهزيمة:

- ‌عطايانا سحائب مرسلات:

- ‌ما الذي يمنعكأن تكون ذلك الرجل

- ‌أنا ضعيف وظروفي متشابكة:

- ‌الخطوة الأولى للنجاح:

- ‌واقترب الوعد الحق:

- ‌متى نؤثر في الناس

- ‌الندوي يؤكد:

- ‌ليست حماسة فقط:

- ‌كيف تبقى الروحيقظة والعزيمة مشتعلة

- ‌الشعور بالخطر وَقوُد العزائم:

- ‌أخطارنا حقيقية:

- ‌حرب الأفكار والمفاهيم:

- ‌بين الماضي والحاضر:

- ‌من مظاهر نجاح الحرب الفكرية:

- ‌يا أهل المدينة: لا مدينة لكم:

- ‌خطر الاستبدال

- ‌هل قامت الأمة الإسلامية بمهمة البلاغ

- ‌طليعة الإنقاذ:

- ‌الغُنْم بالغُرْم

- ‌إياك أن تكون من القاعدين:

- ‌السؤال أمام الله عز وجل:

- ‌أمانة الشهادة لهذا الدين:

- ‌وسائل تغذية الشعور بالخطر:

- ‌التعرف على مآسي المسلمين ومخططات أعدائهم:

- ‌القراءة في الكتب التي تشحذ الهمم:

- ‌ومن هذه الكتب:

- ‌هجرة معنوية نحتاجها

- ‌الخروج من التيه:

- ‌الهجرة المطلوبة:

- ‌فهل أنت مستعد لها

- ‌وأخيرًا

الفصل: ‌هل نترك الأسباب

وعندما قال له البعض: يا رسول الله غلا السِّعر، فَسَعِّر لنا، فقال:«إن الله تعالى الخالق، القابض، الباسط، الرزاق، المُسَعِّرُ .. » (1).

فإذا ما نظرنا لجيل الصحابة- رضوان الله عليهم- نجد أن هذا المعني كان حاضرا في حياتهم بشكل أساسي، فهذا أنس بن النضر رضي الله عنه يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر: يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلته المشركين، لئن أشهدني الله قتال المشركين، ليرىن الله ما أصنع» (2)

وهذا الطفيل بن عمرو الدوسي وهو يقص على من حوله قصة إسلامه، وكيف أنه بعد أن ذهب إلى مكة وحذره المشركون من سماع محمد صلى الله عليه وسلم حتى لا يفتنه، ويسحره بكلامه، فيقول: فوالله ما زالوا يحدثوني في شأنه، وينهوني عن أن أسمع منه، حتى قلت: والله لا أدخل المسجد إلا وأنا ساد أذني.

قال: فعمدت إلى أذني فحشوتها كرسفا- أي قطنا- ثم غدوت إلى المسجد، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً في المسجد، فقمت قريبا منه، وأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله (3)

وعندما خرج عبد الله بن عتيك في سرية مع بعض الصحابة لقتل اليهودي

أبي رافع- سلام بن أبي الحقيق- في حصن خيبر، ودخل ابن عتيك الحصن، ووصل إلى أبي رافع وقتله، ثم عاد إلى أصحابه يبشرهم، ويحثهم على سرعة الخروج من المكان إذا به يقول لهم: النجاء، فقد قتل الله أبا رافع (4).

وهذه زنيرة الرومية يعذبها أبو جهل وعمر بن الخطاب- قبل إسلامه- حتى فقدت بصرها، فقال لها أبو جهل: إن اللات والعزى هما اللذان أذهبا بصرك، فماذا قالت له وهي في هذه الحال الصعبة التي قد تفتن أقوى الأنفس؟؟

قالت: «وما تدري اللات والعزي من يعبدها، ولكن هذا أمر من السماء، وربي قادر على أن يرد بصري» وبالفعل رد الله بصرها، فقالا: لقد سحرها محمد.

وهذه حفصة رضي الله عنها تقول: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: «اللهم قتلاً في سبيلك ووفاة ببلد نبيك صلى الله عليه وسلم» قالت: فقلت: وأنَّي يكون هذا؟! قال: يأتي به الله إذا شاء (5).

‌هل نترك الأسباب

؟!

ليس معنى أن الله عز وجل هو الذي يبث الفاعلية في الأسباب، وأنها لا قيمة لها بدون إمداده أن نترك الأخذ بالأسباب، ونتجه مباشرة إلى الله عز وجل من أجل الحصول على النتائج، فهذا لا يجوز ولا يصح، لأنه- سبحانه- لو أراد منا ذلك ما خلق الأسباب، وما أمرنا بالأخذ بها، ولئن كانت الأسباب لا قيمة لها بدون الله، إلا أنها تُعد بمثابة الستار الذي يتنزل عليه أمر الله وقدره، وعلى المسلم أن يقيم هذا الستار بالقدر المتيسر والمتاح أمامه.

ومع أخذ المسلم بالأسباب، وإقامته لهذا الستار إلا أنه لا ينبغي عليه الركون إليها، أو الاعتماد عليها في حصول النتائج، وإلا تحول هذا الستار إلى جدار يحجبه عن الله.

انظر إليه صلى الله عليه وسلم وهو يوجه صاحب الناقة إلى ربطها -كسبب لعدم شرودها- ويوجهه كذلك إلى التوكل على الله في إنجاح هذا السبب فقال له: «اعقلها وتوكل» (6).

وتأمل ما حدث للصحابة وقد نفد ماؤهم وأرادوا الوضوء والشرب فذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونه بذلك .. فماذا فعل عليه الصلاة والسلام؟

(1) صحيح رواه الإمام أحمد والترمذي وأبو داود، وأورده الألباني في صحيح الجامع الصغير ح (1846).

(2)

أخرجه البخاري.

(3)

المعجزة القرآنية لمحمد حسن هيتو ص40 نقلا عن سير أعلام النبلاء.

(4)

السيرة النبوية لعلي الصلابي 2/ 418.

(5)

حياة الصحابة 1/ 388، 389.

(6)

حسن، رواه الترمذي عن أنس، وأورده الألباني في صحيح الجامع ح (1068).

ص: 9