الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه البقعة ليرد الناس جميعا إلى الدين الحق.
استطاع أن يحاج العقائد جميعها متمثلة في هذا الخليط من أهل الأديان والنحل المختلفة.
وكان من السهل على حامل تلك الدعوة ومبلغها على ضوء هدايته محاجة العقائد في سائر الأمم والشعوب.
يضاف إلى هذا أن أهل المنطقة كانوا متفككي الروابط كثيري المشاحنات فهم أحوج ما يكون إلى من يجمع كلمتهم.
على أن الإسلام لم يكن بدعا في انبعاثه من هذه المنطقة. فقد انبعث منها ومما حولها سائر الأديان السماوية ومنها شريعتا موسى وعيسى عليهما السلام.
النواحي التي تناولها التشريع الإسلامي
جاء الإسلام موجها لاستصلاح الناس فيما يتعلق بشئونهم في دينهم ودنياهم، واعتبر الإسلام كل عمل من أعمال الخير عبادة ودعا الإنسان إلى أن يستعمل نعمة الله في تحسين العلاقات بينه وبين الناس ابتغاء لمرضاة الله مع المحافظة على حقوقه نفسه ومن يلوذون به.
وحث على العمل والكفاح لكسب العيش مقترنا بالعمل للآخرة فقد علم الإسلام معتنقيه أن كل عمل من أعمال الدنيا من صميم الدين مادام الباعث عليه حب الخير والحرص على الإنتاج الصالح النافع ومصلحة الجماعة وأن العبادة إذا شغلت عن إصلاح شئون الدنيا والعمل المنتج فيها فليست بعبادة وقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فرأى رجلا منقطعا للنسك والزهد وسمع من أصحابه ثناء عاطرا عليه من تلك الناحية فقال لهم: "من ينفق عليه؟ ". قالوا أخوه. فقال: "أخوه أعبد منه".
وفي هذا المعنى الكثير من الآثار الإسلامية التي ألهبت جذوة النشاط والسعي الكادح بين المسلمين في شئون الدنيا النافعة ليتقربوا بذلك إلى الله سبحانه ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها الصوم ولا الصلاة قيل فما يكفرها يا رسول الله قال الهموم في طلب العيش".
ولذا فإن مفهوم كلمة دين في القرآن الذي عبر عن الإسلام بالدين في قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً} تشمل صلة الإنسان بربه وصلته بنفسه
وصلته بالغير فالدين الإسلامي ينظم سلوك الناس ويهذب أساليب تعاملهم بحيث لا يكون في النفوس سبيل إلى التظالم ولا أثر للضغائن والأحقاد.
ولهذا قال الباحثون في التشريع الإسلامي إنه يرجع إلى ثلاث نواح.
1_
الأحكام الاعتقادية.
2_
الأحكام الخُلقية.
3_
الأحكام العملية.
وإليك صورة موجزة عن كل ناحية منها:
أولا: الأحكام الاعتقادية.
المراد بالأحكام الاعتقادية معرفة ما يتعلق بالله وصفاته وبالرسل الذين أرسلهم إلى خلقه وشئون اليوم الآخر.
وقد أفرد علماء المسلمين علما خاصا به يسمى علم الكلام أو علم التوحيد.
ثانيا: الأحكام الخُلقية:
المراد بها بيان ما ينبغي أن يكون عليه المسلم من الصفات التي ينتج عنها صدور الأفعال الخيرة بسهولة كالحلم والصفح والتواضع ولِين الجانب وتطهير النفس من الغل والحقد والحسد وما إلى ذلك وهي صفات منبثة في ثنايا القرآن الكريم والسنة النبوية.
وهذه الناحية تعتبر دعامة أصيلة في توجيه الإسلام وهي الأساس لانقياد النفوس للعمل بما جاءت به الشريعة الإسلامية من الأحكام التي تنظم علاقات الناس وتحول بينهم وبين البغي والأثرة اللذين يورثان نيران العداوة والبغضاء ويشيعان الفساد في الأرض.
وقد تدرك جانبا من ذلك التوجيه الخلقي العظيم فيما أدركه منذ بدء دعوة الإسلام رجل من أتباعه وقف موقفا بين يدي نجاشي الحبشة فدعاه الموقف إلى أن يسرد نواحي التوجيه البارزة في دعوة محمد بقضائه على ما كان شائعا بينهم من مفاسد خلقية إذ يقول: "كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة فصدقناه وآمنا به".
ولا غرو فقد كان محمد حامل الرسالة