المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في الإخلاص والصدق والنية الصالحة - الترغيب والترهيب للمنذري - ط العلمية - جـ ١

[عبد العظيم المنذري]

الفصل: ‌الترغيب في الإخلاص والصدق والنية الصالحة

‌التَّرْغِيب فِي الْإِخْلَاص والصدق وَالنِّيَّة الصَّالِحَة

• عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول انْطلق ثَلَاثَة نفر مِمَّن كَانَ قبلكُمْ حَتَّى آواهم الْمبيت إِلَى غَار فَدَخَلُوا فانحدرت صَخْرَة من الْجَبَل فَسدتْ عَلَيْهِم الْغَار فَقَالُوا إِنَّه لَا ينجيكم من هَذِه الصَّخْرَة إِلَّا أَن تدعوا الله بِصَالح أَعمالكُم فَقَالَ رجل مِنْهُم اللَّهُمَّ كَانَ لي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كبيران وَكنت لَا أغبق قبلهمَا أَهلا وَلَا مَالا فنأى بِي طلب شجر يَوْمًا فَلم أرح عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا فحلبت لَهما غبوقهما فوجدتهما نائمين فَكرِهت أَن أغبق قبلهمَا أَهلا أَو مَالا فَلَبثت والقدح على يَدي أنْتَظر استيقاظهما حَتَّى برق الْفجْر

زَاد بعض الروَاة والصبية يتضاغون عِنْد قدمي فَاسْتَيْقَظَا فشربا غبوقهما

اللَّهُمَّ إِن كنت فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فَفرج عَنَّا مَا نَحن فِيهِ من هَذِه الصَّخْرَة

فانفرجت شَيْئا لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوج مِنْهَا

قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ الآخر اللَّهُمَّ كَانَت لي ابْنة عَم كَانَت أحب النَّاس إِلَيّ فأردتها عَن نَفسهَا فامتنعت مني حَتَّى ألمت بهَا سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشْرين وَمِائَة دِينَار على أَن تخلي بيني وَبَين نَفسهَا فَفعلت حَتَّى إِذا قدرت عَلَيْهَا قَالَت لَا يحل لَك أَن تفض الْخَاتم إِلَّا بِحقِّهِ فتحرجت من الْوُقُوع عَلَيْهَا فَانْصَرَفت عَنْهَا وَهِي أحب النَّاس إِلَيّ وَتركت الذَّهَب الَّذِي أعطيتهَا اللَّهُمَّ إِن كنت فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فافرج عَنَّا مَا نَحن فِيهِ

فانفرجت الصَّخْرَة غير أَنهم لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوج مِنْهَا

قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ الثَّالِث اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرت أجراء وأعطيتهم أجرتهم غير رجل وَاحِد ترك الَّذِي لَهُ وَذهب فثمرت أجره حَتَّى كثرت مِنْهُ الْأَمْوَال فَجَاءَنِي بعد حِين فَقَالَ لي يَا عبد الله أد إِلَيّ أجري فَقلت كل مَا ترى من أجرك من الابل وَالْبَقر وَالْغنم وَالرَّقِيق

فَقَالَ يَا عبد الله لَا تستهزئ بِي فَقلت إِنِّي لَا أستهزئ بك فَأَخذه كُله فساقه فَلم يتْرك مِنْهُ شَيْئا اللَّهُمَّ إِن كنت فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فافرج عَنَّا مَا نَحن فِيهِ

فانفرجت الصَّخْرَة فَخَرجُوا يَمْشُونَ

وَفِي رِوَايَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ بَيْنَمَا ثَلَاثَة نفر مِمَّن كَانَ قبلكُمْ يَمْشُونَ إِذْ أَصَابَهُم مطر فأووا إِلَى غَار فانطبق عَلَيْهِم فَقَالَ بَعضهم لبَعض إِنَّه وَالله يَا هَؤُلَاءِ لَا ينجيكم إِلَّا الصدْق فَليدع كل رجل مِنْكُم بِمَا يعلم أَنه قد صدق فِيهِ فَقَالَ أحدهم اللَّهُمَّ إِن

ص: 21

كنت تعلم أَنه كَانَ لي أجِير عمل لي على فرق من أرز فَذهب وَتَركه وَإِنِّي عَمَدت إِلَى ذَلِك الْفرق فزرعته فَصَارَ من أمره إِلَى أَن اشْتريت مِنْهُ بقرًا وَإنَّهُ أَتَانِي يطْلب أجره فَقلت لَهُ اعمد إِلَى تِلْكَ الْبَقر فَإِنَّهَا من ذَلِك الْفرق

فساقها فَإِن كنت تعلم أَنِّي فعلت ذَلِك من خشيتك فَفرج عَنَّا فانساحت عَنْهُم الصَّخْرَة

فَذكر الحَدِيث قَرِيبا من الأول

رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه بِاخْتِصَار وَيَأْتِي لَفظه فِي بر الْوَالِدين إِن شَاءَ الله تَعَالَى

قَوْله وَكنت لَا أغبق قبلهمَا أَهلا وَلَا مَالا

الغبوق بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة هُوَ الَّذِي يشرب بالْعَشي وَمَعْنَاهُ كنت لَا أقدم عَلَيْهِمَا فِي شرب اللَّبن أَهلا وَلَا غَيرهم

يتضاغون بالضاد والغين المعجمتين أَي يصيحون من الْجُوع

السّنة الْعَام المقحط الَّذِي لم تنْبت الأَرْض فِيهِ شَيْئا سَوَاء نزل غيث أم لم ينزل

تفض الْخَاتم هُوَ بتَشْديد الضَّاد الْمُعْجَمَة وَهُوَ كِنَايَة عَن الْوَطْء

الْفرق بِفَتْح الْفَاء وَالرَّاء مكيال مَعْرُوف

فانساحت هُوَ بِالسِّين والحاء الْمُهْمَلَتَيْنِ أَي تنحت الصَّخْرَة وزالت عَن الْغَار

وَعَن أنس بن مَالك عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من فَارق الدُّنْيَا على الْإِخْلَاص لله وَحده لَا شريك لَهُ وَأقَام الصَّلَاة وَآتى الزَّكَاة فَارقهَا وَالله عَنهُ رَاض

رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ

وَعَن أبي فراس رجل من أسلم قَالَ نَادَى رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا الْإِيمَان قَالَ الْإِخْلَاص

وَفِي لفظ آخر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سلوني عَمَّا شِئْتُم فَنَادَى رجل يَا رَسُول الله مَا الْإِسْلَام قَالَ إقَام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة

قَالَ فَمَا الْإِيمَان قَالَ الْإِخْلَاص

قَالَ فَمَا الْيَقِين قَالَ التَّصْدِيق

رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَهُوَ مُرْسل

وَعَن معَاذ بن جبل أَنه قَالَ حِين بعث إِلَى الْيمن يَا رَسُول الله أوصني

قَالَ أخْلص دينك يكفك الْعَمَل الْقَلِيل

رَوَاهُ الْحَاكِم من طَرِيق عبيد الله بن زحر عَن ابْن أبي عمرَان وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد كَذَا قَالَ

ص: 22

وَرُوِيَ عَن ثَوْبَان قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول طُوبَى للمخلصين أُولَئِكَ مصابيح الْهدى تنجلي عَنْهُم كل فتْنَة ظلماء

رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ

وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ فِي حجَّة الْوَدَاع نضر الله امْرأ سمع مَقَالَتي فوعاها فَرب حَامِل فقه لَيْسَ بفقيه

ثَلَاث لَا يغل عَلَيْهِنَّ قلب امرىء مُؤمن إخلاص الْعَمَل لله والمناصحة لائمة الْمُسلمين وَلُزُوم جَمَاعَتهمْ فَإِن دعاءهم مُحِيط من ورائهم

رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد حسن وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث زيد بن ثَابت وَيَأْتِي فِي سَماع الحَدِيث إِن شَاءَ الله تَعَالَى

قَالَ الْحَافِظ عبد الْعَظِيم وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث أَيْضا عَن ابْن مَسْعُود ومعاذ بن جبل والنعمان بن بشير وَجبير بن مطعم وَأبي الدَّرْدَاء وَأبي قرصافة جندرة بن خيشنة وَغَيرهم من الصَّحَابَة رضي الله عنهم

وَبَعض أسانيدهم صَحِيح

وَعَن مُصعب بن سعد عَن أَبِيه رضي الله عنه أَنه ظن أَن لَهُ فضلا على من دونه من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا ينصر الله هَذِه الْأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم

رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَغَيره وَهُوَ فِي البُخَارِيّ وَغَيره دون ذكر الْإِخْلَاص

وَعَن الضَّحَّاك بن قيس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله تبارك وتعالى يَقُول أَنا خير شريك فَمن أشرك معي شَرِيكا فَهُوَ لشريكي يَا أَيهَا النَّاس أَخْلصُوا أَعمالكُم فَإِن الله تبارك وتعالى لَا يقبل من الْأَعْمَال إِلَّا مَا خلص لَهُ وَلَا تَقولُوا هَذِه لله وللرحم فَإِنَّهَا للرحم وَلَيْسَ لله مِنْهَا شَيْء وَلَا تَقولُوا هَذِه لله ولوجوهكم فَإِنَّهَا لوجوهكم وَلَيْسَ لله مِنْهَا شَيْء

رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ وَالْبَيْهَقِيّ

قَالَ الْحَافِظ لَكِن الضَّحَّاك بن قيس مُخْتَلف فِي صحبته

وَعَن أبي أُمَامَة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَرَأَيْت رجلا غزا يلْتَمس الْأجر وَالذكر مَا لَهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا شَيْء لَهُ

فَأَعَادَهَا ثَلَاث مرار وَيَقُول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا شَيْء لَهُ ثمَّ قَالَ إِن الله عز وجل لَا يقبل من الْعَمَل إِلَّا مَا كَانَ لَهُ

ص: 23

خَالِصا وابتغي وَجهه

رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَاد جيد وَسَيَأْتِي أَحَادِيث من هَذَا النَّوْع فِي الْجِهَاد إِن شَاءَ الله تَعَالَى

• وَعَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ الدُّنْيَا ملعونة مَلْعُون مَا فِيهَا إِلَّا مَا ابْتغِي بِهِ وَجه الله تَعَالَى

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ

• وَعَن عبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه قَالَ يجاء بالدنيا يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال ميزوا مَا كَانَ مِنْهَا لله عز وجل فيماز ويرمى سائره فِي النَّار

رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن شهر بن حَوْشَب عَنهُ مَوْقُوفا

• وَرَوَاهُ أَيْضا عَن شهر عَن عَمْرو بن عبسة رضي الله عنه قَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جِيءَ بالدنيا فيميز مِنْهَا مَا كَانَ لله وَمَا كَانَ لغير الله رمي بِهِ فِي نَار جَهَنَّم

مَوْقُوف أَيْضا

قَالَ الْحَافِظ وَقد يُقَال إِن مثل هَذَا لَا يُقَال من قبل الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد فسبيله سَبِيل الْمَرْفُوع

• وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من أخْلص لله أَرْبَعِينَ يَوْمًا ظَهرت ينابيع الْحِكْمَة من قلبه على لِسَانه

ذكره رزين الْعَبدَرِي فِي كِتَابه وَلم أره فِي شَيْء من الْأُصُول الَّتِي جمعهَا وَلم أَقف لَهُ على إِسْنَاد صَحِيح وَلَا حسن إِنَّمَا ذكر فِي كتب الضُّعَفَاء كالكامل وَغَيره لَكِن رَوَاهُ الْحُسَيْن بن الْحُسَيْن الْمروزِي فِي زوائده فِي كتاب الزّهْد لعبد الله بن الْمُبَارك فَقَالَ حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة أَنبأَنَا حجاج عَن مَكْحُول عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَذكره مُرْسلا وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخ ابْن حبَان وَغَيره عَن مَكْحُول مُرْسلا وَالله أعلم

• وَرُوِيَ عَن أبي ذَر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ قد أَفْلح من أخْلص قلبه للْإيمَان وَجعل قلبه سليما وَلسَانه صَادِقا وَنَفسه مطمئنة وخليقته مُسْتَقِيمَة وَجعل أُذُنه مستمعة وعينه ناظرة فَأَما الْأذن فقمع وَالْعين مقرة بِمَا يوعي الْقلب وَقد أَفْلح من جعل قلبه واعيا

رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ وَفِي إِسْنَاد أَحْمد احْتِمَال للتحسين

ص: 24

فصل

• عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ وَفِي رِوَايَة بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لكل امرئ مَا نوى

فَمن كَانَت هجرته إِلَى الله وَرَسُوله فَهجرَته إِلَى الله وَرَسُوله وَمن كَانَت هجرته إِلَى دنيا يُصِيبهَا أَو امْرَأَة ينْكِحهَا فَهجرَته إِلَى مَا هَاجر إِلَيْهِ

رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ

قَالَ الْحَافِظ وَزعم بعض الْمُتَأَخِّرين أَن هَذَا الحَدِيث بلغ مبلغ التَّوَاتُر وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِنَّهُ انْفَرد بِهِ يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ ثمَّ رَوَاهُ عَن الْأنْصَارِيّ خلق كثير نَحْو مِائَتي راو وَقيل سَبْعمِائة راو وَقيل أَكثر من ذَلِك وَقد رُوِيَ من طرق كَثِيرَة غير طَرِيق الْأنْصَارِيّ وَلَا يَصح مِنْهَا شَيْء

كَذَا قَالَه الْحَافِظ عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَغَيره من الْأَئِمَّة

وَقَالَ الْخطابِيّ لَا أعلم فِي ذَلِك خلافًا بَين أهل الحَدِيث وَالله أعلم

• وَعَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَغْزُو جَيش الْكَعْبَة فَإِذا كَانُوا ببيداء من الأَرْض يخسف بأولهم وَآخرهمْ

قَالَت قلت يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَيفَ يخسف بأولهم وَآخرهمْ وَفِيهِمْ أسواقهم وَمن لَيْسَ مِنْهُم قَالَ يخسف بأولهم وَآخرهمْ ثمَّ يبعثون على نياتهم

رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا

• وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا يبْعَث النَّاس على نياتهم

رَوَاهُ ابْن مَاجَه بِإِسْنَاد حسن وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث جَابر إِلَّا أَنه قَالَ يحْشر النَّاس

• وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ رَجعْنَا من غَزْوَة تَبُوك مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِن أَقْوَامًا خلفنا بِالْمَدِينَةِ مَا سلكنا شعبًا وَلَا وَاديا إِلَّا وهم مَعنا حَبسهم

ص: 25

الْعذر

رَوَاهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَلَفظه إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لقد تركْتُم بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مسيرًا وَلَا أنفقتم من نَفَقَة وَلَا قطعْتُمْ من وَاد إِلَّا وهم مَعكُمْ

قَالُوا يَا رَسُول الله وَكَيف يكونُونَ مَعنا وهم بِالْمَدِينَةِ قَالَ حَبسهم الْمَرَض

• وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله لَا ينظر إِلَى أجسامكم وَلَا إِلَى صوركُمْ وَلَكِن ينظر إِلَى قُلُوبكُمْ

رَوَاهُ مُسلم

• وَعَن أبي كَبْشَة الْأَنمَارِي رضي الله عنه أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول ثَلَاث أقسم عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثكُمْ حَدِيثا فاحفظوه

قَالَ مَا نقص مَال عبد من صَدَقَة وَلَا ظلم عبد مظْلمَة صَبر عَلَيْهَا إِلَّا زَاده الله عزا وَلَا فتح عبد بَاب مَسْأَلَة إِلَّا فتح الله عَلَيْهِ بَاب فقر أَو كلمة نَحْوهَا وَأُحَدِّثكُمْ حَدِيثا فاحفظوه قَالَ إِنَّمَا الدُّنْيَا لاربعة نفر عبد رزقه الله مَالا وعلما فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ ربه ويصل فِيهِ رَحمَه وَيعلم لله فِيهِ حَقًا فَهَذَا بِأَفْضَل الْمنَازل وَعبد رزقه الله علما وَلم يرزقه مَالا فَهُوَ صَادِق النِّيَّة يَقُول لَو أَن لي مَالا لعملت بِعَمَل فلَان فَهُوَ بنيته فأجرهما سَوَاء وَعبد رزقه الله مَالا وَلم يرزقه علما يخبط فِي مَاله بِغَيْر علم وَلَا يَتَّقِي فِيهِ ربه وَلَا يصل فِيهِ رَحمَه وَلَا يعلم لله فِيهِ حَقًا فَهَذَا بأخبث الْمنَازل وَعبد لم يرزقه الله مَالا وَلَا علما فَهُوَ يَقُول لَو أَن لي مَالا لعملت فِيهِ بِعَمَل فلَان فَهُوَ بنيته فوزرهما سَوَاء

رَوَاهُ أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح

وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه وَلَفظه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مثل هَذِه الْأمة كَمثل أَرْبَعَة نفر رجل آتَاهُ الله مَالا وعلما فَهُوَ يعْمل بِعِلْمِهِ فِي مَاله يُنْفِقهُ فِي حَقه وَرجل آتَاهُ الله علما وَلم يؤته مَالا وَهُوَ يَقُول لَو كَانَ لي مثل هَذَا عملت فِيهِ بِمثل الَّذِي يعْمل

قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فهما فِي الْأجر سَوَاء وَرجل آتَاهُ الله مَالا وَلم يؤته علما فَهُوَ يخبط فِي مَاله يُنْفِقهُ فِي غير حَقه وَرجل لم يؤته الله علما وَلَا مَالا وَهُوَ يَقُول لَو كَانَ لي مثل هَذَا عملت فِيهِ مثل الَّذِي يعْمل

قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فهما فِي الْوزر سَوَاء

ص: 26

• وَعَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فِيمَا يروي عَن ربه عز وجل إِن الله كتب الْحَسَنَات والسيئات ثمَّ بَين ذَلِك فَمن هم بحسنة فَلم يعملها كتبهَا الله عِنْده حَسَنَة كَامِلَة فَإِن هم بهَا فعملها كتبهَا الله عِنْده عشر حَسَنَات إِلَى سَبْعمِائة ضعف إِلَى أَضْعَاف كَثِيرَة وَمن هم بسيئة فَلم يعملها كتبهَا الله عِنْده حَسَنَة كَامِلَة وَإِن هُوَ هم بهَا فعملها كتبهَا الله سَيِّئَة وَاحِدَة زَاد فِي رِوَايَة أَو محاها وَلَا يهْلك على الله إِلَّا هَالك

رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم

• وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ يَقُول الله عز وجل إِذا أَرَادَ عَبدِي أَن يعْمل سَيِّئَة فَلَا تكتبوها عَلَيْهِ حَتَّى يعملها فَإِن عَملهَا فاكتبوها بِمِثْلِهَا وَإِن تَركهَا من أَجلي فاكتبوها لَهُ حَسَنَة وَإِن أَرَادَ أَن يعْمل حَسَنَة فَلم يعملها اكتبوها لَهُ حَسَنَة فَإِن عَملهَا فاكتبوها لَهُ بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة

رَوَاهُ البُخَارِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَمُسلم

• وَفِي رِوَايَة لمُسلم قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من هم بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة وَمن هم بحسنة فعملها كتبت لَهُ عشر حَسَنَات إِلَى سَبْعمِائة ضعف وَمن هم بسيئة فَلم يعملها لم تكْتب عَلَيْهِ وَإِن عَملهَا كتبت

• وَفِي أُخْرَى لَهُ قَالَ عَن مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ قَالَ الله عز وجل إِذا تحدث عَبدِي بِأَن يعْمل حَسَنَة فَأَنا أَكتبهَا لَهُ حَسَنَة مَا لم يعملها فَإِذا عَملهَا فَأَنا أَكتبهَا لَهُ بِعشر أَمْثَالهَا وَإِذا تحدث بِأَن يعْمل سَيِّئَة فَأَنا أغفرها لَهُ مَا لم يعملها فَإِذا عَملهَا فَأَنا أَكتبهَا لَهُ بِمِثْلِهَا وَإِن تَركهَا فاكتبوها لَهُ حَسَنَة إِنَّمَا تَركهَا من جراي

قَوْله من جراي بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الرَّاء أَي من أَجلي

• وَعَن معن بن يزِيد رضي الله عنهما قَالَ كَانَ أبي يزِيد أخرج دَنَانِير يتَصَدَّق بهَا فوضعها عِنْد رجل فِي الْمَسْجِد فَجئْت فأخذتها فَأَتَيْته بهَا فَقَالَ وَالله مَا إياك أردْت فَخَاصَمته إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَك مَا نَوَيْت يَا يزِيد وَلَك مَا أخذت يَا معن

رَوَاهُ البُخَارِيّ

ص: 27

• وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ قَالَ رجل لأتصدقن اللَّيْلَة بِصَدقَة فَخرج بِصَدَقَتِهِ فوضعها فِي يَد سَارِق فَأَصْبحُوا يتحدثون تصدق اللَّيْلَة على سَارِق فَقَالَ اللَّهُمَّ لَك الْحَمد على سَارِق لأتصدقن بِصَدقَة فَخرج بِصَدَقَتِهِ فوضعها فِي يَد زَانِيَة فَأَصْبحُوا يتحدثون تصدق اللَّيْلَة على زَانِيَة فَقَالَ اللَّهُمَّ لَك الْحَمد على زَانِيَة لأتصدقن بِصَدقَة فَخرج بِصَدَقَتِهِ فوضعها فِي يَد غَنِي فَأَصْبحُوا يتحدثون تصدق اللَّيْلَة على غَنِي فَقَالَ اللَّهُمَّ لَك الْحَمد على سَارِق وزانية وغني فَأتي فَقيل لَهُ أما صدقتك على سَارِق فَلَعَلَّهُ أَن يستعف عَن سَرقته

وَأما الزَّانِيَة فلعلها أَن تستعف عَن زنَاهَا وَأما الْغَنِيّ فَلَعَلَّهُ أَن يعْتَبر فينفق مِمَّا أعطَاهُ الله

رَوَاهُ البُخَارِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ قَالَا فِيهِ فَقيل لَهُ أما صدقتك فقد تقبلت ثمَّ ذكر الحَدِيث

• وَعَن أبي الدَّرْدَاء يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من أَتَى فرَاشه وَهُوَ يَنْوِي أَن يقوم يُصَلِّي من اللَّيْل فغلبته عَيناهُ حَتَّى أصبح كتب لَهُ مَا نوى وَكَانَ نَومه صَدَقَة عَلَيْهِ من ربه

رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه بِإِسْنَاد جيد وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي ذَر أَو أبي الدَّرْدَاء على الشَّك

قَالَ الْحَافِظ عبد الْعَظِيم رحمه الله وَسَتَأْتِي أَحَادِيث من هَذَا النَّوْع مُتَفَرِّقَة فِي أَبْوَاب مُتعَدِّدَة من هَذَا الْكتاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى

• التَّرْهِيب من الرِّيَاء وَمَا يَقُوله من خَافَ شَيْئا مِنْهُ

• عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن أول النَّاس يقْضى يَوْم الْقِيَامَة عَلَيْهِ رجل اسْتشْهد فَأتي بِهِ فَعرفهُ نعْمَته فعرفها قَالَ فَمَا عملت فِيهَا قَالَ قَاتَلت فِيك حَتَّى استشهدت

قَالَ كذبت وَلَكِنَّك قَاتَلت لِأَن يُقَال هُوَ جريء فقد قيل ثمَّ أَمر بِهِ فسحب على وَجهه حَتَّى ألقِي فِي النَّار وَرجل تعلم الْعلم وَعلمه وقرأالقرآن فَأتي بِهِ فَعرفهُ نعمه فعرفها

قَالَ فَمَا عملت فِيهَا قَالَ تعلمت الْعلم وعلمته وقرأت فِيك

ص: 28

الْقُرْآن

قَالَ كذبت وَلَكِنَّك تعلمت ليقال عَالم وقرأت الْقُرْآن ليقال هُوَ قارئ فقد قيل ثمَّ أَمر بِهِ فسحب على وَجهه حَتَّى ألقِي فِي النَّار وَرجل وسع الله عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ من أَصْنَاف المَال فَأتي بِهِ فَعرفهُ نعمه فعرفها

قَالَ فَمَا عملت فِيهَا قَالَ مَا تركت من سَبِيل تحب أَن ينْفق فِيهَا إِلَّا أنفقت فِيهَا لَك

قَالَ كذبت وَلَكِنَّك فعلت ليقال هُوَ جواد فقد قيل ثمَّ أَمر بِهِ فسحب على وَجهه حَتَّى ألقِي فِي النَّار

رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه كِلَاهُمَا بِلَفْظ وَاحِد

• وَعَن الْوَلِيد بن أبي الْوَلِيد أبي عُثْمَان الْمَدِينِيّ أَن عقبَة بن مُسلم حَدثهُ أَن شفيا الأصبحي حَدثهُ أَنه دخل الْمَدِينَة فَإِذا هُوَ بِرَجُل قد اجْتمع عَلَيْهِ النَّاس فَقَالَ من هَذَا قَالُوا أَبُو هُرَيْرَة قَالَ فدنوت مِنْهُ حَتَّى قعدت بَين يَدَيْهِ وَهُوَ يحدث النَّاس فَلَمَّا سكت وخلا قلت لَهُ أَسأَلك بِحَق وبحق لما حَدَّثتنِي حَدِيثا سمعته من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وعقلته وعلمته فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة أفعل لأحدثنك حَدِيثا حَدَّثَنِيهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم علقته وعلمته ثمَّ نشغ أَبُو هُرَيْرَة نشغة فَمَكثْنَا قَلِيلا ثمَّ أَفَاق فَقَالَ لأحدثنك حَدِيثا حَدَّثَنِيهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنا وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْت مَا مَعنا أحد غَيْرِي وَغَيره ثمَّ نشغ أَبُو هُرَيْرَة نشغة أُخْرَى ثمَّ أَفَاق وَمسح عَن وَجهه فَقَالَ أفعل لأحدثنك حَدِيثا حَدَّثَنِيهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنا وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْت مَا مَعنا أحد غَيْرِي وَغَيره ثمَّ نشغ أَبُو هُرَيْرَة نشغة شَدِيدَة ثمَّ مَال خارا على وَجهه فأسندته طَويلا ثمَّ أَفَاق فَقَالَ حَدثنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن الله تبارك وتعالى إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة ينزل إِلَى الْعباد ليقضي بَينهم وكل أمة جاثية فَأول من يدعى بِهِ رجل جمع الْقُرْآن وَرجل قتل فِي سَبِيل الله وَرجل كثير المَال فَيَقُول الله عز وجل للقارئ ألم أعلمك مَا أنزلت على رَسُولي قَالَ بلَى يَا رب قَالَ فَمَا علمت فِيمَا علمت قَالَ كنت أقوم بِهِ آنَاء اللَّيْل وآناء النَّهَار فَيَقُول الله عز وجل لَهُ كذبت وَتقول لَهُ الْمَلَائِكَة كذبت وَيَقُول الله تبارك وتعالى بل أردْت أَن يُقَال فلَان قارئ وَقد قيل ذَلِك وَيُؤْتى بِصَاحِب المَال فَيَقُول الله عز وجل ألم أوسع عَلَيْك حَتَّى لم أدعك تحْتَاج إِلَى أحد قَالَ بلَى يَا رب قَالَ فَمَاذَا عملت فِيمَا آتيتك قَالَ كنت أصل الرَّحِم وأتصدق فَيَقُول الله لَهُ كذبت وَتقول الْمَلَائِكَة كذبت وَيَقُول الله تبارك وتعالى بل أردْت أَن يُقَال فلَان جواد وَقد قيل

ص: 29

ذَلِك وَيُؤْتى بِالَّذِي قتل فِي سَبِيل الله فَيَقُول الله لَهُ فِي مَاذَا قتلت فَيَقُول أَي رب أمرت بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلك فقاتلت حَتَّى قتلت فَيَقُول الله لَهُ كذبت وَتقول الْمَلَائِكَة كذبت وَيَقُول الله بل أردْت أَن يُقَال فلَان جريء فقد قيل ذَلِك ثمَّ ضرب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَة أُولَئِكَ الثَّلَاثَة أول خلق الله تسعر بهم النَّار يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الْوَلِيد أَبُو عُثْمَان الْمَدِينِيّ وَأَخْبرنِي عقبَة أَن شفيا هُوَ الَّذِي دخل على مُعَاوِيَة فَأخْبرهُ بِهَذَا قَالَ أَبُو عُثْمَان وحَدثني الْعَلَاء بن أبي حَكِيم أَنه كَانَ سيافا لمعاوية قَالَ فَدخل عَلَيْهِ رجل فَأخْبرهُ بِهَذَا عَن أبي هُرَيْرَة فَقَالَ مُعَاوِيَة قد فعل بهؤلاء هَذَا فَكيف بِمن بَقِي من النَّاس ثمَّ بَكَى مُعَاوِيَة بكاء شَدِيدا حَتَّى ظننا أَنه هَالك وَقُلْنَا قد جَاءَ هَذَا الرجل بشر ثمَّ أَفَاق مُعَاوِيَة وَمسح عَن وَجهه وَقَالَ صدق الله وَرَسُوله اصلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا وهم فِيهَا لَا يبخسون أُولَئِكَ الَّذِي لَيْسَ لَهُم فِي الأخرة إِلَّا النَّار وحبط مَا صَنَعُوا فِيهَا وباطل مَا كَانُوا يعْملُونَ وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه نَحْو هَذَا لم يخْتَلف إِلَّا فِي حرف أَو حرفين

قَوْله جريء هُوَ بِفَتْح الْجِيم وَكسر الرَّاء وبالمد أَي شُجَاع نشغ بِفَتْح النُّون والشين الْمُعْجَمَة وَبعدهَا غين مُعْجمَة أَي شهق حَتَّى كَاد يغشى عَلَيْهِ أسقا أَو شوقا

• وَعَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قلت يَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَخْبرنِي عَن الْجِهَاد والغزو فَقَالَ يَا عبد الله بن عَمْرو إِن قَاتَلت صَابِرًا محتسبا بَعثك الله صَابِرًا محتسبا وَإِن قَاتَلت مرائيا مكاثرا بَعثك الله مرائيا مكاثرا يَا عبد الله بن عَمْرو على أَي حَال قَاتَلت أَو قتلت بَعثك الله على تِلْكَ الْحَال

رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

قَالَ الْحَافِظ وَسَتَأْتِي أَحَادِيث من هَذَا النَّوْع فِي بَاب مُفْرد فِي الْجِهَاد إِن شَاءَ الله تَعَالَى

• وَعَن أبي بن كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بشر هَذِه الْأمة بالسناء والرفعة وَالدّين والتمكين فِي الأَرْض فَمن عمل مِنْهُم عمل الْآخِرَة للدنيا لم يكن لَهُ فِي الْآخِرَة من نصيب

رَوَاهُ أَحْمد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح

ص: 30

الْإِسْنَاد وَفِي رِوَايَة للبيهقي قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بشر هَذِه الْأمة بالتيسير والسناء والرفعة بِالدّينِ والتمكين فِي الْبِلَاد والنصر فَمن عمل مِنْهُم بِعَمَل الْآخِرَة للدنيا فَلَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَة من نصيب

• وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رجل يَا رَسُول الله إِنِّي أَقف الْموقف أُرِيد وَجه الله وَأُرِيد أَن يرى موطني

فَلم يرد عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى نزلت {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا} الْكَهْف 11

رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شرطيهما وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيقه ثمَّ قَالَ رَوَاهُ عَبْدَانِ عَن ابْن الْمُبَارك فَأرْسلهُ لم يذكر فِيهِ ابْن عَبَّاس

• وَعَن أبي هِنْد الدَّارِيّ أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول من قَامَ مقَام رِيَاء وَسُمْعَة رايا الله بِهِ يَوْم الْقِيَامَة وَسمع

رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد جيد وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَلَفظه أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من رايا بِاللَّه لغير الله فقد برئ من الله

• وَعَن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من سمع النَّاس بِعَمَلِهِ سمع الله بِهِ سامع خلقه وصغره وحقره

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بأسانيد أَحدهَا صَحِيح وَالْبَيْهَقِيّ

• وَعَن جُنْدُب بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم من سمع سمع الله بِهِ وَمن يراء يراء الله بِهِ

رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم

سمع بتَشْديد الْمِيم وَمَعْنَاهُ من أظهر عمله للنَّاس رِيَاء أظهر الله نِيَّته الْفَاسِدَة فِي عمله يَوْم الْقِيَامَة وفضحه على رُؤُوس الأشهاد

• وَعَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من قَامَ مقَام رِيَاء رايا الله بِهِ وَمن قَامَ مقَام سمعة سمع الله بِهِ

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن

ص: 31

• وَعَن معَاذ بن جبل عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من عبد يقوم فِي الدُّنْيَا مقَام سمعة ورياء إِلَّا سمع الله بِهِ على رُؤُوس الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن

• وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ من رايا بِشَيْء فِي الدُّنْيَا من عمله وَكله الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ انْظُر هَل يُغني عَنْك شَيْئا

رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مَوْقُوفا

• وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من تزين بِعَمَل الْآخِرَة وَهُوَ لَا يريدها وَلَا يطْلبهَا لعن فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط

• وَرُوِيَ عَن الْجَارُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من طلب الدُّنْيَا بِعَمَل الْآخِرَة طمس وَجهه ومحق ذكره وَأثبت اسْمه فِي النَّار

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير

• وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يخرج فِي آخر الزَّمَان رجال يختلون الدُّنْيَا بِالدّينِ يلبسُونَ للنَّاس جُلُود الضَّأْن من اللين ألسنتهم أحلى من الْعَسَل وَقُلُوبهمْ قُلُوب الذئاب يَقُول الله عز وجل أبي يغترون أم عَليّ يجترئون فَبِي حَلَفت لَأَبْعَثَن على أُولَئِكَ مِنْهُم فتْنَة تدع الْحَلِيم حيران

رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة يحيى بن عبيد سَمِعت أبي يَقُول سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة فَذكره وَرَوَاهُ مُخْتَصرا من حَدِيث ابْن عمر وَقَالَ حَدِيث حسن

• وَرُوِيَ عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من تحبب إِلَى النَّاس بِمَا يحبونَ وبارز الله بِمَا يكْرهُونَ لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط

• وَرُوِيَ عَنهُ أَيْضا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تعوذوا بِاللَّه من جب الْحزن

قَالُوا يَا

ص: 32

رَسُول الله وَمَا جب الْحزن قَالَ وَاد فِي جَهَنَّم تتعوذ مِنْهُ جَهَنَّم كل يَوْم مائَة مرّة وَمِائَة قيل يَا رَسُول الله وَمن يدْخلهُ قَالَ الْقُرَّاء المراؤون بأعمالهم

رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث غَرِيب وَابْن مَاجَه وَلَفظه تعوذوا بِاللَّه من جب الْحزن

قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا جب الْحزن قَالَ وَاد فِي جَهَنَّم تتعوذ مِنْهُ جَهَنَّم كل يَوْم أَرْبَعمِائَة مرّة قيل يَا رَسُول الله وَمن يدْخلهُ قَالَ أعد للقراء المرائين بأعمالهم وَإِن من أبْغض الْقُرَّاء إِلَى الله عز وجل الَّذين يزورون الْأُمَرَاء

وَفِي بعض النّسخ الْأُمَرَاء الجورة

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنه قَالَ يلقى فِيهِ الغرارون

قيل يَا رَسُول الله وَمَا الغرارون قَالَ المراؤون بأعمالهم فِي الدُّنْيَا

• وَرَوَاهُ أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن فِي جَهَنَّم لواديا تستعيذ جَهَنَّم من ذَلِك الْوَادي فِي كل يَوْم أَرْبَعمِائَة مرّة أعد ذَلِك الْوَادي للمرائين من أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لحامل كتاب الله والمتصدق فِي غير ذَات الله والحاج إِلَى بَيت الله وللخارج فِي سَبِيل الله

قَالَ الْحَافِظ رفع حَدِيث ابْن عَبَّاس غَرِيب وَلَعَلَّه مَوْقُوف وَالله أعلم

• وَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الصَّلَاة حَيْثُ يرَاهُ النَّاس وأساءها حَيْثُ يَخْلُو فَتلك استهانة استهان بهَا ربه تبارك وتعالى

رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي كِتَابه وَأَبُو يعلى كِلَاهُمَا من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن مُسلم الهجري عَن أبي الْأَحْوَص عَنهُ

وَرَوَاهُ من هَذِه الطّرق ابْن جرير الطَّبَرِيّ مَرْفُوعا أَيْضا وموقوفا على ابْن مَسْعُود وَهُوَ أشبه

• وَعَن شَدَّاد بن أَوْس رضي الله عنه أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول من صَامَ يرائي فقد أشرك وَمن صلى يرائي فقد أشرك وَمن تصدق يرائي فقد أشرك

رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عبد الْمجِيد بن بهْرَام عَن شهر بن حَوْشَب وَسَيَأْتِي أتم من هَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى

• وَعَن ربيح بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَنحن نتذاكر الْمَسِيح الدَّجَّال فَقَالَ أَلا أخْبركُم بِمَا هُوَ أخوف عَلَيْكُم عِنْدِي من الْمَسِيح الدَّجَّال فَقُلْنَا بلَى يَا رَسُول الله فَقَالَ الشّرك الْخَفي أَن يقوم الرجل فَيصَلي فيزين صلَاته لما يرى من نظر رجل

رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ

ص: 33

ربيح بِضَم الرَّاء وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا يَاء آخر الْحُرُوف وحاء مُهْملَة وَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى

• وَعَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إيَّاكُمْ وشرك السرائر قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا شرك السرائر قَالَ يقوم الرجل فَيصَلي فيزين صلَاته جاهدا لما يرى من نظر النَّاس إِلَيْهِ فَذَلِك شرك السرائر

رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه

• وَعَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه أَن عمر رضي الله عنه خرج إِلَى الْمَسْجِد فَوجدَ معَاذًا عِنْد قبر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يبكي فَقَالَ مَا يبكيك قَالَ حَدِيث سمعته من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الْيَسِير من الرِّيَاء شرك وَمن عادى أَوْلِيَاء الله فقد بارز الله بالمحاربة إِن الله يحب الْأَبْرَار الأتقياء الأخفياء الَّذين إِن غَابُوا لم يفتقدوا وَإِن حَضَرُوا لم يعرفوا قُلُوبهم مصابيح الْهدى يخرجُون من كل غبراء مظْلمَة

رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الزّهْد لَهُ وَغَيره قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وَلَا عِلّة لَهُ

• وَعَن مَحْمُود بن لبيد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم الشّرك الْأَصْغَر

قَالُوا وَمَا الشّرك الْأَصْغَر يَا رَسُول الله قَالَ الرِّيَاء يَقُول الله عز وجل إِذا جزى النَّاس بأعمالهم اذْهَبُوا إِلَى الَّذين كُنْتُم تراؤون فِي الدُّنْيَا فانظروا هَل تَجِدُونَ عِنْدهم جَزَاء

وَرَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد جيد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد وَغَيره

قَالَ الْحَافِظ رحمه الله ومحمود بن لبيد رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلم يَصح لَهُ مِنْهُ سَماع فِيمَا أرى

وَقد خرج أَبُو بكر بن خُزَيْمَة حَدِيث مَحْمُود الْمُتَقَدّم فِي صَحِيحه مَعَ أَنه لَا يخرج فِيهِ شَيْئا من الْمَرَاسِيل وَذكر ابْن أبي حَاتِم أَن البُخَارِيّ قَالَ لَهُ صُحْبَة

قَالَ وَقَالَ أبي لَا يعرف لَهُ صُحْبَة وَرجح ابْن عبد الْبر أَن لَهُ صُحْبَة وَقد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد جيد عَن مَحْمُود بن لبيد عَن رَافع بن خديج وَقيل إِن حَدِيث مَحْمُود هُوَ الصَّوَاب دون ذكر رَافع بن خديج فِيهِ وَالله أعلم

• وَعَن أبي سعيد بن أبي فضَالة وَكَانَ من الصَّحَابَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 34

يَقُول إِذا جمع الله الْأَوَّلين والآخرين يَوْم الْقِيَامَة ليَوْم لَا ريب فِيهِ نَادَى مُنَاد من كَانَ أشرك فِي عمله لله أحدا فليطلب ثَوَابه من عِنْده فَإِن الله أغْنى الشُّرَكَاء عَن الشّرك

رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير من جَامعه وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْبَيْهَقِيّ

• وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ قَالَ الله عز وجل أَنا أغْنى الشُّرَكَاء عَن الشّرك فَمن عمل لي عملا أشرك فِيهِ غَيْرِي فَأَنا مِنْهُ بَرِيء وَهُوَ للَّذي أشرك

رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَالْبَيْهَقِيّ

ورواة ابْن مَاجَه ثِقَات

• وَعَن شهر بن حَوْشَب عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم قَالَ لما دخلت مَسْجِد الْجَابِيَة ألفينا عبَادَة بن الصَّامِت فَأخذ يَمِيني بِشمَالِهِ وشمال أبي الدَّرْدَاء بِيَمِينِهِ فَخرج يمشي بَيْننَا وَنحن ننتجي وَالله أعلم بِمَا نتناجى فَقَالَ عبَادَة بن الصَّامِت لَئِن طَال بكما عمر أَحَدكُمَا أَو كلاكما لتوشكان أَن تريا الرجل من ثبج الْمُسلمين يَعْنِي من وسط قراء الْقُرْآن على لِسَان مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قد أَعَادَهُ وأبداه فأحل حَلَاله وَحرم حرَامه وَنزل عِنْد مَنَازِله لَا يحور مِنْهُ إِلَّا كَمَا يحور رَأس الْحمار الْمَيِّت

قَالَ فَبَيْنَمَا نَحن كَذَلِك إِذْ طلع علينا شَدَّاد بن أَوْس وعَوْف بن مَالك رضي الله عنهما فَجَلَسَا إِلَيْهِ فَقَالَ شَدَّاد إِن أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم أَيهَا النَّاس لما سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من الشَّهْوَة الْخفية والشرك فَقَالَ عبَادَة بن الصَّامِت وَأَبُو الدَّرْدَاء اللَّهُمَّ غفرا أولم يكن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد حَدثنَا أَن الشَّيْطَان قد يئس أَن يعبد فِي جَزِيرَة الْعَرَب فَأَما الشَّهْوَة الْخفية فقد عرفناها هِيَ شهوات الدُّنْيَا من نسائها وشهواتها فَمَا هَذَا الشّرك الَّذِي تخوفنا بِهِ يَا شَدَّاد فَقَالَ شَدَّاد أَرَأَيْتُم لَو رَأَيْتُمْ رجلا يُصَلِّي لرجل أَو يَصُوم لرجل أَو يتَصَدَّق لَهُ لقد أشرك قَالَ عَوْف بن مَالك عِنْد ذَلِك أَفلا يعمد الله إِلَى مَا ابْتغِي بِهِ وَجهه من ذَلِك الْعَمَل كُله فَيقبل مَا خلص لَهُ ويدع مَا أشرك بِهِ قَالَ شَدَّاد عِنْد ذَلِك فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الله عز وجل قَالَ أَنا خير قسيم لمن أشرك بِي من أشرك بِي شَيْئا فَإِن جسده وَعَمله وقليله وَكَثِيره لشَرِيكه الَّذِي أشرك بِهِ أَنا عَنهُ غَنِي

رَوَاهُ أَحْمد وَشهر يَأْتِي ذكره وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَلَفظه عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم أَنه كَانَ

ص: 35

فِي مَسْجِد دمشق مَعَ نفر من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فيهم معَاذ بن جبل فَقَالَ عبد الرَّحْمَن يَا أَيهَا النَّاس إِن أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم الشّرك الْخَفي فَقَالَ معَاذ بن جبل اللَّهُمَّ غفرا أوما سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول حَيْثُ وَدعنَا إِن الشَّيْطَان قد يئس أَن يعبد فِي جزيرتكم هَذِه وَلَكِن يطاع فِيمَا تَحْتَقِرُونَ من أَعمالكُم فقد رَضِي بذلك فَقَالَ عبد الرَّحْمَن أنْشدك الله يَا معَاذ أما سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من صَامَ رِيَاء فقد أشرك وَمن تصدق رِيَاء فقد أشرك

فَذكر الحَدِيث وَإِسْنَاده لَيْسَ بالقائم وَرَوَاهُ أَحْمد أَيْضا وَالْحَاكِم من رِوَايَة عبد الْوَاحِد بن زيد عَن عبَادَة بن نسي قَالَ دخلت على شَدَّاد بن أَوْس فِي مُصَلَّاهُ وَهُوَ يبكي فَقلت يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن مَا الَّذِي أبكاك قَالَ حَدِيث سمعته من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

قلت وَمَا هُوَ قَالَ بَيْنَمَا أَنا عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذْ رَأَيْت بِوَجْهِهِ أمرا سَاءَنِي فَقلت بِأبي وَأمي يَا رَسُول الله مَا الَّذِي أرى بِوَجْهِك

قَالَ أمرا أتخوفه على أمتِي الشّرك وشهوة خُفْيَة

قلت وتشرك أمتك من بعْدك قَالَ يَا شَدَّاد إِنَّهُم لَا يعْبدُونَ شمسا وَلَا وثنا وَلَا حجرا وَلَكِن يراؤون النَّاس بأعمالهم

قلت يَا رَسُول الله الرِّيَاء شرك هُوَ قَالَ نعم

قلت فَمَا الشَّهْوَة الْخفية قَالَ يصبح أحدهم صَائِما فتعرض لَهُ شَهْوَة من شهوات الدُّنْيَا فيفطر

قَالَ الْحَاكِم وَاللَّفْظ لَهُ صَحِيح الْإِسْنَاد

قلت كَيفَ وَعبد الْوَاحِد بن زيد الزَّاهِد مَتْرُوك وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه مُخْتَصرا من رِوَايَة رواد بن الْجراح عَن عَامر بن عبد الله عَن الْحسن بن ذكْوَان عَن عبَادَة بن نسي عَن شَدَّاد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن أخوف مَا أَخَاف على أمتِي الْإِشْرَاك بِاللَّه أما إِنِّي لست أَقُول يعْبدُونَ شمسا وَلَا قمرا وَلَا وثنا وَلَكِن أعمالا لغير الله وشهوة خُفْيَة

وعامر بن عبد الله لَا يعرف ورواد يَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وروى الْبَيْهَقِيّ عَن يعلى بن شَدَّاد عَن أَبِيه قَالَ كُنَّا نعد الرِّيَاء فِي زمن النَّبِي صلى الله عليه وسلم الشّرك الْأَصْغَر

• وَعَن الْقَاسِم بن مخيمرة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يقبل الله عملا فِيهِ مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من رِيَاء

رَوَاهُ ابْن جرير الطَّبَرِيّ مُرْسلا

• وَرُوِيَ عَن عدي بن حَاتِم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُؤمر يَوْم الْقِيَامَة بناس من النَّاس إِلَى الْجنَّة حَتَّى إِذا دنوا مِنْهَا واستنشقوا رِيحهَا ونظروا إِلَى قُصُورهَا وَمَا أعد الله

ص: 36

لاهلها فِيهَا نُودُوا أَن اصرفوهم عَنْهَا لَا نصيب لَهُم فِيهَا فيرجعون بحسرة مَا رَجَعَ الْأَولونَ بِمِثْلِهَا فَيَقُولُونَ رَبنَا لَو أدخلتنا النَّار قبل أَن ترينا مَا أريتنا من ثوابك وَمَا أَعدَدْت فِيهَا لاوليائك كَانَ أَهْون علينا قَالَ ذَاك أردْت بكم كُنْتُم إِذا خلوتم بارزتموني بالعظائم وَإِذا لَقِيتُم النَّاس لقيتموهم مخبتين تراؤون النَّاس بِخِلَاف مَا تعطوني من قُلُوبكُمْ هبتم النَّاس وَلم تهابوني وأجللتم النَّاس وَلم تجلوني وتركتم للنَّاس وَلم تتركوني الْيَوْم أذيقكم أَلِيم الْعَذَاب مَعَ مَا حرمتم من الثَّوَاب

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالْبَيْهَقِيّ

• وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا كَانَ آخر الزَّمَان صَارَت أمتِي ثَلَاث فرق فرقة يعْبدُونَ الله خَالِصا وَفرْقَة يعْبدُونَ الله رِيَاء وَفرْقَة يعْبدُونَ الله ليستأكلوا بِهِ النَّاس فَإِذا جمعهم الله يَوْم الْقِيَامَة قَالَ للَّذي يستأكل النَّاس بعزتي وَجَلَالِي مَا أردْت بعبادتي فَيَقُول وَعزَّتك وجلالك أستأكل بِهِ النَّاس قَالَ لم ينفعك مَا جمعت انْطَلقُوا بِهِ إِلَى النَّار ثمَّ يَقُول للَّذي كَانَ يعبده رِيَاء بعزتي وَجَلَالِي مَا أردْت بعبادتي قَالَ بعزتك وجلالك رِيَاء النَّاس قَالَ لم يصعد إِلَيّ مِنْهُ شَيْء انْطَلقُوا بِهِ إِلَى النَّار ثمَّ يَقُول للَّذي كَانَ يعبده خَالِصا بعزتي وَجَلَالِي مَا أردْت بعبادتي قَالَ بعزتك وجلالك أَنْت أعلم بذلك من أردْت بِهِ أردْت بِهِ ذكرك ووجهك قَالَ صدق عَبدِي انْطَلقُوا بِهِ إِلَى الْجنَّة

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من رِوَايَة عبيد بن إِسْحَاق الْعَطَّار وَبَقِيَّة رُوَاته ثِقَات وَالْبَيْهَقِيّ عَن مولى أنس وَلم يسمه قَالَ قَالَ أنس قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذكره بِاخْتِصَار

• وَعنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُؤْتى يَوْم الْقِيَامَة بصحف مختمة فتنصب بَين

ص: 37

يَدي الله تَعَالَى فَيَقُول تبارك وتعالى ألقوا هَذِه واقبلوا هَذِه فَتَقول الْمَلَائِكَة وَعزَّتك وجلالك مَا رَأينَا إِلَّا خيرا فَيَقُول الله عز وجل إِن هَذَا كَانَ لغير وَجْهي وَإِنِّي لَا أقبل إِلَّا مَا ابْتغِي بِهِ وَجْهي

رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَادَيْنِ رُوَاة أَحدهمَا رُوَاة الصَّحِيح وَالْبَيْهَقِيّ

• وَرُوِيَ عَن معَاذ رضي الله عنه أَن رجلا قَالَ حَدثنِي حَدِيثا سمعته من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فَبكى معَاذ حَتَّى ظَنَنْت أَنه لَا يسكت ثمَّ سكت ثمَّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لي يَا معَاذ قلت لَهُ لبيْك بِأبي أَنْت وَأمي

قَالَ إِنِّي محدثك حَدِيثا إِن أَنْت حفظته نفعك وَإِن أَنْت ضيعته وَلم تحفظه انْقَطَعت حجتك عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة يَا معَاذ إِن الله خلق سَبْعَة أَمْلَاك قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض ثمَّ خلق السَّمَوَات فَجعل لكل سَمَاء من السَّبْعَة ملكا بوابا عَلَيْهَا قد جللها عظما فتصعد الْحفظَة بِعَمَل العَبْد من حِين أصبح إِلَى أَن أَمْسَى لَهُ نور كنور الشَّمْس حَتَّى إِذا صعدت بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا ذكرته فكثرته فَيَقُول الْملك للحفظة اضربوا بِهَذَا الْعَمَل وَجه صَاحبه أَنا صَاحب الْغَيْبَة أَمرنِي رَبِّي أَن لَا أدع عمل من اغتاب النَّاس يجاوزني إِلَى غَيْرِي قَالَ ثمَّ تَأتي الْحفظَة بِعَمَل صَالح من أَعمال العَبْد فتمر فتزكيه وتكثره حَتَّى تبلغ بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَيَقُول لَهُم الْملك الْمُوكل بالسماء الثَّانِيَة قفوا واضربوا بِهَذَا الْعَمَل وَجه صَاحبه إِنَّه أَرَادَ بِعَمَلِهِ هَذَا عرض الدُّنْيَا أَمرنِي رَبِّي أَن لَا أدع عمله يجاوزني إِلَى غَيْرِي إِنَّه كَانَ يفتخر على النَّاس فِي مجَالِسهمْ قَالَ وتصعد الْحفظَة بِعَمَل العَبْد يبتهج نورا من صَدَقَة وَصِيَام وَصَلَاة قد أعجب الْحفظَة فتجاوزوا بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَيَقُول لَهُم الْملك الْمُوكل بهَا قفوا واضربوا بِهَذَا الْعَمَل وَجه صَاحبه أَنا ملك الْكبر أَمرنِي رَبِّي أَن لَا أدع عمله يجاوزني إِلَى غَيْرِي إِنَّه كَانَ يتكبر على النَّاس فِي مجَالِسهمْ

قَالَ وتصعد الْحفظَة بِعَمَل العَبْد يزهر كَمَا يزهر الْكَوْكَب الدُّرِّي لَهُ دوِي من تَسْبِيح وَصَلَاة وَحج وَعمرَة حَتَّى يجاوزوا بِهِ إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَيَقُول لَهُم الْملك الْمُوكل بهَا قفوا واضربوا بِهَذَا الْعَمَل وَجه صَاحبه اضربوا ظَهره وبطنه أَنا صَاحب الْعجب أَمرنِي رَبِّي أَن لَا أدع عمله يجاوزني إِلَى غَيْرِي إِنَّه كَانَ إِذا عمل عملا أَدخل الْعجب فِي عمله

قَالَ وتصعد الْحفظَة بِعَمَل العَبْد حَتَّى يجاوزوا بِهِ إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة كَأَنَّهُ الْعَرُوس المزفوفة إِلَى بَعْلهَا فَيَقُول لَهُم الْملك الْمُوكل بهَا قفوا واضربوا بِهَذَا الْعَمَل وَجه صَاحبه واحملوه على عَاتِقه أَنا ملك الْحَسَد إِنَّه كَانَ يحْسد النَّاس مِمَّن يتَعَلَّم وَيعْمل بِمثل عمله وكل من كَانَ يَأْخُذ فضلا من الْعِبَادَة يحسدهم وَيَقَع فيهم أَمرنِي رَبِّي أَن لَا أدع عمله يجاوزني إِلَى غَيْرِي قَالَ وتصعد الْحفظَة بِعَمَل العَبْد من صَلَاة وَزَكَاة وَحج وَعمرَة وَصِيَام فيجاوزون بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَيَقُول لَهُم الْملك الْمُوكل بهَا قفوا واضربوا بِهَذَا الْعَمَل وَجه صَاحبه إِنَّه كَانَ لَا يرحم إنْسَانا قطّ من عباد الله أَصَابَهُ بلَاء أَو ضرّ بل كَانَ يشمت بِهِ أَنا ملك الرَّحْمَة أَمرنِي رَبِّي أَن لَا أدع

ص: 38

عمله يجاوزني إِلَى غَيْرِي قَالَ وتصعد الْحفظَة بِعَمَل العَبْد إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة من صَوْم وَصَلَاة وَنَفَقَة واجتهاد وورع لَهُ دوِي كَدَوِيِّ الرَّعْد وضوء كضوء الشَّمْس مَعَه ثَلَاثَة آلَاف ملك فيجاوزون بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَيَقُول لَهُم الْمُوكل بهَا قفوا واضربوا بِهَذَا الْعَمَل وَجه صَاحبه واضربوا جوارحه اقفلوا على قلبه إِنِّي أحجب عَن رَبِّي كل عمل لم يرد بِهِ وَجه رَبِّي إِنَّه أَرَادَ بِعَمَلِهِ غير الله إِنَّه أَرَادَ بِهِ رفْعَة عِنْد الْفُقَهَاء وذكرا عِنْد الْعلمَاء وصوتا فِي الْمَدَائِن أَمرنِي رَبِّي أَن لَا أدع عمله يجاوزني إِلَى غَيْرِي وكل عمل لم يكن لله خَالِصا فَهُوَ رِيَاء وَلَا يقبل الله عمل الْمرَائِي قَالَ وتصعد الْحفظَة بِعَمَل العَبْد من صَلَاة وَزَكَاة وَصِيَام وَحج وَعمرَة وَخلق حسن وَصمت وَذكر لله تَعَالَى وتشيعه مَلَائِكَة السَّمَوَات حَتَّى يقطعوا بِهِ الْحجب كلهَا إِلَى الله عز وجل فيقفون بَين يَدَيْهِ وَيشْهدُونَ لَهُ بِالْعَمَلِ الصَّالح المخلص لله قَالَ فَيَقُول الله لَهُم أَنْتُم الْحفظَة على عمل عَبدِي وَأَنا الرَّقِيب على نَفسه إِنَّه لم يردني بِهَذَا الْعَمَل وَأَرَادَ بِهِ غَيْرِي فَعَلَيهِ لَعْنَتِي فَتَقول الْمَلَائِكَة كلهَا عَلَيْهِ لعنتك ولعنتنا وَتقول السَّمَوَات كلهَا عَلَيْهِ لعنة الله ولعنتنا وتلعنه السَّمَوَات السَّبع وَمن فِيهِنَّ

قَالَ معَاذ قلت يَا رَسُول الله أَنْت رَسُول الله وَأَنا معَاذ قَالَ اقتد بِي وَإِن كَانَ فِي عَمَلك تَقْصِير يَا معَاذ حَافظ على لسَانك من الوقيعة فِي إخوانك من حَملَة الْقُرْآن واحمل ذنوبك عَلَيْك وَلَا تحملهَا عَلَيْهِم وَلَا تزك نَفسك بذمهم وَلَا ترفع نَفسك عَلَيْهِم وَلَا تدخل عمل الدُّنْيَا فِي عمل الْآخِرَة وَلَا تتكبر فِي مجلسك لكَي يحذر النَّاس من سوء خلقك وَلَا تناج رجلا وعندك آخر

وَلَا تتعظم على النَّاس فَيَنْقَطِع عَنْك خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَا تمزق النَّاس فتمزقك كلاب النَّار يَوْم الْقِيَامَة فِي النَّار قَالَ الله تَعَالَى والناشطات نشطا النازعات 2 أَتَدْرِي مَا هن يَا معَاذ

قلت مَا هن بِأبي أَنْت وَأمي قَالَ كلاب فِي النَّار تنشط اللَّحْم والعظم

قلت بِأبي أَنْت وَأمي فَمن يُطيق هَذِه الْخِصَال وَمن ينجو مِنْهَا قَالَ يَا معَاذ إِنَّه ليسير على من يسره الله عَلَيْهِ

قَالَ فَمَا رَأَيْت أَكثر تِلَاوَة لِلْقُرْآنِ من معَاذ للحذر مِمَّا فِي هَذَا الحَدِيث

رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك فِي كتاب الزّهْد عَن رجل لم يسمه عَن معَاذ وَرَوَاهُ

ص: 39

ابْن حبَان فِي غير الصَّحِيح وَالْحَاكِم وَغَيرهمَا وَرُوِيَ عَن عَليّ وَغَيره وَبِالْجُمْلَةِ فآثار الْوَضع ظَاهِرَة عَلَيْهِ فِي جَمِيع طرقه وبجميع أَلْفَاظه

فصل

• عَن أبي عَليّ رجل من بني كَاهِل قَالَ خَطَبنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا هَذَا الشّرك فَإِنَّهُ أخْفى من دَبِيب النَّمْل فَقَامَ إِلَيْهِ عبد الله بن حزن وَقيس بن الْمضَارب

فَقَالَا وَالله لَنخْرجَنَّ مِمَّا قلت أَو لنأتين عمر مَأْذُونا لنا أَو غير مَأْذُون

فَقَالَ بل أخرج مِمَّا قلت خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذَات يَوْم فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا هَذَا الشّرك فَإِنَّهُ أخْفى من دَبِيب النَّمْل

فَقَالَ لَهُ من شَاءَ الله أَن يَقُول وَكَيف نتقيه وَهُوَ أخْفى من دَبِيب النَّمْل يَا رَسُول الله قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك من أَن نشْرك بك شَيْئا نعلمهُ ونستغفرك لما لَا نعلمهُ

رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَرُوَاته إِلَى أبي عَليّ مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح

وَأَبُو عَليّ وَثَّقَهُ ابْن حبَان وَلم أر أحدا جرحه وَرَوَاهُ أَبُو يعلى بِنَحْوِهِ من حَدِيث حُذَيْفَة إِلَّا أَنه قَالَ فِيهِ يَقُول كل يَوْم ثَلَاث مَرَّات

• التَّرْغِيب فِي اتِّبَاع الْكتاب وَالسّنة

• عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة رضي الله عنه قَالَ وعظنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت مِنْهَا الْقُلُوب وذرفت مِنْهَا الْعُيُون فَقُلْنَا يَا رَسُول الله كَأَنَّهَا موعظة مُودع فأوصنا

قَالَ أوصيكم بتقوى الله والسمع وَالطَّاعَة وَإِن تَأمر عَلَيْكُم عبد

وَإنَّهُ من يَعش مِنْكُم فسيرى اخْتِلَافا كثيرا فَعَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين عضوا عَلَيْهَا بالنواجذ وَإِيَّاكُم ومحدثات الْأُمُور فَإِن كل بِدعَة ضَلَالَة

رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح

قَوْله عضوا عَلَيْهَا بالنواجذ أَي اجتهدوا على السّنة والزموها واحرصوا عَلَيْهَا كَمَا

ص: 40

يلْزم العاض على الشَّيْء بنواجذه خوفًا من ذَهَابه وتفلته والن بالنُّون وَالْجِيم والذال الْمُعْجَمَة هِيَ الأنياب وَقيل الأضراس

• وَعَن أبي شُرَيْح الْخُزَاعِيّ قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَلَيْسَ تَشْهَدُون أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله قَالُوا بلَى

قَالَ إِن هَذَا الْقُرْآن طرفه بيد الله وطرفه بِأَيْدِيكُمْ فَتمسكُوا بِهِ فَإِنَّكُم لن تضلوا وَلنْ تهلكوا بعده أبدا

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِإِسْنَاد جيد

• وَرُوِيَ عَن جُبَير بن مطعم قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِالْجُحْفَةِ فَقَالَ أَلَيْسَ تَشْهَدُون أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَنِّي رَسُول الله وَأَن الْقُرْآن جَاءَ من عِنْد الله قُلْنَا بلَى

قَالَ فأبشروا فَإِن هَذَا الْقُرْآن طرفه بيد الله وطرفه بِأَيْدِيكُمْ فَتمسكُوا بِهِ فَإِنَّكُم لن تهلكوا وَلنْ تضلوا بعده أبدا

رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالصَّغِير

• وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أكل طيبا وَعمل فِي سنة وَأمن النَّاس بوائقه دخل الْجنَّة قَالُوا يَا رَسُول الله إِن هَذَا فِي أمتك الْيَوْم كثير

قَالَ وسيكون فِي قوم بعدِي

رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الصمت وَغَيره وَالْحَاكِم وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد

• وَعَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من تمسك بِسنتي عِنْد فَسَاد أمتِي فَلهُ أجر مائَة شَهِيد

رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة الْحسن بن قُتَيْبَة وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ إِلَّا أَنه قَالَ فَلهُ أجر شَهِيد

• وَعنهُ أَيْضا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خطب النَّاس فِي حجَّة الْوَدَاع فَقَالَ إِن الشَّيْطَان قد يئس أَن يعبد بأرضكم وَلَكِن رَضِي أَن يطاع فِيمَا سوى ذَلِك مِمَّا تحاقرون من أَعمالكُم فاحذروا إِنِّي قد تركت فِيكُم مَا إِن اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تضلوا أبدا كتاب الله وَسنة نبيه الحَدِيث

رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد

احْتج البُخَارِيّ بِعِكْرِمَةَ وَاحْتج مُسلم بِأبي أويس وَله أصل فِي الصَّحِيح

• وَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ الاقتصاد فِي السّنة أحسن من الِاجْتِهَاد فِي الْبِدْعَة

رَوَاهُ الْحَاكِم مَوْقُوفا وَقَالَ إِسْنَاده صَحِيح على شَرطهمَا

• وَعَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مرعوب فَقَالَ

ص: 41

وأطيعوني مَا كنت بَين أظْهركُم وَعَلَيْكُم بِكِتَاب الله أحلُّوا حَلَاله وحرموا حرَامه رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَرُوَاته ثِقَات 69 وَعَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ إِن هَذَا الْقُرْآن شَافِع مُشَفع من اتبعهُ قَادَهُ إِلَى الْجنَّة وَمن تَركه أَو أعرض عَنهُ أَو كلمة نَحْوهَا زج فِي قَفاهُ إِلَى النَّار

رَوَاهُ الْبَزَّار هَكَذَا مَوْقُوفا على ابْن مَسْعُود وَرَوَاهُ مَرْفُوعا من حَدِيث جَابر وَإسْنَاد الْمَرْفُوع جيد

• وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ خطب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِن الله قد أعْطى كل ذِي حق حَقه إِلَّا أَن الله قد فرض فَرَائض وَسن سننا وحد حدودا وَأحل حَلَالا وَحرم حَرَامًا وَشرع الدّين فَجعله سهلا سَمحا وَاسِعًا وَلم يَجعله ضيقا أَلا إِنَّه لَا إِيمَان لمن لَا أَمَانَة لَهُ وَلَا دين لمن لَا عهد لَهُ وَمن نكث ذمَّة الله طلبه وَمن نكث ذِمَّتِي خاصمته وَمن خاصمته فلجت عَلَيْهِ وَمن نكث ذِمَّتِي لم ينل شَفَاعَتِي وَلم يرد على الْحَوْض

الحَدِيث رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير

قَوْله فلجت عَلَيْهِ بِالْجِيم أَي ظَهرت عَلَيْهِ بِالْحجَّةِ والبرهان وظفرت بِهِ

• وَعَن عَابس بن ربيعَة قَالَ رَأَيْت عمر بن الْخطاب رضي الله عنه يقبل الْحجر يَعْنِي الْأسود وَيَقُول إِنِّي لأعْلم أَنَّك حجر لَا تَنْفَع وَلَا تضر وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك مَا قبلتك

رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ

• وَعَن عُرْوَة بن عبد الله بن قُشَيْر قَالَ حَدثنِي مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أَبِيه قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي رَهْط من مزينة فَبَايَعْنَاهُ وَإنَّهُ لمُطلق الأزرار فأدخلت يَدي فِي جنب قَمِيصه فمسست الْخَاتم

قَالَ عُرْوَة فَمَا رَأَيْت مُعَاوِيَة وَلَا ابْنه قطّ فِي شتاء وَلَا صيف إِلَّا مطلقي الأزرار

رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ ابْن مَاجَه إِلَّا مُطلقَة أزرارهما

• وَعَن زيد بن أسلم قَالَ رَأَيْت ابْن عمر يُصَلِّي محلولا أزراره فَسَأَلته عَن ذَلِك

ص: 42

فَقَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَفْعَله

رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه عَن الْوَلِيد بن مُسلم عَن زيد وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَغَيره عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد عَن زيد

• وَعَن مُجَاهِد قَالَ كُنَّا مَعَ ابْن عمر رحمه الله فِي سفر فَمر بمَكَان فحاد عَنهُ فَسئلَ لم فعلت ذَلِك قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فعل هَذَا فَفعلت

رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار بِإِسْنَاد جيد

قَوْله حاد بِالْحَاء وَالدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ أَي تنحى عَنهُ وَأخذ يَمِينا أَو شمالا

• وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَنه كَانَ يَأْتِي شَجَرَة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة فيقيل تحتهَا ويخبر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يفعل ذَلِك

رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ

• وَعَن ابْن سِيرِين قَالَ كنت مَعَ ابْن عمر رحمه الله بِعَرَفَات فَلَمَّا كَانَ حِين رَاح رحت مَعَه حَتَّى أَتَى الإِمَام فصلى مَعَه الأولى وَالْعصر ثمَّ وقف وَأَنا وَأَصْحَاب لي حَتَّى أَفَاضَ الامام فأفضنا مَعَه حَتَّى انْتهى إِلَى الْمضيق دون المأزمين فَأَنَاخَ وأنخنا وَنحن نحسب أَنه يُرِيد أَن يُصَلِّي فَقَالَ غُلَامه الَّذِي يمسك رَاحِلَته إِنَّه لَيْسَ يُرِيد الصَّلَاة وَلكنه ذكر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما انْتهى إِلَى هَذَا الْمَكَان قضى حَاجته فَهُوَ يحب أَن يقْضِي حَاجته

رَوَاهُ أَحْمد وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح

قَالَ الْحَافِظ رحمه الله والْآثَار عَن الصَّحَابَة رضي الله عنهم فِي اتباعهم لَهُ واقتفائهم سنته كَثِيرَة جدا

وَالله الْمُوفق لَا رب غَيره

• التَّرْهِيب من ترك السّنة وارتكاب الْبدع والأهواء

• عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أحدث فِي أمرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رد

رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَلَفظه من صنع أمرا على غير أمرنَا فَهُوَ رد

وَابْن مَاجَه

ص: 43

وَفِي رِوَايَة لمُسلم من عمل عملا لَيْسَ عَلَيْهِ أمرنَا فَهُوَ رد

• وَعَن جَابر رضي الله عنه قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا خطب احْمَرَّتْ عَيناهُ وَعلا صَوته وَاشْتَدَّ غَضَبه كَأَنَّهُ مُنْذر جَيش يَقُول صبحكم ومساكم وَيَقُول بعثت أَنا والساعة كهاتين ويقرن بَين أصبعيه السبابَة وَالْوُسْطَى

وَيَقُول أما بعد فَإِن خير الحَدِيث كتاب الله وَخير الْهَدْي هدي مُحَمَّد وَشر الْأُمُور محدثاتها وكل بِدعَة ضَلَالَة

ثمَّ يَقُول أَنا أولى بِكُل مُؤمن من نَفسه من ترك مَالا فلاهله وَمن ترك دينا أَو ضيَاعًا فَإِلَيَّ وَعلي

رَوَاهُ مُسلم وَابْن مَاجَه وَغَيرهمَا

• وَعَن مُعَاوِيَة رضي الله عنه قَالَ قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَلا إِن من كَانَ قبلكُمْ من أهل الْكتاب افْتَرَقُوا على ثِنْتَيْنِ وَسبعين مِلَّة وَإِن هَذِه الْأمة ستفرق على ثَلَاث وَسبعين ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّار وَوَاحِدَة فِي الْجنَّة وَهِي الْجَمَاعَة

رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَزَاد فِي رِوَايَة وَإنَّهُ ليخرج فِي أمتِي أَقوام تتجارى بهم الْأَهْوَاء كَمَا يتجارى الْكَلْب بِصَاحِبِهِ لَا يبْقى مِنْهُ عرق وَلَا مفصل إِلَّا دخله

قَوْله الْكَلْب بِفَتْح الْكَاف وَاللَّام

قَالَ الْخطابِيّ هُوَ دَاء يعرض للْإنْسَان من عضة الْكَلْب الْكَلْب قَالَ وعلامة ذَلِك فِي الْكَلْب أَن تحمر عَيناهُ وَلَا يزَال يدْخل ذَنبه بَين رجلَيْهِ فَإِذا رأى إنْسَانا ساوره

• وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ سِتَّة لعنتهم ولعنهم الله وكل نَبِي مجاب الزَّائِد فِي كتاب الله عز وجل والمكذب بِقدر الله والمتسلط على أمتِي بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من أذلّ الله والمستحل حُرْمَة الله والمستحل من عِتْرَتِي مَا حرم الله والتارك السّنة

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلَا أعرف لَهُ عِلّة

• وَعَن أبي بَرزَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّمَا أخْشَى عَلَيْكُم شهوات الغي

ص: 44

فِي بطونكم وفروجكم ومضلات الْهوى

رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي معاجيمه الثَّلَاثَة وَبَعض أسانيدهم رُوَاته ثِقَات

• وَعَن عَمْرو بن عَوْف رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِنِّي أَخَاف على أمتِي من ثَلَاث من زلَّة عَالم وَمن هوى مُتبع وَمن حكم جَائِر

رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق كثير بن عبد الله وَهُوَ واه وَقد حسنها التِّرْمِذِيّ فِي مَوَاضِع وصححها فِي مَوضِع فَأنْكر عَلَيْهِ وَاحْتج بهَا ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه

• وَرُوِيَ عَن غُضَيْف بن الْحَارِث الثمالِي قَالَ بعث إِلَيّ عبد الْملك بن مَرْوَان فَقَالَ يَا أَبَا سُلَيْمَان إِنَّا قد جَمعنَا النَّاس على أَمريْن فَقَالَ وَمَا هما قَالَ رفع الْأَيْدِي على المنابر يَوْم الْجُمُعَة والقصص بعد الصُّبْح وَالْعصر فَقَالَ أما إنَّهُمَا أمثل بدعتكم عِنْدِي وَلست بمجيبكم إِلَى شَيْء مِنْهُمَا

قَالَ لم قَالَ لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا أحدث قوم بِدعَة إِلَّا رفع مثلهَا من السّنة فتمسك بِسنة خير من إِحْدَاث بِدعَة

رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار

• وروى عَنهُ الطَّبَرَانِيّ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من أمة ابتدعت بعد نبيها فِي دينهَا إِلَّا أضاعت مثلهَا من السّنة

• وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا تَحت ظلّ السَّمَاء من إِلَه يعبد أعظم عِنْد الله من هوى مُتبع

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَابْن أبي عَاصِم فِي كتاب السّنة

• وَعَن أنس رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ وَأما المهلكات فشح مُطَاع وَهوى مُتبع وَإِعْجَاب الْمَرْء بِنَفسِهِ

رَوَاهُ الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ وَغَيرهمَا وَيَأْتِي بِتَمَامِهِ فِي انْتِظَار الصَّلَاة إِن شَاءَ الله تَعَالَى

• وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله حجب التَّوْبَة عَن كل صَاحب بِدعَة حَتَّى يدع بدعته

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَإِسْنَاده حسن وَرَوَاهُ ابْن

ص: 45

مَاجَه وَابْن عَاصِم فِي كتاب السّنة من حَدِيث ابْن عَبَّاس

وَلَفْظهمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَبى الله أَن يقبل عمل صَاحب بِدعَة حَتَّى يدع بدعته

وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه أَيْضا من حَدِيث حُذَيْفَة وَلَفظه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يقبل الله لصَاحب بِدعَة صوما وَلَا صَلَاة وَلَا حجا وَلَا عمْرَة وَلَا جهادا وَلَا صرفا وَلَا عدلا يخرج من الاسلام كَمَا يخرج الشّعْر من الْعَجِين

• وَعَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إيَّاكُمْ والمحدثات فَإِن كل محدثة ضَلَالَة

رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَتقدم بِتَمَامِهِ بِنَحْوِهِ

• وَرُوِيَ عَن أبي بكر الصّديق رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن إِبْلِيس قَالَ أهلكتهم بِالذنُوبِ فأهلكوني بالاستغفار فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك أهلكتهم بالأهواء فهم يحسبون أَنهم مهتدون فَلَا يَسْتَغْفِرُونَ

رَوَاهُ ابْن أبي عَاصِم وَغَيره

• وَعَن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لكل عمل شرة وَلكُل شرة فَتْرَة فَمن كَانَت فترته إِلَى سنتي فقد اهْتَدَى وَمن كَانَت فترته إِلَى غير ذَلِك فقد هلك

رَوَاهُ ابْن أبي عَاصِم وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لكل عمل شرة وَلكُل شرة فَتْرَة فَإِن كَانَ صَاحبهَا سَاد أَو قَارب فارجوه وَإِن أُشير إِلَيْهِ بالأصابع فَلَا تعدوه

الشرة بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء بعْدهَا تَاء تَأْنِيث هِيَ النشاط والهمة وشرة الشَّبَاب أَوله وحدته

• وَعَن أنس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني

رَوَاهُ مُسلم

• وَعَن عَمْرو بن عَوْف رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لِبلَال بن الْحَارِث

ص: 46

يَوْمًا اعْلَم يَا بِلَال قَالَ مَا أعلم يَا رَسُول الله قَالَ اعْلَم أَن من أَحْيَا سنة من سنتي أميتت بعدِي كَانَ لَهُ من الْأجر مثل من عمل بهَا من غير أَن ينقص من أُجُورهم شَيْئا وَمن ابتدع بِدعَة ضَلَالَة لَا يرضاها الله وَرَسُوله كَانَ عَلَيْهِ مثل آثام من عمل بهَا لَا ينقص ذَلِك من أوزار النَّاس شَيْئا

رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه كِلَاهُمَا من طَرِيق كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن

قَالَ الْحَافِظ بل كثير بن عبد الله مَتْرُوك رَوَاهُ كَمَا تقدم وَلَكِن للْحَدِيث شَوَاهِد

• وَعَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة رضي الله عنه أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لقد تركتكم على مثل الْبَيْضَاء لَيْلهَا كنهارها لَا يزِيغ عَنْهَا إِلَّا هَالك

رَوَاهُ ابْن أبي عَاصِم فِي كتاب السّنة بِإِسْنَاد حسن

• وَعَن عَمْرو بن زُرَارَة قَالَ وقف عَليّ عبد الله يَعْنِي ابْن مَسْعُود وَأَنا أقص فَقَالَ يَا عَمْرو لقد ابتدعت بِدعَة ضَلَالَة أَو إِنَّك لأهدى من مُحَمَّد وَأَصْحَابه فَلَقَد رَأَيْتهمْ تفَرقُوا عني حَتَّى رَأَيْت مَكَاني مَا فِيهِ أحد

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِإِسْنَادَيْنِ أَحدهمَا صَحِيح

قَالَ الْحَافِظ عبد الْعَظِيم وَتَأْتِي أَحَادِيث مُتَفَرِّقَة من هَذَا النَّوْع فِي هَذَا الْكتاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى

التَّرْغِيب فِي الْبدَاءَة بِالْخَيرِ ليستن بِهِ والترهيب من الْبدَاءَة بِالشَّرِّ خوف أَن يستن بِهِ

• عَن جرير رضي الله عنه قَالَ كُنَّا فِي صدر النَّهَار عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ قوم غزَاة مجتابي النمار والعباء متقلدي السيوف عامتهم من مُضر بل كلهم من مُضر فتمعر وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى مَا بهم من الْفَاقَة فَدخل ثمَّ خرج فَأمر بِلَالًا فَأذن وَأقَام فصلى ثمَّ خطب فَقَالَ {يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم الَّذِي خَلقكُم من نفس وَاحِدَة} إِلَى آخر الْآيَة {إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيبا} النِّسَاء 1

وَالْآيَة الَّتِي فِي الْحَشْر

ص: 47

{اتَّقوا الله ولتنظر نفس مَا قدمت لغد} الْحَشْر 81

تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثَوْبه من صَاع بره من صَاع تمره حَتَّى قَالَ وَلَو بشق تَمْرَة

قَالَ فجَاء رجل من الْأَنْصَار بصرة كَادَت كَفه تعجز عَنْهَا بل قد عجزت قَالَ ثمَّ تتَابع النَّاس حَتَّى رَأَيْت كومين من طَعَام وَثيَاب حَتَّى رَأَيْت وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَتَهَلَّل كَأَنَّهُ مذهبَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من سنّ فِي الْإِسْلَام سنة حَسَنَة فَلهُ أجرهَا وَأجر من عمل بهَا من بعده من غير أَن ينقص من أُجُورهم شَيْء وَمن سنّ فِي الْإِسْلَام سنة سَيِّئَة كَانَ عَلَيْهِ وزرها ووزر من عمل بهَا من غير أَن ينقص من أوزارهم شَيْء

رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ بِاخْتِصَار الْقِصَّة

قَوْله مجتابي هُوَ بِالْجِيم الساكنة ثمَّ تَاء مثناة وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة والنمار جمع نمرة وَهِي كسَاء من صوف مخطط أَي لابسي النمار قد خرقوها فِي رؤوسهم والجوب الْقطع

وَقَوله تمعر هُوَ بِالْعينِ الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة أَي تغير

وَقَوله كَأَنَّهُ مذهبَة ضَبطه بعض الْحفاظ بدال مُهْملَة وهاء مَضْمُومَة وَنون وَضَبطه بَعضهم بذال مُعْجمَة وبفتح الْهَاء وَبعدهَا بَاء مُوَحدَة وَهُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور وَمَعْنَاهُ على كلا التَّقْدِيرَيْنِ ظهر الْبشر فِي وَجهه صلى الله عليه وسلم حَتَّى استنار وأشرق من السرُور والمذهبة صحيفَة منقشة بِالذَّهَب أَو ورقة من القرطاس مطلية بِالذَّهَب يصف حسنه وتلألؤه صلى الله عليه وسلم

• وَعَن حُذَيْفَة رضي الله عنه قَالَ سَأَلَ رجل على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأمْسك الْقَوْم ثمَّ إِن رجلا أعطَاهُ فَأعْطى الْقَوْم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من سنّ خيرا فاستن بِهِ كَانَ لَهُ أجره وَمثل أجور من تبعه غير منقص من أُجُورهم شَيْئا وَمن سنّ شرا فاستن بِهِ كَانَ عَلَيْهِ وزره وَمثل أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شَيْئا

رَوَاهُ أَحْمد وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة

• وَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ من نفس تقتل ظلما إِلَّا كَانَ على ابْن آدم الأول كفل من دَمهَا لِأَنَّهُ أول من سنّ الْقَتْل

رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ

ص: 48

• وَعَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من سنّ سنة حَسَنَة فَلهُ أجرهَا مَا عمل بهَا فِي حَيَاته وَبعد مماته حَتَّى تتْرك وَمن سنّ سنة سَيِّئَة فَعَلَيهِ إثمها حَتَّى تتْرك وَمن مَاتَ مرابطا جرى عَلَيْهِ عمل المرابط حَتَّى يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ

قَالَ الْحَافِظ وَتقدم فِي الْبَاب قبله حَدِيث كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لِبلَال بن الْحَارِث اعْلَم يَا بِلَال قَالَ مَا أعلم يَا رَسُول الله قَالَ إِنَّه من أَحْيَا سنة من سنتي قد أميتت بعدِي كَانَ لَهُ من الْأجر مثل من عمل بهَا من غير أَن ينقص من أُجُورهم شَيْئا وَمن ابتدع بِدعَة ضَلَالَة لَا يرضاها الله وَرَسُوله كَانَ عَلَيْهِ مثل آثام من عمل بهَا لَا ينقص ذَلِك من أوزار النَّاس شَيْئا

رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه

• وَعَن سهل بن سعد رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن هَذَا الْخَيْر خَزَائِن ولتلك الخزائن مَفَاتِيح فطوبى لعبد جعله الله عز وجل مفتاحا للخير مغلاقا للشر وويل لعبد جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير

رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن أبي عَاصِم وَفِي سَنَده لين وَهُوَ فِي التِّرْمِذِيّ بِقصَّة

• وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من دَاع يَدْعُو إِلَى شَيْء إِلَّا وقف يَوْم الْقِيَامَة لَازِما لدعوته مَا دَعَا إِلَيْهِ وَإِن دَعَا رجل رجلا

رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَرُوَاته ثِقَات

ص: 49