المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا) - لقاء الباب المفتوح - جـ ٢١٨

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌لقاء الباب المفتوح [218]

- ‌تفسير آيات من سورة الحديد

- ‌تفسير قوله تعالى: (اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها)

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضاً حسناً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون)

- ‌الأسئلة

- ‌حكم قتل الحشرات في الحرم

- ‌حكم تعبير الرؤيا

- ‌حكم مسح العين بإبهامي اليدين بعد قول المؤذن: أشهد أن محمداً رسول الله

- ‌حكم إنكار المنكر باستمرار في العمل

- ‌حكم قراءة سورتي السجدة والإنسان في صلاة الفجر يوم الجمعة

- ‌حكم السؤال عن نوع الدجاج الموجود في المطاعم خوفاً من الوقوع في الشبهة

- ‌مدى صحة الإجماع على تحريم حلق اللحى وسماع الأغاني

- ‌حكم قول الشخص: من علامات الساعة أن تفعل كذا

- ‌حكم الرد على أقوال المخالفين في المسائل

- ‌حكم إجزاء الغسل عن الوضوء

- ‌حكم مس تجليدة المصحف باليد بغير طهارة

- ‌قراءة البسملة في أول السورة

- ‌المتون التي يحفظها طالب العلم بعد حفظ القرآن

- ‌حكم قراءة القرآن قبل قراءة أي كتاب للتبرك به

- ‌حكم حجز الأماكن في المسجد

- ‌حكم مشاركة النساء في الأمور السياسية

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا)

‌تفسير قوله تعالى: (إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضاً حسناً)

قال تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد:18] .

{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ} أصلها (إن المتصدقين) لكن قلبت التاء صاداً لعلة تصريفية معروفة عند أهل النحو، يعني: إن المتصدقين والمتصدقات.

قوله: {وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} أي: أنفقوا في سبيل الله إنفاقا حسناً، والإنفاق الحسن ما جمع شرطين: الأول: الإخلاص لله عز وجل.

والثاني: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

فالمرائي الذي ينفق رياءً هل أقرض الله قرضاً حسناً؟! لا، فأي إنسان تصدق على فقير من أجل أن يراه الناس، فيقولون: فلان كثير الصدقة، هذا مرائي وصدقته لا تنفعه ولا تقبل منه؛ لأن كل عمل يراد به غير الله فهو غير مقبول، قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي:(أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) إنسان آخر صار يتعبد لله تعالى بعبادات غير مشروعة، صاحب بدعة، لكنه مخلص لو سألته: لم فعلت هذا؟ قال: أريد ثواب الله، أريد التقرب إلى الله.

هل تنفعه العبادة؟ لا، لعدم المتابعة.

فإذاً يكون قوله عز وجل: {وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} [الحديد:18] أي: المخلصين فيه لله ومتبعين لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وهنا سؤال: (أقرضوا الله) هل الله فقير حتى يقرض؟! حاشا وكلا ليس فقيراً، (لقد كفر الذين قالوا إن الله فقيرٌ ونحن أغنياء) إذاً كيف يقول: أقرضوا الله؟ يقول هذا جل وعلا ليبين أن أجرهم مضمون كما أن القرض مضمون، أنا لو أقرضت شخصاً ألف ريال ثبت في ذمته ولا بد أن يوفيني، كذلك جعل الله عز وجل التعبد له بمنزلة القرض، أي: أنه مضمون سيرد عليك.

الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.

لكن كيف تكون الواحدة بعشرة وهذا ربا في القرض؟!

أولاً: لا ربا بين العبد وبين ربه.

ثانياً: إذا أعطاك المقترض شيئاً بدون شرط فهو حلال، أي: لو استقرض منك ألف ريال وأعطاك ألفاً ومائة بدون شرط فهو حلال؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم استقرض بكراً -البكر أي: بعيراً صغيراً- ورد خيراً منه، وقال:(أحسنكم أحسنكم قضاءً) هل المقرض استفاد أم لا؟ استفاد، لكنه استفاد بلا شرط، ولهذا تجدون عبارة الفقهاء:(كل شرطٍ جر نفعاً للمقرض فهو ربا) انظر (كل شرط) ولم يقولوا: كل زيادة.

إذاً: إذا قال قائل: إن الله عز وجل يجزي الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وقد سمى الله تعالى الإنفاق في سبيله قرضاً فكيف يصح أن يجزي الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف؟ قلنا: الجواب من وجهين: الأول: أنه ليس بين العبد وبين ربه ربا.

ثانياً: أن الزيادة إذا لم تكن شرطاً فهي جائزة وهذه تدل على كرم الموفي.

قال تعالى: {يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} هذه خبر إنَّ، أي:{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ} [الحديد:18] أي: يعطون أجرهم مضاعفاً، عشرة إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.

قال تعالى: {وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد:18] أي: ثوابٌ كريم، والكريم هو الحسن الطيب، وذلك أن الجنة فيها ما لا عين رأيت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

هذا كريم، وأصل الكرم الحسن، ودليل هذا: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـ معاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن: (وإياك وكرائم أموالهم) أي: إذا أخذت الزكاة اجتنب كرائم الأموال، أي: أحاسنها: (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) .

ص: 4