المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (وأن عليه النشأة الأخرى) - لقاء الباب المفتوح - جـ ١٧٩

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌لقاء الباب المفتوح [179]

- ‌ضرورة محاسبة النفس

- ‌تفسير آيات من سورة النجم

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأن إلى ربك المنتهى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأنه هو أضحك وأبكى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأنه هو أمات وأحيا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وأن عليه النشأة الأخرى)

- ‌الأسئلة

- ‌حكم جعل جوائز لمن يصوم نفلاً من الطلاب

- ‌قراءة (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) خلف المقام

- ‌حكم من رأى حلماً أزعجه

- ‌بيان إشكال حول قوله تعالى: (يخرج من بين الصلب والترائب)

- ‌حكم توزيع سعر السلعة على أقساط معينة بمسميات معينة

- ‌طريقة عقد النكاح

- ‌حكم المسح على خف لم يُلبس على طهارة

- ‌حكم ذكر القصص المرتبطة بالقضايا الأخلاقية في مقام وعظ عام أو خاص

- ‌مسألة دخول الشرك الأصغر تحت مشيئة الله

- ‌حكم المظاهرات في الشرع

- ‌بيان موعد يوم عاشوراء

- ‌بيان ارتباط العقيدة بالمنهج والسلوك

- ‌حكم الصلاة في مسجد لا تقام فيه الجماعة

- ‌حكم عملية ربط رحم المرأة للحاجة

- ‌حكم مس القارئ لجسد المرأة

- ‌كيفية تقليب الطلاب للمصحف في حال منع المدرس لهم من الخروج للوضوء

- ‌حكم القراءة على الملح ونفخه في أرجاء البيت

- ‌كيفية محاسبة الميت الذي يتأخر دفنه أو لا يتمكن من دفنه

- ‌حكم الشراكة على أن يكون لأحد الشريكين مبلغاً ثابتاً

- ‌حكم من استدان مبلغاً بإحدى العملات ثم تغيرت قيمتها

- ‌حكم التباكي أثناء قراءة القرآن

- ‌التفصيل في قطع النافلة إذا أقيمت الصلاة

- ‌حكم اتباع أحد الأئمة الأربعة

- ‌حكم الزيادة في صلاة التراويح على إحدى عشرة ركعة

- ‌حكم من أفتى بجواز الرمي في اليوم الثاني عشر قبل الزوال

- ‌حكم المسافر إذا أدرك الإمام وهو في التشهد في صلاة الجمعة

- ‌حكم زواج أولاد الإخوة من الرضاعة

- ‌حكم من نوى السفر وأقيمت الصلاة قبل خروجه من البلد

- ‌حكم من جلس في مكة لعذر بعد طواف الوداع

- ‌حكم اللحوم المستوردة

- ‌معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة)

- ‌وقت رمي الجمار

- ‌حكم تقديم الصلاة لمن يدخل البلد وقت الصلاة الثانية

- ‌حكم استخدام الوساطة لإسقاط المخالفات المرورية

- ‌حكم تعدد النية في النوافل

- ‌حكم الطواف بعد السعي

- ‌حكم من أمر بأمر يخالف الشريعة

- ‌كيفية الصدقة عن الميت

- ‌أجر الصلاة خارج المسجد النبوي

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (وأن عليه النشأة الأخرى)

‌تفسير قوله تعالى: (وأن عليه النشأة الأخرى)

قال تعالى: {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى} [النجم:47] على من؟ على الله، وفي هذا دليل على أن الله أوجب على نفسه أن يبعث الناس؛ لأن الناس لو كانوا يحيون ويموتون بلا إرجاع لكان هذا عبثاً محضاً، لأننا نعلم الآن أن الناس في الدنيا يختلفون في الغنى والفقر، والقوة والضعف، والذكاء والعقل، وغير ذلك، لو كان الخلق هكذا فقط بدون إرجاع لكان هذا منافياً للحكمة تماماً، لكن لا بد من رجوع، ولهذا قال:(وأن عليه) و (على) ماذا تفيد؟ مثلاً: إذا قلت: عليك تفعل كذا يعني: واجب، فـ (على) تفيد الوجوب، فيكون الله أوجب على نفسه أن ينشئ الناس مرة أخرى، ولا مانع أن الله يفرض على نفسه ما شاء، كما قال تعالى:{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام:54] أي: أوجب على نفسه الرحمة.

كذلك هنا قال: {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى} [النجم:47] أي: على الله، أوجب الله على نفسه أن ينشئ الناس نشأة أخرى للجزاء كلٌ بحسب عمله، والنشأة الأخرى تفيد بأن هنالك نشأة قبل، وهي النشأة الأولى، وهي ابتداء خلق الناس من عند الله عز وجل.

وفي قوله: (الأخرى) فائدة عظيمة وهي الإشارة إلى أن القادر على الأولى قادر على الآخرة، والنشأة الآخرة أهون من الأولى، كما قال عز وجل:{وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم:27] كله عليه هين، لكن الهين يختلف باعتبار ذاته لا باعتبار قدرة الله، فقدرة الله لا تختلف، فالأمر عنده (كن فيكون) سواء كان أعلى شيء أو أدنى شيء.

لكن بالنسبة للمقدور عليه أيهما أهون؟ الإعادة أهون أما بالنسبة لقدرة الله فكلها واحدة؛ لأن المسألة لا تعدو أن يقول: كن فيكون.

وبهذا نعرف أن بعض المفسرين رحمهم الله وعفا عنهم قالوا في قوله: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم:27] أي: وهو هين عليه، وهذا غلط، كيف يقول الله عن نفسه:(وهو أهون عليه) ونقول: وهو هين؟! لكن نقول: الهون له نسبتان: نسبة للمفعول، ونسبة للفاعل، بالنسبة للفاعل هما سواء؛ لأن كل شيء منهما يتكون بكلمة واحدة: كن فيكون.

وبالنسبة للمفعول يختلف، ولا شك أن الأول أشد من الثاني.

إذاً: كلمة: (الأخرى) فيها فائدة وهي: الإشارة إلى أن القادر على الأولى قادر على الأخرى من باب أولى، ومما يدل على ذلك قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم:27] .

أسأل الله تعالى أن يجعل مصيرنا ومصيركم إلى الجنة، وأن يجعل آخر أمورنا خيراً من أولها، إنه على كل شيءٍ قدير.

ص: 8