الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في سلانيك
لقد سمعوا من الوطن الأنينا
…
فضجوا بالبكآء له حنينا
وناداهم لنصرته فقاموا
…
جميعاً للدفاع مسلحينا
وثاروا من مرابضهم أسوداً
…
بصوت الاتحاد مزمجرينا
شباب كالصوارم في مضآء
…
يرون وكالشموس منورينا
سلانيك الفتاة حوت ثراءً
…
يهم فقضت عن الوطن الديونا
لقد جمعوا الجموع فمن نصارى
…
ومن هود هناك ومسلمينا
فكانوا الجيش ألف من جنود
…
مجندة ومن متطوعينا
تراهم فيه متحدين عزماً
…
وما هم فيه متحدين دينا
هي الأوطان تجعل في بنيها
…
إخاءً في محبتها رصينا
وتتركهم أولي أنف كبار
…
يرون حياة ذي ذل جنونا
وإن الموت خير من حياة
…
يظل المرء فيها مستكينا
* * *
مشوا والوالدات مشيعات
…
خرجن وراءهم والوالدونا
يقلن وهن من فرح بواكٍ
…
وهم من حزنهم متبسمونا
على الباغين منتصرين سيروا
…
وعودوا للديار مظفرينا
ولا تبقوا الذين قد استبدوا
…
وراموا كيدنا وتخونونا
فإن لم تنقذوا الأوطان منهم
…
فلستم يا بنين لنا بنينا
فقد هاجوا على الدستور شراً
…
بدار الملك كي يستعبدونا
هم الأشرار باسم الدين قاموا
…
فعاثوا في المواطن مفسدينا
فما تركوا من الدستور (شورى)
…
ولا أبقوا لنغمته (طنينا)
* * *
وكم قلن من قول شجيّ
…
لهم فتركنهم متهيجينا
ومذ حان الوداع دنون منهم
…
فقبلنا الصوارم والجفونا
وما أنسى التي برزت وقالت
…
وقد لفتوا لرؤيتها العيونا
إلا يا راحلين لحرب قوم
…
لئام ضيعوا الوطن الثمينا
خذوني للوغى معكم خذوني
…
ممرضة لجرحاكم حنونا
وإن لم تفعلوا فخذوا ردائي
…
به شدوا الجروح إذا دمينا
* * *
ولما جد جدهم استقلوا
…
على ظهر القطار مسافرينا
فطاروا في مراكبه سراعاً
…
بأجنحة البخار مرفرفينا
وظل الجيش صبحاً أو مساءً
…
تسير جموعه متتابعينا
فلم يتصرّم الأسبوع إلا
…
وهم بربى فروق مخيمونا
هنالك قمت مرتحلاً إليهم
…
لأبصر ما أؤمل أن يكونا
* * *
وباخرة علت في البحر حتى
…
حكت بعبابه الحصن الحصينا
يؤثر جريها في البحر إثراً
…
تكاد به تظن الماء طينا
فتترك خلفها خطاً مديداً
…
بوجه البحر يمكث مستبينا
ركبت بها على اسم الله بحراً
…
غدا بسكون لجته رهينا
فرحنا منه ننظر في جمال
…
يعز على الطبيعة أن يهونا
ومرأى البحر أحسن كل شيء
…
إذا لبست غواربه السكونا
كأنك منه تنظر في سماء
…
وقد طلعت كوكبها سفينا
* * *
أتينا دار قسطنطين صبحاً
…
وقد فتحت لهم فتحاً مبينا
وظل الجيش جيش الله يشفي
…
بحد سيوفه الداء الدفينا
فأرهق أنفس الطاغين حتى
…
سقاهم من عدالته المنونا
ورد الخائنين إلى جزاء
…
أحلهم المقابر والسجونا
وحطوا قصر يلدز عن سمآء
…
له فانحط أسفل سافلينا
وأصبح خاشع البنيان يغضي
…
عيوناً عن تطاوله عمينا
خلا من ساكنيه وحارسيه
…
فلم تر فيه من أحد قطينا
هوى عبد الحميد به هوياً
…
إلى درك الملوك الظالمينا
ونزل عن سرير الملك خلعاً
…
وأفرد لا نديم ولا قرينا
فسيق إلى سلانيك احتباساً
…
له كي يستريح بها مصونا
ولكن كيف راحة مستبد
…
غدا بديار أحرار سجينا
يراهم حول مسكنه سياجاً
…
ويعجز أن ينيم لهم عيونا
وموت المرء خير من مقام
…
له بين الذين سقوه هونا
* * *
لقد نقض اليمين وخان فيها
…
فذاق جزاء من نقض اليمينا
وقد كانت به البلدان تشقى
…
شقآءً من تجبره مهينا
فكم أذكى بها نيران ظلم
…
وكم من أهلها قتل المئينا
وكان يدير من سفه رحاها
…
بجعجعة ولم يرها طحينا
وقد كانت به الأيام تمضي
…
شهوراً والشهور مضت سنينا
ولما ضاق صدر الملك يأساً
…
وصار يردد الوطن الظنونا
وأضحى سيف قائده المفدى
…
على الدستور محتفضاً أمينا
حماه من العداة فكان منه
…
مكان الليث إذ يحمي العرينا
وأسقط ذلك الجبار قهراً
…
وأنباه بصارمه اليقينا
فقرت أعين الدستور أمناً
…
وشاهت أوجه المتمردينا
معروف الرصافي