الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قصة قصيرة
أم صابرين
وفاء الحمري
تفحصت الأم أرجاء الخيمة، وبنظرة خاطفة عرفت عدم وجود ابنتها الوحيدة
صابرين
…
كتمت وخزة شاكت شغاف قلبها على غير العادة، عبرت عنها
تقلصات عضلات وجهها
…
وتنهيدة عميقة نفثت معها نفساً حاراً أحست سخونته
تكوي شفتيها وأرنبة أنفها
…
وتابعت تحريك القِدر على نار هادئة لكي لا تحترق
العصيدة [*]
…
وهي العاجزة عن تهدئة نيران فؤادها الكاوية
…
اجتمع كل أفراد
الأسرة حول طعام العَشاء
…
وقلبها هي مثل عقارب الساعة (تتكتِك) ثانية بثانية
…
كادت تعد الثواني والدقائق لولا تلك الوخزة الحادة التي تشتت فكرها، وتضيع
عليها لهفة حساب الثواني والدقائق.
أرخى الليل ستائره، وهبت ريح خفيفة
…
جالبة معها صوت المؤذن رافعاً
أذان صلاة العشاء
…
انتفضت الأم واقفة متشبتة بكفيْ زوجها كالملدوغة.. هدأ من
روعها ولم تهدأ
…
لبست حجابها وأومأت له بالمغادرة
…
فإذا بصوت تكبير
وتهليل يخرق الكتان المهترئ للخيمة
…
وهرج ومرج ولغط شبيه بذاك الذي كان
غالباً ما يصاحب إحدى العمليات الاستشهادية
…
أنستها الفرحة غياب ابنتها،
وخرجت تسأل عن هذا البطل الذي يسكّن بعملياته الاستشهادية غيظ وغبن وقهر
القلوب المكلومة
…
فإذا بالأنظار المشرقة تقتحمها
…
عادت سريعاً إلى داخل
الخيمة تعدُّ أبناءها الصبيان واحداً واحداً، وهي التي تعرف بنظرة خاطفة عددهم
…
عادت مسرعة إلى الخارج مرة أخرى فوجدت تلك النظرات الخاصة ما زالت
مصوبة تجاهها
…
والجميع يكبِّر
…
ويكبِّر
…
ويكبِّر
…
ويقترب منها
…
ويتدافع نحو الخيمة حتى كادت تسقط عليها، فإذا بأذنيها تستوعب أخيراً جملة
يرددها الجميع: «هنيئاً أمَّ البطلة» «هنيئاً أم البطلة» .
(*) العصيدة: طعام يصنع من الدقيق والسمن.