المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سؤال 2: استفسار عن رأي الشيخ في تمسك القرانيين بقول القرآنيين بقول الله تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} - كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم

[ناصر الدين الألباني]

الفصل: ‌سؤال 2: استفسار عن رأي الشيخ في تمسك القرانيين بقول القرآنيين بقول الله تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء}

يتنحنح ليثبت وجوده للحاضرين، فالتفت بعس الناس، فوجدوه قد تحول كأنه عظم من الجوع والعطش، فأخذوه وأغاثوه.

وسألوه: من أنت يا رجل؟!

قال: أنا زاهد متوكل على الله.

قالوا: كيف تقول: متوكل على الله، وأنت كدت أن تموت؟! ولو كنت متوكلاً على الله لما سألت، ولما نبهت الناس إلى وجودك بالنحنحة، حتى تموت بذنبك؟!

هذا مثال إلى ما يؤدي به مثلُ هذا الحديث "خذ من القران ما شئت لما شئت".

والخلاصة: أن هذا الحديث لا أصل له.

ص: 7

‌سؤال 2: استفسار عن رأي الشيخ في تمسك القراَنيين بقول القرآنيين بقول الله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}

سؤال 2: فضيلة الشيخ! يقول القرآنيون: قال تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} الإسراء:12 [وقال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} ] الأنعام: 38 [ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن هذا القران طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبداً"1. نرجو من فضيلتكم التعليق على ذلك.

1 صحيح الترغيب والترهيب" "1/93/35".

ص: 7

الجواب: أما قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} ] الأنعام: 38، فهذه الآية إنما تعني الكتاب هُنا: اللوح المحفوظ، ولا تعني: القران الكريم.

أما قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} الإسراء:12، فإذا ضممتم إلى القران الكريم ما تقدم بيانه آنفا، فحينئذٍ يتم أن الله عز وجل قد فصل كل شيء تفضيلاً، لكن بضميمة أخرى، فإنكم تعلمون أن التفصيل قد يكون تارة بالإجمال، بوضع قواعد عامة يدخل تحتها جزئيات لا يمكن حصرها لكثرتها، فبوضع الشارع الحكيم لتلك الجزئيات الكثيرة قواعد معروفة ظهر معنى الآية الكريمة، وتارة التفصيل وهو المتبادر من هذه الآية، كما قال عليه الصلاة والسلام:"ما تركتُ شيئاً مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا تركتُ شيئاً مما نهاكم الله عنه إلا وقد نهيتكم عنه"1.

فالتفصيل إذاً تارة يكون بالقواعد التي لا تدخل تحتها جزئيات كثيرة، وتارة يكون بالتفصيل لمفردات عبادات وأحكام تفصيلاً لا

1 "الصحيحة""1803".

ص: 8

يحتاج إلى الرجوع إلى قاعدة من تلك القواعد.

ومن القواعد التي لا يدخل تحتها فرعيات كثيرة – وتظهر بها عظمة الإسلام وسعة دائرة الإسلام في التشريع – قوله صلى الله عليه وسلم على سبيل المثال:

"لا ضرر ولا ضرار"1.

وقوله عليه السلام: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام"2.

وقوله عليه السلام: "كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار"3.

هذه قواعد وكليات لا يفوتها شيء مما يتعلق بالضرر بالنفس أو الضرر بالمال في الحديث الأول، وما يتعلق بما يُسكر كما في الحديث الثاني، سواء كان المسكر مستنبطاً من العنب – كما هو المشهور - أو من الذرة، أو من أي مادة من المواد الأخرى، فما دام

1 "صحيح الجامع""7517".

2 "إرواء الغليل""8/40/2373".

3 "صحيح الترغيب والترهيب""1/92/34"، و "صلاة التراويح""ص 75".

ص: 9

لأنه مُسكر فهو حرام.

كذلك في الحديث الثالث: لا يمكن حصر البدع لكثرتها، ولا يمكن تعدادها ومع ذلك فهذا الحديث – مع إيجازه - يقول بصراحة "وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار".

هذه تفصيل لكن بقواعد.

وأما الأحكام التي تعرفونها، فهي مفصلة بمفردات جاء ذكرها في السنة على الغالب، وأحياناً كأحكام الإرث مثلاً فهي مذكورة في القران الكريم.

أما الحديث الذي جاء ذكره، فهو حديث صحيح، فالعمل به هو الذي بإمكاننا أن نتمسك به، وكما جاء في الحديث "تركت فيكم أمرين، لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله، وسنة رسوله"1.

فالتمسك بحبل الله – الذي هو بأيدينا - إنما هو العمل بالسنة المُفصلة للقرآن الكريم.

1 "مشكاة المصابيح""1/66/186".

ص: 10