الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وشبهة هؤلاء أن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى ويقولون: أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق، ويقولون: إن الله يرى في الآخرة". هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم.
ثم قال ص80:
"والمقصود هنا أن أهل السنة متفقون على أن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، ولكن لفظ التشبيه في كلام الناس لفظ مجمل، فإن أراد بنفي التشبيه ما نفاه القرآن، ودل عليه العقل فهذا حق، فإن خصائص الرب تعالى لا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من
صفاته..، وإن أراد بالتشبيه أنه لا يثبت لله شيء من الصفات، فلا يقال له علم، ولا قدرة ولا حياة، لأن العبد موضوف بهذه الصفات فيلزم أن لا يقال له: حي، عليم، قدير لأن العبد يسمى بهذه الأسماء، وكذلك في كلامه وسمعه وبصره ورؤيته وغير ذلك، وهم يوافقون أهل السنة على أن الله موجود حي عليم قادر، والمخلوق يقال له: موجود حي عليم قادر، ولا يقال: هذا تشبيه يجب نفيه".
الشبهة الثانية: الجهة
والجواب عنها ما قاله ابن تيمية في "التدمرية""ص45": قد يراد بـ"الجهة" شيء موجود غير الله، فيكون مخلوقا كما إذا أريد بـ"الجهة" نفس العرش، أو نفس السماوات، وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى، كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم. ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه، كما فيه إثبات العلو والاستواء والفوقية والعروج إليه ونحو ذلك، وقد علم أن ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق، والخالق سبحانه وتعالى مباين للمخلوق، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته.
فيقال لمن نفى: أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق؟ فالله ليس داخلا في المخلوقات، أم تريد بالجهة ما وراء العالم فلا ريب أن الله فوق العالم. وكذلك يقال لمن قال: الله في جهة. أتريد بذلك أن الله فوق العالم، أو تريد به أن الله داخل في شيء من المخلوقات؟ فإن أردت الأول فهو حق، وإن أردت الثاني فهو باطل "
ومنه يتبين أن لفظة الجهة غير وارد في الكتاب والسنة وعليه فلا ينبغي إثباتها، ولا نفيها، لأن في كل من الإثبات والنفي ما تقدم من المحذور، ولو
لم يكن في إثبات الجهة إلا إفساح المجال للمخالف أن ينسب إلى متبني العلو ما لا يقولون به، لكفى.
وكذلك لا ينبغي نفي الجهة توهما من أن إثبات العلو لله تعالى يلزم منه إثبات الجهة، لأن في ذلك محاذير عديدة منها نفي الأدلة القاطعة على العلو له تعالى. ومنها نفي رؤية المؤمنين لربهم عز وجل يوم القيامة، فصرح بنفيها المعتزلة، والشيعة، وعلل ابن المطهر الشيعي في "منهاجه" النفي المذكور بقوله:"لأنه ليس في جهة"! وأما الأشاعرة أو على الأصح متأخروهم الذين أثبتوا الرؤية فتناقضوا حين قالوا: "إنه يرى لا في جهة"
يعنون العلو قال شيخ الإسلام في "منهاج السنة""2/ 252":
" وجمهور الناس من مثبتة الرؤية ونفاتها يقولون: إن قول هؤلاء معلوم الفساد بضرورة العقل، كقولهم في الكلام، ولهذا يذكر أبو عبد الله الرازي أنه لا يقول بقولهم في مسألة الكلام والرؤية أحد من طوائف المسلمين.
ثم أخذ يرد على النفاة من المعتزلة والشيعة بكلام رصين متين فراجعه فإنه نفيس.
وجملة القول في الجهة أنه إن أريد به أمر وجودي غير الله كان مخلوقا، والله تعالى فوق خلقه لا يحصره ولا يحيط به شيء من المخلوقات، فإنه بائن من