الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكَمَال فِي هَذَا الْمقَام
قَالَ وَله كتاب جليل سَمَّاهُ خلع النَّعْلَيْنِ قَالَ وأجازني بِهِ وَلَده لما قدمت لتونس اهـ
قلت وَالله أعلم إِن الْكتاب الْمَذْكُور فِي قَول الله لمُوسَى إخلع نعليك وَتكلم فِيهِ على طَرِيق أهل الْإِشَارَة من كل آيَة كَمَا فِي الحَدِيث لَهَا ظَاهر وباطن وحد ومطلع وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
ذكر رحلتي إِلَى مصر وَمن اجْتمعت بِهِ هُنَالك من الْمَشَايِخ وَمَا أَخَذته عَنْهُم وَمن أجازني مِنْهُم وَمَا أجازني بِهِ وَمَا يتبع ذَلِك
أَقُول وَالله الْمُسْتَعَان ثمَّ بعد إقامتي بمقام الشَّيْخ النوري الْخمس سِنِين الْمُقدم ذكرهَا انْتَقَلت إِلَى بر الْمشرق على رَأس الْقرن الثَّانِي عشر فاجتمعت بمشايخ أكَابِر أجلة وَأخذت عَنْهُم
جملَة من الْعُلُوم حضورا وإجازة كَمَا سَيَأْتِي
مِنْهُم الشَّيْخ الْفَاضِل الْكَامِل عُمْدَة الْمُسلمين فِي الدُّنْيَا وَالدّين سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ الْخَرشِيّ الْبُحَيْرِي تلميذ سَيِّدي عَليّ الأَجْهُورِيّ لَهُ شرحان على الْمُخْتَصر كَبِير وصغير وَكُنَّا نَقْرَأ عَلَيْهِ بالصغير مَعَ مُرَاجعَة جملَة من الشُّرَّاح
وَكَانَت لَهُ حلاوة فِي التَّقْرِير ولياقة فِي التَّعْبِير لم أر مثله رضي الله عنه
ابْتَدَأَ يَوْمًا يُقرر لنا فِي درس من دروس الْمُخْتَصر مصري فاقرأه لنا من أَوله إِلَى آخِره من حفظه على التَّرْتِيب شَرحه بمناسبات وفذلكات مَسْأَلَة بعد أُخْرَى بِمَا قيل فِيهَا إِلَى تَمَامه ثمَّ ضممنا مَا بِأَيْدِينَا وقمنا
مَا رَأَيْت بِمثلِهِ فِي مثل هَذَا التقرار إِلَّا شَيخنَا سَيِّدي مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ سَيِّدي عبد الْبَاقِي الزّرْقَانِيّ كُنَّا نَقْرَأ عَلَيْهِ فِي رِسَالَة ابْن أبي زيد القيرواني وَكَانَت بيَدي حَاشِيَة الأَجْهُورِيّ عَلَيْهَا وَهُوَ يُقرر لنا بهَا من حفظه لفظا لَا معنى وَأَنا أقابل عَلَيْهِ بالنسخة الَّتِي بيَدي فيقرر الْمَسْأَلَة وَأكْثر من أَولهَا لآخرها لفظا بِلَفْظ وَهُوَ نَاظر لنا معاشر الطّلبَة الَّذين حوله فَإِذا توقف فِي كلمة أثْنَاء التقرار من حفظه يلْتَفت عَنَّا إِلَى مَا بِيَدِهِ لمحة من غير أَن يصمت وَيرجع لحاله كَمَا كَانَ
رَجَعَ ومناقب شَيخنَا الْخَرشِيّ كَثِيرَة من عبَادَة وتقشف وزهادة وَقبُول عِنْد الْحُكَّام وشفاعات شاهدته مَعَ من يطْلب مِنْهُ التَّوَجُّه للحكام من غير أَن يسْأَله عَن حَاجته وَيَأْتِي الْحَاكِم فيسأله الْحَاكِم عَن حَاجته فيشير إِلَى من جَاءَ بِهِ فتقضى الْحَاجة
وَأَخْبرنِي شَيخنَا سَيِّدي إِبْرَاهِيم الفيومي رحمه الله يَوْمًا مشافهة عَنهُ وَأَنا وإياه جالسان فِي الْمحل الَّذِي يدرس بِهِ الشَّيْخ وَقَالَ إِن الشَّيْخ الْخَرشِيّ كَانَ لَهُ التَّصَرُّف الباطني بِمصْر وَأَن فَقِيرا من أَرْبَاب الْأَحْوَال كَانَ خديما نَائِبا بَين يَدي الشَّيْخ يدْخل وَيخرج دَائِما عَلَيْهِ وَهُوَ يستشيره فِي الْأُمُور سرا من غير أَن يتَكَلَّم
وَحكى لي أَنه كَانَ بَين بعض طلبة الْعلم وَرجل جندي مخاصمة فاستغاث الطَّالِب بالشيخ فَذهب مَعَه إِلَى مَحل الْحُكُومَة فَلَقِيَهُ الجندي فَقَالَ لَهُ حَتَّى أَنْت جيت يَا مُحَمَّد يَا خرشي فَرجع الشَّيْخ مغضبا إِلَى مدرسته وَجلسَ صامتا مطئطئا رَأسه على عَادَته فَدخل عَلَيْهِ ذَلِك الْفَقِير وَقَالَ للشَّيْخ يَا سَيِّدي أَقتلهُ وَكرر ذَلِك مرَارًا وَالشَّيْخ صَامت لم يجبهُ لم أَخذ الْفَقِير نواة من الأَرْض وَحذف بهَا فأصابت رخامة فِي الْمدرسَة أَرَاهَا لي الشَّيْخ إِبْرَاهِيم عيَانًا فَمَاتَ الجندي من حِينه وَكَأَنَّهُ فهم عَن الشَّيْخ الْإِذْن
وَهَذَا من بَاب الْقَتْل
بِالْحَال
هَكَذَا أَخْبرنِي الشَّيْخ سَيِّدي إِبْرَاهِيم الفيومي مشافهة
وَتُوفِّي شَيخنَا الْخَرشِيّ رحمه الله السَّابِع وَالْعِشْرين من ذِي الْحجَّة ختام سنة وَاحِدَة وَمِائَة وَألف وَقد كَانَ أذن الْمُبَاشر عَلَيْهِ بِالْقِرَاءَةِ أَن يكْتب لنا الْإِجَازَة فَلَمَّا مَاتَ بَغْتَة رحمه الله تركنَا ذَلِك واكتفينا بِلَفْظِهِ وحصلت الْبركَة إِن شَاءَ الله والاتصال
وَمن مَشَايِخنَا الشَّيْخ الْعَلامَة سَيِّدي إِبْرَاهِيم الشبراخيتي صَاحب الشَّرْح على الْمُخْتَصر وَالشَّرْح على الْأَرْبَعين النووية
وَحين قدومي للأزهر أخرجت من شَرحه على الْمُخْتَصر جملَة نسخ نسخت من نُسْخَة من مسودته وَلم تقَابل وأخرجت أَنا أَيْضا مِنْهَا نُسْخَة وصرنا نقابل عَلَيْهَا فَإِذا توقفنا فِي مَسْأَلَة نأتي الشَّيْخ فيصلحها لنا ثمَّ صَار يَأْمُرنَا بِالنّظرِ فِي مَادَّة شَرحه وَهِي حَاشِيَة شَيْخه الفيشي وَشرح شَيْخه الأَجْهُورِيّ ثمَّ صرنا نراجعه فَلَا يجيبنا غلب عَلَيْهِ الْمَرَض
الفالج فخذل نصفه وأخرس لِسَانه فبحثنا معشر الطّلبَة على المسودة فأتينا بهَا من رشيد وصرنا نقابل عَلَيْهَا فَوَجَدنَا فِيهَا زيادات زَادهَا الشَّيْخ بطرة المسودة بعد أَن أخرجت النُّسْخَة الأولى الَّتِي أخرجت مِنْهَا النّسخ كَمَا أَشَرنَا
وأجازني رحمه الله بِخَطِّهِ لصحيحي البُخَارِيّ وَمُسلم والمختصر فَقَالَ رَحمَه الله تَعَالَى فِيمَا كتبه لي خَاصَّة أما صَحِيح البُخَارِيّ فَأَخَذته سَمَاعا لبعضه وإجازة لباقيه عَن كثير من الْعلمَاء من أَجلهم الشَّيْخ مُحَمَّد البابلي عَن شيخ الْعلمَاء فِي زَمَانه فريد عصره الشَّيْخ إِبْرَاهِيم اللَّقَّانِيّ عَن شيخ الْمُحدثين الشَّيْخ سَالم السنهوري عَن الشَّيْخ فريد عصره النَّجْم الغيطي عَن شيخ الْإِسْلَام زَكَرِيَّا الْأنْصَارِيّ عَن الْحَافِظ ابْن حجر عَن الْحَافِظ الْكَبِير عبد الرَّحِيم الْعِرَاقِيّ عَن الْجمال عبد الرَّحِيم عرف بِابْن شَاهد الْجَيْش عَن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ الدِّمَشْقِي عَن أبي الْقَاسِم هبة الله بن عَليّ البوصيري عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ
وَأما صَحِيح مُسلم فَأَنا أرويه عَن شَيخنَا نور الدّين عَليّ الأَجْهُورِيّ عَن الْعَلامَة نور الدّين الْعِرَاقِيّ عَن الشَّيْخ مُحَمَّد بن عبد الرحمان العلقمي عَن الْجلَال السُّيُوطِيّ عَن شيخ الْإِسْلَام علم الدّين صَالح عَن شيخ الْإِسْلَام علم الدّين السراج البُلْقِينِيّ عَن أبي الْفضل سُلَيْمَان بن حَمْزَة الْمَقْدِسِي عَن أبي الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن بن المقير
عَن الْحَافِظ أبي الْفضل السلَامِي عَن الْحَافِظ ابْن مندة عَن الْحَافِظ أبي بكر الْجُورِي عَن أبي الْحسن مكي النَّيْسَابُورِي عَن مُؤَلفه الإِمَام الْحجَّة مُسلم بن الْحجَّاج
أما الْمُخْتَصر فَهُوَ عَن شُيُوخ عدَّة من أَجلهم شيخ مَشَايِخ الْإِسْلَام حَلَال المشكلات للخاص وَالْعَام من مَلَأت محاسنه الأسماع وانعقد على وفور حلمه وَعَمله الْإِجْمَاع الشَّيْخ عَليّ الأَجْهُورِيّ وَهُوَ عَن عدَّة شُيُوخ من أَجلهم الشَّيْخ مُحَمَّد البنوفري وَالشَّيْخ كريم الدّين البرموني وَشَيخ الْإِسْلَام
القَاضِي بدر الدّين الْقَرَافِيّ وَالشَّيْخ عُثْمَان الْعزي
وَهَؤُلَاء كلهم أخذُوا عَن جده لِأَبِيهِ الشَّيْخ عبد الرحمان الأَجْهُورِيّ
وَهُوَ عَن جمَاعَة أَجلهم الشَّيْخ أَحْمد الفيشي جد الشَّيْخ مُحَمَّد الفيشي شَارِح العزية وَغَيرهَا وَمِنْهُم الْعَلامَة شمس الدّين اللَّقَّانِيّ وَأَخُوهُ نَاصِر الدّين اللَّقَّانِيّ وَمِنْهُم
الشَّيْخ جلال الدّين عبد الرحمان بن قَاسم شَارِح الشَّامِل
وَمِنْهُم الشَّيْخ سُلَيْمَان الْبُحَيْرِي شَارِح الْإِرْشَاد وَهَؤُلَاء كلهم أخذُوا عَن شيخ الْمَالِكِيَّة الشَّيْخ نور الدّين عَليّ السنهوري عَن الْعَلامَة التتائي وَهُوَ عَن الْعَلامَة الشَّيْخ نور الدّين
الْبِسَاطِيّ وَهُوَ عَن الإِمَام تَاج الدّين بهْرَام بِفَتْح الْبَاء وَكسرهَا وَهُوَ عَن الشَّيْخ خَلِيل وَهُوَ عَن الشَّيْخ عبد الله المنوفي
قَالَ الْحطاب وَهُوَ أَخذ الْفِقْه عَن جمَاعَة مِنْهُم شيخ الْمَالِكِيَّة فِي زَمَنه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الشهير بالقوبع
وَهُوَ عَن يحيى وَمُحَمّد قَاضِي تونس
وَلم يُوصل الْحطاب سَنَد الْفِقْه إِلَى الْأَمَام مَالك ولنوصله إِلَيْهِ من غير طَرِيقه فَنَقُول قد أَخذ الشَّيْخ نور الدّين عَليّ السنهوري الْمُتَقَدّم ذكره عَن الشَّيْخ طَاهِر بن عَليّ بن مُحَمَّد النويري وَهُوَ عَن الشَّيْخ حُسَيْن بن عَليّ وَهُوَ عَن أَخِيه الشَّيْخ أَحْمد الربعِي وَهُوَ عَن قَاضِي الْجَمَاعَة فَخر الدّين بن المخلطة وَهُوَ عَن عمر الْكِنْدِيّ وَهُوَ عَن عبد الْكَرِيم بن
عَطاء الله الاسكندراي وَهُوَ عَن أبي بكر مُحَمَّد بن خلف
الطرطوشي وَهُوَ عَن الإِمَام سُلَيْمَان بن خلف الْبَاجِيّ وَهُوَ عَن الإِمَام أبي مُحَمَّد الأندلسي وَهُوَ عَن الإِمَام أبي مُحَمَّد عبد الله بن أبي زيد القيرواني صَاحب الرسَالَة الْمَشْهُورَة وَهُوَ عَن الإِمَام أبي بكر مُحَمَّد بن اللباد وَهُوَ عَن الإِمَام يحيى الإفْرِيقِي صَاحب اخْتِلَاف ابْن الْقَاسِم وَأَشْهَب وَهُوَ عَن
الإِمَام سَحْنُون وَعبد الْملك الأندلسي وهما عَن الْإِمَامَيْنِ عبد الرحمان بن الْقَاسِم العتقي الْمصْرِيّ وَأَشْهَب بن عبد الْعَزِيز العامري وهما عَن إِمَام دَار الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة مَالك بن أنس وَهُوَ عَن ربيعَة وَنَافِع مولى ابْن عمر وتفقه ربيعَة عَن ابْن مَالك خَادِم النَّبِي صلى الله عليه وسلم وتفقه نَافِع عَن مَوْلَاهُ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وهما عَن سيد الْمُرْسلين صلى الله عليه وسلم انْتهى سَنَد الْإِجَازَة الْمَذْكُورَة
ونختمه بِخَط الشَّيْخ سَيِّدي إِبْرَاهِيم الشبراخيتي الْمَذْكُور إجَازَة لي مَا نَصه الْحَمد لله وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَبعد فقد أجزنا الشَّيْخ الْمَذْكُور عليا بن خَليفَة الشريف المساكني بِهَذَا السَّنَد الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وَالله أعلم كتبه الْفَقِير إِبْرَاهِيم الشبراخيتي الْمَالِكِي انْتهى
قلت ومشايخنا كَثِيرُونَ وَفِيمَا ذكرته كِفَايَة وَالله أعلم