الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل [في][نفع المزاح أحيانًا في مقام الشدائد]
69 -
وَقَدْ يَنْفَعُ الْمَزْحُ فِي مَقَامِ الشَّدَائِدِ، حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْقُرَّاءِ، قَالَ: قَرَأَ الْحَجَّاجُ فِي سُورَةِ هُودٍ، فَلَمْ يَدْرِ أَيَقُولُ {عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [11 سورة هود/ الآية: 46] أَمْ عَملٍ، فَقَالَ: اءتُوني بِقَارِئٍ! فَأَتُوا بِي وَقَدْ قَامَ مَجْلِسُهُ، فَحُبِسْتُ وَنَسِيَنِي حَتَّى عَرَضَ السِّجْنَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيَّ، قَالَ: فِيمَ حُبِسْتَ؟ قُلْتُ: فِي ابْنِ نُوحٍ! فَضَحِكَ وَأَطْلَقَنِي.
70 -
وَحُكِيَ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَهْدَى لِلْحَجَّاجِ تِينًا قَبْلَ أَوَانِهِ لِيَأْخُذَ مِنْهُ الْجَائِزَةَ، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْ دَارِ الْحَجَّاجِ، وِإذَا بِالشُّرْطِيِّ قَدْ أَقْبَلَ وَمَعَهُ طَائِفَةٌ مِنَ اللُّصُوصِ، وَقَدْ هَرَبَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ، فَأَخَذَ الشُّرْطِيُّ صَاحِبَ التِّين عوضَهُ، وَقَرَنَهُ مَعَهُمْ، فَلَمَّا عَرَضَهُمْ عَلَى الْحَجَّاجِ أَمَرَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِم، فَلَمَّا قُدِّمَ صاحِبُ التِّينِ صاحَ: أَيُّهَا الأَمِيرُ! لَسْتُ مِنْهُمْ؛ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ: إِنَّا لِلهِ وَإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، كَادَ الْمَلْعُونُ يَهْلَكُ ظُلْمًا. ثُمَّ قَالَ: مَا تُرِيدُ مِنَ الْجَائِزَةِ؟ فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيرُ! أُرِيدُ فَأْسًا. قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ: أَقْطَعُ بِهَا جَذْرَ شَجَرةِ التِّينِ الَّتِي عَرَّفَتْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ؛ فَضَحِكَ الْحَجَّاجُ وَأَجَازَهُ جَائِزَةً سَنِيَّةً.
71 -
وَحُكِيَ أَنَّ الْبُهْلُولَ دَخَلَ عَلَى الرَّشِيدِ وَعِنْدَهُ عُلَيَّان الْمَجْنُون، فَكَلَّمَهُمَا الرَّشِيدُ، فَأَغْلَظَا عَلَيْهِ فِي القَوْلِ، فَأَمَرَ بِالنَّطْعِ وَالسَّيْفِ، فَقَالَ عُلَيَّان: كُنَّا مَجْنُونَيْن، فَصرْنَا ثَلَاثَة! فَضحِكَ الرَّشِيدُ وَعَفَا عَنْهُما.
72 -
وَحُكِيَ أَنَّ أَعْرَابِيًا رَاوَدَ امْرَأَةً عَنْ نَفْسِهَا، فَأَنْعَمَتْ لَهُ بِالْوِصَالِ، فَلَمَّا قَعَدَ بَيْنَ شُعُبِها قَامَ عَنْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: يَا هَذَا! مَا الَّذِي اعْتَرَاكَ وَقَدْ بَلَغْتَ مُنَاكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ رَجُلًا يَبِيعُ جَنَّةً عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ بِأُصْبُعَيْنِ بَيْنَ فَخِذَيْكَ لَقَلِيلُ الْبَصَرِ وَالْمَعْرِفَةِ.
73 -
وَقِيلَ لِبَعْضِ الْمَجَانِينِ: هَلْ لَكَ فِي الشَّرَابِ؟ فَقَالَ: إِنَّ الْعَاقِلَ يَشْرَبُ الخَمْرَ حَتَّى يَتَشَبَّهَ بِي، فَإِذَا شَرِبْتُهُ فَبِمَنْ ذَا أَتَشَبَّهُ؟
74 -
وَقَالَ الْمَنْصُورُ لِعَامِلٍ بَلَغَهُ عَنْهُ خِيَانَةً: يَا عَدُوَّ اللَّهِ! وَعَدُوَّ أَمِير المُؤْمِنينَ! وَعَدُوَّ المُسْلِمِينَ! أَكَلْتَ مَالَ اللهِ، وَخُنْتَ خَلِيفَةَ اللهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ! إِذَا لَمْ يَسْمَحْ خَلِيفَةُ اللهِ لِعِيَالِ اللهِ بِالأَكْلِ مِنْ مَالِ اللهِ فَمِنْ أيِّ مَالٍ يَأْكُلُون؟ فَضَحِكَ مِنْهُ، وَأَطْلَقَهُ، وَأَمَرَ أَنْ لَا يُوَلَّى بَعْدَهَا عَمَلًا.