الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نص شعري
أماه.. وأنت على فراش المرض
عبد الغني التميمي
عيناكِ دجلة والفرات
…
تدفّقا خصباً وماءْ
نهران لم يتوقفا
…
أو يوقفا دفق العطاءْ
فَسَخِيَّتَانِ لدى الودا
…
عِ سخيَّتان لدى اللقاءْ
كل الدموع كذوبة
…
لم تخلُ من شوب الرياءْ
إلا دموعكِ إنها
…
مَثَلُ المحبة والوفاءْ
* * *
أمّاه أعذب همسة
…
همس الزمان بمسمعي
أمّاه لا تتوجعي
…
يكوي أنينكِ أضلعي
نفسي فداكِ من السقا
…
مِ ومقلتاي.. وأدمعي
في حضنكِ الهادي
…
أعيد طفولتي.. فتربّعي
مهما كبرتُ فإنني
…
أهفو لتلك الأذرعِ
* * *
أمّاه: أقرأ في عيو
…
نِكِ قصة الوهن المريرةْ
أمّاه: أُبصر في يدَيْكِ
…
نسيج أضلاعي الصغيرةْ
وأظل من شفتَيْكِ
…
أنهل قُبلة المهد المثيرةْ
يَسري نداها في دمي
…
برداً كبرد القشعريرةْ
وأعود طفلاً طاعناً
…
أمضي على تلك الوتيرةْ
* * *
أمّاه! في هذي الأخاديد العميقة في الخدودْ
…
أبصرت مطرقة الليالي تستبد بلا حدودْ
…
في كل أخدود مسيرات من الهمّ الشديدْ
…
شهدت عليها رحلة الآلام في العمر المديدْ
…
* * *
أمّاه! كيف تطيق نفسي أن تقولي آهْ
…
تفديك أنفاسي ونفسي اليوم يا أمّاهْ
…
لا فضل لي في هذه الأنفاس أو هذي الشفاهْ
…
أنت التي غذّيتِها وسقيتِها ماء الحياةْ
…
فدمي وأعضائي جميعاً من دمائكِ مستقاةْ
…
أمّاه! في عينَيْكِ ألوان من الترياقْ
…
شفتاكِ صانعتا الحنان مقيمتان على وفاقْ
…
كل الشفاه مزيّفات اللثم تصطنع النفاقْ
…
إلاّ شفاهكِ فهي صادقة التبسم والعناقْ
…
فتغرّدان لدى اللقاء وتدعوان لدى الفراقْ
…
* * *
أمّي! وأحزاني إذا ما قلتُ أمي تختفي
…
وأعود طفلاً تأتسي خطوي الحياة وتقتفي
…
ويرف قلبي للرجاء وكاد حزناً ينطفي
…
وأرى جماد الصخر يورق للّقاء ويحتفي
…
فأعيد في ضوء ابتسامتكِ الحبيبة موقفي
…
* * *
أمّاه! دوحةَ أسرتي.. ما زال ظلكِ وارفَا
…
ناديتِ باسمي.. فانتشى قلبي وأقبل راجفَا
…
هذا خويدمك المدلّل عند رجلكِ واقفَا
…
أنا لو قدرت جعلت جسمي دون جسمكِ نازِفَا
…
وجعلت من جلدي لجرحكِ مرهماً ولفائفَا
…
* * *
ناديتني باسمي فكدت إليكِ من فرحٍ أطيرْ
…
مجدي إذا قبَّلتُ رجلكِ - إن قبلتِ - بلا نكيرْ
…
ووضعتُ خدي تحتها فغدا لأخمصها حصيرْ
…
وغفوت كالطفل الصغير بجانب القلب الكبيرْ
…
فتجاوزي تقصير خادمكِ الصغير بل الحقيرْ
…