الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدِيثُ قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ وَمَا ظَهْرَ مِنْ عَجَائِبِهِ
28 -
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الطِّيبِ أَحْمَدُ بْنُ رَوْحٍ، حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ السَّمْتِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ اللَّخْمِيُّ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفِيكُمْ مَنْ يَعْرِفُ قُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيَّ؟» فَقَالُوا: كُلُّنَا نَعْرِفُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَسْتُ أَنْسَاهُ بِسُوقِ عُكَاظٍ، وَاقِفٌ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، وَهُوَ يُنَادِي، وَيَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اجْتَمَعُوا وَاسْتَمِعُوا، وَإِذَا سَمِعْتُمْ فَعُوا، وَإِذَا وُعِيتُمْ فَانْتَفِعُوا، وَإِذَا انْتَفَعْتُمْ فَقُولُوا، وَإِذَا قُلْتُمْ فَاصْدُقُوا، مَنْ عَاشَ مَاتَ، وَمَنْ مَاتَ فَاتَ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ، مَطَرٌ، وَنَبَاتٌ، وَأَحْيَاءٌ، وَأَمْوَاتٌ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ خَبَرًا، وَفِي الْأَرْضِ عِبَرًا يُحَارُ فِيهَا الْبَصَرُ، مِهَادٌ مَوْضُوعٌ، وَسَقْفٌ مَرْفُوعٌ، وَنُجُومٌ تَمُورُ، وَبِحَارٌ لَا تَغُورُ، وَمَنَايَا دَوَانٌ، وَدَهْرٌ خَوَّانٌ، كَحَذُونِ الْفَسْطَاسِ، وَوَزْنِ الْقِسْطَاسِ، أَقْسَمَ قُسٌّ قَسْمًا حَقًّا لَا كَاذِبًا فِيهِ، وَلَا إِثْمًا
⦗ص: 44⦘
، إِنَّ لِلَّهِ دَيْنًا هُوَ أَرْضَى لَهُ مِنَ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ". وَقَالَ:«مَالِي أَرَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ، وَلَا يَرْجِعُونَ أَرَضُوا فَأَقَامُوا، أَمْ تُرِكُوا فَنَامُوا» ، فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ:«أَيُّكُمْ يَرْوِي لَنَا شِعْرَهُ؟» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا شَاهِدٌ لَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حَيْثُ يَقُولُ
[البحر الكامل]
فِي الذَّاهِبِينَ الْأَوَّلِينَ
…
مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرُ
لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا لِلْمَوْتِ
…
لَيْسَ لَهَا مَصَادِرُ
وَرَأَيْتُ قَوْمِيَ نَحْوَهَا
…
يَمْضِي الْأَصَاغِرُ وَالْأَكَابِرُ
لَا يَرْجِعُ الْمَاضِي إِلَيَّ
…
وَمِنَ الْبَاقِينَ غَابِرُ
أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا مَحَالَةَ
…
حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرُ
. فَقَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْخٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، طَوِيلُ الْقَامَةِ، عَظِيمُ الْهَامَةِ، ضَخْمُ الدَّسِيعَةِ، جَهْرِيُّ الصَّوْتِ قَالَ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَا فَقَدْ رَأَيْتُ مِنَ قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ عَجَبًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَمَا الَّذِي رَأَيْتَ مِنْهُ يَا أَخَا عَبْدِ الْقَيْسِ؟» فَقَالَ: خَرَجْتُ فِي جَاهِلِيَّتِي أَبْتَغِي بَعِيرًا شَرِدَ مِنِّي أَقْفُو أَثَرَهُ، فِي تَنَايُقَ ذَاتِ ضَغَابِيسَ، وَعَرَصَاتٍ حِثْحَاثٍ بَيْنَ صُدُورٍ حِرْعَافٍ، وَعُمَيْرٍ حَرْدَانَ، وَمَهْمَهٍ ظُلْمَانٍ
⦗ص: 45⦘
، وَرَضِيعٍ أَيْهُقَانَ، فَبَيْنَا أَنَا فِي تِلْكَ الْفَلَوَاتِ أَجُولُ سَبْسَبَهَا، وَأَرْمُقُ فَدْفَدَهَا، إِذَا أَتَاهُ بِهَضَبَةٍ فِي تِشْوَائِهَا أَرَاكُ كَبَاثٍ مُخْضَوْضِلَةٍ بِأَغْصَانِهَا، كَأَنَّ بَرِيرَهَا حَبُّ فُلْفُلٍ مِنْ بَوَاسِقِ أُقْحُوانٍ، وَإِذَا أَنَا بِعَيْنٍ خَرَّارَةٍ، وَرَوْضَةٍ مُدْهَامَّةٍ، وَشَجَرَةٍ عَادِيَّةٍ، وَإِذَا قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ جَالِسٌ فِي أَصْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ، وَبِيَدِهِ قَضِيبٌ فَدَنَوْتُ مِنْهُ، وَقُلْتُ: أَنْعِمْ صَبَاحًا. فَقَالَ: وَأَنْتِ فَنَعُمَ صَبَاحُكَ وَوَرَدَتِ الْعَيْنَ سِبَاعٌ كَثِيرَةٌ، فَكَانَ كُلَّمَا ذَهَبَ سَبْعٌ مِنَ السِّبَاعِ يَشْرَبُ مِنَ الْعَيْنِ قَبْلَ السَّبُعِ الَّذِي وَرَدَ قَبْلَهُ، ضَرَبَهُ قُسٌّ بِالْقَضِيبِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ، فَقَالَ: اصْبِرْ حَتَّى يَشْرَبَ الَّذِي وَرَدَ قَبْلَكَ. فَذَعَرْتُ لِذَلِكَ ذُعْرًا شَدِيدًا، فَنَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ: لَا تَخَفْ، وَإِذَا قَبْرَانِ، وَبَيْنَهُمَا مَسْجِدٌ، فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ الْقَبْرَانِ؟ فَقَالَ: هَذَانِ قَبْرَا أَخَوَيْنِ كَانَا لِي، يَعْبُدَانِ اللَّهَ عز وجل فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَأَنَا مُقِيمٌ بَيْنَ قَبْرَيْهِمَا أَعْبُدُ اللَّهَ حَتَّى أَلْحَقَ بِهِمَا، فَقُلْتُ: أَلَا تَلْحَقُ بِقَوْمِكَ، فَتَكُونُ مَعَهُمْ فِي خَيْرِهِمْ، وَتُبَايِنُهُمْ عَلَى شَرِّهِمْ؟ فَقَالَ لِي: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، أَوْ مَا عَلِمْتَ أَنَّ وَلَدَ إِسْمَاعِيلَ تَرَكُوا دِينَ أَبِيهِمْ، وَاتَّبَعُوا الْأَضْدَادَ، وَعَظَّمُوا الْأَنْدَادَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْقَبْرَيْنِ يَبْكِي، وَيَقُولُ:
[البحر الطويل]
خَلِيلَيَّ هُبَّا طَالَ مَا قَدْ رَقَدْتُمَا
…
أَجِدَكُمَا مَا تَقْضِيَانِ كَرَاكُمَا
⦗ص: 46⦘
أَرَى النَّوْمَ بَيْنَ الْعَظْمِ وَالْجِلْدِ مِنْكُمَا
…
كَأَنَّ الَّذِي يَسْقِي الْعُقَارَ سَقَاكُمَا
أَلَمْ تَعْلَمَا أَنِّي بِسَمْعَانَ مُفْرَدٌ
…
وَمَا لِي فِيهِ مِنْ حَبِيبٍ سِوَاكُمَا
مُقِيمٌ عَلَى قَبْرَيْكُمَا لَسْتُ بَارِحًا
…
أَذُوبُ ذَا اللَّيَالِي أَوْ يُجِيبُ صَدَاكُمَا
كَأَنَّكُمَا وَالْمَوْتُ أَقْرَبُ غَايَةٍ
…
بِرُوحِي فِي قَبْرَيْكُمَا قَدْ أَتَاكُمَا
أَبْكِيكُمَا طُولَ الْحَيَاةِ، وَمَا الَّذِي
…
يَرُدُّ عَلَى ذِي عَبْرَةٍ أَنْ بَكَاكُمَا
فَلَوْ جُعِلَتْ نَفْسٌ لِنَفْسٍ فِدَاءَهَا
…
لَجُدْتُ بِنَفْسِي أَنْ تَكُونَ فِدَاكُمَا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رَحِمَ اللَّهُ قُسًّا أَمَا إِنَّهُ سَيُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ»
29 -
وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ النَّقَّاشُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" مَا فَعَلَ حَلِيفٌ لَكُمْ، يُقَالُ لَهُ: قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيُّ". قَالُوا: هَلَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَتَأَوَّهَ النَّبِيُّ عليه السلام لِمَوْتِهِ تَأَوُّهًا شَدِيدًا، ثُمَّ قَالَ: " كَأَنِّي بِهِ بِالْأَمْسِ فِي سُوقِ عُكَاظٍ، عَلَى جَمَلٍ أَفْرَقُ، فِي إِزَارَيْنِ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اجْتَمِعُوا، ثُمَّ اسْمَعُوا وَعُوا، مَنْ عَاشَ مَاتَ، وَمَنْ مَاتَ
⦗ص: 47⦘
فَاتَ، وَمَا هُوَ آتٍ آتٍ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرًا، وَإِنَّ فِي الْأَرْضِ لَعِبَرًا، بِحَارُ لَا تَفُورُ، وَنُجُومٌ لَا تَمُورُ، وَسَقْفٌ مَرْفُوعٌ، وَمِهَادٌ مَوْضُوعٌ، وَمَطَرٌ وَنَبَاتٌ، وَذَاهِبٌ وَآتٍ، وَأَحْيَاءٌ وَأَمْوَاتٌ، وَعِظَامٌ وَرُفَاتٌ، وَلَيْلٌ وَنَهَارٌ، وَضِيَاءٌ وَظَلَامٌ، وَمُسِيءٌ وَمُحْسِنٌ، وَغَنِيُّ وَفَقِيرٌ، يَا أَرْبَابَ الْغَفْلَةِ، لِيُصْلِحْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَمَلَهُ، تَعَالَوْا نَعْبُدُ إِلَهًا وَاحِدًا، لَيْسَ بِمَوْلُودٍ وَلَا وَالِدٍ، أَعَادَ وَأَبَادَ، وَغَدًا إِلَيْهِ الْمَعَادُ، أَقْسَمَ قُسٌّ قَسْمًا بِاللَّهِ وَمَا أَثِمَ، لَئِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ لَيَكُونَنَّ سَخَطًا، إِنَّ لِلَّهِ دَيْنًا، هُوَ أَرْضَى مِنْ دِينِكُمُ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ، يَا أَهْلَ إِيَادٍ، مَا لِي أَرَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ، فَلَا يَرْجِعُونَ، أَرَضُوا بِالْمُقَامِ فَأَقَامُوا أَمْ تُرِكُوا فَنَامُوا". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«سَمِعْتُهُ يَتَمَثَّلُ بِأَبْيَاتِ شِعْرٍ، وَلِسَانِي لَا يَنْطَلِقُ بِهَا» . فَقَامَ رَإليه رُلٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا سَمِعْتُهَا مِنْهُ، فَهَلْ عَلَيَّ فِيهِ مِنْ إِثْمٍ إِنْ أَنَا قُلْتُهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«قُلْ، فَإِنَّ الشَّعْرَ كَلَامٌ، حَسَنُهُ حَسَنٌ، وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ» . فَقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ
[البحر الكامل]
فِي الذَّاهِبِينَ الْأَوَّلِينَ
…
مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرُ
لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا لِلْمَوْتِ
…
لَيْسَ لَهَا مَصَادِرُ
وَرَأَيْتُ قَقَوْمًا نَحْوَهَا
…
يَسْعَى الْأَكَابِرُ وَالْأَصَاغِرُ
لَا يَرْجِعُ الْمَاضِي وَلَا
…
يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ غَابِرُ
أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا مَحَالَةَ
…
حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرُ
فَقَالَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَزِيدُ فِي إِيمَانِ قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ؟» فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَا نَحْنُ فِي مَلَاعِبِنَا، إِذْ أَشْرَفَ عَلَيْنَا مِنْ حَرَّةِ الْجَبَلِ، فَرَأَيْتُ طَيْرًا كَثِيرًا، وَوَحْشًا كَثِيرًا فِي بَطْنِ الْوَادِي، وَإِذَا قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ مُؤْتَزِرٌ بِشَمْلَةٍ مُرْتَدٍ بِأُخْرَى، وَبِيَدِهِ هِرَاوَةٌ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى عَيْنٍ مِنْ مَاءٍ، وَهُوَ يَقُولُ: لَا وَإِلَهِ السَّمَاءِ لَا يَشْرَبُ الْقَوِيُّ قَبْلَ الضَّعِيفِ، بَلْ يَشْرَبُ الضَّعِيفُ قَبْلَ الْقَوِيِّ. فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ
⦗ص: 48⦘
رَأَيْتُ الْقَوِيَّ مِنَ الطَّيْرِ يَتَأَخَّرُ حَتَّى يَشْرَبَ الضَّعِيفُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ الْقَوِيَّ مِنَ الْوَحْشِ يَتَأَخَّرُ حَتَّى يَشْرَبَ الضَّعِيفُ، فَلَمَّا تَتَحَامَى حَوْلَهُ هَبَطْتُ إِلَيْهِ مِنْ ثَنِيَّةِ الْجَبَلِ، فَرَأَيْتُهُ وَاقِفًا بَيْنَ قَبْرَيْنِ يُصَلِّي، فَقُلْتُ: أَنْعِمْ صَبَاحًا، مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي لَا تَعْرِفُهَا الْعَرَبُ؟ قَالَ: صَلَّيْتُهَا لِإِلَهِ السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: وَهَلْ لِلسَّمَاءِ مِنْ إِلَهٍ سِوَى اللَّاتِ وَالْعُزَّى؟ فَانْتَفَضَ وَانْتَفَخَ لَوْنُهُ، ثُمَّ قَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي يَا أَخَا إِيَادٍ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ إِلَهًا عَظِيمَ الشَّأْنِ، هُوَ الَّذِي خَلَقَهَا فَسَوَّاهَا، وَبِالْكَوَاكِبِ زَيَّنَهَا، وَبَالْقَمَرِ الْمُنِيرِ وَالشَّمْسِ أَشْرَقَهَا، أَظْلَمَ لَيْلَهَا، وَأَضَاءَ نَهَارَهَا؛ لِيُسْلِفَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، لَيْسَ لَهُ كَفَوِيَّةٌ، وَلَا أَيْنِيَّةٌ، وَلَا كَيْمُوسِيَّةٌ، فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا أَصَبْتَ مَوْضِعًا تَعْبُدُ إِلَهَ السَّمَاءِ إِلَّا فِي هَذَا الْمَكَانِ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أُصِبْ فِي زَمَنِي غَيْرَ صَاحِبَيْ هَذَيْنِ الْقَبْرَيْنِ، وَإِنِّي مُنْتَظِرٌ مَا أَصَابَهُمَا، وَسَيَعُمُّكُمْ حَقُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ مَكَّةَ، فَقُلْتُ لَهُ: وَمَا هَذَا الْحَقُّ؟ قَالَ: رَجُلٌ أَبْلَجُ أَحْوَرُ، مِنْ وَلَدِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، يَعْنِي مُحَمَّدًا عليه السلام، يَدْعُوكُمْ إِلَى كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَعَيْشِ الْأَبَدِ، وَنَعِيمٍ لَا يَنْفَدُ فَإِنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَإِنِ اسْتَنْصَرَكُمْ فَانْصُرُوهُ، قَدْ وَصَفَ لِي فِيهِ عَلَامَاتٍ شَتَّى، وَخَلَائِقَ حِسَانًا، قَالَ: إِنَّهُ لَا يَأْخُذُ عَلَى دَعْوَاهُ أَجْرًا، قُلْتُ: فَمَا لَكَ لَا تَصِيرُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: إِنِّي لَا أَعِيشُ إِلَى مَبْعَثِهِ، وَلَوْ عَلِمْتُ أَنِّي أَعِيشُ إِلَى مَبْعَثِهِ، لَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ يَسْعَى إِلَيْهِ، فَأَضْرِبُ بِصَفْقَةِ كَفِّي صَفْقَةَ كَفِّهِ، فَأُقِيمُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِحُكْمِ رَبِّي تبارك وتعالى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«حَسْبُكَ، فَإِنَّ الْقُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ كَانَ أُمَّةً، يَبْعَثُهُ اللَّهُ تبارك وتعالى يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ»
30 -
وَرَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ
⦗ص: 49⦘
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَسَّالُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ إِيَادٍ وَعَبْدُ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَيُّكُمْ يَعْرِفُ الْقُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيَّ؟» قَالُوا: كُلُّنَا نَعْرِفُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «فَمَا فَعَلَ؟» قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَرْحَمُ اللَّهُ الْقُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ مَا أَنْسَاهُ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ بِسُوقِ عُكَاظٍ، فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ أَوْرَقَ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ عَلَيْهِ حَلَاوَةٌ، وَهُوَ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ اجْتَمِعُوا، وَاسْمَعُوا، وَاحْفَظُوا، وَعُوا، مَنْ عَاشَ مَاتَ، وَمَنْ مَاتَ فَاتَ، كُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ، إِنَّ اللَّيْلَ لَيْلٌ دَاجٍ، وَالسَّمَاءُ ذَاتُ الْأَبْرَاجِ، بِحَارٌ تَزْخَرُ، وَنُجُومٌ تَزْهَرُ، وَمَطَرٌ وَنَبَاتٌ، وَآبَاءٌ وَأُمَّهَاتٌ، وَذَاهِبٌ وَآتٍ، وَضَوْءٌ وَظَلَامٌ، وَبِرٌّ وَآثَامٌ، لِبَاسٌ وَمَرْكَبٌ وَمَشْرَبٌ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرًا، وَإِنَّ فِي الْأَرْضِ لَعِبَرًا، مِهَادٌ مَوْضُوعٌ، وَسَقْفٌ مَرْفُوعٌ، وَنُجُومٌ تَمُورُ، وَبِحَارٌ لَا تَغُورُ، أَقْسَمَ قُسٌّ قَسَمًا حَقًّا، لَئِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ رِضًا، لَيَكُونَنَّ سَخَطًا، إِنَّ لِلَّهِ دِينًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ دِينِكُمُ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ، مَا لِي أَرَى الْقَوْمَ يَذْهَبُونَ، وَلَا يَرْجِعُونَ أَرَضُوا بِالْمُقَامِ هُنَالِكَ فَأَقَامُوا أَمْ تُرِكُوا فَنَامُوا ثُمَّ قَالَ: أَقْسَمَ قُسٌّ قَسَمًا بَرًّا، لَا إِثْمَ فِيهِ، مَا لِلَّهِ عَلَى الْأَرْضِ دِينٌ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ دِينٍ أَظَلَّكُمْ زَمَانُهُ، وَأَدْرَكَكُمْ أَوَانُهُ، طُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَهُ فَاتَّبَعَهُ وَوَيْلٌ لِمَنْ أَدْرَكَهُ فَفَارَقَهُ، ثُمَّ أَنْشَأَ، يَقُولُ:
[البحر الكامل]
فِي الذَّاهِبِينَ الْأَوَّلِينَ
…
مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرُ
لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا لِلْمَوْ
…
تِ لَيْسَ لَهَا مَصَادِرُ
⦗ص: 50⦘
وَرَأَيْتُ قَوْمِيَ نَحْوَهَا
…
يَمْضِي الْأَكَابِرُ وَالْأَصَاغِرُ
لَا يَرْجِعُ الْمَاضِي إِلَيَّ
…
وَلَا مِنَ الْبَاقِينَ غَابِرُ
أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا مَحَالَةَ
…
حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرُ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَرْحَمُ اللَّهُ قُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَحْدَهُ» . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ مِنَ قُسٍّ عَجَبًا قَالَ:«وَمَا الَّذِي رَأَيْتَ مِنْهُ؟» قَالَ: بَيْنَا أَنَا بِجَبَلٍ فِي نَاحِيَتِنَا يُقَالُ لَهُ سَمْعَانُ، فِي يَوْمٍ قَايِظٍ، شَدِيدِ الْحَرِّ، إِذَا أَنَا بِقُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ عِنْدَهَا عَيْنُ مَاءٍ، وَإِذَا حَوْلَهُ سِبَاعٌ كَثِيرَةٌ، قَدْ وَرَدَتْ، وَهِيَ تَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ، فَإِذَا زَأَرَ سَبُعٌ مِنْهَا عَلَى صَاحِبِهِ ضَرَبَهُ بِيَدِهِ، وَقَالَ: كُفَّ حَتَّى يَشْرَبَ الَّذِي وَرَدَ قَبْلَكَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَمَا حَوْلَهُ مِنَ السِّبَاعِ هَالَنِي ذَلِكَ، وَدَخَلَنِي رُعْبٌ شَدِيدٌ، فَقَالَ: لَا تَخَفْ، لَا بَأْسَ عَلَيْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِذَا أَنَا بِقَبْرَيْنِ بَيْنَهُمَا مَسْجِدٌ، فَلَمَّا آنَسْتُ بِهِ، قُلْتُ: مَا هَذَانِ الْقَبْرَانِ؟ فَقَالَ: هَذَانِ الْقَبْرَانِ لِأَخَوَيْنِ لِي، كَانَا يَعْبُدَانِ اللَّهَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَاتَّخَذْتُ فِيمَا بَيْنَهُمَا مَسْجِدًا، أَعْبُدُ اللَّهَ فِيهِ، حَتَّى أَلْحَقَ بِهِمَا، ثُمَّ ذَكَرَ أَيَامَهُمَا، وَفِعَالَهُمَا، فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ:
[البحر الطويل]
خَلِيلَيَّ هُبَّا طَالَ مَا قَدْ رَقَدْتُمَا
…
أَجِدَكُمَا لَا تَقْضِيَانِ كَرَاكُمَا
أَلَمْ تَعْلَمَا أَنِّي بِسَمْعَانَ مُفْرَدٌ
…
وَمَا لِي فِيهِ مِنْ حَبِيبٍ سِوَاكُمَا
أُقِيمُ عَلَى قَبْرَيْكُمَا لَسْتُ بَارِحًا
…
طُوَالَ اللَّيَالِي أَوْ يُجِيبَ صَدَاكُمَا
سَأَبْكِيكُمَا طُولَ الْحَيَاةِ وَمَا الَّذِي
…
يَرُدُّ عَلَى ذِي عَوْلَةٍ إِبَكَاكُمَا
كَأَنَّكُمَا وَالْمَوْتُ أَقْرَبُ غَايَةٍ
…
بِرُوحِي فِي قَبْرَيْكُمَا قَدْ أَتَاكُمَا
فَلَوْ جُعِلَتْ نَفْسٌ لِنَفْسٍ وُقَايَةً
…
لَجُدْتُ بِنَفْسِي أَنْ تَكُونَ فِدَاكُمَا
31 -
وَرَوَاهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ
⦗ص: 51⦘
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ النَّيْسَابُورِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْبَغَوِيِّ الْخُرَاسَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ رَبِيعَةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُمْ عَنْ قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ، وَكَانَ نَازِلًا فِيهِمْ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
32 -
وَرَوَاهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَمْرَكِيُّ بِسَرَخْسَ، حَدَّثَنَا أَبُو لُبَابَةَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَهْدِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ سَعِيدُ بْنُ هُبَيْرَةَ الْكَعْبِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ إِيَادٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا فَعَلَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيُّ؟» قَالُوا: هَلَكَ. قَالَ: «أَمَا إِنِّي رَأَيْتُهُ بِسُوقِ عُكَاظٍ، يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ مُعْجِبٍ مَا أُرَانِي أَحْفَظُهُ» . فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: نَحْنُ نَحْفَظُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: «هَاتُوا» . فَقَالُوا: إِنَّهُ وَقَفَ بِسُوقِ عُكَاظٍ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اجْتَمِعُوا، وَاسْمَعُوا، وَعُوا، كُلُّ مَنْ عَاشَ مَاتَ، وَكُلُّ مَنْ مَاتَ فَاتَ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ، لَيْلٌ دَاجٍ، وَسَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ، وَنُجُومٌ تَزْهَرُ، وَبِحَارٌ تَزْخَرُ، وَجِبَالٌ مُرْسَاةٌ، وَأَنْهَارٌ مُجْرَاةٌ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرًا، إِنَّ فِي الْأَرْضِ لَعِبَرًا، أَرَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ فَلَا يَرْجِعُونَ، أَرَضُوا بِالْمُقَامِ، فَأَقَامُوا، أَمْ تُرِكُوا فَنَامُوا، ثُمَّ أَنْشَأَ، يَقُولُ: يَقْسِمُ قُسٌّ قَسْمًا بِاللَّهِ، لَا إِثْمَ فِيهِ إِنَّ لِلَّهِ دَيْنًا هُوَ أَرْضَى مِمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الكامل]
فِي الذَّاهِبِينَ الْأَوَّلِينَ
…
مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرُ
لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا لِلْمَوْ
…
تِ لَيْسَ لَهَا مَصَادِرُ
وَرَأَيْتُ قَوْمِيَ نَحْوَهَا
…
يَمْضِي الْأَكَابِرُ وَالْأَصَاغِرُ
⦗ص: 52⦘
أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا مَحَالَةَ
…
حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرُ