المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌شذرات وقطوف اختيار: مازن محمد راغب أين المشكلة؟ .... أمر الاعتقاد في الإسلام - مجلة البيان - جـ ١٢

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌ ‌شذرات وقطوف اختيار: مازن محمد راغب أين المشكلة؟ .... أمر الاعتقاد في الإسلام

‌شذرات وقطوف

اختيار:

مازن محمد راغب

أين المشكلة؟

.... أمر الاعتقاد في الإسلام لم يترك لاجتهاد الناس ولا لأذواق المجاذيب؛

بل هو محصور في مصدر واحد هو النقل

بخلاف فقه الشريعة، فإن المصدر

الرئيسي له هو الوحي، ولكن ترك فيه مجال كبير لاجتهاد المجتهدين

وكان هذا من أعظم أسباب شمول الشريعة ومرونتها التشريعية. النبي-صلى

الله عليه وسلم- أقر الاختلاف في الأحكام في عهده، ولم يخطّئ أحداً من المجتهدين

رغم اختلافهم، إلا إذا اشتط الفهم بأحد منهم فتكلم بغير فقه، لذلك لا يعد الاختلاف

في فقه الأحكام من حيث المبدأ مشكلة في حياة المسلمين، المشكلة في أدب

الاختلاف

البهاليل في عصر الكمبيوتر للدكتور عبد العزيز القارئ

الفضيلة في عصرنا

نحن في عصر تكاد الفضيلة الإنسانية فيه تلحق بالألفاظ التاريخية التي

تدل على ما كان قديماً

بل عادت كلمة من كلمات الشعر تراد لتحريك النسيم

اللغوي الراكد في الخيال، كما تقول: السحاب الأزرق، والفجر الأبيض، والشفق

الأحمر، والتطاريف الوردية على ذلك الشمس. وأصبح الناس ينظر أكثرهم إلى

أكثرهم بأعين فيها معنى وحشي له مس كمس الضرب أو طعن أو ذبح.

مصطفى صادق الرافعي وحي القلم ج 2

السياسة

ما كان فعلاً يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم

يصنعه الرسول ولا نزل به وحي. ومن قال لا سياسة إلا بما نطق به الشرع فقد

غلط وغَلَّط الصحابة.

ابن القيم في الطرق الحكمية

قال الحسن البصري لمطرف بن عبد الله:

يا مطرف، عظ أصحابك. فقال مطرف:

إني أخاف أن أقول ما لا أفعل، فقال الحسن:

يرحمك الله، وأينا يفعل ما يقول؟ لود الشيطان أنه ظفر بهذه منكم، فلم يأمر

أحدٌ بمعروف، ولم ينه عن منكر.

ص: 48

نظرية «الوسيلة والهدف»

في القيادة

ر. ج. هوز [1]

ترجمة: طارق عبد الحليم

هذه الدراسة المترجمة التي نقدمها في مجال الدراسات الاجتماعية، استكمالاً

لما قدمناه في العدد الثامن من «البيان» ، هي لعالم الاجتماع الأمريكي روبرت

هوز، المتخصص في علم النفس الاجتماعي Social Psychology والتي قدم

فيها الورقة الأولى لنظرية جديدة في فن القيادة وسماها بنظرية (الوسيلة والهدف) ،

وتعني بتحديد المهام الرئيسية للقيادة كما يراها، والتي على رأسها إيضاح الهدف

المنشود، وبيان الوسيلة لتحقيقه، وأثر ذلك على سلوك الاتباع.

ظهرت - في الحقبة الأخيرة - مجموعة من الدراسات في مجال دراسة

«القيادة» تعرف باسم نظرية «الوسائل والأهداف» ، وحسب هذه النظرية فإن

فعالية القيادات تتحدد بدرجة تأثيرها على حفز همم المرؤوسين (الاتباع) ، ورفع

قدراتهم على أداء العمل بفعالية، وتنمية شعورهم بالرضا والاكتفاء الداخلي عن

العمل، وقد أطلق على هذه النظرية «الوسائل والأهداف» لأنها تصب اهتمامها

على كيفية تأثير القائد على تصورات اتباعه عن «الهدف» من العمل الجماعي،

وعن تطلعاتهم الشخصية، وطرق ووسائل تحقيق كلا الهدفين.

الأسس التاريخية للنظرية:

تمتد جذور نظرية «الوسائل والأهداف» في القيادة، لنظرية أكثر عمومية

تبحث في مجال «الدوافع» تعرف باسم نظرية «التوقعات»

(Expectations) وبشكل مختصر، فإن هذه النظرية الأخيرة تنص على أن

تصورات الأتباع ومواقفهم يمكن استنباطها من:

أ- درجة اقتناعهم بأن العمل الجماعي الذي يقومون به، سيؤدي إلى نتائج

محددة (التوقع) .

ب- درجة تقييمهم لهذه النتائج (التقييم) .

ولهذا السبب، فإن رضا الناس عن عمل ما، وما يحققه لهم من شعور

بالاكتفاء الداخلي، إنما يكمن في قناعتهم بأن هذا العمل سيؤدي بهم إلى الوصول

لتحقيق، أشياء ذات قيمة عالية في نظرهم.

هذا الأساس العقلي النظري، يمكن من خلاله التنبؤ بعدد من الظواهر

المتصلة بموضوع القيادة، فمثلاً: لماذا تتصرف القيادات بشكل ما في موقف ما؟

أو كيف يمكن أن تؤثر القيادة على «حفز همم» (Motivation) الأتباع على

العمل؟

وهذا الأمر الأخير، هو محور اهتمام هذه الدراسة الحالية، وهو أن «همم

الاتباع إنما تحفز على العمل حسب سلوك القيادة وأثرها في توضيح أهداف العمل

وقيمته، ووسائل تحقيق هذه الأهداف» .

وقد طور عدد من الباحثين (إيفانز، هارمر، جرين) في هذا الشأن، بعض

الافتراضات المحددة بشأن أثر السلوك القيادي على وسائل وأهداف الأتباع. وقد

ركز هؤلاء الباحثون على أمرين:

1 -

كيفية تأثير القائد على توقعات اتباعه في أن «الجهد المبذول سيؤدي

إلى أداء فعال، ومن ثم إلى نتائج قيمة، ومقابل مجزٍ.

2-

كيفية تحول هذا التأثير إلى دافع لحفز همم الأتباع لزيادة العمل كماً وكيفاً.

وعلى الرغم من أن تنظير فن القيادة من زاوية الوسائل والأهداف للاتباع،

يدرج في مراحله الأولى، فإننا نعتقد أن له مستقبلاً واعداًٍ لسببين:

أولهما: أنها تعالج جوانب من سلوكيات القيادة لم تبحث من قبل، إلا أنها

تبدو مثمرة.

وثانيهما: أنها تحدد - بدرجة كافية من الدقة - العوامل المختلفة التي يتوقف

عليها سلوك القيادة في المواقف المختلفة.

وقد افترض» إيفانز «في بنائه النظري الأساسي، أن فعالية القيادة تتحدد

بقدرتها على إتاحة الفرصة للأتباع للوصول إلى النتائج التي يسعون إليها، مع ربط

هذه النتائج التي يرجونها بحسن أدائهم للعمل. وقد أوضح» إيفانز «أن أحد مهام

القيادة الاستراتيجية، هو إيضاح الوسيلة للأتباع لإتمام وتحقيق عمل ما للوصول

إلى نتائج وأهداف ذات قيمة لهم، كذلك فإن من مهام القيادة أن ترفع من درجة

» المقابل المتوقع «لدى الأتباع، بأن تكون داعمة لهم عن طريق الاهتمام براحتهم،

وحالتهم الاجتماعية والعامة، ذلك أن الإحساس الناشئ لدى الأتباع بأن القيادة

تدعمهم شخصياً، هو في حد ذاته» قيمة «مطلوبة كجزاء على العمل والجهد

يمكن للقائد أن يمنحها بنفسه، وتؤدي إلى رفع دافعية الأتباع للعمل ومزيد من الجهد.

كذلك فقد درس» إيفانز «العلاقة بين سلوك القيادة من جهة، ودرجة توقع

وتطلع الأتباع لتحقيق أهدافهم، وأوضحت هذه الدراسة أنه كلما أعطت القيادة

التوجيهات الكافية لأداء العمل، كلما كانت العلاقة بين سلوك القيادة وبين أداء

الأتباع طردية إيجابية.

وكما ربط» إيفانز «بين جودة أداء الأتباع، ودرجة قناعتهم بأن عملهم

سيؤدي إلى نتائج محددة قيمة، كذلك ربط بين هذا الأخير وبين سلوك القيادة وأدائها، بأن جعل وظيفة القائد الأساسية هي إيضاح الوسيلة لتحقيق الأهداف بشكل لا

يشوبه لبس، وجعل النتائج المرجوة مرتبطة بحسن الأداء كما سبق ذكره.

وانطلاقاً من هذا الخط فقد طور» هوز وكيسلر «نظرية أكثر تعقيداً من

نظرية (إيفانز) . وتسعى هذه النظرية لبيان أثر أربعة نماذج من السلوك القيادي

على الأبعاد الثلاثة التالية:

1-

رضاء واكتفاء الأتباع بعملهم الجماعي.

2 -

قبول الأتباع لقيادتهم، واقتناعهم بها.

3-

قناعة الأتباع بأن جهدهم سيؤدي إلى أداء حسن، ومن ثم لتحقيق الهدف

المرجو.

هذه النماذج الأربعة القيادية هي:

1-

القيادة الموجهة: Directive Leadership

وتعرف بأنها القيادة التي تعرف الأتباع بما هو منتظر منهم، وتعطي

التوجيهات المحددة للعمل المطلوب وكيفية أدائه، وتجعل دور الفرد كالتابع معلوماً

محدداً في مجموعته. كذلك فإنها تجدول العمل، وتحافظ على مستوى معين من

الأداء بالحرص على التزام الأتباع لقواعد وقوانين محددة.

2-

القيادة الداعمة: Supportive Leadership

وتعرف بأنها القيادة المتوددة، القريبة من الأتباع، والتي تظهر الاهتمام

بأوضاعهم واحتياجاتهم. وهذه النوعية من القيادة تهتم عادة بالتفصيلات الصغيرة

التي تجعل العمل أكثر إمتاعاً، وتعامل الآخرين على أساس من الندية والتكافؤ،

وبطريقة ودية دون حواجز.

3-

القيادة المشاركة: Participative Leadership

وهي القيادة التي تستشير أتباعها، وتستمع لاقتراحاتهم، وتضعها موضع

الجدية والاهتمام والدراسة قبل اتخاذ قراراتها.

4 -

القيادة التي تصب اهتمامها على العمل: A chievement-oriented

Leadership

وهي التي تحدد أهدافاً عالية لأتباعها، وتتوقع منهم أن يتصرفوا على أحسن

مستوى، وأن يكونوا ساعين دائماً لتحسين أدائهم، كذلك فإنها تظهر الثقة في أن

أتباعها سوف يتحملون مسؤولياتهم، ويصبون اهتمامهم على إنجاز الأهداف السامية هذه النوعية من القيادة تؤكد دائماً على سمو الأداء، والثقة في قدرة الأتباع على

تحصيل هذا المستوى.

وقد ذكرت بعض الدراسات أن هذه الأنماط المختلفة من السلوك القيادي قد

تظهر في قيادة واحدة تبعاً لاختلاف الموقف، فعلى سبيل المثال، قد يكون القائد»

موجهاً «في بعض الحالات، لكنه مشاركاً أو داعماً في حالات أخرى. لذلك فإن

الطريقة التقليدية في تعريف القائد بأنه» داعماً «أو» مشاركاً «أو» موجهاً «

لم تعد بذات نفع، كذلك فإن القيادة تستطيع أن تتخير من أنماط السلوك القيادي ما

يناسب الموقف المطلوب لقيادة الأتباع. والنظرية التي كنا بصددها الآن، وإن

كانت تعتبر شرحاً مؤقتاً - وغير نهائي - لتأثير سلوك القائد، فإنها غير متكاملة،

ذلك أنها لا تتناول بقية أنماط السلوك القيادي، كما أنها لا توضح أثر هذا السلوك

على العوامل الأخرى خلاف رضاء الأتباع، وشعورهم بالاكتفاء.

نظرية الوسيلة والهدف:

الافتراضات العامة:

الفرض الأول: أن سلوك القائد مقبول ومرضي للأتباع، إذا كان الأتباع

يرون في هذا السلوك مصدراً لتحقيق اكتفائهم ورضاهم الداخلي حالاً أو مستقبلاً.

الفرض الثاني: أن سلوك القائد يجب أن يكون له تأثير» حافزي «، بمعنى

أن يحقق زيادة الجهد، حين يرتبط بأمرين:

1-

أن يجعل تحقيق احتياجات الأتباع متوقفاً على حسن أدائهم.

2-

أن يساعد هذا السلوك على توفير الظروف الملائمة لتحسين الأداء

بواسطة التعاون والتوجيه والدعم والجزاء اللازم لتحقيق كفاءة الأداء.

ومن الأبحاث السابقة على نظرية» التوقع «السابق ذكرها، يمكن استنتاج

أن مهام الزعيم الاستراتيجية هي:

1-

تحديد وحفز احتياجات الأتباع التي تكون للقائد إمكانية السيطرة عليها

وتحقيقها لهم.

2 -

التركيز على زيادة الإنتاجية الفردية للاتباع لتحقيق أهداف العمل.

3 -

تسهيل وإيضاح وسائل زيادة الإنتاجية بالتدريب والتوجيه.

4 -

مساعدة الأتباع في الحصول على آمالهم والإفصاح عنها.

5 -

تقليل فرص الشعور بالإحباط.

6 -

زيادة فرص الرضاء الشخصي للأتباع عن العمل، بشرط حسن أدائهم.

العوامل الشرطية: Contingency Factors

هناك فئتان من المتغيرات الظرفية (التغير في الموقف والظروف) يمكن

اعتبارهما عوامل شرطية.

والعامل الشرطي: هو المتغير الذي يؤثر على العلاقة بين متغيرين آخرين.

مثال ذلك: يمكن القول بأن» هيكلية العمل « (كعامل شرطي) تؤثر على درجة

الارتباط بين كل من سلوك القائد التوجيهي (كمتغير أول) وإحساس الأتباع بالرضاء

نتيجة هذا السلوك (كمتغير ثان) ففي حالة ارتفاع درجة هيكلية العمل: كلما زادت

درجة توجيه القائد لأتباعه، كلما قل إحساسهم بالرضاء عن العمل ونتائجه،

والعكس في حالة ضعف هيكلية العمل (أي درجة وضوح المطلوب وتنظيمه) نجد

أنه كلما زادت درجة وكمية توجيهات القائد للأتباع، كلما زاد إحساسهم بالرضاء

لهذا يمكن القول بأن العلاقة بين درجة توجيه القيادة للأتباع وإحساس الاتباع

بالرضاء، متوقفة على (أو مشروطة ب) هيكلية العمل ودرجة وضوحه.

والعاملان الشرطيان في هذه النظرية هما:

1-

الصفات الشخصية للأتباع.

2-

الضغوط البيئية التي يجب أن يتلاءم معها الأتباع حتى يتمكنوا من تحقيق

أهدافهم، والوصول لإرضاء ذواتهم، وتأمين احتياجاتهم. وبالرغم من أن هناك

عوامل ظرفية أخرى تؤثر على تحديد نوعية السلوك القيادي، إلا أنها غير محددة

حتى الآن.

الفئة الأولى من العوامل الشرطية (صفات الأتباع) : Subordinates Characteristics

تؤكد نظرية الوسيلة والهدف على أن سلوك القيادة يكون مقبولاً لدى الأتباع،

ما دام محققاً لرغباتهم وآمالهم حالاً أو مآلاً. وتحدد صفات الأتباع الشخصية هذا ا

لمفهوم.

فمثلاً، قد أوضح رينون وميتشل باستخدام مقياس» مركز التحكم «أن

درجة الفرد على هذا المقياس تؤثر في العلاقة بين السلوك القيادي المشارك،

ودرجة رضاء الفرد التابع. وهذا المقياس يعكس رأي الفرد في مدى استجابة البيئة

المحيطة لسلوكه وتصرفاته. فبعض الناس يعتقدون أن ما يحدث لهم -من البيئة

المحيطة-إنما هو بسبب سلوكهم هم، والبعض الآخر يعتقد أن ما يعرضون له إنما

يكون بسبب الصدفة العابرة لا أكثر.

فالطائفة الأولى ترحب بالقيادة المشاركة (نظراً لأن أفرادها يرون أن

مشاركتهم في صنع القرار ستنعكس على ما يحدث لهم) أكثر من الطائفة الثانية التي

تفضل النمط القيادي الموجه.

كذلك فإن درجة قناعة الأتباع، بتكافؤ إمكانياتهم الشخصية مع الأعمال

الموكلة لهم، تعتبر من الصفات الشخصية للأتباع التي يمكن أن تعد من قبيل

العوامل الشرطية، فإنه كلما كان الأتباع أكثر إحساساً بقدرتهم الشخصية على أداء

العمل المطلوب، كلما قل ترحيبهم بالنمط القيادي الموجه أو السلوك التدريبي،

حيث أن ذلك يؤدي إلى تقليص دافعية الأفراد على العمل، حيث يرون ذلك نوعاً

من الرقابة التي تضيق عليهم الخناق.

الفئة الثانية من العوامل الشرطية (الضغوط البيئية) : Environmental

Pressures

وتحدد هذه الفئة بمجموعة العوامل التي لا يمكن للأفراد السيطرة عليها، مع

أنها لا تزال ذات أهمية بالغة في الوصول بهم إلى درجة الاكتفاء والقدرة على

تحسين الأداء. وتؤكد النظرية على أن تأثير السلوك القيادي على الحالة النفسية

للأتباع، يتوقف على ظروف بيئية أخرى ذات علاقة بدافعية الأتباع، هذه

الظروف البيئية هي:

1-

نوعية العمل المنوط بالفرد.

2 -

نظام تسلسل السلطة الرسمي للمنظمة.

3 -

مجموعة العمل الأساسية التي يعمل الفرد من خلالها.

وتقييم هذه العوامل البيئية يمكن من التنبؤ بدرجة ونوعية تأثير السلوك

القيادي على مجموعة معينة من الأتباع.

وتؤثر هذه العوامل الثلاثة السالفة الذكر على الأتباع بإحدى الطرق الثلاث

التالية:

1-

أن تكون» حاثّة «لدافعية الفرد وانكبابه على عمله.

2-

أن تضبط سلوك الأتباع في شكل محدد لصالح العمل وهذه الضوابط

تساعد على إبراز آمال الأتباع في أن الجهد سيؤدي للجزاء الحسن، وعلى الحد من

تخوفاتهم من حدوث تضارب أو اضطراب.

3-

كذلك فإنها تعتبر كمكافآت على بلوغ درجة الكفاءة المطلوبة للعمل فمثلاً:

قد يعتبر الفرد أن الثناء الذي يتلقاه من زملائه في مجموعة العمل التي يتبعها، على

حسن أدائه، مكافأة إضافية، بغض النظر عن ثناء القائد نفسه عليه. من هنا يمكن

القول بأن أثر القيادة على دافعية الأتباع للعمل يرتبط بدرجة تأثير البيئة المحيطة

كحاثة للدوافع، أو كضوابط للسلوك أو كعامل جزائي إضافي.

وبالنسبة للبيئة، فإن نظرية» الوسيلة والهدف «تؤكد على أنه عندما تكون

أهداف العمل ووسائله واضحة-بسبب طبيعة العمل الروتينية، أو نمطية العادات

ووسائل التحكم في الأداء - فإن أي محاولة للقيادة في أن تتدخل لإيضاح العمل

ووسائله وأهدافه بشكل زائد ستكون غير ذات نفع، لأنها ستعامل من جهة الأتباع

على أنها تدخل مباشر دون داع. وعلى الرغم من أن ذلك قد يؤدي إلى تحسن

الأداء بعض الشيء إلا أنه سيؤدي كذلك للحد من درجة رضاء واكتفاء الأتباع في

أداء عملهم.

كذلك فإن هذه النظرية تنص على أن سلوك القيادة يساعد على حفز همم

العاملين ما دام يساعدهم على التلاءم مع مخاطر ومجاهل البيئة المحيطة التي تأتي

من مصادر متعددة لإحباطهم.

ومثل هذا السلوك القيادي الذي يحمي الأتباع من مخاطر ومجاهل البيئة،

يؤدي لزيادة دافعيتهم للعمل نحو الهدف، طالما أنه يزيد من قناعتهم بأن حسن

الأداء سيؤدي إلى حسن الجزاء.

وهذه الافتراضات، والمواصفات الخاصة بالشروط الظرفية، تقدم هيكلاً

مشجعاً يمكن من خلاله بناء وتطوير البحث مستقبلاً للوصول إلى نظرية متكاملة في

القيادة.

(1) Path-goal Theory of Leadership، HOUSE، R J and MITCHELL، T R، Journal of Contemporary Business 1974 P81-94.

ص: 50

إسرائيل بعد 40 سنة

دولة مضطربة

عن THE Guardian Weekly (1/5/1988)

إعداد: قسم الترجمة بالمجلة

بلغت إسرائيل أربعين سنة من عمرها ولازالت في اضطراب وحيرة تشبه

حالتها عند قيامها.

لقد تمكنت إسرائيل من استيعاب ضعف السكان الأصليين من المهاجرين،

وحولت مساحات شاسعة من الصحراء إلى أرضٍ زراعية منتجة، وأنجزت

إنجازات هامة في مجالات الصناعة والزراعة، ويحق لها أن تفتخر بأعلى نسبة

من المثقفين القادرين على القراءة والكتابة؛ وبنسبة عالية من الكتب المنشورة

تضاهي أعلى النسب في العالم.

لكن الاحتفالات هذا العام ألغيت بسبب اعتذار الضيوف الأجانب عن الحضور

تحت تأثير الخوف أو الاشمئزاز من الانتفاضة الفلسطينية التي هزت أركان البلاد

منذ ديسمبر الماضي، وتصرف الحكومة تجاهها، من جهة أخرى فإن الإسرائيليين

أنفسهم لهم مشاغل أخرى.

إن سن الأربعين هو سن النضج، يعي فيه المرء هويته وحدوده، لكن الأمر

يختلف بالنسبة لإسرائيل، فجميع المسائل الأساسية المتعلقة بوجودها لا تزال دون

حل، وهي على الرغم من قدرتها العسكرية والاقتصادية لا يزال موضوع بقائها

هشاً معرضاً للخطر، فالإسرائيليون لا يعرفون بعد شكل وطبيعة الدولة التي

يعيشون فيها، وهم مختلفون على تحديد هويتهم، ومختلفون على من هو

«اليهودي» وإلى الآن لم يتفقوا على تحديد موقفهم من اليهود خارج إسرائيل، ومن

غير اليهود الذين يعيشون داخلها، وفي الوقت الذي يتفاخرون به باستقلالهم تراهم

يزداد اعتمادهم يوماً بعد يوم على قوة أجنبية هي الولايات المتحدة الأمريكية التي قد

لا تتفق مصالحها إلى الأبد مع مصالحهم، وقبل كل شيء؛ فإنهم - إلى الآن- لم

يجيبوا على السؤال المصيري: ما معنى حصولهم على دولة، وهل إسرائيل

حصن منيع يحتمي فيه اليهود من عالم معاد لا يرحم خلف جدران عالية مشحونة

بالأسلحة؟ ! أم إنها دولة مثل سائر الدول، لها سفارات، وحلفاء، وأصدقاء،

وأعداء، أي هي وطن يعيش فيه الشعب اليهودي كجزء من المجموعة الدولية؟

يقول الخبير في الشؤون السياسية شلومو أفنيري:

(لو سألتني عن رأيي لأخبرتك أن أبشع دور لعبته عداوة العرب الدائمة لنا

هو أنها شغلت إسرائيل - منذ وجودها - بالصراع من أجل البقاء حتى إننا لم نجد

من الوقت ما يساعدنا على اتخاذ قرار حول طبيعتها) .

لقد أطلقت الانتفاضة الفلسطينية شرارة جدل علني عنيف سوف يشتد في

الانتخابات المقبلة في شهر نوفمبر، وإن هذا الجدل ليس بين العرب واليهود بل هو

بين اليهود أنفسهم، ولم يعد الخلاف حول مصير الأراضي المحتلة إلا مسألة واحدة

من مسائل كبيرة.

أثناء الفترة التي ركزت وسائل الإعلام العالمية الانتباه فيها على الانتفاضتة

كانت أفضل المؤسسات في إسرائيل تعاني من أزمات بالغة الحدة، فالخدمات

الصحية تكاد تنهار تحت وطأة الإضرابات الطويلة المتتابعة التي يقوم بها الأطباء

والعاملون في الحقل الصحي، وكذلك الجامعة العبرية - وهي أفضل جامعة في

البلد - مهددة بالإفلاس، والمدارس الحكومية في تدهور مستمر بسبب قلة التمويل،

والكثير من الإسرائيليين يرون أن خطر البيروقراطيين وعجرفتهم يضاهي خطر

رماة الحجارة في غزة في تهديده للمعنويات العامة ولسلامة إسرائيل.

وتعاني إسرائيل كذلك من أزمة قيادة؛ فقد انتهى جيل دافيد بن غوريون،

وغولدا مائير، وموشى دايان، ومناحيم بيغن، وزعماء إسرائيل الحاليون أصغر

حجماً وأقل تأثيراً.

يقول الفيلسوف اليهودي دافيد هارتمان:

(لابد أن تعود أربعون سنة علينا بشيء من مبادئ الحكمة، لقد انتهت فترة

المراهقة لدينا

لقد كانت لنا آمال صباً كبيرة مثل حرب الأيام الستة والضربات

الساحقة في لبنان، ولكن الصراع الآن هو بين سياسة قائمة على الرعب النابع من

أزمة نفسية من جهة وبين سياسة التعقل من جهة أخرى إن الناس بحاجة لتزعامة،

ولكن البلاد لا تزال محكومة بعقلية الأحياء والحارات، ولا يزال الساسة ضيقي

الأفق، ومن الصعوبة بمكان العثور على شخص قادر عن التعبير عن رؤية قومية

حقة) .

لقد كان الصهاينة الأوائل يتوقون إلى تكوين دولة يهودية، على غرار

سويسرا تكون صغيرة ومحايدة وهادئة، فقد كتب ثيودور هرتزل مؤسس الحركة

الصهيونية عام 1896 يقول:

إننا كيهود سوف نعيش: أحراراً على أرضنا، وسنموت في سلام في بيوتنا، وسيتحرر العالم بحريتنا، وسيستغني بمالنا، وسيرتفع بعظمتنا، وإن أي عمل نقوم به هناك لمصلحتنا الخاصة سينعكس على بقية العالم خيراً وبركة

وسيكون له مردود قوي.

كانت تلك أحلاماً وردية، إلا أنها لم تحسب حساب أمرين مشؤومين غيرا

وجه الصهيونية [1] :

أولاً: كان الهولوكست الذي أجبر الصهاينة على استبدال تصورهم لدولة

مثالية مؤلفة من نخبة من الرواد بخطة عملية تستهدف إعادة إسكان مئات الألوف

من اللاجئين في وقت قصير.

ثانياً: كان هناك عداء السكان العرب في فلسطين وفي الدول المجاورة لما

يسمى الآن إسرائيل، وهو عداء لا يروض ولا يستكين، فقليل من الصهاينة من

استطاع إدراك مشكلة العرب، فأنصار الصهيونية الأوائل تصوروا أن العرب

سرعان ما سيقبلون بالحضور اليهودي في فلسطين، وسيرحبون بالامتيازات

الاقتصادية التي ستنجم عن ذلك، حتى عندما خاضوا حرب الاستقلال ضد خمسة

جيوش عربية سنة 1948 فإن أغلب الإسرائيليين - حسب رأي شلومو أفنيري -

توقعوا أنه بمجرد انتهاء الحرب سوف يقبل جيرانهم العرب بالأمر الواقع [2] لكن

هذا لم يحصل، فقد ولدت إسرائيل في حلبة الصراع ولما تخرج من هذه الحلبة منذ

ولادتها، فحتى الآن يتحدى الفلسطينيون الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع

غزة بالحجارة والزجاجات الحارقة، ولكن حتى الآن لا يوجد بديل سياسي مقنع

يضمن في الوقت نفسه حق إسرائيل في الوجود ويلبي مطالب الفلسطينيين في

الحصول على وطن. فعقلية الذي يعيش تحت الحصار؛ والحساسية المفرطة تجاه

الأمن؛ والخوف من هؤلاء الذين لا يعترفون بحقك في الوجود، ويسعون بكل

الطرق إلى تدميرك؛

كل هذا لا يزال جزءاً من كابوس يجثم على صدر كل

إسرائيلي.

لقد أخطأ الصهاينة الأوائل التقدير في شيء آخر كذلك، فقد توقع الكثير منهم

أنه بمجرد قيام الدولة اليهودية فإن يهود الشتات سيتقاطرون من كل الأنحاء على

«أرض الميعاد» طائعين، ولكن أغلب الذين عادوا فعلاً خلال السنين الماضية كانوا

لاجئين، فيهود الغرب الأثرياء ظلوا بعيداً، حيث إن قيام إسرائيل قد ضاعف من

نفوذ الكثير منهم سياسياً، ومن ثقتهم بأنفسهم في الدول التي يقيمون فيها، وقلل من

رغبتهم في المجيء إلى إسرائيل الأمر الذي يثير التوتر والغضب بين شقي اليهود

الإسرائيليين والأميركيين وهى مشاعر مشحونة تطفوا أحياناً على السطح بين الفينة

والأخرى يعجب المرء لحدتها، كالتراشق الذي احتدم حول قضية الجاسوس

(بولارد) أو سياسة القبضة الحديدية التي تنتهجها إسرائيل في الأراضي المحتلة.

إن أمة تعيش في سلام قد تجد من المفيد أن يكون جزء من أبنائها خارجها،

يعملون في تقوية وتحسين مركزها خاصة إذا كانوا كجاليات تتمتع بنفوذ لكن بالنسبة

لدولة صغيرة تعيش تحت الحصار فإنها بحاجة إلى تجميع كل قواتها داخل جدرانها. يقول المؤرخ الأمريكي آرثر هيرتزبرغ:

(مهما كانت لباقة الإسرائيليين فإنهم لم يتخلوا أبداً عن المبدأ الذي اختطه)

ابن غوريون بكل فظاظة بقوله: إن اليهودي الحق هو من يعش في إسرائيل

فقط.

إن الحصار الدائم الذي تعيشه إسرائيل أوقف نموها في مجالات مهمة أخرى،

فالكثير من المؤسسات الاجتماعية الفريدة في البلاد مثل الجيش المدني والكيبوتسات،

والهستدروت، وبرامج الصحة والخدمات الاجتماعية، قد أنشئت قبل قيام

إسرائيل، وقد تلاشت الروح الاشتراكية التي قامت عليها هذه المؤسسات إذ أن

الدولة نفسها تكافح من أجل البقاء.

لمدة طويلة كان يكفي لهذه المؤسسات لكي تزدهر الدافع الخاص باليهود للعودة

إلى وطنهم الموعود.. والحياة الحرة في مجتمع يهودي خالص لكن في السنوات

الأخيرة ركدت هذه المؤسسات الأساسية، ومثاليتها تآكلت في ظل التهرب من

الحلول على الصعيد السياسي، ومن جراء التضخم المالي في أواخر السبعينات

وأوائل الثمانينات.

المزارع الجماعية تحتاج إلى تمويل ضخم من الحكومة لتبقى على قيد الحياة،

والهستدروت والخدمات الصحية والاجتماعية أصبحت إمبراطوريات مفضوحة

للتبذير والفساد، حتى حزب العمل الذي أسسه بن غوريون والذي كان قوة سياسية

متحركة أدركه الهرم، وقد فشل تحالف حزب العمل اليساري والليكود اليميني في

مواجهة هذه الأزمات الداخلية.

الانحرافات أعاقت السياسة الإسرائيلية، وقيدت الزعامة الإسرائيلية بتحالفات

أعاقت قدرتهم على اتخاذ القرار وأعطت للأحزاب الصغيرة نفوذاً يتجاوز حجمها

الطبيعي، لأنها كثيراً ما تمكنت من تركيع الحكومة بانسحابها من التحالف. إن

انتخابات 1984 تمخضت عن شلل أخير وأجبرت حزبي العمل والليكود على

التناوب على رئاسة الوزراء بين «بيريز» وخصمه السياسي اللدود «إسحاق

شامير» .

يقول جاد يعقوبي:

إنها حكومة ذات رأسين تعاني من انفصام الشخصية وهى عاجزة عن اتخاذ

قرارات مصيرية بسبب الطريق المسدود الذي وصلته، حتى لو كان بيغن أو بن

غوريون رئيساً للوزارء الآن فإنهما سيعانيان من نفس المشكلة.

قريباً سيكون على الناخبين أن يختاروا، وهذه المرة ستأتي الانتخابات بعد

الانسحاب من لبنان وحل المشكلة الاقتصادية في إسرائيل، وستكون الفروق أكثر

وضوحاً بين الأحزاب والبرامج اكثر واقعية. وقد يحاول السياسيون أن يرقعوا

الاختلافات بينهم مرة أخرى ولكن سوف تكون وراءهم أصوات أخرى تتحدث عن

الفروق الحقيقية.

ويعتبر الياكيم هيتسني المؤرخ والمنظر لحركة الاستيطان اليهودي في الضفة

الغربية: أن اليهود كانوا دائماً متميزين عن بقية العالم، إذ كانوا يعانون دائماً من

خليط من السحر واللعنة، نحن قوم كنا ولا نزال تحت رحمة القدر نؤمن بإله واحد

لا يرى، ولذلك اضطررنا لبناء جدران حولنا والبقاء في حالة استنفار قصوى ليل

نهار. كنا مجبرين على العيش في الجبال لا في السهول، حتى أننا خضنا غمار

حرب أهلية منذ ألفي سنة كانت بين من يريدون التفرد ومن لهم نزعة عالمية.

بالنسبة لنا يهودا والسامرة (الضفة الغربية) ليست مجرد قطعة أرض وإنما هي

ساحة صراع. يدور عليها قتال دائم من أجل تأكيد هويتنا.

ويرى هيتسني أنه يجب على إسرائيل عدم التخلي عن الضفة الغربية إذا

أرادت الاحتفاظ بشخصيتها اليهودية.

أما يهوشافاط هاركابي الرئيس السابق للمخابرات العسكرية وأستاذ العلاقات

الدولية فيرى أنه للسبب نفسه يجب التخلي عن الضفة الغربية، فقد قال: «نحن

لا نستطيع أن نحارب العالم بأسره، ولا نستطيع التقوقع على أنفسنا أيضاً، فمما لا

خلاف عليه أن هذا البلد سيبقى صغيراً حتى في حالة إلحاق الضفة الغربية كاملة به، وقد نستطيع أن نبقى أحياء داخل حدود غير آمنة ولكننا لا نستطيع أن نستمر

كدولة يهودية إذا كان نصف شعبنا عازماً على محقنا، نحن بين أمرين أحلاهما مر

ولذلك يجب علينا اختيار الأقل سوءا ".

(1) إن كان وجه الصهيونية جميلاً عند أنصارها فهو قبيح أساساً عند العرب والمسلمين - المترجم.

(2)

إذا كان هذا ظن بعض اليهود فهو ليس اعتقاد جميع الذين عملوا على زرع إسرائيل في فلسطين - المترجم-.

ص: 58