الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث أبي رِمْثةَ رضي الله عنه عن النبي - صلي الله عليه وسلم
-
أول مسند أبي رمثة
"أبو رمثة": صحابي اشتهر بكنيته وعرف بها، واختلف في اسمه اختلافًا كثيرًا، بعضه خطأ صرف، وبعضه مرجوح: فالراجع الصحيح عندنا، هو الذي جزم به الإِمام أحمد، فيما سيأتي في المسند (17565)، قال عبد الله بن أحمد هناك:"قال أبي: اسم أبي رمثة: رفاعة بن يثربي". وهو الذي جزم به البخاري في الكبير (2/ 1/ 293 - 294)، قال:"رفاعة بن يثربي أبو رمثة. سماه محمَّد بن ليث، سمع عبد الله بن عبد الرحمن، ذكر أحمد بن حنبل. ثم أشار إلى الحديث افي تى (7111) مختصراً إباه كعادته، وفيه "عن أبي رمثة التيمي، تيم الرباب". ولم يذكر البخاري في اسمه قولاً آخر. ثم ترجمه
في "الكنى (رقم 251) موجزًا، قال: "أبو رمثة التيمي، تيم الرباب". وكذلك جزم باسمه ابن حبان في صحيحه (ج 3 ص 215 من المحطوطة ح) إذ روى الحديث الآتي (7109)، ثم قال: "اسم أبي رمثة: رفاعة بن يثربي التيمي، تيم الرباب. ومن قال إن أبا رمثة هو الخشخاش العنبري،: قد وهم". ولكن ابن حبان، حين ترجم له في الثقات (ص 63) حكى بعض الخلاف في اسمه، فقال: "رفاعة بن يثربي التيمي، أبو رمثة، تيم الرباب، أتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابنه. وقيل إن اسم أبي رمثة: حبيب بن حسان. ويقال إن أبا رمثة: هو الخشخاش العنبري". فقد حكى في الثقات القول الذي. نفاه في صحيحه وجزم بأنه وهم. والذي يتبين لنا من صنع ابن حبان في كتبه، أنه ألف كتاب (الثقات) أولاً، ثم كتاب (الضعفاء) أو (المجروحين من المحدثين) ثانيًا، ثم بني عليهما كتابه (الصحيح) الذي سماه: (المسند الصحيح، على التقاسيم والأنواع، من غير وجود قطع في سندها، ولا ثبوت جرح في ناقليها). وهو الكتاب الذي أخرجنا منه الجزء الأول بترتيب الأمير علاء الدين الفارسي، وجعلنا عنوانه (صحيح ابن حبان). فإنه قال في مقدمة صحيحه (ج1 ص 18 بتحقيقنا): "وقد اعتبرنا حديث شيخ شيخ، على ما وصفنا من الاعتبار، على سبيل الدين. فمن صح عندنا أنه منهم عدل احتججنا به، وقبلنا ما رواه، وأدخلناه في كتابنا هذا. ومن صح عندنا أنه غير عدل، بالاعتبار الذي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وصفناه، لم نحتج به، وأدخلناه في كتاب (المجروحين من المحدّثين)، بأحد أسباب الجرح"، إلخ. فهذا كلام يشعر يقيناً بأنه صنع كتابى (الثقات) و (الضعفاء) قبل كتاب (الصحيح). فهو قد حكى بعض الخلاف في كتاب الثقات، ثم حقق وجزم في (الصحيح) بمثل ما جزم به البخاري قولاً واحد، لم يحك غيره. فحن ذلك رجحهنا ما جزم به أحمد والبخاري، ثم تبعهما فيه ابن حبان. وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 2/ 492): "رفاعة بن يثربي أبو رمثة التيمي، ويقال اسم أبي رمثة: حبيب ابن حبان، له صحبة". فهذا يوافق بعض ما قال ابن حبان في الثقات. والخلاف في رسم "حبيب بن حسان" أو "بن حبان"، خلاف آخر في الرسم فقط، ورسم بغير ذلك في بعض المراجع. وقد نوفق لتضيقه، إن شاء الله. وقال الترمذي في السنن (4: 23): "وأبو رمثة التيمي، اسمه: حبيب بن حيان. ويقال اسمه: رفاعة بن يثربي". ويجمع أكثرُ الخلاف فيه، ما قال المزّي وتعقبه ابن حجر في التهذيب (12: 97)، قالا: "أبو رمثة ْالبلوي، ويقال: التميمي، ويقال: التيمي، تيم الرباب. قيل اسمه: رفاعة بن يثربي، وقيل: يثربي بن رفاعة، وقيل: ابن عوف، وقيل: عمارة بن يثربي، وقيل: حبان بن وهب، وقيل: حبيب ابن حبان، وقيل: خشخاش". ثم قال ابن حجر؟ "فرق ابن عبد البر بين أبي رمثة التيمي، وبين أبي رمثة البلوي، فذكر أن البلوي سكن مصر ومات بإفريقية". أما الفرق بين البلوي والتيمي، فإنه الصواب الذي ذهب إليه الترمذي وابن عبد البر وغيرهما، وهو الذي رجحه الحافظ في الإصابة. وأخطأ الذهبي في المشتبه (ص 65)، فجعلهما واحدًا. وانظر مصادر ذلك كله، في الاستيعاب (ص 126، 183، 668 بالأرقام 493، 745، 2922، 2923). والإصابة (2: 212، و6: 334،
و7: 68). وقد ضبط الحافظ في الإصابة "حيان" في أحد الأقوال السابقة "بتحتانية مثناة". "رمثة": بكسرالراء وسكون الميم وفتح الثاء المثلثة. "يثربي": بفتح الياء وسكون الثاء المثلثة ثم باء موحدة. "التيمي": بفتح الياء المثناة وسكون الياء التحتية وبعدها ميم.
وفي العرب قبائل عدة اسمها "تيم"، والمراد هنا "تيم الرباب"، كما بينه البخاري وغيره، وكما ثبت ذلك صراحة في الحديث الآتي (7111). وهم بنو "تيم بن عبد مناة بن أدّ =
7104 -
حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن إياد بن لَقيط السَّدُوِسي عن أبي رِمْثَة، قال: خرجتُ مع أبي، حتى أتينا النبي - صلي الله عليه وسلم -، فرأيت برأسه ردْع حِنَّاء.
7105 -
حدثنا عمرو بن الهيثم أبو قَطنٍ وأبو النًضْر قالا حدثنا
= ابن طابخة". و "الرباب": بكسر الراء مع تخفيف الباء الأولى، وهم عدة قبائل: "ضبة، وثور، وعُكْل، وتيم، وعديّ"، قال ابن الأثير في اللباب (1: 457): "وإنما لقبوا بذلك، لأنهم تحالفوا على بني سعد بن زيد مناة بن تميم، وغمسوا أيديهم عند التحالف في رُبّ، فسمّوا: الرباب، واشتهرت تيم الرباب بهذا دون غرِهم". وفي لسان العرب (1: 388): "قال الأصمعي: سموا بذلك لأنهم أدخلوا أيديهم في رُبّ وتعاقدوا وتحالفوا عليه. وقال ثعلب: سموا ربابًا، بكسر الراء؛ لأنهم ترببوا، أي تجمعوا رِبّةً رِبّةً".
وانظر أيضاً الاشتقاق لابن دريد (ص 111) ولأبي رمثة في هذا المسند مسند آخر، هو في أكثره تكرار لبعض مسنده الذي هنا، سيأتي (ج 4 ص 163 من طبعة الحلبي)، بالأرقام (17564 - 17573).
(7104)
إسناده صحيح، سفيان: هو الثوري. إياد بن لقيط السدوسي: سبق توثيقه (5694)، ونزيد هنا أنه ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 1 /345). والحديث رواه أبو داود (4208/ 4: 138 عون المعبود)، مطولا، من طريق عبد الرحمن بن مهدي ْعن سفيان. ورواه النسائي (2: 279)، مختصراً، بإسنادين من طريق ابن مهدي أيضاً.
ورواه أبو داود أيضًا (4206/ 4: 137 - 138 عون المعبود)، مطولا، من طريق عُبيد الله ابن إياد عن أبيه. وسيأتي مطولا (17566)، عن وكيع، بهذا الإِسناد. وسيأتي معناه أيضًا ضمن روايات أخص (7109، 7111 - 7116، 17564، 17566، 17569 - 17571، 17573). "ردع حناء": الردع، بفتح الراء وسكون الدال وآخره عين، مهملات: هو أثر الخلوق والطب ونحوهما في الجسد.
(7105)
إسناده صحيح، أبو النضر: هو هاشم بن القاسم. المسعودي: هو عبد الرحمن بن عبد الله ابن عتبة بن عبد الله بن مسعود، سبق توثيقه مراراً، ونزيد هنا أنه ترجمه ابن أبي حاتم =
المسعودي عن إياد بن لَقيط عن أبي رِمْثَةَ، عن النبي -صلي الله عليه وسلم -، قال:"يَدُ الْمُعْطِى الْعُلْيَا أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ"، وِقال رجل: يا رسول الله، هؤلاء بنو يربوع قَتلَة فلانٍ؟، قال: ألا لا تجني نفسٌ على أخرى. [قال عبد الله بن أحمد]: وقال أبي: قال أبو النَّضر في حديثه:
= في الجرح والتعديل (2/ 2/ 250 - 253)، وأنه اختلط في آخر عمره. قال أحمد:"إنما اختلط المسعودي ببغداد، ومن سمع منه بالكوفة والبصرة فسماعه جيد". وقال أيضاً: "سماع- أبي النضر وعاصم وهؤلاء من المسعودي بعد ما اختلط". وإنما صححنا هذا الإِسناد من جهة رواية عمرو بن الهيثم، فإنه بصري، فحديثه عن المسعودي صحيح.
وأما أبو النضر فإنه بغدادي، وسمع منه بعد الاختلاط، كما قال أحمد رحمه الله.
والحديث سيأتي مُرَّة أخرى، في المسند الآخر لأبي رمثة (17568) عن يزيد بن هرون: عن المسعودي. بهذا الإِسناد. وسيأتي بأطول من هذا (7106)، من رواية عبد الملك بن عمير عن إياد ابن لقيط، و (7108)، من رواية عاصم، كلاهما عن أبي رمثة. وهو ينطوي على قسمين: اليد العليا وبرَ الأقارب، وأنه لا تجنى نفس على أخرى: أما القسم الثاني: فسيأتى مراراً في مسندي أبي رمثة. وأما القسم الأول: فقد ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (3: 98)، وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفيه المسعودي، وهو ثقة، ولكنه اختلط". وقد بينّا قبل أن رواية عمرو بن الهيثم عن المسعودي كانت قبل اختلاطه. فهذه علة ذاهبة. ورواه الحاكم في المستدرك مختصراً (4: 150 - 151)،
من طريق جعفر بن عون عن المسعودي، بهذا الإِسناد، بلفظ:"برّ أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك". ولم يتكلم عليه الحاكم ولا الذهبي، إذ جاء به الحاكم شاهدًا لحديث آخر". وانظر بعض ما مضى في "اليد العليا" (4261، 4474، 5344، 5728، 6402). وقوله "لا تجني نفس على أخرى": قال ابن الأثير: "الجناية: الذنب والجرم وما يفعله الإنسان مما يوجب عليه العذاب أو القصاص في الدنيا والآخرة. المعنى: أنه لا يطالب بجناية غيره من أقاربه وأباعده، فإذا جنى أحدهما جناية لا يعاقب بها ْالأخر، كقوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
دخلتُ المسجدَ فإذا رسول الله -صلي الله عليه وسلم - يَخْطب ويقول: "يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا".
7106 -
حدثنا يونس حدثنا حمّاد، يعني ابن سَلَمة، عن
(7106) إسناده صحيح، على خطأ فيه من بعض رواته. فإن أحاديث أبي رمثة هذا، في مسنديه بمسند أحمد، وفيما روي في غير المسند من الدواوين، هي في الحقيقة، أو على غالب الظن، لقصة واحدة، تنوع فيها السياق من رواتها. وأكثر رواياتها فيها أن أبا رمثة جاء إلى النبي -صلي الله عليه وسلم - مع أبيه، أو أن أبا رمثة جاء إلى النبي -صلي الله عليه وسلم - معه ابنه. وبعض الروايات مختصرة، لم يذكر فيها هذا ولا ذاك. فيجب البحث عن أرجح الروايتين وأصحهما: أكان أبو رمثة
حاضراً مع أبيه، أم كان أبو رمثة هو الكبير، حضر معه ابنه؟، فاستقصيت ما استطعت الوصول إليه من أسانيد القصة، فوجدتها تدور على رواية ثلاثة من التابعين عن أبي رمثة.
ثم تدور على رواية تسعة من أتباع التابعين عن رواتها من التابعين. فالتابعون الثلاثة الذين رووها عن أبي رمثة، هم: إياد بن لقيط، وأكثر الروايات تنتهي إليه، وثابت بن منقذ، وعاصم: فروى ثابت بن منقذ عن أبي رمثة: أنه كان مع أبيه، رواية واحدة، في المسند (7114)، لم أجدها في غيره. وروى عاصم عن أبي رمثة عكس ذلك: أن ابنه كان معه، رواية واحدة في المسند أيضاً (7108)، لم أجدها في غيره. واختلف الرواة عن إياد ابن لقيط عليه في ذلك: فروى عنه ابنه عُبيد الله بن إياد (7109، 7116)، وسفيان الثوري (7104، 7107، 17566)، وابن أبجر (7110، 17565، 17571)، وعلي بن صالح (7112، 17567)، وقيس بن الربيع (7115، 17569) -
هؤلاء الخمسة رووا عن إياد بن لقيط عن أبي رمثة: أنه كان مع أبيه. وروى عنه ابن عمير (7106، 7111، 7113، 7118، 17564)، والشيباني (17572) - روى هذان عن إباد بن لقيط عن أبي رمثة: أن ابنه كان معه. وهذه الروايات التي في المسند لهؤلاء توافق ما روي عنهم في غيره من الدواوين التي وصل إلى علمها. فالنقد الصحيح، على طريقة أهل العلم بهذا الشأن، وهم أئمة الدنيا في نقد الروايات، وقواعدهم في ذلك أعلى القواعد وأدقها وأوثقها -: الترجيح بالحفظ والتثبت أولا، ثم بالكثرة ثانيًا، ثم بفحص سياق الروايات وترجيح أقربها إلى التوافق لا إلى التعارض، وإلى =
عبد الملِك بن عُمَيْر حدثنا إياد بن لَقِيط عن أبي رِمْثَةَ، قال: أتيتُ النبي - صلي الله عليه وسلم -
= المفهوم المعقول، لا إلى النابي الشاذّ. فالذي يثبت على النقد، والذي يكاد يجزم به الناقد العارف، والذي هو الراجح عند الموازنة: أن أبا رمثة كان مع أبيه، وأن من ذكر من الرواة غير ذلك فقد وهم. فإن أكثرُ الروايات تدور على رواية إباد بن لقيط عن أبي رمثة. وقد روى عنه خمسة من الرواة: أن أبا رمثة كان مع أبيه، وروى عنه اثنان عكس ذلك.
ويكفى في ترجيح رواية الخمسة عن إياد، أن يكون منهم سفيان الثوري، أمير المؤمنين في الحديث في عصره، كما وصفه بذلك الأئمة الحفاظ: شُعبة، وابن عيينة، وأبو عاصم وابن معين، وغيرهم، بل قال ابن مهدي:"كان وُهَيْب يقدم سفيان في الحفظ على مالك". وقال يحيى القطان: "سفيان فوق مالك في كل شيء". وقال أيضاً: "ليس أحد أحبّ إليّ من شُعبة، ولا يعدله أحد عندي، وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان".
وقال شُعبة: "سفيان أحفظ مني". وقال ابن معين: "ما خالف أحدٌ سفيانَ في شيء إلا كان القول ما قال سفيان". وقال شُعبة أيضاً: "إذا خالفني سفيان في حديث، فالحديث حديثه". ثم قد تابعه على روايته هذه أربعة: أحدهم: "عُبيد الله بن إباد"، وهو ثقة حافظ أيضاً، "كان عبد الله بن المبارك يعجب به". وقال أبو نعيم:"كان ابن إياد ثقة، وكان له صحيفة فيها أحاديثه". فمثل هذا مستوثق مما يروي، بما قيّد روايته بالكتابة. ثم الغالب أن يكون أعرف بحديث أبيه من غيره. وثانيهم: ابن أبجر، وهو "عبد الملك بن سعيد بن حيان بن أبجر"، سبق توثيقه (4623)، قال الثوري:"حدثنا من لم تر عيناك مثلَه: ابن أبجر". وقال العجلي: "كان ثقة ثبتًا في الحديث، صاحب سنة". وترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 2/ 351 - 352). و "حيان": بالحاء المهملة والياء التحتية. و "أبجر" بفتح الهمزة والجيم بينهما باء موحدة ساكنة. وثالثهم. ورابعهم: على بن صالح، وقيس بن الربيع، وهي ثقتان، فيهما كلام من قبل حفظهما. فمتابعتهما جيدة مقبولة. وأما المخالف لسفيان ومن تابعه، فهما اثنان: أحدهما: ابن عُمَيْر، وهْو "عبد الملك ابن عُمَيْر بن سويد"، وهو تابعي ثقة، إلا أنهم تكلموا في حفظه، وتغير حفظه قبل موته، فقد عاش 103 سنين. وثانيهما: الشيباني، والظاهر أنه أبو إسحق الشيباني، وهو ثقة حجة، لا خلاف في ذلك. ولكنه لا يوزن هو وابن عُمَيْر بالثوري وحده، فضلا عن أربعة آخرين تابعوا الثوري. فهذه رواية إياد بن لقيط، الراجع فيا ما ذكرنا، رجحانًا بيتًا =
وَعِنْدَهُ نَاسٌ مِنْ رَبِيعَةَ يَخْتَصِمُونَ فِى دَمٍ فَقَالَ: "الْيَدُ الْعُلْيَا أُمَّكَ وَأَبَوكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَوك، َ وَأَدْنَاكَ أَدْنَاكَ"، قَالَ فَنَظَرَ فَقَالَ:"مَنْ هَذَا مَعَكَ أَبَا رِمْثَةَ؟ "، قَالَ قُلْتُ ابْنِي، قَال: َ "أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ، وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ،
= واضحًا، يكاد يصل إلى اليقين. وقد تابعه على ذلك تابعي آخر مجهول الحال، هو ثابت ابن منقذ، سنذكره عند روايته (7114) إن شاء الله. وروايته تصلح للمتابعة والاستشهاد. ولم يخالفه إلا تابعي آخر، هو "عاصم". والظاهر لي الآن أنه عاصم بن سليمان الأحول، وهو ثقة معروف، ولكن تكلم بعضهم في حفظه أيضاً. ثم إن سياق الروايات لا يكاد يلتبس على قارئها أن الأقرب فيها أن يكون أبو رمثة راويها هو الذي كان مع أبيه. وهذا شيء يقع في نفس القارئ، يطمئن إليه، ولعله يعجز عن إقامة الحجة عليه. وقوله في الحديث، في هذه الرواية إناس من ربيعة، يختصمون في دم: هكذا جاء في هذه الرواية والرواية الآتية (7108). والذي في الرواية الماضية (7105) أنهم من بني -بوع، وكذلك فيما سيأتي (17568) أنهم من بني ثعلبة بن يربوع. ولعل هذا أصح. لأن النسائي روى أحاديث بأسانيد متعددة (2: 251) عن ثعلبة بن زهدم اليربوعي، بنحو هذا المعنى، أن الحادثة كانت في بني ثعلبة بن يربوع، وأن النبي -صلي الله عليه وسلم - قال:"ألا لا تجني نفس على الأخرى". وروى نحو ذلك عن رجل من بني ربوع، ولعله ثعلبة هذا، وروى ذلك عن طارق المحاربي أيضًا. والحديث الذي رواه النسائي عن رجل من بني يربوع مختصر، اقتصر فيه على معنى "لا تجني نفس على أخرى"، ولكنه في الأصل مطول، رواه أحمد في المسند (5: 377 ح) عن الأشعث بن سليم عن أبيه عن رجل من بني يربوع، قال:"أتيت النبي - صلي الله عليه وسلم -، فسمعته وهو يكلم الناس، يقول: يد المعطي العليا، أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك، فقال رجل: يا رسول الله، هؤلاء بنو ثعلبة بن يربوع الذي أصابوا فلانًا، قال: فقال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: ألا لا تجني نفس على أخرى". وهو حديث صحيح، ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد (3: 98) منه أوله "يد
المعطي العليا" إلخ، وقال: "رواه أحمد، ورجاله ليجال الصحيح". فهذا الحديث شبيه في سياقته بحديث أبي رمثة، ولعلهما كان معًا في ذلك المجلس: أبو رمثة والرجل من بني يربوع. فعن هذا كله نرجح أن القصة في بني يربوع، لا في "ربيعة". وقوله في آخر =
وذَكَر قصةَ الخاتَم".
7107 -
حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن إياد بن لَقيط السَّدُوسي قال: سمعت أبا رِمْثَةَ التَّيْمي، قال: جئت مع أبي إلى النبي -صلي الله عليه وسلم -، فقال:"اِبنك هذا؟ "، قلت، نعم، قال:"اتحِبُّه؟ "، قلت: نعم، قال:"أما إنه. لا يجْنِي عليك، ولا تَجنِي عليه".
7108 -
حدثنا يونس حدثنا حمّاد، يعني ابن سَلَمة، عن عاصم عن أبي رمْثَة، قال: أتيت رسول الله -صلي الله عليه وسلم - وعندَه ناس من ربيعة يختصمون في دم العمد، فسمعته يقول: أمَّك وأباك، وأختَك وأخاك، ثم أدناك فأدناك"،
= الحديث "وذكر قصة الخاتم" - هو إشارة إلى خاتم النبوة، وسيأتي مفصلاً في بعض الرويات الآتية، إن شاء الله.
(7107)
إسناده صحيح، وهو مختصر ما قبله.
(7108)
إسناده صحيح، عاصم: جزم ابن كثير في التاريخ (6: 27) بأنه ابن بهدلة، وهو بعيد.
والراجع عندي أنه عاصم بن سليمان الأحول، وهو تابعي ثقة معروف، إلا أنه أخطأ في الحديث، أو لعل الخطأ من حمّاد بن سلمة، إذ ذكرا فيه أن أبا رمثة كان معه ابنه.
والصواب أنه كان مع أبيه، كما حققنا ذلك بأوفى بيان، في الحديث (7106). وأخطأ أحدهما أيضاً في ذكر "ربيعة" بدل "بني يربوع"، كما حققنا هناك أيضًا. والحديث مطول (7106). ورواه ابن سعد في الطبقات (1/ 2/ 132) مختصراً، عن يعقوب بن إسحق الحضَرمي عن حمّاد بن سلمة، بهذا الإِسناد. قوله "في دم العمد"، في نسخة بهامش (م)"في العمد". "نغض الكتف"، بضم النون وفتحها مع سكون الغين المعجمة وآخره ضاد معجمة، و "ناغضه" أيضاً: قال ابن الأثير: "أعلى الكتف، وقيل: هو العظم الرقيق الذي على طرفه". و "خاتم النبوة": ثابت بأحاديث كثرة صحاح. وفيه روايات وتفصيل كثير. وقد وفي العلماء رحمهم الله القول فيه، وجمع بعضهم كثيرًا من رواياته. وانظر بعض ذلك في تاريخ ابن كثير (6: 26 - 28)، وفتح البارى (6: 409 - 411)، وشرح المواهب اللدنية للزرقاني (1: 185 - 196). وانظر ما مضى في =
ثم قال: فنظر، ثم قال:"من هذا معك يا أبا رِمْثَة؟ "، فقلت ابني، قال:"أما إنه لا يجني عليك، ولا تجني عليه"، قال: فنظرتُ فإذا في نُغْض كَتفه مثلُ بعرة البعير، أو بيضة الحمامة، فقلت: ألا أُداويك منها يا رسول الله، فإنا أهلُ بيتٍ نُطَبب؟، فقالَ:"يداويها الذي وَضَعَها".
7109 -
حدثنا هشام بن عبد الملك وعفّان، قالا حدثنا عُبيد الله ابن إياد حدثنا إياد عن أبي رِمْثَة، قال: انطلَقت مع أبي نحو رسول الله -صلي الله عليه وسلم -، فلما رأيته قال لي أبي: هل تدري من هذا؟، قلت: لا، فقال لي أبي: هذا رسول الله - صلي الله عليه وسلم -، فاقْشَعْررْتُ حين قال ذاك، وكنتُ أظنُّ رسول الله -صلي الله عليه وسلم - شيئاً لا
= مسند ابن عباس (1954).
(7109)
إسناده صحيح، هشام بن عبد الملك: هو أبو الوليد الطيالسي. والحديث رواه ابن حبان في صحيحه (3: 215 ح) عن الفضل بن الحباب الجمحي عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإِسناد. ورواه البيهقي في السنن الكبرى (8: 345) من طريق إسماعيل بن إسحق القاضي عن أبي الوليد، بهذا الإِسناد. ورواه ابن سجد في الطبقات (1/ 2/ 132)، مختصراً عن عفان بن مسلم وهشام أبي الوليد الطيالسي وسعيد بن منصور، ثلاثتهم عن عُبيد الله بن إياد. ووقع فيه "سعد بن منصور" بدل "سعيد"، وهو خطأ مطبعي واضح. ورواه البيهقي أيضاً (23:8) من طريق عاصم بن علي عن عُبيد الله بن إياد. ورواه أبو داود في السنن، مقطعًا في ثلاثة مواضع (4065، 4206، 4495/ 4: 91، 137 - 138، 287 عون. المعبود)، عن أحمد بن يونس عن عُبيد الله بن إياد. وروى الترمذي (4: 23)، والنسائي (1: 233)، قطعة منه، عن محمد بن بشار عن عبد الرحمن بن مهدي عن عُبيد الله بن إياد. قوله "له وفرة": الوفرة، بفتح الواو وسكون الفاء: قال ابن الأثير: "شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن". قوله "شبهي بأبي"، في نسخة بهامش (م)"شبهي في أبي". وهي غير جيدة. "السلعة"،
بكسر السين المهلمة وسكون اللام: قال ابن الأثير: "هي غدة تظهر بين الجلد واللحم" إذا غمزت باليد تحركت".
يُشْبِهُ النَّاسَ فَإِذَا بَشَرٌ لَهُ وَفْرَةٌ - قَالَ عَفَّانُ فِى حَدِيثِهِ ذُو وَفْرَةٍ - وَبِهَا رَدْعٌ مِنْ حِنَّاءٍ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَبِي، ثُمَّ جَلَسْنَا فَتَحَدَّثْنَا سَاعَةً، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَبِي:"ابْنُكَ هَذَا؟ ". قَالَ إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ.
قَالَ: حَقًّا؟. قَالَ أَشْهَدُ بِهِ. فَتَبَسَّمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ضَاحِكاً مِنْ ثَبْتِ شَبَهِي بِأَبِي، وَمِنْ حَلِفِ أَبِي عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ، قَال: َ وَقَرَأَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} قَالَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى مِثْلِ السَّلْعَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ الله إِنِّي كَأَطَبِّ الرِّجَالِ أَلَا أُعَالِجُهَا لَكَ؟، قَالَ: لَا، طَبِيبُهَا الَّذِى خَلَقَهَا.
7110 -
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي عن
(7110) إسناده صحيح، أبو بكر بن أبي شيبة: هو عبد الله بن محمَّد بن إبراهيم، وهو ثقة حجة، من أقران الإِمام أحمد، أكبر منه قليلاً، يروي عنه أحمد وابنه عبد الله. والثابت في الأصول الثلاثة هنا أن يقول القطيعي:"حدثنا عبد الله حدثني أبي"، فيكون الحديث من رواية الإِمام أحمد عن أبي بكر بن أبي شيبة. ولكن بهامش (م) ما نصه:"قوله: حدثني أبي، ساقط من نسخة صحيحة". فلو صحت هذه النسخة كان الحديث من زيادات عبد الله، ولكنا لم نستطع أن نجزم بذلك، ورجحنا ما ثبت في ثلاثة أصول، وأيامًا كان، فالإسناد صحيح، سواء أكان من رواية عبد الله عن أبيه عن أبي بكر، أم من رواية عبد الله عنه مباشرة. الحسين بن علي: هو الجعفي الكوفي، سبق توثيقه (1284)، ونزيد هنا أنه ترجمه البخاري في الكبير (1/ 2/ 378)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 2/ 55 - 56). ابن أبجر: هو عبد الملك بن سعيد بن حيان بن أبجر، مضت ترجمته (4623، 7106). والحديث سيأتي مطولاً (17565) عن سفيان ابن عيينة عن ابن أبجر. ورواه الشافعي في الأم (6: 4) مطولاً أيضاً، عن ابن عيينة، وهو في مسند الشافعي بترتيب الشيخ عابد السندي (2: 98 رقم: 325). ورواه البيهقي في السنن الكبرى (8: 27)، من طريق الشافعي، بهذا الإِسناد. ورواه أبو داود (4207/ 4: 138 عون المعبود) مختصراً، بنحو ما هنا، عن محمد بن العلاء عن ابن =
ابن أَبْجَر عن إياد بن لَقيط عن أبي رِمْثَة، قال: انطلقتُ مع أبي وأنا غلام، إلى النبي -صلي الله عليه وسلم -، قال: فقَال له أبي: إني رحل طبيب، فأرِنيِ هذه السّلْعة التي بظهرك، قال:"وما تَصْنِع بها؟ "، قال: أقطعها، قال:"لست بطبيب، ولكنك رفيق، طبيبُها الذي وضعها"، وقال: غيره: الذي خَلَقها.
7111 -
[قال عبد الله بن أحمد]: حدثني سعيد بن [أبي] الرَّبيع
= إدريس، وهو عبد الله بن إدريس الأودي، عن ابن ألجر قوله "ولكنك رفيق": هو بالفاء وآخره قاف، قال ابن الأثير:"أبي أنت ترفق بالمريض وتتلطفه، والله الذي يبرئه ويعافيه".
(7111)
إسناده صحيح، على خطإ في سياقته، بينّاه من قبل مفصلاً، في الحديث (7106)، وسنشير إليه بعدُ، إن شاء الله. سعيد بن أبي الربيع السمَّان: هو "سعيد بن أشعث"، عم أبيه "أشعث"، وكنيته "أبو الربيع". ووقع في (ح)"سعيد بن الربيع"، وهو خطأ، صححناه من (ك م) ومراجع الترجمة. وسعيد هذا: ثقة، مترجم في الإكمال والتعجيل، وفي الجرح والتعديل (2/ 1/ 5)، وروى ابن أبي حاتم عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال:"سمعت أبي، وذكر ابن أبي الربيع السمان، فقال: ما أراه إلا صدوقًا". وفي التعجيل: "ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يكنى أبا بكر، يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه". والحديث أشار إليه البخاري في الكبير. (2/ 1/ 294) في ترجمة "رفاعة بن يثربي" كعادته في الإيجاز، بن طريق يحيى، وهو ابن حمّاد الشيباني، ختن أبي عوانة، عن أبي عوانة، بهذا الإِسناد إلى أبي رمثة، قال:"أيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعي ابني". ورواه مطولاً، ابن سعد في الطبقات (1/ 2/ 32 - 133)، من طريق عُبيد الله ابن عمرو، هو الجزري الرقي، عن عبد الملك بن عمير. وروى النسائي منه:"خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثوبان أخضران"(2: 298)، من طريق جرير بن حازم عن عبد الملك بن عمير. وروى الحاكم منه في المستدرك::"أتيت النبي -صلي الله عليه وسلم -، وعليه بردان أخضران، وله شعر قد علاه الشيب، وشيبه أحمر، مضوب بالحناء"(2: 607)، من طريق أبي حمزة، وهو السكري محمَّد بن ميمون، عن عبد الملك بن عمير. وقال:"حديث صحيح الإِسناد، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. والخطأ فيه من عبد الملك بن =
السمَّان حدثنا أبو عَوَانة عن عبد الملك بن عُمير عن إياد بن لَقيط العجْلي عن أبي رِمْثَة التَّيْمي، تيم الرّباب، قال: أليتُ النبي -صلي الله عليه وسلم -، ومعى ابَني، فأَرانيه إياه، فقلت لابني: هذا رسول الله -صلي الله عليه وسلم -، فأخذته الرّعْدَةُ، هيبةً لرسول الله -صلي الله عليه وسلم - فقلت له: يا نبي الله، إني رجل طبيب، من أهل بيتٍ أطباء، فأرني ظهرَك، فَإِنْ تَكُنْ سَلْعَةً أَبُطُّهَا وَإِنْ تَكُ غَيْرَ ذَلِكَ أَخْبَرْتُكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ إِنْسَانٍ أَعْلَمَ بِجُرْحٍ أَوْ خُرَاجٍ مِنِّي. قَالَ: طَبِيبُهَا الله، وعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ لَهُ شَعَرٌ قَدْ عَلَاهُ الْمَشِيبُ وَشَيْبُهُ أَحْمَرُ، فَقَالَ: ابْنُكَ هَذَا؟، قُلْتُ: إِى وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، قَال: َ ابْنُ نَفْسِك؟، قُلْتُ: أَشْهَدُ بِهِ، قَالَ: فَإِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ.
= عمير، هو في جحله أن أبا رمثة هو الكبير، وأن ابنه كان معه. بل إن في عبارته في روايته ما يدل على ها، بقوله "ومعى ابني، فأراينه إياه" إلخ؛ فهو سياق مقلوب واضح الاضطراب، وهو هكذا في الأصول الثلاثة. وكتب بهامشه في (م) ما نصه: كذا فأراينه في أصلين، مُضبب عليه في أحدهما، وفي أصل آخر "فأريته" وهو الموافق لقوله "فقال: أتدري من هذا؟ ". ولو كان الأمر هكذا، اختلاف أصول في هذا الموضع فقط - لكان الأمر هينًا، يكون خطأ من أحد الناسخين مثلا. ولكن كل الروايات المطولة التي رأينا من رواية عبد الملك بن عمير، فيها هذا: أن أبا رمثة كان معه ابنه، كما فصلنا في (7106). قوله "أبطها": أي أشقها، يقال: "بط الجرح" إذا شقه، و"ببطت القرحة":
شققتها. وقوله "بجرح أو خراج": "الجرح" معروف، بتقديم الجيم وأخره حاء مهملة، ووقع في (ح)"بخرج"، بالخاء والجيم، وهو تصحيف مطبعي، صححناه من (ك م).
و"الخراج" بضم الخاء المعجمة وتخفيف الراء، وهو ورم يخرج بالبدن من ذاته. والعامة تنطقه بتشديد الراء، وهو خطأ. وهذا الحديث من زيادات عبد الله بن أحمد. وكتب فوق أوله في (م) علامة "صح" ثلاث مرات، دلالة على ذلك، وعلى أنه لم يسقط من إسناده ذكر رواية عبد الله عن أبيه.
7112 -
[قال عبد الله بن أحمد]: حدثني أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمَّد بن بشْر عن علي بن صالح حدثني إياد بنْ لَقيط عنِ أبي رِمْثَة، قال: حججتُ فرأيت رجلاً جالساً في ظل الكعبة، فقالَ أبي: تدْري منْ هذاْ؟، هذا رسول الله -صلي الله عليه وسلم -، فلمّا انتهينا إليه، إذا رجل ذو وَفْرة، به رَدْعٌ، وعليه ثوبان أخضران.
7113 -
[قال عبد الله بن أحمد]: حدثني عمرو بن محمَّد بن بُكَيْر الناقد حدثنا هُشيم غير مَرَّة، قال: أخبرني عبد الملك بن عُمير عن إياد ابن لَقيط عن أبي رمْثَة التَّيْمي: أَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَمَعِى ابْنٌ لِي، فَقَال: َ "ابْنُكَ هَذَا". قُلْتُ أَشْهَدُ بِهِ. قَالَ "لَا يَجْنِى عَلَيْكَ، وَلَا تَجْنِى عَلَيْهِ"، قَالَ،
وَرَأَيْتُ الشَّيْبَ أَحْمَرَ.
7114 -
[قال عبد الله بن أحمد]: حدثني شيبَان بن أبي شيبة
(7112) إسناده صحيح، محمَّد بن بشر بن الفرافصة العبد: ثقة حافظ، سبق توثيقه (299)، ونزيد هنا أنه ترجمه البخاري في الكبير (1/ 1 /45)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 3/ 210 - 211). علي بن صالح بن صالح بن حىّ: هو أخو الحسن ابن صالح، وهو ثقة مأمون، سبق توثيقه (712، 5220). والحديث سيأتي مختصراً (17567)، من رواية الإِمام أحمد عن وكيع عن علي بن صالح. وأما هذا الإِسناد، فإنه من زيادات عبد الله بن أحمد. وقد مضى معناه مرارًا، ضمن الأحاديث الماضية.
(7113)
إسناده صحيح، على خطأ عبد الملك بن عمير فيه، في أن أبا رمثة كان معه ابنه، كما بينا في (7106، 7111). عمرو بن محمَّد بن بكير الناقد: سبق توثيقه (2311)، ونزيد هنا أنه ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 1/262). هُشيم، بالتصغير: هو ابن بشير، بفتح الباء وكسر الشين المعجمة. وهذا الحديث من زيادات عبد الله. وسيأتي مُرَّة أخرى (17564)، من رواية الإِمام أحمد عن هُشيم، بهذا الإِسناد. وقد تكرر معناه فيما مضى مرارًا.
(7114)
إسناده حسن، شيبان بن أبي شيبة: هو شيبان بن فروخ الحبطي، بفتح الحاء المهملة =
حدثنا يزيد، يعني ابن إبراهيم التُّسْتَري، حدثنا صدقة بن أبي عمران عن
= والباء الموحدة، كنية أبيه "أبو شيبة"، سبق توثيقه (889)، ونزيد هنا أنه وثقه أحمد وغيره، وترجمه البخاري في الكبير (2/ 2/ 255)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 1/ 357). يزيد بن إبراهيم التُسْتَري: سبق توثيقه (1726)، ونزيد هنا أنه ترجمه البخاري في الكبير (4/ 2/ 318)، والذهبي في تذكرة الحفاظ (1: 187 - 188).
ووقع اسمه في (ح)"زيد"، وهو خطأ مطبعي، صححناه من (ك م). صدقة بن أبي عمران الكوفي قاضي الأهواز: سها الحافظ ابن حجر، فلم يترجم له في التهذيب، في حين أنه من رجال الكتب الستة" روى له مسلم في الصحيح، وابن ماجة، والبخاري في الصحيح تعليقًا، ولكنه ترجمه في التقريب، ورمز له برمز هؤلاء الثلاثة، ونقل طابع التهذيب ترجمته بالهامش عن الخلاصة، وترجمه ابن طاهر المقدسي في الجمع بين رجال الصحيحين (ص 225)، وهو ثقة، ذكره ابن حبان في الثقات (ض 499).
وترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 2/ 432 - 433)، قال:"روى عن أبي إسحق، وأبي يعفور، وإياد بن لقيط، وعون بن أبي جحيفة، روى عنه أبو أسامة، وسعدان بن يحيى"، ثم قال:"ذكره أبي عن إسحق بن منصور عن يحيى بن معين: أنه سئل عن صدقة بن أبي عمران؟، فقال: لا أعرفه. قال أبو محمَّد [هو ابن أبي حاتم]: يعني لا أعرف حقيقة أمره". ثم روى عن أبيه قال: "صدوق، شيخ صالح، ليس بالمشهور". وترجمه البخاري في الكبير (2/ 2/ 295 - 296)، قال: "صدقة بن أبي
عمران، حدثني محمَّد بن عمرو حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري حدثنا صدقة بن أبي عمران عن أبي رمثة: خرجت مع [أبي]، فتلقاني النبي -صلي الله عليه وسلم -، هذا مرسل". فهذه إشارة من البخاري إلى هذا الحديث. ثم روى له حديثاً آخر عن عون بن أبي جحيفة، ثم قال: "وقال لنا إسحق عن أبي أسامة: حدثني صدقة بن أبي عمران قاضي الأهواز، سمع أبا يعفور". ثابت بن منقذ: تابعي مجهول الحال، ترجمه الحسيني في الإكمال (ص 15)، فلم يقل شيئاً غير أنه "ليس بمشهور"، ولم يزد الحافظ في التعجيل (ص 63) غير أن أشار إلى حديثه هذا، من روايةْ عبد الله بن
أحمد. ولم أجد له ترجمة في شيء من المراجع غير ذلك. فهذا تابعي مجهول الحال، =
رجل، هو ثابت بن مُنْقذ، عن أبي رِمْثَة، قال: انطلقتُ أنا وأبي إِلى رسول الله -صلي الله عليه وسلم -، فلما كنّاَ في بعض الطريق فلقيناه، فقال لي أبي، ياِ بُنَي، هذا رسول الله -صلي الله عليه وسلم -، قال: وكنتُ أحسب أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم - لا يشْبه الناس، فإذا رجل له وَفْرَة، وبها ردْعٌ من حِنّاء، عليه بُرْدَان أخضران، قال: كأني انظر إلى ساقيه، قال: فقال لأبي: من هذا معك؟، قال: هذا والله ابني، قال: فضحك رسوِل الله طس لحلف أبي عليّ، ثم قال: صدقتَ، أمَ! إِنك لا تَجْنيِ
عليه، ولا يجْني عليك، قال: وتلا رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} .
7115 -
[قال عبد الله بن أحمد]: حدثنا محمَّد بن بكار حدثنا
= فهو على الستر، حتى يتبين حاله، فعن هذا حسناً حديثه. ووقع اسمه في التهذيب (12: 97)، في الرواة عن أبي رمثة "ثابت بن أبي منقذ"، فزيادة "أبي" خطأ ناسخ أو طابع يقيناً. والحديث من هذا الوجه لم أجده في غير المسند، إلا إشارة البخاري إليه التي ذكرنا، ولكنه عنده من رواية صدقة بن أبي عمران عن أبي رمثة"، وقد عقب عليه البخاري بأنه مرسل، يريد أنه منقطع بين "صدقة" و"أبي رمثة". ولعل البخاري وقعت له هذه الرواية التي فيها زيادة "ثابت بن منقذ" بين "صدقة" و"أبي رمثة"، فحكم بانقطاع الإِسناد، وأخر الترجمة لثابت بن منقذ حتى يعرف حاله فلم يتهيأ له، فترك ترجمته.
ومعنى الحديث ثابت في جملته من الأحاديث التي قبله والتي بعده. وهذا الحديث من زيادات عبد الله بن أحمد.
(7115)
إسناده صحيح، قيس بن الربيع الأسدي: رجحنا توثيقه في (661، 1650) ونزيد هنا أن له تراجم في ابن سعد (6: 262 - 263)، والجرح والتعديل (2/ 3/ 96 - 98) والحديث في معنى الأحاديث التي قبله والتي بعده من حديث أبي رمثة. وهو من زيادات عبد الله بن أحمد. وسيأتي بنحوه. بهذا الإِسناد (17569). كلمة "رجلا": رسمت في (م)"رجل" دون ألف، ورسمت بالألف في (ك ح). وكلمة "جالسًا": رسمت في (م ك)"جالس" دون ألف أيضاً. ووضع عليها في (م) فتحتان وعلامة الصحة، دلالة على أنها منصوبة. وهذا الرسم في الكلمتين جائز على لغة ربيعة، إذ =
قيم ابن الرَّبيع الأسَدي عن إياد بن لَقيط عن أبي رِمْثة، قال: انطلقتُ مع أبي وأنا غلام، فأتينِا رجلاً من الهاجرة، جالساً في ظل بيته، وعليه بردان أخضران، وشعره وفْرة، وبرأسه رَدْعٌ من حنَّاء، قال: فقالَ لي أبي: أتدري مَنْ هذا؟، فقلت: لا، قال: هذا رسول الله -صلي الله عليه وسلم -، قال: فتحدثنا طويلاً، قال: فقال له أبي: إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ طِبٍّ فَأَرِنِي الَّذِى بِبَاطِنِ كَتِفِكَ، فَإِنْ تَكُ سِلْعَةً قَطَعْتُهَا وَإِنْ تَكُ غَيْرَ ذَلِكَ أَخْبَرْتُكَ، قَالَ: طَبِيبُهَا الَّذِي خَلَقَهَا، قَالَ ثُمَّ نَظَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَىَّ فَقَالَ لَهُ: ابْنُكَ هَذَا؟، قَالَ أَشْهَدُ بِهِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم "انْظُرْ مَا تَقُولُ؟ ". قَالَ إِى وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لِشَبَهِي بِأَبِي وَلِحَلِفِ أَبِي عَلَيَّ!، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم "يَا هَذَا، لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ".
7116 -
[قال عبد الله بن أحمد]: حدثني جعفر بن حُميد الكوفي حدثنا عبيد الله بن إياد بن لَقيط عن أبيه عن أبي رمثة، قال: انطلقت مع أبي نحو رسول الله -صلي الله عليه وسلم -، فَلما رأيتُه قال أبي: هِل تدري من هذا؟ "، قلت: لا، قال: هذا محمَّد رسول الله -صلي الله عليه وسلم -، قال: قَالَ فَاقْشَعْرَرْتُ حِينَ قَالَ ذَلِكَ وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم شَيْئاً لَا يُشْبِهُ النَّاسَ، فَإِذَا بَشَرٌ ذُو وَفْرَةٍ، وَبِهَا رَدْعُ حِنَّاءٍ، وعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَبِي، ثُمَّ جَلَسْنَا فَتَحَدَّثْنَا سَاعَةً، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَبِي: ابْنُكَ هَذَا؟، قَالَ إِى وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، قَال: حَقًّا؟، قَالَ: أَشْهَدُ بِهِ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ضَاحِكاً مِنْ تَثْبِيتِ شَبَهِي
= يقفون على المنصوب بالسكون، كالوقف على المرفوع والمجرور.
(7116)
إسناده صحيح، جعفر بن حميد القرشي الكوفي: سبق توثيقه (5695)، ونزيد هنا أنه ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 1/ 477). والحديث في معنى ما قبله أيضاً. قوله "أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم - شيئًا": هكذا رسمت "شيئاً" في (م ح) بالنصب، ويمكن توجيهه على لغة من ينصب معمولي "أن". ورسمت في (ك)"شيء" بالرفع، على الجادة. والحديث من زيادات عبد الله بن أحمد.
بِأَبِى وَمِنْ حَلِفِ أَبِى عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ، وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ، وَقَرَأَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ثُمَّ نَظَرَ إِلَى مِثْلِ السِّلْعَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَقَالَ يَا رَسُولَ الله، إِنِّى كَأَطَبِّ الرِّجَالِ، أَلَا أُعَالِجُهَا لَكَ؟ قَالَ: لَا طَبِيبُهَا الَّذِى خَلَقَهَا.
7117 -
[قال عبد الله بن أحمد]: حدثني أبي وأبو خيثَمة زُهير ابن حَرْب قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا عُبيد الله بن إياد بن لَقيط عن أبيه عن أبي رِمْثة، قال: أتيت رسول الله -صلي الله عليه وسلم -، وعليه بردان أخَضران.
7118 -
[قال عبد الله بن أحمد]: حدثني شَيْبَان بن أبي شيبة حدثنا جريرِ، يعني ابن حازم، حدثنا عبد الملك بن عُمير عن إياد بن لَقِيط عن أبي رِمْثة، قال- قدمتُ المدينة، ولم أكن رأيت رسول الله -صلي الله عليه وسلم -، فخرج وعليه ثوبان أخضران، فقلت لابني: هذا -والله- رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فجعل ابني يرتعدُ، هيبةً لرسول الله -صلي الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسولِ الله، إنِي رجل طبيب، وإن أبي كان طبيباً، وإنّا أهل بيت طبّ، والله ما يخْفَي علينا من الجَسَد عرْقٌ
ولا عَظْم، فأرني هذه التي على كتَفك، فإن كانت سلعةً قطعتُها ثم داويتها، قال: لا، طبيبها الله، ثم قال: من هذا الذي معك؟ "، قلت: ابني وِرب الكعبة، فقال: "ابنُك؟ "، قال: ابني، أَشْهَد به، قال: ابُنك هذا لا يجْني عليك، ولا تَجني عليه".
[آخر مسند أبي رمثة]
(7117) إسناده صحيح، وهو مختصر ما قبله. وهو من رواية عبد الله بن أحمد عن أبيه وعن زهير بن حرب، كلاهما عن ابن مهدي.
(7118)
إسناده صحيح، على خطأ فيه من عبد الملك بن عمير، كما أشرنا في (7106، 7111). والحديث في معنى الأحاديث قبله، من حديث أبي رمثة.