المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة المنافقون مدنية، إحدى عشرة آية، مائة وثمانون كلمة، سبعمائة وستة - مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد - جـ ٢

[نووي الجاوي]

فهرس الكتاب

- ‌سورة مريم

- ‌سورة طه

- ‌سورة الأنبياء

- ‌سورة الحج

- ‌سورة المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الروم

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزمر

- ‌سورة المؤمن

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة الشورى

- ‌سورة الزخرف

- ‌سورة الدخان

- ‌سورة الجاثية

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة القتال

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌سورة الذاريات

- ‌سورة الطور

- ‌سورة النجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة الصف

- ‌سورة الجمعة

- ‌سورة المنافقون

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة الطلاق

- ‌سورة التحريم

- ‌سورة الملك

- ‌سورة القلم

- ‌سورة الحاقة

- ‌سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة المدّثّر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة الإنسان

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة النبأ

- ‌سورة النازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التكوير

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة التطفيف

- ‌سورة الانشقاق

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الطارق

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة الغاشية

- ‌أحدهما:

- ‌ثانيهما:

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة البلد

- ‌سورة الشمس

- ‌سورة والليل

- ‌سورة الضحى

- ‌سورة ألم نشرح

- ‌سورة التين

- ‌سورة العلق

- ‌سورة القدر

- ‌سورة البيّنة

- ‌سورة الزلزلة

- ‌سورة والعاديات

- ‌سورة القارعة

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة والعصر

- ‌سورة الهمزة

- ‌سورة الفيل

- ‌سورة قريش

- ‌سورة الماعون

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة الكافرون

- ‌سورة النصر

- ‌سورة أبي لهب

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة الناس

الفصل: ‌ ‌سورة المنافقون مدنية، إحدى عشرة آية، مائة وثمانون كلمة، سبعمائة وستة

‌سورة المنافقون

مدنية، إحدى عشرة آية، مائة وثمانون كلمة، سبعمائة وستة وسبعون حرفا

إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ أي إذا حضر مجلسك منافقو أهل المدينة عبد الله بن أبي، ومعتب بن قشير، وجد بن قيس، وكانوا بني عم قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وقولهم:«نشهد» نفي للنفاق عن أنفسهم.

روى زيد بن أرقم قال: كنت مع عمي فسمعت عبد الله بن أبي ابن سلول يقول: لا تنفقوا علي من عند رسول الله حتى ينفضوا وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعمي فذكر ذلك عمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل رسولا إلى عبد الله بن أبي وأصحابه، فحلفوا ما قالوه، فصدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبني، فأصابني همّ لم يصبني مثله، فجلست في بيتي، فأنزل الله عز وجل: إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا: نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ إلى قوله: هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا إلى قوله: لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: إن الله قد صدقك. وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ سواء أشهد المنافقون بذلك أم لا. وهذه جملة معترضة بين قولهم: نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وبين قوله تعالى: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إلخ لإماطة توهم توجه التكذيب إلى منطوق كلامهم وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (1) من إخبارهم عن أنفسهم أنهم يشهدون، فإن ضمير قلوبهم على غير تلك الشهادة اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ الكاذبة جُنَّةً أي سترة عما خافوا على أنفسهم من القتل.

وقرأ الحسن بكسر همزة «إيمانهم» فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي أعرضوا بأنفسهم عن طاعة الله تعالى وطاعة رسوله وقد منعوا الضعفة عن اتباع رسول الله في السر وعن الإنفاق في سبيل الله، إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (2) حيث آثروا الكفر على الإيمان وأظهروا خلاف ما أضمروا ذلِكَ أي سوء أعمالهم، بِأَنَّهُمْ آمَنُوا في الظاهر وشابهوا المسلمين في نطق كلمة الشهادة وفي الأفعال، ثُمَّ كَفَرُوا أي ثم ظهر كفرهم بعد ذلك بقولهم: إن كان ما يقول محمد حقا فنحن حمير. وبقولهم في غزوة تبوك: أيطمع هذا الرجل أن تفتح له قصور كسرى وقيصر هيهات

ص: 529

فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ لسوء أفعالهم وقصدهم الإعراض عن الحق. وقرئ على البناء للفاعل.

وقرئ «فطبع الله» أي تركهم الله في أنفسهم الجاهلة وأهوائهم الباطلة فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (3) شيئا، فلا يميزون صوابا من خطأ ولا حقا من باطل، وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ لضخامتها، ولصباحة وجوههم، فهم أشباح وقوالب ليس وراءها ألباب وحقائق، وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم وحلاوة كلامهم. وقرئ «يسمع» على البناء للمفعول كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ، أي مشبهين بأخشاب منصوبة مسندة إلى الحائط في كونهم أشباحا خالية عن العلم والخير، يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ أي واقعة عليهم والوقف هنا تام فقوله: عَلَيْهِمْ مفعول ثان.

قال مقاتل: إذا نادى مناد في العسكر أو انفلتت دابة، أو نشدت ضالة مثلا ظنوا أنهم يرادون بذلك لما في قلوبهم من الرعب، وذلك لأنهم على وجل من أن يهتك الله أستارهم ويكشف أسرارهم، هُمُ الْعَدُوُّ أي هم الكاملون في العداوة، فَاحْذَرْهُمْ أن تأمنهم على السر ولا تلتفت إلى ظاهرهم فإن أعدى الأعادي العدو المكاشر الذي يكاشرك وتحت ضلوعه الداء الدوي، قاتَلَهُمُ اللَّهُ أي أهلكهم الله، فإن أصل المعنى أحلهم الله محل من قاتله عدو قاهر يهلكه، لأن الله تعالى قاهر لكل معاند فإذا قاتلهم أهلكهم، أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4) أي كيف يصرفون عن الحق إلى الكفر والضلال؟ وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إلى رسول الله وتوبوا من الكفر والنفاق، يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ أي حركوها إعراضا وإباء.

روي أنه لما نزل القرآن في فضيحة المنافقين أتاهم عشائرهم من المؤمنين، وقالوا لهم: ويلكم افتضحتم بالنفاق، وأهلكتم أنفسكم، فأتوا رسول الله وتوبوا إليه من النفاق واسألوه أن يستغفر لكم، فأبوا ذلك، فنزلت هذه الآية وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ أي يعرضون عن الاعتذار، وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5) عن استغفار الرسول لهم، سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ أي استغفارك لهم وعدمه سواء، والسبعة بهمزة قطع مفتوحة من غير مد ووصلها قوم على حذف حرف الاستفهام، لأن أم المعادلة تدل عليه. وقرئ شاذا «أاستغفرت» بهمزة ثم ألف، لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ لرسوخهم في الكفر إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (6) أي الذين سبق ذكرهم، وهم الكافرون والمنافقون والمستكبرون، هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ والقائل عبد الله بن أبي لأصحابه المؤمنين الأنصار في غزوة تبوك: لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ وهم فقراء المهاجرين، حَتَّى يَنْفَضُّوا أي لأجل أن يتفرقوا عنه. وقرئ «حتى ينفضوا» بضم الياء وسكون النون، أي لأجل أن تفنى أزوادهم، وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي مفاتيح الرزق يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (7) أن الله يرزقهم وأن أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، يَقُولُونَ في تبوك: لَئِنْ رَجَعْنا من غزوة بني المصطلق إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ.

قال المفسرون: اختلف أجير عمر وهو جهجاه بن سعيد مع أجير عبد الله بن أبي، وهو

ص: 530

سنان الجهني في بعض الغزوات، فأسمع أجير عمر عبد الله بن أبي المكروه، واشتد عليه لسانه، فغضب عبد الله وعنده رهط من قومه فقال: أما والله لئن رجعنا من غزوتنا هذه إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، وأراد عبد الله بالأعز نفسه، وبالأذل رسول الله والمؤمنين، ثم أقبل على قومه فقال: لو أمسكتم النفقة عن هؤلاء المهاجرين لأوشكوا أن يتحولوا عن دياركم وبلادكم فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حول محمد، فنزلت هذه الآية، وسبب غزوة بني المصطلق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني المصطلق- وهم حي من هذيل- يجتمعون لحربه، وقائدهم الحارث بن أبي ضرار وهو أبو جويرية زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له: المر يسيع من ناحية قديد إلى الساحل، فوقع القتال، فهزم الله بني المصطلق وكان سبيهم سبعمائة، فلما أخذ النبي جويرية من السبي لنفسه أعتقها وتزوجها فقال المسلمون: صار بنو المصطلق أصهار رسول الله فأطلقوا ما بأيديهم من السبي إكراما لرسول الله، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها:

وما أعظم امرأة كانت أعظم بركة على قومها من جويرية ولقد أعتق بتزويج رسول الله لها مائة أهل بيت من بني المصطلق اه. وإسناد القول المذكور إلى المنافقين لرضاهم به فرد الله عليهم ذلك بقوله تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ أي القوة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ فعزة الله قهره لأعدائه، وعزة رسوله إظهار دينه على الأديان كلها، وعزة المؤمنين نصر الله إياهم على أعدائهم وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (8) أن الله معز أولياءه ومذل أعداءه، ولو علموه ما قالوا مقالتهم.

روي أن عبد الله بن أبي لما أراد أن يدخل المدينة اعترضه ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي وكان مخلصا وقال: لئن لم تقر لله ولرسوله بالعز لأضربن عنقك، فلما رأى منه الجد قال: أشهد أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين،

فقال النبي صلى الله عليه وسلم لابنه: «جزاك الله عن رسوله وعن المؤمنين خيرا»

. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ أي لا يشغلكم الاعتناء بمصالحها والتمتع بها عن فرائض الله تعالى نحو الصلاة والزكاة والحج وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ أي ومن ألهاه ماله وولده عن طاعة الله تعالى فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (9) أي في تجارتهم حيث باعوا الشريف الباقي بالخسيس الفاني، وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ أي بعض ما أعطيناكم مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ أي مقدمات الموت فَيَقُولَ عند تيقنه بحلول الموت: رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ أي هلا أمهلتني إلى أمد قصير بقدر ما استدرك فيه ما فاتني فَأَصَّدَّقَ من مالي بتشديد الصاد والدال.

وقرأ أبي «فأتصدق» على الأصل. وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) أي أكن من الحاجين.

عن ابن عباس قال: من كان له مال يبلغه حج بيت ربه أو تجب عليه فيه زكاة فلم يفعل إلا سأل الله الرجعة عند الموت. وقرأ أبو عمرو «وأكون» بالنصب عطفا على لفظ جواب التمني. والباقون «وأكن» بالجزم عطفا على محله. وقرئ «وأكون» بالرفع «وأنا أكون» .

وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً أي عن الموت إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (11) فمجاز لكم عليه. وقرأ شعبة بالياء التحتية.

ص: 531