الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نص شعري
..
حوار
..
علي الحاجي
جميل:
أنا يا بثينةُ راحلٌ صَوْبَ الجبلْ
…
فالشيبُ أنذرني وقلبي في وَجَلْ
قال استَمعْ نُصحي فوجهك شاحبٌ
…
رَتبْ حقائبكَ الثمينة في عَجَلْ
والوقتْ أدركنا وهذي شَمسُهُ
…
غابتْ وراء الأفق والليلُ وَصَلْ
إني بياضٌ غيرَ أنّ مُصيبتيْ
…
سوداءُ تَحملُ في ثناياها الأجَلْ
عهدُ الشباب مضى فماذا يُرتَجَى
…
من هذه الدنيا الفَجُورة بالدَجَلْ
إمض لعزكَ فالجنانْ قريبةٌ
…
قُربَ الطغاة إلى جَهنّمَ يا بَطَلْ
بثينة:
قالتْ بثينةُ يا جميلُ أما تَرى
…
أن المعاركَ والحُروب بلا أمَلْ
بَذل الأباةُ دماءهُمْ ونُفوسَهم
…
وتيتمتْ أبناؤُهم في المُعتقَلْ
بَلْ كلّ معركة نَخوضُ غمارَها
…
نُسجتْ وقائعُها على قد الفشَلْ
إهدأ قليلاً كي نُقَوّمَ ما مَضى
…
ونَرى علاقةَ ما طبخْتَ بما حَصَلْ
هلْ ما تَقوم به جهادٌ فاضلٌ
…
أم أنهُ نَزَقٌ وطيشٌ مُرتَجَلْ؟
وَهَنَتْ قوَى الصَبْر الجَميل لديكُمُ
…
فَخرجّتَ تستُر ضعفَ صبر قد رحَلْ
ووصفت مَنْ جَعلَ الأناةَ طريقةُ
…
يبني بناءَ الصالحين منَ الاُوَلْ
بالجُبن والخَور الشديد وأنه
…
حَمَلٌ يُعَدُ على المديح من الهَمَل
جميل
أو هَنّتِ يا بنّتَ الأكَارم والتُقَى
…
وشرعت في نحت الأرُومة والأثلْ [1]
وَجَعلت أسبابَ الخُنوع جميلةً
…
وصقلت سيفاً للدعاية والجَدَلْ
خَوفاً على مال يلذُ رنينُهُ
…
وخَدُود أصغرنا الذي مَلّ القُبَلْ
هُمْ جَنّدوا للحرب كلّ رمَاحهمْ
…
وبقيتُ وحديَ بالتعقّل مُعتقَلْ
أدعو إلى السلم الذليل وأبتغي
…
عندَ العدو سَرابَ عيش مُبتَذَلْ
أنا إن أمُتْ فإلى الجنان تَزُفني
…
حُورٌ تلألأ مثلَ أحدَاق المُقَلْ
أو أنتصر أقضي على جُبن غدا
…
نهجاً وفكراً يُستطابُ ويُنتحلْ
بثينة:
أنا ما عشقتك يا جميل صبابة
…
أو هزّني شعرٌ تضَمخَ بالغزَلْ
أنا قد عشقتُكَ يا جَميلْ مُجاهداً
…
ومُثقفاً ومُفكراً يُحي الأمَلْ
أنا ما حَرصتُ على الحياة دقيقةً
…
إلا لأضغطَ فَوقَ زَندك يا بطَلْ
إنْ كُنْتَ تَحسبُ أن قلبي خائرٌ
…
أخطأتَ يا زينَ الشباب ولا خجَلْ
أو كانَ حقدُكَ يا جميلُ أصابني
…
فاعلمْ بأن الحقدَ أكثرَ ما قتَلّ
كلّ الذي أبغيه أنْ تلقْ العدا
…
في ساعة لا حظّ فيها للفشَلْ
وانظُرْ لصَفّكَ بالأناة وبالتُقَى
…
وابحثْ عن السر الذي خَلفَ الشللْ
بثينة:
أنا لستُ أحقدُ يا بثينةَ مُطلقاً
…
لكنني أخشى عليكَ منَ الحوَلْ
أخشى من الضعف الذي هزّ الحجَا
…
وغدا سلاحاً يستظلّ بما حصَلْ
لكن نُصحَك يا بثينةُ رائعٌ
…
عَسلٌ يُخالطُهُ رحيقٌ من جَدلْ
قلبي بحتُبك يا بثينةُ نابضٌ
…
لمّا رأيتُ الصدقَ ينبُضُ في المُقَلْ
هيا نُحاولَ أنْ نقوّمَ نَهجَنَا
…
بشجاعة الأبطال والسلف الاُوَلْ
رفعوا لواءَ الحق في أركانها
…
وفقَ الكتاب ووفقَ منهاج عدَلْ
فقهوا كتابَهُمُ وعاشوا عصرَهُمْ
…
فاستنبطوا حكماً وصاغُوها دوَلْ
بثينة:
أبشر جميلُ فلستُ أوْجَلُ منهمو
…
حُسنُ التدبُر من مزيَات البطَلْ
فانظر لمُشكلة الجزائر كي ترى
…
أينَ الصوابُ وأينَ أسبابُ الزلَلْ
وانظرْ إلى مصرَ الجهاد هُنيهةً
…
علّ التبصُرَ يُطفئ الخَطبَ الجَللْ
أو خُذْ بلادَ الشام كيفَ تصرّفُوا
…
فتفرقُوا في كلّ بيداء طَللْ
فإذا استفدتَ منَ الدروس جَميعها
…
ووعيتَ أسبابَ التخلف والعللْ
هيا إلى ساح الجهاد فكُلُنا
…
شوقٌ لنثأرَ للمذابح في عَجَلْ
فإذا رجعتَ من الجهاد مُظفراً
…
ألقاكَ بالوجه المُضيء وبالقُبَلْ
وإذا قضيتَ فإنني مُشتاقةٌ
…
ولجنة الفردوس يحدُونَا الأمَلْ
(1) الأثل: أثلة كل شيء: أصله.