الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحقيقة في الخيال
متى تنجاب هاتيك الدّجون
…
وعنّا تنجلي تلك الظّنون
متى يعلو على الشّكّ اليقين
…
متى يصبو على الحزن الرّزين
أنبقى هكذا بيد الفجائع
…
ضرائب للبنادق والمدافع
لنا في كلّ شارقةٍ مصارع
…
تصيد نفوسنا فيها المنون
تقاضينا إلى حدّ الحسام
…
على ما ليس يؤبه من خصام
وتقذفنا لمنذور الحطام
…
لجارية القضاء نوّى شطون
يهيب بنا اللموع من السّرابِ
…
لورد الحتف في حمس الضراب
ويخدعنا الجهام من السّحابِ
…
فنحسب أنّه الغيث الهتونُ
يرينا المرء في سكنى الأطام
…
خلال المرء في سكنى الخيام
ألذّ مُدامه كأس الحمام
…
واهنأ عيشه الحرب الزّبون
له دانت مواليد الطبيعة
…
فأضحت وهي صمّاءٌ سميعة
أطاعته وما برحت مطيعة
…
تبوح بسرّها وهو المصون
فكم كشفت معارفه حجاباً
…
وكم راضت مواهبه صعاباً
وكم دكّت عزائمه هضاباً
…
وكم خضعت له بكرٌ وعون
فنونٌ كم له منها جنونٌ
…
وإنّ جنونه أبداً فنون
وكلّ حديثه معها شجون
…
وكلّ شجونه فيها فتون
تضاحكه فيطرب لا يبالي
…
بما منها له تلد الليالي
وينسى ما جنته على الأوالي
…
وما خبّأت له منها القرون
يطيع نداء ناقضة الذّمام
…
ويعصي كلّ طيّعة الزّمام
هجيراه مجانبة الوئام
…
وبين ضلوعه الدّاء الدّفين
سواءٌ عنده ركب ألفضاََء
…
بتطلاب العلى أم خاض ماَء
ودأماء توسَّطُ أم دماَء
…
له في كلّ حادثةٍ سفين
أجال بغامضٍِ الأكوان فكراً
…
فأوضح مبهماً وابان سرّاً
وكم أوحت له آياً وسفرا
…
ًوسَر كتابها فيه مبين
جلا سنن الطّبيعة فاجتلاها
…
كواكب كم أبان له ضياها
خفايا ليس يدرك منتهاها
…
ولا ترقى لأيسرها الظّنون
رقى سيّارةً فوق الهواء
…
تحكّ بروقها زهرُ السّماءِ
وراح بها يدلّ على ذكاءٍ
…
وددت أنها منها تكون
يراها العلم معجزة العصور
…
ومشكاةً جلاها للدهور
وأطلقها هوازئ بالبدور
…
تقيّد في محاسنها العيون
تراها وهي ناشرةُ الجناح
…
كدلاحٍ تلفع بالرياح
فما حملت سوى أجلٍ متاحٍ
…
وبين ضلوعها حتفٌ مهين
فكم عنها تمخّضت السنين
…
وما نشرت وكم طويت قرون
وما سمحت بمولدها البطون
…
ولا بلغ الظّهور لها جنين
تخطّ بمهرق الآفاق سطراً
…
فتقرأ منه للإعجاز شعراً
وللتدمير والتّفريق نثراً
…
وحاصل معنييه أذىً وهون
يثور بصدرها غازٍ فتغلي
…
مراجلها على حقدٍ وغلّ
وإن تنظر فليس لغير ذلٍّ
…
وضيمٍ ذلك النّظر الشّفون
طوى خبر البساط لها عيانٌ
…
به لبصائر الدنيا افتتان
وإن يسلس لراكبها عنانٌ
…
فكم منها يعاصيه حرون
تغرّد في الفضا تغريد شادي
…
فيطرب شدوها سمع الجماد
وإن هامت بها في كلّ وادٍ
…
عقولٌ فهي واديها الأمين
تريك على جمام الكدّ مزحاً
…
فتشرح طبعك المكدود شرحاً
وإن محضتك بعد الغشّ نصحاً
…
فكم من جدٍّ يولّده المجون
تطير وهل تباريها النسور
…
ودون محلّها الشّعرى العبور
ولن يرقى لمرقاها الأثير
…
وهل تُرقى الخواطر والظّنون
لمسترق النّجيّ غدت شهاباً
…
تلهب في أضالعه التهاباً
وتقصيه وما بلغ اقتراباً
…
لخافيها المراصد والعيون
تُرى بدراً وآونةً هلالاً
…
إذا في الأفق أسرعت انتقالاً
وإن لاحت بوجه الكون خالاً
…
فما غير الفضا لها جبين
إذا جاشت بها قدرٌ تفور
…
تدور كما يصرفها المدير
وإن زفرت يطير بها الزّفير
…
وإن غضبت يجنّ لها جنون
كأن البرق أصدقها الودادا
…
فملّكها بجبينه الفؤادا
وصيّرها لناظره سواداً
…
ولكنّ الخفوق لها جفونٌ
بجانحة الزّمان غدت ضميراً
…
وطرفاً في محاجره قريراً
وعضباً في سواعده طريراً
…
ولكن غير ما صنع القيون
أيا عصر البخار إليك شكوى
…
يغصّ بها فم الأيّام شجواً
ابن إن كنت تنطق لي بنجوى
…
لها بأضالعي وجدٌ كمين
أينطق في معاجزك الجماد
…
ولم يمطرهم رفقٌ ولين
أتجريها جواري منشِئاتٍ
…
مواثل كالجبال الرآسيات
وتوقرها صنوف المجعزات
…
تراع بها المعاقل والحصون
تخادعنا ببرّاق لموعٍ
…
كذلك شيمة الختل الخدوع
وكم لك في البريّة من صنيعٍ
…
تشيب له الذّوائب والقرون
فنونك لم تدع أرضاً خلاءً
…
ولم تجرِ بها عسلاً وماء
وكم فيها أفاضت كهرباَء
…
بساطعها اعتدى ضبٌّ ونونُ
لئن نصبت بنوكٌ لها دلائل
…
فلم تكًُ للورى إلا حبائل
وإن أهلّت بآنسها المجاهل
…
فما هي للنهى إلا حزون
وكم لبنيك من آي اختراع
…
طوائلها تقصّر كلّ باع
وتذهب بالمذانب والتّلاع
…
إذا يوماً لها فاضت عيون
لئن خلبت بوارقها العقولا
…
فلم يكُ ومضها غلا نصولا
وكم فينا جلت عضباً صقيلاً
…
مواقع حدّ منّا الوتين
إلى مَ حياتنا تفنى جهاداً
…
وأنفسنا نقطّعها جلاداً
ونحمل في الدّنا نوباً شداداً
…
تنوء بحملها الأجد الأمون
أعصرَ النّور لم نرَ فيك نوراً
…
ولا منك البخار غدا مطيرا
ولكن من دمٍ أجرى بحوراً
…
وأشلاء الأنام بها سفين
ابن إن كنت تفصح عن خفيٍّ
…
يضيق بسرّه صدر الأبيّ
أتخترع النّكال لكلّ حيٍّ
…
وللإنسان فيك أذىً وهون
كأنّ نفوسنا أضحت متاعاً
…
يساومنا المنون لها ابتياعاً
وإن طارت على سومٍ شعاعاً
…
فما غير ألفناء لها وكون
أنسقط من جهين على خبيرٍليصدقنا الحديث عن الدّهور
فقدماً قيل غير مقال زورٍ
…
(وعند جهين الخبر اليقين)
شكونا داءنا حيناً فحيناً
…
وأعضل داؤنا منّا وفينا
وكلّ رزيّةٍ صبّت علينا
…
فأدوى دائها فينا كمين
شغفنا بالتّمدّن وهو داءٌ
…
عضالٌ لا يرام له دواء
وليس لدائه أبداً شفاءٌ
…
وهل تشفى الحقائد والضّغون
هل التّمدين غير مثار حربٍ
…
ومدعاةٌ لكلّ أذىً وكرب
ومنذر فرقةٍ ورسول رعبٍ
…
وداعيةٌ بكلّ رديّ قمين
متى الإنسان يصبو التصافي
…
ويخلع عنه أردية التجافي
ويهجر ورد رنقٍ غير صافي
…
إذا لذّت لشاربها الأج - ون
يرى حملاً وفي برديه ذئب
…
هجيرة مخادعة ووثب
وأن طمعٌ أهاب به وكسب
…
يريك الليث أظهره الع - رين
غرائز فيه شتى لاتحد
…
وجمّ خلائق ليست تعد
وكم منها له خصم ألدّ
…
عريكته لخطبٍ لا تلين
وظل وما رهى دنيا ودنيا
…
يسوق لنوعه حتفاً مهينا
ولم يقض إلى طمع ديونا
…
وقد قضيت وأغلقت الرهون
عزا للدين تفريقاً وظلماً
…
وكم قد راح ينثر منه نظماً
ولم يلف بغير الدين ضمّاً
…
وهل يدعوا إلى التفريق دين
متى للسلم يجنح والتّآخي
…
ويحكم للمؤاخاة الأواخي
يرقّ لكلّ معولة الصراخ
…
ويعطف من حشاشته الحنين
متى يغدو على طرف الثمام
…
تودد كل مصريّ لشامي
وينزع معرق للقا تهامي
…
ونجدي لمن ضمّ الحجون
ويعطف كل غربي لشرقي
…
حشاشته ويرتق كل فتق
ويطلق ذاك هذا بعد رق
…
وقسوة ذاك لذا تلين
النبطية سليمان ظاهر