المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ يكفي في الضمان لفظ يشعر بالالتزام - مسألتان في الضمان والالتزام - ضمن «آثار المعلمي» - جـ ١٨

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

الفصل: ‌ يكفي في الضمان لفظ يشعر بالالتزام

شهد الشريف أحمد زين حوذ أن أحضر حسين امعيسى فلم يُقبل، لكونه كان وكيلًا في الدعوى، مع أن حرفته التوكل.

وفي فتاوى السيد محمد بن عبد الرحمن بن سليمان ما لفظه: وفي «فرائد الفوائد» لسيدي عبد الرحمن بن سليمان رحمهما الله تعالى: أفتى الفقيه أحمد السانه أن من حرفته التوكل في منازعة الخصوم إنما يقدح ذلك في شهادته، ولا تُقبل شهادة من وكلاء القاضي. انتهى، والله سبحانه وتعالى أعلم.

نعم، ثم ظهر لنا من حكم القاضي عافاه الله أنه بناه على أن العقد كفالة ببدن، والصارف للفهم أولًا عن ذلك أن حسين امعيسى معترف لدينا بأنه ملتزم بالمال، ووردت شهادة بأن أبا سودان كان يعزم إليه قبل الحضور عند القاضي ويطلب منه المال فيلتزم له بذلك، وصادقها حسين امعيسى. وفهمنا من كلام القاضي عبد الله عافاه الله أنه بنى ذلك على أن لفظ الالتزام كفالة، وأنه مخصوص بكفالة البدن. فلما خاطبناه أجاب بأنه حصل الإبراء، وتجوَّز به عن تسليم المكفول به إلى الحبس.

وليس الأمر كما ظنَّ، بل‌

‌ يكفي في الضمان لفظٌ يُشعِر بالالتزام

، كان بالمال ضمين أو زعيم أو كفيل. وعبارة «الروض» مع شرحه

(1)

: «(الركن الخامس) للضمان الشامل للكفالة ([صيغة] الالتزام) لتدل على الرضى، والمراد بها ما يُشعِر بالالتزام، فيشمل اللفظَ والكتابة وإشارةَ الأخرس، (كضمنتُ مالَك على فلان أو تكفَّلتُ ببدنه أو أنا بإحضار بدنه أو بالمال) أو

(1)

(2/ 244).

ص: 517

بإحضاره كما عبَّر به الأصل (أو بإحضار الشخص كفيل أو زعيم أو ضامن أو حميل أو قبيل) أو صبير أو ضمين أو كافل، وكلها صرائح».

وفي «الشرح»

(1)

أولَ الباب: ويُسمَّى الملتزم لذلك ضامنًا وضمينًا وحميلًا وزعيمًا وكافلًا وكفيلًا وصبيرًا وقبيلًا. قال الماوردي: غير أن العرف جارٍ بأن الضمين يُستعمل في الأموال، والحميل في الديات، والزعيم في الأموال العظام، والكفيل في النفس، والصبير في الجميع. وكالضمين فيما قاله الضامن، وكالكفيل الكافل، وكالصبير القبيل. قال ابن حبان في «صحيحه»

(2)

: والزعيم لغة أهل المدينة، والحميل لغة أهل مصر، والكفيل لغة أهل العراق. ا? .

وأما ما ذكره الماوردي أن العرف استعمال الكفيل على الملتزم بالنفس فالعرف الآن في اليمن استعماله في الدية أيضًا.

ولو فرضنا أن العقد كفالة بالبدن، فتجديده للالتزام بالمال بعد ذلك ــ كما شهدت به الشهادة واعترف به حسين امعيسى ــ يُعدُّ ضمانًا مستقلًّا. ولا ضيرَ في أن يكون الشخص كفيلًا بالبدن بصيغةٍ وضمينًا بالمال بأخرى.

وأما قولهم ــ واللفظ لشيخ الإسلام في «منهجه»

(3)

ــ: (ولا يُطالَب كفيلٌ بمال، ولو شرط أنه يغرمه لم يصح)، فذلك في ما إذا كان عقدًا واحدًا، بأن كفلَ ببدنه فقط، أو كفل بشرط أنه يغرم، أما إذا كان بالتزامٍ آخر فلا ريبَ

(1)

(2/ 235).

(2)

(10/ 480).

(3)

«فتح الوهاب شرح منهج الطلاب» (3/ 385 - 386 مع حاشية الجمل).

ص: 518

أنه يلزم.

فالحاصل: قد ثبت لدينا التزامُ حسين امعيسى بالذي وضحه ضمانه، ولم يثبت الإبراء، فيلزمه الوفاء بضمانه، وبذلك حكمتُ بعد العرض على سيّدنا ومولانا إمام الحق أيَّده الله تعالى. وحرِّر في ربيع الثاني سنة 1337.

ص: 519