المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامس في التراويح - فصول في الصيام والتراويح والزكاة

[ابن عثيمين]

الفصل: ‌الفصل الخامس في التراويح

ولو أكل يظن أن الفجر لم يطلع أو أن الشمس قد غربت ثم تبيَّن خلاف ظنه فصومه صحيح؛ لأنه جاهل بالوقت، وفي صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: أفطرنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، في يوم غيم ثم طلعت الشمس (1) . ولو كان القضاء واجباً لبيَّنه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله أكمل به الدين، ولو بيَّنه صلى الله عليه وسلم لنقله الصحابة؛ لأن الله تكفَّل بحفظ الدين، فلما لم ينقله الصحابة علمنا أنه ليس بواجب، ولأنه مما توفر الدواعي على نقله لأهميته، فلا يمكن إغفاله، ولو أكل ناسياً أنه صائم لم يفطر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» . متفق عليه (2) . ولو أكره على الأكل، أو تمضمض فتهرَّب الماء إلى بطنه أو قطر في عينه، فتهرَّب القطور إلى جوفه، أو احتلم فأنزل منيًّا فصومه صحيح في ذلك كله لأنه بغير اختياره.

ولا يفطر الصائم بالسواك بل هو سُنَّة له ولغيره في كل وقت في أول النهار وآخره، ويجوز للصائم أن يفعل ما يخفف عنه شدة الحر والعطش كالتبرد بالماء ونحوه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش» (3) . وبَلَّ ابن عمر رضي الله عنهما ثوباً فألقاه على نفسه وهو صائم (4) ، وهذا من اليُسر الذي كان الله يريده بنا ولله الحمد والمِنَّة على نعمته وتيسيره.

‌الفصل الخامس في التراويح

(1) صحيح البخاري كتاب الصوم (1959) .

(2)

صحيح البخاري كتاب الصوم (1933) ومسلم كتاب الصيام (1155) .

(3)

سنن أبي داوود كتاب الصوم (2365) .

(4)

ذكره البخاري تعليقا في كتاب الصيام قبل الحديث.

ص: 10

التراويح: قيام الليل جماعة في رمضان، ووقتها من بعد العشاء إلى طلوع الفجر، وقد رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في قيام رمضان حيث قال:«من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» (1) . وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قام ذات ليلة في المسجد فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم، فلمَّا أصبح قال:«قد رأيت ما صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تُفرَض عليكم» (2) . وذلك في رمضان.

والسُّنَّة أن يقتصر على إحدى عشرة ركعة، يسلِّم من كل ركعتين؛ لأن عائشة رضي الله عنها سئلت كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت:«ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة» متفق عليه (3) . وفي الموطأ عن محمد بن يوسف ـ وهو ثقة ثبت ـ عن السائب بن يزيد ـ وهو صحابي ـ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أُبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة (4) .

وإن زاد على إحدى عشرة ركعة فلا حرج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِل عن قيام الليل فقال: «مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلَّى ركعة واحدة توتر له ما قد صلَّى» أخرجاه في الصحيحين (5) ، لكن المحافظة على العدد الذي جاءت به السُّنَّة مع التأنِّي والتطويل الذي لا يشق على الناس أفضل وأكمل.

(1) صحيح البخاري كتاب صلاة التراويح (2009) .

(2)

صحيح البخاري كتاب صلاة التراويح (2012) ومسلم كتاب صلاة المسافرين (761)

(3)

صحيح البخاري كتاب التهجد (1138) ومسلم كتاب صلاة المسافرين (764) .

(4)

موطأ الإمام مالك كتاب الصلاة 1/110 "280".

(5)

صحيح البخاري كتاب الوتر (990) ومسلم كتاب صلاة المسافرين (749) .

ص: 11