المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌العمل الإسلاميومنهجية التغيير - مجلة البيان - جـ ١١٩

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌العمل الإسلاميومنهجية التغيير

من قضايا المنهج

‌العمل الإسلامي

ومنهجية التغيير

بقلم: د.جلال الدين صالح

لقد بات تجديد الإسلام في نفوس المؤمنين به أكبر هَمٍّ يؤرق شانئيه، وصار

تتبع توسعه، واقتفاء نموه بين جيل الشباب بخاصة يشغل حيزاً واسعاً واهتماماً

كبيراً في عقول أعدائه من الذين أوتوا الكتاب من قبلنا والمارقين من من صفوفنا،

حتى تمخض عن ذلك هذه الأساليب المشؤومة لكبح المد الإسلامي وإعاقته مما سُمّيَ

بـ (مكافحة الإرهاب) ، وليس في هذا ما يدعو إلى القلق والانزعاج ما دام خط

العمل الإسلامي في حد ذاته منضبطاً بضوابط الشرع، ومحكوماً بقواعد التصور

الصحيح في تأسيس مفاهيمه، فما كان الدين أبداً على ودٍ مع خصومه، ولن

يضيره ذلك إلا حين تدب في المؤمنين به مفاهيم التدين المنحرف، وتجتالهم عن

مصادر التدين الصحيح إلى مساقط الزيغ والهلاك؛ ذلك أن إمامة المسلمين في

الأرض مرهونة بوعي الإسلام على النحو الذي كان عليه جيل الصحابة (رضوان

الله عليهم) فالرب عز وجل كما يقول المفسر ابن سعدي رحمه الله : (عندما

سأله نبيه إبراهيم أن يوقف الإمامة على ذريته من بعده قال: [لا يَنَالُ عَهْدِي

الظَّالِمِينَ] [البقرة: 124][1] والظلم من أبلج صوره الانحراف المنهجي، وتتعدد

صور هذا الانحراف تبعاً لتعدد مصادر التلقي والتفقه، وأكبرها مقتاً عند الله وأشدها

أذى على العمل الإسلامي تلك التي تكدّر صفاء الرؤية العقدية وتشذ عن مألوف

الدين ومعروفه، وتحاول أن تجعل منه مادة جامحة، أو جافة مخلوطة بما هو

غريب عنه. وقد عرف مجتمع الإسلام هذا النوع من الانحراف في وقت مبكر من

تاريخه، وكان من جراء ذلك تنامي توجهات تحمل خللاً منهجياً في تدينها؛ فمنها

من آثر خلخلة قواعد المجتمع وقتال أهله على مواجهة الكفر ومجاهدته ظناً منه أن

ذلك أفضل ما يتقرب به المرء إلى الله كالخوارج الذين يقرؤون القرآن ولا يجاوز

حناجرهم، وإن منها من كسب انحياز السلطان نحوه؛ فسخر ذلك لإعلاء كلمته،

واستغله في فرض انحرافاته المنهجية على غيره؛ كما فعل المعتزلة في عهد

المعتصم رحمه الله وغفر له) مع الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله .

الانحراف المنهجي في واقع العمل الإسلامي:

والعمل الإسلامي اليوم ليس على براءة من ذلك الإرث المنحرف؛ فكثير من

شبابه وبعض من قياداته من يؤصل لهذا الفهم السقيم ويزيّنه في قلوب المتحلقين

حوله حتى إن قيادياً بارزاً رأيت له مؤلفاً يعدّد فيه منجزات حركته التي منها إعادة

الاعتبار إلى الفكر الاعتزالي في نطاق الحركة وتفاعلاتها الفكرية. وهذا من شأنه

أن يحيي تلك المواقف التاريخية التي انبهرت بأطروحات الفلسفة اليونانية

ومعاييرها في إصابة الحق، ويبعث فيها من جديد روحَ تخطي النصوص

وإخضاعها لتلك المعايير؛ الأمر الذي يحول دون تعميق التمايز الفكري بين الجانب

الإسلامي والآخر المزاحم، في حين أن نقاء مصدر التغيير الإسلامي وتفرده في

تكوين الذات وتشكيل مفاهيمها ومنهجها ضرورة لا بد منها تحتمها طبيعة هذا الدين. ولقد أدرك سيد قطب رحمه الله هذه الحقيقة حين أكدها بقوله: (ولكني أقرر وأنا

على يقين جازم بأن التصور الإسلامي لن يخلص من التشويه والانحراف والمسخ

إلا حين نلقي عنه جملةً كلّ ما أطلق عليه اسم الفلسفة الإسلامية، وكل مباحث علم

الكلام، وكل ما ثار من الجدل بين الفرق الإسلامية المختلفة في شتى العصور أيضاً، ثم نعود إلى القرآن الكريم) [2] .

ولا شك أن هذه العودة بجانب ما تعمقه فينا من أصالة التفكير والتحرر من

التبعية تضفي على مشروعنا التجديدي خاصيتي: العلم بالحق، والرحمة بالخلق؛

على نقيض الاتجاهات المنحرفة، فلا يصدر لنا قول أو فعل إلا عن معرفة بالحق

ورحمة بالعباد، كما قال ابن القيم رحمه الله في وصف أهل السنة والجماعة:

(يعرفون الحق ويرحمون الخلق؛ فلهم نصيب وافر من العلم والرحمة، وربهم

تعالى وسع كل شيءٍ رحمة وعلماً، وأهل البدع يكذبون الحق، ويكفرون الخلق؛

فلا علم عندهم ولا رحمة) [3] .

وأرى أن من أهم مقتضيات هاتين الخاصيتين: قراءة نصوص الاستدلال

قراءة بعيدة عن (تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين) والالتزام

بمرادفها في تحقيق مفاهيم الدين وإلا كان فسادٌ في الأفهام، واعتراضٌ على شرع

الله ودفعٌ نحو الشتات والهوان.

يقول ابن قتيبة رحمه الله: (وقد تدبرت مقالة أهل الكلام فوجدتهم يقولون

على الله ما لا يعلمون

لا يجتمع اثنان من رؤسائهم على أمر واحدٍ في الدين:

ف (أبو الهذيل العلاّف) يخالف (النظّام) ، و (النجّار) يخالفهما.. وفلان وفلان ليس

منهم واحدٌ إلا وله مذهب في الدين) [4] .

وهذه المنهجية المعوجة لا تصلح أبداً لتصحيح المسار وإحداث التغيير في

واقعنا الحالي، وغالباً ما تكون مجالاً للاختراق الفكري، وتقويض دعائم المجتمع

الإسلامي وتخريبه.

اتقاؤها ومقاومتها:

وحيث إن وجودها لا يكون إلا على حين غفلة عن العلم الشرعي وغياب عنه

تأصيلاً وتربية، فإن اتقاءها ومقاومتها بداهة لا يكون إلا بتحصيل العلم الشرعي

والتزود منه، وإلا انقلب الأمر من غاية النهوض بالدين إلى الاستخفاف به، وهذا

ما نقله ابن عبد البر عن أهل البدع في كتابه جامع بيان العلم وفضله: (وما ينعى

على أهل البدع إلا أنهم اتخذوا الدين رأياً، وليس الرأي ثقة ولا حتماً.. فلا أجد

أحداً أشد استخفافاً بدينه ممن اتخذ رأيه ورأي الرجال ديناً مفروضاً) [5] .

ولكن لا معنى للعلم ما لم يكن مقروناً بالعمل سوى أن يوظف لمكاسب دنيوية

عابرة تعكس تناقضاً بين المقول والمعمول، وتجعل المتصف بهذا في مصاف

علماء السوء الذين يقول فيهم ابن القيم رحمه الله: (علماء السوء جلسوا على باب

الجنة يدعون إليها الناس بأقوالهم، ويدعونهم إلى النار بأفعالهم) [6] .

وفي هذا الصنف من العلماء يجد دعاة الضلالة وسيلة لإغواء الأمة وتخديرها

عن إدراك رسالتها في الحياة. والسقوط في هذا الخلق حتماً يتنافى مع غاية العمل

الإسلامي، ويحبس الذات في نطاق شهواني ضيق لا يتجاوز حد الهموم المادية،

ويسلب الشخصية الإسلامية تأثيرها بخلاف تلك التي تربط بين العلم والعمل؛ فإنها

لا محالة تكون مثالاً للاحتذاء والاقتداء، ومن ثَمّ طريقاً إلى التغيير المنشود.

التغيير الإسلامي بين خيارين:

والتغيير الإسلامي اليوم في مفاهيم كثير من الشباب يفتقر إلى تأصيل شرعي

تتوازن فيه المصالح والمفاسد ساعة الإقدام أو الإحجام، وأرى في هذا قصوراً في

فهم الواقع المعاش، وخللاً في فهم مقاصد الإسلام من عملية التغيير ذاتها، وأحسب

أن قصة عبد الله بن حذافة رضي الله عنه أفضل ما يمكن إيراده عند مناقشة هذه

الظاهرة لدى هؤلاء الشباب فإنه رضي الله عنه بكى من غير جزع حين قرر الملك

الروماني إلقاءه في قدر يغلي بزيت متمنياً أن لو كانت له أكثر من نفس تعذب في

سبيل الله، ولكنه في الوقت ذاته رضي بتقبيل رأس الملك بعد أن اشترط عليه

إطلاق أسرى المسلمين، ولقد مدح عمر بن الخطاب رضي الله عنهما صنيعه هذا

وكافأه بتقبيل رأسه حيث قال: (حق على كل مسلم أن يقبِّل رأس عبد الله بن حذافة، وأنا أبدأ، فقام فقبل رأسه)[7] .

هذا الموقف من عبد الله بن حذافة رضي الله عنه بكل ما فيه من إخلاص،

وصدق وتضحية يبرز لنا من جانب آخر قدراً عالياً من فقهه في حمل الرسالة

الإسلامية فلم تكن الدعوة في ذهنه تعني فقط إجادة الموت في سبيل الله، ولكن

أيضاً تعني إجادة الحياة في سبيل الله؛ والافتقار إلى هذا النوع من الفقه يعني خللاً

في العمل الإسلامي، واعتماده يعني اقتفاءً لجيل الصحابة؛ وواقعنا الإسلامي أشد

ما يكون حاجة إلى هذا الفقه، ومن ثَمّ تصريف العمل الإسلامي وفق قدرات الذات

في مغالبة تحديات هذا الواقع ومجاهدته.

يقول ابن سعدي رحمه الله : (لو سعى المسلمون الذين تحت ولاية الكفار

وعملوا على جعل الولاية جمهورية يتمكن فيها أفراد الشعب من حقوقهم الدينية

والدنيوية لكان أوْلى من استسلامهم لدولة تقضي على حقوقهم الدينية والدنيوية) [8] .

إن هذا التأصيل من ابن سعدي يحملني على لَوْم وتخطئة أولئك الشباب الذين

يحجّرون واسعاً، ويحشروننا بين خيارين لا ثالث لهما: القتال حتى الموت، أو

إقامة الدولة الإسلامية، دون النظر إلى واقع الذات من ضعف وقوة، وواقع

التغيرات السياسية دولياً وإقليمياً، وواقع الوعي الإسلامي في المجتمعات التي

ينشطون فيها، ويدفعني أيضاً إلى القول: بأن في الأمر سعة.

والله المستعان،،،

(1) تفسير السعدي (1/135 136) .

(2)

خصائص التصور الإسلامي ص 10 11.

(3)

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة 2/ 430 432.

(4)

تأويل مختلف الحديث ص 12 13.

(5)

انظر ص 325.

(6)

الفوائد ص 61.

(7)

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 2/588.

(8)

تفسير السعدي 3/457.

ص: 32

حوار

مع فضيلة: د. عمر الأشقر

حول مسائل علمية ودعوية وفكرية ملحة

(2/2)

في الحلقة الأولى من الحوار مضينا مع د. الأشقر في محطات بدأت حول

سيل المطبوعات التي تدفع بها المطابع وضمور الوعي الذي يعاني منه العالم

الإسلامي، وكذلك عالج الضيف دور المؤسسات الدعوية، وقضية المعايشة بين

الجماعات وتعاون الجماعات التي يضمها إطار أهل السنة والجماعة، ونواصل

الحوار مع الضيف في حلقته الأخيرة.

- البيان -

س6: هناك ارتباط كبير بين الائتلاف والاختلاف، والتحلي بأدب الحوار أو

عدمه؛ فهل من سبيل كي يكون أدب الحوار من خلاله واقعاً ملموساً في حياة أبناء

الصحوة؟ وما هو دور قيادات العمل الإسلامي في ذلك؟

ج6: الواجب على الدعاة وقيادات العمل الإسلامي، بل وطلبة العلم وأتباع

الجماعات الإسلامية أن تكون وجهتهم جميعاً طلب الحق، وأن يكون رائدهم الالتزام

بالحق إذا عرفوه، فالحق أحق أن يتبع، فإن اختلفوا فعليهم بتحكيم كتاب الله وسنة

رسوله: [فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ][النساء: 59] إن

الدعوة إلى الاتفاق والاجتماع على مبدأ عام ونظرة عامة غير صواب، والصواب

أن نلتقي على ما اجتمعنا عليه، ونتباحث فيما اختلفنا فيه، جاعلين من الكتاب

والسنة حكماً على خلافنا ونزاعنا.

ولا يلزم من الاختلاف أن نتعادى ونتباغض؛ فقد اختلف الصحابة قديماً في

الفروع، ولم يؤد بهم هذا الاختلاف إلى التنازع والتباغض، وعصم الله صحابة

رسوله من التنازع في مسائل الاعتقاد أو مسائل الإيمان الكبار.

ويجب أن يكون خلاف المسلمين خلافاً رفيعاً في آفاقه ومستواه، وهذا يقوم

على ركنين:

الأول: بيان الحق الذي يعتقده المسلم مدعماً بالحجة والبرهان من الكتاب

والسنة.

والثاني: التزام أدب الحوار القائم على احترام الطرف الآخر، وعدم تحقيره

أو الاستهانة به، والتشكيك في نيته وإخلاصه، إذ ينبغي اتباع الحق إذا ظهر للمرء

أثناء الحوار.

ومن أعظم ما يصد الناس عن اتباع الحق عندما يظهر للمحاور: الهوى

والعصبية، وأخص منها هنا العصبية للجماعة التي ينتمي إليها المرء؛ فإن داء

العصبية داء فتاك قتال خبيث يفسد النفوس والقلوب، ويدمر العلاقات بين الأفراد

والحركات؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وخلاصة القول: أن الواجب على قيادات العمل الإسلامي الدعوة إلى الألفة

والتحاب لا الفرقة والتباغض، وأن يدعوا إلى التحاور حول ما اختلف فيه بأدب

الإسلام بعيداً عن المهاترات والتهريج والغيبة والنميمة وإساءة الظن.

س 7: قد يكون لكل بلد خصوصية في العمل الإسلامي حسب طبيعة كل

مجتمع وظروفه، فما هي الركائز والصفات الأساس التي ينبغي ألا تغيب عن أي

عمل إسلامي، وبخاصة الدعوي. وما الطريقة التي نعرف بها ملامح وأصول

التعامل مع تلك الخصوصيات التي يقابلها العمل الإسلامي في كل مجتمع؟

ج -7: قد يكون ما تذكره صواباً، ولكن في نظري أن هذه الخصوصية لا

تستدعي هذا الاختلاف بين الحركات العاملة لإعادة مجد الإسلام، إن هذه الفرقة

بين الجماعات أخّرت المسيرة الهادفة للنهوض بالأمة الإسلامية، ورد العاديات التي

أحاطت بها، ومغالبة الخصوم الرابضين في معاقلها وحصونها.

إن الهدف الكبير الذي يجب أن يسعى إليه العاملون بالإسلام هو توحيد هذه

الأمة على أساس من كتاب الله وسنة رسوله، وإقامة حكم الله في الأرض، وجعل

الدينونة لله رب العالمين، ومجاهدة أعداء الله الذين يحيطون بالأمة الإسلامية إحاطة

السوار بالمعصم، فتراهم يذلونها، ويحتقرونها، ويسلبونها ثرواتها، ويدمرون

معاقلها، ويحاربونها في دينها وعقيدتها إن تحقيق ذلك كله لا يتم من غير أن يتولاه

طائفة كبيرة في العالم الإسلامي كله؛ ولذا فإنني أدعو إلى قيام مجلس إسلامي أعلى

للحركات الإسلامية ذات الأصول الواحدة أعني الحركات التي تدور في فلك أهل

السنة والجماعة، ومهمة هذا المجلس: هو العناية بالقضايا الكبرى في العالم

الإسلامي، وعلى أن يترك معالجة القضايا التي لها خصوصية في كل بلد لأهلها.

س 8: ذكر أحد الدعاة أن العلمانية دخلت العالم الإسلامي لابسة عمامة! فما

هو السبيل لفصل الالتباس الحادث بين العلمانية والإسلام؟

ج 8: إن خلط الإسلام بغيره يؤدي إلى أن يُلَبّس على الناس دينهم، وقد

حرص أعداء الإسلام من قديم على تحريف القرآن فباؤوا بالخيبة والخسران،

فدخلوا إلى إفساد الدين بتأويل نصوص القرآن تأويلاً يفسد معانيه ويحرفها، ثم

حرصوا على تحريف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدخلوا فيه ما

ليس منه، وقد اقتضى حفظ الحديث مما تلبس به من المكذوب أو المحرف جهوداً

خيالية قام بها علماء الإسلام، ولا تزال تبذل حتى اليوم لتنقية أحاديث الرسول مما

تلبس بها.

وقد قام اليوم أولئك الذين حاربوا الإسلام علانية فأخفقوا في هدمه إخفاقاً ذريعاً

قاموا بإدخال أوليائهم ليتحدثوا باسم الإسلام، وينظّروا لأتباعه، وهم بذلك يحاولون

هدمه من داخله كما فعل أهل النفاق من قبل، وقد تحدثت عن هؤلاء في إجابة

سؤال سابق، ولذا فإنك تجد في ما يكتبه هؤلاء ظلمات ومكائد وفلسفات تقصد إفساد

هذا الدين، وحرف مساره، وإضعاف تياره؛ وقد تصدى لهؤلاء جمع من الذين

عرفوا حقيقتهم وكشفوا مخططاتهم وأهدافهم، وإن كان بعض الناس يحسن الظن بهم، وفعل هؤلاء كفعل المنافقين من قبل الذين ائتمروا بالإسلام ورسول الإسلام

وصحابته الكرام، وبنوا مسجد الضرار، ومكروا بالرسول لقتله واغتياله، ولكن

الله رد كيدهم، وأبطل مكرهم، وكشف مخططاتهم، وجاء نصر الله وهم كارهون.

إن الرد على هؤلاء واجب إسلامي، وكشف ما تلبسوا به من باطل، وإظهار

حقيقتهم أمر مطلوب شرعاً.

س 9: يزعم بعض المناوئين للصحوة أن صعود المد الإسلامي آخذ في

الانحسار بعد بلوغه قمة المنحنى في العقدين الماضيين، فهل المظاهر التي تشوه

وجه الصحوة تدل على شيخوختها، أم على عدم بلوغها مرحلة النضج، أم أن

هناك تفسيراً آخر؟

ج 9: إن الصحوة الإسلامية فيما أعتقد قدر إلهي، يريد الله به إحياء هذا

الدين، وإحياء الأمة الإسلامية بدينها الذي به عزتها ونصرتها وكرامتها، وقد تكفل

الله في كتابه أن يبقى كتاب هذه الأمة محفوظاً، وأن يستمر وجود هذه الأمة إلى

قيام الساعة، ووعدها بالعزة إن هي استقامت على أمره، واتحدت على منهجه،

وقد ذاقت الأمة الإسلامية في القرن الأخير من البلاء أشكالاً وألواناً نتيجة بعدها عن

دينها، وتوجهها إلى مناهج الكفر، وإعجابها بما عليه أعداؤها، ثم جاءت الصحوة

الإسلامية لتؤصل الإسلام في النفوس، وتعيد المسلمين إلى الأصالة، وتبني

الشخصية الإسلامية السوية، وامتلأت الجامعات والمساجد بشباب الإسلام، وعادت

الفتاة المسلمة مرة أخرى إلى حظيرة الإسلام، وعادت الجموع مرة أخرى إلى ربها

ومعبودها ودينها، وحملت الراية من جديد، واتجهت إلى قبلة المسلمين مكة بعد أن

كان وجهتها موسكو ولندن وباريس وواشنطن، ورمى أعداء الإسلام وأولياؤهم

شباب الصحوة بكل قبيح ونقيصة، وزعموا أن هذه الصحوة توشك أن تهمد

وتتلاشى، وكذبوا في زعمهم؛ فالإسلام في كل يوم يتأصل في النفوس، وينغرس

في أعماق القلوب، ونحن موقنون بأن الإسلام آت آت، نوقن بذلك من خلال فقهنا

لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن خلال سنن الله التي يجريها

في الإسلام وأهله والكفر وأهله، ودعاوى أولياء الكفر دعاوى باطلة متهاوية، لا

تستند إلى الحقيقة، بل تزيف الحقيقة وتزوّرها.

أنا لا أنكر أن هناك مشكلات تحيط بالصحوة الإسلامية، وهذه المشكلات

تؤخر مسيرتها، وتشغلها بقضايا ما كانت لتنشغل بها، وأخطر هذه القضايا غياب

الهدف المرحلي الذي يجب أن يعمل دعاة الإسلام لتحقيقه، والفرقة والنزاع، وعدم

إدراك المنهج الكبير الذي ينبغي القيام به، وهو إقامة منهج العبودية الحقة لله رب

العالمين.

نعم هناك مشكلات تواجه الصحوة الإسلامية، وتؤخر مسيرتها، ونسأل الله

أن يهيئ للأمة الإسلامية من يرفع عنها العوائق المغروسة في طريقها والبلاء الذي

يحيط بها، وسيأتي يوم ينعم فيه المسلمون في ظلال الإسلام، يملكون فيه قرارهم

بأنفسهم، ويعرفون كيف يقفون في وجه أعدائهم، وكيف يأخذون على أيدي

سفهائهم، وكيف يغسلون الحوبة بالتوبة، وكيف يستنزلون النصر بالاستقامة

والإخلاص والعمل الدائب للإسلام؛ وعند ذلك يعلم الذين يفتلون للصحوة في الذروة

والغارب [1] أنهم أنفقوا أموالهم وأوقاتهم صادِّين عن سبيل الله، فكانت عليهم

حسرة ولا مناص من أن يُغلبوا ويُهزموا، سنة الله؛ ولن تجد لسنة الله تبديلاً.

س 10: يواجه العالم الإسلامي اليوم هجمة شرسة من الخارج ووهناً شديداً

من الداخل، فهل مر العالم الإسلامي بمثل هذه الحالة من قبل؟ وكيف تواجه الأمة

مثل تلك الحالات؟

ج -10: أمّا إن الإسلام يواجه هجمة شرسة من الخارج فنعم، وأمّا الوهن

الذي في الداخل فعلى الرغم من وجوده على مستوى القمة في الشعوب الإسلامية

أعني على مستوى الحكام فنعم؛ فالفرقة المفروضة على الشعوب الإسلامية،

وارتهان قرار الحكام واستلابه من قبل أعداء الإسلام، بل تحوّلَ القرارُ ليكون

بإرادة بعض الحكام في مصلحة أعداء الإسلام. أما الشعوب الإسلامية المغلوبة

المقهورة فإنه سرى فيها روح الإيمان، ودخل قلوبها وعقولها أنوار الوحي من جديد، كما بينت في إجابة السؤال السابق، ويوشك أن يكون الغلب لهذا الإيمان وذلك

النور.

وقد مرّ على الإسلام وأهله فترات صعبة مشابهة لما نعيشه اليوم، بل أشد في

بعض الأحيان، ولولا أن دين الله محفوظ لزال هذا الدين بسبب ما أحاط به على

مر العصور، لقد أجلبت علينا أوروبا بخيلها ورجلها في الحروب الصليبية،

ووصل المدّ التتري إلى عاصمة الخلافة الإسلامية، ودمر ديار الإسلام ومدنه

ومعاقله، وترك ديارنا خرباً ينعق فيها البوم، وفي كل مرة تقوم الأمة من كبوتها

وتنهض من عثارها، وسيتحقق هذا بإذن الله في هذه المرة.

وتدفع الأمة عن نفسها الوهن، وتزيح عن ظهرها البلاء باجتماعها على كلمة

سواء، ورفع راية الإسلام، والعودة لهذا الدين، ورفع راية الجهاد من جديد،

والاعتزاز بالإسلام، وهذا يحتاج إلى تفصيل وبيان لا يحتمله المقام.

س 11: تعيش المنطقة العربية منذ فترة محاولات حشد للرأي العام نحو

قبول الوجود الصهيوني ضمن نسيج المنطقة، هذا في الوقت الذي لا يخفي فيه

اليهود صلفهم ونياتهم التوسعية، فإذا أخذنا في الاعتبار بعض التصريحات

والمواقف العنترية التي تطلق في عالمنا العربي لحفظ ماء الوجه.. فما مستقبل ما

يسمى بعملية السلام في الشارع العربي؟ وما هو دور الحركة الإسلامية الذي ينبغي

أن تقوم به؟ ولماذا يراد تقليص هذا الدور أو الاكتفاء باستغلاله (كورقة ضغط) ؟

ج -11: غُرِسَ الكيان اليهودي في فلسطين في جسد الأمة الإسلامية كما

يغرس عضو غريب في جسد الإنسان، والأعداء يحاولون جهدهم على أن يقبل

جسد الأمة الإسلامية هذا الكيان الغريب، وفي كل يوم يظهر للعيان أن هذا غير

ممكن.

إن اليهود وأولياءهم يجاهدون كي يستمر الكيان اليهودي في أرض الإسراء،

وقد صنعوا مؤامرة كبرى اشتركت فيها الغالبية العظمى من دول العالم، وسميت

هذه المؤامرة بـ (عملية السلام) وما عملية السلام هذه إلا مؤامرة دولية لتمكين

اليهود من الاستقرار إلى الأبد في فلسطين، وأحد خطوط هذه المؤامرة رضا

الفلسطينيين والعرب والمسلمين باليهود، ولكن نسي العالم كله أن لله قدراً ماضياً في

اليهود، وقدره فيهم أن تضرب عليهم الذلة والمسكنة وأن يتغشاهم غضب الله، وإذا

رفعت عنهم الذلة فترة من الدهر، فهو استثناء لحكمة يعلمها الله تبارك وتعالى

فهذه الأمة ابتعدت عن منهج الله، فضربها الله بسوط عذاب من عنده جزاءاً وفاقاً،

ومن ذلك أن يسلط عليها أبغض خلق الله إليه وإليهم، وهم اليهود ليذيقوها البلاء

أشكالاً وألواناً جزاء بُعدنا عن إسلامنا وإيماننا، كما فعل الله باليهود أنفسهم عندما

سلط عليهم عُبّاد النيران أيام أن كان فيهم أنبياء وصالحون، بسبب بعدهم عن الله،

ونحن نعلم أن التغيير مرهون بالعودة إلى الإسلام، وجمع الأمة عليه، وإدراك

المسلمين طبيعة المعركة وحقيقة المعركة بينهم وبين اليهود؛ عند ذلك سيزول

الاستثناء الذي قرره الإله الغالب القادر الذي لا راد لأمره، ولا مبطل لقدره، وقد

قرر الله هذا القدر وأخبر به في كتابه، كما أخبرنا عن حالة الاستثناء هذه التي

يعيشها اليهود اليوم فقال (تعالى) : [ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إلَاّ بِحَبْلٍ مِّنَ

اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ المَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا

يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ]

[آل عمران: 112] .

فقد ضرب الله عليهم قدراً إلهياً ماضياً الذلة والمسكنة هذا مع إحاطة غضب

الله بهم، واستثنى الحق تبارك وتعالى من الذلة المضروبة عليهم فقال: [إلَاّ

بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ] فترفع عنهم الذلة بحبل الله من الله وحبل من

الناس، وهذا هو الذي نشاهده اليوم، فقد جعل الله لهم دولة ورفعت الذلة عنهم،

وكان ذلك بحبل من الله؛ لأن المسلمين أغضبوا الله فأذلهم بأذل خلقه إليه، جزاء

بُعدهم عن ربهم، وها هو حبل غليظ شاركت في صنعه دول العالم كي يمكنوا

لليهود في أرض الإسراء، بل إن كثيراً من الدول العربية والإسلامية شاركت في

فتله وصنعه، ولكن على الرغم من رفع الذلة عنهم استثناءً كما يقرر النص القرآني؛ فإن الغضب الإلهي لا يرفع عنهم، كما لا ترفع المسكنة عنهم، فالاستثناء فقط

للذلة فحسب، أما الغضب والمسكنة فهما باقيان ماضيان، ويوشك الاستثناء أن

يزول بعودة المسلمين إلى الله عز وجل فيعود اليهود إلى الذلة مرة أخرى،

ويعودون إلى القدر الماضي فيهم إلى يوم القيامة، ومن قرأ تاريخ يهود يعلم صدق

هذا الذي أخبرنا الله عنه عبر التاريخ، وأن هذا الذي يقوله كتابنا هو القانون

الساري في قتلة الأنبياء الكافرين بآيات الله العصاة المعتدين.

إن عملية السلام جاءت في فترة الاستثناء، وتوشك أن تزول، وسيُقنع اليهود

العالم كله بأنهم لا يستحقون هذا الحبل الذي مُدّ لهم، وعند ذلك تقطع الأمم هذا

الحبل، فيهوي اليهود في الهاوية، إن الشخصية اليهودية والعقلية اليهودية لا

تستطيع أن تحافظ على علاقة جيدة مع الأمم والشعوب، فهي عقلية محرفة منحرفة

كالخلق اليهودي، وانظر ما يفعلونه اليوم من إذلال لأهل فلسطين، وانظر

ملصقاتهم التي تهين رسول الإسلام، وتهين مريم العذراء البتول، وتدنيسهم

للمساجد، وتمزيق المصاحف ودوسها بالنعال، وها هم ماضون في هدم الأقصى،

والاعتداء على كل الحرمات، وستكتشف الدول التي أيدت اليهود أنها أخطأت خطأً

كبيراً، فجعلت التكريم والإعزاز لإخوان القردة والخنازير، أي جعلتهما عند من لا

يستحق، وقد قيل قديماً:

إن أنت أكرمت الكريم ملكته

أو أنت أكرمت اللئيم تمردا

إن اليهود ليسوا بأهل للتكريم؛ فتكريمهم خطأ كبير؛ ولذا فإنهم يعضون اليد

التي تمتد إليهم بالإحسان، وسيعلم العالم أن رسولنا هو الذي أفلح في معالجة اليهود

عندما عاثوا في الأرض فساداً في قريظة والنضير وخيبر.

إن عملية السلام وَهْمٌ كبير، على الرغم من أن بعض من في أيديهم زمام

الأمور يظنون أن إقامة السلام بيننا وبين اليهود ممكن، ولكن الواقع الذي يمارسه

اليهود يثبت كل يوم للذين يرون هذا الرأي أنهم مخطئون، وسيأتي يوم يدمر عملية

السلام من بناها؛ لأنهم سيعلمون أنهم لم يفقهوا حقيقة اليهود وأهدافهم وأخلاقهم.

على أن الواجب على الأمة الإسلامية والحركات الإسلامية ألا تنتظر انهيار

بناء عملية السلام من تلقاء نفسها؛ فاليهود أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء الأمة

الإسلامية، وهم دنسوا أرض الأنبياء وأرض الإسراء، واحتلوا قبلة المسلمين

الأولى، وأهانوا دين الإسلام؛ ودنسوا مقدسات الإسلام؛ ولذا فإن واجب كل مسلم

أن يسعى لطرد أعداء الله من بلاد المسلمين، وتخليص المسلمين من هذا السرطان

الخبيث الذي غُرس في أحشاء الأمة الإسلامية، والله غالب على أمره؛ ولكن

المنافقين لا يعلمون.

س12: استُغل الفهم الخاطئ للقدر في ترسيخ سلوك التواكل والاستسلام

للواقع المفروض على الأمة من قِبَلِ أعدائها؛ فكيف يلائم المسلم بين المطلوب منه

شرعاً والواقع عليه قدراً؟ وهل يمكن استشراف المستقبل من خلال تأمل النصوص

الشرعية المخبرة عن قدر سوف يقع؟

ج -12: القدر كما فسره الإمام أحمد رحمه الله : قدرة الله، ومن قدرته

تبارك وتعالى وتمام علمه: أنه علم كل ما سيكون كما يعلم كل ما كان، وقد سجل

الله الكائنات في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ويأتي التنفيذ بعد

ذلك بالخلق والإيجاد والتدبير والتصريف وفق ما قدره الله.

ولا حظّ في الإسلام لمن كفر بالقدر وكذب به، ولكن القدر لا يعني التواكل

وترك العمل والقعود والكسل، إن الأخذ بالأسباب والعمل هو القدر؛ فالله قدر أن

يُرزَقَ فلانٌ أولاداً، ولكنه قدر أيضاً أن لا يرزقه الأولاد بإنباتهم من الأرض، ولا

إهباطهم من السماء، بل قدر أن يتزوج هذا الرجل ويعاشر زوجته فيرزق الأولاد،

فالذي يريد أولاداً من غير زواج ويسأل الله أن يهبه الأولاد من غير زواج لم يفهم

القدر، والله قدّر أن يُنْصَرَ المسلمون على عدوهم في بدر والقادسية واليرموك

وغيرها من معارك الإسلام، وقدر أيضاً أن يملك المسلمون أسباب القوة التي

يحققون النصر بها، فمن رام أن يُنصر من غير إعداد وتخطيط ومغالبة لم يفقه

القدر.

إن المستقبل غيب، والقدر المستقبلي الغائب مكتوم عنا، ونحن مطالبون بأن

نبذل أقصى ما يمكننا فعله وتحقيقه وفق منهج الله ودينه، وبذلك نؤمن بالقدر،

ونحقق الشرع. إن الانحراف في فقه القدر أوجد ثَلْماً في حياة المسلمين؛ فمنهم

الذي ترك العمل اتكالاً على القدر، ومنهم الذي كذّب بالقدر، ومنهم الذي لم يفقهه

حق الفقه؛ فهو يخبط خبط عشواء، ولكن الغالبية العظمى من الأمة تفقه الأمر على

وجهه؛ فهي تؤمن به، وتسعى إلى تحقيق أمر الله، وهي تعلم أن لا تناقض ولا

تعارض بين الأمرين، ومن عَسُرَ عليه فِقْهُ الأمر فلينظر إلى رسول الله - صلى

الله عليه وسلم - وأصحابه وهم أكمل المؤمنين إيماناً كيف كانوا يسعون في الأرض

متوكلين على الله عاملين مجاهدين، ولم يجدوا تناقضاً بين الإيمان بالقدر والتوجه

إلى العمل باذلين أقصى ما يستطيعون في ذلك.

أما القدر بعد وقوعه فهو معلوم معروف، والموقف من القدر الواقع إن كان

من فعل الإنسان فإن العبد يحمد الله على أن وفقه وهداه، إن كان فعله خيراً، فإن

كان شراً فالواجب عليه أن يتوب ويستغفر، وإن كان الذي وقع به بلاءً ومصيبة

صبر، وإن كان نعمة شكر.

والقدر المكتوب لا يمنع الإنسان من استشراف المستقبل ليخطط لما هو آت،

فهذا النظر هو فعل الإنسان قد يصيب فيه وقد يخطئ، ولكن عليه أن لا يفرق في

هذا المجال، ولا يقيم على استشرافه جبالاً من الآمال كما يفعل بعض الناس،

زاعماً أن ما يراه هو الذي سيكون، فيضيِّع كثيراً من عمره في تخيلات وبُعد عن

الصواب.

س13: الدكتور عمر: شهد الحرف العربي المطبوع كثيراً من إصداراتك

الهادفة

نسأل الله أن يأجرك عليها.. فهل لك أن تحدثنا عن آخر مشروعاتك

العلمية وإصداراتك الجديدة؟

لقد وفقني الله في مسيرتي الماضية إلى نشر أكثر من ستين كتاباً مطبوعاً ما

بين صغير وكبير، وآخر هذه الإصدارت صحيح القصص النبوي، وشرح قانون

الأحوال الشخصية الأردني، وأحكام الزواج في ضوء الكتاب والسنة، وسيصدر

قريباً إن شاء الله: (محاضرات إسلامية نافعة) وهو يضم المحاضرات التي نشرت

مفردة فيما سبق وعددها إحدى عشرة محاضرة وأضفت إليها ثلاث محاضرات لم

تنشر من قبل.

ولا شك أن الذي يسير في طريق العلم دائم البحث والتنقيب ما بقي في الجسد

روح تَرَدّد، وهناك مشروعات علمية بعضها كبير وبعضها صغير، ولكني أخشى

الحديث عن المستقبل، فالمستقبل غيب، ولا يدري المرء هل يقدر له أن يقوم بما

عزم عليه؛ ولذا أحب أن يُعلم بأعمالي بعد خروجها، وأسأل الله أن يعين على

تحقيق ما تهفو النفس لتحقيقه في مقبل الأيام، والله المستعان، والحمد لله رب

العالمين.

(1) يفتلون للصحوة في الذّروة والغارب: أي يخادعونها ويتلطفون بها لتستجيب لهم.

ص: 36