الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة صغيرة
العقد الموروثة
الطريقة الاستفزازية التي تتعامل بها أمريكا مع قضية فلسطين تنبئ عن
العقلية المتعصبة المتوترة التي تفكر بها؛ فراعية السلام المحايدة! عجزت عن
مجرد اتقان تمثيل هذا الدور حتى النهاية، على الرغم من الإمكانات المسرحية
الهائلة التي تمتلكها. وشعاراتها التمثيلية (سلام الشجعان!) لم تستقر عليها، بل
أصرت على أن ترفع شعاراً آخر تلزم به طرفاً واحداً فقط، وهو:(سلام العبيد! !) تُمارس من خلاله كل ألوان الإذلال والاستهانة والعبث بعقول أمة.
وقديماً بيّن (جوستاف لوبون) الخلفية الفكرية والنفسية التي يتعامل بها الغرب
مع القضايا الإسلامية بقوله: (لقد تجمعت العقد الموروثة: عقد التعصب التي ندين
بها ضد الإسلام ورجاله، وتراكمت خلال قرون سحيقة، حتى أصبحت ضمن
تركيبنا العفوي) .
وليس العتب الحقيقي على الغرب فما تخفي صدورهم أكبر، ولكن العتب كل
العتب علينا أبناء هذه الأمة الذين نرضى بالدنية في ديننا، ونقبل تلك المسرحية
التي اتضحت ألاعيبها وتكشفت مهازلها! !
افتتاحية العدد
لا عزاء للطغاة
كانت فترة الخمسينات والستينات الميلادية مليئة بنماذج مشوهة من الطواغيت
الذين ملؤوا الدنيا ضجيجاً ممجوجاً، عقوداً مديدة
…
مريرة.
فكان منهم: الرفيق، والقائد الأوحد، والجنرال والماريشال، والكولونيل،
إلى آخر ذلك من ألقاب اكتسبوها في غفلة من البطولة الصادقة، واستغفال الشعوب
المنقادة بالظلم وبمباركة أولي الأمر من شرق وغرب.
أطبق طغيانهم على شعوبهم ظلمات بعضها فوق بعض، وتبدلت المفاهيم
الصادقة إلى ضدها؛ فكان الظلم عدلاً، والباطل حقاً، وأضحى الناس بين خفض
ورفع، فمن أتقن الانتهازية وأدرك اللعبة وكان من التابعين؛ فروح وريحان، ومن
أبت نفسه ذلك وتمسك بمبادئ الأولين، فله شقاء الكادحين، وشظف المعدمين، إن
لم يكن من المسجونين.
إذا جاعت الشعوب.. أكلت جوعها لتزداد جوعاً، أما الطغاة، فإذا شبعوا
…
جاعوا ليأكلوا حتى يموتوا.
لبست الشعوب على عظامها جلوداً كجلود الأحذية، وهم لبسوا شحوماً على
لحومهم.
استثمروا أموال تلك الشعوب بطريقة خاصة، في مصارف خاصة، فلم يعد
منها لهم شيء البتة.
ولكن سنة الله في الطغاة وإخوانهم لا تتبدل، فلهم خزي الدنيا، ولَعَذاب
الآخرة أشد.
في الأيام القليلة الماضية هلك الماريشال (موبوتو سيسي سيكو) النمر المرقط، إمبراطور زائير السابق، وهو الذي قام في (أيلول زائير الأسود) بانقلاب
عسكري عام 1960م مقابل خمسة ملايين دولار من بلجيكا، لكن المحاولة أخفقت
لقلة الأموال، وربما لأن الإخفاق كان هو المستهدف، ثم انقلب مرة أخرى بأموال
أخرى وذلك عام 1965م ونصب نفسه رئيساً مطاعاً، وكان يراد له أن يلعب دوراً
فجثم على صدور الزائيريين أكثر من ثلاثين عاماً، حلب فيها الوصيلة والحامي،
وتردى شعبه بعدما نطحه، بينما هو قد أكل لحوم السباع ولبس جلودها.
بلغت ثروته التي جمعها من راتبه الشهري! ! ما يقارب السبعة مليارات من
الدولارات، وتوزعت ثروته العقارية ما بين قصور.. وقصور، في فرنسا
وبلجيكا، ولوكسمبورج وإيطاليا، وأسبانيا.
مرض الرجل بمرض الطغاة المعتاد.. (سرطان البروستاتة) وخرج للعلاج،
فانقلب البلد ولكن هذه المرة بأموال أمريكية قدمتها أياد غير بلجيكية.. هام الرجل
على وجهه يطلب ولو كوخاً يؤويه؛ فقد حيل بينه وبين قصوره، وتنكر له رفاقه
الطغاة حين طلب أن يكون لاجئاً لا إمبراطوراً، فحنطوه في ذله، وأذلوا كبرياءه.
ظن موبوتو وهو على سرير المرض أن الشعب سيفديه بالأرواح والمهج،
وأنهم سيحملونه على جناحي طائرة ويعودون به مرة أخرى، ولكنه عندما أيقن
بالنهاية، قطع حبال الأحلام، وأحضر القساوسة الكاثوليك، وتوسل إليهم أن يدعوا
له بالمغفرة والرحمة! !
خرج القساوسة بعدما ترحموا عليه، ودخلت مجموعة من المحامين
والمحاسبين لوضع الشكل النهائي لمصير ثروته وأملاكه! !
مات موبوتو ولم يبكه أحد، حتى أبناؤه كانوا منشغلين بالتركة التي تركها،
وحاولوا أن يختموا حياة أبيهم بكرامة، ولو صغيرة، فطلبوا حضور مندوبين عن
الدول الكبار التي وضعته في الحكم، فاعتذر الجميع، ودُفِنَ (مؤقتاً) في جوار
الأطلسي.
وإذا كان الرجل قد هان على أوليائه في نهاية حياته؛ فلم يروا أن يدفعوا عنه
آثار ظلمه وعاقبة بغيه على الرغم من أنه كان أداة لظلمهم ومجدافاً في أيديهم، بل
لم يفاوضوه حتى يحفظ ماء وجهه، وأقصى ما قدموه له أن سمحوا له أن يفر بجلده
كي لا يموت ذليلاً مغموراً مرتين.
فهل يتذكر العقلاء أن تلك النهاية هي ثمرة ولاية الشيطان التي قصها القرآن:
[وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا
كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إلَاّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا
أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِن قَبْلُ إنَّ الظَّالِمِينَ
لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ] [ابراهيم: 22] وهل يتذكر قوم يشترون ما عند أولئك الأولياء بعز
أوطانهم ودماء شعوبهم؟ .
لقد عاد موبوتو إلى قساوسته فهل يعود قومنا إلى الله قبل أن يلقوه حكماً عدلاً
فيسألهم عما أضمروه [وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ
تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) ] [فَلا تَحْسَبنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ
ذُو انتِقَامٍ] [إبراهيم: 42، 47] .
إن حديثنا الذي هو صدى للحدث منطلق من ثوابت، ولنا منه نحن أيضاً
نصيب: فالليل خطوة والنهار خطوة، ثم ما يلبث العمر حتى ينقضي والأيام تطوى، ويمثل المرء أمام الحكم العدل لينظر عن يمينه فلا يرى إلا عمله، وعن يساره
فلا يرى إلا عمله، لقد أمرنا الله سبحانه في قرآنه الكريم أن نسير في فجاج التاريخ، ونضرب في أصقاع الدهور، ونستنطق الأحداث، ونفتش عن مواضع العبرة
ومواطن العظة: [قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُجْرِمِينَ]
[النمل: 69] فكيف إذا جاءتنا الأحداث وقرعت أبوابنا الوقائع ورأيناها رأى العين
[إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ][ق: 37] ؟
يقول سيد قطب رحمه الله : إن تلك النهايات كلها تفيض الطمأنينة على
القلب المؤمن، وهو يواجه الطغيان في أي زمان ومكان، تفيض طمأنينة خاصة؛
فربك هناك راصد لا يفوته شيء، مراقب لا يَندّ عنه شيء، فليطمئن بال المؤمن،
ولينم ملء جفونه، فإن ربك بالمرصاد للطغيان والشر والفساد..
[هَذَا وَإنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المِهَادُ][ص:55، 56]
إن أولئك الطغاة وأمثالهم يصدق فيهم قول الحق تبارك وتعالى : [فَمَا بَكَتْ
عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ] [الدخان: 29] وقوله: [وَمَن يُهِنِ
اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ] [الحج: 18] وليكون ذلك تحذيراً لكل مستبد، فإن ربك
بالمرصاد؛ [وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ][هود: 83] .
ومن الخسران المبين: ألا يعتبر اللاحق منهم بالسابق، وأن يسلك الطريق
نفسه إلى خزي الدنيا وعذاب الآخرة!
دراسات شرعية
هل يمكن التعاون بين المسلمين
مع وجود الاختلاف؟
بقلم: هيثم بن جواد الحداد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه من والاه،
وبعد:
فقبل الخوض في غمار هذه القضية الشائكة لا مناص من البدء بالتأكيد على
أصلين عظيمين لا بد أن يستصحبهما من يتناول هذا الموضوع قراءة أو بحثاً:
أما الأصل الأول: فهو وجوب الاجتماع، ونبذ التفرق.
وهذا أصل عظيم من أصول الإسلام تضافرت في الدلالة عليه بطرق شتى
آيات وأحاديث كثيرة جداً، وفاضت به كتب علماء الإسلام قديماً وحديثاً، ولا أظن
أحداً يخالف فيه، فلا داعي لإطالة الكتابة بذكر أدلته وأقوال العلماء فيه ويكفي أن
نذكّر بقول الله عز وجل : [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا]
[آل عمران: 103]، قال القرطبي (رحمه الله تعالى) : (.. فإن الله تعالى يأمر بالألفة وينهى عن الفرقة؛ فإن الفرقة هلكة، والجماعة نجاة، ورحم الله ابن المبارك إذ يقول:
إن الجماعة حبل الله فاعتصموا
…
منه بعروته الوثقى لمن دانا) [1] .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله تعالى) : (وهذا الأصل العظيم، وهو
الاعتصام بحبل الله جميعاً، وألا يتفرق: هو من أعظم أصول الإسلام، ومما
عظمت وصية الله (تعالى) به في كتابه، ومما عظم ذمه لمن تركه من أهل الكتاب
وغيرهم، ومما عظمت به وصية النبي صلى الله عليه وسلم في مواطن عامة
أو خاصه، مثل قوله:(عليكم بالجماعة؛ فإن يد الله على الجماعة) .. وباب الفساد
الذي وقع في هذه الأمة، بل وفي غيرها: هو التفرق والاختلاف، فإنه وقع بين
أمرائها وعلمائها من ملوكها ومشايخها وغيرهم من ذلك ما الله به عليم وإن كان
بعض ذلك مغفوراً لصاحبه لاجتهاده الذي يغفر فيه خطؤه، أو لحسناته الماحيه، أو
توبته، أو غير ذلك لكن ليعلم أن رعايته من أعظم أصول الإسلام) [2] .
وأما الأصل الثاني: أن من صَدَقَ عليه وصف الإسلام لا بد أن ينال من
الحب والولاء:
ولوازمهما بقدر ما معه من الإسلام والإيمان، وفي المقابل يجب أن ينال من
البغض والتبري بقدر ما معه من عصيان، وأن الولاء والحب لا يزولان بالكلية،
إلا بخروج الإنسان بالكلية من الإسلام، فعندئذ فقط يستوجب كمال البغض والتبرؤ، يقول ابن تيمية (رحمه الله تعالى) : (وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر،
وفجور وطاعة ومعصية، وسنة وبدعة استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من
الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص
الواحد موجبات الإكرام والإهانة كاللص تقطع يده لسرقته ويعطى من بيت المال ما
يكفيه لحاجته، هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة، وخالفهم
الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم..) [3] .
بعد ذلك لا بد من بيان بعض الأمور:
أولاً: لا بد من بيان حكم التعاون بين المسلمين؛ والأصل فيه قوله (تعالى) :
[وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ والْعُدْوَانِ][المائدة: 2] وما
في معناها من آيات وأحاديث، وهي ظاهرة في وجوب التعاون بين المسلمين فهم
المخاطبون بتلك الآية على البر، وظاهرة في تحريم التعاون على الإثم والعدوان.
وهنا نقول: إن كل من صدق عليه وصف الإسلام، وجب التعاون معه على
كل ما يصدق عليه أنه بر وتقوى؛ عملاً بعموم الآية الكريمة، ولا شيء يخصص
هذا العموم.
والأخذ بهذا الأصل، بشروطه المذكورة في الآية بهذه البساطة والوضوح
يريح المسلم من كثير من التعقيدات والإشكاليات حول موقف المسلم من المخالفين له.
ولنضرب لذلك مثالاً يعتبر من أكبر الإشكاليات في هذا الوقت وهو التعاون
مع أهل البدع، فنقول: إذا لم يكن أهل البدع ممن يكفرون ببدعتهم، كبعض
الصوفية، والأشاعرة وغيرهم، ممن لا يزال وصف الإسلام صحيحاً عليهم، وكان
التعاون معهم في أمر يصدق عليه أنه من البر والتقوى، مثل أمر بمعروف أو نهي
عن منكر، أو دعوة إلى الله، أو بناء مسجد، أو غيرها، فما هو المحذور
الشرعي من ذلك التعاون؟
فالجواب: عندئذ لا يعد التعاون مع هؤلاء على مثل تلك الأمور تعاوناً على
البر والتقوى، بل أصبح تعاوناً على الإثم والعدوان، ونحن منهيون عنه.
فإذا اشتمل التعاون على بر وإثم في آن واحد، رجعنا إلى الأصل الشرعي
المتفق عليه وهو إذا تعارضت مصلحتان أخذ بالأعلى منهما، كما أنه إذا تعارضت
مفسدتان قدم الأخف منهما، فيصدق على ما يقدم في كلتا الحالتين أنه من البر
والتقوى.
قال ابن تيمية (رحمه الله تعالى) (
…
فإذا تعذر إقامة الواجبات، من العلم
والجهاد وغير ذلك إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب: كان
تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة معه خيراً من العكس، ولهذا كان
الكلام في هذه المسائل فيه تفصيل..) [4] .
بعد هذا البيان المقتضب الخالي من التعقيد لا شك أن كثيراً من المسلمين لن
يروق له ذلك في بادئ الأمر، وسيعترض عليه، بل ربما رفضه، ولكنه لو تأمل
لوجد أن هذا الإشكال الكبير الذي دوّخ كثيراً من المسلمين، وأدخلهم في دوامات لا
نهاية لها، وزجّ بهم في صراعات متنامية، هذا الإشكال ينتهي ويُحل إذا فهمنا هذه
الآية فهماً دقيقاً حسبما تقدم ذكره؛ إذ لا معارض لها من آيات أو أحاديث أو أصول
عامة.
وبهذه المناسبة أقول: إن وجود هذا الإشكال بهذا الحجم، حدث بسبب
التقصير في الاعتماد على نصوص الوحي في الاستدلال، والتقصير كذلك في
الاعتماد على أصول الاستنباط المتفق عليها، التي من أهمها فهم النصوص
الشرعية في ضوء قواعد الشريعة العامة المتفق عليها، واستبدال ذلك بالموازنة
بأقوال العلماء، حتى أصبح كلامهم كالنص، يجب العمل به، ويُحمل على عمومه.
بل ربما أصبح كلام بعض العلماء وبعض مواقفهم، هو الأصل وأن الآيات
والأحاديث تُحمل عليه، ولم تعد الوقائع، أو أفعال الصحابة أو مواقفهم، وكذلك
أقوال العلماء تُرجع إلى الأصول العامة المتفق عليها وتقارن بها، وإنما تُجتزأ
اجتزاء، وكل فريق يجتزئ من النصوص والأقوال ما يدعم مذهبه، ويرد كل على
الآخر، ويتكلف كل فريق في الاستدلال وإيراد الأقوال الدالة على مذهبه، ويكثر
اللغط؛ فتظهر تلك القضية كأنها من القضايا الكبرى المصيرية، التي تنبني عليها
الموالاة والمعاداة، وتحدث الفرقة، ويغيب الحق، ويزج بالدعاة في دهاليز مظلمة، يصعب عليهم الخروج منها وينصرفون عن واجبهم الأول وهو الدعوة إلى الله،
إلى صراعات حزبية لا تزيد الأمة إلا وهناً، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ونعود الآن إلى ما نحن بصدده.
ثانياً: لا بد من التفريق بين التعاون الذي أُمرنا به وبين الحب والبغض،
والولاء والبراء الذي أمرنا به كذلك؛ فحينما نقول: يجب أن نتعاون مع المسلمين
على البر والتقوى، فإن هذا لا يعني أن الحب الكامل والولاء الكامل يجب أن
يتوجه إلى كل المسلمين؛ فالتعاون شيء، والحب والبغض شيء آخر، فنحن
نتعاون مع الفاسق في بناء مسجد مثلاً مع أننا نكره ونبغض في الله ما يأتيه من
فسق، وربما يُمَثّل لذلك بأننا أُمرنا بالجهاد مع البر والفاجر من الأمراء، مع أننا
نبغض الفاجر لفجوره، ومن لازم بينهما أعني التعاون والمحبة، فعليه الدليل
والتعليل.
هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى فإن الأصل المتقدم من جواز اجتماع الخير
والشر في الرجل الواحد، وأنه ينال من الحب بقدر ما معه من خير، وينال من
البغض كذلك بقدر ما معه من الشر، هذا الأصل دال على هذا وشاهد عليه.
وكما ذكر ابن تيمية في الفقير السارق: (تقطع يده لسرقته، ويعطى من
الزكاة أو الصدقة لفقره) .
وبهذا يزول قدر أكبر من الإشكال، فلا مانع من التعاون مع المخالف على
البر والتقوى، ونحن في القلب نكره ما فيه من مخالفة، ونتبرأ منه بقدر ما معه من
مخالفة.
وهنا قد يقول قائل: ولكن التعاون مع المخالف مثل أهل البدع؛ قد يتضمن
الرضا ببدعتهم، أو قد يصور للناس أن المتعاون معهم هو منهم، وموافق لهم على
بدعتهم؟ !
والجواب: ينظر حينئذ في المصالح والمفاسد المترتبة على هذا التعاون؛
فأيهما غلبت كان لها الحكم؛ فإن كان ظهور الإنسان بمظهر الموافق لهم على
بدعتهم ينطوي على مفسدة أكبر من المصلحة المترتبة على ذلك التعاون، مُنِعَ
التعاون، وإلا فلا، وكذلك الأمر إذا كان نشر البدعة وإظهارها وحض الناس عليها، له مفسدة وهو في الغالب كذلك أكبر من المصلحة المترتبة على ذلك التعاون
أصبح هذا التعاون من التعاون على الإثم والعدوان؛ فهو داخل في النهي، فيزول
بذلك الإشكال.
أما مسألة الرضا ببدعتهم: فلن يرضى عنها إلا من هو موافق لهم وعلى
مذهبهم، أو يرى أنها ليست بدعة، أو من كان متساهلاً في أمر البدع؛ وهذا كله
راجع إلى أمر قلبي في ذات الشخص، فكأنه أصبح منهم، فليس هو عندئذ ممن
يسأل هذا السؤال.
وقد يثار هنا إشكال آخر وهو: ألا يعتبر التعاون مضاداً لهجر المخالفين الذي
أُمرنا به؟
والجواب: أولاً: لا بد أن نعلم أن الهجرَ خلافُ الأصل واستثناءٌ منه؛ إذ
الأصل وجوب الألفة والمحبة بين المسلمين والآيات والأحاديث ونصوص العلماء
سلفاً وخلفاً على ذلك متضافرة، قال الله (تعالى) :[إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ]
[الحجرات: 10]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تباغضوا، ولا
تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق
ثلاث) [5] قال ابن عبد البر: (وفي هذا الحديث من الفقه: أنه لا يحل التباغض؛
لأن التباغض مفسدة للدين، حالقة له، ولهذا أمر صلى الله عليه وسلم بالتواد، والتحاب
…
ثم قال: فمعنى: تدابروا، وتقاطعوا، وتباغضوا، معنى متداخل
متقارب، كالمعنى الواحد في الندب إلى التآخي، والتحاب، فبذلك أمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم في معنى هذا الحديث وغيره، وأَمْرُ رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - على الوجوب حتى يأتي دليل يخرجه إلى معنى الندب) [6] .
كما أن الهجر إن عملنا به لا يكون إلا مدة يسيرة عابرة، قال النووي: (قال
العلماء: وفي هذا الحديث لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق
…
تحريم الهجر بين
المسلمين أكثر من ثلاث، وإباحتها في الثلاث، الأول بنص الحديث، والثاني
بمفهومه) [7] .
ثم إن الأصل في الهجر المصلحة، كما نص على ذلك جمع من العلماء [8] ؛
فحيث وجدت المصلحة جاز الهجر، أما إذا انتفت المصلحة، أو كانت المفسدة
المترتبة على الهجر أكبر من المصلحة المترتبة عليه حرم.
قال ابن تيمية (رحمه الله تعالى) : (وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في
قوتهم وضعفهم، وقلتهم وكثرتهم؛ فإن المقصود به زجر المهجور عنه وتأديبه،
ورجوع العامة عن مثل حاله، فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي
هجره إلى ضعف الشر وخِفْيَتِه كان مشروعاً، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع
بذلك، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، والهجر لبعض الناس أنفع
من التأليف؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف قوماً، ويهجر
آخرين، كما أن الثلاثة الذين خلفوا كانوا خيراً من أكثر المؤلفة قلوبهم، لما كان
أولئك كانوا سادة مطاعين في عشائرهم، فكانت المصلحة الدينية في تأليف قلوبهم،
وهؤلاء كانوا مؤمنين، والمؤمنون سواهم كثير، فكان في هجرهم عز الدين،
وتطهيرهم من ذنوبهم، وهذا كما أن المشروع في العدو القتال تارة، والمهادنة تارة، وأخذ الجزية تارة، كل ذلك بحسب الأحوال والمصالح.
وجواب الأئمة كأحمد وغيره، في هذا الباب مبني على هذا الأصل، ولهذا
كان يفرق بين الأماكن التي كثرت فيها البدع، كما كثر القدر في البصرة، والتنجيم
بخرسان، والتشيع بالكوفة، وبين ما ليس كذلك، ويفرق بين الأئمة المطاعين
وغيرهم، وإذا عرف مقصود الشريعة سلك في حصوله أوصل الطرق [9] .
وقال في موطن آخر: (فإذا لم يكن في هجرانه انزجار أحد، ولا انتهاء أحد، بل بطلان كثير من الحسنات المأمور بها لم تكن هجرة مأموراً بها، كما ذكره
أحمد عن أهل خرسان إذ ذاك، أنهم لم يكونوا يقوون بالجهمية، فإذا عجزوا عن
إظهار العداوة لهم، سقط الأمر بفعل هذه الحسنة، وكان مداراتهم فيه دفع الضرر
عن المؤمن الضعيف، ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي، وكذلك لما كثر
القدر في أهل البصرة، فلو ترك رواية الحديث عنهم لاندرس العلم والسنن والآثار
المحفوظة فيهم
…
) [10] .
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن الهجر لا ينافي مبدأ التعاون، فإذا
قبل المخالف التعاون على أمر فيه مصلحة للمسلمين مع إصراره على التمسك بما
هو عليه من مخالفة لو تصورنا ذلك فما المانع من التعاون معه، إذا كانت المصلحة
في الأمر المتعاون عليه هي الغالبة.
وبهذا يظهر أن أمر التعاون مع المخالف، قد يكون في كثير من صوره أمراً
خاضعاً للاجتهاد؛ وذلك حسب كل حالة والظروف المحيطة بها، وأنه منوط
بالمصلحة، وعندئذ فلا يجوز لأحد أن ينكر على من خالفه في الأخذ بمبدأ التعاون
في بعض الصور إذا كان يظهر أن المصلحة ربما تكون فيها راجحة ولو من وجهة
نظر المخالف.
وفي ظل هذا نستطيع فهم كثير من مواقف السلف الصالح، والعلماء، حول
هذه القضية، ففي بدر مثلاً حكى الله عز وجل عن الصحابة: [مِنكُم مَّن يُرِيدُ
الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ] [آل عمران: 152] ولا شك أن الرسول - صلى
الله عليه وسلم - كان عالماً بمن هو من أصحابه ممن يريد الدنيا، أو لإعلام الله له
بذلك إن كان فيه ضرر عليهم، ومع ذلك فقد جاهد الجميع في خندق واحد.
ولذا أمرنا بالجهاد مع البر والفاجر من أمراء المسلمين [11] ، وعلى مر
التاريخ جاهد علماء المسلمين مع أمرائهم وأئمتهم ولو خالفوهم في بعض مسائل
الاعتقاد؛ لأنهم رفعوا راية إعلاء كلمة دين الله بصدق.
ولا بد من أن نؤكد هنا بناء على ما تقدم على أن مواقف الأئمة وأقوالهم في
المخالفين، يجب أن تُفهم في ضوء هذا الأصل، وهو أن الموقف من المخالف
منوط بالمصلحة؛ فكل زمن له وضعه وأحواله؛ فليس زمن قوة الإسلام كزمن
ضعفه؛ فلا يجوز أبداً اجتزاء بعض أقوال العلماء بعيداً عن هذا الأصل، ومن ثم
الاحتجاج بها، فضلاً عن أن تجعل أدلة قائمة بذاتها، لتسويغ الفرقة الحاصلة بين
المسلمين، وما أجمل كلام شيخ الإسلام إذ يقول: (
…
وكثير من أجوبة الإمام
أحمد وغيره من الأئمة خرج على سؤال سائل، قد علم المسؤول وحاله، أو خرج
خطاباً لمعين قد علم حاله، فيكون بمنزلة قضايا الأعيان الصادرة عن الرسول -
صلى الله عليه وسلم إنما يثبت حكمها في نظيرها، فإن أقواما جعلوا ذلك عاماً،
فاستعملوا من الهجر والإنكار ما لم يؤمروا به، فلا يجب ولا يستحب، وربما
تركوا به واجبات أو مستحبات وفعلوا به محرمات، وآخرون أعرضوا عن ذلك
بالكلية فلم يهجروا ما أمر بهجره من السيئات البدعية، بل تركوها ترك المعرض،
لا ترك المنتهي الكاره، أو وقعوا فيها
…
ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي
عنه. والله أعلم) .
وأخيراً فقد يقال: لكن يبقى أن المخالف مخالفة سائغة يكون المسلم أقرب إلى
التعاون معه، وكذلك النصرة له من المخالف مخالفة غير سائغة، ولا مقبولة، أو
قد تحتم بعض الظروف معرفة درجه المخالف والمخالفة.
وهذا ولا شك صحيح يضاف إليه ما ذكرنا مما يجب أن يقوم في القلب من
حب وبغض وولاء وبراء بحسب المخالف، وهذا ما نتناوله في المسألة التالية:
ثالثاً: بقي النظر في المخالف، ودرجة مخالفته، وموقف الإنسان منه: محبة
وبغضاً، وولاء وبراء؛ وهذه المسألة ذات شقين:
الشق الأول: وهو الحديث عن الخلاف، والمختلفين.
وأما الشق الثاني: فهو الحديث عن الموقف من الخلاف، والمختلفين.
فبالنسبة للشق الأول، فإنه لا بد أن نحرر أقسام الخلاف وأنواعه تحريراً
دقيقاً.
والذي يظهر لي أننا يمكن أن نقسم الخلاف بين المسلمين، بحسب الموقف
منه إلى خلاف سائغ، وخلاف غير سائغ.
والأساس الذي بني عليه هذا التقسيم، بل وأكثر مسائل الخلاف وما ينبني
عليها: متى يكون المخالف لنا، مخالفاً لأمر الشارع جل وعلا عاصياً بفعله وهذا
بالطبع فيما يظهر لنا فعندئذ يستوجب ما يستوجبه العاصي من نكير، وبغض وتبرؤ
من عصيانه، ومتى لا يكون كذلك؟
والأصل في هذا كله قوله (تعالى) : [فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ
وَالرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ] [النساء: 59] وما في معناها من
آيات وأحاديث. وحاصل ذلك بعبارة موجزة: أن من انتظم في سلك هذه الآية،
بمعنى أنه يصدق عليه أنه راد الأمر إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإنه
فاعل ما أمر به، فهو معذور، وأما من لم يرد إلى الله ورسوله -صلى الله عليه
وسلم-، فإنه ولا شك مخالف أمر الله، وهو عاص مستحق للعقوبة، مستحق
للبغض والهجران بقدر ما حصل منه من مخالفة.
وتقسيم الخلاف إلى سائغ، وغير سائغ، مبني على ذلك؛ فمن انتظم في
سلك الآية، فخلافه سائغ، ومن لا فلا.
وعليه؛ فإذا فهم هذا الدليل، ووجه الاستدلال به، اتضح ما يأتي من تفصيل، وظهر وجهه؛ كما سنبينه في الحلقة القادمة إن شاء الله.
(1) تفسير القرطبي 4/159.
(2)
رسالة خلاف الأمة في العبادات ص 32 34.
(3)
الفتاوى 28/208 209، وللاستزادة حول هذا الموضوع: يراجع الولاء والبراء للدكتور
محمد بن سعيد القحطاني، والموالاة والمعاداة لمحماس بن صعب الجلعود.
(4)
مجموع الفتاوى 28/212.
(5)
متفق عليه من حديث أنس، أما البخاري فرواه في الأدب باب الهجرة، وأما مسلم فرواه في كتاب البر والصلة والأدب، باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر.
(6)
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (6/116 117) ، وانظر الهجر في الكتاب والسنة لمشهور سلمان.
(7)
شرح النووي على مسلم 16/117، وأحاديث الهجر المشهورة في الصحاح والسنن كلها تقيد الهجر بمدة معينة.
(8)
انظر جملة من هذه النصوص منثورة في كتاب الهجر في الكتاب والسنة، لمشهور سلمان، ولم أر في حدود ما اطلعت عليه، من نص من أهل العلم أن الهجر يعمل به بصرف النظر عن المصلحة المترتبة عليه.
(9)
مجموع الفتاوى 28/206.
(10)
مجموع الفتاوى 28/212.
(11)
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: الجهاد واجب عليكم مع كل أمير براً كان أو فاجراً، والصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم براً كان أو فاجراً وإن عمل الكبائر، والصلاة واجبة على كل مسلم براً كان أو فاجراً وإن عمل الكبائر، رواه أبو داود كتاب الجهاد، وقال البخاري: باب الجهاد ماضٍ مع البر والفاجر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) ، صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير.
دراسات تربوية
موقف النظرية التربوية الإسلامية..
من النظرية التربوية الغربية
بقلم: عبد المجيد بن مسعود
مقدمة:
لعل من الثوابت التي أصبحت راسخة في وجداننا الحضاري وسلوكنا الفكري
نحن المسلمين في العصر الحديث، وباتت تتحكم بقدر غير يسير في منهج دراستنا
للظواهر، وتحليلنا لمختلف القضايا الفكرية والتربوية، لعل من تلك الثوابت: أن
نعرض الأنساق والنظم الإسلامية المرتبطة بشتى مجالات النشاط النظري والفكري، في سياق المقارنة بينها وبين مثيلاتها في عالم الغرب، ولا شك أن هذا الثابت
النسبي ستستمر مسوغاته وفعالية تأثيره على تحليلاتنا ودراستنا الفكرية والنظرية،
ما دام هناك في واقعنا المعاصر فئات عريضة من الناس تنظر إلى الغرب على أنه
مركز الحضارة والإشعاع الفكري المستنير الذي لا نملك إزاءه إلا أن نطأطئ
رؤوسنا في خشوع! من هنا رأيتني أُقبل على دراسة موقف النظرية التربوية
الغربية ومناقشتها في ضوء معالم التربية الإسلامية؛ بغرض إبراز التصور
التربوي الإسلامي للتربية. والواقع: أن منهجية المقابلة هذه لا يمكن للتصور
الإسلامي إلا أن يخرج منها منتصراً مرفوع الرأس؛ لأنه ينطلق من موقع قوة
يستمدها من ربانية مصدره التي تمنحه التنزه عن التجاوز والضعف، والاهتزاز
والقصور، ولأن منهجية المقابلة تقتضي عرض الصورة كاملة أمام الناس بكلا
طرفيها فيتضح الطرف الهزيل من الطرف القوي، من خلال إبراز العناصر
والمكونات التي تدخل في نسيج كل بناء نظري على حدة.
النظرية التربوية عرض وتقديم:
هناك قواسم مشتركة بين النظريات التربوية الغربية تتمثل فيما يلي:
أولاً: الاعتماد المطلق على العقل:
منذ البداية يمكننا أن نلفت النظر إلى حقيقة أساس مفادها: أن النظريات
الغربية على تعددها وتباينها في بعض الخصائص والصفات، تكاد يجمعها قاسم
مشترك هو: كونها صادرة عن مصدر وحيد في المعرفة هو: العقل البشري في
حركته ومعاناته وقلقه المأساوي في البحث عن الحقيقة، وكونها صادرة عن تصور
واحد للكون والإنسان والحياة.
والجدير بالاعتبار أنه ما من نظرية في التربية إلا وهي انعكاس لمذهب
فلسفي ما، وهذه قاعدة عامة لا يمكن أن يند عنها أي مذهب تربوي.
ولا تعدو الاختلافات التي تظهر بين نظرية وأخرى أن تكون تعبيراً عن
الاختلاف والتنوع في الملابسات والتطورات التاريخية التي مرت بها المجتمعات
الغربية، بكل ما تحمله تلك التطورات من أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية
وعلمية وغيرها.
ثانياً: النظريات التربوية الغربية ضيقة الأفق أحادية النظرة:
فالنظرية التربوية المثالية هي صدى للفلسفة الأفلاطونية حيث يقول أفلاطون
بعالمين: (العالم المحسوس) ويتألف من الأجسام أو الماديات، و (العالم المعقول)
وهو يتكون من الموجودات المجردة [1] .
فتلك النظرية تنطلق أساساً من (الصدارة المطلقة للروح على المادة) وهي
تفضي إلى تصرف تأملي يهمل المشكلات الزمنية، وطبيعة الإنسان الأرضية،
وتعنى أساساً بكمال الروح ونجاتها.
وانطلاقاً من هذه المعطيات يتجلى لنا الطابع النظري الذي يكتسيه التعليم في
إطار النظرية المثالية؛ حيث إن الهدف من التربية يرمي بالدرجة الأولى إلى
(تمرس العقل بالتراث الفكري والعقلي الذي خلفته الأجيال السابقة، بل اكتسب هذا
التراث صبغة القداسة وأصبح ينقل بحرفيته، وارتبطت موضوعات الدراسة
بضرورات التراث بدلاً من ضرورات الواقع، وصارت صلتها الوثيقة بالماضي
في تحوّل دون ارتباطها بالحاضر والمستقبل) [2] .
أما المذهب الطبيعي، فإنه على العكس من المذهب المثالي؛ إذ يركز على
الجسد وما به من عواطف وغرائز وميول، فيعطيها الأهمية القصوى على حساب
العقل.
وإن كان من المعلوم أن هذا المذهب قد تجاوز من طرف التيار النفسي في
التربية الذي يستمد أسسه من رائد المذهب نفسه (روسو (، حيث يرى (بأن اللجوء
إلى علم النفس هو الإمكانية الوحيدة لتوفير المعيار الحقيقي لموضوعية البيداغوجيا) [3] .
ومما يؤخذ أيضاً على هذه النظرية تضييق نطاق التربية بحيث ينحصر في
الطفل، الأمر الذي أدركت التربية المعاصرة خطأه وقصوره فوسّعت نطاق التربية
ليشمل المراهق والراشد والشيخ، وهذا ما أكدت عليه الرابطة الدولية (الجديدة)
للتربية الجديدة.
أما المذهب البرجماتي، وهو ذلك المذهب الذي يحوّل (النظر بعيداً عن
الأشياء الأولية والمبادئ والقوانين والحتميات المسلّم بها، (ويوجه) النظر نحو
الأشياء الأخيرة: الثمرات، النتائج، الآثار [4] .
فإن مركز الثقل في اهتمامه لا ينصبّ على الحقائق الثابتة، وإنما على ما
يحصله الإنسان من منافع يستثمرها في حياته العلمية حتى إنه ينظر إلى الحقيقة
على أنها هي المنفعة وفي هذا (خلط واضح بين الحقيقة نفسها، والهدف الأساس
من محاولة الظفر بها، فقد ينبغي أن يكون الغرض من اكتساب الحقائق هو
استثمارها في المجال العملي والاستنارة بها في تجارب الحياة، ولكن ليس هذا هو
معنى الحقيقة بالذات، فإعطاء المعنى العلمي (البحت) للحقيقة، وتجريدها من
خاصية الكشف عما هو موجود وسابق! استسلام مطلق للشك الفلسفي الذي تحارب
التصورية والسفسطة لأجله، وليس مجرد الاحتفاظ بلفظة الحقيقة في مفهوم آخر
كافياً للرد عليه، أو التخلص منه) [5] ، وما دام تيار الحياة متنامياً في سيره، فإن
حقائق جديدة تلغي وتتجاوز الحقائق القديمة، فلا شيء يبقى ثابتاً! ، وفي ضوء
هذه القناعة فإن أصحاب هذا المذهب يرون أن (التربية والنمو صنوان وليس للنمو
غاية تتجاوزه أو تعلو عليه، فغاية النمو هو النمو ذاته) [6] .
إن من عيوب هذا المذهب جعله الحياة الحاضرة محوراً وحيداً للتربية دون
الالتفات للحياة المستقبلية، الأمر الذي جعله يفتقد قاعدة صلبة من المبادئ والأهداف
الثابتة التي تضبط حركة الحياة، وتحمي الإنسان من التيه والقلق والتأرجح بين
أحداث الحياة وتطوراتها المتلاحقة؛ وتلك نتيجة حتمية لإغفاله للجانب الروحي في
الإنسان ورفضه للإيمان بما وراء المادة [7] ، وهذا ما حكم على نظريته التربوية
بالدوران في حلقة مفرغة، فهي تدور مع حركة الحياة المادية حيث دارت من غير
الاستناد إلى مبدأ عميق ومقياس دقيق تفصل بواسطته بين الغث والسمين،
والصالح والطالح ضمن تراث الإنسانية المترامي الأطراف، وتنفذ بواسطته وراء
أسوار الحياة المادية الضيقة.
سمات عامة في التربية الغربية:
وهكذا فإننا إذا تأملنا المذاهب التربوية الثلاثة تبين لنا بوضوح انطباعُها
بطابع النظرة الأحادية الجانب، التي تركز على بُعد واحد من أبعاد الكيان الإنساني
على حساب الأبعاد الأخرى؛ فقد لمسنا كيف يضخم المذهب المثالي جانب الروح
على جانب الجسد بكل ثقله، مستهيناً بما يستشعر ذلك الجسد من حاجات، عازلاً
الإنسان عما تموج به الحياة، مغرقاً إياه في صور وخيالات غريبة لا قِبَلَ له بها،
مخرجاً إياه من فطرته التي فطره الله (تعالى) عليها، وهذا في مقابل المذهب
الطبيعي الذي يفعل العكس تماماً؛ فليس هناك في ظل ذلك المذهب مُثُلٌ عليا يتجه
إليها، غير الانسياق وراء ما تمليه عليه الطبيعة، ولا مكانٌ مرموق لقوى العقل
وضوابط الأخلاق، والثغراتُ نفسها تشكو منها النظرية التربوية البراجماتية؛ إذ
إن إعداد الإنسان عندها هو الإعداد لحياة هادرة يتقلب الإنسان بعنف وراء أمواجها
المتلاطمة دون تحديد لقواعد ثابتة يتم الرجوع إليها وللكمال الذي يأوي إليه.
إن نتيجة مهمة يمكن استخلاصها مما سبق، وهي أن تضارب الأفكار
والمواقف الذي تعبر عنه النظريات الغربية، هو برهان ساطع على أن المنطلقات
التي تصدر عنها تلك النظريات خالية تماماً من اليقين العلمي، وإلا لانتهت إلى
قناعات مشتركة حول قضايا الإنسان والمجتمع، فهذا التخبط الذي تعاني منه هذه
النظريات وغيرها نابع من الجهل بحقيقة الوجود وحقيقة الإنسان محور الحياة فيه،
وهذا ما يؤكد عليه الدكتور (ألكسيس كاريل) في قوله: (إننا لا نفهم الإنسان ككل..
إننا نعرفه على أنه مكون من أجزاء مختلفة، وحتى هذه الأجزاء ابتدعتها وسائلنا،
فكل واحد منا مكون من موكب من الأشباح، تسير في وسطها حقيقة مجهولة) [8] .
من سمات النظرية التربوية الإسلامية: إن التصور الإسلامي في التربية
تجاوز ذلك التخبط الرهيب، الذي ظل يلاحق النظريات الغربية؛ لأنه ينطلق من
أسس وأصول محكمة وفهم شامل حول الكون والإنسان والمجتمع بني على وحي
ممن خلق الإنسان ويعلم حقيقته وجوهره: [أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ][الملك: 14] ، وهو يتعامل مع الإنسان على بصيرة، بمكوناته كلها، دون
إغفال إحداها لصالح الأخرى؛ لأن مطبقيه يعلمون أن ذلك الإغفال هو مدخل الخلل
في الكيان البشري وانعدام التوازن فيه، وبالتالي إفلات الزمام تماماً من قبضة
المربين الذين يتولون تنشئة الإنسان، وتعرّض هذا الأخير للدمار والانتكاس.
فالتربية الإسلامية التي تنبثق من الإسلام ونظرته الشاملة في الكون والإنسان
والمجتمع، تميز في المعرفة بين مجال يرتاض فيه الإنسان بطاقاته العقلية، ويصل
فيه إلى اكتشاف حقائق وأسرار، وهو مجال الطبيعة الفسيح الذي لا قِبَلَ للإنسان
بمعرفته إلا عن طريق الوحي الإلهي: أي عن طريق الدين الصحيح، وهو مجال
(ما وراء الطبيعة) ، والكيان البشري بتعقيده الهائل وتفاعل عناصره جزء من ذلك
المجال، وبتعبير واضح: مجال تنظيم حياة الإنسان وعلاقاته بالآخرين في دوائرها
المختلفة وكيفية معاملته لذاته.
فإصرار الفكر الغربي على أن بوسعه معرفة كل شيء عن الإنسان هو الذي
قاده إلى الطريق المسدود، والأزمة الخانقة التي تضرب الغرب بعنف شديد.
العلوم الكونية بين ذانك المنهجين:
وتقودنا المسألة الآنفة الذكر إلى البحث عن الدافع الذي كرس لدى الإنسان
الغربي هذا الاعتداد بالعقل. ومن الميسور لنا أن نقول بأن التقدم العلمي الذي
أحرزه الإنسان الغربي أدى إلى إصابته بالغرور والانبهار؛ فاعتقد خطأً أن العلم هو
الآلة السحرية التي لا يند عنها شيء؛ ولا يعزب عنها مثقال ذرة، وخيل إليه من
فرط إعجابه باكتشافات العلم أن هذا الأخير أصبح بديلاً عن الدين في تحقيق السعادة
للإنسان.
أما التربية الإسلامية، فإنها تنظر إلى العلوم الكونية على أنها مجال لتعميق
الإيمان بالخالق عز وجل ؛ إذ إن المعرفة ليست معزولة عن الحكمة، بل هي
على العكس من ذلك المحراب الذي يقود إليها، قال (تعالى) : [إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ
عِبَادِهِ العُلَمَاءُ] [فاطر: 28]، وقال (تعالى) : [إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ
وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الأَلْبَابِ (190) الَذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً
وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً
سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ] [آل عمران: 190، 191] .
وإننا بنظرة عميقة إلى كلمة الشهادة التي هي إعلان لدخول الإنسان في
الإسلام نتبين حقيقتين عظيمتين في الوقت ذاته: الحقيقة الأولى: هي مسؤولية
الإنسان الفردية في فعل الشهادة، والحقيقة الثانية: تعني أن تعبيري عن الشهادة
بقولي: (أشهد أن لا إله إلا الله) (لا يحدث في فراغ أو في انعزال عن عالم الطبيعة، وإنما يحدث في عالم الطبيعة وبه، فالمعرفة المطلوبة في الشهادة لا تحدث في
الإنسان وحده كعارف، وإنما تحدث فيه بوجود موضوع المعرفة أو وجود عالم
المخلوقات بما فيها هو نفسه كأحدها) [9] .
أهداف التربية بين المنهجين: إن الخصائص المذكورة التي ميزت النظريات
الغربية في التربية، ومن بينها وقوع الفصام النكد بينها وبين الدين، وبالتالي
التعويل على العقل وتأليه العلم، كل ذلك أوقع التربية الغربية في الذاتية والهوى
ومحدودية الأفق في تحديد الأهداف الكبرى التي تتوخاها، ورغم الشوط الذي
قطعته العلوم الإنسانية في الغرب، فإنها لم ترتق بتلك الأهداف (فعلى الصعيد
الفردي دعت هذه العلوم الإنسان إلى الاعتماد على الذات وتقويتها؛ لأنها منبع القيم
المستقل والمرجع الأخير لوجود الإنسان ووعيه بوجوده، وأصبحت الحرية في
نظر الغرب متساوية مع الممارسة التي لا تخضع لمبدأ أو قانون، بل تصدر عن
الإرادة الشخصية مجردة) ، وقد تأثرت نظرية التربية بهذه النزعة إلى التمركز
حول الذات؛ فأصبحت ترى غايتها في إحداث التجانس في الرغبات بين أفراد
المجتمع الواحد، أما إذا تجانست فلا سؤال ولا استفهام بعد ذلك في خيرها أو شرها [10] .
لقد استقرت التربية الغربية على أن الهدف الأسمى (للتربية) الذي ينبغي العمل على تحقيقه هو إعداد المواطن الصالح، وشتان بين هذا الهدف الضيق والهدف الرفيع الذي ترمي إليه التربية الإسلامية، وهو إعداد الإنسان الصالح (الإنسان بجوهره الكامن في أعماقه، الإنسان من حيث هو إنسان، لا من حيث هو مواطن في هذه البقعة من الأرض أو في ذلك المكان؛ وذلك معنى أشمل ولا شك من كل مفهوم للتربية عند غير المسلمين)[11] .
من إيجابيات النظريات التربوية الغربية: وإذا كانت النظريات الغربية
موضوع النقاش تشكو من تلك العيوب والثغرات التي رأيناها، وهي عيوب
وثغرات مترتبة حتماً عن طبيعة الأسس الفلسفية التي يشيد عليها أعلام الفكر
والتربية في الغرب أبنيتهم ونظرياتهم التربوية، فإن الإطار العام لتلك النظريات قد
اشتمل على بعض الاجتهادات في مجال التنظير والتطبيق التربويين، التي مكنت
الفكر التربوي الحديث من تجاوز بعض العناصر المثبطة؛ فاهتداء التربية الحديثة
في شخص أحد أقطابها المرموقين (روسو (إلى أهمية وضرورة تحرير الطفل من
عوائق الآباء والمجتمع، وتحذير (البراجماتية) مستفيدة في ذلك من تراث:
(روسو) من سلب الطفل فاعليته وقصر نشاطه على تقبل آراء المعلم ومتابعة أفكاره، بدل إشراكه بطريقة ديمقراطية في التفكير والبحث والتمحيص ليصل إلى الحقائق
بنفسه [12] ، كل ذلك شكّلَ مكاسب في إطار الفكر التربوي الغربي أزاحت
مجموعة من العوائق التي كبلت الفعل التربوي مما تسبب عنه ارتقاء في المردود
التربوي وتحسن في وتيرته.
ملحوظة مهمة: ومن خلال بحث هذا الموضوع أرى من الأمانة العلمية
والإخلاص للحق أن نورد ما انتهى إليه أحد الباحثين من أن هذا الذي أصبحت
تنادي به التربية الحديثة من ضرورة تخفيف (آثار البيئة وآثار الآباء على نمو
الأطفال من ناحية، وتنظيم البيئة التي تتطابق أكثر من غيرها مع خير نمو لنموهم
العقلي والخلقي من ناحية أخرى) [13] ، إن هو إلا تعبير عما جاء به الإسلام ممثلاً
في مفهوم الفطرة الواردة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل مولود
يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه
…
) [14]
إن التأمل في واقع الإنسان يدلنا على قابليته للتطبع بعقائد البيئة التي تكتنفه
في مراحله الأولى؛ مما يترتب عنه تشكّل عقليته ونظرته للحياة في قوالبها، كما
يدلنا على حرص الآباء على أن يكون أبناؤهم على غرار النماذج المرضية عندهم
المألوفة لديهم. في خضم هذا الوضع يعلن الإسلام عن مبدأ الفطرة التي تعني أن
مصير الولد في عقيدته وأخلاقه كامن فيه وليس في المجتمع الذي يولد فيه و (هذا
التركيز على ما أوجد في خلق الإنسان من قدرات ترشحه لحب الحق وللتوجه نحوه
وبه، نَقَلَ مهمة التربية نقلاً جذرياً وغيّر غاياتها تغييراً أساساً، فبعد أن كانت
مهمتها نَقْلَ ما توارثه الآباء والمجتمع صارت مهمتها توفير ما يلائم فطرة الإنسان
من نمو عقلي وخلقي ووجداني، وصارت غايتها كمال هذه الفطرة، وبهذا الانتقال
ارتقت التربية من ضيق وتعدد نسبية المجتمعات المختلفة إلى تربية عالمية ترتبط
بحقيقة الإنسان أينما كان وفي أي عصر كان) [15] .
خلاصة واستنتاجات: يَتَبَينُ من المعطيات السابقة أن في الإسلام تصوراً
يمتلك مقياساً دقيقاً يُعْرَض عليه ما توصل إليه التراث الإنساني في المجال التربوي، يقبل منه ما يقبل مما هو داخل في نسيج الحقائق المعبرة عن واقع الإنسان،
ويرفض منه ما يرفض مما لا تتوفر فيه شروط الصدق وموافقة قوانين الفطرة التي
فطر الله الناس عليها؛ ومن هذا المنطلق: فإن التصور الإسلامي يتبنى بكل ثقة ما
تتوصل إليه الإنسانية من كشوف متميزة ومناسبة في عالم التربية بما لا يناقض
أسسها ومنطلقاتها معتبراً إياها جزءاً من نسيجها الشامل على اعتبار أن في ذلك
النسيج ما يدل دلالة واضحة عليها، ويهدي إليها.
(1) سعد بن عبد الله، أصول التربية الإسلامية، ص 40.
(2)
أحمد علي الفنيش، أصول التربية، ص 29، 30، الدار العربية للكتاب، ليبيا، تونس.
(3)
محاضرات الأستاذ الدباجي في علوم التربية، المركز الوطني لتكوين المفتشين لسنة 1987م، 1988م.
(4)
خليل أبو العينين، مرجع سابق.
(5)
محمد باقر الصدر، فلسفتنا، ص 180، ط2/9/19، والكاتب رافضي ينسى الموضوعية عند الحديث عن عقيدته.
(6)
خليل أبو العينين، مرجع سابق، ص 272.
(7)
آمال حمزة المرزوقي، النظرية التربوية الإسلامية، ص 55، ط1 1402هـ، 1982م، جدة.
(8)
ألكسيس كاريل، الإنسان ذلك المجهول، ص 16، ط 3، مكتبة المعارف، بيروت.
(9)
عيسى عثمان، الإسلام اكتشف الإنسان، مجلة العلوم الاجتماعية، ص 45.
(10)
إسماعيل راجي الفاروقي، مجلة المسلم المعاصر، ع/39.
(11)
محمد قطب، منهج التربية الإسلامية، ج 1، ص 9، ط دار الشروق، بيروت.
(12)
خليل أبو العينين، مرجع سابق، ص 278.
(13)
عيسى عثمان، مرجع سابق، ص 39.
(14)
أخرجه البخاري بتمامه: كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المسلمين.
(15)
المرجع السابق، ص 38، 39.