الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نبأ مصر
(وحالة الاجتماع فيها للسنة الماضية)
نسيمٌ بوادي النيل غير بليلِ
…
وظلٌّ بهذا الروض غير ظليل
فلا الأرض تلك الأرض خصباً لأهلها
…
ولا النيلُ في أرض البلاد بنيل
نفضنا يدينا وانزوينا مذلةً
…
وأضيع ما في الناس حقُّ ذليلِ
لنا كل يوم ألفُ رأي وما لنا
…
عليها من الأفعال فرْدُ دليل
نقلد ألفاظ السياسة عمرَنا
…
ونذهل عند الحزم أيَّ ذهولِ
ويا بعد ما بين (الصليل) وهوله
…
وإن قربا لفظاً وبين (صهيل)
فلاسفةٌ فيما نقول فلم نزل
…
نصول على الدنيا ببعض ما نقول
وما من حديث بات غير مشقق
…
ولا من جدال بات غير فصول
أفي كل يوم كاتبٌ يشرع القنا
…
ليقلب جنب الأرض بعد قليل
أفي كل يوم صارخٌ ذو حميةٍ
…
يضجُّ بقال في البلاد وقيل
أفي كل يومٍ شاعرٌ ذو حفيظةٍ
…
يخط سطوراً من دماء قتيل
أيحسب ميزان السياسة في الورى
…
كميزان مفعولاته وفعول
وأنبئتهم يستصرخون ليوقظوا
…
نياماً بليلٍ في المطال طويل
فيا باذخ اليمّ اضطربت ولم تزد
…
على نزوات أُعقب بخمول
أألآن والغرس والذي تمطرونه
…
ملايين لم تثمر ببعض عقول
صغارٌ وجبنٌ خالعٌ في كبارهم
…
وأصغرهم غالته لفظة غول
…
كما خال قصراً ناظرٌ لطلول
ولا طول فينا غير نوع تطاولٍ
…
ولا فضل فينا غير بعض فضول
بكل سبيل نزمع السير للعلى
…
ونرتدُّ للسفلى بكل سبيل
تآدوا لغايات المنى بأداتها
…
فما جلَّّّ لا يبغيه غير جليل
ألا إنما الداءُ الغميض عقولنا
…
وما شجرٌ ينمو بغير أصول
وأهون بتفريج الأمور ولفها
…
إذا لقيت يوماً لغير جهولِ
تباين ما بين الرجال وكلهم
…
على زعمه بالأمر خير كفيل
فيا عصبة الأحزاب ردوا حلومكم
…
وجرُّوا على غير الثرى بذيول
فقد سطعت في مصر منك عجاجة
…
ولكنها لاحت بغير صليل
عجاجة صيفٍ قد أثارت قتامها
…
خيول سباقٍ لا ضراغم غيل
وما أنتم في أمر شيءٍ من الهوى
…
فما بال واشٍ بينكم وعذول
وأحييتموها سنةً جاهليةً
…
عداء أصيل فيكم ودخيل
تخلوا بأمر العلم واستجمعوا له
…
قواكم فإن العلم خير دليل
ولا تخلطوه بالنفاق تقيةً
…
وجبناً فظهر الحق غير ذلول
فما لكم إلا الذي تعملونه
…
وإن تبدلوا منه قشر بديل
ألما تزالوا قاصرين فأمركم
…
ضياعٌ إذا لم يعتصم بوكيل
تقوا عارها من سُبةٍ تتركونها
…
لجيلٍ ويلقيها الزمان لجيل
أرى فئةً كالغانيات تدللاً
…
تميل مع الأهواء كل مميل
تخال الفتى منهم على ظلمة النهى
…
لألوان ثوبيه سماء أصيل
ملولٌ كما شاء الهوى واقتداؤه
…
بمن حوله من خلةٍ وخليل
وما وجد الأعمال يوماً إنما
…
ليستحسنوا فيه دلال ملول
وظن الفتى أن التمدن أثوي
…
فتابع فيه كل ذات حليل
تماجن في أشكالها من صبغٍ
…
إلى كل مجلوٍ وكل صقيل
إلى اللفظ حتى ما تكاد شفاهه
…
تبين بلفظٍ منه غير نحيل
دلال جميل بالجمال مهنا
…
فآهٍ عليه من دلال جميل
أولئك هم شبابنا لو عرفتم
…
وهم كل من في مصر غير قليل
مظاهر نبلٍ نافقوا في اصطناعها
…
ألا قبحت من صنعة لنبيل
أحلنا على غيب القضاء همومنا
…
وأية سلوى في القضا لمحيل
وما نحن أهل الحكم ندفع دفعهم
…
فإن لم ينيلونا فأيّ منيل
هم عوَّدونا الذل ثم تطوّلوا
…
فمنّوا علينا بين كل قبيل
ومن عوَّد الذل الرجال حلاله ال
…
فخار إذا ما قابلوا بقبول
فيا مصر أنت السيف صقلاً وجلوةً
…
ولكن بلا حدّ (ولو بفلول)
ويا كفَّ مصر ذلك السيف والوغى
…
فإن تستطيعي بعد ذاك فصولي
فجعنا بما لا تضمرون حِذارَهُ
…
وأكثرنا من عالةٍ ومعيل
فيا شؤمها من أزمة تركتكم
…
وأولاكم بالفخر كل بخيل
وكم أسرةٍ تمسي المضاجع منهم
…
تقلب طول الليل كل هزيل
يعدُّ رغيف الخبز فيهم وليمة
…
لدى كل منضم هناك ضئيل
أخاف على أرض البلاد ونيلها
…
ذهابهما رهناً لكل نزيل
فنمسي على نيل البلاد وأرضها
…
كأنا على ماء (وبعض وحول)
جربتم سراعاً للغنى تطلبونه
…
بكل طريق فاهنأوا بوصول
وإما أراد المقعدون سلامةً
…
فما لصعود بينهم ونزول
تصيحون بالمحتل تستعبدونه
…
مراغمة ما أنتم بعدول
ألا فاطلبوا إثباتنا في بلادنا
…
فإن ضياع الملك بدءُ رحيل
ومن يطلب الأمر البعيد ويهمل ال
…
قريب يُضع أمريه بعد حصول
أتظما نفسي الآن والماء في يديّ
…
وأترك للأنهار بلَّ غليلي
فلا تتوانوا إنما الوقت فرصةٌ
…
تمرُّ ومرُّ الوقت غير ثقيل
مصطفى صادق الرافعي