المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا) - لقاء الباب المفتوح - جـ ١٧١

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌لقاء الباب المفتوح [171]

- ‌تفسير آيات من سورة النجم

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا)

- ‌الأسئلة

- ‌سبب تنزيل حديث: (تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم

- ‌دلالة وصف الرسول للخوارج بكثرة الصلاة والعبادة

- ‌تقديم كفالة اليتيم في داخل البلد على خارج البلد

- ‌إهداء البقر في حجة الوداع عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم الكلام داخل دورات المياه قبل الشروع في قضاء الحاجة

- ‌حكم رفع الرجل اليمنى أو اليسرى عند السجود

- ‌حقيقة التولي عن القرآن

- ‌حكم بيع الكفلاء الإقامات لمكاتب الخدمات العامة

- ‌حكم الصلاة في الخفين إذا مسح عليه قبل انتهاء المدة ولو بفترة يسيرة

- ‌حكم تفسير القرآن بغير اللغة العربية

- ‌حكم المسائل التي يرد فيها اختلاف بين أهل العلم بسبب الاختلاف في الحكم على الحديث

- ‌حكم اعتماد المؤذن على التوقيت الموجود في التقويم

- ‌حكم انتظار الجماعة الثانية لمن أدرك التحيات مع الجماعة الأولى

- ‌حكم نسيان الإمام قول: (الله أكبر) عند الرفع من السجود

- ‌معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع)

- ‌العمل إذا تعارض درسان من الدروس العلمية للمشايخ

- ‌مكان دعاء الاستخارة

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا)

‌تفسير قوله تعالى: (وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً)

قال الله تعالى: {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} [النجم:28] نفى أن يكون لهم بذلك علم؛ لأن هذا هو الواقع، هل شهدوا خلق الملائكة؟ لا، ولهذا قال الله في آية أخرى:{وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} [الزخرف:19] ؟!!

و

لا، لكن:{سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ} [الزخرف:19] حين لا يجدون جواباً، هؤلاء الذين قالوا: الملائكة بنات الله، يقول عز وجل:{مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} [النجم:28] و (علم) هنا مجرورة بحرف الجر، وحرف الجر هنا عند المعربين محمود {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} [النجم:28] حرف جرٍ زائد، الفائدة منها: توكيد النفي، ولهذا نعطيكم قاعدة مفيدة: جميع الحروف الزائدة سواء الباء أو اللام أو غيرها فإنها تفيد التوكيد، {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} [النجم:28] أي: لا قليل ولا كثير؛ لأنهم لم يشهدوا خلقك لهم.

{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} (إن) هنا بمعنى ما، والضابط أنها إذا جاءت (إلا) بعد (إن) فهي بمعنى (ما) ، (إن هذا إلا بشر)، أي: ما هذا إلا بشر {إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} [يوسف:31] أي: ما هذا إلا ملك كريم، {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} [إبراهيم:10] أي: ما أنتم إلا بشرٌ مثلنا، {إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية:24] أي: ما هم إلا يظنون، والأمثلة على هذا كثيرة.

{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} أي: ما يتبعون إلا الظن، والمراد بالظن هنا الوهم الكاذب، وليس المراد بالظن هنا الراجح من أحد الاحتمالين، وانتبه لهذه النقطة: الظن يأتي بمعنى التهمة، ويأتي بمعنى رجحان الشيء، ويأتي بمعنى اليقين، قال الله تعالى:{الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة:46] المراد اليقين، لا يكفي الظن في اليوم الآخر، لا بد من التيقن، وقال النبي عليه الصلاة والسلام:(إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب) والتحري هنا يعني: الظن الغالب، وهنا {إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية:24] ظن الاتهام، أي: يظنون ظناً هو وهم ليس له أصل.

وبعض العلماء أخذ من هذه الآية: أنه لا يجوز العمل بالظن في المسائل الفقهية وغيرها، وهذا خطأ؛ لأن كثيراً من المسائل الفقهية ظنية: إما لخفاء الدليل، أو خفاء الدلالة، وليس كل مسألة في الفقه يقول بها الإنسان على سبيل اليقين أبداً، بل بعضها يقين وبعضها ظن، والظن إذا تعذر اليقين مما أحله الله، ومن نعمة الله أنه إذا تعذر اليقين رجعنا إلى غلبة الظن، فليس كل ظنٍ منكراً، لكن الظن الذي ليس له أصل يبنى عليه هذا هو المنكر، فهؤلاء الذين سموا الملائكة تسمية الأنثى هل لهم بذلك علم؟ أبداً، ظن مبني على وهم، وربما يكون مبنياً على هوى، أي: أنه لم يطرأ على بالهم أنهم إناث لكن تبعوا آباءهم.

{وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} (وإن الظن) أي ظنٍ هذا؟ المبني على الوهم لا على القرائن، (لا يغني من الحق شيئاً) أي: لا يفيد شيئاً من الحق؛ لأنه وهم باطل، والوهم الباطل لا يمكن أن يفيد.

ص: 4