المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ابتداء مسند أبي هريرة - مسند أحمد - ت شاكر - ط دار الحديث - جـ ٦

[أحمد بن حنبل]

الفصل: ‌ابتداء مسند أبي هريرة

بسم الله الرحمن الرحيم

‌ابتداء مسند أبي هريرة

، رضي الله عنه

الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

وصلى الله على خيرته من خلقه، سيد ولد آدم، محمَّد بن عبد الله، عبد الله ورسوله. وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد: فهذا أول مسند "أبي هريرة"، نن هذا الديوان الأعظم، مسند الإِمام أحمد بن حنبل.

وقد اعتمدت في تصحيحه على الأصول الثلاثة، التي وصفت اثنين منها في ص 16 من (الجزء الأول)، والثالث في أول (الجزء السابع).

ويزاد عليها في "مسند أبي هريرة" خاصة، أصل رابع مخطوط متقن موثق. هو مجلد من (المسند)، كتب سنة 837.

وكنت قد وجدت هذا المجلد منذ أكثر من عشرين سنة. وقابلته على المطبوعة (ح)، وكتبن ملاحظاتي على نسختي وفي كراسة خاصة. وأثبت إذ ذاك في الكراسة صفة عملي فيها، قبل إرجاع ذلك المجلد إلى من أعارنيه، إذ كان أمانة عنده. وهذا نص ما كتبن حينذاك بالحرف الواحد: "وجدت قطعة من المسند، مكتوب عليها أنها (المجلد الثامن)، وهي مقسمة إلى أجزاء صغيرة، عددها (29). وهي كل مسند أبي هريرة. فرغ منها ناسخها (في يوم الخميس، سادس شهر رمضان المعظم قدره، عام سبعة

وثلاثين وثمان مائة)، (سنة 837)، ولم يكتب اسمه. وهي مصححة ومقابلة على أصلها".

"وقد بدأت في مراجعة نسخة المسند المطبوعة، في (مسند أبي هريرة) على هذه المخطوطة، في الأحاديث التي اشتبهت فيها، أو كان فيها خطأ من

ص: 519

الناسخ أو الطابع، وصححت بعض هذه الأغلاط بأصل النسخة المطبوعة، وكتبن بعض الملاحظات في هذه الكراسة، لتكتب مع الأصل عند طبع الكتاب، إن شاء الله".

"وبدأت في هذه المراجعة، يوم الجمعة المبارك 27 صفر سنة 1351 = أول يوليو سنة 1932. وأسأل الله التيسير والتوفيق".

ثم كتبت بعد ذلك، عند تمام المراجعة، ما نصه: "أتممت مراجعة ما ظننت فيه خطأ أو شبهة، من (مسند أبي هريرة) المطبوع على النسخة المخطوطة التي ذكرتها، والحمد لله. وذلك في صبيحة

يوم الثلاثاء غرة ربيع الأول سنة 1351 = 5 يوليو سنة 1932. والحمد لله مراراً وتكرارم.، ونسأله التوفيق والهداية".

وسنرمز لهذه المخطوطة، إن شاء الله، في هذه الطبعة، بحرف (ص).

وأسأل الله العصمة والسداد، والتوفيق لإتمام هذا المسند الجليل، والديوان الأعظم، ليكون "للناس إمامًا"، كما توقع مؤلفه العظيم، إمام أهل السنة، وأمير المؤمنين في الحديث، رحمه الله ورضي عنه.

ضحوة الجمعة 15 شوال سنة 1372

26 يونية سنة 1953

كتبه

أحمد محمَّد شاكر

عفا الله عنه

ص: 520

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أبو هريرة

هو حافظ الصحابة، وأكثرهم رواية عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم - روى له الإِمام أحمد في هذا

المسند (3848) حديثاً. من رقم (7119) إلى (10997) وفيها مكرر كثير، باللفظ أو بالمعنى، كعادة المسند في تكرار الحديث. ويصفو له منها- بعد حذف المكرر- خير كثير. هو أكثرُ الصحابة رواية على كل حال. وهو "دوسي"، من "بني دوس بن عُدْثان، بطن كبير من الأزد. و"دوس": بفتح الدال وبالسين المهملتين يينهما واو ساكنة. و"عدثان": بضم العين وسكون الدال المهملتين ثم شاء مثلثة. انظر اللباب لابن الأثير (1: 429، و 2: 125 - 126)، والمشتبه للذهبي (ص 352)، ومعجم قبائل العرب (ص 394، 761).

ْأسلم أبو هريرة سنة 7 من الهجرة، وصحب رسول الله -صلي الله عليه وسلم -، ولزمه إلى آخر حياته الطيبة المباركة صلى الله عليه وسلم، ورضي عن أصحابه.

واختلف في وفاة أبي هريرة. والراجع أنه مات سنة 59.

وأختلف أيضاً في اسمه واسم أبيه اختلافًا كثيرًا. والراجع أنه كان يسمي في الجاهلية "عبد شمس بن عامر"، وسمى في الإِسلام "عبد الله".

وفي التهذيب أن ابن خزيمة روى من طريق محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة: "كان اسمي عبد شمس". ثم قال الحافظ ابن حجر: "الرواية التي ساقها ابن خزيمة أصح ما ورد في ذلك، ولا ينبغي أن يعدل عنها، لأنه روى ذلك عن الفضل بن موسى السيناني عن محمَّد بن عمرو، وهذا إسناد صحيح متصل، وبقية الأقوال إما ضعيفة السند أو منقطعة".

وقد اشتهر بكنيته "أبو هريرة"، حتى غلبت على اسمه، فكاد ينسى.

وروى الحاكم في المستدرك عنه، قال:"كان رسول الله -صلي الله عليه وسلم - يدعونى "أبا هرّ" ويدعوني الناس "أبا هريرة".

وروى عنه أيضاً، قال:"لآن تكنوني بالذَّكر، أحبّ إليّ من أن تكنوني بالأنثى".

ولسنا هنا بصدد ترجمة أبي هريرة، فإن ذلك يطول جداً. ولكنا نشير إلى مصادرها، ففيها =

ص: 521

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كثرة، وكلها فوائد لمن بصره الله طريق الهدى: طبقات ابن سعد (ج 2 ق 2 ص 117 - 119، وج 4 ق2 ص52 - 64).

الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (ج3 ق1 ص 49 - 50).

التاريخ الصغير للبخاري (ص 52).

الكنى والأسماء للدولابي (1: 61).

الثقات لابن حبان (ص 97).

المستدرك للحاكم (3: 506 - 514).

الاستيعاب لابن عبد البر (ص 718 - 719).

أسد الغابة لابن الأثير (5: 315 - 317).

تهذيب الأسماء واللغات للنووي (2: 270).

تاريخ الإِسلام للذهبي (2: 333 - 339).

تذكرة الحفاظ للذهبي (1: 31 - 35).

تاريخ ابن كثير (8: 103 - 115).

الإصابة لابن حجر (7: 199 - 207).

تهذيب التهذيب لابن حجر (12: 262 - 267)

شذرات الذهب لابن العماد (1: 63 - 64).

وقد لهج أعداء السنة، أعداء الإِسلام، في عصرنا، وشغفوا بالطعن في أبي هريرة، وتشكيك الناس في صدقه وفي روايته. وما إلى ذلك أرادوا، وإنما أرادوا أن يصلوا- زعموا - إلى تشكيك الناس في الإِسلام، تبعًا لسادتهم المبشرين. وإن تظاهروا بالقصد إلى الاقتصار على الأخذ بالقرآن، أو الأخذ بما صح من الحديث- في رأيهم. وما صح من الحديث في رأيهم إلا ما وافق أهواءهم وما يتبعون من شعائر أوربة وشرائعها. ولن يتورع أحدهم عن تأويل القرآن، إلى ما يخرج الكلام عن معنى اللفظ في اللغة التي نزل بها القرآن، ليوافق تأويلهم هواهم وما إليه يقصدون!!.

وما كانوا بأول من حارب الإِسلام من هذا الباب، ولهم في ذلك سلف من أهل الأهواء =

ص: 522

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قديماً. والإِسلام يسير في طريقه قُدمًا، وهم يصيحون ما شاؤا، لا يكاد الإِسلام يسمعهم، بل هو إما يتفاهم لا يشعر بهم، وإذا يدمرهم تدميرًا.

ومن عجب أن تجد ما يقول هؤلاء المعاصرون، يكاد يرجع في أصوله ومعناه إلى ما قال أولئك الأقدمون! بفرق واحد فقط: أن أولئك الأقدمين، زائغين كانوا أم ملحدين، كانوا علماء مطلعين، أكثرهم ممن أضله الله على علم!!، أما هؤلاء المعاصرون فليس إلا الجهل والجرأة، وامتضاغ ألفاظا يحسنونها، يقلدون في الكفر، ثم يتعالون على كل من حاول وضعهم على الطريق القويم!!.

ولقد رأيت الحاكم أبا عبد الله، المتوفر سنة 405، حكى في كتابه المستدرك (3: 513) كلام شيخ شيوخه، إمام الأئمة، أبي بكر محمَّد بن إسحق بن خزيمة، المتوفي سنة 311، في الرد على من تكلم في أبي هريرة- فكأنما هو يرد. على أهل عصرنا هؤلاء. وهذا نص كلامه:"وإنما يتكلم في أبي هريرة، لدفع أخباره، مَن قد أعمى الله قلوبهم، فلا يفهمون معاني الأخبار: "إما معطل جهمي، يسمع أخباره التي يرونها خلاف مذهبهم - الذي هو كفر- فيشتمون أبا هريرة، ويرمونه بما الله تعالى قد نزهه عنه، تمويهًا على الرعاء والسفل، أن أخباره لا تثبت بها الجنة!.

"وإما خارجيّ، يرى السيف على أمة محمَّد صلى الله عليه وسلم، ولا يرى طاعة خليفة ولا إمام، إذا سمع أخبار أبي هريرة عن النبي -صلي الله عليه وسلم -، خلافَ مذهبهم الذي هو ضلال-: لم يجد حيلة في دفع أخباره بحجة وبرهان، كان مفزعه الوقيعة في أبي هريرة!.

"أو قَدريّ، اعتزل الإِسلام وأهلَه، وكفر أهل الإِسلام، الذين يتبعون الأقدار الماضية، التي قدرها الله تعالى وقضاها قبل كسب العباد لها، إذا نظر إلى أخبارأبي هريرة، التي قد رواها عن النبي - صلي الله عليه وسلم - في إثبات القدر-: لم يجد بحجة يريد صحة مقالته التي هي كفر وشرك،

كانت حجته عند نفسه: أن أخبارأبي هريرة لا يجوز الاحتجاج بها!. "أو جاهل، يتعاطى الفقه ويطلبه من غير مظانه، إذا سمع أخبار أبي هريرة فيما يخالف مذهبَ من قد اجتبى مذهبه واختاره، تقليداً بلا حجة ولا برهان-: تكلم في أبي ْهريرة، ودفع أخباره التي تخالف مذهبه، ويحتج بأخباره على مخالفيه، إذا كانت أخباره =

ص: 523

7119 -

أخبرنا هُشيم بن بشير أخبرنا عبد الله بن أبي صالح

= موافقة لمذهبه!!.

"وقد أنكر بعفهذه القرق على أبي هريرة أخبار، لم يفهموا معناها!! أنا ذاكر بعضها، بمشيئة الله عز وجل".

ثم قال الحاكم: "ذكر الإِمام أبو بكر، رحمه الله تعالى، في هذا الموضع، حديث عائشة الذي تقدم ذكرى له، وحديث أبي هريرة "عذبت امرأة في هرة" و"من كان مصليًا بعد الجمعة" وما يعارضه من حديث ابن عمر، وبالوضوء مما مست النار. ذكرها والكلام عليها يطول".

وحديث عائشة الذي يشير إليه، رواه الحاكم قبل ذلك (3: 509): "عن عائشة: أنها دعت أبا هريرة، فقالت له: يا أبا هريرة، ما هذه الأحاديث التي تبلغنا أنك تحدث بها عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل سمعت إلا ما سمعنا؟ وهل رأيت إلا ما رأينا؟!، قال: يا أماه، إنه كان يشغلك عن رسول الله المرآةُ والمكحلةُ والتصنع لرسول الله -صلي الله عليه وسلم -، وأنّي، والله، ما كان

يشغلني عنه شيء.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإِسناد، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وفيما قلنا هنا مقنع لمن هدى الله.

(7119)

إسناده صحيح، عبد الله بن أبي صالح: هو أيضاً "عباد بن أبي صالح"، عرف بالأسمين:"عباد" و "عبد الله". وهو ثقة، وثقه ابن معين وغيره، وضعفه على بن المديني. وأخرج له مسلم في الصحيح هذا الحديث، وليس له غيره، في الكتب الستة. هو أخو "سهيل بن أبي صالح"، أبوهما "أبو صالح السمان"، واسمه " ذكوان" ويشتبه "عبد الله"، هذا. في الاسم والنسب، بأبي الزناد، التابعي المشهور، فإن اسمه أيضاً "عبد الله ابن ذكوان". وهذا غير ذاك. والحديث رواه مسلم (2: 17) بإسنادين، وأبو داود (3255/ 3:218 عون المعبود)، والترمذي (2: 285)، وابن ماجة (1: 333) بإسنادين، كلهم من طريق هُشيم، بهذا الإسناد. وفي أحد إسنادي مسلم وأبي داود وابن ماجة "عباد بن أبي صالح"، وفي الآخر "عبد الله بن أبي صالح". وقال أبو داود:"هما واحد: عبد الله بن أبي صالح، وعباد بن أبي صالح". وقال الترمذي: "هذا حديث =

ص: 524

ذكوان عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يمينك على ما يصدقك به صاحبك".

7120 -

حدثنا هُشيم حدثنا منصور وهشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "البئر جُبَار، والمعدن جبار، والعجماء جبار، وفي الركاز الخمس".

7121 -

أخبرنا هُشيم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي

= حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث هُشيم عن عبد الله بن أبي صالح، وعبد الله: هو أخو سهيل بن أبي صالح".

(7120)

إسناده صحيح، منصور: هو ابن زاذان. هشام: هو ابن حسان. ابن سيرين: هو محمَّد.

والحديث رواه أيضاً أصحاب الكتب الستة، كما في المنتقى (2013). "الجبار"، بضم الجيم وتخفيف الباء الموحدة: الهدر. يعني أن الجرح الذي يكون من هذه الأشياء هدر، ليس فيه دية. "المعدن": الموضع الذي يستخرج منه جواهر الأرض، كالذهب والفضة والنحاس وغير ذلك. قاله ابن الأثير، "العجماء": قال ابن الأثير: "البهيمة، سميت به لأنها لا تتكلم، وكل ما لا يقدر على الكلام فهو أعجم ومستعجم". الركاز: سبق حكمه في أحاديث كثيرة، منها (2871، 6936).

(7121)

إسناده صحيح، أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. والحديث رواه البخاري (10: 359 - 360 فتح)، من طريق شُعيب، ومسلم (213:2) من طريق ابن عيينة، ومن طريق معمر، وأبو داود (5218/ 4: 524 عون المعبوب)، والترمذي (3: 119)، كلاهما من طريق ابن عيينة أيضاً-: ثلاثتهم عن الزهري، بهذا الإِسناد. ولكن في روايتهم جميعًا:"الأقرع بن حابس" بدل "عيينة بن حصن". وكذلك سيأتي في المسند (7287)، من رواية ابن عيينة، و (7636)، من رواية معمر، و (10684)، من رواية محمَّد بن أبي حفصة-: ثلاثتهم عن الزهري، به، وفيه:"الأقرع بن حابس". وعيينة والأقرع: كلاهما من المؤلفة قلوبهم، وكلاهما كان له عشرة من الولد ولكن رواية أربعة: شُعيب، وابن عيينة، ومعمر، وابن أبي حفصة، أرجح من هذه الرواية =

ص: 525

هريرة، قال: دخل عيينة بن حصن على رسول الله -صلي الله عليه وسلم -، فرآه يقبل حسن أو حسينًا، فقال له: لا تقبله يا رسول اللهِ، لقد ولد لي عشرة، ما قبلت أحداً منهم!، فقال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -:"إن من لا يرحم لا يُرحم".

7122 -

حدثنا هُشيم عن شُعيب عن محمَّد بن- زياد عن أبي هريرة، قال: مرَّ بقوم يتوضؤون، فقال: أسبغوا الوضوء، فإني سمعت أبا

= التي انفرد بها هُشيم. وهو ثقة حافظ معروف، وفي روايته عن الزهري كلام، أنه لم يكتب ما سمعه منه، أوكتبه في صحيفة بمكة، فحملتها الريح فطرحتها، فلم يجدوها، وحفظ منها تسعة أحاديث. فلعله عن ذلك كان خطؤه في هذه الرواية. ومن عجيب أن الحافظ لم يشر إلى رواية هُشيم هذه! مع شدة. تتبعه ودقته، وحرصه على الإشارة إلى اختلاف الروايات. قوله "من لا يرحم لا يرحم": قال الحافظ في الفتح: "هو بالرفع فيهما على الخبر. وقال عياض: هو للأكثر. وقال أبو البقاء: "من" موصولة، ويجوز أن تكون شرطية، فيقرأ بالجزم فيهما". فائدة: وهم القسطلاني في شرح البخاري (9: 14) إذ زعم أن هذا الحديث من أفراد البخاري. وهو عند مسلم وأبي داود والترمذي، كما ذكرنا.

(7122)

إسناده صحيح، محمَّد بن زياد: هو القرشي الجمحي، مولاهم، أبو الحرث، المدني، سكن البصرة، وهو تابعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وترجمه البخاري في الكبير (1/ 1/872 - 83)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 2/ 257). وهو غير "محمَّد بن زياد الألهاني الحمصي"، الذي مضت ترجمته في (6851). ولم يرو له الشيخان. ولكن الحافظ وهم في الفتح (1: 233)، فخلطهما، إذ قال عند شرح هذا الحديث:"هو الجمحي المدني الألهاني الحمصي"!!، وهو سهو منه، رحمه الله.

والحديث رواه البخاري (1: 233 فتح)، ومسلم (1: 84: 85)، كلاهما من طريق شُعبة عن محمَّد بن زياد، به، ونسبه المجد في. المنتقى (277) لمسلم وحده، في حين أنه عند أحمد والبخاري، فهو متفق عليه في اصطلاحه. وقد مضى معناه من مسند عبد الله بن عمرو بن العاص، مرارًا، آخرها (7103).

ص: 526

القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: "ويلٌ للأعقاب من النار".

7123 -

حدثنا هُشيم حدثنا أبو بشر عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثمِ الذين يلونهم، والله أعلم أقال الثالثة أم لا، ثم يجيء قوم يُحبُّون السمانة، يشهدون قبل أن يُستشهدوا".

7124 -

حدثنا هُشيم حدثنا يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن

(7123) إسناده صحيح، أبو بشر: هو جعفر بن أبي وحشية، واسم أبيه "إياس". مضت ترجمته (6259). ونزيد هنا أنه ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 1 /473) ووقع هنا في (ح)"حدثنا بشر"، بحذف "أبو"، وهو خطأ مطبعي واضح. عبد الله. بن شقيق: هو العقيلي البصري. والحديث رواه مسلم (2: 271) بإسنادين من طريق هُشيم، ورواه أيضاً بإسنادين من طريق شُعبة وأبي عوانة-: ثلاثتهم عن أبي بشر، بهذا الإِسناد. وسيأتي من طريق شُعبة (9307، 10214). وانظر ما مضى في مسند ابن مسعود (4217)، وما يأتي في مسند أبي هريرة (8464، 8844). السمانة، بفتح السين وتخفيف الميم: مصدر كالسمن، بكسر السين وفتح الميم، نقيض الهزال.

(7124)

إسناده صحيح، يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو، الأنصاري النجاري المدني: سبق توثيقه (992، 5828). أبو بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم، الأنصاري الخزرجي النجّاري القاضي: إمام ثقة كثير الحديث، قال مالك: ألم يكن عندنا أحد بالمدينة عنده من علم القضاء ما كان عند أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم، وكان ولاه عمر ابن عبد العزيز، وكتب إليه أن يكتب له من العلم، من عند عمرة بنت عبد الرحمن والقاسم بن محمَّد، ولم يكن بالمدينة أنصاري أمير غير أبي بكر بن حزم". ترجمه

البخاري في الكنى (رقم 58). عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم، أمير المؤمنين، الإِمام العادل، أحد الخلفاء الراشدين: إمام ثقة مأمون، له فقه وعلم وورع. وهو غنى عن الثناء والتعريف. أمه "أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب". أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام بن المغيرة، المخزومي القرشي: سبق توثيقه (1740)، =

ص: 527

محمَّد، يعني ابن عمرو بن حزم، عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "من وجد عين ماله عند رجل قد أفلس، فهو أحقُّ به ممن سواه".

7125 -

حدثنا هُشيم عن زكريا عن الشعبي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "إذا كانت الدابة مرهونة، فعلى المرتهن علفها، ولبن الدر يشرب، وعلى الذي يشربه نفقته، ويركب".

7126 -

حدثنا هُشيم أخبرنا خالد عن يوسف، أو عن أبيه عبد الله

= ونزيد هنا أنه ترجمه البخاري في الكنى (برقم 51)، وابن سعد في الطبقات (2/ 2/133، و 5/ 153 - 154)، والذهبي في تاريخ الإِسلام (4: 72 - 73).

والحديث رواه الجماعة، كما في المنتقى (2991).

(7125)

إسناده صحيح، زكريا: هو ابن أبي زائدة، سبق توثيقه (2055)، ونزيد هنا أنه ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 2/ 593 - 594). والحديث رواه البخاري، بنحوه (5: 101 - 102)، من رواية أبي نعيم، ومن رواية عبد الله بن المبارك، كلاهما عن زكريا، بهذا الإِسناد. ورواه بنحوه أيضاً، الجماعة إلا مسلمًا والنسائي، كما في المنتقى (2976). وأما هذه الرواية" رواية هُشيم عن زكريا، فقد نسبها صاحب المنتقى (2977) لأحمد فقط. وأشار الحافظ في الفتح (5: 102) إلى أن الطحاوي رواها من طريق إسماعيل بن سالم الصائغ عن هُشيم، وأن ابن حزم طعن فيها بأنها. من تخليط إسماعيل!، وتعقبه بأن أحمد رواها كذلك، وهي هذه الرواية، وبأن الدارقطني رواها أيضاً، من طريق زياد بن أيوب عن هُشيم. الدَّر: قال الحافظ: "بفتح المهملة وتشديد الراء: مصدر، بمعنى الدارّة، أبي ذات الضرع. وقوله "لبن الدرّ": هو من إضافة الشيء إلى نفسه.

(7126)

إسناده صحيح، خالد: هو ابن مهران الحذّاء، سبق توثيقه (1454)، ونزيد هنا - أنه ترجمه البخاري في الكبير (2/ 1/ 159)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 2/ 352 - 353) يوسف: هو ابن عبد الله بن الحرث الأنصاري، ابن أخت =

ص: 528

ابن الحرث، عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم - قال:"إذا اختلفوا في الطريق رُفع من بينهم سبعة أذرع".

7127 -

حدثنا هُشيم حدثنا أبو الجهيم الواسطي عن الزهري عن

= محمَّد بن سيرين، سبق توثيقه (2411). أبوه، عبد الله بن الحرث، سبق توثيقه (2138)، ونزيد هنا أنه ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 2/31). وقد روى خالد الحذاء عن يوسف وعن أبيه عبد الله بن الحرث. ولكن الشكَّ الذي هنا، إنما هو- عندي- وهم من أحد رواة المسند. فإن يوسف بن عبد الله لم يرو عن أحد من الصحابة إلا أنس بن مالك، وإنما روى هذا الحديث عن أبيه عن أبي هريرة. وقد رواه مسلم في صحيحه (1: 474)، من طريق عبد العزيز بن المختار عن خالد الحذاء عن يوسف بن عبد الله عن أبيه عن أبي هريرة، مرفوعًا، بلفظ:"إذا اختلفتم في الطريق، جعل عرضه سبع أذرع". وسيأتي من أوجه أخر عن أبي هريرة بنحوه (9533، 10013، 13109، 10422). وكذلك رواه الجماعة إلا النسائي، كما في المنتقى (3018). وانظر فتح الباري (5: 85)، وما مضى في مسند ابن عباس (2914).

(7127)

إسناده ضعيف جدًا، أبو الجهيم الواسطي: هكذا ثبت في الأصول الثلاثة هنا "أبو الجهيم"

بالتصغير، ونسبته واسطًا. وفي نسخة بهامش (م)"أبو الجهم"، بالتكبير، وهو موافق لكثير من المراجع، كما سنذكر، إن شاء الله. وفي كثير من المراجع أيضاً أنه "الإيادي".

وأيَّا ما كان فهو ضعيف جداً. وفي الكنى للبخاري (رقم 154): "أبو الجهم الإيادي: قال مسدّد: حدثنا هُشيم قال حدثنا شيخ يكنى أبا جهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: صاحب لواء الشعراء إلى النار امرؤ القيس؛ لأنه أول من أحكم الشعر".

ْوهناك راو آخر اسمه "صبيح بن عبد الله، أو ابن القاسم، الإيادي" كنيته "أبو الجهم"، قال الدولابي في الكنى (1: 136): "أبو الجهم صبيح بن القاسم الكوفي، عن سعيد ابن المسيب وسعيد بن جُبير، روى عنه أبو معاوية"، وقال أيضاً (1: 137): "حدثنا العباس بن محمَّد قال سمعت يحيى بن معين يقول: قد روى هُشيم عن صبيح، وهو أبو الجهم، وليس هو أبو الجهم الذي يروى عنه حديث امرئ القيس"، فدل هذا على =

ص: 529

أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "امرؤ القيس صاحب

= أن هُشيمًا روى عن أبي الجهم صبيح، كما روى هنا عن أبي الجهم الآخر راوي حديث امرىء القيس. فأوقعهم هذا في الاشتباه، إذ جعله بعضهم راويًا واحدًا. فذكره الذهبي في الميزان (1: 463) في اسم "صبيح"، وجزم بأن له حديث امرئ القيس، ثم أحال على باب الكنية، فذكره فيه (3: 352)، دون أن يذكر أن اسمه "صبيح". وتبعه الحافظ في لسان الميزان (1: 811) في الأسماء، ثم (3: 359 - 360) في الكنى.

ولكن الحافظ تدارك ذلك، وحرر أنهما اثنان، واعترف بأنه تبع الذهبي، وفصل القول فيه، في التعجيل (ص 472 - 473). والحق أن "صبيح بن القاسم"، وكنيته "أبو الجهم"، راو آخر غير الذي هنا، ترجمه البخاري في الكبير (2/ 2/ 319)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 1/ 451)، ولم يشر واحد منهما إلى الاشتباه بينه وبين الراوي هنا. وأن "صبيح بن القاسم" أيضاً غير "صبيح بن عبد الله"، فرق البخاري بينهما، فترجم "بن عبد الله" قبل "بن القاسم". وذكرهما معاً في "باب صبيح" بضم الصاد، وحكى في "بن القاسم" عن علي بن المديني أنه ذكره بفتحها. وفرق ابن أبي حاتم بينهما بأكثر من هذا: فذكر "صبيح بن عبد الله" في الصاد المضمومة (2/ 1/ 449)، وذكر "صبيح بن القاسم" في الصاد المفتوحة. ولم يذكر واحد منهما، ولا ذكر الدولابي في الكنى، أن "صبيح بن عبد الله" يكنى "أبا الجهم"، حتى يشثبه مع "صبيح ابن القاسم أبي الجهم"!!، و"أبو الجهم" راوي هذا الحديث: قال فيه أبو زرعة الرازي: "واه"، وقال ابن عدي:"شيخ مجهول، لا يعرف له اسم، وخبره منكر، ولا أعرف له غيرها. وقال ابن عبد البر: إلا يصح حديثه". وقد ترجمه ابن حبان في (كتاب المجروحين من المحدثين) المشهور بكتاب (الضعفاء)، فجوّد ترجمته، وروى فيها هذا الحديث عن

(المسند)، قال:"أبو الجهم: شيخ من أهل واسط، يروى عن الزهري ما ليس من حديثه، روى عنه هُشيم بن بشير. لا يجوز الاحتجاج بروايته إذا انفرد. روى عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "امرئ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار. حدثناه محمَّد بن عبد الرحمن السامي حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا. هُشيم عن أبي الجهم. وحدثناه أبو يعلى حدثنا يحيى بن معين حدثنا هُشيم". والحديث ذكره ابن =

ص: 530

لواء الشعراء إلى النار".

= كثير في التاريخ (2: 118) عن هذا الموضع من المسند، ولكن وقع الإِسناد فيه محرفًا من الطابع. ثم قال ابن كثير: "وقد روى هذا الحديث عن هُشيم. جماعة كثيرون، منهم: بشر بن الحكم، والحسن بن عرفة، وعبد الله بن هرون، أمير المؤمنين المأمون أخو الأمين، ويحيى بن معين. وأخرجه ابن عدي من طريق عبد الرزّاق عن الزهري، به.

وهذا منقطع، ورد من وجه آخر عن أبي هريرة. ولا يصح من غير هذا الوجه". ونقله الهيثمي في مجمع الزوائد (8: 119) عن هذا الموضع، وقال:"رواه أحمد والبزار، وفي إسناده أبو الجهيم شيخ هُشيم بن بشير، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح". وذكره السيوطي في الجامع الصغير (رقم 1624)، ونسبه لأحمد، ولم يتكلم عليه، وضعفه المناوي، نقلاً عن الهيثمي والذهبي. والوجه الآخر عن أبي هريرة، الذي أشار إليه ابن كثير-: هو ما رواه الخطيب في تاريخ بغداد (9: 370) من طريق جنيد بن حكيم الدقاق عن أبي هفَّان الشاعر عن الأصمعي عن ابن عون عن محمَّد- هو ابن

سيرين- عن أبي هريرة. وهذا إسناد ضعيف أيضاً: أبو هَفّان الشاعر: هو عبد الله بن أحمد بن حرب المِهْزَمي، ترجمه اليب كما أشرنا، وترجمه الحافظ في لسان الميزان (3: 249 - 250)، وقال:"كان كبير المحل في الأدب، لكنه أتى عن الأصمعي بخبر باطل"، ثم ذكر هذا الحديث. وأشار إليه في

الكنى من اللسان أيضاً (6: 449)، وكذلك ذكره الذهبي في الكنى في الميزان (3: 385)، وقال:"حدث عن الأصمعي بخبر منكر، قال ابن الجوزي: لا يعول عليه". و "هفان": بفتح الهاء، ويقال بكسرها، كما في شرح القاموس (6: 275). و "المهزمي": بكسر الميم وسكون الهاء وفتح الزاي، كما ضبطه ابن الأثير في اللباب (3: 194). بل إن راويه عن أبي هفان الشاعر، وهو جنيد بن حكيم بن جنيد أبو بكر الأزدي الدقاق، فيه كلام أيضاً، ذكره الدارقطني فقال:"ليس بالقوي". انظر ترجمته في تاريخ بغداد (7: 241)، ولسان الميزان (2: 141). وهناك قصة يذكرها الأدباء، فيها هذا المعنى أيضاً، ينسبون فيها إلى رسول الله -صلي الله عليه وسلم - أنه قال في شأن أمرأ القيس:"ذاك رجل مذكور في الدنيا، شريف فيها، منسيّ في الآخرة، خامل فيها، يجيء يوم القيامة معه لواء الشعراء إلى النار". نقلها ابن قتيبة في عيون الأخبار (1: 143 =

ص: 531

7128 -

حدثنا هُشيم عن سَيَّار عن جَبْر بن عَبِيدَة عن أبي

= - 144) عن ابن الكلبي، وذكرها عنه أيضاً في الشعر والشعراء (74 - 75) بتحقيقنا، ونقلها صاحب الأغاني -وهو غير ثقة- في قصة أخرى من وجه آخر، ونقلها ياقوت في معجم البلدان (5: 421 - 422)، وقال:"هذا من أشهر الأخبار"!!، وتعقبته في تعليقي على الشعراء، بأنها غير معروفة عند المحدثين، وهم. الجنة فيما ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأخبار. ثم وجدت الحافظ ابن كثير ذكرها في التاريخ (2: 219) أن ابن عساكر رواها من طريق ابن الكلبي بإسناده إلى "عفيف الكندي".

وذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد (1: 119) عن عفيف الكندي، ثم قال:"رواه الطبراني في الكبير، من طريق سعد بن فروة بن عفيف عن أبيه عن جده، ولم أجد من ترجمهم"!!، وأشار إليها الحافظ في الإصابة. (4: 249)، من رواية ابن الكلبي أيضاً. وهذا- كما ترى- إسناد مظلم، لا تقوم به حجة، بل لا تقوم له قائمة. وإنما هي- كلها- روايات ضعاف متهافتة، يضعف بعضها بعضًا.

(7128)

إسناده صحيح، سيار، بفتح السين المهملة وتشديد الياء التحتية: هو أبو الحكم الواسطي، سبق، سبق توثيقه (3552)، ونزيد هنا أنه ترجمه البخاري في الكبير (2/ 2/ 162)، وابن أبي حاتم (2/ 1/ 254 - 255). ووقع في (ح)"يسار"، وهو خطأ مطبعي، صححناه من (ك م).

جبر بن عبيدة: هو الشاعر، وهو تابعي ثقة، ترجمه البخاري في الكبير (1/ 2/ 242) فلم يذكر فيه جرحاً، وابن أبي حاتم (1/ 1/ 533) فلم يجرحه أيضاً، وذكره ابن حبان في الثقات (ص 157). وزعم الذهبي في الميزان (1: 180) أنه أتى "بخبر منكر، لا يعرف من ذا!، وحديثه: وعدنا بغزوة الهند!!، وكذلك نقل الحافظ في التهذيب (2: 59) عما قرأ بخط الذهبي ولست أدري مم جاء للذهبى نكر الخبر؟، ولم ينكره البخاري ولا غيره من قبله، ولم يجرحوا هذا التابعي بشيء!، ما هو إلا التحكم. "جبر": بفتح الجيم وسكون الباء الموحدة، على ذلك اتفقت أصول المسند هنا، وكذلك ذكره البخاري وابن أبي حاتم في "باب جبر". وذكر النسائي في السنن في أحد إسنادي هذا الحديث أن أحد الرواة قال "جُبير" بالتصغير. ونقل الحافظ في التهذيب عن ابن عساكر =

ص: 532

هريرة، قال: وعدَناِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الهند، فإن اسْتُشْهِدْتُ كنتُ من خير الشهداء، وإن رجعت فأنا أبو هريرة المُحَرَّرَةُ.

7129 -

حدثنا هُشَيم أخبرنا العَوَّام بن حَوْشَب عن عبد الله بن

= أنه حكى هذا عن "بعض النسخ من كتاب الجهاد من النسائي"!، وليس كذلك، بل هو أحد روايتين فيه، كما ذكرنا. "عبيدة": بفتح العين المهملة، كما ضبطه الحافظ في التقريب، وكذلك ضبط بهامش إحدى نسخ المشتبه الخطوط، بهما ذكر بهامش المطبوعة (ص 342) نقلا عن المزّي. والحديث رواه الحاكم في المستدرك (3: 514) من المسند، من طريق عبد الله بن أحمد عن أبيه، بهذا الإِسناد. ولم يتكلم عليه هو ولا الذهبي. ورواه النسائي (2: 64)، من طريق زيد بن أبي أنيسة عن سيار، ومن طريق هُشيم عن سيار، بنحوه، وأشار إلى أن الطريق الأولى فيها "جُبير" بدل "جبر". وأشار إليه البخاري في الكبير كعادته في الإيجاز، قال:"جبر بن عَبيدة، عن أبي هريرة، قال: وعدنا النبي -صلي الله عليه وسلم - غزوة الهند، قاله هُشيم عن سيارأبى الحكم". وسيأتي نحوه بمعناه، مطولاً، من وجه آخر (8809)، من رواية الحسن عن أبي هريرة. وقوله المحررة، كذا هو بالهاء في آخره، في (ح م)، وكتب بالهامش فيهما أنه كذلك في نسختين. وفي (ك) وروايتي الحاكم والنسائي "المحرر" بدون الهاء. وفي النهاية:"المحرر، أبي المعتَق". وفي الرواية الآتية (8809): "رجعت وأنا أبو هريرة المحرر، قد أعتقني من النار". وما من بأس في زيادة الهاء، تكون للمبالغة، كما في "علامة" ونحوها.

(7129)

إسناده صحيح، على ما أعلوه به من علة لا تثب على النقد، كما سنبين، إن شاء الله.

العوام بن حوشب: ثقة معروف ثبت، روى له أصحاب الكتب الستة، سبق توثيقه (1228، 5468). عبد الله بن السائب: هو الكندي، سبق توثيقه (3666)، ونزيد هنا إنه وثقه ابن معين وأبو حاتم وغيرها، وأنه روى له مسلم في صحيحه حديثاً في المزارعة (1: 455)، والنسائي حديثاً آخر في تبليغه عليه- السلام سلام أمته (1: 189)، وهو الحديث الذي مضى (3666)، وليس له في الكتب الستة غيرهما. وفي التهذيب قول آخر بأنه "الشيباني"، والظاهر أنه خطأ؛ لأن الشيباني آخر غيره، ترجمه ابن أبي حاتم =

ص: 533

السائب عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "الصلاةُ المكتوبةُ إلى الصلاة التي بعدها كفارةٌ لما بينهما، قال: والجمعة إلى الجمعة، والشهر إلى الشهر،

= (2/ 2/ 65) خامس خمسة يسمون "عبد الله بن السائب"، وذكر في "الشيباني" أنه يروي عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، وذكر أنه مجهول. وفي التهذيب أيضاً في ترجمته الكندي أنه يروي "عن أبي هريرة، أو عن رجل عنه". وهذه إشارة إلى العلة التي سنذكرها ونبين ضعفها. وترجم ابن أبي حاتم للكندي، وذكر توثيقه، ثم أفرد ترجمة أخرى، هي التي تبعها صاحب التهذيب في هذه الإشارة، فقال ابن أبي حاتم:"عبد الله ابن السائب، روى عن رجل عن أبي هريرة، روى عنه العوام بن حوشب. سمعت أبي يقول ذلك، ويقول: يقولون: هو "الكندي". فهذه الترجمة الأخرى. مبنية على الرواية

الضعيفة المرجوحة، التي أعلوا بها هذا الحديث. والصحيح أنه رجل واحد، روى عن أبي هريرة مباشرة هذا الحديث، ليس بينهما واسطة. ولذلك ترجمه ابن حبان في الثقات (ص 240) ترجمه واحدة، لم يذكر هذا التردد الذي ذكره ابن أبي حاتم وتبعه فيه صاحب التهذيب. وأما قول الحاكم - فيما سنذكر بعد-: فقد احتني مسلم عبد الله ابن السائب بن أبي السائب الأنصاري"، وموافقة الذهبي إياه، فإنه سهو منهما! لأن الذي احتج به مسلم هو "عبد الله بن السائب الكندي". ولا يوجد في الرواة من يسمي "عبد الله ابن السائب بن أبي السائب الأنصاري". بل ذاك "عبد الله بن السائب بن أبي السائب المخزومي قارئ أهل مكة"، وهو قرشي، له ولأبيه صحبة. والحديث سيأتي بنحوه (10584)، رواه أحمد عن - نريد بن هرون عن العوام بن حوشب: "حدثني عبد الله بن السائب عن رجل من الأنصار عن أبي هريرة". وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (5: 224) مختصراً، وقال: "في الصحيح بعضه". ثم قال: "رواه أحمد، وفيه رجل لم يسم". فهو يشير إلى الإِسناد (10584). فظاهر هذا: أن عبد الله بن السائب لم يروه عن أبي هريرة، إنما رواه عن رجل مبهم من الأنصار عن أبي هريرة. ولكن تتبع الروايات يرينا أن هذه الزيادة زيادة الرجل المبهم في الإِسناد، خطأ، أو هي محل شك كبير في صحتها على الأقل! فقد روى الحاكم في المستدرك (1: 119 - 120) هذا. الحديث،

بنحو اللفظ الذي هنا، من طريق سعيد بن مسعود: "حدثنا يزيد بن هرون أنبأنا العوام بن =

ص: 534

يعني رمضان إلى رمضان، كفارةٌ لما بينهما، قال: ثم قال بعد ذلك: إلا من ثلاث، قالِ: فعرفتُ أن ذلك الأمرَ حدَثَ: إلا منِ الإشراك بالله، ونَكْث الصَّفْقة، وترْك السُّنة، قال: أمَّا نَكْث الصَّفْقة: أنْ تُبايع رجلاً ثم تخالفَ إليه، تقاتله بسيفكَ، وأما تَرْكُ السنة: فالخروج من الجماعة".

= حوشب عن عبد الله بن السائب الأنصاري عن أبي هريرة"، فذكره. ثم قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتج مسلم بعبد الله بن السائب بن أبي السائب الأنصاري، ولا أعرف له علة". ووافقه الذهبي. ثم رواه الحاكم مُرَّة أخرى (4: 259) مختصرًا، لم يذكر فيه "الجمعة ولا "رمضان" - من طريق عمرو بن عون الواسطي: حدثنا إسحق بن يوسف حدثنا العوام بن حوشب عن عبد الله بن السائب عن أبي هريرة"، به. لم قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإِسناد، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي أيضاً. فالإسناد الأول للحاكم، هو من طريق يزيد بن هرون.، شيخ أحمد في

ْالإسناد (10584)، الذي فيه زيادة الرجل المبهم بين عبد الله بن السائب وأبي هريرة، ومع ذلك خلا من ذكر هذا الرجل المبهم. ولو عرفنا ترجمة الراوي عن يزيد بن هرون عند الحاكم، وهو "سعيد بن مسعود" لاستطعنا أن نزعم أنه اختلف في هذا الإِسناد على يزيد، بين الراويين عنه، وهما: الإِمام أحمد، وسعيد بن مسعود، وإن لم نستطع أن نجزم بترجيح رواية ذاك "سعيد بن مسعود" على رواية أحمد. إلا أنها قد تسوقنا إلى الظن بأن يزيد بن هرون شك في الإِسناد أو نسي، فرواه على الوجهين: مُرَّة بزيادة

الرجل المبهم، ومرة بحذفه. ولكن "سعيد بن مسعود" هذا لم أجد له ترجمة ولا ذكرًا أبدًا، فيما بين يدي من المراجع، ولا أعرف من هو؟، فلا أستطيع أن أعقد مقارنة بين روايته ورواية الإِمام أحمد. إلا أن رواية هُشيم، التي هنا (7129)، تابعت "سعيد ابن مسعود" هذا، في حذف الرجل المبهم بين عبد الله بن السائب وأبي هريرة. وهشيم صنو يزيد بن هرون في الحفظ والإتقان، إن لم يزد عليه، بل قد زاد عليه بشهادة الأئمة الكبار. فروى البخاري في الكبير (4/ 2/ 242) عن عبد الله بن المبارك، قال:"من غير الدهر حفظه فلم يغير حفظ هُشيم". وفي التهذيب (11: 60 - 61): "قال عبد الرحمن بن مهدي: كان هُشيم أحفقظ للحديث من سفيان الثوري"، "وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن هُشيم ويزيد بن هرون؟، فقال: هُشيم أحفظهما". وغير ذلك =

ص: 535

7130 -

حدثنا هُشيم عن هِشاَم عن ابن سيرين عن أبي هريرة، عن النبي -صلي الله عليه وسلم -، قال:"شدةُ الحَرّ من فيح جهنم، فأبردوا بالصلاة".

7131 -

حدثنا هُشيم عن عمر بن أبي سَلَمة عن أبيه عن أبي

= كثير، وكفي بهؤلاء حجة وشهادة. فإذا اختلف هُشيم ويزيد في هذا الإِسناد، أهو متصل عن عبد الله بن السائب عن أبي هريرة، أم منقطع بإدخل رجل مبهم بينهما؟، حكمنا بترجيح رواية هُشيم المتصلة. فضلا عن أنه اختلف على يزيد في روايته، وإن كان راوي الرواية الأخرى غير معروف لنا حاله، إلا أن رواية هُشيم تؤيد روايته. ثم جاءت رواية الحاكم الأخرى قاطعة في ترجيح ما رجحنا من رواية هُشيم، إذ رواه من طريق حافظ ثقة مأمون، هو إسحق بن يوسف الأزرق، رواه عن العوام بن حوشب، متصلاً كرواية هُشيم. فصح الإِسناد متصلاً، إن شاء الله. قوله "فعرفت أن ذلك الأمر حدث": هكذا هو في الأصول الثلاثة: "الأمر"، بالألف واللام، وفي الرواية الآتية (10584):

فعرفنا أنه أمر حدث". وفي رواية الحاكم الأولى: "فعرفت أن ذلك من أمر حدث". ولم تذكر هذه الجملة في روايته الثانية. وقوله "أما نكث الصفقة"، في (ح) "أما من نكث الصفقة"، وزيادة "من" غير جيدة، ولم تذكر في (ك م)، فحذفناها.

(7130)

إسناده صحيح، هشام: هو ابن حسان الأزدي الفُرْدُوسي، أحد الأعلام، ثقة ثبت حافظ، ترجمه البخاري في الكبير (4/ 2/ 197 - 198)، والذهبي في تذكرة الحفاظ (1: 154). ابن سيرين: هو محمَّد. والحديث رواه الجماعة، بنحوه، كما في المنتقى (534).

(7131)

إسناده صحيح، عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف: سبق أن رجحنا توثيقه في (1674)، ونزيد هنا أنه ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 1/ 117 - 118). والحديث رواه أصحاب الكتب الستة، من غير وجه، عن أبي هريرة، بنحوه انظر البخاري (9: 164 - 165 فتح)، ومسلم (1: 400)، والترمذي (2: 179)، والمنتقى (3463). وأشار الحافظ في الفتح إلى رواية عمر بن أبي سلمة هذه، ولكنه نسبها لابن المنذر، وفاته أن ينسبها للمسند. وانظر أيضًا ما مضى في مسند ابن عباس (3421).

ص: 536

هريرة، قال: قال رسوِل الله صلى الله عليه وسلم: "البكْر تُسْتأَمر، والثيّب تُشاَور"، قيل: يا رسول الله، إن البكر-تَسْتحي؟، قال: سَكوتها رضاها.

7132 -

حدثنا هُشَيم في عمر بن أبيِ سَلَمة [عن أبيه] عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "قصُّوا الشوارب، وأعْفوا اللِحَى".

7133 -

حدثنا هُشَيم عن عمر بن أبي سَلَمة عن أبيه عن أبي هريرة، يعني عن النبي -صلي الله عليه وسلم -، كذا قال: أنه نَهى أن تنكح المرأة على عَمّتها، أو على خالتها.

7134 -

حدثنا هُشيم أخبرنا عمر بن أبي سَلَمة عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "أيامُ التشريقْ أيام طعْمٍ وذِكْر الله"، قال مُرَّة:

(7132) إسناده صحيح، ووقع في (ح)"عمر بن أبي سلمة عن أبي هريرة" بحذف [عن أبيه]، وهو خطأ مطبعي ظاهر، صححناه من (ك م). والحديث ذكره السيوطي في الجامع الصغير (6127)، ونسبه لأحمد فقط. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (5: 166) مطولاً، بلفظ:"إن أهل الشرك يعفون شواربهم ويحفون لحاهم، فخالفوهم، فأعفوا اللحى، وحفوا الشوارب" ثم قال: "رواه الطبراني بإسنادين، في أحدهما عمر بن أبي سلمة، وثقه ابن معين وغيره، وضعفه شُعبة وغيره، وبقية رجاله ثقات". ثم ذكره مطولا ضمن حديث آخر (ص 168)، ونسبه للطبراني في الأوسط بإسناد آخر

ضعيف. وقد مضى معناه مرارًا، بأسانيد صحاح، من حديث ابن عمر، آخرها (6456).

(7133)

إسناده صحيح، ورواه الجماعة من أوجه عن أبي هريرة. انظر المنتقى (3153). وانظر أيضًا ما مضى في مسند عبد الله بن عمرو بن العاص، ضمن الحديث (6933، (7134) إسناده صحيح، لرواه ابن ماجة (1: 270). من طريق محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة، به، بلفظ "أيام. كل وشرب". ونقل السندي عن زوائد البوصيري قال:"إسناده صحيح على شرط الشيخين". وانظر ما مضى في مسند ابن عمر (4970).

ص: 537

أيامُ أكل وشربٍ".

7135 -

حدثنا هُشَيم، قال: إن لم أكُنْ سمعتُه منه، يعني الزهريَّ فحدثني سفيان بن حسين عن الزُّهرِيّ عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "لا عَتيرة في الإِسلام، ولا فَرَعَ".

7136 -

حدثنا هُشَيم عن سَيَّار عن أبي حازم عن أبي هريرة،

(7135) إسناده صحيح، وضك هُشيم في أنه سمعه من الزهري لا يؤثر؛ لأنه صرح بأنه إن لم يكن سمعه منه فقد سمعه من سفيان بن حسين عنه. فهو انتقال من ثقة إلى ثقة.

وسفيان بن حسين الواسطي: سبق توثيقه والإشارة إلى كلامهم في روايته عن الزهري (4634، 4807)، وما هو بكلام مؤثر، إذ ذكروا أنه سمع منه بالموسم!، كأنهم يرون أنه لم يتقن الرواية عنه!، أما ما أخطأ فيه وخالف أكثر منه أو أحفظ، فنعم، وأما مطلقًا فلا. وهو في هذا الحديث بعينه لم يخطئ، فقد تابعه عليه غيره عن الزهري، كما سيأتي في تخريجه إن شاء الله. وقد ترجم ابن أبي حاتم له في الجرح والتعديل (2/ 1/ 227 - 228). والحديث سيأتي بنحوه، مطولاً ومختصرًا، (7255)، من رواية سفيان بن عيينة عن الزهري، و (7737، 9290، 10361)، من رواية معمر عن الزهري. ورواه البخاري (9: 515 - 516) من روايتي معمر وابن عيينة، ومسلم (2: 121) من رواية معمر. وقد مضى تفسير "العتيرة" و"الفرع"، في حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص (6713). وانظر أيضاً (6759).

(7136)

إسناده صحيح، سيّار: هو أبو الحكم العنزي أبو حازم: هو سلمان الأشجعي، مولى عزة الأشجعية، وهو تابعي ثقة، وثقه أحمد وابن معين وأبو داود وغيرهم، وهو صاحب أبي هريرة، جالسه خمس سنين، كما سيأتي عنه في المسند (7947). وترجمه البخاري في الكبير (2/ 2/138)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 1/ 297 - 298).

وقال الحافظ في الفتح (3: 302): "قوله سمعت أبا حازم هو سلمان. وأما أبو حازم سلمة ابن دينار صاحب سهل بن سعد، فلم يسمع من أبي هريرة". والحديث رواه مسلم (1: 382 - 383) عن سعيد بن منصور عن هُشيم، بهذا الإِسناد. ورواه =

ص: 538

قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ".

7137 -

حدثنا هُشَيبم عن هشَام عن ابن سيرين عن أبي هريرة، قال: قال سليمان بن داود: أَطُوفُ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ، تَلِدُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُلَاماً يُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ الله، وَلَمْ يَسْتَثْنِ، فَمَا وَلَدَتْ إِلَاّ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ بِشِقِّ إِنْسَانٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم "لَوِ اسْتَثْنَى لِوُلِدَ لَهُ مِائَةُ غُلَامٍ كُلُّهُمْ يُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ الله".

7138 -

حدثنا هُشَيم وإسماعيل بن إبراهيم عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي بثلاث، قال هُشيم: فلا

= البخاري (3: 302 - 303)، من طريق شُعبة عن سيارأبى الحكم! بهذا أيضاً. ورواه أيضاً البخاري (4: 17)، ومسلم (1: 382)، كلاهما من طريق شُعبة، ومن طريق سفيان، كلاهما عن منصور عن أبي حازم، به. ورواه مسلم أيضاً، من طريق جرير عن منصور. قوله "فلم يرفث": قال الحافظ: "الرفث: الجماع، ويطلق على التعريض به، وعلى الفحش في القول. وقال الأزهري: الرفث: اسم جامع لكل ما يريده الرجل من المرأة". ثم استظهر الحافظ أن المراد به في الحديث ما هو أعم من الجماع ونحوه. ثم قال: "فائدة: فاء الرفث مثلثة في الماضي والمضارع. والأفصح الفتح في الماضي والضم في المستقبل". وقوله "ولم يفسق": قال الحافظ: "أي لم يأت بسيئة ولا معصية".

(7137)

إسناده صحيح، هشام: هو ابن حسان. ابن سيرين: هو محمَّد. والحديث رواه البخاري ومسلم من أوجه متعددة. انظر الفتح (6: 26، 330، و11: 460، 524، و13: 377)، ومسلم (2: 17 - 18) وقد أشار الحافظ في الفتح (6: 330) إلى رواية المسند هذه. قوله "ولم يستثن": أي لم يقل "إن شاء الله". وقوله "بشق إنسان": أي بنصفه. والمراد- والله أعلم- أنه ضعيف لا يستطع قتالا ولا يغني شيئاً.

(7138)

إسناده صحيح، الحسن: هو البصري الإِمام التابعي الجليل الثقة. وهو الحسن بن أبي الحسن أبو سعيد مولى الأنصار، وأبوه: اسمه "يسار"، وأمه:"خيرة" مولاة أم سلمة.

ص: 539

أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: بِالْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ، وَصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَالْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ".

= وترجمته حافلة، تحتاج إلى كتاب مفرد، ويكفي قول عطاء بن أبي رباح:"إمام ضخم يقتدى به"، وقول قتادة:"ما رأت عيناي رجلاً قط كان أفقه من الحسن"، وقول بكر المزني:"من سرّه أن ينظر إلى أعلم عالم أدركناه في زمانه، فلينظر إلى الحسن". ولد الحسن سنة 21 قبل مقتل عمر بسنتين، ومات سنة 110. ومصادر ترجمته كثيرة، منها: طبقات ابن سعد (7/ 1/114 - 129) والكبير للبخاري (2/ 1/287 - 288)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (1/ 2/ 40 - 42)، والمراسيل له (ص 12 - 17)، وتذكرة الحفاظ للذهبى (1: 66 - 67). وتاريخ الإِسلام له (3: 98 - 106)، وتاريخ ابن كثير (9: 266 - 267، ثم 268 - 274). وصرح الذهبي بأنه أفرد ترجمته في جزء مستقل. وقد تكلم العلماء كثير، في سماع الحسن من بعض الصحابة، وأشرنا إلى بعض ذلك مرار، منها في الأحاديث (521، 940، 1739، 2018). وممن تحدثوا في سماعه منه فأكثروا: أبو هريرة. وسنشير إلى أقاويلهم ومن رواها: فروى ابن سعد في الطبقات (7/ 1/ 115) عن علي بن زيد. بن جدعان وعن يونس: "لم يسمع الحسن من أبي هريرة". وروى ابن أبي حاتم في المراسيل (ص 13 -

14) عن شُعبة: "قلت ليونس بن عبيد: الحسن سمع من أبي هريرة؟، قال: لا، ولا رآه قط". وروى عن أيوب، وعن علي بن زيد، قالا:"لم يسمع الحسن من أبي هريرة".

وروي عن بهز: أنه سئل عن الحسن: "من لقى من أصحاب النبي -صلي الله عليه وسلم -؟، قال: سمع من ابن عمر حديثًا، ولم يسمع من أبي هريرة ولم يره". وقال ابن أبي حاتم: "سمعت أبي يقول: لم يسمع الحسن من أبي هريرة. وسمعت أبا زرعة يقول: لم يسمع الحسن من أبي هريرة ولم يره. قلت له: فمن قال: حدثنا أبو هريرة؟، قال: يخطئ". ثم أشار ابن أبي حاتم إلى رواية "ربيعة بن كلثوم" لهذا الحديث (7138) التي سنذكرها في التخريج إن شاء الله، والتي يقول فيها:"سمعت الحسن يقول: حدثنا أبو هريرة" إلخ، وأن أباه، أبا حاتم، قال: لم يعمل ربيحة بن كلثوم شيئاً!، لم يسمع الحسن من أبي هريرة شيئاً"!، ثم قال: "قلت لأبي: إن سالمًا الخياط روى عن الحسن قال: سمعت أبا هريرة؟، قال: =

ص: 540

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هذا ما يبين ضعف سالم"!، رروى ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 2/ 41) عن أبيه أيضاً: أنه نفى سماع الحسن من أبي هريرة. وروى ابن أبي حاتم أيضاً في المراسيل، قال: حدثنا صالح بن أحمد قال: قال أبي: قال بعضهم عن الحسن: حدثنا أبو هريرة!، قال ابن أبي حاتم: إنكارًا عليه أنه لم يسمع من أبي هريرة". وقال ابن حبان في كتاب الضعفاء (ص 229)، في ترجمة "سالم بن عبد الله الخياط"!:"يقلب الأخبار، ويزيد فيها ما ليس منها، يجعل روايات الحسن عن أبي هريرة سماعًا، ولم يسمع الحسن عن أبي هريرة شيئًا". وأكثر هذه الروايات منقول في التهذيب، في ترجمة الحسن. وهي- عندي- أقوال مرسلة على عواهنها، يقلد فيها بعضهم بعضًا، دون نظر إلى سائر الروايات التي تثبت سماعه من أبي هريرة، ودون نظر إلى القواعد الصحيحة في الرواية: فإن الراجع عند أهل العلم بالحديث: أن المعاصرة كافية في الحكم بالاتصال، إلا أن يثبت في حديث بعينه أن الراوي لم يسمعه ممن روى عنه، أويثبت أنه كثير التدليس.

والمتشددون - كالبخاري- يشترطون اللقى، أبي أن يثبت أن الراوي لقى من حدث عنه، ولو أن يثبت ذلك في حديث واحد. فإذا ثبت اللقىَ حمل سائر الروايات على الاتصال، إلا أن يثبت أيضاً في حديث بعينه عدم سماعه. وأن الراوي الثقة، إذا قال في روايته "حدثنا" أو "سمعت" أو نحو ذلك - كان ذلك قاطعًا في لقائه من روى عنه، وفي سماعه منه، وكان ذلك كافيًا في حمل كل رواياته عنه على السماع، دون حاجة إلى دليل آخر، إلا فيما ثبت أنه لم يسمعه. وهذا شيء بديهي، لأن الراوي إذا روى أنه سمع من شيخه، مصرحًا بذلك، ولم يكن قد سمع منه، لم يكن راويًا ثقة، بل كان كذاب لا

يؤتمن على الرواية. أما معاصرة الحسن لأبي هريرة، فما أظن أن أحدًا يشك فيها أو يتردد، فأبو هريرة مات سنة 57، وكانت سنّ الحسن إذ ذاك 36 سنة. وأما من ادعى أن الحسن لم يلق أبا هريرة، فأنى له أن يثبت ذلك!!، وهو إنما يجزم بنفي مطلق، تنقضه الروايات الأخرى الثابتة، التي إذا جمعت ونُظر فيها بعين الإنصاف، دون التكلف والتمحل، لم تدع شكًا في ذلك: فروى ابن أبي حاتم في المراسيل (ص 13) بإسناد صحيح "عن شُعبة عن قتادة، قال: قال الحسن: إنا والله ما أدركنا حتى مضى صدر =

ص: 541

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أصحاب محمَّد الأول. قال قتادة: إنما أخذ الحسن عن أبي هريرة، قلت له [القائل شُعبة]: زعم زياد الأعلم أن الحسن لم يلق أبا هريرة!، قال: لا أدري". وقتادة: تابعي أيضاً، أصغر من الحسن، مات بعده بسبع سنين، وهو "من أعلم أصحاب الحسن"، كما قال أبو زرعة. وقال أبو حاتم في (الجرح والتعديل 3/ 2/ 135):"أكثرُ أصحاب الحسن: قتادة، وأثبت أصحاب أنس: الزهري، ثم قتادة". فهذا قتادة يجزم بأن الحسن "إنما أخذ عن أبي هريرة"، بكلمة عامة مطلقة، يفهم سامعها أن الحسن أخذ عن أبي

هريرة العلم، لا أنه أخذ منه حديثاً واحدم أو أحاديث معدودة، وقتادة من أعلم الناس بالحسن، فأنى تؤثر كلمة زياد بن حسان الأعلم، التي اعترض بها شُعبة، بصيغة تشعر بالتمريض؟!، ولذلك لم يجد قتادة جوابًا إلا أن يقول:"لا أدري"!، لا يريد بذلك أنه يشك فيما عرف عن شيخه، إنما يشك فيما زعم زياد الأعلم، ويوحي باستنكاره. ومن فهم غير هذا فإنما يخطئ مواقع الكلام!، ثم قد جاءت روايات صحيحة، فيها تصريح الحسن بالسماع من أبي هريرة، مجموعها لا يدع ارتيابًا في صحة ذلك. وإن فرقها العلماء في مواضع، وحاول بعضهم أن يتأول ما وقع إليه منها، بما وقر في نفوسهم من

النفى المطلق، حتى جعلوه جرحاً لبعض الرواة، كما صنع ابن حبان- فيما حكينا عنه من قبل- في شأن "سالم الخياط". ولكن الحافظ ابن حجر لم يستطع أمام بعض الروايات الثابتة، إلا أن ينقض هذا النفى المطلق، بحديث واحد لم يجد منه مناصًا. فقال في التهذيب (2: 269 - 270) بعد ذكره ذاك الحديث: "وهذا إسناد لا مطعن في أحد من رواته. وهو يؤيد أنه سمع من أبي هريرة في الجملة. وقال في الفتح (9: 354). في الحديث نفسه: "وما المانع أن يكون سمع هذا منه فقط"؟، وسنذكر كلامه

مفصلاً واستدراكنا عليه، فيما ياتي في هذا البحث، إن شاء الله. وقد جمعت ما استطعت، مما صرح فيه الحسن بالسماع من أبي هريرة، ولم أستقص، فما ذلك في مقدوري. ولكن فيما سأذكر مقنع لمن شاء أن يقنع، والله ولي التوفيق:

1 -

حديث الباب هذا الذي نشرحه (7138) - رواه ابن سعد في الطبقات (7/ 1/ 115): "أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا ربيعة بن كلثوم، قال: سمعت =

ص: 542

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رجلاً قال للسن: يا أبا سعيد، يوم الجمعة يوم لثق وطين ومطر؟، فأبى عليه الحسنُ إلا الغُسل، فلما أبي عليه قال الحسن: حدثنا أبو هريرة قال: عهد إليّ رسول الله ثلاثًا: "الغسل يوم الجمعة، والوتر قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر". وهذا هو الحديث الذي أشار إليه ابن أبي حاتم في المراسيل، فيما نقلنا عنه آنفًا، أنه سأل عنه أباه؟، فقال أبوه أبو حاتم:"لم يعمل ربيعة بن كلثوم شيئًا!، لم يسمع الحسن من أبي هريرة شيئاً!،".وكيف كان هذا؟!، لا أدري، إنما هو نفي مطلق، وتحكم ما بعده تحكم!، فربيعة بن كلثوم بن جبر: ثقة، وثقه ابن معين والعجلي وغيرهما، وقال أحمد بن حنبل:"صالح"، وللنسائي فيه قولان مقاربان:"ليس به بأس"، و "ليس بالقوي".

وترجم له البخاري في الكبير (2/ 1/ 226) فلم يذكر فيه جرحاً، وابن أبي حاتم (1/ 2/ 477 - 478) وروى توثيقه عن ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات (ص 460 - 461)، وأخرج له مسلم في صحيحه. فهذا إسناد صحيح حجة في تصريح الحسن بسماعه من أبي هريرة، بل إن فيه قصة تدل على تثبت راويه، إذ شهد سؤال الرجل للحسن، وجواب الحسن اياه. وقد ذكر البخاري في الكبير (2/ 2/ 17) رواية ربيعة هذه، بإشارته الدقيقة كعادته، حين أشار إلى روايات هذا الحديث، والخلاف بين رواته في ذكر"غسل الجمعة"، أو"صلاة الضحى"، وذلك في ترجمة "سليمان بن

أبي سليمان"، فقال: "وقال موسى: حدثنا ربيعة عن الحسن: نا أبو هريرة- نحوه، وقال: الغسل يوم الجمعة". فموسى: هو ابن إسماعيل التبوذكي، شيخ البخاري. وربيعة: هو ابن كلثوم. وهذ الرواية عند البخاري، تؤيد ما ذهبنا إلى من صحة سماع الحسن من أبي هريرة. إذ من عادة البخاري أن يشير إلى العلة في الإِسناد أو في الراوي، إذا كان يري غلة. أمّا وقد ساق هذا الإِسناد، وفيه تصريح الحسن بالسماع من أبي هريرة، ولم يعقب عليه-: فإنه يدل على صحة سماعه منه عنده.

2 -

وروى ابن سعد أيضاً: "حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا أبو هلال محمَّد بن سليم قال: سمعت الحسن يقول: كان موسى نبي الله لا يغتسل إلا مستترًا، قال: فقال له عبد الله بن بريدة: يا أبا سعيد، ممن سمعت هذا؟، قال: سمعته من أبي هريرة". وهذا إسناد صحيح. أبو هلال الراسبي محمَّد بن سليم: سبق توثيقه (547)، ونقلنا هناك =

ص: 543

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كلمة لابن أبي حاتم، وهي في ترجمته في الجرح والتعديل (3/ 2/ 273 - 274)، قال:"أدخله البخاري في كتاب "الضعفاء" فسمعت أبي يقول: يحوّل من كتاب الضعفاء"، وكلمة البخاري في الضعفاء، (ص 31) هي كلمته في الكبير (1/ 1/ 105) قال:"كان يحيى بن سعيد لا يروي عنه، وابن مهدي يروي عنه".

وعندي أن من تكلم فيه إنما تكلم في حفظه في روايته عن قتادة خاصة، فقد روى ابن أبي حاتم عن أبي بكر الأثرم، قال:"سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن أبي هلال، يعني الراسبي؟، قال: قد احتمل حديثه، إلا أنه يخالف في حديث قتادة، وهو مضطرب الحديث عن قتادة". فهذا إسناد يصلح للاحتجاج به في سماع الحسن من أبي هريرة، لأن راويه أبا هلال الراسبي لم يروه عن قتادة الذي اضطربت روايته عنه، بل رواه عن الحسن، وسياق الرواية يدل على أنه حفظ القصة فذكرها مفصلة، وشهد عبدَ الله بن بريدة وهو يسأل الحسن:"ممن سمعتَ هذا؟ "، وسمع جوابه: "سمعته من أبي هريرة، ومثل هذا التفصيل يدل على توثق الراوي مما سمع وحفظه إياه.

3 -

وروى ابن سعد أيضاً: "أخبرنا معن بن عيسى قال حدثنا محمَّد بن عمرو قال: سمعت الحسن يقول: سمعت أبا هريرة يقول: الوضوء مما غيرت النارُ. قال: فقال الحسن: لا أدعه أبدًا". فهذا إسناد جيد، يصلح للمتابعات والشواهد على الأقل، لأن راويه "محمَّد بن عمرو": هو الأنصاري الواقفي أبو سهل، ضعفه يحيى القطان وغيره، ولكن ترجمه البخاري في الكبير (1/ 1/ 194)، فلم يذكر فيه جرحًا، ولم يذكره هو ولا النسائي في الضعفاء، واضطرب فيه ابن حبان، فذكره في الثقات ثم أعاده في الضعفاء، كما في التهذيب. بل قد جزم ابن حزم في المحلى بتوثيقه، فروى (4: 256) حديثًا آخر من طريقه، ثم قال:"وأبو سهل محمَّد بن عمرو الأنصاري: ثقة، روى عنه ابن مهدي ووكيع ومعمر وعبد الله بن المبارك وغيرهم".

4 -

روى الإِمام أحمد، في المسند (8727):"حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا عباد بن راشد حدثنا الحسن حدثنا أبو هريرة إذ ذاك ونحن بالمدينة"، فذكر حديثًا. ثم قال عبد الله بن أحمد عقب روايته: "عبّاد بن راشد ثقة، ولكن الحسن لم يسَمع من =

ص: 544

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أبي هريرة"!!، ونقله ابن كثير في التفسير (2: 180 - 181) عن المسند مع استدراك عبد الله بن أحمد. وروى الطيالسي قطعة منه في مسنده (2472) قال: "حدثنا عباد بن راشد قال حدثنا الحسن، قال: حدثنا أبو هريرة ونحن إذ ذاك بالمدينة". ولم يستدرك الطيالسي عقبه بشيء. فهذا الاستدراك من عبد الله بن أحمد، ومثله فيما سيأتي بعد- استدراك للنسائي، من أعجب ما رأيت، من دون دليل، إلا التقليد الصرف!!، عباد بن راشد التميمي البصري: ثقة قال أحمد بن حنبل: "شيخ ثقة صدوق صالح"، ووثقه العجلي والبزار وغيرهما، وضعفه أبو داود وغيره، وذكره البخاري في الضعفاء (ص 23)، وقال: "روى عنه ابن مهدي، يهم شيئًا، وتركه يحيى الفطان".

فقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 1/ 79): "سألت أبي عن عباد بن راشد؟، فقال: صالح الحديث، وأنكر على البخاري إدخال اسمه في كتاب الضعفاء، وقال: يحوّل من هناك". ومع ذلك فقد روى له البخاري في صحيحه، وزعم الحافظ في التهذيب (5: 92) أنه روى له "مقرونًا بغيره"!؛ وحديثه عند البخاري (8: 143) غير مقرون بأحد!، وقد غير الحافظ العبارة في مقدمة الفتح (ص 410)، فقال:"له في الصحيح حديث واحد في تفسير سورة البقرة، بمتابعة يونس له"!، والمتابعة التي -يشير إليها جاء بها البخاري معلقة عقب رواية عباد، وليس التعليق عند البخاري كالموصول، فرواية عباد عنده في ذلك أصل. فالراوي الثقة- عند أحمد وابنه عبد الله- يروي عن لحسن سماعًا منه أنه قال:"حدثنا أبو هريرة إذ ذاك ونحن بالمدينة"، ثم لا ينفرد بتصريح الحسن بالسماع من أبي هريرة، بل يتابعه فيه ثقات آخرون، ممن ذكرنا قبل، وممن. نذكر بعد -: ثم يقال: "ولكن الحسن لم يسمع من أبي هويرة!!، لا أدري ماذا أقول إلا أن أستغفر لمن صنع هذا فأخطأ، رحمنا الله وإياهم.

5 -

وروى النسائي (2: 104): "أخبرنا إسحق بن إبراهيم قال أنبانا المخزومي، وهو المغيرة بن سلمة، قال حدثنا وُهَيْب عن أوب عن الحسن عن أبي هويرة عن النبي صلى الله عليه وسلم

أنه قال: المنتزعات والمختلعات هن المنافقات. قال الحسن: لم أسمعه من غير أبي هريرة ثم عقب النسائي على هذا الحديث بقوله: "قال أبو عبد الرحمن [يعني النسائي نفسه]: لم =

ص: 545

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يسمع الحسن من أبي هريرة شيئاً"!، وهذا هو الاستدراك الآخر بالعسف والتحكم، الذي أشرنا إليه آنفًا!!، حديث صحيح الإِسناد على شرط الشيخين، لا مطعن في أحد من رواته، يصرح فيه الحسن بأنه لم يسمعه "من غير أبي هريرة"، ثم يقال- من غير دليل ولا حجة: "لم يسمع الحسن من أبي هريرة شيئاً"!!، وسيأتي هذا الحديث في المسند (9347) رواه أحمد عن عفان عن وُهَيْب، بهذا الإِسناد، ولم. يذكر بعده كلمة الحسن. وكلمة الحسن - التي في رواية النسائي- قاطعة في إثبات سماعه من أبي هريرة، دون حاجة إلى دليل آخر. ومع ذلك فقد تأيدت صحتها بما سقنا من الروايات قبل. وهي ثابتة بهذا النص حرفيًا في طبعة مصر- كما ذكرنا- وفي طبعة ْالهند (ص 547)، وفي المخطوطتين اللتين عندي، وإحداهما نسخة الشيخ عابد السندي، وهي موثقة التصحيح، كما قلنا مراراً. وقد نقلها حافظان كبيران عن النسائي محرفة، على غير هذا النص.!، وتحريفها عندهما لا ينفى إثبات سماع الحسن من أبي هريرة، بل يثبته، كما سنذكر. حتى إن أحدهمأ، وهو الحافظ ابن حجر، لم يجد مناصًا

من القول بسماعه منه في الجملة، ونقض النفي العام الذي قلد فيه بعضهم بعض: فنقلها ابن حزم في المحلى (10: 236)، إذ روى الحديث من طريق النسائي، وذكرها بلفظ:"قال الحسن: لم أسمعه من أبي هريرة". ثم بني عليها عدم صحة ذلك الحديث عنده، فقال:"فسقط بقول الحسن أن نحتج بذلك الخبر". فهذه الرواية؟ لكلمة الحسن، وقعت لابن حزم على اللفظ الذي نقله، ولعلْ الغلط فيها من بعض الناسخين أو الرواة الذين أخذ عنهم كتاب النسائي، ولذلك احتج باللفظ الذي وقع له، مستدلا به على أن هذا الحديث بعينه ضعيف، لتصريع الحسن- في الرواية التي عنده- بأنه لم يسمعه من أبي هريرة. ونسخ كتاب النسائي الصحيحة، هي على اللفظ الذي نقلناه. ومع هذا فإن اللفظ الذي وقع لابن حزم، لو صح عن الحسن، كان دليلاً على سماعه من أبي ْهريرة، بمفهوم الكلام وإيمائه. إذ ينص على أنه لم يسمع هذا الحديث بعينه من أبي هريرة. فيؤخذ منه أنه معروف بالسماع منه، وأن ما يرويه عنه إنما يرويه سماعًا، ولذلك نص على الحديث الذي لم يسمعه، لئلا يحمل على ما عرف عنه. ووقعت كلمة =

ص: 546

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الحسن للحافظ ابن جر بلفظ: "قال الحسن: لم أسمع من أبي هريرة غير الحديث".

نقلها في الفتح (9: 354)، وتهذيب التهذيب (2: 269 - 270). وعقب عليها في الموضعين بما يفيد تسليمه بسماع الحسن من أبي هريرة: فقال في التهذيب: "أخرجه [يعني النسائي]، عن إسحق بن راهويه عن المغيرة ابن أيوب، عن وُهَيْب عن أيوب، وهذا إسناد لا مطعن في أحد من رواته. وهو يؤيد أنه سمع من أبي هريرة في الجملة". وقال ْفي الفتح: "وقد تأوله بعضهم على أنه أراد: لم يسمع هذا إلا من حديث أبي هريرة!، وهو تكلف!، وما المانع أن يكون سمع هذا منه فقط، وصار يرسل عنه غير ذلك"؟!، فلم يستطع الحافظ أن يتفصَّى من دلالة كلمة الحسن، على اللفظ الذي وقع له.

واضطر إلى التسليم بسماع الحسن من أبي هريرة في الجملة. واللفظ الثابت في كتاب النسائي بين واضح، صريح في السماع، دالّ بإيمائه على أن الحسن لم يسمع حديث "المختلعات" من أحد من الصحابة غير أبي هريرة، وعلى أن سماعه من أبي هريرة معروف، ليس موضع شك أو تردد.

6 -

والظاهر عندي أن البخاري لم يقلد من زعموا أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة، فإنه لم يشر إلى هذا في ترجمة الحسن في التاريخ الكبير، كعادته الدقيقة في الإشارة إلى الوصل والإرسال، والتعليل والجرح، إذا ثبت شيء من ذلك عنده. بل لقد أشار إشارة دقيقة، نستطيع أن نفهم منها دون حرج، أنه يذهب إلى ثبوت سماع الحسن منه: فقد روى الطيالسي في مسنده (2465) حديثًا، عن أبي الأشهب، وهو جعفر بن حيان، عن الحسن، قال:"قدم رجل المدينة، فلقى أبا هريرة، فقال أبو هريرة: كأنك لست من أهل البلد إلخ. ثم قال الطيالسي: "وسمعت شيخًا من المسجد الحرام يحدث بهذا الحديث، فقال الحسن، وهو في مجلس أبي هريرة، لما حدّث بهذا الحديث: والله لهذا لابن آدم خير من الدنيا وما فيها". وهذا الحديث سيأتي في المسند، بنحوه، (7889) من رواية علي بن زيد عن أنس بن حكيم الضبي، و (9490) من رواية الحسن عن أنس بن حكيم، عن أبي هريرة. واختلف فيه الرواة عن الحسن اختلافًا كثيرًا، لعلنا نشير إليه في موضعه إن شاء الله. فأشار إليه البخاري في الكبير، في ترجمة أنس بن حكيم (1/ 2/34 - 36)، فذكر أسانيده والخلاف فيه على الحسن، وأشار ضمن =

ص: 547

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ذلك إلى رواية أبي الأشهب التي عند الطيالسي، فقال:"وقال لي عمرو بن منصور القيسي: حدثنا أبو الأشهب حدثنا الحسن: لقى أبو هريرة رجلا بالمدينة، فقال: سمعت النبي -صلي الله عليه وسلم ". وهذا اللفظ، قريب من سياق الطيالسي، قد يوهم شهود الحسن هذه القصة وسماع حديثها من أبي هريرة. ولكن البخاري لم يشر إلى رواية الطيالسي عن الشيخ المجهول من المسجد الحرام، التي فيها التصريح بحضور الحسن هذه القصة، وهي رواية ضعيفة لإبهام راويها الذي روى عنه الطيالسي، بل طواها وأعرض عنها. ثم ساق روايات أخرى يؤخذ منها أن الحسن روى ذاك الحديث عن أبي هريرة بالواسطة، وأنه لم يسمعه منه. ثم قال البخاري كلمته الدقيقة الفاصلة، قال:"ولا يصح سماع الحسن من أبي هريرة في هذا". فقد قيد البخاري نفي سماع الحسن بذاك الحديث بعينه وحده، إذ قال:"في هذا"، ولم ينف سماعه منه نفيًا مطلق. بل إن مفهوم عبارته، الذي لا مجال للشك في فهمه منها كالصريح، أنه يرى أن سماع الحسن من أبي هريرة هو الأصل في رواياته عنه، إلا أن يدل دليل صحيح في حديث بعينه أنه لم يسمعه منه. ويزيده توكيدًا وتأييدًا صنيعه الذي أشرنا إليه من قبل، إذ روى رواية ربيعة بن كلثوم عن الحسن "حدثنا أبو هريرة"، في الكبير (2/ 2/ 17)، ولم يعقب عليها بتعليل ولا إنكار، دلالة على صحتها عنده. وهذا- مع الدلائل التي سقناها- واضح بين، لا مجال للتردد فيه.

والحمد لله. ولعد: فإذا أثبتنا صحة سماع الحسن من أبي هريرة، وأتصال روايته عنه، إلا فيما تدل الدلائل على أنه لم يسمعه منه-: فنستانف الكلام على الحديث (7138) وتخريجه: فهذا الحديث سيأتي في المسند مراراً، ورواه أصحاب الكتب الخمسة وغيرهم.

عن الحسن كثير من أصحابه، ورواه عن أبي هريرة- سوى الحسن- كثير من التابعين. وفي بعض الروايات عن الحسن وغيره "غسل يوم الجمعة" وفي بعضها عنه وعن غيره "صلاة الضحى"، بدل "غسل الجمعة". وسنجمع من رواياته ما استطعنا، إن شاء الله: أما الرواية التي فيها "غسل الجمعة"، فهي رواية أحمد -هنا- من طريق يونس عن الحسن عن أبي هريرة. وكذلك ستاتى (7180، 752) من طريق يونس.

وكذلك سيأتي في المسند، من طريق جرير، وهو ابن حازم، عن الحسن (7452). =

ص: 548

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومن طريق عمران أبي بكر، وهو عمران بن مسلم القصير، عن الحسن (10115).

ومن طريق المبارك، وهو ابن فضالة، عن الحسن (8339). ورواه أبو داود الطيالسي (رقم 2471) عن "عباد بن فضالة" عن الحسن. وهذا- عندي- خطأ من ناسخ أو طابع في مسند الطيالسي، صوابه "المبارك بن فضالة". إذ ليس في الرواة المذكورين في كل دواوين الرجال، مما وصل إليه علمي، من يسمى "عباد بن فضالة". ورواه ابن سعد في الطبقات (7/ 1/ 115) عن مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي عن ربيعة بن كلثوم عن الحسن، وفيه التصريح بسماع ربيعة من الحسن، وبسماع الحسن من أبي هريرة، كما فصلنا ذلك آنفًا. وهو إسناد صحيح، كما قلنا من قبل. ورواه أحمد أيضاً،

فيما سيأتي (10278)، من طريق الخزرج، وهو ابن عثمان السعدي، عن أبي أيوب مولى عثمان بن عفان عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح. ورواه أحمد أيضاً (8366)، من طريق شيبان عن عاصم، وهو ابن بهدلة، عن الأسود بن هلال عن أبي هريرة.

وهذا إسناد صحيح. وكذلك رواه النسائي (10: 327)، من طريق أبي معاوية، وهو شيبان، عن عاصم، بهذا الإسناد. ورواه قبل ذلك، من طريق أبي حمزة السكري عن عاصم، به. ولكن رواه بين هذين الإسنادين، من طريق أبي عوانة "عن عاصم بن بهدلة عن رجل عن الأسود بن هلال عن أبي هريرة". ولم أجد رواية أخرى تؤيد زيادة الرجل المبهم بين عاصم والأسود. بل لم يذكر في التهذيب وفروعه في باب المبهمات!، فلا أدري كيف فاتهم هذا؟، ولعلى أوفق إلى تحقيقه عند ذاك الإِسناد في المسند، إن شاء الله. ولكني أرى أن راويين ثقتين، هما أبو معاوية وأبو حمزة السكري-: أولى بالترجيح

من واحد. وأما الرواية الي فيها "صلاة الضحى" بدل "غسل الجمعة"، فإنها من حديث عدد من التابعين عن أبي هريرة: فرواه أحمد- فيما ياتى (9918، 9919)، من طريق أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة. وكذلك رواه من طريقه: أبو داود الطيالسي (رقم 2392). والبخاري (3: 47، و 4: 197). ومسلم (1: 200). والدارمي (1: 399، و2: 19). والنسائي (1: 246 - 247). والبيهقي في السنن الكبرى (3: 36). وكذلك رواه البخاري في الكبير (2/ 2/16 - 17) بإشارته الموجزة كعادته. =

ص: 549

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ورواه أحمد أيضاً (9087)، من طريق أبي رافع الصائغ عن أبي هريرة. وكذلك رواه من طريقه الطيالسي في مسنده (2447). ومسلم (1: 200). ورواه أحمد أيضاً (10566)، من طريق سليمان بن أبي سليمان مولى بني هاشم عن أبي هريرة.

ؤكذلك رواه من طريقه: الدارمي (2: 18 - 19)، والبخاري في الكبير (2/ 2/16).

ثم أشار البخاري إلى كثير من طريق هذا الحديث، في هذا الموضع. ورواه أيضاً أحمد (7586)، من طريق العوّام بن حوشب:"حدثني من سمع أبا هريرة". وهذا المبهم: هو سليمان أبي سليمان، كما دلت عليه روايات المسند والدارمي والبخاري في الكبير، فإن رواياتهم إنما هي من طريق العوّام عن سليمان. ورواه أحمد أيضاً (7711)، من طريق سماك بن حرب عن أبي الربيع عن أبي هريرة. وكذلك رواه من طريقه: الطيالسي (2396). والترمذي (2: 59). والبخاري في الكبير (2/ 2/16). ورواه أحمد أيضاً (10824)، من طريق معبد بن عبد الله بن هشام القرشي عن أبي هريرة. وكذلك رواه من طريقه البخاري في الكبير (2/ 2/162). ورواه أحمد أيضاً (8091)، من طريق شريك عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن أبي هريرة، بزيادة في آخرهّ، في النهي عن ثلاث خصال. وكذلك رواه بنحوه (7585) عن محمَّد بن فضيل عن يزيد بن أبي زياد "حدثني من سمع أبا هريرة"، فأبهم التابعي. وكذلك رواه الطيالسي (2594) بإبهام التابعي، عن أبي عوانة عن يزيد بن أبي زياد "عمن سمع أبا هريرة". فأبانت الرواية الأولى أن هذا التابعي المبهم هو مجاهد. ورواه أحمد أيضاً مختصراً، دون الزيادة

التي في الرواية السابقة (10488)، عن علي بن عاصم عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد، و (10454)، عن معتمر بن سليمان عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد وشهر بن حوشب، كلاهما عن أبي هريرة. ورواه أحمد أيضاً (9206)، من طريق طارق بن عبد الرحمن عن زاذان عن أبي هريرة. ورواه أحمد أيضاً (7503)، من طريق.

عبد الرحمن بن الأصم عن أبي هريرة. ورواه أحمد أيضاً مختصراً، بالوصية بالوتر فقط (8555)، من طريق همام عن محمَّد بن واسع عن معروف الأزدي عن أبي هريرة.

ولكن أفادت رواية البخاري إياه في الكبير (2/ 2/16) من هذه الطريق أنه بالحديث =

ص: 550

7139 -

حدثنا مُعْتَمر عن مَعْمَر عن الزُّهْريّ عن سعيد ابن المسيَّب عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَالاِسْتِحْدَادُ وَالْخِتَانُ".

= كله، بما فيه "صلاة الضحى". ورواه أبو داود السجستاني في السنن (1432/ 1: 539

عون المعبود) من طريق قتادة عن أبي سعيد من أزد شنوءة عن أبي هريرة. وكذلك رواه البخاري في الكبير (2/ 2/16) من هذه الطريق. وقد أشار البخاري أيضاً في الكبير (2/ 2/ 16) إلى خمس طرق أخرى لهذا الحديث، بذكر 9 صلاة الضحى،، لم نجد حاجة إلى الإطالة بذكرها مفصلة. وروى أحمد أيضاً (7658)، من طريق معمر عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة، هذا الحديث، بذكر "ركعتي الضحى"، وفيه:"قال [يعني قتادة]: ثم أوهم الحسن بعد، فجعل مكان "الضحى"-: "غسل يوم الجمعة". وكذلك رواه البخاري في الكبير (2/ 2/17). ثم رواه أحمد، بنحوه أيضاً (10437)،

من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة. فهاتان الروايتان عن قتادة، بإسنادين صحيحين -: قد ترجحان رواية الكثرة الوافرة من التابعين عن أبي هريرة، بذكر "صلاة الضحى" بدل "غسل الجمعة"، خصوصًا وأنهما تدلان على أن الحسن روى "صلاة الضحى" كما رواها غيره عن أبي هريرة، وقد تدلان على أن الحسن أوهم بعد ذلك ونسي، فجعل مكانها "غسل يوم الجمعة"، كما ظن قتادة. قد يكون هذا راجحًا، لولا أن الحسن لم ينفرد برواية "الغسل يوم الجمعة" في هذا الحديث. فقد رواه عن أبي هريرة اثنان آخران من التابعين، هما: الأسود بن هلال، وأبو أيوب مولى عثمان، عند أحمد

بإسنادين صحيحين (8366، 10278)، كما فصلنا ذلك من قبل فالظاهر - عندي أن أبا هريرة حدّث به على الوجهين، وسمعه منه الحسن كذلك، فظن قتادة حين سمع منه الرواية الأخرى أنه وهم ونسي. والله أعلم أبي ذلك كان. والحمد لله على التوفيق.

(7139)

إسناده صحيح، معتمر: هو ابن سليمان التيمي. معمر: هو ابن راشد الحُدّاني. والحديث رواه الجماعة، كما في المنتقى (رقم 184) الاستحداد: قال ابن الأثير: "هو حلق العانة بالحديد".

ص: 551

7140 -

حدثنا مُعْتَمر بن سليمان حدثنا أبي عن بكر عن أبي رافع، قال: صليتُ مع أبي هريرة صلاة العَتَمة، أو قال: صلاةُ العشاء، فقرأ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فسجد فيها، فقلت: يا أبا هريرة؟، فقال: سجدتُ فيها خَلْفَ أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، فلا أزال أسجدها حتى ألْقاهُ.

7141 -

حدثنا بشْر بن مُفَضَّل عن ابن عَجْلان عن سعيد

(7140) إسناده صحيح، بكر: هو ابن عبد الله المزنى. أبو رافع: هو نفيع بن رافع الصائغ، تابعي كبير أدرك الجاهلية، وثقه ابن سعد والعجلي وغيرهما. وترجمه ابن سعد في الطبقات (7/ 1/88 - 89)، والحافظ في الإصابة (7: 71 - 72). والحديث رواه أيضاً الشيخان، كما في المنتقى (1307). وذكره ابن كثير في التفسير (9: 149)، وزاد نسبته إلى أبي داود والنسائي.

(7141)

إسناده صحيح، بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي، شيخ أحمد: سبق توثيقه (908)،

ونزيد هنا أنه ترجمه البخاري في الكبير (1/ 2/84)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 1/ 366). ابن عجلان: هو محمَّد، سبقت ترجمته (6518). سعيد المقبري: هو سعيد بن أبي سعيد، سبقت ترجمته (6225). وهو تابعي معروف، وروي عن أبي هريرة وقد سمع منه، ويروي أيضاً عن أبيه عن أبي هريرة. والحديث سيأتي في المسند مرارًا، بنحوه، من هذا الوجه ومن غيره:(7353، 7562، 8466، 8642، 9024، 9157، 9719). ورواه أبو داود (3844/ 3: 430 عون المعبود) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإِسناد. ورواه البيهقي في السنن الكبرى (1: 252)، من طريق

الحسن بن عرفة عن بشر بن المفضل، به. وأشار الحافظ في الفتح (10: 213) إلى هذه الرواية، رواية سعيد المقبري، التي فيها زيادة "وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء"، وإلى أنها صححها ابن حبان. ورواه بغير هذه الزيادة: البخاري (6: 256، و10: 213 - 214)، وابن ماجة (2: 185)، من طريق عتبة بن مسلم عن عُبيد بن حُنين عن أبي هريرة. ورواه البيهقي أيضًا من هذه الطريق. وستأتي في المسند (9157). وقد وهم الحافظ ابن القيم رحمه الله، فنسب في زاد المعاد (3: 209، 347) هذا الحديث =

ص: 552

المَقْبُري عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِى إِنَاءِ

= للصحيحين. واليقين أن مسلمًا لم يروه في صحيحه، بعد طول التتبع. وقد صرح الحافظ بذلك في الفتح (6: 257)، في خاتمة كتاب بدء الخلق. وإن سها أن ينص عليه في خاتمة كتاب الطب (10: 215). وهذا الحديث مما لعب به بعض معاصرينا، ممن علم وأخطأ، وممن علم ومحمد إلى عداء السنة، وممن جهل وتجرأ: فمنهم من حمل على أبي هريرة، وطعن في رواياته وحفظه. بل منهم من جرؤ على الطعن في صدقه فيما يروي!، حتى غلا بعضهم فزعم أن في الصحيحين أحاديث غير صحيحة، إن لم يزعم أنها لا أصل لها!، بما رأوا من شبهات في نقد بعض الأئمة لأسانيد قليلة فيهما، فلم يفهموا اعتراض أولئك المتقدمين، الذين أرادوا بنقدهم أن بعض أسانيدهما خارجة عن الدرجة العليا من الصحة، التي التزمها الشيخان، لم يريدوا أنها أحاديث ضعيفة قط. ومن الغريب أن هذا الحديث بعينه - حديث الذباب- لم يكن مما استدركه أحد من أئمة الحديث على البخاري. بل هو عندهم جميع جميعًا جاء على شرطه في أعلى درجات الصحة. ومن الغريب أيضاً أن هؤلاء الذين حملوا على أبي هريرة، على علم كثير منهم بالسنة وسعة اطلاعهم، رحمهم الله غفلوا أو تغافلوا عن أن أبا هريرة رضي الله عنه لم ينفرد بروايته. بل رواه أبو سعيد الخدري أيضاً عن النبي -صلي الله عليه وسلم -، عند أحمد في المسند (11207، 16616)، والنسائي (2: 193)، وابن ماجة (2: 185)، والبيهقي (1: 253)، بأسانيد صحاح. ورواه أنس بن مالك أيضاً، كما ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (5: 38)، وقال:"رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني في الأوسط"، وذكره الحافظ في الفتح (10: 213)، وقال:"أخرجه البزار، ورجاله ثقات". فأبو هريرة لم ينفرد برواية هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه انفرد بالحمل عليه منهم، بما غفلوا أنه رواه اثنان غيره من الصحابة. والحق أنه لم يعجبهم هذا الحديث، لما وقر في نفوسهم من أنه ينافي المكتشفات الحديثة، من المكروبات ونحوها.

ليعصمهم إيمانهم عن أن يجرؤا على المقام الأسمي، فاستضعفوا أبا هريرة. والحق أيضاً أنهم آمنوا بهذه المكتشفات الحديثة أكثرُ من إيمانهم بالغيب، ولكنهم لا يصرحون!، ثم اختطوا لأنفسهم خطة عجيبة: أن يقدموها على كل شيء، وأن يؤولوا القرآن بما يخرجه =

ص: 553

أَحَدِكُمْ فَإِنَّ فِى أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً، وَفِى الآخَرِ شِفَاءً، وَإِنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِى فِيهِ الدَّاءُ، فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ".

= عن معنى الكلام العربي، إذا ما خالف ما يسمونه "الحقائق العلمية"!، وأن يردّوا من السنة الصحيحة ما يظنون أنه يخالف حقائقهم هذه!، افتراءً على الله، وحبًا في التجديد!، بل إن منهم لمن يؤمن ببعض خرافات الأوربيين وينكر حقائق الإسلام أو يتأولها. فمنهم من يؤمن بخرافات استحضار الأرواح، وينكر وجود الملائكة والجن بالتأول العصري الحديث. ومنهم من يؤمن بأساطير القدماء وما ينسب إلى "القديسين والقديسات"، ثم ينكر معجزات رسول الله -صلي الله عليه وسلم - كلها، ويتأول ما ورد في الكتاب والسنة من معجزات الأنبياء السابقين، يخرجونها عن معنى الإعجاز كله!!، وهكذا وهكذا

وفي عصرنا هذا صديق لنا، كاتب قدير، أديب جيد الأداء، واسع الاطلاع، كنا نعجب بقلمه وعلمه واطلاعه. ثم بدت منه هنات وهنات، على صفحات الجرائد والمجلات، في الطعن علي السنة، والإزراء برواتها، من الصحابة فمن بعدهم. يستمسك بكلمات للمتقدمين في أسانيد معينة، يجعلها - كما يصنع المستشرقون - قواعد عامة، يوسع من مداها، ويخرج بها عن حدها الذي أراده قائلوها. وكانت بيننا في ذلك مساجلات شفوية، ومكاتبات خاصة، حرصًا مني على دينه وعلى عقيدته. ثم كتب في إحدى المجلات - منذ أكثرُ من عامين - كلمة على طريقته التي ازداد فهيا إمعانًا وغلوًا. فكتبت له كتابًا طويلاً، في شهر جمادى الأولى سنة 1370، كان مما قلت له فيه، من غير أن أسميه هنا أو أسمي المجلة التي كتب فيها، قلت له: "وقد قرأت لك، منذ أسبوعين تقريبًا، كلمة في مجلة.

لم تدع فيها ما وقر في قلبك من الطعن في روايات الحديث الصحيحة. ولست أزعم أني أستطيع إقناعك، أو أرضى إحراجك بالإقلاع عما أنت فيه. "وليتك- يا أخي- درست علوم الحديث وطرق روايته دارسة وافية، غير متأثر بسخافات (فلان) رحمه الله، وأمثاله ممن قلدهم وممن قلدوه. فأنت تبحث وتنقب على ضوء شيء استقر في قلبك من قبل، لا بحثًا حرًا خاليًا من الهوى. "وثق أني لك ناصح مخلص أمين. لا يهمنى ولا يغضبني أن تقول في السنة ما تشاء. فقد قرأتُ من مثل كلامك أضعاف ما قرأت. ولكنك تضرب الكلام بعضه ببعض. "وثق - يا أخي - أن المستشرقين فعلوا مثل ذلك في السنة، =

ص: 554

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فقلت مثل قولهم وأعجبك رأيهم، إذ صادف منك هوى. ولكنك نسيت أنهم فعلوا مثل ذلك وأكثر منه في القرآن نفسه. في ضار القرآن ولا السنة شيء مما فعلوا. "وقبلهم قام المعتزلة وكثير من أهل الرأي والأهواء، ففعلوا بعض هذا أو كله، في زادت السنة إلا ثبوتًا كثبوت الجبال، وأتعب هؤلاء رؤوسهم وحدها وأوْهَوْها!، "بل لم نر فيمن تقدمنا من أهل العلم من اجترأ على ادعاء أن في الصحيحين أحاديث موضوعة، فضلا عن الإيهام والتشنيع الذي يطويه كلامك، فيوهم الأغرار أن اكثر ما في السنة موضوع!، هذا كلام المستشرقين. "غاية ما تكلم فيه العلماء نقد أحاديث فيهما بأعيانها، لا بادّعاء وضعها والعياذ بالله، ولا بادّعاء ضعفها. إنما نقدوا عليهما أحاديث ظنوا أنها لا تبلغ في الصحة الذروة العليا التي التزمها كل منهما. "وهذا مما أخطأ فيه كثير من الناس. ومنهم أستاذنا السيد رشيد رضا رحمه الله، على علمه بالسنة وفقهه، ولم يستطع قط أن يقيم حجته على ما يرى. وأفلتت منه كلمات يسمو على علمه أن يقع فيها. ولكنه كان متأثرًا أشد الأثر بجمال الدين ومحمد عبده، وهما لا يعرفان في الحديث شيئاً. بل كان هو بعد ذلك أعلم منهما، وأعلى قدرًا، وأثبت رأيًا، لولا الأثر الباقي في دخيلة نفسه.

والله يغفر لنا وله. "وما أفضلت لك في هذا إلا خشية عليك من حساب الله. أما الناس في هذا العصر فلا حساب لهم، ولا يقدّمون في ذلك ولا يؤخرون. فإن التربية الإفربخية الملعونة جعلتهم لا يرضون القرآن إلا على مضصّ، فمنهم من يصرح، ومنهم من يتأول القرآن أو السنة، ليرضى عقله الملتوي، لا ليحفظهما من طعن الطاعنين. فهم على الحقيقة لا يؤمنون، ويخشون أن يصرحوا، فيلتوون. وهكذا هم حتى يأتي الله بأمره.

"فاحذر لنفسك من حساب الله يوم القيامة. وقد نصحتُك وما ألوْتُ. والحمد لله". وأما الجاهلون الأجرياء فإنهم كثر في هذا العصر. ومن أعجب ما رأيت من سخافاتهم وجرأتهم: أن يكتب طبيب، في إحدى المجلات الطبية، فلا يرى إلا أن هذا الحديث لم يعجبه، وأنه ينافي علمه!، وأنه رواه مؤلف اسمه "البخاري"!، فلا يجد مجالا إلا الطعن في هذا "البخاري"، ورميه بالافتراء والكذب على رسول الله -صلي الله عليه وسلم -!، وهو لا يعرف عن "البخاري" هذا شيئًا، بل لا أظنه يعرف اسمه ولا عصره ولا كتابه!، إلا أنه روى شيئًا =

ص: 555

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يراه هو - بعلمه الواسع - غير صحيح!، فافترى عليه ما شاء، مما سيحاسب عليه بين يدي الله حسابًا عسيرًا. ولم يكن هؤلاء المعترضون المجترئون أول من تكلم في هذا، بل سبقهم من أمثالهم الأقدمون. ولكن أولئك كانوا أكثرُ أدبًا من هؤلاء!، فقال الخطابي في معالم السنن (رقم 3695 من تهذيب السنن):"وقد تكلم في هذا الحديث بعض من لا خلاق له، وقال: كيف يكون هذا؟، وكيف يجتمع الداء والشفاء في جناحي الذبابة؟، وكيف تعلم ذلك من نفسها حتى تقدم جناح الداء، وتؤخر جناح الشفاء؟، وما أربها في ذلك؟!، "قلت [القائل القابي]: وهذا سؤال جاهل أو متجاهل؛ وإن

الذي يجد نفسه ونفوس عامة الحيوان قد جمع فيها بين الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، وهي أشياء متضادة، إذا تلاقت تفاسدت، ثم يرى أن الله سبحانه قد ألف بينها، وقهرها على الاجتماع، وجعل منها قوى الحيوان التي بها بقاؤها وصلاحها-: لجدير أن لا ينكر اجتماع الداء والشفاء في جزءين من حيوان واحد، وأن الذي ألهم النحلة أن تتخذ البيت العجيب الصنعة، وأن تعسل فيه، وألهم الذرَّة أن تكتسب قوتها وتدخره لأوان حاجتها إليه-: هو الذي خلق الذبابة، وجعل لها الهداية إلى أن تقدم جناحًا وتؤخر جناحًا، لما أراد الله من الابتلاء، الذي هو مدرجة التعبد، والامتحان الذي هو مضمار التكليف. وفي كل شيء عبرة وحكمة. وما يذكر إلا أولو الألباب". وأما المعنى الطبي،

فقال ابن القيم - في شأن الطب القديم- في زاد المعاد (3: 210 - 211): "واعلم أن في الذباب قوة سمّية، يدل عليها الورم والحكة العارضة من لسعه. وهي بمنزلة السلاح، فإذا سقط فيما يؤذيه ألقاه بسلاحه. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقابل تلك السُّمية بما أودعه الله في جناحه الآخر من الشفاء، فيغمس كله في الماء والطعام، فيقابل المادة السمية بالمادة النافعة، فيزول ضررها. وهذا طب لا يهتدي إليه كبار الأطباء وأئمتهم، بل هو خارج من مشكاة البنوة. ومع هذا، فالطبيب الحالم الحارف الموفق، يخضع لهذا العلاج، ويقرّ لمن جاء به بأنه أكمل الخلق على الإطلاق، وأنه مؤيد. بوحي إلهي خارج عن القوى البشرية". وأقول- في شأن الطب الحديث-: إن الناس كانوا ولا يزالون تقذر أنفسهم الذباب، وتنفر مما وقع فيه من طعام أو شراب. ولا يكادون يرضون قربانه وفي =

ص: 556

7142 -

حدثنا بشر عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي

= هذا من الإسراف - إذا غلا الناس فيه - شيء كثير. ولا يزال الذباب يلح على الناس في طعامهم وشرابهم، وفي نومهم ويقطهم، وفي شأنهم كله. وقد كشف الأطباء والباحثون عن المكروبات الضارة والنافعة، وغلوا غلوًا شديد، في بيان ما يحمل الذباب من مكروبات ضارة، حتى لقد كادوا يفسدون على الناس حياتهم لو أطاعوهم طاعة حرفية تامة. وإنا لنرى بالعيان أن أكثرُ الناس تأكل مما فإني عليه الذباب وتشرب، فلا يصيبهم شيء إلا في القليل النادر. ومن كابر في هذا فإنما يخدع الناس ويخدع نفسه. وإنا لنرى أيضاً أن ضرر الذباب شديد حين يقع الوباء العامّ. لا يُماري في ذلك أحد. فهناك إذن حالان ظاهرتان، بينهما فروق كبيرة. أما حال الوباء، فمما لا شك فيه أن الاحتياط فيها يدعو إلى التحرز من الذباب وأضرابه مما ينقل المكروب - أشدّ التحرز. وأما إذا عُدم الوباء، وكانت الحياة تجري على سننها، فلا معنى لهذا التحرز. والمشاهدة تنفي ما غلا فيه الغلاة من إفساد كل طعام أو شراب وقع عليه الذباب. ومن كابر في هذا فإنما يجادل بالقول لا بالعمل، ويطع داعي الترف والتأنق، وما أظنه يطق ما يدعو إليه تطبيقًا دقيقًا.

وكثيرمنهم يقولون ما لايفعلون.

(7142)

إسناده صحيح، وسيأتي بإسنادين عن ابن عجلان (7839، 9662). ورواه أبو داود (5208/ 4:520 عون المعبود)، عن أحمد بن حنبل ومسدّد عن بشر بن المفضل، بهذا الإِسناد. ورواه الترمذي (3: 389) من طريق الليث بن سعد عن ابن عجلان.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن. وقد روي هذا الحديث عن ابن عجلان أيضاً عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي -صلي الله عليه وسلم -". ورواه البخاري في الأدب المفرد (ص 148) بإسنادين عن ابن عجلان، بهذا. ورواه أيضاً بينهما، عن ابن المثنى عن صفوان بن عيسى عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة. وهذه هي الرواية التي أشار إليها الترمذي. ورواه البخاري في الأدب المفرد أيضاً (ص 154) مطولاً في قصة، من طريق يعقوب بن زيد التيمي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة.

وإسناده صحيح أيضاً. ونسبه السيوطي في الجامع الصغير (497) أيضاً لابن حبان والحاكم.

ص: 557

هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليس الأول بأحق من الآخر".

7143 -

حدثنا إسحق بن يوسف حدثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: "لا يجزي ولد والده، إلا أن يجده مملوكًا، فيشتريه، فيعتقه".

7144 -

حدثنا عباد بن المهلبي عن محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، عن النبي -صلي الله عليه وسلم -، أنه قال:"إنما الإِمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده، فقولوا ربنا لك الحمد، فإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعين".

7145 -

حدثنا صفوان بن عيسى أخبرنا عبد الله بن سعيد بن

(7143) إسناده صحيح، سفيان: هو الثوري. سهيل بن أبي صالح السمان: سبق توثيقه (3916)، ونزيد هنا أنه ترجمه البخاري في الكبير (2/ 2/105 - 106)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 1/ 246 - 247). والحديث رواه مسلم (1: 443)، بأسانيد، من رواية سهيل بن أبي صالح، به. ورواه أيضاً أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، كما في الترغيب والترهيب (3: 213).

(7144)

إسناده صحيح، عباد بن عباد المهلبي: سبق توثيقه (1791)، ونزيد هنا أنه ترجمه ابن

أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 1/ 82 - 83)، وابن سعد في الطبقات (7/ 2/45،71). محمَّد بن عمرو: هو محمَّد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، سبقت ترجمته (1405). والحديث رواه الشيخان وغيرهما. انظر المنتقى (1375)، وتهذيب السنن للمنذري (574).

(7145)

إسناده صحيح، صفوان بن عيسى الزهري القسام: سبق توثيقه (2075، 6402)، ونزيد هنا أنه ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 1/425). عبد الله بن سعيد بن أبي هند: سبق توثيقه (2075)، ونزيد هنا أنه ترجمه ابن أبي حاتم في =

ص: 558

أَبِى هِنْدٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم "مَنْ جُعِلَ قَاضِياً بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ".

تم بحمد الله المجلد السادس (6)

ويليه المجلد السابع إن شاء الله تعالى

= الجرح والتعديل (2/ 2/70 - 71). والحديث رواه أبو داود (3571/ 3: 323 - 324) عون المعبود)، والترمذي (2: 275)، من طريق عمرو بن أبي عمرو عن سعيد المقبري. ورواه أبو داود أيضاً (3572)، من طريق عثمان بن محمَّد الأخنسي عن المقبري والأعرج، كلاهما عن أبي هريرة. ورواه ابن ماجة (2: 26)، والحاكم في المستدرك (4: 91)، كلاهما من طريق عثمان بن محمَّد عن المقبري وحده. وقال الترمذي:"هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقد روي أيضاً من غير هذا الوجه عن أبي هريرة عن النبي -صلي الله عليه وسلم -". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإِسناد، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.

ص: 559

فهرس موضوعات المجلد السادس

رقم الحديث الموضوع

6414 باقي مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب.

7119 بداية مسند أبي هريرة.

رقم الإيداع: 10859/ 1994 م

9 -

56 - 3227 - 977: I.S.B.N

ص: 560