الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفكك الاتحاد السوفييتي
وماذا بعد الانهيار
انتهت الحرب العالمية الثانية بانقسام العالم إلى معسكرين متعارضين سياسياً
واقتصادياً، المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي؛ والمعسكر الرأسمالي
الغربي بقيادة الولايات المتحدة. ولكن طبيعة الصراع بين هذين المعسكرين
الجديدين، كانت مختلفة تماماً عن طبيعة الصراع بين المعسكرات المتناحرة في ما
قبل الحرب العالمية الثانية أو الأولى، ذلك أن ظهور نوع مختلف من الأسلحة هو
السلاح النووي؛ وتخوف المعسكرين ورعبهما من خطر نشوب حرب نووية، كان
عاملاً نفسياً قوياً أجبر الفريقين على فتتح أبواب الحوار لتسوية المشاكل المستعصية. وبذلك انتقلت أشكال الصراع الرئيسي من ميادين القتال إلى معامل التجارب
العلمية، ومحطات أبحاث وصناعة سفن فضاء، فكان صراعاً من نوع آخر.
التكنولوجيا الحديثة سلاحه وأجهزة المخابرات جنده ومنفذه، فكانت الحرب الباردة.
في نهاية القرن التاسع عشر، ظهر على الساحة الأيديولوجية كتابا «رأس
المال» «والبيان الشيوعي» اللذان كتبا من قبل كارل ماركس وإنجلز في لندن،
فكانا بمثابة أنظمة وشرائع ارتكزت على أساسها النظرية الشيوعية. قام الحزب
الشيوعي ليستولي على سلطة أكبر دول العالم من حيث المساحة وثالثها من حيث
السكان وذلك عقب ثورة 17 أكتوبر 1917 الروسية. لقد سيطر هذا الحزب على
روسيا ومن ثم الاتحاد السوفييتي وحكمها فترة 74 سنة، تعاقب على رأس الحكم
فيها، وعلى مدى تلك الفترة، كل من لينين وستالين ومالينكوف وخروتشوف
وبريجينيف وأندروبوف وتشرنينكو وآخرهم غورباتشوف
…
وخلال حكم هؤلاء
كلهم، جرى ذبح ألوف من أهل الحكم الطامعين والطامحين، كما جرى ذبح خمسة
ملايين في حرب أهلية، ثم ذبح حوالي عشرة ملايين في عملية تصفيات ستالينية
داخلية في الثلاثينات، ثم ذبح ضعف هذا العدد في الحرب العالمية الثانية، ثم ذبح
الآلاف في حرب أفغانستان، فكانت حصيلة حكم هذا الحزب لتلك البلاد، انسحاق
حوالي الأربعين مليون سوفيتي في موت غير طبيعي وفي تدابير استبدادية تعسفية
تحولت معها الكنائس والمساجد زرائب للخنازير، والأملاك الخاصة إلى مشاعات
يتصرف بها أفراد الحزب الحاكم، ناهيك عن الحالة الاجتماعية والاقتصادية
المخزية التي وصلت إليها البلاد.
ونظرا لضعف النظرية إلى اتبعها وقصر نظرها، ونتيجة لهشاشة السياسة
العملية إلى انتهجها، بالإضافة إلى الكفر والاستعلاء والاستكبار والقتل والظلم
والقهر بحق شعبه وغيره، اعترف الاتحاد السوفييتي، ومع بداية الثمانينات،
بعجزه، وذلك بعد أن ظهرت، وبشكل واضح، علامات ضعفه وفشله في الحرب
الباردة مع المعسكر الرأسمالي الغربي.
لقد بدأ العد العكسي عند المعسكر الشرقي وخاصة في الاتحاد السوفيتي حيث
بدأت الأمور تتفاقم والحالة الاجتماعية والاقتصادية من سيئ إلى أسوأ، حتى جاء
غورباتشوف وفي منتصف العقد الماضي ليقدم عرضه «البيريسترويكا» أو
«إعادة البناء» ، والذي شكل ثورة في المواقف والأفكار والممارسات، ودعا إلى تغيير جذري في السياسة الداخلية والخارجية على السواء؛ يقول غورباتشوف في مقدمة كتابه «البيريسترويكا» :
«نحن نعرف ونأخذ في الاعتبار الدور الكبير الذي تلعبه الولايات المتحدة
في العالم الحديث، ونقدر إسهام الأمريكيين في الحضارة العالمية، ونحسب حساباً
للمصالح المشروعة للولايات المتحدة، وندرك أنه بدون هذا البلد يستحيل إزالة
خطر الكارثة النووية، وضمان سلم وطيد. وليست لدينا أية نوايا سيئة تجاه الشعب
الأمريكي. ونحن راغبون ومستعدون للتعاون في كافة المجالات. لكننا نريد أن
نتعاون على أساس المساواة، والتفاهم المتبادل والمعاملة بالمثل» .
لقد جاءت «البيريسترويكا» في الاتحاد السوفييتي لتنهي مرحلة حرب باردة
خارجية دامت 40 سنة وتفتح، في الوقت نفسه، مرحلة حرب باردة داخلية،
دارت لمدة ستة أعوام بين تيارين متناحرين أفرزتهما تلك «البيريسترويكا» : تيار
المحافظين الماركسيين اللينينيين، وتيار الليبراليين الديموقراطيين. كان المعسكر
الغربي ما يزال مستمراً في تركيز مواقعه وتشديد الخناق على المعسكر الشرقي.
فلقد عملت أوروبا والولايات المتحدة واليابان بكل قوتها من أجل تجهيز المسرح
العالمي لانتهاء الحرب الباردة، ليس من خلال تنازلات، وإنما من خلال زيادة
الضغوط لتصفية المعسكر الشرقي بمقوماته المختلفة، وحصار الاتحاد السوفييتي
ودفعه إلى داخل حدوده، وتقليص نفوذه الدولي ليصل إلى أدنى حد ممكن.
ففي سنة 1984، كانت اللجنة الثلاثية - وهي لجنة غير رسمية تضم ممثلين
عن الولايات المتحدة وأوروبا الغربية واليابان - قد طالبت الدول الأعضاء -
وخاصة دول أوروبا الغربية - ببذل جهود من أجل تكثيف روابطها الاقتصادية
والعلمية والثقافية مع دول شرقي أوروبا في محاولة لإنهاء تقسيم القارة الذي طرأ
منذ عام 1945، وذلك تحت عنوان «الديموقراطية لا بد أن تنتصر» ،
وشعارات حقوق الإنسان، والحرية الديموقراطية، وإصلاح النظام الاقتصادي،
إضافة إلى موضوع مواجهة الإرهاب
…
لقد نجحت دول التحالف الثلاثي على مدار السنوات الست، في اتخاذ
خطوات أدت فعلياً إلى تقليص النفوذ السوفيتي في العالم الثالث وقلب النظام
السياسي البولندي سلمياً، ثم تداعي نظم أوروبا الشرقية بسرعة لا تصدق وسقوط
رؤوسها، وفاق غورباتشوف والاتحاد السوفييتي، الواحد تلو الآخر. وشهدت
برلين قمة الأحداث المثيرة في شهر نوفمبر 1989، عندما سقط جدار برلين وتدفق
المواطنون الألمان الشرقيين إلى الغرب، مما أدى فعلياً إلى إنهاء ارتباط الاتحاد
السوفييتي بدول شرق ووسط أوروبا، وأصبح السوفيات في حاجة للغرب أكثر من
أي وقت مضى؛ فلقد صرح الرئيس البولندي ليخ فاليسا، وخلال زيارته إلى
بريطانيا في 25/4/1991، أنه ينبغي على الاتحاد السوفييتي السماح لشعوبه
بتشكيل اتحاد جديد قائم على أساس الديموقراطية، وحذر في خطاب ألقاه أمام
مؤتمر للسياسيين الأوروبيين الشباب من أن الغرب قد يواجه هجرة جماعية من
أوروبا الشرقية إلا إذا ساعد البلدان الشيوعية على إنعاش اقتصادياتها
…
لقد سقطت إذن أوروبا الشرقية في أيدي المعسكر الغربي الذي تمكن معها
بدفع المعسكر الشرقي إلى داخل حدوده وتقليص نفوذه، فوقعت تائهة تنتظر العون
والمدد من جاراتها الغربيات، فما كان من تلك الأخيرة، ولكي تضمن انسلاخ تلك
الدول عن معسكرها السابق، إلا أن ربطت تلك المساعدات بالانتقال السريع
المباشر من اقتصاد «رأسمالية الدولة» حيث يتحكم القطاع العام بكل شيء إلى دولة الرأسمالية «
…
وفي مطلع الأسبوع الثالث من شهر نيسان 1991، افتتح في لندن البنك
الأوروبي للتعمير والتنمية. ولقد أعلن هذا البنك صراحة أن قروضه مشروطة
سياسياً، أي ربط التمويل بأهداف سياسية صرفة، وهذا أمر غير متاح من خلال
قوانين المؤسسات الدولية الأخرى مثل البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي على
الرغم من الخضوع المتزايد لهذه المؤسسات لاعتبارات سياسية. فلقد حدد هذه البنك
هدفه الأساسي بمساعدة دول أوروبا الشرقية على الانتقال من الاشتراكية إلى
الرأسمالية، وسيتضمن ذلك بصورة ملموسة مساعدة الدول الخارجة من النظام
الشيوعي على تصفية القطاع العام وتكوين البنى التحتية لنظام الاقتصاد الحر.
في 24/4/1991، وخلال اجتماع عقد في براغ وضم عشرين وزير عمل
أوروبي، نقلت وكالة الأنباء التشيكوسلوفاكية عن وزير العمال السوفيتي فاليري
بولمان توقعه أن يُجبر الوضع الاقتصادي حوالي ثمانية ملايين عامل على البحث
عن عمل في الخارج خلال السنوات الثلاث المقبلة. ولكن الرد الغربي كان صارماً
وصريحاً: مزيداً من التنازلات، الانتقال السريع، وإليكم الدعم
…
وهكذا، وتنفيذاً لشروط الغرب للحصول على مساعداته، وتحت شعار
تكريس الديموقراطية في الاتحاد السوفييتي وتحسين أحواله الاقتصادية، قام
الكرملين بقيادة غورباتشوف بالانسحاب من كل مواقعه الاستراتيجية في العالم
وأهمها الشرق الأوسط، وبانسحابه، تفرد الغرب بالقرار هناك، فتم تدمير قوة
الأمة والهيمنة على مقدراتها وثرواتها، وتنفذ حالياً التسوية السلمية للصراع العربي
الإسرائيلي بالشروط الإسرائيلية الكاملة، وتتم تصفية القضية الفلسطينية، ولكي
يبيض سجله لدى السلطات الأمريكية في مجال حقوق الإنسان، فقد سمح بهجرة
يهود الاتحاد السوفياتي إلى إسرائيل وعددهم بالملايين.
هذا على الصعيد الخارجي. أما على الصعيد الداخلي للاتحاد السوفياتي،
فالحرب الباردة كانت مستمرة، تهدأ تارة وتشتد تارة، مرت فيها البلاد في ظروف
صعبة جداً وصلت بها أحيانا إلى حافة الهاوية، ثم تخطَّتها حتى كان الانقلاب فجر
19/8/1991. فكيف دارت أحداث تلك الحرب الداخلية الباردة؟ ما هي الأحداث
التي سبقت الانقلاب؟ لماذا وقع الانقلاب وما هي أهدافه ونتائجه؟ ..
» يتبع «
كتب
البعد الديني في السياسةالأمريكية
تجاه الصراع العربي - الإسرائيلي
تأليف: د. يوسف الحسن
عرض: أحمد عبد العزيز أبو عامر
حدد القرآن الكريم والسنة المطهرة العلاقة بين المسلمين وأهل الكتاب في
السلم والحرب، وحذر من أعداء الإسلام وخاصة من اليهود لما جبلوا عليه من غدر
ولوم وعداء صريح للإسلام والمسلمين يقول تعالى: [لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً
لِّلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ والَّذِينَ أَشْرَكُوا] ويشتركون مع النصارى في عدم الرضا عن
المسلمين لقوله تعالى: [ولَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ ولا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ]
وهذا ما يؤكد أن العداء مع هؤلاء عداء عقيدة، لكن كثيراً من العلمانيين في عالمنا
العربي اليوم يحاولون بكل جهودهم تحجيم هذا العداء وأن المسألة خلاف قومي
بمزاعم موهومة يكذبها الواقع، ولذا كثيراً ما نجدهم يطنطنون بالأخوة القومية بعيداً
عن الأخوة العقدية، ويفرقون بين (الصهيونية واليهودية) بدعوى أن عداءنا مع
الصهاينة وليس مع اليهود وقد ألفت في هذه الدعوى كتب ورسائل ولعله يتسنى لي
في فرصة قريبة بيان خطأ هذا التوجه وبيان زيف مدعيه.
والمتابع للأحداث الجارية في المنطقة ولا سيما أهمها وهي ما تسمى بأزمة
الشرق الأوسط التي هي (مشكلة العدوان الصهيوني واحتلال الأرض المباركة في
فلسطين ظلماً وعدواناً) يلمس التعاطف الكبير بين اليهود والنصارى الذين لولا
دعمهم لليهود لم تقم لدولتهم قائمة مع العداء الديني بين هاتين الملتين. ولقد استطاع
الصهاينة بخبثهم أن يوظفوا (الكتاب المقدس) لصالحهم بشكل نتجت عنه اتجاهات
صهيونية في المسيحية كما سترى في هذا الكتاب.
والكتاب الذي سنقدم عرضاً له في هذا المقال هو أحد مطبوعات (مركز
دراسات الوحدة العربية) وهو مؤسسة قومية علمانية تصدر عدة سلاسل ثقافية،
والكتاب يحمل رقم 15 في سلسلة (أطروحات الدكتوراه) ويبلغ الكتاب 222 صفحة
مع الفهارس وقد قام المؤلف بجهد في رصد وتحليل الاتجاهات الصهيونية في
الحركة الأصولية المسيحية الأمريكية المعاصرة وكشف عن قوة تأثيرها في صنع
وتشكيل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصراع العربي الصهيوني ودورها في
توفير المناخ الملائم لنزعة أمريكية عامة متحيزة لإسرائيل، كما سعى إلى كشف
الغطاء عن المدى الواسع في استعمال الرموز الخطابية التوراتية في العمل السياسي
الأمريكي نتيجة تأثير الكنيسة في المجتمع المدني وبخاصة في ثقافته العامة بحيث
صور الصراع العربي الصهيوني في الخيال العام الأمريكي على أنه امتداد للصراع
التوراتي بين اليهود وغيرهم، وعلى أن العلاقة الأمريكية الإسرائيلية هي علاقة
خاصة قائمة على فهم توراتي تراثي مشترك. ولذا وجد في الخطاب السياسي
الأمريكي اصطلاح (الالتزام الأخلاقي بدعم إسرائيل) وهو ما لم يستعمل مع دولة
أخرى غير ربيبتهم تلك.
وقد قسم المؤلف الكتاب إلى خمسة فصول وخاتمة على النحو التالي:
الفصل الأول: تناول فيه جذور الصهيونية في المسيحية الأصولية الأوربية
منذ القرن (16م) محللاً كيف اختلفت المعتقدات الدينية وتزاوجت بالأهداف
السياسية والاستراتيجية، ومهدت المناخ الملائم لولادة الحركة الصهيونية السياسية
للجماعات اليهودية.
الفصل الثاني: البحث عن التأصيل التاريخي للاتجاهات الصهيونية في
المسيحية الأصولية الأمريكية موضحاً أهم المنظمات الصهيونية المسيحية الأمريكية
في النصف الأول من القرن العشرين ومحللاً مواقفها تجاه الصراع العربي
الصهيوني واشتمل هذا الفصل على ثلاثة مباحث هي:
1-
جذور الصهيونية في التاريخ الأمريكي.
2-
جذورها في الكنائس البروتستانتية.
3-
الاتجاهات الصهيونية والكنيسة الكاثوليكية.
الفصل الثالث: ناقش الكاتب الحركة المسيحية الأصولية في الفترة بين عامي
1967 -
1968 وحلل أهمية دور الكنيسة في المجتمع الأمريكي وعلاقاتها بالدولة
دستورياً، كما تناول العوامل التي تقف وراء نهوض الحركة المسيحية الأصولية
الأمريكية وبخاصة تأثير نكبة 1967 في إحياء فكر الحركة وتنشيط صهيونيتها
وازدياد تأثيرها في السياسة الخارجية.
الفصل الرابع: البحث في مؤسسات الحركة المسيحية الأصولية ومنظماتها
وتحالفاتها وجماعات الضغط فيها، كما ناقش الظاهرة الجديدة المسماة بالكنيسة
المرئية، وبين أهم منظماتها وأبرز قادتها وأكثر برامجها انتشاراً وتأثيراً إضافة إلى
علاقاتها السياسية والإعلامية والمالية وامتدادها إلى خارج أمريكا.
الفصل الخامس: ناقش المؤلف في بحثين هامين الخلافات بين الحركة
المسيحية الأصولية والحركة الصهيونية اليهودية وإسرائيل، كما تناول الآفاق
المستقبلية لحركة المسيحية الأصولية في المجتمع الأمريكي.
وفي الخاتمة: تناول أهم نتائج دراسته إلى لخصها فيما يلي:
1-
بيان الأصول والاتجاهات الصهيونية في الحركة المسيحية الأصولية في
أمريكا وهي التي تزعم بأن عودة اليهود إلى فلسطين مفتاح النبوءات المقدسة
والمبشرة بعودة المسيح الثانية.
2-
أن مقولة (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض) هي مشروع مسيحي
صهيوني قدم لمؤتمر لندن عام 1840 وأن أول جماعة ضغط صهيونية بأمريكا
أسسها رجل دين بروتستانتي هو (بلاكستون) عام 1887
3-
إن قناعات (بلفور) الدينية والمعتقدات التوراتية (للوبد جورج) رئيس
الوزراء البريطاني آنذاك وتأثرها بالفلسفة اليهودية وخلفياتها الفكرية الدينية وراء
بلورة موقفهما السياسي تجاه المشروع الصهيوني.
4-
وبتحليل الجذور التاريخية للاتجاهات الصهيونية غير اليهودية في التاريخ
الأمريكي وفي الكنائس البروتستانتية والكاثوليكية في أمريكا. توصلت الدراسة إلى
أن هذه الاتجاهات قد شكلت عنصراً بارزاً في الحياة الثقافية والسياسة الأمريكية منذ
بداية تأسيس أمريكا عن طريق (البيوريتان) الذين حملوا معهم التقاليد والقناعات
التوراتية التي انتشرت في إنجلترا بعد القرن 16م.
5-
تبين أن المؤسسات والمنظمات المسيحية الصهيونية تلقت الدعم العلني
والسري من الحركة الصهيونية وبقيام دولة إسرائيل تدعمت المعتقدات المسيحية
الأصولية بدعوى أن الحدث إشارة إلى النبوءات المقدسة عندهم.
6-
إن الكنيسة الأمريكية نظام شمولي في أغراضه وأنشطته وعلاقاته حيث
تمزج الدين بالتعليم وبالخدمات الاجتماعية وبالطب والسياسة والفن والحرب والسلام
ولا يفلت من شبكها شيء يتعلق بالإنسان.
7-
إن الصحوة المسيحية الأصولية تجسدت في تيار جماهيري له مؤسسات
متعددة الأغراض والإمكانات المالية ليس من السهل مقاومته وتستطيع تعبئة عدة
ملايين للانخراط في العملية السياسية الانتخابية.
8-
إن المسيحية الأصولية جسدت حركتها في مؤسسات إعلامية ومنظمات
وجماعات وتحالفات متعددة خارج أمريكا، وتعاونت مع إسرائيل في تأسيس منظمة
أصولية في القدس وقد أسست الكنيسة المرئية التي تستخدم برامجها الاستعراضية
لجمع أموال التبرعات، ولا تكتفي بالدروس الدينية بل تهتم بكل المسائل
الاجتماعية والسياسية والعسكرية والترفيهية وتهتم باكتساب القوة والنفوذ السياسيين
أكثر من اهتمامها بالدين وتقدم رؤيتها السياسية لقضية الصراع العربي الصهيوني
من خلال رؤيتها التوراتية.
ويختم المؤلف كتابه بما سماه (خطة عمل عربية لمواجهة صهيونية الحركة
المسيحية الأصولية) ومن أهم بنود هذه الخطة:
1-
إعداد دراسة جادة ومفصلة حول مواد التعليم في مدارس الأحد والمدارس
الدينية المسيحية لاستكشاف العناصر الخفية والظاهرة للاتجاهات الصهيونية المؤيدة
لإسرائيل. وتقديمها لقادة المسيحيين المتعاطفين مع وجهة النظر العربية وتشجيعهم
بالمطالبة بإصلاح برامج تعليم تلك المدارس! !
2-
دعم وتشجيع عقد مؤتمرات دينية مسيحية في أمريكا وبشكل دوري تناقش
فيها مسائل العلاقات بين الدين وحقوق الإنسان بهدف استكشاف استخدام الصهيونية
السياسية التوراة لمصالحها ومؤتمرات أخرى في بعض البلاد العربية حيث يوجد
فيها المسيحيين.
3-
تنظيم حملة إعلامية مستمرة في أمريكا مستخدمة اللغة الكنسية نفسها
لتنفيذ مزاعم الصهيونية المسيحية كأطروحة شعب الله المختار ووضع مدينة القدس
على أن تبدأ في الأرياف قبل المدن.
4-
دعم وتشجيع ونشر معلومات معدة بشكل علمي وميسر حول الإسلام
ومعالجة للقضايا الاجتماعية والسياسية ونظرية الأديان ودور الحضارة الإسلامية في
حفظ الحضارة الإنسانية.
5-
وضع أسس حوار دائم بين المسيحية واليهودية والإسلام واستحداث
أقسام داخل المنظمات والمعاهد والمراكز والمؤسسات الإسلامية في الوطن العربي
مختصة بهذا الشأن وتنظيمه.
6-
دعم وتشجيع نشر مقالات وأخبار حول مسائل تتعلق بحقوق الإنسان
الفلسطيني في الأرض المحتلة وإثارة أسئلة حول معتقدات المسيحيين في العهد
القديم.
7-
استعملت الأصولية المسيحية المتصهينة تقنية الأقمار الصناعية للاتصال
بغيرها عبر العالم لنشر دينهم عبر الكرة الأرضية وأي خطة لمواجهتهم لا بد أن
تشمل استخدام هذه التقنية المعاصرة.
ملاحظات عاجلة على الأطروحة
أولاً: أشار المؤلف بأن أطروحته هذه هي أول الأبحاث التي تناولت هذا
الجانب من السياسة الأمريكية. وهذا بنظري ليس صحيحاً إذ سبق الكاتب في بحث
هذا الموضوع بالعديد من الدراسات والكتب المنشورة ومنها:
1-
الخلفية التوراتية للموقف الأمريكي (حيال القضية الفلسطينية)
2-
النبوءة والسياسة تأليف (غريس هالسل) ترجمة الأستاذ محمد السمّاك.
حيث تطرقت المؤلفة لعمل المؤسسات والشخصيات داخل أمريكا لصالح إسرائيل.
3-
قبل أن يهدم الأقصى كتاب للأستاذ عبد العزيز مصطفى وبيان دور
الصهاينة النصارى في دعم إسرائيل.
4-
دراسة الأصولية الدينية والثقافية للقرار الغربي في الصراع على فلسطين
للأستاذ طارق متر نشرته مجلة الفكر الإسلامي البيروتية العدد 1/السنة91 الصادر
في جمادي الأول 1409
ثانياً: المؤلف كتب أطروحته من منظور قومي ولم يذكر وجهة نظر الإسلام
في هذا الموضوع وبالمنطلق القومي أراد استخدام النصرانية - فيما يزعم - لصالح
وجهة النظر العربية.
ثالثاً: من أعجب العجب أن يستغل اليهود والنصارى الدين لمصالحهم العليا
لكننا نرى (القوميين العرب) يستغلون الدين لمصالحهم القومية الضيقة ولا يهم إن
كان ذلك يصح شرعاً أو لا. المهم أن يخدم مصالحهم.
رابعاً: أغفل المؤلف الحلول الإسلامية الجذرية لمعالجة قضية الصراع
العربي الصهيوني وأنه لا ينفع معهم إلا القوة الإيمانية المنبثقة من الجهاد الإسلامي
الذي يعرفون حقيقته حق المعرفة يوم حاربهم المجاهدون الأوائل في بدايات قيام
دولتهم وأبلوا بلاء حسناً ولولا القرارات المحبوكة ضدهم لتغير التاريخ ولكن قدر
الله لا بد أن يتم وعسى أن نعرف الحل الجذري لمشكلتنا معهم فالحرب معهم لا بد
أن تكون عقائدية ولا يمكن أن نهزمهم بالعلمانية الحاكمة في البلدان العربية، والله
غالب على أمره.