الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا نقدرها ونلمسها ولا نصورها فتبقى في إطار الذكرى ماثلة وفي حلقات التاريخ نيرة عطرة.
ولا ينتهي الإمام من دعائه ويفرغ من تضرعاته إلا وقد استشعر كل فرد في قرارة نفسه ببرد الطمأنينة، وذاق حلاوة المناجاة وغسلت دموعه آثاراً تامة، وأحس بالارتياح وزاد بهجة وغبطة واهتز في إطار ما يكتنفه من شعور بجلال المقام وشرف الجوار وفضل المكان واسترجع بذاكرته عجلة التاريخ أربعة عشر قرناً يستعرض الماضي بعزته وإشراقته ويدرك سر القوة ومصدر الإشعاع الروحي من هذا المكان ينزل به جبريل عليه السلام كل ذلك في لمحات خاطفة وخطرات عابرة ثم يوتر الإمام ويقنت، ثم يكمل الوتر ويسلم فيقبل المصلون بعضهم على بعض بالتهاني وصالح الدعوات متمنين العودة ومؤملين القبول، نسأل الله تعالى أن يقبلنا معهم ويجعلنا وإياهم من عتقائه من النار. آمين.
نص الدعاء عند ختم القرآن:
في المسجد النبوي في هذا الوقت الحاضر في التراويح من المعلوم أنه لا توجد نصوص خاصة بذلك ولا معينة له لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقرا القرآن كله في الليالي التي صلاها أول الأمر فلم يؤثر عنه دعاء في ذلك.
ولكن كما قال ابن دقيق العيد: "ما كان مشروعاً بأصله فهو جائز بوصفه" أي أن الدعاء مشروع بأصله وهو مخ العبادة، وقال تعالى في أصل ذلك:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ، وحث صلى الله عليه وسلم على الاجتهاد في الدعاء في السجود بدون تحديد لا في الآية ولا في الحديث ومن هنا كان الأصل في الدعاء الإطلاق والعموم إلا ما جاء منصوصاً عليه كالدعاء في القنوت أو في آخر التشهد أو في أول الافتتاح في الصلاة وكذلك عند دخول المسجد وخروجه وغير ذلك فمثل هذا تكون السنة فيه التقيد بما ورد، وما عداه فهو على عمومه يجتهد الداعي بما تيسر له كما فعل صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر.
وهكذا في هذا العمل فهو موضع اجتهاد وقد تقدم عن أنس أنه كان يجمع أهله ويدعو ولم يعثر على نص معين، كما تقدم عموم لفظه فله دعوة مستجابة أي بعد ختم القرآن وصلاة فريضة على ما سبق بحثه.
ومن هنا لم يتقيد أحد بنص معين بل يتخير من الدعاء ما تيسر له وما يحقق له رغباته ويعبر عن حاجاته ومتطلباته، سواء من الأدعية العامة المأثورة أو من غيرها، وتقدمت إجابة أحمد للسائل عن الدعاء في الختم فقال: أدع بما شئت.
وقد نسب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله نصوصاً للدعاء في هذا العمل وهو دعاء جامع شامل وليس بالطويل المسهب ولا بالقصير الموجز، ولم يتقيد الإمام بنص معين بل يدعو بما تيسر وجميع أدعيته من المأثور ولكنه يفتتح الدعاء بقوله:
صدق الله العظيم الذي لا إله إلا الله، المتوحد في الجلال بكمال الجمال تعظيماً وتكبيراً، المنفرد بتصريف الأحوال على التفصيل والإجمال تقديراً وتدبيراً، المتعالي بعظمته ومجده الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً، الذي أرسله إلى جميع الثقلين الجن والإنس بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، اللهم لك الحمد على ما أنعمت به علينا من نعمك العظيمة وآلائك الجسيمة، حيث أنزلت علينا خير كتبك وأرسلت إلينا أفضل رسلك وشرعت لنا افضل شرائع دينك، وجعلتنا من خير أمة أخرجت للناس وهديتنا لعالم دينك الذي ارتضيته لنفسك وبنيته على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام.
ولك الحمد على ما يسرته من صيام شهر رمضان وقيامه، وتلاوة كتابك العزيز الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} .
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم إنا عبيدك بنو عبيدك بنو إمائك نواصينا بيدك ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك.
نسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عند أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا
وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا.
اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا.
اللهم اجعلنا ممن يحل حلاله ويحرم حرامه، ويعمل بمحكمه ويؤمن بمتشابهه ويتلوه حق تلاوته.
اللهم اجعلنا ممن يقيم حدوده ولا تجعلنا ممن يقيم حروفه ويضيع حدوده.
اللهم اجعلنا ممن اتبع القرآن فقاده إلى رضوانك والجنة ولا تجعلنا ممن اتبعه القرآن فزج في قفاه إلى النار، واجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، واهدهم سبل السلام، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وبارك لهم في أسماعهم وأبصارهم وذرياتهم وأزواجهم أبداً ما أبقيتهم واجعلهم شاكرين لتعمك مثنين بها عليك، وأتمها عليهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفر لجميع موتى المؤمنين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة وماتوا على ذلك.
اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعف عنهم وأكرم نزلهم ووسع مدخلهم واغسلهم بالماء والثلج والبرد ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} .
اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك ونسألك من خير ما سألك منه عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحون.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك ومن النار.
اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته وعافيته ولا حاجة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا أرحم الراحمين.
ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في
أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا.
ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه وسلم. اهـ.
هذا نص الدعاء المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية ولكن فضيلة الإمام الشيخ عبد العزيز بن صالح يزيد فيه جملاً مناسبة منها:
اللهم لا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقياً ولا محروماً.
اللهم إنك أمرتنا بالدعاء ووعدتنا بالإجابة فلا تردنا خائبين.
اللهم اجعلنا من عتقائك من النار ومن المقبولين.
اللهم إن رحمتك أوسع من ذنوبنا وعفوك أوسع من خطايانا.
اللهم هب المسيئين منا للمحسنين.
اللهم أنت الغني عنا ونحن الفقراء إليك..
إلى مثل ذلك من العبارات التي تحرك القلب وتزكي الروح.
ثم يختم بنحو قوله: سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم يركع ويكمل الركعتين، ثم يأتي بركعتي الشفع ثم بركعة الوتر.
ولا يقام عمل ختم آخر نظراً لعدم تقدم الإمامة في الصلاة وإنما يجري ذلك كله في جماعة واحدة وفي ليلة واحدة من إمام واحد وهو الإمام الراتب الشيخ عبد العزيز بن صالح.