الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السجن
سكنا ولم يسكن حراك التبدد
…
مواطن فيها اليوم ايمن من غد
عفا رسم مغنى العز منها كما عفت
…
(لخولة اطلال ببرقة ثهمد)
بلاد اناخ الذل فيها بكلكل
…
على كل مفتول السبالين اصيد
معاهد عنها ضل سابق عزها
…
فهل هو من بعد الضلالة مهتد
أحاطت بها الارزاء من كل جانب
…
إلى أن محتها معهداً بعد معهد
وحلق في آفاقها الجور بازياً
…
مطلاً عليها صائتاً بالتهدد
وينقض احياناً عليهافتارة
…
يروح وفي بعض الاحايين يغتدي
فيخطف اشلاء من القوم حية
…
ولم يقد المقتول منها ولم يد
ويرمي بها في قعر اظلم موحش
…
به اين تسقط جذوة الروح تخمد
هو السجن ما إدراك ما السجن انه
…
جلاد البلايا في مضيق التجلد
بناء محيط بالتعاسة والشقا
…
لظلم بريء او عقوبة معتدي
زر السجن في بغداد زورة راحم
…
لتشهد للانكاد افجع مشهد
محل به تهفو القلوب من الاسى
…
فإن زرته فاربط على القلب باليد
مرّبع سور قد أحاط بمثله
…
محيط بأعلى منه شيد بقرمد
وقد وصلوا ما بين ثان وثالث
…
بمعقود سقف بالصخور مشيد
وفي ثالث الاسوار تشجيك ساحة
…
تمور بتيار من الخسف مزبد
ومن وسط السور الشمالي تنتهي
…
إليها بمسدود الرتاجين موصد
هي الساحة النكراء فيها تلاعبت
…
مخازيق ضيم تخلط الجد بالدد
ثلاثون متراً في جدار يحيطها
…
بسمك زهاء العشر في الجو مصعد
توأصلت الاحزأن في جنباتها
…
بحيث متى يبل الاسى يتجدد
تصعد من جوف المراحيض فوقها
…
بخار إذا تمرر به الريح تفسد
هناك يود المرء لو قاء نفسه
…
وأطلقها من اسر عيش منكد
فقف وسطها وانظرحواليك دائراً
…
إلى حجر قامت على كل مقعد
مقابر بالاحياء غصت لحودها
…
بخمس مئتين انف ساو بازيد
وقد عميت منها النوافذ والكوى
…
فلم تكتحل من ضوء شمس بمرود
تظن إذا صدر النهار دخلتها
…
كانك في قطع من الليل اسود
فلو كان للعباد فيها أقامة
…
لصلوا بها ظهراً صلاة التهجد
يزور هبوب الريح الا فناءها
…
فلم تحظ من وصل النسيم بموعد
تضيق بها الانفاس حتى كانما
…
على كل حيزوم صفائح جلمد
وحتى كان القوم شدت رقابهم
…
بحبل اختناق محكم القتل محصد
بها كل مخطوط الخشام مذلل
…
متى قيد مجروراً إلى الضيم ينقد
يبيت بها والهم ملءاهابه
…
بليلة متبول الحشا غير مقصد
يمييت بمكذوب العزاء نهاره
…
ويحيى الليالي غير نوم مشرد
ينوء باعباء الهوان مقيداً
…
ويكفيه أن لو كان غير مقيد
وتقذفهم تلك القبور بضغطها
…
عليهم لحر الساحة المتوقد
فيرفع بعض من حصير ظلالة
…
ويجلس فيها جلسة المتعبد
وليست تقيه الحر الا تعلة
…
لنفس خلت من صبرها المتبدد
وبالثوب بعض يستظل وبعضهم
…
بنسج لعاب الشمس في القيظ يرتدي
فمن كان منهم بالحصير مظللا
…
يعدونه رب الطراف الممدد
ترأهم نهار الصيف سفعا كانهم
…
اثافي أصلاها الطهاة بموقد
وجوه عليها للشحوب ملامح
…
(تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد)
وقد عمهم قيد التعاسة موثقاً
…
فلم يتميز مطلق عن مقيد
فسيدهم في عيشه مثل خادم
…
وخادمهم في ذلة مثل سيد
يخوضون في مستنقع من روائج
…
خبائث مهما يزدد الحر تزدد
تدور رؤوس القوم من شم نتنها
…
فمن يك منهم عادم الشم يحسد
ترأهم سكأرى في العذاب ومأهم
…
سكأرى ولكن من عذاب مشدد
وتحسبهم دوداً يعيش بحمأة
…
وما هو من دود بها متولد
الا رب حر شاهد الحكم جائزاً
…
يقود بنا قود الذلول المعبد
فقال ولم يجهز ونحن بمنتدى
…
به غير مأمون الوشابة ينتدي
على أي حكم املاية حكمة
…
ببغداد ضاع الحق من غير منشد
فادنيت للنجوى فمي نحو سمعه
…
وقلت لأن العدل لم يتبغدد
رعى الله حياً مستباحاً كانه
…
من الذعر اسراب النعام المطرد
وما صاحب البيت الحقير بناؤه
…
بافزع من رب البلاط الممرد
وماذا ك إلا أنهم قد تخاذلوا
…
ولم ينهضوا للخصم نهضة ملبد
فناموا عن الجلى ونمت كنومهم
…
سوى نوحة مني بشعر مغرد
وهل انا الا من أولئك إن مشوا
…
مشيت وإن يقعد أولئك اقعد
وكم رمت ايقاظاً فاعيا هبوبهم
…
وكيف وعزم القوم شارد مرقد
نهوضاً نهوضاً ايها القوم للعلى
…
لتبنوا لكم بنيان مجد موطد
تقدمنا قوم فابعد شوطهم
…
وقد كان عنا شوطهم غير مبغد
وسد علينا الاعتساف طريقنا
…
فاحجف بالغوري والمتنجد
افي كل يوم يزحف الدهر نحونا
…
بجند من الخطب الجليل مجند
فيارب نفس من كروب عظيمة
…
ويارب خفف من عذاب مشدد
بغداد
معروف الرصافي