المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم كتابة الآيات القرآنية على هيكل المركبات - فتاوى يسألونك - جـ ١٣

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث عشر

- ‌مقدمة

- ‌العقيدة والتفسير

- ‌حكم كتابة الآيات القرآنية على هيكل المركبات

- ‌يؤخذ علم القراءات بالتلقي من أفواه القراء

- ‌القرآنييون

- ‌الإسرائيليات في كتب التفسير

- ‌حكم الاستعانة بالجن في العلاج الطبي

- ‌الحديث الشريف وعلومه

- ‌درجة حديث (بارك الله لأمتي في بكورها)

- ‌درجة أحاديث العقل

- ‌معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)

- ‌معنى الاعتداء في الدعاء

- ‌الصلاة

- ‌ضابط التخفيف في الصلاة

- ‌حكم الدعاء بالأمور الدنيوية في الصلاة المفروضة

- ‌حكم تسوية الصفوف في صلاة الجماعة

- ‌الفرق بين المسجد والمصلى

- ‌أسس بناء المساجد

- ‌حكم استعمال مكبرات الصوت في المساجد لغير الأذان

- ‌خطيب الجمعة غير مؤهل

- ‌نبش القبور لأغراض خبيثة

- ‌الصيام

- ‌مقدار طعام المسكين لمن عجز عن الصيام

- ‌حكم استئذان الزوجة زوجها في صوم القضاء

- ‌تصفيد الشياطين في رمضان

- ‌حكم العمرة من التنعيم

- ‌المعاملات

- ‌بيع القمح والملح والتمر بالدين لا يدخل في الربا

- ‌حكم السحب على المكشوف من البنك الربوي

- ‌حكم إصدار شيك بدون رصيد

- ‌حكم جوائز حسابات التوفير

- ‌لا يجوز تثبت سعر العملة في عقد القرض

- ‌عقد الإجارة يورث

- ‌حكم الشفعة في المنقولات

- ‌متى يثبت حق الشفعة

- ‌صندوق التكافل الاجتماعي

- ‌التأمين الإسلامي

- ‌حكم تهريب الأدوية والتلاعب بها

- ‌حكم مشروبات الطاقة

- ‌حكم الامتناع عن تسديد رسوم الخدمات التي تقدمها المجالس البلدية

- ‌توزيع الأموال على الأولاد قبل الوفاة

- ‌حكم رجوع الوالد فيما وهبه لولده

- ‌نقض حكم المحكمين

- ‌المرأة والأسرة والمجتمع

- ‌الزواج قسمة ونصيب

- ‌وجوب تغطية المرأة المسلمة

- ‌الاحتياط في الرضاع مطلوب شرعاً

- ‌الطلاق قبل الدخول

- ‌التسرع في الطلاق

- ‌حكم تصوير الفتيات خلسة بكاميرا الجوال

- ‌لفظ (الاختلاط) ليست دخيلة على التراث الإسلامي

- ‌ظاهرة التسول في المساجد

- ‌الحلف على ترك التدخين

- ‌متفرقات

- ‌الفتوى اصطلاح شرعي

- ‌تعجيل العقوبة للمذنب في الدنيا

- ‌لا تثبت نسبة كتاب الجفر إلى علي رضي الله عنه

- ‌وفاة العلماء…لكن العلماء لا بواكي لهم

الفصل: ‌حكم كتابة الآيات القرآنية على هيكل المركبات

‌حكم كتابة الآيات القرآنية على هيكل المركبات

يقول السائل: ما حكم كتابة الآيات القرآنية على هيكل المركبات من الخارج، وهل يأثم من يأمر بإزالتها، أفيدونا؟

الجواب: القرآن الكريم كتاب هداية ودستور، ومنهاج للأمة وقد أنزل الله القرآن الكريم ليسيِّر الناس وفق هداه ويطبقوه في حياتهم.

قال الله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً} سورة الإسراء الآية 9، وقال تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً} سورة الكهف الآيات 1 - 3، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (سورة يونس الآية 57، وقال تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء (سورة الزمر الآية 23، وقال تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (سورة ق الآية 37، وغير ذلك من الآيات الكريمات.

ولا شك أن تعظيم كتاب الله أمر واجب في حق كل مسلم، ومن وقَّر القرآن الكريم، فقد وقَّر الله سبحانه وتعالى ومن استخف بالقرآن فقد استخف بالله عز وجل، وقد أجمعت الأمة المسلمة على وجوب تعظيم القرآن الكريم، ووجوب تنزيهه وصيانته عن الامتهان والابتذال، ومن القواعد المقررة شرعاً وجوب تعظيم شعائر الله، يقول الله تعالى: (ذلك وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (سورة الحج الآية 32. ويقول تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ (سورة الحج

ص: 15

الآية30، قال الإمام القرطبي: [(وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ (الشعائر جمع شعيرة، وهو كل شيء لله تعالى فيه أمر أشعر به وأعلم

فشعائر الله أعلام دينه

] تفسير القرطبي12/ 56. وقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (عظموا القرآن) تفسير القرطبي 1/ 29. وقال الإمام النووي: [أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه] التبيان في آداب حملة القرآن، ص108. وقال القاضي عياض:[من استخف بالقرآن أو بالمصحف أو بشيء منه فهو كافر بإجماع المسلمين] الآداب الشرعية 2/ 393. وقد ذكر العلماء جملة من الآداب التي ينبغي للمسلم أن يتحلى

بها عند التعامل مع القرآن الكريم. انظر التبيان في آداب حملة القرآن للإمام النووي.

إذا تقرر هذا فإنه لا يجوز شرعاً كتابة الآيات القرآنية على الهياكل الخارجية للسيارات، لاشتمال ذلك على مفاسد كثيرة منها:

- إن في ذلك امتهاناً للآيات القرآنية، وامتهانها من المحرمات شرعاً. وقد جاء في كتاب المصاحف لابن أبي داود أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله رأى ابناً له يكتُب آية في حائط فضربه، وكتابة الآيات القرآنية على الهياكل الخارجية للسيارات، يجعلها عرضة للتلوث بالغبار والأتربة والطين وغيرها من القاذورات.

- وكتابة الآيات القرآنية على الهياكل الخارجية للسيارات يعرضها للتلف والتمزق وسقوطها على الأرض، وهذا يتنافى مع وجوب صيانة القرآن الكريم والمحافظة عليه.

- بعض السائقين يلصق الآيات القرآنية على الهياكل الخارجية للسيارات، من باب رد العين ودفع الشرور وجلب الأرزاق، وهذا مما لا يجوز في الشرع.

ص: 16

- بعض السائقين يلصق الآيات القرآنية على الهياكل الخارجية للسيارات ويستعملها في غير ما أنزلت له، مثل من يعلق قوله تعالى: (يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (سورة هود الآية 42، وهذا من التلاعب بكلام رب العالمين وهو من المحرمات.

- بعض الآيات القرآنية التي تلصق على الهياكل الخارجية للسيارات، تكون مكتوبة على صور ذوات الأرواح كما لو جعلت اللوحة القرآنية على شكل إنسان، أو على شكل طائر أو حيوان؛ ونحو ذلك من الأشكال التي لا يليق وضعها قالباً لآيات القرآن الكريم كما سيأتي.

وقد بحث المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي مسألة تعظيم كتاب الله عز وجل وورد في قراره:

[وبعد أن استمع المجلس إلى الأبحاث المقدمة في الموضوع المسئول عنه، والمناقشات المستفيضة في ذلك حوله، يؤكد على وجوب تعظيم كتاب الله واتباع هديه، والالتزام بمقاصده؛ فقد أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن ليكون موعظة وعبرة، وشفاءً لما في الصدور، وليهتدي به الناس في عباداتهم ومعاملاتهم، ويطبقونه في جميع أمور حياتهم، ويتلونه حق تلاوته تدبراً وتذكراً، ويسترشدون به في جميع شؤونهم، ويأخذون أنفسهم بالعمل به في كل أحوالهم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ

مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ([يونس: 57]، وقال سبحانه: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً ([الإسراء: 82]، وقال: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ([فصلت: 44]،

ص: 17

(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ([صّ: 29]، ويؤكد المجلس أن على المسلمين أن يعرفوا لكتاب ربهم منزلته، ويقدروه قدره، ويجعلوا مقاصده نصب أعينهم، ويتخذوا منه ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم مناراً يهتدون بهما. والمجلس إذ يذَّكر بهذا ليهيب بالمسلمين القيام بما يجب عليهم تجاه الآيات القرآنية من احترامها والمحافظة عليها من الامتهان والعبث ويقرر ما يلي:

أولاً: جواز كتابة الآيات القرآنية وزخرفتها، واستخدامها لمقصد مشروع كأن تكون وسائل إيضاح لتعلم القرآن وتعليمه، وللقراءة والتذكير والاتعاظ، وفق الضوابط الآتية:

(1)

أن تعامل اللوحات المكتوب فيها القرآن من حيث الصناعة والنقل معاملة طباعة المصحف، وهذا يوجب اتخاذ الإجراءات التي تضمن احترام الآيات المكتوبة، وصيانتها عن الامتهان.

(2)

عدم التهاون بألفاظ القرآن ومعانيه فلا تصرف عن مدلولها الشرعي، ولا تبتر عن سياقها.

(3)

أن لا تصنع بمواد نجسة أو يحرم استعمالها.

(4)

أن لا تدخل في باب العبث كتقطيع الحروف وإدخال بعض الكلمات في بعض، وأن لا يبالغ في زخرفتها بحيث تصعب قراءتها.

(5)

أن لا تجعل على صورة ذوات الأرواح كما لو جعلت اللوحة القرآنية على شكل إنسان، أو على شكل طائر أو حيوان؛ ونحو ذلك من الأشكال التي لا يليق وضعها قالباً لآيات القرآن الكريم.

ص: 18

(6)

أن لا تصنع للتعاويذ المبتدعة وسائر المعتقدات الباطلة، ولا للصناعات المبتذلة ولا لترويج البضائع وإغراء الناس بالشراء.

ثانياً: لا حرج في بيعها وشرائها بالضوابط السابق ذكرها وفق الراجح من أقوال العلماء في بيع المصحف وشرائه.

ثالثاً: لا يجوز استخدام آيات القرآن الكريم للتنبيه والانتظار في الهواتف الجوالة وما في حكمها؛ وذلك لما في هذا الاستعمال من تعريض القرآن للابتذال والامتهان بقطع التلاوة وإهمالها، ولأنه قد تتلى الآيات في مواطن لا تليق بها.

وأما تسجيل القرآن الكريم في الهاتف للتلاوة منه أو الاستماع إليه فلا حرج فيه بل هو عون على نشر القرآن واستماعه وتدبره، ويحصل الثواب بالاستماع إليه؛ ففيه تذكير وتعليم، وإذاعة له بين المسلمين.

ويوصي المجمع الجهات المسئولة في الدولة الإسلامية بضرورة مراقبة صناعة اللوحات القرآنية بما يكفل عدم حدوث تجاوزات فيها، ومنع استيراد اللوحات القرآنية وما شابهها من الجهات والدول التي لا تحترم ما في اللوحات من آيات كريمة، والله أعلم].

وخلاصة الأمر أنه لا يجوز كتابة وإلصاق الآيات القرآنية على الهياكل الخارجية للسيارات، لما في ذلك من امتهان لكلام رب العالمين الذي أُمرنا بتعظيمه، والواجب على من يستطيع أن يمنع ذلك أن يمنعه وله الأجر والثواب.

ص: 19