المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مقدمة رئيس التحرير: - معجم الصواب اللغوي - المقدمة

[أحمد مختار عمر]

الفصل: ‌مقدمة رئيس التحرير:

‌مقدمة رئيس التحرير:

على الرغم من كثرة ما تحويه المكتبة العربية من مؤلفات تتناول أوجه الخطأ والصواب في اللغة فإننا لم نجد واحدًا منها وافيًا بالغرض، مستجيبًا لحاجة المثقف العام، محققًا لمطلب ابن اللغة الذي يبحث عن المعلومة السريعة، والرأي الموجز، وينشد التيسير الذي لا يضيّق واسعًا، ولا يخطّئ صوابًا.

وأهم ما لاحظناه من عيوب في أعمال السابقين ما يأتي:

1 -

عدم شمول أي منها لكثير من الألفاظ والعبارات والأساليب التي تشيع في لغة العصر الحديث.

2 -

تشدُّد بعض منها في قضية الخطأ والصواب، ورفضه لكثير مما يمكن تصحيحه بوجه من الوجوه، مما أربك الدارسين، وأوقعهم في متاهات «قل ولا تقل». وقديمًا قيل:«أنحى الناس من لا يخطئ أحدًا» . ومن ذلك تخطئتهم كلمتي «مَتْحَف» و «مَعْرَض» مع ما وجده مجمع اللغة لهما من تخريج سديد. وتخطئتهم النسب إلى الجمع على لفظه، وفتح همزة «إن» بعد القول و «حيث» مع صحتها بشيء من التوسع.

3 -

انشغال بعض منها بقضايا تراثية، وألفاظ مهجورة قد جاوزها الزمن، ولم يعد لها وجود في لغة العصر الحديث.

4 -

تقليدية الكثير منها، واعتماده على آراء السابقين التي يقوم بترديدها دون تمحيص.

5 -

وقوف معظمها عند فترة زمنية معينة لا تتجاوز القرن الرابع الهجري، مما استبعد من المعجم اللغوي مئات من الألفاظ والعبارات والتراكيب التي جدت بعد ذلك، ودخلت اللغة، ولم تدخل المعاجم.

6 -

وقوع بعضها في الخطأ بقبولها ما هو خطأ محض، ورفضها ما هو صواب محض؛ كتخطئة زهدي جار الله:«تعاليا إلى هنا» ، ونصه على أن الصواب:«تعالا إلى هنا» ، (الكتابة الصحيحة ص 256)، ولم يقل بذلك أحد سواه، وتخطئته جمع مكفوف على مكفوفين ذاكرًا أن الصواب مكافيف (السابق 313) وهو ما لم يقل به أحد، ولا يصح القول به. ويعد من هذا

ص: 5

النوع كذلك تلك الأحكام التي يصدرها بعضهم دون استيثاق، كتخطئة استعمال كلمة «التقدير» بمعنى التعظيم مع وجوده في القراءات القرآنية، وتخطئة تعدية الفعل «ضنَّ» بـ «على» وهو في القرآن الكريم في قوله تعالى:{وما هو على الغيب بضنين} .

وعلى هدي من هذه الملاحظات وضعنا خطة معجمنا الذي يكشف عنوانه الفرعي عن الهدف من تأليفه وهو: «دليل المثقف العربي» . وقد التزمنا فيه بما يأتي:

1 -

التوسع في التصحيح، وتصويب كل ما يمكن تخريجه بوجه من الوجوه سواء بالرجوع إلى المادة الحية، أو المعاجم المسحيَّة، أو باستخدام جملة من الأقيسة التي قبلها القدماء، أو أقرها مجمع اللغة المصري، أو باجتهادنا الشخصي.

أ- فمما صححناه عن طريق الرجوع إلى المادة الحية- مما يعد استدراكًا على معاجمنا العربية- كلمات الاحترام، والتقدير، وارتاح بمعنى استراح.

ب - ومما صححناه عن طريق التوسع في القياس واستخدام جملة من القواعد الكلية التي أقر بعضها مجمع اللغة المصري: قياسية «فُعالة»

للدلالة على بقايا الأشياء، مثل: الأُكالة، والفُراكة، والحُدادة؛ والانتقال من فتح العين في الماضي إلى الضم أو الكسر في المضارع، وقبول لغة طيئ التي تحول كل «فَعِل» مقصورًا إلى «فَعَل» ، وتذكير المؤنث المجازي، ونيابة بعض حروف الجر عن بعض، وتعدية الفعل اللازم عن طريق زيادة الهمزة، أو تضعيف عينه، واشتقاق المصدر الصناعي، وغير ذلك.

ج- ومما صححناه باجتهادنا الشخصي عبارات مثل: «الحمام الزاجل» بالإضافة إلى «حمام الزاجل» .

2 -

متابعتنا القضية أو المشكلة في المراجع المتاحة، وعدم اكتفائنا بما ورد في مرجع واحد. ونتيجة لهذا صححنا كثيرًا من الكلمات التي خطأها بعضهم، مثل كلمة «مَعْدَن» بفتح الدال التي اعتبرناها فصيحة على الرغم من رفض تاج العروس لها. وقد استندنا في ذلك إلى مجيء المضارع بكسر الدال وضمها مما يسمح بكسر الدال وفتحها في اسم المكان. ومثل كلمة «ارتجف» التي خطأها بعضهم مع أنها مذكورة في أساس البلاغة.

3 -

البعد في لغة الشرح عن المصطلحات الفنية التي يقتصر تداولها عادة على المتخصصين، واستخدام العبارات والكلمات التي يشملها الرصيد اللغوي الوظيفي للمثقف العام، مثل

ص: 6

مصطلح «نزع الخافض» الذي لم يرد في معجمنا إلا خمس مرات اقتضاها السياق، وفضلنا عليه «حذف حرف الجر» .

4 -

الاقتصار في المادة المعروضة على ما يشيع في لغة العصر الحديث على ألسنة المثقفين وفي كتاباتهم سواء استخلصناه بأنفسنا من لغة الإعلام، وكتابات الأدباء، أو وجدناه مذكورًا في دراسات السابقين.

5 -

فتح باب الاستشهاد حتى يومنا هذا، وهو ما سبق أن طبقه مجمعنا اللغوي في معاجمه، وبذلك فتح الباب أمام الجميع لتخطي الحدود الزمانية والمكانية التي أقيمت خطأ بين عصور اللغة المختلفة.

وإذا كان مجمع اللغة العربية بالقاهرة قد توقف زمنيًّا عند الثمانينيات من القرن العشرين فإن معجمنا قد استوعب ما شاع في لغة العصر الحديث حتى لحظة إنجازه، وبذلك احتوى على أعداد هائلة من الكلمات والاستعمالات التي خلا منها المعجم الوسيط. وإذا كان المعجم الوسيط يستشهد- على استحياء- بعدد محدود من المولدين والمعاصرين فقد فتحنا في معجمنا الباب على مصراعيه، ولذا نجد فيه أسماء، مثل: طه حسين، والعقاد، ومحمود تيمور، وتوفيق الحكيم، وأبي القاسم الشابي، وميخائيل نعيمة، والطيب الصالح، ونجيب محفوظ .. وغيرهم من المعاصرين سواء كانوا أمواتًا أو أحياء. كما نجد فيه أسماء لكتاب عاشوا بعد عصر الاستشهاد مثل: ابن طفيل، وابن خلدون، وإخوان الصفا، وابن رشد، وابن جني، وابن سينا، وابن عبد ربه ..

6 -

إجازة استعمال اللفظ على غير استعمال العرب ما دام جاريًا على أقيستهم من مجاز، واشتقاق، وتوسيع للدلالة وغيرها. وقديمًا قال ابن جني:«للإنسان أن يرتجل من المذاهب ما يدعو إليه القياس ما لم يُلْوِ بنص» (الخصائص 1/ 189)، وقال:«لو أن إنسانًا استعمل لغة قليلة عند العرب لم يكن مخطئا لكلام العرب، لكنه يكون مخطئا لأجود اللغتين» (السابق 2/ 12).

7 -

التوسع في فكرة التجمعات الحرة، والاختيارات الأسلوبية التي سمحت بتحريك الكلمات من مواقعها دون التزام بترتيب معين ما لم يكن هناك نص نحوي يعارض ذلك. وبناء عليه صوّبنا تقديم الظرف «فقط» على متعلقه في مثل قولنا:«ليس فقط على المستوى المحلي» .

ص: 7