الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شئون العالم الإسلامي
الجهاد الأفغاني: التعالي على الخلافات
فرح المسلمون في كل مكان حينما انسحبت روسيا وجيشها الأحمر من
أفغانستان تحت ضغط الجهاد الأفغاني الذي أقضى مضجع الشيوعيين وأذنابهم،
واعتبروا ذلك هزيمة للباطل الذي تقوده الشيوعية وانتصاراً للحق المظلوم المتمثل
بالإسلام.
وقد وضع المسلمون أيديهم على قلوبهم خشية من بنيات الطريق والمنعطفات
التي تنتظر إخوانهم المجاهدين في أفغانستان، لعلمهم أن مواجهة المشاكل الداخلية
قد تكون أصعب من مواجهة أعداء الخارج. وهذه قاعدة مطردة وسنة معروفة.
والمجاهدون - على ما بذلوا من أرواح وتضحيات على كل صعيد، وعلى
ما أظهروا من شجاعة اعترف بها العالم - فإن فيهم ما يخشى عليه ويخشى منه،
وصفوفهم ليست ممحصة تمحيصاً يدعو إلى الاطمئنان الكامل أنهم قادرون على
التغلب على العقبات التي نصبت لهم هنا وهناك. وكل الناس يعلمون أنه لا روسيا
ولا أمريكا ولا القوى المحيطة بأفغانستان ترغب في إقامة حكم إسلامي صافٍ من
شوائب المساومات والتنازلات. وإذا كنا لا نحب الكلام على السلبيات ولا تضخيمها،
فإننا أيضاً لا يحسن بنا أن نتجاهلها ونغفل عنها، ومن أخطر ما سيؤثر على
الجهاد الأفغاني وجود النزعات القبلية التي لها حساباتها الخاصة التي تختلف
ومقتضيات الجهاد.
والقبلية إذا وضعت كهدف، وعادى الإنسان على أساسها ووالى فإنها لا تأتي
بخير أبداً، وشواهد التاريخ ماثلة، وأقربها وأجدرها بأن يأخذ الشعب الأفغاني منه
عبرة ودرساً هو حال العرب الذين استغلهم الحلفاء في الحرب العالمية الأولى
ليضربوا بهم الأتراك، ويقضوا على كيان الدولة العثمانية، واعدينهم بالاستقلال
وتأسيس امبراطورية عربية وإعادة مجد التاريخ العربي، فعمل هؤلاء الحلفاء على
مصانعة القبائل العربية واستغلال حب هذه القبائل للمال ونزوعها الذي طال عليه
الأمد إلى العصيان وحياة السلب والنهب، فبثوا بينها الجواسيس، ووزعوا عليها
صرر الذهب وحرضوها أن تضرب مرافق الدولة، وتسطو على الحاميات
العسكرية بغارات دموية جعلت من المستحيل أن تكون هناك علاقة حسن جوار بين
العرب والأتراك فضلاً عن علاقة أناس يجمعهم دين واحد، وكانت النتيجة أن لا
دولة عربية قامت بل مِزَقُ دول، ولا القبائل العربية اغتنت، والمستفيد الأول
والأخير هو القوى الاستعمارية وأعوانها وأذنابها.
نقول هذا الكلام بعد أن بلغنا ما وقع فيه المجاهدون من رفعهم السلاح على
بعضهم، فمهما كانت الخلافات بين المسلمين لا ينبغي أن تؤدي إلى إراقة الدم بين
المسلمين وتفتيت وحدتهم التي لا يستفيد منها إلا العدو المتربص بهم ويفرح بها أشد
الفرح. بل إن صحافة العدو تنتظر مثل هذا الحدث لتضخمه وتنفخ فيه حتى تنفر
القلوب وتشحن الصدور وتجعل الأفغان مائة أفغان كما جعلت العرب اثنين وعشرين
عرب.
إن هناك من يتربص بالجهاد ليكبر أخطاء المجاهدين، وليحرك الإحن
والأحقاد، فلاشيء أقسى على أعداء الجهاد من وحدة المجاهدين، ولاشيء أدعى
لإبطال خططهم ومكايدهم من صدور المجاهدين على رأي واحد في المسائل
المصيريه والهامة، وإلا فبأي شيء نفسر أن تفتح دولة مجاورة أبواب سفارتها
للتعزية بمن قتل في الحادث المؤسف، هل طلباً للإصلاح، أم إثارة للمشاعر
وتحريكاً للخواطر وتعميقاً للفرقة بين أهل السنة؟
إننا مع عدم رضانا أن يسفك المسلم دم أخيه المسلم لاختلافهما في وجهات
النظر؛ ندعو الإخوة المجاهدين إلى ردم الهوة بينهم، وتجاوز الأخطاء حتى لا
تستثمر هذه الأخطاء من قبل من لا يرقب فيهم إلا ولا ذمة، ولا يريد بهم جميعاً إلا
الشر والوقيعة
بدء الجهاد المسلح في أرتيريا
في يوم الجمعة 19 من ذي القعدة 1409 هـ الموافق 23 من يونيو 1989 م
أعلنت المنظمات الإسلامية الجهاد ضد الأحباش المتسلطين محطمة الحواجز النفسية
والمادية بعون الله، فأخذت مواقعها القتالية في قلب أرتيريا لا تخشى إلا الله، لتبدأ
الجهاد المقدس والمستمر فيها حتى النصر -بإذن الله-، وفي هذه المناسبة نقدم هذه
الدراسة عن القضية الأرتيرية.
مقدمة جغرافية وتاريخية:
تقع أرتيريا على الساحل الغربي الجنوبي من البحر الأحمر، ويحدها شمالاً
السودان، ومن الشرق البحر الأحمر، ومن الجنوب الصومال وأثيوبيا، ومن
الغرب أثيوبيا كذلك.
ومساحتها45 ألف ميل مربع، وعدد سكانها أربعة ملايين، 70% مسلمون
والباقي نصارى، وكثير من قبائلهم يرجعون إلى أصول عربية، ولهذا فاللغة
العربية هي اللغة الأكثر انتشاراً، وهي جزء من مملكة الحبشة المشهورة التي كان
ملكها فيما قبل الإسلام يسمى النجاشي، وكانت هذه المملكة تضم إلى جانب أرتيريا
، أثيوبيا، وجيبوتي، وجزءاً من الصومال وكينيا والسودان، وقد دخل الإسلام إلى
مملكة الحبشة عموماً - وأرتيريا جزء منها - في أول العهد النبوي حيث تمت أول
هجرة في الإسلام إلى الحبشة كما هو معلوم من السيرة النبوية.
وقد ظلت أرتيريا تابعة للدولة العثمانية من عام 1557 م إلى عام 1864 م،
ثم انتقلت إلى سلطة الدولة الخديوية في مصر، ثم احتلتها إيطاليا في عام1889م
وفي عام 1941م احتلتها انجلترا، وتآمر الانجليز مع هيلاسيلاسي ضد أرتيريا
المسلمة، فأسسوا حزباً نصرانياً في الأمم المتحدة وصوتوا لإنجاح قرار يقضي
بوجود حكومة أرتيرية تتمتع بسلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية في الشؤون
الداخلية، متحدة مع أثيوبيا فيدرالياً في الشؤون الخارجية والدفاع، وذلك في
سبتمبر عام 1950 م، وبعد سنتين احتل الجيش الأثيوبي المستعمرات التي كان
يحتلها الجيش البريطاني
…
وعندها أصبحت أرتيريا مديرية أثيوبية يحكمها ممثل
الأمبراطور الحبشي..
ومن ذلك الوقت وحتى الآن لازالت السيطرة الأثيوبية تجثم على صدور
المسلمين في أرتيريا، وخلال ذلك أقامت أمريكا قاعدة عسكرية كبرى
…
وكانت
أثيوبيا قد ألغت عام 1962 م النظام الفيدرالي الشكلي وأعلنت دمج أرتيريا في
أثيوبيا، حدث ذلك بمساعدة من أمريكا التي تبنت القرار في الأمم المتحدة
…
والتي
منحت فيما بعد امتيازات استراتيجية على الأراضي الأرتيرية
…
مارس الطاغية هيلاسيلاسي وأوباشه أشد أنواع التعذيب والاعتداء على شعب
أرتيريا المسلم\.. وزج بالكثير منهم في السجون، ومارس معهم أبشع أنواع
التعذيب، وارتكب جنوده جرائم تتنافى مع أبسط قواعد الأخلاق والإنسانية، وقتل
الناس أفراداً وجماعات وانتهكت الأعراض وعلقت الجثث، واستخدمت السموم
بالطائرات من أجل الإبادة الجماعية، وفي شباط 1967 م شنت قوات الطغيان
الهيلاسيلاسية حملة إبادة
…
ودمرت فيها أكثر من 62 قرية وقتل المصلون،
وأحرقوا في مساجدهم أثناء الصلاة بعد إحكام إغلاق المساجد عليهم..
وتحرك الشعب الأرتيري المسلم، فاندلعت ثورة هذا الشعب، وذلك في 1/ 9
/ 1961 وخرج فيها شباب كثير وكانت السمة الغالبة عليها سمة إسلامية، وإن
كانت تختلط بالروح الوطنية أحياناً، وقد كانت قوية في بدايتها، ولفتت أنظار
العالم إليها بما أحرزته من انتصارات، وشعر النصارى من الأريتيريين الذين كانوا
يؤيدون أثيوبيا في استعمارها، شعروا بأن الثورة قد تحقق انتصاراً يؤدي بالفعل
إلى الاستقلال، فرأوا أن من مصلحتهم الدخول في الثورة، فدخلوا فيها، هذا من
جانب، ومن جانب آخر فإن عدداً من الشباب الأريتيري الذي ينتمي إلى الإسلام
اسماً دخلوا في صفوف الثورة بأفكار منحرفة.. فدخلوا وكل منهم يحمل معولاً للهدم
داخل الثورة
…
وما هي إلا سنوات قلائل حتى خرجت رؤوس الفتنة
…
هذا
شيوعي ماركسي، وذاك بعثي اشتراكي
…
وآخر قومي عربي.. فكان أول انشقاق
على الثورة هو ذاك الذي قام به أحمد ناصر الشيوعي مع مجموعة من حزب العمل
الشيوعي، فانشقوا بجبهة أسموها (جبهة التحرير الأريتري) ، ثم قام المدعو عبد
الله إدريس بانقلاب عسكري وأسر كل الشيوعيين بمن فيهم رئيسهم أحمد ناصر،
وأصبح هو رئيسها.
ثم انشقت (قوات التحرير الشعبية) برئاسة عثمان صالح سبي، علماني
الاتجاه، ثم انشقت الجبهة الشعبية لتحرير أريتيريا بقيادة (أسياس افورقي) وهي
حركة يسيطر عليها النصارى، وترفع شعار الشيوعية ومدعومة من مجلس الكنائس
العالمي.. لذا فهي حاقدة على الإسلام والمسلمين، تنشر الزنا والفساد، وهي الآن
الوحيدة التي تصول وتجول على أكثر من ثلثي الأراضي الأريترية المحررة..
وهناك قوات التحرير الشعبية - اللجنة الثورية - التي ترأسها عبد القادر
جيلاني، وهي مؤيدة من أحد الأحزاب القومية العلمانية العربية.
بعد ذلك تم تشكيل ما يسمى بالتنظيم الموحد وذلك بدعم بعض الجهات
العربية، حيث تم هذا التشكيل:
أ- جبهة التحرير الأريترية بقيادة عبد الله إدريس.
ب - قوات التحرير الشعبية.
ج - قوات التحرير الشعبية اللجنة الثورية بقيادة عبد القادر جيلاني.
وتم هذا التشكيل العلماني في عام 1405 هـ، وهذه الجهات كما ذكرنا
…
إما علمانية أو ماركسية أو قومية وطنية
…
فلم تتبن أي واحدة منها الإسلام، ولو
حتى بالاسم.
الوجه الإسلامي للقضية الأرتيرية:
لم يكن المسلمون الصادقون من أبناء البلد الأرتيري ليتركوا قضيتهم يعبث
بها ذوو الاتجاهات الماركسية أو العلمانية من المسلمين والنصارى ويتفردون بتقرير
مصير هذا البلد المسلم.. ولكنهم أدركوا أبعاد قضيتهم.. وأدركوا كذلك أن سبيل
خلاصهم هو هذا الدين، ولذلك لجأوا إليه وبدأوا بالدعوة من خلال انتظامهم في عدد
من التجمعات والجبهات والاتحادات الطلابية الإسلامية والتي تشكلت بواسطة أبناء
الشعب الأرتيري المسلم، وكذلك من خلال تأثر عدد من الأرتيريين بالنشاط
الإسلامي الموجود حولهم في السودان، أو بواسطة الطلاب الأرتيريين الذين درسوا
في بعض البلاد العربية، وتأثروا بإخوانهم الدعاة هناك.
الصحوة للجهاد:
وقد كان للوضع الخطير الذي تمر به القضية الأرتيرية دور بارز في أن
تتداعى هذه التجمعات الإسلامية لتوحيد كلمتها وصفها ضد الاستعمار الأثيوبي،
وضد المنظمات العلمانية المجرمة، كما أن ممارسات الجبهة الشعبية داخل أرتيريا
واضطهادها للمسلمين هناك أشعر هذه التجمعات بخطورة الموقف.
ففي شهر سبتمبر الماضي (عام 88) اكتسحت هذه القوات الحاقدة - قوات
الجبهة الشعبية - أكثر من ستين قرية من قرى المسلمين، وأخذت الفتيات
المسلمات من أهلهن قسراً، وقتلوا الشيوخ والأطفال، فقاومهم المسلمون بالسلاح
الأبيض، وسقط عشرات القتلى، ومئات الجرحى
…
وأصدرت الجماعات
الإسلامية بيانات تندد بهذا الهجوم الوحشي وتحتوي على أرقام وإحصائيات مريعة
من هول الجريمة.
ونتيجة لذلك تحرك المسلمون الأريتيريون اللاجئون في السودان في كل من
كسلا وفي معسكرات سمسم.. ووجدت ما سميت " بالانتفاضة " وتكونت في كسلا
لجنة سميت " اللجنة الإسلامية الشعبية للدفاع عن المستضعفين الأريتيريين " والتي
تضم بعض الإسلاميين، وجمهور من الشعب الأريتري في كسلا، وقامت بندب
المسلمين لمقاومة الجبهة الشعبية ونصرة إخوانهم في أريتريا.
كما أن الدور الإصلاحي الذي قام به بعض الإسلاميين بين بعض القبائل
الأريترية المتنازعة لأسباب عرقية قد ساعد في النهاية على تعجيل وحدة صف
الإسلاميين هناك، ففي 21 / 1 / 1409 هـ حدث خلاف ونزاع بين قبيلة
أساورتا وقبيلة الساهو الأريتريين وذلك في منطقة أم سقطة والأسباب عرقية
بالدرجة الأولى، فتشكلت لجنة في سمسم وسميت (لجنة الوفاق الإسلامي الأريتري
بمنطقة سمسم) هدفها إصلاح الحال وإنهاء الخلاف بين القبيلتين المسلمتين،
فبادرت نشاطها في المنطقة المذكورة، واتسع مدى نشاطها ليشمل العديد من القرى
، وكانوا في كل منطقة يمثلون الناس ويذكرونهم ويدعونهم إلى الإسلام ليكون موحداً
لهم وجامعاً بينهم، حتى التقوا في منطقة كسلا (باللجنة الإسلامية الشعبية للدفاع عن
المستضعفين الأريتريين) فاتفقوا على توحيد العمل الإسلامي ووضع برنامج عملي
مرحلي، ثم قاموا بمسح القرى والمناطق، يقابلون الناس، ويحثونهم على قبول
الإسلام كحل وحيد للقضية الأريترية.
وكان مما توصي به هذه اللجنة وتدعو إليه هو تقوى الله، ونبذ الفرقة،
وإعلان الجهاد تحت راية لا إله إلا الله وقيادة العلماء، والحذر من المنظمات
الشيوعية، والشخصيات المشبوهة، وكذا العصبيات المنبوذة وقد وجد حماس
واستجابة في أوساط الشعب الأريتري لهذا التوجه وبخاصة بعد معاناتهم الشديدة من
هذه المنظمات غير الإسلامية.
نشأة حركة الجهاد الإسلامي الأريتري:
ساعدت الظروف والإرهاصات التي ذكرناها، على تهيئة جو إسلامي عام
بين الأريتريين اللاجئين.. فانتهز الإسلاميون الفرصة وقاموا بزيادة حماس
المسلمين وإذكاء روح الجهاد فيهم، وتوحيد صفوفهم فنادوا بدمج الجماعات
الإسلامية في جماعة واحدة
…
ولاقت الفكرة قبولاً لدى جميع الجماعات الأريترية
الإسلامية، حتى تشكل ما يسمى " بحركة الجهاد الإسلامي الأريتري " والتي عقدت
مؤتمرها العام الأول في الفترة ما بين 19 - 21 ربيع الثاني عام 1409 هـ، وتم
فيه انتخاب مجلس شوري يتكون من (51) عضواً، من بينهم مجلس تنفيذي من
11 عضواً، وقد أصدر المؤتمر بياناً في نهاية الاجتماع أشاروا فيه إلى تسلسل
الأحداث في أريتريا بدءاً من دخول الإسلام فيها وحتى الوضع الحالي، وأعلنوا فيه
عن قيام حركة الجهاد الإسلامي الأريتري، وناشدوا جميع المسلمين لنصرة الجهاد
الإسلامي الأريتري والوقوف إلى جانبه.
من متابعة مسيرة الأحداث السابقة، وما حصل في النهاية من وحدة بين
الأريتريين ومن معرفة الأشخاص القائمين على هذا الاتحاد تظهر لنا بعض النقاط:
1-
تحرك بعض القائمين علي هذه الحركة الجديدة يمثل عاطفة إسلامية
جياشة، ونحسبها صادقة بإذن الله، وهذه العاطفة الصادقة كانت كافية تماماً للتغلب
على حزبية الشعارات التجمعية، وكسر طوقها، وتحطيمها، والاندماج تحت لواء
حركة جهادية واحدة وأمارة صحة في مسيرة العمل الإسلامي الأريتري.
2 -
القاسم المشترك بين جميع أفراد مجلس شورى هذه الحركة هو أنهم
يتبنون عقيدة أهل السنة والجماعة، وقد أعلنوا ذلك في بياناتهم وفي ما ظهر من
قياداتهم.
3-
لاشك أنهم يعدون لأمر عظيم جلل، وهو الجهاد في سبيل الله، ضد
قوى معادية، وهم لا يملكون أرضاً ولا عتاداً، إلا أنهم أمام طريق شاق،
ويحتاجون إلى وقت غير قصير كي يشقوا طريقهم الجهادي وهم بحاجة إلى الدعاة
إلى الله والجماعات الإسلامية أن تدعمهم بكل ما تستطيعه من توجيه، ونصح
ومعونة مادية.
وبعد فإن القضية الأريترية هي قضية إسلامية تهم جميع المسلمين الذين يهمهم
أمر إخوانهم المضطهدين هناك والذين أصبحوا بين فكي كماشة، فالاستعمار
الأثيوبي من جهة، والمنظمات غير الإسلامية من جهة أخرى، ولا يمكن أن يخرج
هؤلاء من المأزق إلا بالجهاد في سبيل الله وبالوحدة الإسلامية القائمة على منهج
قويم، وهانحن نرى الآن صحوة الإسلاميين في أريتريا من خلال وحدتهم الأخيرة
ومن خلال دعوتهم إلى الجهاد في سبيل الله.. لذلك فنحن بعد أن ندعو الدعاة
والإسلاميين إلى مناصرة إخوانهم في أريتريا بعيداً عن أي شعارات حزبية قد تفرق
شملهم بعد أن تجمعهم نود أن نذكر إخواننا الأريتريين بالملاحظات التالية.
1-
وجوب المحافظة على الوحدة القائمة على منهج أهل السنة والجماعة،
وعلى عقيدة التوحيد، والحذر من دخول الشعارات الحزبية التي تفرق ولا تجمع،
والصدق مع الله ثم مع المؤمنين في هذا التوجه، وأن يكون واقعاً مستمراً وليس
شعاراً مؤقتاً.
2 -
اعلموا أنه لانصر إلا بوجود شروطه، ومن أهم الشروط هو الاتباع
والاجتماع، اتباع منهج صحيح والاجتماع عليه، وأن الانتكاسات التي تحدث داخل
الساحة الإسلامية اليوم سببها الغفلة عن المنهج والذي أنشأ الفرقة، ولن يكون أعداء
الله إلا أقزاماً أمام جحافل المؤمنين التي تحمل نور التوحيد والإيمان، المتوحدين
تحت لواء عقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة.
3 -
الحذر من وجود المنافقين داخل الصف ولو رفعوا شعارات إسلامية،
لأن ميادين الجهاد من الميادين التي تغري أمثال هؤلاء بالظهور، وتجارة الجهاد
من قبل رموز محسوبة على المجاهدين من أهم إشكالات قضايا المسلمين الجهادية
اليوم.
4 -
الاستفادة من دروس الجهاد الأفغاني الإيجابية والسلبية، وبخاصة أن
هناك تشابهاً كبيراً بين الساحتين من ناحية الانتماءات الفكرية وكذلك الولاءات
السياسية، فنستفيد من دروس إيجابية ضخمة أفرزها الجهاد الأفغاني، ونحذر من
سلبيات حصلت وتحصل هناك حتى لا نكرر أخطاءنا.
5-
رصد لعبة الأمم في منطقة أريتريا وجنوب السودان والصومال وشرق
القارة عموماً حيث تترابط قضايا المنطقة هناك، وتتآمر قوى كثيرة على المسلمين
فيها، وهناك مخططات وترتيبات لمستقبل المنطقة في أذهان أولئك، فهناك مؤامرة
صليبية ماكرة هدفها إقامة كيان أو كيانات صليبية في المنطقة، وأطراف هذه
المؤامرة من داخل المنطقة ومن خارجها، فمن الداخل حركة قرنق في السودان،
والجبهة الشعبية في أريتريا، والجبهة الشعبية لتحرير تقراي، وتنظيم رابطة
الشعوب الأثيوبية، ويدعم هذه الحركات دول مجاورة مثل كينيا، وأوغندا، وكذلك
قوى خارجية، ودول غربية، كما أن لمجلس الكنائس العالمي دوراً مشبوهاً في
التخطيط لإقامة كيان نصرني هناك، وقد جاءت تحركات كارتر رئيس أمريكا
السابق في المنطقة، وكذلك محاولة الانقلاب الأخير في أثيوبيا لتصب في هذا
الاتجاه.
والمنطقة مرشحة لمزيد من التفجيرات المستقبلية، وما يصاحب ذلك من
مقايضات بين القوى المؤثرة فيها
…
لذا فنحن ننصح إخواننا بالحذر من الوقوع في
لعبة المقايضات السياسية، أو أن يكونوا مادة لبعض فصولها، لذلك فالترابط بين
الدعاة عموماً في كل أرض الله، والتناصح بينهم كفيل بكشف مخططات خصومهم
وكفيل بتفويت الفرص على أعداء الجهاد وأعداء المجاهدين.
وفي الختام نسأل الله أن يعلي كلمته، وأن يعز دينه، وأن يوحد المسلمين
تحت رايته.