الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ نُبُوَّةِ يُوشَعَ وَقِيَامِهِ بِأَعْبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بعد مُوسَى وهرون عليهما السلام
.
هُوَ الْخَلِيل يُوشَع بن نون بْنِ أَفْرَاثِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ، بْنِ إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم عليهم السلام، وَأهل الْكتاب يَقُولُونَ: يُوشَع ابْن عَمِّ هُودٍ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ (1) غَيْرَ مُصَرَّحٍ بِاسْمِهِ فِي قِصَّةِ الْخَضِرِ كَمَا تقدم من قَوْله: " وَإِذ قَالَ مُوسَى لفتاه "" فَلَمَّا جاوزا قَالَ لفتاه " وَقَدَّمْنَا مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ رِوَايَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مِنْ أَنَّهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ.
وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى نُبُوَّتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ وَهُمُ السَّامِرَةُ، لَا يُقِرُّونَ بِنُبُوَّةِ أَحَدٍ بَعْدَ مُوسَى إِلَّا يُوشَعَ بْنَ نُونٍ، لِأَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي التَّوْرَاةِ، وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ [مُصدقا لما مَعَهم (2) ] [مِنْ رَبِّهِمْ (3) ] فَعَلَيْهِمْ لِعَائِنُ اللَّهِ الْمُتَتَابِعَةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ! وَأَمَّا مَا حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيره من الْمُفَسّرين عَن مُحَمَّد بن إِسْحَق: مِنْ أَنَّ النُّبُوَّةَ حُوِّلَتْ مِنْ مُوسَى إِلَى يُوشَعَ فِي آخِرِ عُمْرِ مُوسَى، فَكَانَ مُوسَى يَلْقَى يُوشَعَ فَيَسْأَلُهُ مَا أَحْدَثَ اللَّهُ [إِلَيْهِ (4) ] مِنَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، حَتَّى قَالَ لَهُ: يَا كَلِيمَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ لَا أَسْأَلُكَ عَمَّا يُوحى الله إِلَيْك حَتَّى تُخبرنِي
(1) ا: فِي الْكتاب (2) من ا (3) سَقَطت من ا (4) من ا (*)
أَنْتَ ابْتِدَاءً مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِكَ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ كَرِهَ مُوسَى الْحَيَاةَ وَأَحَبَّ الْمَوْتَ.
فَفِي هَذَا نَظَرٌ، لِأَنَّ مُوسَى عليه السلام لَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ وَالْوَحْيُ وَالتَّشْرِيعُ وَالْكَلَامُ مِنَ اللَّهِ إِلَيْهِ من جَمِيعِ أَحْوَالِهِ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عز وجل.
وَلَمْ يَزَلْ مُعَزَّزًا مُكَرَّمًا مُدَلَّلًا وَجِيهًا عِنْدَ اللَّهِ، كَمَا قَدَّمْنَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ قِصَّةِ فَقْئِهِ عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ، ثُمَّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى جِلْدِ ثَوْرٍ فَلَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ وَارَتْ يَدُهُ سَنَةٌ يَعِيشُهَا، قَالَ ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ الْمَوْتُ، قَالَ فَالْآنَ يَا رَبِّ.
وَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ،
وَقَدْ أُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
فَهَذَا الَّذِي ذكره مُحَمَّد بن إِسْحَق إِنْ كَانَ إِنَّمَا يَقُولُهُ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَفِي كِتَابِهِمُ الَّذِي يُسَمُّونَهُ التَّوْرَاةَ: أَنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَزَلْ يَنْزِلُ عَلَى مُوسَى فِي كل حِين (1) يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ إِلَى آخِرِ مُدَّةِ مُوسَى، كَمَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ سِيَاقِ كِتَابِهِمْ عِنْدَ تَابُوتِ الشَّهَادَة فِي قبَّة الزَّمَان.
وَلَقَد ذَكَرُوا فِي السَّفَرِ الثَّالِثِ: أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ مُوسَى وهرون أَنْ يَعُدَّا بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَسْبَاطِهِمْ، وَأَنْ يَجْعَلَا عَلَى كُلِّ سِبْطٍ مِنَ الِاثْنَيْ عَشَرَ أَمِيرًا وَهُوَ النَّقِيبُ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِيَتَأَهَّبُوا لِلْقِتَالِ، قِتَالِ الْجَبَّارِينَ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ التِّيهِ، وَكَانَ هَذَا عِنْدَ اقْتِرَابِ انْقِضَاءِ الْأَرْبَعِينَ سَنَةً.
وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا فَقَأَ مُوسَى عليه السلام عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُ فِي صُورَتِهِ تِلْكَ، وَلِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أُمِرَ بِأَمْرٍ كَانَ يَرْتَجِي وُقُوعَهُ فِي زَمَانِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي قَدَرِ اللَّهِ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ فِي زَمَانِهِ، بَلْ فِي زَمَانِ [فَتَاهَ (2) ] يُوشَعَ بن نون عليه السلام.
(1) : فِي كل أَمر.
(2)
لَيست فِي ا.
(*)
كَمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَدْ أَرَادَ غَزْوَ الرُّومِ بِالشَّامِ فَوَصَلَ إِلَى تَبُوكَ ثُمَّ رَجَعَ عَامَهُ ذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ ثُمَّ حَجَّ فِي سَنَةِ عَشْرٍ، ثُمَّ رَجَعَ فَجَهَّزَ جَيْشَ أُسَامَةَ إِلَى الشَّامِ طَلِيعَةً بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ كَانَ عَلَى عَزْمِ الْخُرُوجِ إِلَيْهِمْ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (1) " وَلَمَّا جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ جَيْشَ أُسَامَةَ، تُوُفِّيَ عليه الصلاة والسلام وَأُسَامَةُ
مُخَيِّمٌ بِالْجَرْفِ، فَنَفَّذَهُ صَدِيقُهُ وَخَلِيفَتُهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه، ثُمَّ لَمَّا لَمَّ شَعَثَ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَمَا كَانَ دهى مِنْ أَمْرِ أَهْلِهَا، وَعَادَ الْحَقُّ إِلَى نِصَابِهِ، جَهَّزَ الْجُيُوشَ يَمْنَةً وَيَسْرَةً إِلَى الْعِرَاقِ أَصْحَابِ كِسْرَى مَلِكِ الْفُرْسِ، وَإِلَى الشَّامِ أَصْحَابِ قَيْصَرَ مَلِكِ الرُّومِ، فَفَتَحَ اللَّهُ لَهُمْ وَمَكَّنَ لَهُمْ وبهم، وملكهم نواصي أعدائهم.
وَهَكَذَا مُوسَى عليه السلام: كَانَ اللَّهُ قَدْ أَمَرَهُ أَنْ يُجَنِّدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهِمْ نُقَبَاءَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: " وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا، وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وأقرضتم الله قرضا حسنا لاكفرن عَنْكُم سيأتكم، وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيل (2) " يَقُولُ لَهُمْ: لَئِنْ قُمْتُمْ بِمَا أَوْجَبْتُ عَلَيْكُمْ، وَلَمْ تَنْكِلُوا عَنِ الْقِتَالِ كَمَا نَكَلْتُمْ أَوَّلَ مرّة، لاجعلن ثَوَاب هَذِه
(1) سُورَة التَّوْبَة 29 (2) سُورَة الْمَائِدَة 12 (*)
مكفرا (1) لِمَا وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ عِقَابِ تِلْكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى لِمَنْ تَخَلَّفَ مِنَ الْأَعْرَابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَة الْحُدَيْبِيَةِ " قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ، تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ، فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا، وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (2) ".
وَهَكَذَا قَالَ تَعَالَى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: " فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ".
ثمَّ ذمهم تَعَالَى عَلَى سُوءِ صَنِيعِهِمْ وَنَقْضِهِمْ مَوَاثِيقَهُمْ كَمَا ذَمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ النَّصَارَى عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي دِينِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا
ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ مُسْتَقْصًى وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ مُوسَى عليه السلام أَنْ يَكْتُبَ أَسْمَاءَ الْمُقَاتِلَةِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِمَّنْ يَحْمِلُ السِّلَاحَ وَيُقَاتِلُ مِمَّنْ بَلَغَ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، وَأَنْ يَجْعَلَ عَلَى كُلِّ سِبْطٍ نَقِيبًا مِنْهُمْ.
السِّبْطُ الْأَوَّلُ: سِبْطُ رُوبِيلَ لِأَنَّهُ بِكْرُ يَعْقُوبَ، وَكَانَ عِدَّةُ الْمُقَاتِلَةِ مِنْهُمْ سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، ولقيهم مِنْهُم وَهُوَ اليصور بن شديئور (3) .
السِّبْطُ الثَّانِي: سِبْطُ شَمْعُونَ، وَكَانُوا تِسْعَةً وَخَمْسِينَ أَلْفًا وَثَلَاثَمِائَةٍ، وَنَقِيبُهُمْ شَلُومِيئِيلُ بْنُ هُورِيشَدَّاي (4)، السِّبْطُ الثَّالِثُ: سِبْطُ يَهُوذَا، وَكَانُوا أَرْبَعَةً وَسَبْعِينَ أَلْفًا وسِتمِائَة، ونقيبهم نحشون بن عمينا ذاب.
السِّبْطُ الرَّابِعُ سِبْطُ إِيسَّاخَرَ وَكَانُوا أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ ألفا وَأَرْبَعمِائَة ونقيبهم نشائيل بن صوعر (5)، السِّبْطُ الْخَامِسُ: سِبْطُ يُوسُفَ عليه السلام، وَكَانُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، وَنَقِيبُهُمْ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ [السبط (5) ] السَّادِس:
(1) ا: كفر.
(2)
سُورَة الْفَتْح 16.
(3)
ا: النصون بن ساذون (4) ا: شاموال بن صور شدى (5) ا: صاعون.
(*)
سِبْطُ مِيشَا - وَكَانُوا أَحَدًا وَثَلَاثِينَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ (1) ، وَنَقِيبَهُمْ جَمْلِيئِيلُ بْنُ فَدَهْصُورَ.
السِّبْطُ السَّابِعُ: سِبْطُ بِنْيَامِينَ، وَكَانُوا خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَنَقِيبُهُمْ أبيدن بن جد عون.
السبط الثَّامِن: سبط حاد، وَكَانُوا خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا وَسِتَّمِائَةٍ وَخَمْسِينَ رَجُلًا، وَنَقِيبُهُمْ الْيَاسَافُ بْنُ رَعُوئِيلَ.
السِّبْطُ التَّاسِعُ: سِبْطُ أَشِيرَ، وَكَانُوا أَحَدًا وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، وَنَقِيبُهُمْ فَجْعِيئِيلُ بْنُ عُكْرَنَ.
السِّبْطُ الْعَاشِرُ: سِبْطُ دَانَ، وَكَانُوا اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ أَلْفًا وَسَبْعَمِائَةٍ، وَنَقِيبُهُمْ أَخِيعَزَرُ بن عمشداى (2) .
السِّبْطُ الْحَادِي عَشَرَ: سِبْطُ نِفْتَالِي، وَكَانُوا ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَنَقِيبُهُمْ أَلْبَابُ بْنُ حِيلُونَ
هَذَا نَصُّ كِتَابِهِمُ الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَيْسَ مِنْهُم (3)" بَنو لاوى " فقد أَمر اللَّهُ مُوسَى أَنْ لَا يَعُدَّهُمْ مَعَهُمْ، لِأَنَّهُمْ موكلون بِحمْل قبَّة الشَّهَادَة وضربها [وخزنها (4) ] ونصبها وَحملهَا إِذا ارتحلوا، وهم سبط مُوسَى وهرون عليهما السلام، وَكَانُوا اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، مِنِ ابْنِ شَهْرٍ فَمَا فَوْقُ ذَلِكَ، وَهُمْ فِي أنفسهم قبائل من (5) كُلِّ قَبِيلَةٍ طَائِفَةٌ مِنْ قُبَّةِ الزَّمَانِ يَحْرُسُونَهَا وَيَحْفَظُونَهَا وَيَقُومُونَ بِمَصَالِحِهَا وَنَصْبِهَا وَحَمْلِهَا، وَهُمْ كُلُّهُمْ حولهَا، ينزلون ويرتحلون أمامها ويمنتها وَشِمَالَهَا وَوَرَاءَهَا.
وَجُمْلَةُ مَا ذُكِرَ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ غَيْرَ بَنِي لَاوِي خَمْسُمِائَةِ أَلْفٍ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ أَلْفًا وَسِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ.
لَكِنْ قَالُوا: فَكَانَ عدد بني إِسْرَائِيل
(1) ا: أَرْبَعمِائَة (2) ا: عميشذى.
(3)
ا: فيهم.
(4)
من ا (5) ط: عهد إِلَى كل قَبيلَة طَائِفَة (*)
مِمَّنْ عُمْرُهُ عِشْرُونَ سَنَةً فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ، مِمَّنْ حَمَلَ السِّلَاحَ، سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ وَثَلَاثَةَ آلَافٍ وَخَمْسمِائة وَخَمْسَة وَخَمْسِينَ رَجُلًا، سِوَى بَنِي لَاوِي.
وَفِي هَذَا نَظَرٌ، فَإِنَّ جَمِيعَ الْجُمَلِ الْمُتَقَدِّمَةِ إِنْ كَانَتْ كَمَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِهِمْ، لَا تُطَابِقُ الْجُمْلَةَ الَّتِي ذَكَرُوهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَكَانَ بَنُو لَاوِي الْمُوَكَّلُونَ بِحِفْظِ قُبَّةِ الزَّمَانِ يَسِيرُونَ فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهُمُ الْقَلْبُ، وَرَأْسُ الْمَيْمَنَةِ بَنُو روبيل، وَرَأس الميسرة بَنو دَان وَبَنُو نِفْتَالِي (1) يَكُونُونَ سَاقَةً.
وَقَرَّرَ مُوسَى عليه السلام بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ - الْكِهَانَةَ فِي بنى هرون، كَمَا كَانَتْ لِأَبِيهِمْ مِنْ قَبْلِهِمْ، وَهُمْ: نَادَابُ وَهُوَ بِكْرُهُ، وَأَبِيهُو وَالْعَازَرُ، وَيَثْمَرُ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَبْقَ
مِنْهُمْ أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ نكل عَن دُخُول مَدِينَة الجبارين لذين قَالُوا: " فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ " قَالَهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَهُ قَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ، وَرَوَاهُ السُّدِّيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَنَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، حَتَّى قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ من عُلَمَاء السّلف وَالْخلف: وَمَات مُوسَى وهرون قَبْلَهُ كِلَاهُمَا فِي التِّيهِ جَمِيعًا.
وَقَدْ زَعَمَ ابْن إِسْحَق أَنَّ الَّذِي فَتَحَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ هُوَ مُوسَى، وَإِنَّمَا كَانَ يُوشَعُ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ.
وَذَكَرَ فِي مُرُورِهِ إِلَيْهَا قِصَّةَ بِلْعَامَ بْنِ بَاعُورَاءَ الَّذِي قَالَ تَعَالَى فِيهِ: " وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا، وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ
(1) ا: وَبَنُو ثالى يلفون.
(*)
يَلْهَثْ: ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا وأنفسهم كَانُوا يظْلمُونَ (1)" وَقَدْ ذَكَرْنَا قِصَّتَهُ فِي التَّفْسِيرِ، وَأَنَّهُ كَانَ - فِيمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ - يَعْلَمُ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ، وَأَنَّ قَوْمَهُ سَأَلُوهُ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى مُوسَى وَقَومه - فَامْتنعَ عَلَيْهِم، وَلما أَلَحُّوا عَلَيْهِ رَكِبَ حِمَارَةً لَهُ، ثُمَّ سَارَ نَحْوَ مُعَسْكَرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ رَبَضَتْ بِهِ حِمَارَتُهُ فَضَرَبَهَا حَتَّى قَامَتْ، فَسَارَتْ غَيْرَ بَعِيدٍ وَرَبَضَتْ، فَضَرَبَهَا ضَرْبًا أَشَدَّ مِنَ الْأَوَّلِ فَقَامَتْ ثُمَّ رَبَضَتْ، فَضَرَبَهَا فَقَالَتْ لَهُ يَا بِلْعَامُ: أَيْنَ تَذْهَبُ؟ أَمَا تَرَى الْمَلَائِكَةَ أَمَامِي تَرُدُّنِي عَنْ وَجْهِي هَذَا؟ أَتَذْهَبُ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ وَالْمُؤْمِنِينَ تَدْعُو عَلَيْهِمْ؟ فَلَمْ يَنْزِعْ عَنْهَا، فَضَرَبَهَا حَتَّى سَارَتْ بِهِ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ رَأْسِ جَبَلِ " حُسْبَانَ " وَنَظَرَ إِلَى مُعَسْكَرِ
مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَخَذَ يَدْعُو عَلَيْهِمْ، فَجَعَلَ لِسَانُهُ لَا يُطِيعُهُ إِلَّا أَنْ يَدْعُوَ لِمُوسَى وَقَوْمِهِ، وَيَدْعُو عَلَى قَوْمِ نَفْسِهِ، فَلَامُوهُ عَلَى ذَلِكَ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ بِأَنَّهُ لَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ إِلَّا هَذَا، وَانْدَلَعَ (2) لِسَانُهُ حَتَّى وَقع على صَدره، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: قد ذهبت الْآن مِنِّي الْآنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمَكْرُ وَالْحِيلَةِ.
ثُمَّ أَمَرَ قَوْمَهُ أَنْ يُزَيِّنُوا النِّسَاءَ وَيَبْعَثُوهُنَّ بِالْأَمْتِعَةِ يَبِعْنَ عَلَيْهِمْ وَيَتَعَرَّضْنَ لَهُمْ لَعَلَّهُم يقعون فِي الزِّنَا، فَإِنَّهُ مَتَى زَنَى رَجُلٌ مِنْهُمْ كُفِيتُمُوهُمْ، فَفَعَلُوا وَزَيَّنُوا نِسَاءَهُمْ وَبَعَثُوهُنَّ إِلَى الْمُعَسْكَرِ، فَمَرَّتِ (3) امْرَأَةٌ مِنْهُم اسْمهَا " كسبتي " بِرَجُلٍ مِنْ عُظَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهُوَ " زِمْرِيُّ بْنُ شَلُومَ " يُقَالُ إِنَّهُ كَانَ رَأْسَ سِبْطِ بَنِي شَمْعُونَ [بْنِ يَعْقُوبَ (3) ] فَدَخَلَ بِهَا قُبَّتَهُ، فَلَمَّا خلابها
(1) الْآيَات: 175 - 177 من سُورَة الاعراف.
(2)
ط: واندفع.
(3)
ا: حَتَّى مرت (*)
أَرْسَلَ اللَّهُ الطَّاعُونَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَجَعَلَ يَجُوسُ فِيهِمْ، فَلَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى " فِنْحَاصَ " بن الْعيزَار بن هرون، أَخَذَ حَرْبَتَهُ وَكَانَتْ مِنْ حَدِيدٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا الْقُبَّةَ فَانْتَظَمَهُمَا جَمِيعًا فِيهَا، ثُمَّ خَرَجَ بِهِمَا عَلَى النَّاسِ وَالْحَرْبَةِ فِي يَدِهِ، وَقَدِ اعْتَمَدَ عَلَى خَاصِرَتِهِ وَأَسْنَدَهَا إِلَى لِحْيَتِهِ، وَرَفْعَهُمَا نَحْوَ السَّمَاءِ وَجَعَلَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ هَكَذَا نَفْعَلُ بِمَنْ يَعْصِيكَ، وَرَفَعَ الطَّاعُونَ.
فَكَانَ جُمْلَةُ مَنْ مَاتَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ سَبْعِينَ أَلْفًا، وَالْمُقَلِّلُ يَقُولُ عِشْرِينَ أَلْفًا، وَكَانَ فِنْحَاصُ بِكْرَ أَبِيهِ الْعَيْزَارِ بن هرون، فَلِهَذَا يَجْعَلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِوَلَدِ فِنْحَاصَ مِنَ الذَّبِيحَة اللبة (1) وَالذِّرَاعَ وَاللَّحْيَ، وَلَهُمُ الْبِكْرُ مِنْ [كُلِّ (2) ] أَمْوَالِهِمْ وأنفسها.
وَهَذَا الَّذِي ذكره ابْن إِسْحَق من قصَّة بلعام صَحِيح، وَقد ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ، لَكِنْ لَعَلَّهُ لَمَّا أَرَادَ مُوسَى دُخُولَ بَيْتِ
الْمَقْدِسِ أَوَّلَ مَقْدَمِهِ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ ابْن إِسْحَاق، وَلكنه غير مَا فَهِمَهُ بَعْضُ النَّاقِلِينَ عَنْهُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ نَصِّ التَّوْرَاةِ مَا يَشْهَدُ لِبَعْضِ هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَعَلَّ هَذِهِ قِصَّةٌ أُخْرَى كَانَتْ فِي خِلَالِ سَيْرِهِمْ فِي التِّيهِ، فَإِنَّ فِي هَذَا السِّيَاقِ ذِكْرَ " حُسْبَانَ " وَهِيَ بَعِيدَةٌ عَنْ أَرْضِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، أَوْ لَعَلَّهُ كَانَ هَذَا الْجَيْش مُوسَى الَّذِينَ عَلَيْهِمْ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، حِينَ خَرَجَ بِهِمْ مِنَ التِّيهِ قَاصِدًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ السُّدِّيَّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَعَلَى كل تَقْدِير فَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور: أَن هرون توفى بالتيه قبل مُوسَى
(1) ا: الْقبَّة وط: اللَّيْلَة.
محرفة.
(2)
لَيست فِي ا.
(3)
ط: جعل عَلَيْهِم لَهَا.
(*)
أَخِيهِ بِنَحْوٍ مَنْ سَنَتَيْنِ، وَبَعْدَهُ مُوسَى فِي التِّيهِ أَيْضًا، كَمَا قَدَّمْنَا.
وَأَنَّهُ سَأَلَ [رَبَّهُ (2) ] أَن يقربهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ.
فَكَانَ الَّذِي خَرَجَ بِهِمْ مِنَ التِّيهِ، وَقَصَدَ بِهِمْ بَيت الْمُقَدّس، هُوَ يُوشَع ابْن نُونٍ عليه السلام.
فَذَكَرَ أَهْلُ الْكِتَابِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ التَّارِيخِ، أَنَّهُ قَطَعَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ نَهْرَ الْأُرْدُنِّ وَانْتَهَى إِلَى أَرِيحَا، وَكَانَتْ مَنْ أَحْصَنِ الْمَدَائِنَ سُورًا وَأَعْلَاهَا قُصُورًا، وَأَكْثَرِهَا أَهْلًا، فَحَاصَرَهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ.
ثُمَّ إِنَّهُمْ أَحَاطُوا بِهَا يَوْمًا وَضَرَبُوا بِالْقُرُونِ - يَعْنِي الْأَبْوَاقَ - وَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَتَفَسَّخَ سُورُهَا وَسَقَطَ وَجْبَةً وَاحِدَةً، فَدَخَلُوهَا وَأَخَذُوا مَا وَجَدُوا فِيهَا مِنَ الْغَنَائِمِ، وَقَتَلُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَحَارَبُوا مُلُوكًا كَثِيرَةً وَيُقَالُ إِنَّ يُوشَعَ ظَهَرَ عَلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ الشَّامِ.
وَذكروا أَنه انْتهى محاصرته إِلَى يَوْمِ جُمُعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ تَغْرُبُ، وَيَدْخُلُ عَلَيْهِمُ السَّبْتُ الَّذِي جُعِلَ عَلَيْهِمْ وَشُرِعَ لَهُمْ ذَلِكَ الزَّمَانَ، قَالَ لَهَا إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيَّ فَحَبَسَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَمَكَّنَ مِنْ فَتْحِ الْبَلَدِ، وَأَمَرَ الْقَمَرَ فَوَقَفَ عِنْدَ الطُّلُوعِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ كَانَتِ اللَّيْلَة الرَّابِعَة عشر من الشَّهْر الاول وَهُوَ قِصَّةُ الشَّمْسِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي سَأَذْكُرُهُ.
وَأَمَّا قِصَّةُ الْقَمَرِ فَمِنْ عِنْدِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلَا يُنَافِي الْحَدِيثَ بَلْ فِيهِ زِيَادَةٌ تُسْتَفَادُ فَلَا تُصَدَّقُ وَلَا تُكَذَّبُ.
وَلَكِنَّ ذِكْرَهُمْ أَنَّ هَذَا فِي فَتْحِ أَرِيحَا فِيهِ نَظَرٌ، ولاشبه - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ هَذَا كَانَ فِي فَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ، وَفَتْحُ أَرِيحَا كَانَ وَسِيلَةً إِلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ لِبَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ " انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.
وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي فَتَحَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ هُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ عليه السلام، لَا مُوسَى، وَأَنَّ حَبْسَ الشَّمْسِ كَانَ فِي فَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا أَرِيحَا كَمَا قُلْنَا.
وَفِيهِ أَنَّ هَذَا كَانَ مِنْ خَصَائِصِ يُوشَعَ عليه السلام، فَيَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ: أَنَّ الشَّمْسَ رَجَعَتْ حَتَّى صَلَّى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ [صَلَاةَ (1) ] الْعَصْرِ، بَعْدَ مَا فَاتَتْهُ بِسَبَبِ نَوْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رُكْبَتِهِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَرُدَّهَا الله عَلَيْهِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعَصْرَ فَرَجَعَتْ.
وَقَدْ صَحَّحَهُ أَحْمد (2) ابْن أبي صَالح الْمصْرِيّ وَلكنه لَيْسَ فِي شئ من الصِّحَاح وَلَا الحسان،
وَهُوَ مِمَّا تتوافر الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ.
وَتَفَرَّدَتْ بِنَقْلِهِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ مَجْهُولَةٌ لَا يُعْرَفُ حَالُهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعُنِي رَجُلٌ [قَدْ () ] مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ، وَلَا آخَرُ قَدْ بَنَى بُنْيَانًا وَلَمْ يَرْفَعْ سقفها، وَلَا آخر قد شترى غنما أَو خلفات (3) وَهُوَ ينْتَظر (4) أَوْلَادهَا.
(1) لَيست فِي ا.
(2)
المطبوعة: عَليّ بن أبي صَالح.
وَهُوَ خطأ، صَوَابه من ا.
(3)
الخلفات: النوق الْحَوَامِل.
(4)
وَهُوَ منتظر ، (*)
[قَالَ (1) ] : فَغَزَا فَدَنَا مِنَ الْقَرْيَةِ حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: أَنْتِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ.
اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيَّ شَيْئًا.
فَحُبِسَتْ عَلَيْهِ حَتَّى فتح الله عَلَيْهِ، قَالَ: فَجمعُوا مَا غنموا، فَأَتَت النَّارُ لِتَأْكُلَهُ فَأَبَتْ أَنْ تَطْعَمَهُ، فَقَالَ فِيكُمْ غُلُولٌ؟ ؟، فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، فَبَايَعُوهُ فَلَصِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ فِيكُمُ الْغُلُولُ فليبايعني قبيلتك، فَبَايَعته قبيلته، قَالَ فلصقت بِيَدِ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَقَالَ فِيكُمُ الْغُلُولُ أَنْتُم غللتم.
[قَالَ (1) :] فَأَخْرَجُوا [لَهُ (1) ] مِثْلَ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: فَوَضَعُوهُ بِالْمَالِ وَهُوَ بِالصَّعِيدِ، فَأَقْبَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهُ، فَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ مِنْ قَبْلِنَا ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَطَيَّبَهَا لَنَا ".
انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَقد روى الْبَزَّار من طَرِيق مبارك ابْن فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.
قَالَ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ،
قَالَ: وَرَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ بِهِمْ بَابَ الْمَدِينَةِ أُمِرُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا سُجَّدًا أَيْ رُكَّعًا مُتَوَاضِعِينَ شَاكِرِينَ لله عزوجل عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفَتْحِ الْعَظِيمِ، الَّذِي كَانَ اللَّهُ وَعْدَهُمْ إِيَّاهُ، وَأَنْ يَقُولُوا حَالَ دُخُولِهِمْ:" حِطَّةٌ " أَيْ حُطَّ عَنَّا خَطَايَانَا الَّتِي سَلَفَتْ، مِنْ نُكُولِنَا الَّذِي تَقَدَّمَ مِنَّا.
وَلِهَذَا [لَمَّا (1) ] دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ يَوْم فتحهَا،
(1) لَيست فِي ا (*)(14 - قصَص الانبياء 2)
دَخَلَهَا وَهُوَ رَاكِبٌ نَاقَتَهُ، وَهُوَ مُتَوَاضِعٌ حَامِدٌ شَاكر، حَتَّى إِن عثنونه - طَرَفُ لِحْيَتِهِ - لَيَمَسُّ مَوْرِكَ (1) رَحْلِهِ، مِمَّا يُطَأْطِئُ رَأسه خضعانا لله عزوجل وَمَعَهُ الْجُنُودُ وَالْجُيُوشُ مِمَّنْ لَا يُرَى مِنْهُ إِلَّا الحدق، وَلَا سِيَّمَا الْكَتِيبَةُ الْخَضْرَاءُ الَّتِي فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
ثُمَّ لَمَّا دَخَلَهَا اغْتَسَلَ وَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ وَهِيَ صَلَاةُ الشُّكْرِ على النَّصْر، على الْمَشْهُور (2) من قَول الْعُلَمَاءِ.
وَقِيلَ إِنَّهَا صَلَاةُ الضُّحَى، وَمَا حَمَلَ هَذَا الْقَائِلَ عَلَى قَوْلِهِ هَذَا إِلَّا لِأَنَّهَا وَقَعَتْ وَقْتَ الضُّحَى.
وَأَمَّا بَنُو إِسْرَائِيلَ فَإِنَّهُمْ خالفوا مَا أمروا بِهِ قولا وفعلا، فَدَخَلُوا الْبَابَ يَزْحَفُونَ عَلَى أسْتَاهِهِمْ [وَهُمْ (3) ] يَقُولُونَ: حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ (4)، وَفِي رِوَايَةٍ: حِنْطَةٌ فِي شَعْرَةٍ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ بَدَّلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ وَاسْتَهْزَءُوا بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْهُمْ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ " وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ
وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ، وَقُولُوا حِطَّةٌ، وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ، فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رجزا من السَّمَاء بِمَا كَانُوا يظْلمُونَ (4) ".
وَقَالَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ مُخَاطِبًا لَهُمْ: " وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ، نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يفسقون ".
(1) المورك.
(2)
ا: على الْمَنْصُوص.
(3)
من ا.
(4)
افي شعيرَة.
(*)
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:" وادخلوا الْبَاب سجدا " قَالَ: رُكَّعًا مِنْ بَابٍ صَغِيرٍ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَكَذَا رَوَى الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَا رَوَى الثَّوْرِيُّ عَن ابْن إِسْحَق عَن الْبَراء.
قَالَ مُجَاهِد والسدى وَالضَّحَّاك: وَالْبَاب هُوَ بَابُ حِطَّةٍ مِنْ بَيْتِ إِيلِيَاءَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَدَخَلُوا مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ ضِدَّ مَا أُمِرُوا بِهِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ دَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ.
وَهَكَذَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي سَنُورِدُهُ بَعْدُ، فَإِنَّهُم دخلُوا يزحفون وهم مقنعوا رؤوسهم.
وَقَوله: " وَقُولُوا حطة " الْوَاوُ هُنَا حَالِيَّةٌ لَا عَاطِفَةٌ، أَيِ ادْخُلُوا سُجَّدًا فِي حَالِ قَوْلِكُمْ حِطَّةٌ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ: أُمِرُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: " ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حطة نغفر لكم خطاياكم " فبدلوا فَدَخَلُوا يزحفون على أستاههم وَقَالُوا حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ.
وَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُبَارَكِ بِبَعْضِهِ، وَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ بِهِ مَوْقُوفًا.
وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قَالَ الله
لبني إسرئيل: " ادخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ " فَبَدَّلُوا فَدَخَلُوا الْبَابَ يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ فَقَالُوا حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ ".
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ تَبْدِيلُهُمْ كَمَا حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كِيسَانَ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَمَّنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" دَخَلُوا الْبَابَ الَّذِي أُمِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيهِ سُجَّدًا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ حِنْطَةٌ فِي شُعَيْرَةٍ " وَقَالَ أَسْبَاطٌ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ: " فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظلمُوا قولا غير الَّذِي قيل لَهُم " قَالَ قَالُوا " هطى سقاثا أزمة مزيا (1) " فَهِيَ فِي الْعَرَبيَّة: " حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَمْرَاءُ مَثْقُوبَةٌ فِيهَا شَعْرَةٌ سَوْدَاءُ " وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ عَاقَبَهُمْ عَلَى هَذِهِ الْمُخَالَفَةِ، بِإِرْسَالِ الرِّجْزِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ الطَّاعُونُ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (2) مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ
عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، وَمِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَسَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ أَوِ السَّقَمَ رِجْزٌ عُذِّبَ بِهِ بَعْضُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ ".
وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَهَذَا لَفظه من حَدِيث الثَّوْريّ عَن
(1) ا: " هطى سمقانا " أدنه بزنا " (2) ا: فِي الصَّحِيح.
(*)
حبيب بن أبي ثَابت، عَن إِبْرَاهِيم عَن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَخُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالُوا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الطَّاعُونُ رِجْزُ عَذَابٍ عُذِّبَ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ " وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الرِّجْزُ الْعَذَابُ، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَأَبُو مَالِكٍ وَالسُّدِّيُّ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: هُوَ الْغَضَبُ، وَقَالَ الشّعبِيّ: لرجز إِمَّا الطَّاعُونُ وَإِمَّا الْبَرْدُ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ هُوَ الطَّاعُونُ.
وَلَمَّا اسْتَقَرَّتْ يَدُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ اسْتَمَرُّوا فِيهِ، وَبَيْنَ أَظْهُرِهِمْ نَبِيُّ اللَّهِ يُوشَعُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ التَّوْرَاةِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَهُوَ ابْن مائَة وَسبع وَعشْرين سنة، فَكَانَت مُدَّةُ حَيَّاتِهِ بَعْدَ مُوسَى سَبْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً.