الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة الثالثة عشر: رسالة في توحيد العبادة
…
الرسالة الثالثة عشرة رسالة في توحيد العبادة
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
اعلم رحمك الله أن التوحيد الذي فرض الله على عباده قبل فرض الصلاة والصوم، هو توحيد عبادتك أنت، فلا تدع إلا الله وحده لا شريك له، لا تدع النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، كما قال تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} 1 وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} 2.
واعلم أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صفة إشراكهم أنهم يدعون الله ويدعون معه الأصنام والصالحين، مثل عيسى وأمه والملائكة، يقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، وهم يقرون أن الله سبحانه
1 سورة الجن آية: 18.
2 سورة الكهف آية: 110.
هو النافع الضار المدبر، كما ذكر الله عنهم في قوله تعالى:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} 1.
فإذا عرفت هذا، وعرفت أن دعوتهم الصالحين وتعلقهم عليهم أنهم يقولون: ما نريد إلا الشفاعة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قاتلهم ليخلصوا الدعوة لله، ويكون الدين كله لله، وعرفت أن هذا هو التوحيد الذي هو أفرض من الصلاة والصوم، ويغفر الله لمن أتى به يوم القيامة ولا يغفر لمن جهله ولو كان عابدا، وعرفت أن ذلك هو الشرك بالله الذي لا يغفر الله لمن فعله، وهو عند الله أعظم من الزنى وقتل النفس، مع أن صاحبه يريد به التقرب من الله، ثم مع هذا عرفت أمرا آخر وهو أن أكثر الناس ما عرف هذا، منهم العلماء الذين يسمونهم العلماء في سدير والوشم وغيرهم إذا قالوا: نحن موحدون الله، نعرف ما ينفع ولا يضر إلا الله، وأن الصالحين لا ينفعون ولا يضرون، وعرفت أنهم لا يعرفون إلا التوحيد، توحيد الكفار، توحيد الربوبية، عرفت كبر نعمة الله عليك، خصوصا إذا تحققت أن الذي يواجه الله ولا يعرف التوحيد، أو عرفه ولم يعمل به، أنه خالد في النار ولو كان من أعبد الناس، كما قال تعالى:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} 2.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
1 سورة يونس آية: 31.
2 سورة المائدة آية: 72.