الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة الثانية عشر: ستة أصول عظيمة مفيدة
…
الرسالة الثانية عشرة ستة أصول عظيمة مفيدة
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: من أعجب العجاب، وأكبر الآيات الدالة على قدرة الملك الغلاب ستة أصول بينها الله تعالى بيانا واضحا للعوام فوق ما يظن الظانون، ثم بعد هذا غلط فيها كثير من أذكياء 1 العالم، وعقلاء بني آدم، إلا أقل القليل.
(الأصل الأول) : إخلاص الدين لله تعالى وحده لا شريك له، وبيان ضده الذي هو الشرك بالله، وكون أكثر القرآن في بيان هذا الأصل من وجوه شتى بكلام يفهمه أبلد العامة، ثم لما صار 2 على أكثر الأمة ما صار، أظهر لهم الشيطان الإخلاص في صورة تنقص الصالحين والتقصير في حقوقهم، وأظهر لهم الشرك بالله في صورة محبة الصالحين واتباعهم.
1 لفظ (كثير من) من الدرر السنية ج 1 ص 99 طبعة المكتب الإسلامي ببيروت وقد سقط هذا اللفظ مما سواها.
2 لفظ (لما) من الدرر السنية ويقتضيه المقام.
(الأصل الثاني) : أمر الله بالاجتماع في الدين، ونهى عن التفرق فيه 1؛ فبين الله هذا بيانا شافيا تفهمه العوام، ونهانا أن نكون كالذين تفرقوا واختلفوا قبلنا فهلكوا، وذكر أنه أمر المسلمين بالاجتماع في الدين، ونهاهم عن التفرق فيه. ويزيده وضوحا ما وردت به السنة من العجب العجاب في ذلك، ثم صار الأمر إلى أن الافتراق في أصول الدين وفروعه هو العلم والفقه في الدين، وصار الأمر بالاجتماع في الدين 2 لا يقوله إلا زنديق أو مجنون.
(الأصل الثالث) : أن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمر علينا، ولو كان عبدا حبشيا، فبين الله 3 له هذا بيانا شائعا كافيا بوجوه من أنواع البيان شرعا وقدرا؛ ثم صار هذا الأصل لا يعرف عند أكثر من يدعي العلم، فكيف العمل به؟
(الأصل الرابع) : بيان العلم والعلماء والفقه والفقهاء، وبيان من تشبه بهم وليس منهم، وقد بين الله تعالى هذا الأصل في أول سورة البقرة من قوله:{يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} 4 إلى قوله قبل ذكر إبراهيم عليه السلام: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} الآية.
1 لفظ (فيه) من الدرر السنية ومخطوطة الشيخ عبد العزيز بن مرشد.
2 لفظ في (الدين) من الدرر السنية.
3 كذا في الدرر السنية ووقع في غيرها من النسخ المطبوعة ما نصه (فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا بيانا شائعا ذائعا بكل وجه من أنواع البيان شرعا وقدرا) انتهى. ويقوي ما في الدرر السنية من إضافة البيان إلى الله تعالى ذكر القدر في آخر العبارة.
4 سورة البقرة آية: 40.
ويزيده وضوحا ما صرحت به السنة في هذا الكلام الكثير البين الواضح للعامي البليد، ثم صار هذا أغرب الأشياء، وصار العلم والفقه هو البدع والضلالات، وخيار ما عندهم لبس الحق بالباطل، وصار العلم الذي فرضه الله تعالى على الخلق ومدحه لا يتفوه به إلا زنديق أو مجنون 1، وصار من أنكره وعاداه وصنف في التحذير منه والنهي عنه هو الفقيه العالم.
(الأصل الخامس) : بيان الله سبحانه لأولياء الله، وتفريقه بينهم وبين المتشبهين بهم من أعداء الله المنافقين والفجار. ويكفي في هذا آية في سورة آل عمران وهي قوله:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} 2 الآية. وآية في سورة المائدة وهي قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} 3 الآية، وآية في يونس وهي قوله:{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} 4. ثم صار الأمر عند أكثر من يدعي العلم وأنه من هداة الخلق وحفاظ الشرع، إلى أن الأولياء لا بد فيهم من ترك اتباع الرسل 5، ومن تبعهم فليس منهم.
1 أي في نظرهم.
2 سورة آل عمران آية: 31.
3 سورة المائدة آية: 54.
4 سورة آية: 62-63.
5 في الدرر السنية (الرسول ومن اتبعه) بالأفراد.
ولا بد من ترك الجهاد، فمن جاهد فليس منهم ولابد من ترك الإيمان والتقوى، فمن تعهد بالإيمان والتقوى فليس منهم 1. يا ربنا نسألك العفو والعافية، إنك سميع الدعاء.
(الأصل السادس) : رد الشبهة 2 التي وضعها الشيطان في ترك القرآن والسنة، واتباع الآراء والأهواء المتفرقة المختلفة، وهي أن القرآن والسنة 3 لا يعرفهما إلا المجتهد المطلق، والمجتهد هو الموصوف بكذا وكذا أوصافا لعلها لا توجد تامة في أبي بكر وعمر؛ فإن لم يكن الإنسان كذلك فليعرض عنهما فرضا حتما لا شك ولا إشكال فيه؛ ومن طلب الهدى منهما فهو إما زنديق، وإما مجنون لأجل صعوبة فهمها 4. فسبحان الله وبحمده، كم بين الله سبحاله شرعا وقدرا خلقا وأمرا 5 في رد هذه الشبهة الملعونة من وجوه شتى بلغت إلى حد 6 الضروريات العامة، ولكن أكثر الناس لا يعلمون {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً
1 قوله: (ولا بد من ترك الجهاد) إلى قوله: (يا ربنا) من الدرر السنية ومخطوطة الشيخ عبد العزيز بن مرشد.
2 كذا في الدرر السنية وفي مخطوطة الشيخ عبد العزيز بن مرشد وهو الصواب لا ما وقع في غيرها بلفظ (السنة) .
3 هذا لفظ الدرر السنية ومخطوطة الشيخ عبد العزيز بن مرشد ووقع في غيرها بلفظ (وهي أي السنة التي وضعها الشيطان أن القرآن والسنة
…
إلخ) .
4 كذا في الدرر السنية ووقع في غيرها من الطبعات بلفظ (صعوبتهما وفي مخطوطة الشيخ عبد العزيز بن مرشد (صعوبة فيهما) .
5 قوله: (كم بين الله سبحانه شرعا وقدرا خلقا وأمرا في رد) من الدرر السنية ومخطوطة الشيخ عبد العزيز بن مرشد وقد سقط في غيرها من النسخ فنشأ الاختلال في العبارة عن ذلك السقوط.
6 لفظ "حد" من الدرر السنية وفي غيرها بلفظ (أمر) .
فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ} 1
آخره والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
1 سورة آية: 7-11.