الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القريب:
هو اسم من أسماء الله تعالى ورد في القرآن ثلاث مرات2، في قوله تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} (البقرة آية 186)، وقوله:{فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} (هود آية 61) . وقوله: {وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} (سبأ آية.5) .
ومعنى القريب أنه سبحانه ليس قريبا من عبده قرب ذات وإنما قرب صفات، فهو قريب جدا من عبده قرب سمع وبصر وعلم وإحاطة وقهر ونصر وغير ذلك من صفات كماله تعالى، ويشير إلى هذا القرب قوله سبحانه:{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} (ق آية 16) . وحبل الوريد هو حبل العاتق، وهو ممتد من ناحية الحلق إلى العاتق، وهما وريدان عن يمين وشمال، وقال الحسن: الوريد الوتين، وهو عرق معلق بالقلب، وهو تمثيل للقرب بقرب ذلك العرق من الإنسان: أي نحن أقرب إليه من حبل وريده، والإضافة بيانية: أي حبل هو الوريد- وقيل الحبل هو نفس الوريد3 كما يشير تعالى إلى قربه من عبده بقوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ} (الواقعة آية 85) أي أقرب سبحانه من خلقه إلى عبده بعلمه وقدرته ورؤيته، ولكن عباده لا يدركون ذلك لجهلهم فإن الله تعالى أقرب إلى عبده من حبل الوريد4.
2 تيسير العلي القدير المجلد الثالث ص522.
3 فتح القدير الجزء الخامس ص75.
4 المرجع السابق ص161.
وقد اقترن اسمه (القريب) سبحانه باسمه "المجيب" مرة1، كما اقترن باسمه (السميع) مرة واحدة2، واقترانه بالمجيب مرة ثم بالسميع مرة أخرى يفيد أنه سبحانه وتعالى يسمع وهو فوق عرشه كل شيء من خلقه سواء أعلن أم أخفى، جهر به أم أسر، لأنه قريب جدا منهم قرب سمع ورؤية وعلم وإحاطة وقدرة وقهر ونصر، قريب بصفاته تعالى من خلقه، وهو سبحانه قريب الإجابة لمن دعاه.
وقد قال ابن أبي حاتم بسنده عن معاوية بن حيدة القشيري أن أعرابيا قال: "يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه"، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} الآية (البقرة آية 186) ، إذا أمرتهم أن يدعوني فدعوني استجيب، وروى الإمام أحمد عن أبي موسى الأشعري قال:"كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فجعلنا لا نصعد شرفا، ولا نعلو شرفا، ولا نهبط واديا إلا رفعنا صوتنا بالتكبير"، قال:"فدنا منا"، فقال:"يا أيها الناس، أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصما ولا غائبا، إنما تدعون سميعا بصيرا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته، يا عبد الله بن قيس، ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله" أخرجاه في الصحيحين وبقية الجماعة.
وروى مالك عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي" أخرجاه في الصحيحين. من حديث مالك به.
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل" قالوا: "وكيف يستعجل؟ " قال: "يقول قد دعوت ربي فلم يستجب لي" رواه الإمام أحمد.
وروى ابن مردويه عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس حدثني جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم أمرت بالدعاء، وتوكلت بالإجابة، لبيك اللهم لبيك، لا شريك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، أشهد أنك فرد، أحد، صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، وأشهد أن وعدك حق، ولقاءك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة آتية لا ريب فيها، وأنت تبعث من في القبور"3.
وقد ثبت في الصحيح من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها".
وثبت في الصحيح أيضا من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي".
1 المعجم المفهرس.
2 المعجم المفهرس.
3 تيسير العلي القدير المجلد الأول ص145-146.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، "قيل يا رسول الله ما الاستعجال؟ " قال: "يقول: قد دعوت فلم أر يستجب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء" رواه مسلم، وقد ورد في الأحاديث الصحيحة بيان بعض الأشخاص الذين تستجاب دعوتهم، من ذلك ما يأتي:
1-
دعوة المظلوم: فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا دعوة المظلوم فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرار" حديث صحيح أخرجه الحاكم، وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا فإنه ليس دونها حجاب" حديث حسن رواه أحمد.
2-
دعوة المسافر: إذا كان سفر طاعة وخير كالسفر في سبيل الله للدعوة أو للعبادة أو لطلب العلم الذي يتقرب به إلى الله، ولعل سرَّ استجابة دعوة المسافر كونه غريبا، وبعيدا عن أهله وأحبائه، فيشمله الله تعالى برحمته ورعايته، وتكون استجابة دعوته من آثار رحمة الله عز وجل به، وفضله عليه.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن، دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده" حديث صحيح رواه الترمذي.
2-
دعوه الوالد على ولده: وهذا يظهر من الحديث الآنف الذكر، فالوالد إذا دعا بالخير لولده أو بالشر على ولده، استجاب الله له.
4، 5، 6- دعوة الحاج والغازي والمعتمر: وسبب استجابة دعوة هؤلاء الثلاثة أنهم لبوا نداء الله تعالى، واستجابوا لدعوته، فكافأهم تعالى استجابة دعوتهم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الغازي في سبيل الله، والحاج، والمعتمر، وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم" حديث صحيح رواه ابن ماجة.
7-
دعاء الأخ المسلم لأخيه بظهر الغيب: فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل " رواه مسلم.
وعن صفوان بن عبد الله قال: "قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده، ووجدت أم الدرداء" فقالت: "أتريد الحج العام؟ " فقلت: "نعم"، قالت:"فادع الله لنا بخير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: " دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل" رواه مسلم. ولا شك أن المجتمع الذي تكون صفته أن كل أخ يدعو لأخيه بظهر الغيب، يكون مجتمعا يشيع فيه الخير، وتعم فيه الأخوة الصادقة التي ترقى بأفراده وتسمو بهم في مدارج الإيمان.
(يتبع)