الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصطلحات
الدين لله والوطن للجميع
!
تتردد هذه الايام على ألسنة من يمارس اضطهاد الدعاة مقولة: لا وصاية
لأحد على الإسلام، والإسلام للجميع، كما يرددون (الدين لله والوطن للجميع) .
وقد سئل الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله عن هذه العبارة فأجاب:
هذه المقالة: (الدين لله والوطن للجميع) صاغها الحاقدون على الإسلام الذين
رموه بالطائفية بهذه الصيغة المزورة إفكاً وتضليلاً، ليبعدوا حكم الله ويفصلوه عن
جميع القضايا والشؤون بحجة الوطن الذي جعلوه نداً لله، وفصلوا بسببه الدين عن
الدولة، وحصروه في أضيق نطاق، فأعادوا بذلك الحكم القيصري والكسروي
بألوان وأسماء جديدة، والعبرة بالمعاني من سوء التحكم والأعمال المخالفة للشرع،
وعدم العدل لا بالأسماء والألقاب، فهي خطة شركية قلّ من انتبه لها، ولا يجوز
للمسلمين إقرارها أبداً، ولكن غلبت عليهم سلامة الصدر فاغتروا بما يطلقه أولئك
من الدجل والتهويل ويخادعون به الله والمؤمنين من دعوى تعظيم الدين والارتفاع
به عن مستوى السياسة التي هي غش وكذب، ليخدعوا به المسلمين ويخرسوهم
والله لا يرضى من عباده أن يتهاونوا بالحكم ويتنازلوا عن حدوده قيد شعرة أو
تنقص فيهم الرغبة الصادقة في تنفيذه - بدلاً من أن تنعدم - لحب وطن أو عشيرة
بل ولا لحب ولد أو والد أو أخ قريب، فالدين الذي لله يجب أن يسيطر على الجميع
ويكون أحب وأعز من الوطن وأن لا يتخذ الوطن أو العشيرة نداً لله ويعمل من أجله
ما يخالف حكم الله وتبذل النفوس والأموال دون كيان العصبية القومية في سبيل
الوطن لا في سبيل الله لإعلاء كلمته وقمع المفتري عليه بل لتعزيز المفتري عليه،
فهذه وثنية جديدة أفظع من كل وثنية سبقتها، إذ يعملون تحت هذا الشعار الوثني ما
يشاؤون ويخططون لحياتهم الوطنية تخطيط من ليس مقيداً بشريعة ربه وكونها
أفظع من كل وثنية هو لمزيد فتنتها وإخراجها للناس بهذا الأسلوب الذي صاغته
(أوربا) هروباً من حكم الكنيسة والله يقول: [يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إن تُطِيعُوا الَذِينَ
كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ] ويقول: [يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إن
تُطِيعُوا فَرِيقاً مِّنَ الَذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إيمَانِكُمْ كَافِرِينَ..] وقد عملوا منذ
زمن طويل على ذلك حتى كسبوا بعض أولاد المسلمين فنفذوا لهم هذه الخطة التي
طوحوا بها بحكم الإسلام بحجة أقلية نصرانية انتحلوا هذه النحلة وعطلوا دعوة
الإسلام وأوقفوا زحفه إرضاء لهذه الأقلية وإغضاباً لله بينما هي تزحف بالدعاية
النصرانية وبث الإلحاد على حساب المسلمين وفي عقر بيوتهم وجعلوا الحكم لغير
الله وأباحوا من أجلها ما حرم الله بإقرارهم له وإعفاء مرتكبه من العقوبة ليشهدوا لهم
مع تلاميذ الأفرنج من أبنائهم أنهم متحررون أكفاء للحكم.
العنصرية والديموقراطية الأوربية
في الميزان
د. أحمد عجاج
لم يكن يخطر أبداً في بال عائلة سعدو اللبنانية التي هربت من جحيم الحرب
الأهلية في لبنان بأنها ستواجه مأزقاً بعد اليوم. فقد حطت رحالها أخيراً في بلدة
هنكس الألمانية على نهر الراين، وشعرت للمرة الأولى منذ سنوات بالأمان
والحرية. ولكن لم يكن هذا الشعور إلا وهماً وسراباً. ففي منتصف ليل الخامس
من أكتوبر الماضي ودون سابق إنذار اشتعل منزلها وأصيبت طفلتاها اللتان لم
تتجاوزا بعد سن السادسة والثامنة بحروق خطيرة إثر هجوم قامت به العصابات
النازية الجديدة بالقنابل الحارقة عليها. وسبب الهجوم بسيط جداً وهو أن تلك العائلة
لا تنتسب إلى الجنس الألماني العظيم!
وعائلة سعدو ليست إلا واحدة من عدة عائلات تعرضت إلى ما هو أفظع
وأشنع من ذلك بكثير على يد تلك المجموعات النازية الجديدة التي تطالب بتطهير
ألمانيا من الغرباء الذين يشوهون منظرها ويزيدون أعباءها.
إن تصاعد الخطاب العنصري في ألمانيا وغيرها من البلدان الأوربية ليس
بحد ذاته حدثاً عابراً أو أمراً عارضاً بل هو يلمس جوهر السياسة الأوربية الجديدة
في تعاملها المستقبلي مع الأقليات الموجودة على الأراضي الأوربية. ففرنسا تجد
نفسها أمام تصاعد نجم العنصري (ماري لوبان) وألمانيا تقف عاجزة أمام موجات
العنف التي يشنها المتطرفون ضد الأقليات واللاجئين من العالم الثالث، وبريطانيا
تعرب عن قلقها إزاء تصاعد نشاط الجبهة القومية البريطانية، وسويسرا درة
الغرب تحاول أن تتجنب تلك الموجات العنصرية المشينة.
وأوربا تعيش الآن مرحلة خطيرة من تاريخها الحديث الذي لا يختلف بنتائجه
وآثاره عن تلك المرحلة المظلمة التي استساغت فيها أوربا استبعاد الشعوب
واستغلال طاقاتها معتمدة على تبريرات واهية ترتكز إلى اللون والدين ودرجة
التمدن. فالحملة العنصرية ضد المهاجرين، أي اللاجئين كما يطلق عليهم، بلغت
مرحلة خطيرة جداً إذ أصبح معها المهاجرون غير آمنين حتى في بيوتهم وبحاجة
دائمة لحماية من الشرطة. وتزامنت الحملة هذه مع تزايد البطالة وتدهور الوضع
الاقتصادي وتدفق أعداد هائلة من المهاجرين إلى أوربا.
وتصاعد الكراهية وموجة العداء لا ينطلقان من فراغ بل يستندان إلى مبررات
ومسببات عديدة تجد تشجيعاً وتغذية من الأحزاب العنصرية التي تعمل ليل نهار
على نشر مشروعها العنصري. فالأحزاب العنصرية لها مبادئها ومنطلقاتها الفكرية
التي ترى فيها تفوقها وأفضليتها وأصالتها وسموها على بقية الأجناس البشرية. هذه
الأحزاب والجماعات تتعامل مع موضوع المهاجرين من زاوية عنصرية بحتة.
فهي ترى في وجودهم على أرضها تشويهاً لجمال بلادها وخطوة خطيرة نحو زوال
نفوذها وسيطرتها وطمساً لحضارتها العظيمة. ولم لا وهي تعتقد بأن أولئك
المهاجرين لا يتمتعون بأي رصيد حضاري ولا همّ لهم سوى الاستيلاء على المدن
الراقية وصبغها بلونهم شأنهم في ذلك شأن البرابرة. فأكثر ما يزعج تلك الجماعات
العنصرية وجود أقليات كثيرة في مدنها الراقية مما يغير من طبيعتها ونمطها. لذا
يطلقون على مرسيليا الفرنسية على سبيل النكتة والتهكم بأنها (عربية أكثر من
الجزائر) نظراً لوجود أعداد هائلة فيها من المهاجرين العرب من شمال أفريقيا.
والخطورة لا تكمن في وجود تلك الأحزاب بل في أنها تعمل في جو من
الحرية وضمن إطار الديموقراطية، دون حسيب أو رقيب وضوابط وقيود.
والحرية الممنوحة لتلك الجماعات تجاوزت الحدود الممكنة التي يمكن السماح بها في
أي ديموقراطية. فقد وصل الأمر أخيراً أن تطرح الأحزاب العنصرية برامج
سياسية تدعو إلى التخلص من جميع المهاجرين سواء كانوا مواطنين أصليين أم لا
انطلاقاً من أن أوربا للأوربيين وأنه من غير المجدي والممكن أن يتعايش الجميع
فيها. فالرئيس الفرنسي السابق جيسكار ديستان وغيره من الساسة المحترمين أمثاله
لم يتورعوا عن إطلاق تصريحات عنصرية آملين من وراء ذلك أن يحصلوا على
أصوات الناخبين الفرنسيين وسحب البساط من تحت أقدام الحزب العنصري الذي
يتزعمه ماري لوبان. فقد صرح ديستان أثناء مقابلة أجرتها معه صحيفة الفيغارو
الفرنسية الواسعة الانتشار بأن من الضروري التحرك لوضع حد لهجرة أبناء العالم
الثالث مشبهاً إياها بالغزو الذي يتوجب مواجهته قبل فوات الأوان. ولم يقتصر
الأمر عند هذا الحد بل تعدى ذلك بكثير عندما أعلن رئيس وزراء فرنسا السابق
جاك شيراك في احتفال حزبي عن امتعاضه من (صخب العرب وضوضائهم) ومن
(روائحهم البشعة)[1] .
تلك التصريحات العنصرية والمليئة بالحقد والكراهية ساهمت إلى حد كبير في
زيادة روح العداء والانقسام وغذت عنصر الأنا والاستعلاء لدى المواطنين
الفرنسيين وشجعت بدورها على نمو التيارات العنصرية وبالذات الجبهة القومية
الفرنسية التي بدأت تكتسب شعبية مرموقة في صفوف الشعب الفرنسي. فالجبهة
القومية استطاعت أن تلعب ورقة المهاجرين واللاجئين بمهارة ودقة مما سمح لها أن
تفرض نفسها على الساحة السياسية كقوة لها وزنها وقيمتها. وقد وصل الأمر أخيراً
بزعيم الجبهة ماري لوبان أن يطرح برنامجاً انتخابياً يطالب فيه بطروحات تضرب
عرض الحائط جميع مقومات الديموقراطية التي يتغنى بها الفرنسيون في بلد الحرية
والإخاء والمساواة. والبرنامج يدعو إلى طرد جميع المهاجرين واللاجئين غير
الأوربيين مباشرة بعد مرور سنة على إقامتهم في فرنسا وحظر إعطاء تاشيرات
سياحية للعرب والأفارقة [2] . والتبرير المعطى هو أن الهجرة من العالم الثالث
مصدر الجرائم والبطالة والتهديد للوطن الفرنسي. وينص البرنامج على منح
الفرنسيين الأفضلية في السكن والوظائف وحرمان المهاجرين، بغض النظر عن
مدة إقامتهم، من جميع الضمانات الاجتماعية التي توفرها الديمقراطيات الحديثة
لجميع المواطنين دون تمييز يرجع إلى اللون والجنس. ورغم بشاعة البرنامج فإن
الفرنسيين وجدوا فيه إيجابيات عديدة! فقد أفاد آخر استطلاع للرأي العام أن نسبة
تأييد ماري لوبان ارتفعت من 18 إلى 32 بالمئة محرزاً في ذلك تقدماً ملموساً
وظهوراً قوياً على الساحة السياسية [3] .
والتأييد الذي يلقاه ماري لوبان يعكس مدى التردي الأخلاقي في المجتمع حيث
أصبح الجهر بالعنصرية شيئاً مقبولاً ولا يثير الخجل والحياء بل الفخر والإعجاب.
فقد أصبح الخطاب العنصري مجالاً رحباً وأرضاً خصبة للتأييد الشعبي وتعزيز
موقع الطامح إلى السلطة حتى وصل الأمر أخيراً بالرجل الثاني في الجبهة القومية
الفرنسية برونو ميغرات أن يتسائل قائلاً: (لماذا نجهد أنفسنا في الحفاظ على
أجناس الحيوانات في حين لا نلقي بالاً لاختفاء الجنس البشري من جراء الاختلاط
العام بين الأجناس البشرية المختلفة) [4] .
فلا غرابة إذن أن نرى متطرفين وعنصريين وأعمال إرهاب وعنف ضد
المهاجرين واللاجئين طالما أن الخطاب العنصري يحتل رقعة واسعة من الحياة
السياسية والاجتماعية.. ولكن ما يدعو إلى الاستغراب حقاً هو كيف تتعايش
الديموقراطية مع العنصرية؟ فالديموقراطية الغربية بما تتضمنه من أفكار ومبادئ
تتنافى كلياً مع ما تطرحه العنصرية، والاختلاف بينهما كبير بمقدار ما هو بين
الماء والنار. فالدول الغربية بالذات تطالب دولاً أخرى باستمرار أن تحترم حقوق
الإنسان وأن تنتهج المنهاج المثالي في التعامل مع مواطنيها وتتزعم دائماً المؤتمرات
والمجالس الدولية رافعة الصوت عالياً باحترام حقوق الإنسان وتوفير الأمن
والرفاهية للجميع دون استثناء لكن دون أن تكلف نفسها عناء النظر في ما يجري
على أراضيها من حدث وخطاب سياسي. فظاهرة تفشي العداء والتطرف ضد
المهاجرين قلما تجد تأنيباً من نخب الغرب الحاكمة إن لم تجد أحياناً تشجيعاً كما هو
الحال في فرنسا وألمانيا. وهذه المفارقة تكشف في جوهرها حقيقة الديموقراطية
التي ملأ صيتها الآفاق وانتشر في أرجاء المعمورة.
إن كانت الديموقراطية كما يزعم بأنها من أنجح الأدوية وأفضل الطرق لرص
صفوف المجتمع وصهر طاقاته فإن نموذجها الغربي المطبق لم يحقق حتى الآن إلا
نجاحاً نسبياً. وإلا لما طرح لوبان مشروعه، ولما قال شيراك بأن العرب رائحتهم
كريهة ولا تعرضت عائلة سعدو للحرق. فالديموقراطية بمثالها الغربي لا يمكن أبداً
أن تنجح في توحيد المجتمع وصهر طاقاته البشرية ولم أجناسه المتنوعة في بوتقة
واحدة. والسبب يكمن في كيان الديموقراطية الغربية ذاته القائم على الحرية الفردية
المنفلت من كل قيد أو ضابط أخلاقي واللاهث وراء الإشباع المادي دون سواه.
فإذا ما توفرت العناصر المادية ولوازمها يمكن للمجتمع آنذاك أن يعيش نسبياً نوعاً
من الأمان والاستقرار الاجتماعي. ففي الماضي غير البعيد انتجت ديمقراطية
الغرب - عندما تردت الأوضاع وساءت الأحوال الاقتصادية - نازية هتلر
وفاشستية موسوليني.
الثابت أن المجتمع الذي لا يتمتع بالمناعة الأخلاقية والمثل العليا غير قادر
على معايشة حقوق الإنسان واحترام الآخرين عندما يواجه انحساراً وضموراً في
وفرته الاقتصادية. وهذا بالطبع ليس شيئاً غريباً لأن الفرد الذي تربى على تأليه
المال والمبادرة الفردية الصرفة في الإنتاج واعتاد الوفرة والبذخ في العيش لا يمكنه
أن يتنازل عن مكتسباته برحابة صدر وابتسام. بل يتطلع دائماً إلى كبش فداء
لتحميله وزر الضائقة وإنزال سخطه وغضبه عليه. وهو بسعيه هذا يتمتع بحصانة
تحول دون معاقبته لأن السلطة ذاتها بحاجة إلى دعمه ودعم أمثاله، وترى في
أعمال كهذه منفذاً للتهرب من مسؤولياتها وفشلها في إدارة البلاد. والسلطة في
مواجهة أزمات كتلك ترتكز على أهمية ضمان الوحدة الاجتماعية التي لا تتحقق
بنظرها إلا بتوفر عنصرين هما: الأمن الداخلي وتنفيذ مشروع الاندماج.
والمقصود بعبارة الأمن الداخلي هو إقفال البوابة الأوربية في وجه الآلاف من
المهاجرين الذين ضاقت بهم بلادهم وخرجوا منها قهراً أو بحثاً عن مصدر رزق
جديد. وعبارة الاندماج تتطلب من المهاجرين واللاجئين الانسلاخ عن ذاتهم
وتقاليدهم استعداداً لتقمص هوية جديدة لم يعرفوها أو يألفوها من قبل. وفي كلا
المطلبين تصبح الديموقراطية بلا معنى ويخسر المهاجرون واللاجئون حقوقهم
الإنسانية.
فالديموقراطية والعنصرية يصعب تعايشهما معاً، إلا أن تعيش واحدة على
حساب الأخرى. إذ لا يعقل أبداً أن تحرق عائلة سعدو وتذبح عائلة رومانية أخرى
دون أن يعتقل الجاني أو تغلق مراكز الجماعات العنصرية وتمنع شعاراتها التي
تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان. فالديموقراطية الحقة التي نعرفها لا تستقيم إلا إذا
عاشت عائلة سعدو بأمان وسجن قاتلو العائلة الرومانية وأقفلت أبواب الأحزاب
والجماعات العنصرية إلى غير رجعة.
(1) الحياة، 13 كانون الأول 1991.
(2)
Foreign Report 14 of November 1991.
(3)
Foreign Report 13 of November 1991.
(4)
نفس المصدر.
قراءة لفكر الصحافي هويدي
خالد بن صالح السيف
مدخل:
الكتابة في المراجعات والرد على المخالف منهجية ذات تأصيل سلفي تتجاوز
هشاشة العاطفة.. وتنأى باعتدالها عن الاستئناس بتبدي العورات قبالة الملأ..
وتتحرى الصواب مخافة بخس الناس أشياءهم؛ ومن قبل تحتسبها إماطة للأذى..
ونفياً لخبث الفهم الفاسد في مرحلة اختلط فيها المتغير بالثابت.. وبخس النقل في
سوت العقل..، ولم تعد الأولويات مواطن اتفاق.. رغم جلاء المنهج القرآني في
الجانب العقدي؛ وبات فئام يصدورن عن فهم يساري إسلامي! ! وآخرون عن فهم
مستنير! ! وثمة فهم عقلي وعصري وفهوم آخر ما أنزل الله بها من سلطان.
وهو واجب كفائي يحقق مطالب شرعية.. (أهم المهمات: نصح للمخالف:
وضماد لجراحه ونصح لجميع المسلمين، وكشف للغشاوة عنهم وحماية لقيمهم من
التحلل والإدغام والدخولات وحياة الأنعام وغيرها من رواسب الخلاف الطائش.
وتنقية الساحة من المنكودين، وبالتعريف عليهم، بما خالفوا به أمر السنة والكتاب
فابتدعوا وفجروا ونابذوا السنة وآذوا المسلمين. وفي هذا تحذير بالغ من الوقوع في
شراكهم وحيلولة بينهم وبين ما يشتهون) [1] .
و (السنة شاهدة من وجه آخر إلى مدح القائمين بهذا الواجب، وأنهم هم
العدول المصلحون، الغرباء، وأن عملهم من الجهاد، وواجب الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر..) [2] .
ما سلف منهجية تبدو حقيقة محضة في ممارسة أرباب منهج (أهل السنة
والجماعة) المتقدمين منهم والمتأخرين سيان وفي كتابتي هذه أتطلع إليها مجتهداً
وأستشرف الصواب فيها متحرياً، والله المستعان.
الأستاذ فهمي هويدي صحافي يكتب في (الأهرام) و (العربي)
و (المجلة)[*] ويعني في طرحه بقضايا إسلامية ذات بعد صحفي.. مغرق في الانتفاش، ذو رؤية أحسبها تكونت من أمشاج رؤى احتطبها من (مركز للمعلومات) فحسب، إن شئت فارقب ذلك في كتبه ومقالاته حيث النقول المستفيضة وإن كان يحسن صرف دلالتها بأن يلوي أعناقها أو يحرفها وفق مقتضى طرحه، ودونك مثالاً على ذلك:
في مقالة له وسمها بـ (العقل في قفص الاتهام) كتب الآتي: (ولشيخ
المجتهدين ابن تيمية كتاب كامل في) رد تعارض النقل والعقل (خصصه لمناقشة
القضية من زاوية دقيقة تتمثل في السؤال التالي: ما العمل إذا تعارض الشرع -
وهو المنقول إلينا من غيرنا - مع العقل؟ ، في رده قال ابن تيمية: إذا حدث
التعارض بينهما فإما أن يجمع بينهما وهو محال، لأنه جمع بين النقيضين وأما أن
يردا جميعاً (أي يرفضا جميعاً) وإما أن يقدم السمع وهو محال لأن العقل أصل النقل، فلو قدمناه عليه كان ذلك قدحاً في العقل الذي هو أصل النقل والقدح في أصل
الشيء قدح فيه، فكان تقديم النقل قدحاً في العقل والنقل جميعاً، والحل يرد ابن
تيمية: فوجب تقديم العقل.
ثم يضيف شيخنا الجليل إن هذا الرأي بمثابة قانون كلي عند أكثر الأئمة
المجتهدين الفخر الرازي وأتباعه وقبله الإمام الغزالي والقاضي أبو بكر العربي
والجويني والباقلاني وهذا صحيح..) انتهى بنصه من كتابه القرآن والسلطان هموم
إسلامية معاصرة [3] .
ويبدو واضحاً حدة التمويه التي يمارسها هويدي في غالب نقوله رغبة في
موافقة ما يصدر عنه من هوى وإن اضطر للتقول. واحسبها في النص السابق
المنسوب لشيخ الإسلام تبدو أكثر وضوحاً في هذا التجني وهويدي نفسه ربما يعي
جيداً أن هذا ليس من كلام شيخ الإسلام إن لم يكن أول من يعلم ذلك.. إضافة إلى
مفردات الاسلوب وعباراته ليست من أساليب شيخ الإسلام ولا من عباراته -رحمه
الله تعالى-! !
يبدأ ابن تيمية كتابه - درء تعارض العقل والنقل - بعد الخطبة بقوله: (قول
القائل: إذا تعارضت الأدلة السمعية والعقلية..) [4] . وبعد أن أورد شيخ الإسلام
القانون الكلي للتوفيق عند المبتدعة وهو ما نقله هويدي في مقاله السابق ونسبه إليه
زوراً قال - أي شيخ الاسلام: (وهذا الكلام قد جعله الرازي واتباعه قانوناً كلياً
فيما يستدل به ولهذا أرادوا الاستدلال به بما جاءت به الأنبياء والمرسلون من
صفات الله وغير ذلك من الأمور التي أنبأوا بها،..) [5] .
وجاء في مقدمة الكتاب نفسه من وضع د. محمد رشاد سالم رحمه الله
والنص الذي أورده ابن تيمية في مستهل كتابه هو تلخيص لكلام الرازي في كتبه
المختلفة في هذه النقطة..) [6] .
أحسب أن القارئ الفطن أدرك جيداً إن ما نسبه هويدي للشيخ إنما هو (قانون
التأويل الكلي) لأرباب الابتداع والذي جاء كتابه الفريد في رد هذا القانون من وجوه
عديدة بلغت أربعة وأربعين وجهاً.
وبعد.. فليس ثمة تعليق على منهج يفتقد إلى مسلمات الموضوعية في أمانة
النقل وأستميح القارئ عذراً لهذا الاستطراد الذي ليس منه بد.. إذ أن ما سلف
جزئية استليتها من منهج الأستاذ الصحافي هويدي، والذي صنف في زمن استمراء
الألقاب، (كاتباً ومفكراً إسلامياً ذا مبضع يدمل به جروح الأمة في تدينها
المنقوص) ! ! و (أزمة وعيها الديني) ! !
(إذ بات قدر الكاتب الذي يعلن انتمائه الإسلامي ويصر على أن يخوض
بدينه معركة التقدم أن يواجه في مسيرته ثلاث معارك في آن واحد أولها ضد
الناقدين للإسلام وثانيها ضد المتربصين بالعاملين في ميدان الدعوة والثالثة مع
فصائل المتدينين أنفسهم الذن امتلأت قلوب أكثرهم بالإيمان ولكن وعيهم بحقائق
الدين وأساليبه ومقاصده تشوبه شوائب عدة مما أطلقت عليه في أكثر من موضوع
بالكتاب وصف: التدين المنقوص) [7] .
وهو لا يكاد يتجاوز في جل كتبه وأطروحاته الصحافية الأدلجة العصرية
لهموم المسلم المستنير ويعزف على ذات النغمة إياها لأرباب هذا الطرح ممن
ينعتون بالكتبة والمفكرين الإسلاميين! ! وهاك مفردات (قاموسه) من خلال كتابين
اثنين من كتبه فحسب (التدين المنقوص) - (أزمة الوعي الديني)[**] لتكفيني
مؤنة إبراز منهجه وتحديد هوية انتمائه وسقف طرحه:
** (فوجدت مكتبة المسجد عامرة بالكتب التي أفزعتني عناوينها إذ كانت
هذه العناوين كما يلي: حكم بناء الكنائس والمعابد الشركية في بلاد المسلمين -
الجواب المفيد في حكم التصوير - الشفاء في أمر الموسيقى والغناء - التحذير من
السفر إلى بلاد الكفرة وخطره على العقيدة والأخلاق - نقد القومية العربية على
ضوء الإسلام والواقع - الضوء القرآني والسني على عقيدة النبهاني - الأنوار
الرحمانية لهداية الفرقة التيجانية - تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد - فصل
الخطاب في المرأة والحجاب - هذه نصيحتي إلى كل شيعي إقامة البراهين على
حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين) [8] .
** كتابات شيوخه شلتوت والغزالي والقرضاوي من المعاصرين وحدهم:
(تعد نماذج واجبة الاحتذاء لما ينبغي أن يكون عليه موقف الفقيه في قلب هموم
الأمة..) [9] .
** عقب أن استعرض كتاب البوطي (السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب
إسلامي (بثناء مفرط كتب) أحسنت يا أستاذنا) [10] .
** الفقيه عنده (يتجاوز دارسي العلوم الشرعية ليشمل كل من حسن إسلامه
وتعمق في أي فرع آخر من فروع المعرفة الإنسانية والعلمية) [11] .
** أدى فريق المنشدين الفتيات منهم والشباب أغنية فريد الاطرش (يا زهرة
في خيالي) ثم قدموا أنشودة أقرب إلى التواشيح على أنغام أغنية أخرى لفريد
الأطرش أيضاً.. بعد ذلك وقفت مغنيتان في شرفة جانبية وقدمتا عدة أغنيات
ماليزية بصوت رخيم على أنغام الآلات الموسيقية المحلية المتميزة.
سألت لماذا فريد الاطرش دون غيره؟ قالوا إنه هو والسيدة أم كلثوم أشهر
الفنانين العرب الذين تعرفهم ماليزيا وبعدهما يأتي عبد الوهاب.. رغم أنهم لا
يفهمون معنى الكلام العربي ولكنهم يتعلقون باعتباره ينتسب الى لغة القرآن،
بصرف النظر عن مضمونه..
(قلت للشاب الماليزي المتحمس إن الترويج للأغانى العربية الراقية لا يعد
متعة مشروعة ومطلوبة فقط ولكنه يؤدي رسالة أيضاً من حيث أنه يجذب الناس إلى
اللغة العربية ويعلمهم مفرداتها بمضي الوقت) [12] .
وبئس الميكافيلية تلك. وربما نعتت مستقبلاً بالإسلامية! !
** لا يوجد نص شرعي صريح أو واضح الدلالة في تحريم أي من الغناء أو
الموسيقى على إطلاقهما وأن النبي وصحابته سمعوا الأغاني والدفوف ولم ينكروها، ثم إن الإسلام لم يخاصم فناً لذاته سواء كان غناء أو تمثيلاً أو رقصاً فتلك وسائط
لا يسع عقلاً إسلامياً أن يحكم بحلها أو حرمتها إلا إذا عرف لأي شيء وضعت
للحلال أم للحرام) [13] .
** (وأستأذن في أن أعفى من الخوض في مسألة النقاب الذي تعرضت له
في سياق سابق وقلت أنه مظهر شاذ، لا يستند إلى دليل شرعي قوي ومع ذلك فلا
تثريب على من تنقبت إذا استراح ضميرها الى ذلك شريطة ألا تلزم غيرها بما
فعلت وألا تتهمها بنقصان في الدين أو خروج على تعاليمه) [14] .
** (تقاليد مجتمع الصحارى العربية لها دورها الذي لا ينكر أيضاً في
تطويق مساحة الترويح.. ونحن نلحظ مثلاً أن بعض المذاهب المدرسية الفقهية
التي تجنح إلى التشدد لم تستقر ولم يكتب لها الاستمرار إلا في البيئة الصحراوية
والمذهب الحنبلي وامتداده النسبي المتمثل في التيار الوهابي لم يتجاوزا حدود شبه
الجزيرة العربية كقاعدة عامة) [15] .
** (لست أخفي أن قلقاً انتابني لأول وهلة حينما رأيت كتاب الأستاذ سيد
قطب (معالم في الطريق) مترجماً الى الملاوية ومتصدراً واجهات بعض المكتبات
في كوالالمبور ربما لأني تمنيت أن يطل الشاب الملاوي على مساحة الفكر والعمل
الإسلاميين من نافذة أخرى أكثر رحابة وسماحة فضلاً عن أن كتاب (المعالم) ليس
أفضل تعبير عن الأستاذ سيد الذي كان أكثر لياقة وأقرب إلى ما ننشد من وسطية
واعتدال في كتابه المبكر (العدالة الاجتماعية)[16] .
** (لكن المحظور الذي ننبه إلى خطره هنا هو أننا ينبغي ألا نسعى بأيدينا
إلى إثارة النعرات المذهبية والطائفية سواء بين السنة والشيعة، أو بين السلفيين
والأباضية أو الزيدية أو الصوفية، أو بين المسلمين في مجموعهم وبين غير
المسلمين) [17] .
** (إذ الخوض في التاريخ لا طائل من ورائه والجدل حول رؤية
الله سبحانه وتعالى يوم القيامة الذي تقول الأباضية باستحالته بينما يقرر آخرون وقوعه ويرون المخالفة فيه من قبيل الاجتهاد في شأن العقيدة الذي يستدل به على الضلال.. هذا الجدل يظل من قبيل الثرثرة في شأن عالم الغيب التي تضر ولا تفيد بالتالي فقد أصبح الحوار حول منابع أصول القفه الأباضي هو
الاختيار - أو الاختبار - الصحيح) [18] .
** (.. فما قيل حول العلاقة بين مذاهب المسلمين إذا كان قد حقق مصلحة
أكيدة - على الصعيد الفكري - فإنه أيضاً صادف هوى في نفسي من حيث أنه
أحد مداخل المشروع الحضاري الإسلامي، الذي ندعو إليه ونحلم به. هو المشروع
الذي يتجاوز الحركة والمذهب والفرق، ويطرح نفسه كصنيعة للمستقبل، تظلل
الجميع بمختلف مذاهبهم ودياناتهم ومدارسهم الفكرية والسياسية. وإن اكن التطبيق
يخضع لسنن النمو الطبيعية مبتدئاً بالوطن ومنتهياً بالناس كافة وماراً بالأمة العربية، ثم الأمة الإسلامية) [19] .
** (كما أفسدت ملفات الماضي العلاقة بين أهل المذاهب الإسلامية وخسر
الجميع الكثير بسبب ذلك الفساد) [20] .
لم أشأ أن أتعقب هذه النصوص ليقيني سلفاً أن كل من لديه أثارة من علم من
صغار المبتدئين يدرك فسادها جملة وتفصيلاً ويجد فيها مواطن العبث.. ويتحسس
أرضية الرؤية الهشة في تضاعيف النصوص المنقولة! !
ولنعد مرة ثانية إلى مفردات (قاموسه) من خلال كتابه الثاني (التدين
المنقوص) لنبين عن هويته بلا ادعاء أو تحامل.. وأيضاً لن نتعقبها برد البتة لذات
السبب المذكور تواً.
** (لسنا بحاجة إلى دليل من النقل نعزز به دعوتنا، يكفينا دليل العقل الذي
أحسب أنه لا يغيب عن ذوي الحس السليم) [21] .
** (وفي تجربة شخصية مع موظف في إحدى مصالح الحكومة نهض من
مكانه بمجرد سماع أذان صلاة الظهر غير عابيء بطابور البشر الواقف أمامه حتى
امتد طرفه إلى الشارع في ظل القيظ الشديد، غاب الرجل ثلثا ساعة ثم عاد إلينا
يبسمل ويحوقل بضمير مستريح ونفس راضية وعندما اعترضت على مسلكه قائلاً
إن وقت الظهر ممتد حتى صلاة العصر وأن الله لا يقبل صلاة تعطل مصالح الناس
نظر الرجل إلي شذراً ونعى الزمن الذي تتعرض فيه (حقوق الله) للانتقاد) [22] .
** (ليس الحل الإسلامي دعوة إلى الخلافة بالضرورة وإذا كانت الخلافة هي
الصيغة التي أرتآها سلف المسلمين إلا أنها لا تلزم الخلف بأي حال) [23] .
(حتى بات الأمر والنهي ميداناً تداخل فيه الحق والباطل في
…
الوقت ذاته، ولسنا بحاجة لأن نسترجع صفحات التاريخ [***] لنستخلص من ممارسات الخوارج - مثلاً - شواهد ندلل بها على صحة ما نقول. حسبنا الذي نشهده في زماننا باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من تخليط تم بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير) [24] .
** (بالنسبة للذين يتصدون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فينبغي أن
يكون معلوماً أن مسؤولية الأمر والنهي تعد واجباً (كفائياً) لا يطالب به كل فرد بذاته
وإنما إذا قام به البعض سقط عن الآخرين بهذا قال جمهور الفقهاء والمعتزلة) [25] .
** (بالنسبة لموضوع الأمر والنهي، فينبغي أن يكون مما لا مجال للاجتهاد
فيه. وعند السنة والشيعة فإنه لا يجوز الأمر والنهي - حتى للعلماء - في الأمور
التى اختلفت فيها آراء المجتهدين. من مثال ذلك في زماننا الاختلاط والغناء
والموسيقى وغير ذلك مما ينشغل شبابنا به) [26] .
** (لماذا لا نقف مع المزيد من ضمانات الحرية والديموقراطية ما دامت
النصوص لا تعارض ذلك بل تحتمله) [27] .
** إذاً ما أسهل أن يقعد الواحد في صدر مجلس أو يعتلي منبراً ولا هم له إلا
أن يحذر الناس من الإلحاد والشرك ملوحاً بمختلف صور العذاب في الآخرة وما
أسهل أن يجرح آخرون في إيمانهم لمجرد أن أحدهم أقام قبراً لميت أو أقسم بغير
الله أو استمع لصوت الموسيقى..) .
أما النضال من أجل وقف استيراد الدجاج المذبوح أو تقصير جلابيب الرجال
أو.. أو.. فذلك مما لا يحتاج إلى جهد أو فقه أو حتى شجاعة حسب المرء قدر من
الفراغ وحظ من ضيق الصدر والعقل على هذه الجبهة نجد ألوفاً مؤلفة من المقاتلين
مزروعة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي من أندونيسيا وماليزيا إلى
الجزائر) [28] .
** (استمات في دفاعه عن الهالك توفيق الحكيم وسخر من الضجة التي
أثارها الشيوخ عندما بدأ الأديب الحكيم كتابة سلسلة من المقالات بعنوان (حديث إلى
الله) وكتب (فضلاً عن أن الرجل أعلن صراحة في تقديمه لتلك المقالات أنه قد
استشعر أن موعد لقائه بربه قد حان وأنه لن يخاطب سوى الله سبحانه وتعالى
ولم تكن فكرة مخاطبته لله جديدة بحد ذاتها فثلث كتابات الصوفية تتوجه إليه سبحانه
فيما عرف (بالمناجاة) حتى فكرة الحوار لم تكن جديدة فقد مارسها قبل الحكيم
بسبعين عاماً (1913) الشاعر والفيلسوف والمتصوف محمد إقبال.. ورغم تلك
الملابسات التى تجعل الأمر مقبولاً من فنان مسلم موثوق في اقتداره إذا ما كان
مراعياً للغة وأدب الخطاب إلى الله فإن بعض الفقهاء وغيرهم من المزايدين
والمتشيخين تلقفوا ما كتبه الحكيم وفتحوا النار عليه بدعوى الدفاع عن الذات الإلهية، حتى تراجع الرجل عن المضي في الكتابة وغير عنوان الحديث إلى الله إلى
حديث مع النفس ثم حديثه إلى القراء وهلل جمهور المشاهدين للنجاح
الكبير..) [29] .
** (من يفتينا في القات: حلال هو أم حرام؟ ربما كان السؤال متأخراً
بعض الشيء لأن الفتوى أصدرها بالفعل فريق من الفقهاء فذهب البعض منهم إلى
تحريمه وذهب آخرون إلى أنه حلال ولا حرمة فيه وتوقف الأمر عند هذا الحد
حتى إشعار آخر! ولست في موقفى يسمح لي بالانحياز لأي من الرأيين ليس فقط
لأنني خضت تجربة فاشلة لتذوق القات في (مقيل) صنعاني ولكن لأن الذين
أصدروا الحكم في القضية كانوا من الفقهاء في علوم الدين والأمر متعلق بأمور
الدنيا! ! [30] .
** (ومنهم من يصر على تقصير الثياب استجابة للتحذير النبوي الذي يقول
بأن (ما أسفل الكعبين من الإزار فهو في النار) غير مدرك أن إطالة الثياب في زمن
الرسول كانت من علامات الكبر المذموم وهو ما لم يعد قائماً الآن) [31] .
** (الاكتشاف في الأمر أن الإسلاميين تبينوا أن العلمانيين ليسوا كائنات
غريبة تنفث الشر والفتنة والإلحاد.. أثبتت التجربة أن الطرفين من خلق الأسوياء
والراشدين الذين تختلف وجهات نظرهم [32] .
** (ومثل العلمانيين فيه أحد علمائنا الأجلاء، هو الدكتور فؤاد
زكريا) [33] .
وهكذا - يمتح - هويدي بدلاء استنارته من قاع رؤية بائنة العوار! ! يصمها
تارة بالاستنارة وأخرى بالوعي.. وثالثة بالاعتدال ورابعة.. و..؛ ولست ادري
أي استنارة بمقدورنا أن نصنف ما قرأت تواً مما نقلناه عنه وهو قليل من كثير
تطفح به جل كتبه والتي في أصلها أطروحات صحفية وأي وعي نقدّه لبوساً
لأطروحاته! ! أم أي اعتدال ننعت به مشروعاته الثقافية والفكرية.
وقبل أن ندير وإياكم الرحى مع هويدي في همه الشيعي [****] المستعر بلظى
…
التقريب لنقرأ جديده حيث راح يمارس تكريس ذات الرؤية التي يصدر عنها مع
سبق إصرار وترصد ليمتهن ورثة الأنبياء ازدراء ويسلك بهم فجاج الجاهلية عنوة
وثمة نعوت لا تليق بالسوق تأدباً فضلاً عن قادة الأمة.
أعي جيداً أني أقرفت القارئ بتلك النقول بيد أنها ضرورة حتمية للإبانة عن
تأصيل الاستنارة المعصرنة بوعي يقصر عن إدراكه علماؤنا ويتجاوزه كثر من
أرباب اليسار الإسلامي.. وصناع الليبرالية الإسلامية وأشياخ تجديد السلفية
المستنيرة.
إنه التقويض من الداخل لبناء الأمة المتصدع بمعاول شداة الحداء ذاته. وأختم
هذه الكتابة بما قاله سيد رحمه الله في ظلاله حول قوله تعالى: [ولا
…
تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً] وذلك لقاء السكوت، أو لقاء التحريف، أو لقاء الفتاوى
المدخولة!
وكل ثمن هو في حقيقته قليل. ولو كان ملك الحياة الدنيا.. فكيف وهو لا
يزيد على أن يكون رواتب ووظائف وألقاباً ومصالح صغيرة يباع بها الدين وتشترى
بها جهنم عن يقين؟ ! إنه ليس أشنع من خيانة المستأمن، وليس أبشع من تفريط
المستحفظ، وليس أخس من تدليس المستشهد..
والقارئ يستحضر حديث حذيفة [*****] (.... قلت فهل بعد ذلك الخير من
شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا.. الحديث) .
واستغفر الله لي ولكم.
(1) الرد على المخالف من أصول الإسلام ص 38، لشيخنا بكر أبو زيد حفظه الله.
(2)
المصدر نفسه ص 28.
(*) وأخيراً في مجلة (الشراع) .
(3)
الكتاب 49، 50 ط 1401 هـ دار الشروق.
(4)
ج 1 ص 4 ط الأولى 1399 م تحقيق محمد رشاد سالم.
(5)
المصدر السابق ص 50.
(6)
المصدر السابق ص 11 في المقدمة.
(7)
التدين المنقوص - فهمي هويدي - ط الثانية 1409 هـ مركز الاهرام ص 7 المقدمة.
(**) المعتبر في ترتيب المنقول عنهما جاء كما هي في صفحات الكتابين (من حيث ترتيب الكتابين نفسيهما) .
(8)
أزمة الوعي الديني 19، 20 والمكتبة في مسجد بمنطقة الجيزة في مصر فأي فزع تثيرها كتب المنطقة بأمس الحاجة إلى موضوعاتها كما يقوله ابناؤها.
(9)
نفسه 27.
(10)
نفسه ص 40.
(11)
ص 134.
(12)
138.
(13)
139.
(14)
نفسه 146.
(15)
155.
(16)
229.
(17)
292.
(18)
348.
(19)
356.
(20)
360.
(21)
التدين المنقوص.
(22)
المصدر نفسه ص 14.
(23)
ص 80.
(24)
ص 83.
(***) ضمن إطار مشروع الهوى الذي يحلم به ويدعو إليه ينعي علينا تأريخنا في سياقات دعوى التقريب بين المذاهب والفرق ويطالب بإلحاح تمزيق ملفات التاريخ وهنا يضطر إلى استرجاع
صفحاته! ! لإسقاط ممارسات الخوارج على الذين يحافظون على الخيرية في الأمة من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.
(25)
85.
(26)
86.
(27)
113.
(28)
121 (أحسبك أدركت جيداً عملية الخلط المعتمد بين الشركيات واستيراد الدجاج! !) .
(29)
145.
(30)
193.
(31)
273.
(32)
273.
(33)
287.
(****) البخاري في الفتنة والمناقب ومسلم في الإمارة وابن ماجه في الفتنة.
(*****) في كتابة قادمة بإذن الله تعقب هذه القراءة لفكر هويدي نستفيض في الكتابة رداً ومناقشة على همه المستعر بلظى التقريب علها تكن قريباً.