الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقريظ لمحمد بهجة البيطار
«1»
كنت وصفت تفسير العلّامة الجليل محمد عزة دروزة فيما كتبته في مجلة مجمعنا العلمي على كتابه المطبوع (القرآن المجيد)، وقلت: إنه يفسر القرآن بالقرآن، بحيث تكون آياته في الموضوع الواحد مجموعة في مكان واحد، ومفسّرة تفسيرا يجمع بين معانيها جمعا محكما. ومن أمعن النظر في تفسيره رأى فيه فوائد جمة، ومباحث مهمة، ونظرات ثاقبة، ونقدا بالمنقول والمعقول، لبعض مروياتهم في أسباب النزول، وتفسيرا للآيات الكريمة بالظاهر المتبادر منها. وهو يرى أن السعادة لا تعود لهذه الأمة إلا إذا عادت إلى القرآن علما وعملا، وأدبا وخلقا، وله في ذلك كتاب مستقل سمّاه (الدستور القرآني في شؤون الحياة) وكنت كتبت عنه في مجلة المجمع أيضا.
وأمامي الآن الجزءان الأول والثاني من هذا التفسير الكبير الذي رتبه ترتيب نزول الآيات والسور، على حسب تاريخها في الزمن. فأما الجزء الأول (البالغ 271 صفحة) فقد بدأ فيه- بعد المقدمة الوافية بالموضوع- بسورة الفاتحة التي يتلوها التالي في صلاته وغيرها، ثم شرع بتفسير سورة العلق، وفي آيها الخمس الأولى أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة، ولهذه الأمة الأمية التي أصبحت بهذا الوحي المنزل أمة كتاب وحكمة، وهدى ورحمة.
وطريقة الأستاذ المفسر هي أن يفسر السورة كلها، وإن كان بين هذه الآيات الخمس وما بعدها نزول جملة من القرآن تتضمن أمرا بالدعوة، وشيئا من مبادئها
(1) انظر مجلة المجمع العلمي العربي، الجزء الرابع من المجلد السابع والثلاثين، تشرين الأول 1962، جمادى الأولى 1382.
وأهدافها (قال) : وإلحاق هذه الآيات بالآيات الخمس الأولى- حيث تكونت شخصية السورة- يدلّ على أن سور القرآن كانت تؤلّف أولا فأولا، وعلى أن المشهد الذي احتوته لم يتأخر كثيرا. وهكذا جرى الأستاذ دروزة في تفسير السور مرتبة على زمن النزول، ولكنه لا يفرق بين أجزاء السورة الواحدة أو آياتها مهما تقدمت في النزول أو تأخرت، حرصا على حفظ وحدة السورة وعدم توزيعها.
فسّر في هذا الجزء الأول ثلاثين سورة (عدا الفاتحة) بدأها بسورة العلق وختمها بالقارعة.
وأما الجزء الثاني (البالغ ما يقرب من ثلاثمائة صفحة) فقد بدأ بسورة القيامة وانتهى بسورة الفرقان، ففسر اثنتي عشرة سورة. وطريقة الأستاذ دروزة في التفسير ما يأتي:
(1)
تجزئة المجموعات والفصول إلى جمل تامة يصح الوقوف عندها من حيث المعنى والنظم والسياق.
(2)
شرح الكلمات الغريبة شرحا موجزا.
(3)
شرح مضمون الجملة شرحا مجملا.
(4)
إشارة إلى ما روي في مناسبة نزول الآيات وما قيل في مدلولها وأحكامها.
(5)
بيان ما تحويه الآيات من أحكام وحكم.
(6)
إيضاح مشاهد من السيرة النبوية.
(7)
قصص القرآن الحكيم.
(8)
الاهتمام ببيان ما بين آيات السور وفصولها من ترابط.
(9)
تفسير القرآن بالقرآن.
(10)
وضع مقدمة أو تعريف موجز للسور قبل البدء بتفسيرها.
قال الأستاذ المفسّر في المقدمة: ولقد رأينا أن نجعل ترتيب التفسير وفق ترتيب نزول السورة بحيث تكون أولى السور المفسرة سورة العلق، ثم القلم ثم المزّمل، إلى أن تنتهي السور المكية، ثم سورة البقرة، فسورة الأنفال إلى أن تنتهي
السور المدنية، لأننا رأينا هذا يتّسق مع المنهج الذي اعتقدنا أنه الأفضل لفهم القرآن وخدمته اهـ. وقد استفتى في هذا بعض الأجلّاء فأفتوه بالجواز كما جاء في مقدمته. وهو يستشهد بكلام المفسرين، من قدماء ومعاصرين، كالطبري والرازي والزمخشري وابن كثير والألوسي وغيرهم، وكتفسيري المنار والقاسمي. أثاب الله تعالى المؤلف خير الثواب، ونفع بتفسيره أولي الألباب ويسّر له طبع الأجزاء كلها، بمنّه سبحانه وتوفيقه.
محمد بهجة البيطار