الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما إذا مر المسافر ببلد يوم الجمعة وأقام فيه حتى حان وقت صلاة الجمعة وسمع النداء الثاني الذي يكون إذا حضر الخطيب فعليه أن يصلي الجمعة مع المسلمين، ولا يجمع العصر إليها، بل ينتظر حتى يأتي وقت العصر فيصليها في وقتها متى دخل.
* * *
سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى -: إذا صلى المسافر يوم الجمعة الظهر
قصراً هل تكون هذه ظهراً يجمع إليها صلاة العصر فما توجيهكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: فضل الجمعة أمر لا ينبغي التهاون به؛ لأن الجمعة يوم واحد في الأسبوع، وأنت إذا نويت صلاة الظهر في هذا الأسبوع فلا تدري هل تدركك الجمعة الثانية أو لا؟! فكونك تفوت هذا الأجر العظيم الذي أضل الله عنه اليهود والنصارى واختاره لهذه الأمة من أجل أن تجمع العصر إلى الظهر، لاشك أنه قصور نظر، فصل الجمعة ولا تجمع إليها العصر، وإذا حان وقت صلاة العصر فصل العصر، والحمد لله.
* * *
سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى -: من صلى الجمعة فهل يصلي الظهر
؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا صلى الإنسان الجمعة فإن الجمعة هذه هي فريضة الوقت أي فريضة وقت الظهر وعلى هذا فلا يصلي الظهر، وصلاة الظهر بعد صلاة الجمعة من البدع؛ لأنها لم تأت في كتاب الله، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فيجب النهي عنها، حتى ولو تعددت الجمع فإنه ليس من المشروع أن يصلي الإنسان صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة، بل هي بدعة منكرة؛ لأن الله تعالى لم يوجب على المرء في الوقت الواحد سوى صلاة واحدة وهي الجمعة، وقد أتى بها.
وأما تعليل من علل ذلك بأن تعدد الجمع لا يجوز، وأنه إذا تعددت فالجمعة لأسبق المساجد، وهنا الأسبق مجهول فيؤدي حينئذ إلى بطلان الجمع كلها وإقامة الظهر بعدها.
فنقول لهؤلاء: من أين لكم هذا الدليل أو هذا التعليل؟! وهل بني على أساس من السنة، أو على صحيح من النظر؟! الجواب «لا» بل نقول: إن الجمعة إذا تعددت لحاجة فكل الجمع صحيح، لقول الله تعالى:{فَاتَّقُواْ اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَِنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وأهل هذا البلد إذا تباعدت جهات البلد، أو ضاقت المساجد وتعددت الجمع بحسب الحاجة هم قد اتقوا الله ما استطاعوا، ومن اتق الله ما استطاع فقد أتى بما وجب عليه، فكيف يُقال إن عمله فاسد، وإنه يجب أن يأتي ببدله، وهي صلاة الظهر بدلاً عن الجمعة.
وأما إذا أقيمت الجمع في أمكنة متعددة بدون حاجة فلا شك أن هذا خلاف السنة، وخلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، وهو حرام عند أكثر أهل العلم، ولكن مع هذا لا نقول إن العبادة لا تصح؛ لأن المسؤولية هنا ليست على العامة، وإنما المسؤولية على ولاة الأمور الذين أذنوا بتعدد الجمعة بدون حاجة، فمن ثمّ نقول:
يجب على ولاة الأمور القائمين بشؤون المساجد أن لا يأذنوا في تعدد الجمع إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وهذا لأن للشارع نظراً كبيراً في اجتماع الناس على العبادات، لتحصل الألفة والمودة، وتعليم الجاهل، وغير ذلك من المصالح الكبيرة الكثيرة. والاجتماعات المشروعة: إما أسبوعية، أو حولية، أو يومية كما هو معروف، فالاجتماعات اليومية تكون في الأحياء في مساجد كل حي؛ لأن الشارع لو أوجبها على الناس أن يجتمعوا كل يوم خمس مرات في مكان واحد لكان في ذلك مشقة عليهم، فلهذا خفف عنهم، وجعلت اجتماعاتهم في مساجدهم كل حي في مسجده.
أما الاجتماع الأسبوعي: فهو يوم الجمعة، فإن الناس يجتمعون كل أسبوع، ولهذا كانت السنة تقتضي أن يكونوا في مسجد واحد لا يتعدد؛ لأن هذا الاجتماع الأسبوعي لا يضرهم إذا قاموا به، ولا يشق عليهم، وفيه مصلحة كبيرة يجتمع الناس على إمام واحد، وعلى خطيب واحد يوجههم توجيهاً واحداً، فينصرفون وهم على عظة واحدة، وصلاة واحدة.