الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قمة الثماني أيدت الخطة والناتو ترفضها
الشرق أوسطية مطلب صهيوني ومصلحة أمريكية
رجب الباسل
- د. حسن أبو طالب: أمركة المنطقة ستكون قسراً وطوعاً.
- د. هيثم الكيلان ي: الضعف العربي ساعد أمريكا على فرض تصوراتها علينا.
- د. أحمد يوسف أحمد: الطابور الخامس الأمريكي الخطر الأكبر على أمتنا.
- د. عبد الله خطاب: المصلحة الصهيونية والأمريكية الهدف الأكبر للشرق أوسطية.
- د. عمرو عبد الكريم: صفقة غير مكتوبة تمت في قمة الثماني مع الأنظمة الحاكمة.
- عادل الأنصاري: العقيدة تلعب دوراً لا يمكن إغفاله في الهجمة الأمريكية على المنطقة.
انعقدت خلال يومي 6 ـ 7/6/2004م إحدى أهم قمم الثماني من حيث تأثيرها، وانعكاساتها على الوضع في العالم الإسلامي أو الشرق الأوسط الكبير وفقاً للمصطلح الأمريكي الجديد.
حيث تبنت القمة مبادرة الرئيس الأمريكي وخطته للشرق الأوسط الكبير التي تقوم على ثلاثة أركان هي: «التعليم، والإصلاح الاقتصادي وتطوير القطاع الخاص، وتقوية المجتمع المدني» . وهي عناوين براقة لأهداف خبيثة تستهدف تغيير ثقافة المنطقة إن لم يكن عقيدتها تحت دعوى الإصلاح التي تحتاجها المنطقة بالفعل، ولكن ليس وفقاً للأجندة الأمريكية.
فإصلاح التعليم الذي تطلبه الإدارة الأمريكية يهدف إلى تغيير المناهج بإلغاء كل ما يتعلق بمفاهيم الجهاد والمقاومة والعداء للمشروع الصهيوني، وتغيير وضع المرأة في المجتمعات العربية بمنحها مزيداً من الحرية وخاصة في الشأن الاجتماعي والشخصي برفع سن الزواج وتشجيع العلاقات الجنسية خارج النطاق الشرعي، وإلغاء القوانين المقيدة لذلك، وتوفير مِنَحٍ للطلاب لاستكمال تعليمهم في الولايات المتحدة وفي الجامعات الأمريكية الموجودة في المنطقة وفقاً لمنظومة التعليم الأمريكية.
ولقد تراجعت الإدارة الأمريكية فعلاً عن مبدأ فرض الإصلاح السياسي على الأنظمة، وتبنت مقابل ذلك مبدأ الشراكة مع العرب، وهو ما أعلنه وزير الخارجية الأمريكية (كولن باول) في الاجتماع التحضيري لقمة الثماني الذي عقده وزراء خارجية هذه الدول الصناعية الكبرى في 14/5/2004م «أن وزراء الخارجية قد ناقشوا مبادرة للعمل من خلال الشراكة مع الحكومات ومجتمع رجال الأعمال والمجتمع المدني في الشرق الأوسط من أجل مساعدة عمليات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي من خلال برامج قائمة بالفعل، وبرامج جديدة على حد سواء» .
- أفكار سابقة:
لم تكن مبادرة الرئيس الأمريكي (بوش) لشرق أوسط جديد ـ التي تبنتها قمة الثماني ـ هي الأولى؛ فقد سبقها عدة اقتراحات للشرق الأوسط تهدف إلى حماية المصالح الأمريكية في المنطقة وإدماج الكيان الصهيوني، وبدأت بمشروعات اقتصادية مثل: مشروع جامعة (هارفارد) الذي يقوم على فكرة إقامة منطقة حرة بين الكيان الصهيوني وفلسطين والأردن تبدأ بإنشاء (بنك الشرق الأوسط للتعاون والتنمية) بتمويل من البنك الدولي للدول الثلاث، ثم يتوسع ليشمل باقي المنظقة، وكذلك دراسة للبنك الدولي تقوم على تحقيق إصلاحات اقتصادية جريئة داخلية، وتحقيق تعاون إقليمي بين دول المنطقة ـ ومنها الكيان الصهيوني ـ يرتكز على الاقتصاد الحر وتوفير دعم دولي للتخفيف من عبء التكاليف الانتقالية، وتكملة الموارد المحلية.
- مطلب صهيوني:
يقول الدكتور (عبد الله شحاتة خطاب) مدرس الاقتصاد بجامعة القاهرة: «ظل الكيان العبري حتى معاهدة السلام الصهيونية ـ المصرية مرفوضاً ومنبوذاً من الدول العربية والإسلامية في الإقليم المشار إليه الشرق الأوسطي، ومن ثَمَّ فإن فكرة قيام أي صورة من صور التعاون بين دول المنطقة وإسرائيل لم تلق قبولاً في العقلية العربية والإسلامية؛ لدرجة أن السلام المصري ـ الصهيوني سمي بالسلام البارد؛ حيث لم تصل حدود التعاون إلى ذلك الحد المأمول، ولم يزد حجم التبادل التجاري بين مصر والكيان الصهيوني في التسعينيات ـ باستبعاد البترول ـ عن 40 مليون دولار» ، ويضيف شحاتة:«إنه في ظل الرفض العربي والإسلامي ـ الذي بدأ برفض فكرة الدولة العبرية منذ عهد السلطان عبد الحميد مروراً برفض قرارات التقسيم ظل حلم الاندماج في المنطقة العربية يراود قادة وآباء الحركة الصهيونية والكيان المستزرع وإن اختلفت الرؤى حول ماهية الاندماج في المنطقة» .
- مخاطر الأوسطية:
يرى الدكتور (أحمد جمال الدين موسى) أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة في دراسة له بعنوان: «مشروع السلام والتمويل الخارجي للتنمية» أن أهم انتقادين لفكرة السوق الشرق أوسطية ـ أحد أهداف مبادرة الثماني ـ هما:
1 -
أن الفكرة اختراع صهيوني تستهدف إنعاش الاقتصادالصهيوني أولاً، وتمكينه بعد ذلك من ممارسة دور السيطرة والهيمنة على المنطقة كلها.
2 -
أن الفكرة تقوم في نظر مؤيديها كبديل للنظام العربي؛ كما أنها جزء من خطة الولايات المتحدة لإعادة رسم الشرق الأوسط، كما أن الشرق أوسطية كذلك تطمس هوية المنطقة؛ بحيث تنزع عنها خصوصياتها العربية والإسلامية، ومن ثم تصبح محيطاً جغرافياً لا علاقة له بالإنسان، أو التاريخ.
أما الدكتور (زكي حنوش) الأستاذ بجامعة حلب السورية في دراسة بعنوان (الشرق أوسطية والشراكة المتوسطية) فإنه يرى أن مخاطر الشرق أوسطية تكمن في أهدافها وهي:
1 -
تأمين السيطرة على النفط والتحكم في أسعاره.
2 -
إخماد النزاعات والصراعات الداخلية والإقليمية خاصة الصراع العربي الصهيوني وفق الرؤية الصهيونية.
3 -
إعادة تعريف الدور الحيوي للكيان الصهيوني في الاستراتيجية من رديف استراتيجي لأمريكا خلال الحرب الباردة إلى وكيل تجاري وحضاري، وقوة ردع ضد الإسلام (حسب بيريز) الذي يرى أن على الغرب أن يقف وراء «إسرائيل» واعتبارها الحاجز للإسلام والواقي لأوروبا ضد زحفه وعدوانه.
4 -
إعادة النظر في هندسة المنطقة لتفكيكها وربطها وفق الاستراتيجية الأمريكية الحالية؛ ومن هنا الحديث عن الانتماء الشرق أوسطي مقابل الدائرة الحضارية العربية والإسلامية.
- أسباب خفية:
الخبير الاقتصادي (عبد الحافظ الصاوي) يرى أن المبادئ الاقتصادية التي تم طرحها في مبادرة قمة الثماني من أجل الإصلاح لا يجب النظر إليها في إطار اقتصادي ضيق؛ فالقضية أكبر من ذلك؛ حيث لها بُعْدٌ حضاري يسعى من خلال أطروحات الشراكة المقترحة أو المعمول بها إلى تأمين مقومات استمرار الحضارة الأوروبية وتقدمها، وتهميش مخاطر الهجرة القادمة من دول جنوب المتوسط؛ فالغرب يرى أن الكثافة السكانية العالية في العالمين العربي والإسلامي ـ خاصة جنوب المتوسط ـ مع ارتفاع نسبة البطالة إضافة لوجود خطوط الاتصال والقرب الجغرافي من أوروبا يؤدي ذلك كله إلى زيادة معدل الهجرات وتهديد الأمن الأوروبي من دول جنوب المتوسط. ويضيف الصاوي أن الدعم المقترح الذي ستقدمه مبادرة قمة الثماني هو للمشروعات الصغيرة، ولسيدات الأعمال، وللقطاع الخاص. والهدف من ذلك ـ كما يرى الصاوي ـ هو رغبة الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة في تقديم نوع من الدعم للدول العربية والإسلامية لا يصل بها إلى مرتبة الند المشارك للدول الكبرى؛ فهو دعم هام لسد الرمق ـ لمنع الهجرة والإرهاب ـ لا الوصول لحالة الشبع ومن ثم النِدِّية والقوة؛ وكلاهما مرفوض.
- لماذا الشرق أوسطية؟
يقول الدكتور (حسن أبو طالب) رئيس تحرير التقرير الاستراتيجي العربي: «إن المنظور الأمريكي لتغير النظام العربي ينطلق من أن المنطقة بعيدة تماماً عن الأسس التي قامت عليها الحضارة الغربية خاصة والغربية عامة، هذا الاختلاف الحضاري والقيمي تحوَّل من وجهة النظر الأمريكية بعد 11 سبتمبر 2001م إلى مصدر تهديد خطير بعد أن وفر بيئة تنتج الإرهاب والعنف والدعوة إلى الجهاد ومنازلة الحضارة الغربية، ومن ثم بات العمل على محاصرة هذا التهديد ذا أولوية قصوى، وهو ما لا يأتي إلا عبر تغيير أسس الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية لأهل هذا المنطقة، وبما يترتب عليه توافق تام مع أسس الحضارة الأمريكية والغربية. وعن آليات هذا التغيير الحضاري والقيمي يقول أبو طالب: هناك نوعان من الآليات:
الأولى: آليات تغيير سلمية يمكن أن تقوم بها دول المنطقة بمفردها أو بمساعدة مباشرة من المؤسسات الأمريكية، أو بالأمرين معاً؛ وذلك لمساعدتها على إجراء التغييرات المطلوبة في نظمها التعليمية، والإعلامية، وأوضاعها السياسية، والاقتصادية على النحو الذي يتماشى مع الرؤية الأمريكية؛ وذلك بالتنسيق مع حكومات تلك الدول، وعبر المنح والمعونات، وبرامج الشراكة الاقتصادية.
الثانية: آليات غير سلمية تتمثل في عقوبات اقتصادية وضغوط سياسية متنوعة المستويات، وضغوط عسكرية عبر التهديد باستخدام القوة أو استخدامها بالفعل خاصة تجاه الدول العربية غير الصديقة، مثل: ليبيا، والسودان، وبدرجة أقل سوريا ولبنان.
وحول إمكانية تكرار ما حدث ضد العراق مع دول عربية أُذن لتحقيق التغيير المنشود من المنظور الأمريكي. يقول أبو طالب: «الأسلوب الهجومي لن تقتصر نتائجه على العراق وحسب، بل سيمتد إلى جيرانه المباشرين وإلى ربوع المنطقة ككل» ، ويضيف أبو طالب أنه رغم أن هناك نفياً رسمياً بأن يكون العراق مجرد خطوة أولى في سلسلة طويلة من عمليات التدخل العسكري التي تستهدف دولاً أخرى إلا أن الخطاب الرسمي الأمريكي لا ينفي أن مجرد النجاح في العراق وتكوين حكومة صديقة أو بالأحرى عميلة على أن تكون ملتزمة بحسن الجوار، وإقامة نظام سياسي تعددي ديمقراطي، سيكون بداية لسلسلة من التغييرات الأخرى في المنظقة سواء عبر عملية «الانتشار التأثيري» أو وفق «نظرية الدومينو» الشهيرة.
ويرى أبو طالب أن كلمات (باول) أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونجرس الأمريكي يوم 6/2/2003م الأوضح في مسألة إصرار إدارة بوش على إجراء تغييرات تتلاءم مع السياسة الأمريكية ومصالحها البعيدة والقريبة على السواء. ووفقاً (لباول) فإن الحملة العسكرية على العراق سوف تتيح لبلاده إجراء تغييرات جذرية في الشرق الأوسط، وحل المشكلة الفلسطينية، وتأمين المصالح الأمريكية في المنطقة على المدى البعيد.
- الهدف المنشود:
أما التغييرات المطلوبة طبقاً للرؤية الأمريكية فهي كما يرى أبو طالب تتلخص في:
- إطلاق عملية تغيير سياسي في معظم الدول العربية؛ حتى تكون موالية للقيم الغربية.
- إعادة صياغة التوازن الإقليمي والعربي بطريقة شاملة تبدأ باعتراف الحكومة العراقية الجديدة بالكيان الصهيوني، أو إقامة تحالف (عراقي ـ صهيوني ـ أمريكي) وهو الأمر الذي سينطوي على تغيير شامل في منظومة العلاقات العربية والإقليمية معاً للتمهيد عملياً لإقامة النظام الشرق أوسطي بديلاً للنظام العربي.
- إتاحة المجال أمام تطبيق التصورات الأمريكية الخاصة بإعادة هيكلة العراق وفقاً للنموذج الألماني والياباني (المركز العسكري الأمريكي طويل المدى) .
- تحول العراق إلى قاعدة نفوذ أمريكي من الدرجة الأولى للضغط على الدول العربية الأولى.
- تسوية القضية الفلسطينية وفقاً للرؤية الأمريكية والصهيونية.
- ضمان السيطرة على النفط العربي والضغط به على الدول الأخرى.
- لماذا الآن:
الخبير الاستراتيجي السوري (د. هيثم الكيلاني) يرى ملامح الخارطة الأمريكية الجديدة للشرق الأوسط والمتمثلة في إدماج الكيان الصهيوني في المنطقة، والتي بدأت بمؤتمرات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في (الدار البيضاء 1994م وعمان 1995م والقاهرة 1996م والدوحة 1997م) وكذا تقويض النظام الإقليمي العربي المتمثل في الجامعة العربية ـ يرى أنها جاءت في هذه المرحلة لعدد من العوامل أهمها:
1 -
مضى أكثر من 85 عاماً على آخر خريطة للمنطقة (سايكس ـ بيكو) التي كانت بين بريطانيا وفرنسا.
2 -
الوضع العربي الراهن الضعيف يجعل البيئة مناسبة لطرح مشروع الخارطة الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط؛ إضافة للثروة العربية (النفط ـ الغاز) .
- لماذا المسلمون؟
أما عن أسباب الاستهداف الأمريكي للمنطقة عسكرياً وسياسياً؛ فإن الكاتب الصحفي المصري (عادل الأنصاري) يرى أن بين الأسباب التي كانت وراء الرغبة الأمريكية في طرح الشرق الأوسط الكبير.. هي إخفاق الأنظمة العربية التي عول عليها النموذج الأمريكي الكثير في تحقيق المصالح الأمريكية في المنطقة العربية والإسلامية على الوجه الأمثل، ومن أبرز ملامح هذا الإخفاق:
- عدم القدرة على تحقيق الأمن الكامل للكيان الصهيوني، وقد بدا هذا واضحاً في عجز الأنظمة العربية عن إبرام اتفاقيات سلام حقيقية وفاعلة مع الكيان الإسرائيلي تتسم بصفة الشعبية والجماهيرية.
- عدم قدرة الأنظمة العربية على إقناع شعوبها بضرورة ووجوب قبول الكيان الإسرائيلي في المنطقة؛ ليس فقط من خلال اتفاقيات وتعايش سلمي، ولكن من خلال إعادة هيكلة المنطقة في صورتها الجديدة التي تقود قاطرتها دولة الكيان الإسرائيلي.
- تفوق المشروع الثقافي الإسلامي على المشروع العلماني على المستوى الشعبي بصورة واضحة رغم عمليات الإجهاض المستمرة على كافة المستويات من قِبَل الأنظمة الحاكمة، ورغم التغاضي الهائل عن الانتهاكات الشاسعة والواسعة لحقوق الإنسان من جانب الولايات المتحدة، ورغم هذه الانتهاكات من جانب الأنظمة، والتغاضي من الجانب الآخر؛ فإن التأييد الشعبي للمشروع الإسلامي أصبح لافتاً للنظر ومتعاظماً على الاحتواء.
- ازدياد الهواجس لدى الولايات المتحدة من عدم القدرة على الحفاظ على الثروات البترولية العربية الهائلة بما تشكله من احتياطات كبيرة.
- بروز بعض المطامع الشخصية لدى بعض الأنظمة العربية، ومن أبرزها أطماع النظام العراقي السابق في الاستيلاء على الكويت.
- عجز الأنظمة العربية عن القضاء على البيئة التي ينمو فيها فكر العنف المسلح، رغم نجاح بعض الأنظمة العربية في كبح جماح هذه الجماعات ذات المرجعيات الإسلامية؛ وهو الأمر الذي وصل إلى خروج الأمر عن السيطرة لتتطور الأحداث وتصل إلى قمتها مع أحداث 11 سبتمبر 2001م.
ويضيف الانصاري: إزاء معركة حقيقية تستهدف الهيمنة الاستعمارية على بلادنا العربية والإسلامية وامتصاص ثرواتها وتحقيق أقصى فائدة ممكنة من إمكاناتها ومقدراتها، وهي معركة تلعب العقائد فيها دوراً لا يمكن إغفاله من خلال:
- قناعات فكرية لدى طائفة وجدت لها مكاناً في مقدمة المعركة داخل الإدارة الأمريكية.
- حافز معنوي لمعارك استعمارية تستهدف تحقيق استفادة لقطاعات رأسمالية داخل المجتمع الأمريكي، وتفتقد إلى الشرعية الدولية والأسس الأخلاقية؛ لذا يطفو على السطح الحافز الديني ليملأ فراغاً.
- مخاوف من طبيعة العقيدة الإسلامية التي ترفض الخنوع، وتفهم عبادة الله على أنها تتنافى مع عبادة وطاعة مَن سواه.
- خلاف فكري مع معطيات الشريعة الإسلامية، خاصة فيما يتعلق بالمعاملات.
- رفض الشعوب الإسلامية لهيمنة أي دولة غير إسلامية؛ إدراكاً منها أن الهيمنة الاستعمارية تنطوي على تراجع ثقافة وعقائد البلاد الواقعة تحت الاحتلال أو الاستعمار لحساب ثقافة المستعمر، وهي معادلة طبيعية ومنطقية.
- معركة استعمارية تستهدف الحفاظ على السيطرة الأمريكية على العالم بعد الفراغ من كتلة رئيسية تملك من المقومات العقائدية الثقافية ما يدفعها إلى رفض الهيمنة والاستعمار.
- إن البلدان العربية والإسلامية هي الحلقة الأكثر خطورة في طريق الولايات المتحدة لقيادة العالم؛ فرغم إمكانية احتواء هذه المنطقة من خلال أنظمة ديكتاتورية يمكنها أن تقمع شعوبها لتذليل العقبات وتحقيق المصالح الأمريكية؛ فإن الواقع يؤكد أن هناك صعوبات بالغة تكتنف إقناع الشعوب بهذه الهيمنة الاستعمارية واستمرارها.
- إن أوروبا تشعر أنها والولايات المتحدة جزء من حضارة واحدة، وإن تباينت المصالح أحياناً، إلا أنهما في نهاية المطاف يتفقان بصورة كبيرة.
- معطيات الواقع تؤكد أن الهيمنة الأمريكية بصورتها الشاملة لا تستثني قُطراً أو دولة من الدول في المنطقة، وأنها ترشح عدداً من الدول العربية والإسلامية للغزو المباشر، بينما ترشح دولاً أخرى للغزو بالوكالة من خلال دول أخرى، وتفرض وجودها من خلال القواعد العسكرية على بعض البلدان دون معارضة من أولي الأمر في تلك البلدان، ودون حاجة إلى غزو عسكري. أما ما تبقى فربما تتراجع أهميته الاستراتيجية أو تقل المخاوف منه، إلا أن الجميع مشمول بالهيمنة الثقافية والفكرية والأخلاقية كإجراء وقائي يضمن عدم الخروج من بيت الطاعة الأمريكي.
- رؤية أوروبية:
أما الكاتب الفرنسي (إيمانويل تود) في كتابه «بعد الإمبراطورية» الذي صدر عام 2002م؛ فإنه يرى أن سبب الاستراتيجية الأمريكية للمنطقة «يعبر عن تخوف من إقصاء أكثر منه قدرة على توسيع الإمبراطورية، ويكشف قلق أمريكا أكثر مما يعبر عن قوتها؛ فالتركيز على العالم العربي يفسر أساساً بضعف هذا الأخير الذي يفتقر إلى وجود دولة قوية فهو بطبيعته كبش فداء؛ وعليه فالعالم العربي يعد مسرحاً لاستعراض قوة أمريكا التي بمقدورها أن تحقق فيه انتصارات تذكر سهولتها بألعاب الفيديو؛ فالعرب يعامَلون بسوء؛ لأنهم ضعفاء، ولأن لديهم النفط، ولأنه لا يوجد لوبي عربي فعال في اللعبة السياسية الداخلية الأمريكية» .
فأمريكا طبقاً لـ (تود) دخلت مرحلة انكشاف القوة والتحول التاريخي من قوة عظمى إلى قوة كبرى وتفكك النظام الأمريكي؛ حيث أصبحت أمريكا بحاجة إلى العالم أكثر من حاجة العالم إليها.
- صفقة غير مكتوبة:
يقول الدكتور (عمرو عبد الكريم) الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية: «إن ما تم في قمة الثماني صفقة غير مكتوبة بين الدول الصناعية الكبرى والأنظمة في المنطقة العربية والإسلامية راعت القمة بموجبها تحقيق مصالحها في المقام الأول؛ حيث تنازلت القمة عن شرط الإصلاح السياسي ـ الذي يغضب الأنظمة، ويمكن أن يجعل الإسلاميين بديلاً محتملاً لها ـ مقابل التزام الأنظمة الحالية بالاستجابة لمقررات القمة خاصة في مجالات التعليم والمرأة والانفتاح الاقتصادي.
ويضيف د. عبد الكريم أن الطرح الرائج حالياً أنه إذا حدث انفتاح سياسي في المنطقة العربية والإسلامية فإن النتيجة المتوقعة هي وصول الإسلاميين للحكم في أغلب دول تلك المنطقة، وهو الأمر الذي يعني أن هؤلاء لن يحموا مصالح الغرب في بلادهم، والغرب من جانبه ـ وعلى رأسه الولايات المتحدة ـ يهمهم مصالحهم في المقام الأول وليس الديمقراطية؛ فالطرح الأمريكي هنا للإصلاح ـ الكلام لعبد الكريم ـ أساسه مصلحي وليس مبادئياً؛ بمعنى أن المصلحة هي الأساس في طرح مبادرة الإصلاح وليس المبادئ.
فالإصلاح تم طرحه للتنفيس عن الشعوب للخروج من حالة الاحتقان السياسي والاقتصادي التي تعانيها المنطقة؛ ولمنع انفجاره باتجاه الغرب في شكل هجرات غير شرعية وإرهاب من جانب، ومن جانب آخر استخدام هذه المبادرة كـ (فزَّاعة) للأنظمة في المنطقة للضغط عليها لتحقيق ما تريده الولايات المتحدة؛ والهدف في النهاية ليس الإصلاح، ولكن إعادة رسم خرائط المنطقة سياسياً وجغرافياً وقيمياً بما يحقق مصالحها.
وحول أدوات تلك المبادرة يقول د. عبد الكريم إن الولايات المتحدة تستخدم الأمم المتحدة كأداة من أدوات تحقيق أهدافها؛ وذلك للترويج لمنهج الحياة الأمريكي بأنه ينبغي أن يسود؛ فبعدما كان هذا المنهج طبقاً (لبوش الأب) في قمة (ريو دي جانيرو) عام 1992م مبادئ غير قابلة للتفاوض فإنها بعد أحداث 11 سبتمبر ومع (بوش الابن) أصبحت منهجاً مفروضاً ومعياراً يتم القياس عليه والعودة إليه.
- ما العمل؟
يرى (الأنصاري) أن الأمة العربية والإسلامية بحاجة للقضاء على التخلف الإيماني ببث روح الإيمان والجهاد في النفوس، وكذا على التخلف في مجالات المعرفة والتقنية والإعلام، ولكن على أسس إسلامية نابعة من عقيدتنا وهويتنا الإسلامية.
أما الدكتور (أحمد يوسف أحمد) مدير معهد البحوث والدراسات العربية فيرى أن هناك عدداً من الخطوات يجب اتخاذها تبدأ بضرورة التحليل الموضوعي الأمين لما جرى في العراق، ثم التصدي الحازم للحرب النفسية الراهنة ضد الأمة، وكذا ضرورة التصدي الحازم للوبي الأمريكي في الوطن العربي أياً كانت الأشكال التي يتخذها والمنابر التي يطل علينا منها؛ حيث بشروا بالتفوق الأمريكي الساحق على العراق قَبْل الحرب كسراً لإرادة المقاومة، والآن يشغلون أنفسهم بمتطلبات الحرب النفسية ضد ما بقي من إرادة الأمة والترويج للمستقبل الأمريكي للوطن العربي الذي يزعمون أنه مستقبل ديمقراطي مزدهر سياسياً واقتصادياً. ويضيف أحمد أنه يجب أيضاً ممارسة أقصى قدر من الضغوط على النظم العربية الحاكمة من أجل رفع مستوى أدائها إلى السقف الممكن، والتصدي للهجمة الواضحة على الجامعة العربية، والنظر فوراً في تفعيل النظام العربي غير الرسمي (الشعبي) والسعي إلى بناء الجسور مع القوى المناهضة للعدوان مع العمل على مواجهة ثقافة الهزيمة بثقافة المقاومة.
مقررات قمة الثمانى
بدأت قمة الثماني يوم 6/6/2004م ولمدة يومين بالولايات المتحدة الأمريكية بحضور رؤساء دول وحكومات (الولايات المتحدة ـ بريطانيا ـ فرنسا ـ كندا ـ روسيا ـ إيطاليا ـ اليابان ـ ألمانيا) وبدعوة رؤساء وملوك دول (أفغانستان، الجزائر، البحرين، الأردن، تركيا، اليمن، العراق) .
تبنت القمة مبادرة بعنوان (مبادرة من أجل التقدم والمستقبل المشترك مع الشرق الأوسط الكبير وشمال أفريقيا) .
وافقت الدول الثماني على:
- تأسيس «منتدى من أجل المستقبل» سيجمع معاً في منتدى واحد وزراء الدول الثماني ودول المنطقة للشؤون الخارجية، والاقتصاد، ووزراء آخرين من أجل مناقشات منتظمة حول الإصلاح، مع قادة أعمال ومجتمعات مدنية مشتركة في حوار مواز. وسيعقد الاجتماع الافتتاحي للمنتدى في خريف عام 2004م.
- تبني «خطة دعم» تقدم مساعدة عبر مبادرات جديدة:
- حوار مساعدة ديمقراطية يجمع بين مؤسسات ديمقراطية، ومجموعات مجتمع مدني، وحكومات من الدول الثماني والمنطقة، ودول أخرى لترويج وتقوية المؤسسات الديمقراطية، وتنسيق واقتسام معلومات عن برامج حول الديمقراطية، وتدشين برامج جديدة حول الديمقراطية.
- مبادرة تمويلات صغيرة لتمكين أكثر من مليوني شخص من تنفيذ مشاريع تجارية حرة.
- مبادرة التعليم بما في ذلك تدريب فريق من 100،000معلم بحلول عام 2009م.
- مبادرة تدريب أصحاب الأعمال الحرة لمساعدة ما يصل إلى 250،000 مغامر في الأعمال، خصوصاً النساء، وتوسيع فرصهم للتوظف.
- مرفق لتنمية المشاريع الخاصة في مؤسسة التمويل الدولي لاستثمار مبلغ 100 مليون دولار في تمويل مشاريع صغيرة ومتوسطة الحجم.
- شبكة من الصناديق المالية لتنسيق عمل مؤسسات التنمية والمؤسسات المالية الدولية العاملة في المنطقة.
- فريق عمل خاص للاستثمار لمساعدة جهود المنطقة لتحسين جو الأعمال.
- دعم جهود المنطقة لتعزيز حرية التعبير والفكر والعقيدة، ولتشجيع وسائل إعلام مستقلة، بما في ذلك: رعاية التبادلات والتدريب والمنح الدراسية للصحفيين، وتشمل نشاطات مجموعة الثماني.