الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصديق المطاع
علام حرمنا منذ حين تلاقيا أَفي سفرٍ أم كنت لاهيا
عهدناك لا تلهو عن الخلّ ساعةً
…
فكيف علينا قد أطلت التجافيا
ومالي أراك اليوم وحدك جالساً
…
بعيداً عن الخلان تأبى التدانيا
أنابك خطبٌ أم عراك تعشق
…
فإني أرى حزناً بوجهك باديا
وما بال عينيك الاتين أراهما
…
تُديران لحظاً يحمل الحزن وانيا
وأي جوىً قد عدت أصفر فاقعاً
…
به بعد أن قد كنت أحمر قانيا
تكلم فما هذا الوجود فإنني
…
عهدتك غرّيداً بشعرك شاديا
تجلد تجلد يا (سليم) ولا تكن
…
بما ناب من صرف الزمان مباليا
ولا تبتئس بالدهر إن خطوبه
…
سحابة صيف لا تدوم ثوانيا
فقال ولم يملك بوادر أدمع
…
تناثرن حتى خلتهن لئاليا
لقد هجبتني يا (أحمد) اليوم بالأسى
…
وذكرتني ما كنت بالأمس ناسيا
أتعجب من حزني وتعلم أنني
…
قريع تباريج تشيب النواصيا
لقد عشت في الدنيا أسيفاً وليتني
…
ترحلت عنها ولا عليّ ولا ليا
لقد كنت أشكو الكاشحين من العدا
…
فأصبحت من جور الأخلاء شاكيا
وما رحت أستشفي القلوب مداوياً
…
من الحقد إلا عدت عنها كما هيا
وداريت حتى قيل لي متملق
…
وما كان من داء التملق دائيا
وحتى دعاني الحزم أن خلّ عنهم
…
فإن صريح الرأي أن لا تداريا
وربّ أخٍ أوقرت قلبي بحبه
…
فكنت على قلبي بحبيه جانيا
أراد انقيادي للهوان وما درى
…
بأني حر النفس صعبٌ قياديا
إذا ما سمائي جاد بالذل غيثها
…
أبيت عليها أن تكون سمائيا
ألا فابك لي يا (أحمد) اليوم رحمة
…
ودعني وشأني والأسى وفؤاديا
فإن أحق الناس بالرحمة امرؤٌ
…
أضاع وداداً عند من ليس وافيا
وما كان حظي وهو في الشعر ضاحكٌ
…
ليظهر إلاّ في سوى الشعر باكيا
ركبت بحور الشعر رهواً ومائجاً
…
وأقحمت منها كل هول يراعيا
وسيرت سفني في طلاب فنونه
…
وألقيت في غير المديح المراسيا
وقلت اعصني يا شعر في المدح إنني
…
أرى الناس موتى تستحق المراثيا
ولو رضيت نفسي بأمرٍ يشينها
…
لما نطقت بالشعر إلاّ أهاجيا
وكم قام ينعي حين أنشدت مادحاً
…
إليّ الندى ناع فأنشدت راثيا
وكم بشرتني بالوفاء مقالةٌ
…
فلما انتهت للفعل كانت مناعيا
فلما بكى أمسكت فضل رداءه
…
وكفكفت دمعاً فوق خديه جاريا
وقلت له هون عليك فإنما
…
تنوب دواهي الدهر من كان داهيا
وما ضر أن أصفيت ودك معشراً
…
من الناس لم يجنوا لك الود صافيا
كفى مفخراً إن قد وفيت ولم يفوا
…
فكنت الفتى الأعلى وكانوا الأدانيا
لعلَّ الذي أشجاك يعقب راحةً
…
فقد يشكر الإنسان ما كان شاكيا
ألا رُبَّ شر جرَّ خيراً وربما
…
يجر تجافينا إلينا التصافيا
فلو أن ماء البحر لم يك مالحاً
…
لرحنا من الطوفان نشكو الغواديا
ولولا اختلاف الجذب والدفع لم تكن
…
نجومٌ بأفلاكٍ لهن جواريا
وكيف ترى للكهرباء ظواهراً
…
إذا هي في الإثبات لم تلق نافيا
تموت القرى إن لم تكن في تباين
…
ويحيين ما دام التباين باقيا
فلا تعجبن من أننا في تنافر
…
ألم تر في الكون التنافر ساريا
وهبهم جفوك اليوم بخلاً بودهم
…
ألم تغن عنهم إن ملكت القوافيا
فطرْ في سموات القريض مرفرفاً
…
واطلع لنا فيها النجوم الدراريا
فأنت امرؤٌ تعطي القوافي حقها
…
فتبدو وإن أرخصتهن غواليا
يجيئك عفواً إن أمرت شرودها
…
وتأتيك طوعاً إن دعوت العواصيا
فقال وقد ألقى على الصدر كفه
…
فشدّ بها قلباً من الوجد هافيا
لقد جئتني بالقول رطباً ويابساً
…
فداويت لي سقماً وهيجت ثانيا
فإني وإن أبدى لي القوم جفوة
…
أُمني لهم مما أحب الأمانيا
وما أنا عن قومي غنياً وإن أكن
…
أطاول في العز الجبال الرواسيا
إذا ناب قومي حادث الدهر نابني
…
وإن كنت عنهم نازح الدار نائيا
وما ينفع الشعر الذي أنا قائلٌ
…
إذا لم أكن للقوم في النفع ساعيا
ولست على شعري أروم مثوبة
…
ولكن نصح القوم جل مراميا
وما الشعر إلا أن يكون نصيحة
…
تنشط كسلاناً وتنهض ثاويا
وليس سري القوم من كان شاعراً
…
ولكن سري القوم من قام هاديا
فعلمهم كيف التقدم في العلى
…
ومن أي طرق يبتغون المعاليا
وأبلى جديد الغي منهم يرشده
…
وجدد رشداً عندهم كان باليا
وسافر عنهم رائداً خصب نفعهم
…
يشق الطوامي أو يجوب المواميا
وإن أفسدتهم خطة قام مصلحاً
…
وإن لدغتهم فتنة قام راقيا
بغداد
معروف الرصافي