الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشطر الأول
المقصود بالدعوة الإسلامية
هو الدعوة إلى الإسلام الحنيف بالتعريف به والترغيب فيه والحث على اعتناقه والحض على الانخراط في سلك المؤمنين به والعاملين بشريعته.
وهي دعوة مباركة يوفق الله لها الصالحين المصلحين من عباده في شتى الأمصار والأعصار.
وهي دعوة الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، إذ مهمتهم الكبرى الدلالة على توحيد الخالق وإفراده بالعبادة الخالصة والإيمان به ذاتا وصفات وأسماء وتصديقه فيما أخبر به واتباع أمره واجتناب نهيه والإحسان إلى خلقه والاستعداد للقائه والايمان بملائكته وكتبه ورسله وقضائه وقدره.
واقتفى بالرسل صلوات الله عليهم أتباعهم من بعدهم.
ورسولنا الأكرم سيدنا محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء والمرسلين خير من جسد بسيرته العاطرة الدعوة الصحيحة. ومن خلال شمائله وصحيح سنته نستطيع التعرف على أساليبه التي استعملها- بأبي أفديه وأمي- في مخاطبة المشركين وأهل الكتاب زمان بعثته.
ثم لما اصطفاه ربه إلى الرفيق الأعلى واختاره إلى جواره تابع أصحابه رضوان الله عليهم تعاليمه الطاهرة في بث هذه الدعوة الصحيحة في كل الأرجاء والبقاع والأصقاع التي وصلوا إليها وورثهم التابعون على النهج نفسه من دون تبديل ولا تغيير يصدعون بالحق ويبينونه ويدحضون الباطل وينهون عنه.
فكانت الدعوة الإسلامية أماتنا الله عليها في زمان النبوة ثم في القرن الذي بعدها ثم في القرن الثالث صافية خالصة نقية لا تشوبها شائبة ولا يكدرها مكدر، فالقوم كان مرادهم إيضاح الحق والهداية بالقول والفعل إلى الطريق المستقيم المتضمن لسعادة الدارين.
واستمر السلف الصالح على هذا المنوال في تمحيص وتمحيض النصيحة للخلق لا يحركهم في ذلك إلا حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والرغبة في نيل الثواب والأجر من الله. ولم يكونوا يرتزقون بالدلالة على الله أو يبغونها عوجا. فقامت في الأرض حضارة أساسها القرآن أينعت أغصانها وأثمرت أشجارها في العالم المعروف آنذاك.
فالدعوة إلى الإسلام هي نهي عن ضده أي زجر عن الكفر وتقبيح للإلحاد وتسفيه للشرك وتنفير من ملابسة عورة التمرد على الخالق جل جلاله.
وبالفعل دخل في هذه الملة الحنيفية شعوب وأمم وقبائل مازالت ذرياتها وسلالاتها إلى الآن تنتسب إلى القبلة وتعتزي إلى الشريعة الطاهرة.
وكانت دعوتهم بالتي هي أحسن: باللفظ اللين وبإيضاح الحجة والإيغال في البيان ونفي الشبهات ورد التساؤلات وتزييف الخرافات ونقض ساقط الاعتراضات بالأساليب اللائقة بالمخاطبين وبالطرائق المناسبة لذهنياتهم ونفسياتهم مع بعد عن التقعر والتنطع مما كانت العقول تتقبله والفطر السليمة تستسيغه. ولم يكن في الدعوة تعنيف ولا تشدد بل تفتح وسعة صدر ورقة في الأسلوب مع ضرب الأمثال وسرد البراهين وبيان المحجة بالحجة.
والمقصود بالغرب الآن هو هذا العالم المصنف عالما أول في التمدن والذي سبق المسلمين وغيرهم من الشعوب التي هي متخلفة في العلوم الحديثة والدنيوية أو تحاول أن تسير في طريق النمو فيها. فالغرب الأوربي والأمريكي ونضيف إليه اليابان قوة أولى شئنا أم أبينا تتحكم بما لديها من إمكانات وطاقات في حاضر العالم وربما في مستقبله القريب، وهي توجهه وتستحوذ على مقاليد أموره وتملي ما شاءت على من شاءت وتستطيع الغلبة على من ناوأها إما بالخداع والمكر وإما بحرب الكر والفر.
هذا الغرب في أمس الحاجة إلى سماع صوت الإسلام والتعرف عليه وإزالة الحجاب الغليظ الذي يفصله عنه لكي يلمس كنوزه ويثمن جواهره ودرره ويقدره حق قدره؛ ونحن المسلمين مسؤولون أمام الخالق سبحانه في أمر إيصال تعاليم دينه لهذا الغرب وتبليغه معنى وحي البارئ جل وعز.
والغرب القوي بماله واقتصاده وجنده وتقنية المتفوقة هو في الوقت نفسه ضعيف كل الضعف في جوانبه الإنسانية وفي بواطنه البشرية وفي أحاسيسه وشعوره ووجدانه وضميره فهو عاطل عن القيم والمثل التي ترفع من شأن الإنسانية لكونه اكتفى بالجوانب المادية في تقدمه السريع فامتلك هذه المادة التي سخرها الله له واستغلها في تحسين معيشته الدنيا بيد أن هذه المادة لم تجلب له الطمأنينة والراحة والسلامة والأمن ولم ترفعه للمقام العالي لكونه كافراً بالإسلام غير مؤمن بوحدانية الرب سبحانه ولا بكتابه ولا بنبيه فتاه هذا الغرب وضل ضلالا بعيدا وانحرف وزهق وتعثر وانتشرت فيه الأمراض النفسية والجسدية ونخرت عظامه الآفات الاجتماعية ولم تفده الآلة إلا في إشباع البطن وإرواء غلة الجنس والانكباب على الشهوات البهيمية والنزوات الحيوانية.
فالغرب إذاً يحتاج إلى الإسلام حاجة المريض إلى الدواء والجائع إلى الغذاء والعريان إلى الكساء والخائف إلى الأمان، وليس ذلك موجودا إلا عندنا نحن أمة محمد صلوات الله عليه فالدعوة إلى الله في الغرب الآن واجبة علينا من وجوه عدة ليس هذا محل تفصيلها.
أما وجوب تجديد الدعوة فالمقصود به هو تجديد أساليبها وتحديث طرائقها والإبداع في وسائلها واختراع آليات جديدة في تفعيلها ودحض ترهات أعدائها والتغيير في أشكالها إذ لبها لا يتغير لأنها دعوة إلى (لا إله إلا الله محمد رسول الله) بيد أن ما يحتف بهذا اللب من صيغ ولغات ونبرات وفقرات وأدوات واختيار الأزمنة والأمكنة والمناسبات وما يقدم وما يؤخر وما يؤكد وما يرخص فيه وما يصرح به وما يسكت عنه من الجزئيات والفروع كل ذلك هو الداخل في قولنا (تجديد الدعوة) تأصيلا وتفريعا.
الزمان تغير من حولنا والحياة تبدلت ولا يمكن في هذا العصر أن نبقى على المنوال الذي كان عليه الأجداد والأجيال فيما سلف من القرون. فلكل وقت خصوصياته ولكل بيئة ما يناسبها ولكل ظرف نوازله التي يجيب عنها فقهها المتجدد المستجيب لإشكالاتها غير المعهودة.
ونؤكد أن الدعوة الإسلامية في الغرب يجب على القائمين بها والساعين فيها أن يرتقوا بها إلى المستوى الذي يجعلها نافدة مسموعة مقبولة على العموم مصغى إليها مأخوذا بها ولو بمقدار، متعاملا معها من وسائل الإعلام على أساس أنها دعوة الخير والحق والفضيلة والصلاح.
ومن الجريمة إبقاء أسلوب الدعوة راكدا جامدا خامدا كما ورثناه عن أجيال سلفت من دون أن نتجشم عناء تعديله وتطعيمه بما يجعله فعالا ناجعا إزاء التحديات الخطيرة التي تحاصره من كل جانب.
إن تجديد الدعوة ليس إلا استجابة لتغيرات العالم المتسارعة. ومن البلاهة أن نجمد إزاء هذه الأعاصير والرياح والعواصف التي تهب بقوة من جميع الجهات، فإبقاء ما كان على ما كان حذو القذة بالقذة دليل على انطماس البصيرة وعلامة على الغباء والبلادة ويبوسة القريحة والجهل بالجغرافية المعاصرة والواقع الذي لا يرتفع، وبالتالي فإن رفض نفخ روح جديدة في أساليب الدعوة وصيغها يعد إفلاسا لدى القائمين بها والعياذ بالله.
وقد علمنا من خلال تاريخ المذاهب الإسلامية وتطور مدارسها الفكرية في العواصم العلمية للعالم الإسلامي والمهمات التي قامت بها عبر القرون الخوالي: أن الاجتهاد كان هو العاصم الأساس من قواصم الغارات الصليبية والمجوسية والإلحادية والتشكيكية لأساطين الكفر التي لم تفتأ تعاكس جند الله وتعرقل السبيل أمامهم في التبشير بالإسلام العظيم.
والاجتهاد كما استعمله وأخذ به فقهاء الأمصار وأئمة الأعصار أخذ به أيضا الدعاة على مختلف مراتبهم وتفاوت درجاتهم وذلك لاختيار الأنسب وانتقاء الأصلح من الصيغ والأساليب المؤدية إلى النجاح في هذه المهمة الصعبة.
والمقصود بتجديد الدعوة على الحكمة والوسطية والاعتدال يقتضي منا معرفة أضدادها
فالحكمة يقابلها السفه والعبث وهما مرفوضان بالعقل والنقل فلا مكان لأمر أو نهي أو إرشاد بدون مغزى ولا محل لتعبد أو تبليغ بدون معنى، والنصوص مقدسة عن أن تكون فارغة من محتوى رفيع يهدف إلى إصلاح أحوال المتلقي، والعبد لم يكن مكلفا بالنص فهما وتطبيقا إلا لما في هذه النصوص من فوائد مؤكدة تعود عليه بالجدوى.
الحكمة كلمة أحسبها أوسع من مصطلح (المصلحة) وأسمى من مصطلح (معقول المعنى) فهي كلمة جامعة مانعة تعطي للقلب المتنور إحساسا بأنها مفردة جليلة تعني الخير والسداد والاصابة والفلاح والربح والهدف والأمر المنشود والغاية المتوخاة فكانت كلمة مباركة.
ثم تعني الحكمة: (الرفق) و (اللطف) و (الفهم) .
فالخشونة والغلظة والجفاء والتجهم والعبوسة والانقباض وأضرابها لا تنتمي لدائرة الحكمة.
والتشدد والانغلاق والتقعر والتطرف والمبالغة والتهويل كلها مفردات تبتعد عن الحكمة.
ونحن الآن مطالبون باستخدام (الحكمة) التي لها وزن كبير في التنزيل الحكيم: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} ، وكان الطبيب عند العرب هو (الحكيم) .
وما أحوجنا الآن في جميع الأمور إلى معالجة الأحوال ب (الحكمة) فهي علم وعمل وهي أيضا شعور يدفع المؤمن للتريث والتأني قبل التسرع في تصرفات لا تحمد عقباها.
والدعوة في ديار الغرب تحتاج إلى تخطيط وهو عين الحكمة، وتحتاج إلى الهدوء والسكينة وهو من الحكمة، وتحتاج إلى التبصر وقراءة العواقب وهما من الحكمة، وتحتاج إلى اللطف والرفق والشفقة وهي من الحكمة، وتتطلب الدراسة العميقة والاطلاع على أحوال القوم عن كثب ومعرفة واقعهم والمهارة في لسانهم وذلك كله من الحكمة.
والمقصود بالوسطية هو أن هذا الدين الحنيف عقيدة وشريعة وأخلاقا هو الأولى والأجدر والأخير والأفضل فينبغي التركيز على هذا الطابع الرباني للشريعة الإلهية مصدرا، العالمية شمولا واستغراقا، والتي لا تميز بالأجناس ولا تجازي بالعرقيات ولا تعتد بالعصبيات ولا تمجد بالدم والقبلية والعنجهية والتفاخر بالأنساب والأوطان ولا تكرم بالسطوة والجاه والأموال ولا تعتد إلا بأمرين جليلين هما الإيمان الصحيح والعمل الصالح (تقوى الله) :{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} .
وبالتالي فالوسطية في الدعوة هي التركيز على هذه المعاني السامية والأهداف النبيلة التي تكرم النوع البشري وتجعله خليفة لله في الأرض ليعمر هذا الكوكب مؤمنا بخالقه ومصدقا بلقاء سيده ومولاه ومجتهدا في الفضائل بعد الواجبات متنكبا عن عدوه الأصلي وهو الشيطان الذي يريد الزيغ بالآدميين ويبتغي لهم العوج في الفكر والسلوك.
إن الوسطية تدور حول انتخاب الأسمى والأرقى والألذ والأشهى والأطيب من مفاهيم هذه الدعوة ومضامين البلاغ وبالتالي تأخذ بحسبانها انتخاب كل معنى رائق فتقدمه للمتلقي على طابق من الأدلة والبراهين التي لا يرقى إليها الشك.
قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} وهنا الوسط خيار الشيء ولبه وأفضله وأطيبه.
والمقصود بالاعتدال هو أخذ الأمور دون تطرف ومبالغة وتهويل وتضخيم.
ونحن نلمز من الخصوم والأعداء وأيضا من الجاهلين بكوننا متطرفين حيث التطرف عندهم ما يشكل الخروج عن العادات الجاري بها العمل في مجتمعاتهم، فوجب الحذر الشديد من الوقوع في التطرف الحقيقي الذي ينهى عنه الله.
وبما أننا نبتغي بالدعوة النفاذ إلى القلوب والوصول إلى ضمائر الناس لكي يقتنعوا عن صدق بما نعرضه عليهم فإن العوائق التي تصدهم عن قبول البلاغ ينبغي إزالتها ليصفو المنهل ويتضح أمامهم المهيع ويستبين السبيل.
وهذه الأمور الثلاثة: الحكمة والوسطية والاعتدال تناقض تماما أضدادها من العبثية والتطرف والابتذال، وهذه الثلاثة الأخيرة من منابع الإجرام والحرابة والفساد في الأرض وهو ما يطلق عليه الآن مصطلح الإرهاب.
إنه لا مشاحة في الاصطلاح.
في الفقه الشرعي توجد مصطلحات (الحرابة) و (الإفساد في الأرض) و (البغي) ونحوها من المصطلحات المرتبطة بها والداخلة كلها في القتل العمد غير المسوغ بالميزان الشرعي وما ينضاف إليه من الجرح ومصادرة الأموال والإخافة والترويع وقطع الطريق وهدم العمران وتفجير وسائل السفر وتهديم المنازل وتهديد ووعيد للبرآء ونحوها.
وفي لغة الإعلام المعاصر حلت كلمة الإرهاب المترجمة عن كلمة Terrorismo على كل المنابر الإعلامية وفي كل الألسنة فصرت لا تسمع ولا تقرأ إلا لفظة الإرهاب في الإشارة إلى ما يحدث من عمليات إجرامية تودي بحياة البرآء المدنيين هنا وهناك داخل الوطن الإسلامي وخارجه.
فأصيبت في المغرب مدينة الدار البيضاء في 16 مايو 2003م وعانت الرياض بالمملكة العربية السعودية الشقيقة ما عانته بعد ذلك وكذا نالت إسطنبول حظها. . . إلخ.
وفي الغرب كانت عمليتا 11 سبتمبر 2001م في نيويورك و 11 مارس 2004م في مدريد، الأولى زعزعت الولايات المتحدة الأمريكية وأفضت إلى ما أفضت إليه من احتلال أفغانستان ولواحقه من ويلات أصابت العرب والمسلمين ومن نوائب وكوارث ما فتئت تهد أركاننا.
والثانية أزعجت إسبانيا ومن ورائها أوربا وستعقبها نتائج وخيمة نسأل الله العافية.
فهل الإسلام الرحيم يبيح دماء المدنيين البرآء؟
هل يجيز إزهاق أرواح من لا ناقة له ولا جمل في الأزمات السياسية العالمية أو المحلية أو في الصراعات المذهبية والاقتصادية المعقدة التي تمزق شمل العائلة البشرية شر ممزق؟
هل النفس البشرية رخيصة إلى درجة أن تزهق بلا جرم ولا سبب ويسكت علماء المسلمين؟
هل الوحي الإلهي يوافق على قطع الرؤوس وبقر البطون وبتر الأيدي والأرجل للآمنين الغافلين المدنيين المسالمين: للطفل الصبي دون فطام والعجوز الطاعنة في السن والمقعد بالمرض وسواهم من غير أن يشاركوا في عمل حربي تباح به دماؤهم؟
وهل أهل الذمة والمعاهدون من الكفار والمستأمنون لم يبق لهم عند المسلمين الآن عهد ولا ذمة وبالتالي يباح اغتيال بعضهم عشوائيا دون محاكمة شرعية ولا مدنية ولا توجيه اتهام ولا إدانة ولا تهمة ثابتة ولا نصب دفاع بل بمجرد هوى أو وقوع تحت طائلة الانتقام من حكوماتهم أو جماعات معينة في دولهم أو لوبيات أو ذوي نفوذ ظاهرين أو متسترين؟
هل الفوضى والتسيب وصلا إلى حد أن يفتى بهذه الفظاعات التي لا مرجعية لها، ويقال: إن الإسلام من ورائها أو إن بعض رموزه ومجاهديه وعلمائه يقفون وراء إصدار أحكام باسمه تهدر بها حقوق الناس في الحياة؟
هذه كلها أسئلة الجواب عنها لا يختص بها مجامع الفقهاء والموثوق بهم من أهل العلم والرصانة والعقل بل يعلمها بالضرورة كل واحد من سواد الأمة.
ومما لا شك فيه دون دخول في التفاصيل ولا الجري وراء الحوادث الجارية أن هناك خطوطا حمراء مجمعا عليها لا مجال فيها للاختلاف ولا مطعن في صدقيتها تؤكدها قواعد ومقولات تلقاها الخلف عن السلف بالقبول: التفقه فيها واستغلالها وتوظيفها فيما نحن يصدده من دراسة هذه الظاهرة تفضي إلى الإفتاء بتحريم الإرهاب وتجريم الإرهابيين ومنها:
1 -
درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة عند تساويهما.
2 -
المصالح العامة تقدم على المصالح الخاصة.
3 -
إذا التقت مصلحتان ولم يمكن الجمع بينهما يؤخذ بأحسنهما وإذا التقت مفسدتان ولم يمكن دفعهما يرتكب أخفهما.
4 -
قتل النفس البريئة يعد من السبع الموبقات وهو من أول ما يسأل عنه الإنسان يوم القيامة وإحياء نفس كإحياء كل الناس وقتل نفس كقتل كل الناس.
5 -
حكم الحاكم في الأمور الخلافية بين العلماء يرفع الخلاف.
6 -
يجنح إلى السلام وجوبا ما أمكن تفادي الصدام.
7 -
الفتنة أشد من القتل.
8 -
تغيير المنكر لا يجوز إذا تيقن إفضاؤه إلى منكر أكبر منه.
9 -
التدرج في تغيير المنكرات واجب داخل مقتضى الحكمة والمصلحة.
10 -
الأخذ بالأولويات والأحرويات من فقه الدعوة.
11 -
«من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» (حديث شريف) .
هذه القواعد والمقاصد وغيرها إذا استقرئت تصب في اتجاه واضح وهو: تجريم إيذاء الأبرياء من الناس.
والإيذاء هو الظلم المحرم بالنصوص القطعية كما أنه محرم بالعقل والفطرة.
والظلم فيه قوله صلى الله عليه وسلم: «الظلم ظلمات يوم القيامة» وقوله تعالى في الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا» .
وهذا الإيذاء هو المدعو الآن بالإرهاب الذي يرمي إلى تحقيق مكاسب سياسية عبر التضحية بأرواح المدنيين ومن هو خارج موضع النزاع الظاهر أو الخفي بين الفئة المستهدفة (بكسر الدال) والجهات المستهدفة (بفتح الدال) .
واليقين قائم على أن هذه الظاهرة وهي (الإرهاب) كما شرحناه مضرة بالعمل الإسلامي في الغرب كما هي مضرة بتماسك الأمة وانتظام أمرها وتنمية اقتصادها داخل دار الإسلام.
وهذا لا يعني بتاتا أننا نبرئ بعض المسؤولين على الشأن الإسلامي في الدعوة أو الدولة من تبعات هذه الظاهرة الخطيرة فليتحمل كل منهم مسؤوليته.
فكل مسؤول من أولي الأمر في سياساته وتصرفاته وأقواله وأفعاله قد يتسبب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في نشوء جرثومة الإرهاب إما بظلمه لنفسه ولغيره وإما بجهله وغفلته فالجهل مصيبة كبرى وطامة عظمى وآفة مميتة نسأل الله اللطف.
وعلى كل فنحن ندين الإرهاب كما وصفناه حيث نعرفه بأنه:
(أعمال أو أقوال تؤذي فكريا أو نفسيا أو جسديا أو ماديا الأبرياء من بني آدم يقوم بها شخص أو أشخاص أو جهة قصد تحقيق أغراض سياسية أو اقتصادية أو غيرها لا ناقة لهؤلاء الأبرياء ولا جمل في الظروف والأسباب التي حالت دون تحقيقها للشخص أو الأشخاص أو الجهة المنفذة لهذه الأعمال) .
وهذا التعريف هو الذي نظنه ينطبق على ظاهرة تشمئز منها النفوس وتنفر منها الطباع السليمة خاصة إذا أضيفت جهلا أو بتعمد لشريعة الله أي ظاهرة الإرهاب.
والحقيقة أن الإسلام الحنيف من مقاصده السامية تحريم كل أشكال الظلم والإيذاء والعدوان والطغيان سواء أصابت الإنسان أو الحيوان وعلى النقيض أوجب الإسلام إقامة العدل والتعامل بالقسط وحذر من إهانة الآدمي والتسلط على دمه أوعرضه أو ماله دون بينة شرعية واضحة وضوح الشمس.
ولما كانت الشريعة الرحيمة كفيلة بضمانة الحقوق كافة لبني آدم وصيانة حرياتهم وحماية ممتلكاتهم وإشاعة الأمن فيهم ودفع الخوف عنهم وجلب أسباب التعايش والتفاهم فيما بينهم؛ فإن تجاوز ضوابطها بتأويل فاسد أو تفسير مغرض أو لي أعناق نصوصها القطعية أو الظنية بنية سيئة وقصد فاسد: هوى يعد من أكبر الكبائر المسببة لشر مستطير.