الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شعر
أمي
محمود مفلح
إلى روح التي ارتحلت عن هذه الدنيا، وكلانا لم ير الآخر منذ عشر سنوات
إلى روح أمي:
مالي سمعتُ كأنْ لم أسمعِ الخبرا
…
هل صار قلبيَ في أضلاعه حَجرا؟
مالي جمدتُ فلم تهتزَّ قافيتي
…
ولا شعرتُ ولا أبصرتُ من شعرا
كأنَّ كلَّ سواقي الشعر قد أسِنت
…
من جففَّ الشعرَ من بالشعرِ قد غدرا؟
أنا الذي عزفت أوتارُه نغماً
…
هزَّ الورى والذُرا والطيرَ والشجرا
مالي سكتُ فلم أنطقْ بقافية
…
ولا رأيت بعيني الدمعَ منحدرًا؟
هل جففَّ الرملُ إحساسي وجففّني
…
فأصبح الشعرُ لا علماً ولا خبرا؟
وهل عجزتُ عن التعبير واأسفي
…
كأنني لم اصغْ للغادةِ الدُررا! ؟
أمي تموت ويُمناها على كبدي
…
يا أمُّ رُحماك إنَّ القلبَ قد فُطِرا
هزّي سريري إني لم أزلْ ولداً
…
ودّثرينيَ إن الريحَ قد زأرا..
وجفّفي عَرَقي فالصيفْ ألهبني
…
وسلسلي الماءَ كي أقضي به وطرا
مُدي يَديّكِ كما قد كنت ألثمها
…
فقد نهضتُ وَوَجْهُ الصبح قد سفرا
وحّوطيني.. تلك العيُن خائنة
…
وكم رأيتُ عيوناً تقدح الشررا
ولوّني أغنياتِ الصيف في شفتي
…
وقرّبي من وسادي النجم والقمرا
ما زال صوتك يا أماه يتبعني
…
يا ربُّ رُدَّ حبيباً أدمنَ السفرا
يا ربِّ صُنْهُ من الأشرارِ كلهمُ
…
ورُدَّ عنه الأذى والكيْد والخطرا
واجبرْ إلهي كسْراً، حلَّ في ولدي
…
فأنتَ تجبرُ يا مولاي ما انكسرا
يا ربِّ جفّت دموع الأمهات هنا
…
فأنزلنَّ علينا الغيث والمطرا
كلُّ العصافير عادت من مهاجرها
…
متى نعودُ إلى أعشاشِنا زُمرا
وارحم إلهيَ زوْجاً غاص عائلها
…
في ظلمة السجن لم تبصرْ له أثرا
وطفلةً كلما قالت زميلتها
…
أتى أبوك؟ تشظّى القلبُ وانفجرا
وارحم إلهي شيخاً دبَّ فوق عصاً
…
قد كاد من طول ليل يفقد البصرا
يا من رددتَ إلى يعقوب يوسفَه
…
لا تتركِ الشيخَ فرْداً لا يُطيق كرى
يا ربّ ما ذنبُ أحرارٍ إذا وقفوا
…
مثلَ الجبالتِ وموج الظلم قد سكِرا؟ !
ما زال صوتك يا أماه يجلدُني
…
إني أسأتُ وجئتُ اليوم معتذرا
لا والذي خلق الدنيا وصورّها
…
ما خنتُ عهدك يوماً، ما قطعت عُرى
لكنها مِحَنٌ حلت بساحتنا
…
أودت بفكر الذي قد روّض الفِكرا
أمي تموت ولم أفزع لرؤيتها
…
ولا قرأتُ على جثمانها سُورا
ولا حملتُ على كِتْفي جِنازتها
…
ولا مشيتُ مع الماشين معتبرا