الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حول كلمة وهابي
(1)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
{ياأيّها الّذين ءامنوا اتّقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون} ، {ياأيّها النّاس اتّقوا ربّكم الّذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيرًا ونساءً واتّقوا الله الّذي تساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيبًا} ، {ياأيّها الّذين ءامنوا اتّقوا الله وقولوا قولاً سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا} .
أما بعد: فيقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ألمْ تر كيْف ضرب الله مثلاً كلمةً طيّبةً كشجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السّماء * تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربّها ويضرب الله الأمثال للنّاس لعلّهم
(1) وكانت خطبة جمعة وحصلت تتمه بين مغرب وعشاء وإجابة عن الأسئلة التي تتعلق بهذا .. والحمد لله.
يتذكّرون * ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثّت من فوق الأرض ما لها من قرار (1)}، في هذه الآيات المباركة تبشير من الله سبحانه وتعالى أن من كان يعمل لله عز وجل فإن الله يبقيه وينمّيه ويبارك فيه، وإن من كان يعمل لغير الله فإنه ليس له من قرار يمحقه الله سبحانه وتعالى، وهذا واقع كما أخبر الله سبحانه وتعالى فإذا نظرنا إلى بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإلى ما أرجف الكفار وأعداء الإسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم كانت العاقبة للتقوى، وهكذا بعد نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى زماننا هذا الذي يعتبر زمن الفتن فتن شتى لا يعلم كثرتها إلا الله سبحانه وتعالى، في هذا الزمن المخلوط بالشرك وبما يسوء المسلمين هناك نهضة مباركة في جميع البلاد الإسلامية وعجز أعداء الإسلام أن يواجهوا هذه النهضة المباركة التي الفضل فيها لله عز وجل فهو الذي بارك فيها ونمّاها وسدّدها.
ثم عمد أعداء الإسلام إلى التنفير عن هذه النهضة المباركة بألقاب شتى ليصرفوا المسلمين عن هذه النهضة المباركة وعن هذه اليقظة المباركة، ألقاب شتى ونحن متكلمون في يومنا هذا إن شاء الله على لقب واحد، وإن كان بحمد الله الحاضرون بريئون من هذا ومنهم من لا يعلم هذا ولكنني أقول ليبلغ الشاهد الغائب فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول:((ليبلغ الشاهد الغائب)) ويقول أيضًا: ((نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلّغها)).
(1) سورة إبراهيم، الآية:24 - 26.
تلكم الكلمة الخبيثة التي يشيعها الشيوعيون والبعثيون والناصريون والرافضة والصوفية المبتدعة يشيعونها في مجتمعاتنا ليصدوا الناس عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ألا وهي كلمة (وهّابيّة) فمن تمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نفّروا عنه وأطلقوا عليه ذلكم اللقب لينفروا عنه، وينبغي أن يعلم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى من علماء القرن الثاني عشر عالم يصيب ويخطئ ويجهل ويعلم، ولو كنا مقلديه لقلدنا عالمنا اليمني محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني وقد كان معاصرًا له؛ فهو أعلم من الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ولكن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أيد الله دعوته بالسلطة وانتشر علمه، ومحمد بن إسماعيل الأمير الذي ملأ الدنيا مؤلفات وانتفع المسلمون بكتبه حطّمه اليمنيون وأرادوا إخراجه من صنعاء.
تلكم الكلمة التي ينفّر بها عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويصد بها عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يجب عليكم أن تتأنوا في شأنها، وأن تنظروا ما معناها؟ نسبة إلى عالم من العلماء، ليست نسبة إلى ماركس، وليست نسبة إلى لينين، وليست نسبة إلى أمريكا، وليست نسبة إلى روسيا، وليست نسبة إلى زعماء أعداء الإسلام، على أننا لا نجيز لمسلم أن ينتسب إلا إلى الإسلام وإلى نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ينبغي أن تتأنوا في هذا الأمر فسليمان عليه السلام عند أن أخبر الهدهد بما تفعل ملكة سبأ وقومها {قال سننظر أصدقت أم كنت من
الكاذبين (1)}، ورب العزة يقول في كتابه الكريم:{ياأيّها الّذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين (2)} ، نتكلم بهذا ليس لأجل أهل السنة والذين بدماج فإن دعوتهم بحمد الله مقبولة، ولكن هذه الدعاية قد أصبحت بأرض الحرمين وبمصر والسودان وبالشام وبالعراق وبجميع البلاد الإسلامية؛ من كان متمسكًا بالدين قالوا: ذاك وهابي.
رب العزة يقول في كتابه الكريم: {وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (3)} ، ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في "صحيح مسلم":((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التّقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرّات بحسب امرئ من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم، كلّ المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه)) نحن نحذر عن هذه الدعاية شفقةً ورحمة بإخواننا العامة من أن يسيئوا الظن بإخوانّهم الدعاة إلى الله عز وجل، وأن يؤذوا إخوانهم الدعاة فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم:{والّذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانًا وإثمًا مبينًا (4)} . والأمر كما قيل: رمتني بدائها وانسلت. الأمر كما قيل أن الشيوعي وأن البعثي وأن الناصري لهم من
(1) سورة النمل، الآية:27.
(2)
سورة الحجرات، الآية:6.
(3)
سورة المائدة، الآية:2.
(4)
سورة الأحزاب، الآية:58.
يدعمهم بخلاف أهل السنة والدعاة إلى الله ورب العزة يقول في كتابه الكريم {ومن يكسب خطيئةً أو إثمًا ثمّ يرم به بريئًا فقد احتمل بهتانًا وإثمًا مبينًا (1)} .
وإنني أقول لإخواني الدعاة إلى الله في جميع البلاد الإسلامية: عليهم أن يشمروا عن ساعد الجد، وعليهم أن يقصدوا بدعوتهم وجه الله، لا لأجل الكراسي، ولا لأجل المناصب، ولا لأجل حطام الدنيا، إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا لوجهه. الدعوة إلى الله أرفع من الكراسي وأرفع من المناصب وأرفع من حطام الدنيا، {ومن أحسن قولاً ممّن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنّني من المسلمين (2)}. نعم رب العزة يقول في كتابه الكريم:{ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنّهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون (3)} ، أنتم عندكم كتاب الله وعندكم سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأعداؤكم من شيوعيين ومن بعثيين ومن ناصريين ومن رافضة ومن صوفية دعايتهم مبنية على الكذب، دعايتهم مبنية على التلبيس، دعايتهم مبنية على الخيانة، الدعاة إلى الله ليس لهم ناصر إلا الله سبحانه وتعالى وكفى بالله نصيرًا، ويقول تعالى في كتابة الكريم مثبّتًا لعباده المؤمنين: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين إن
(1) سورة النساء، الآية:112.
(2)
سورة فصلت، الآية:33.
(3)
سورة النساء، الآية:104.
يمسسكم قرح فقد مسّ القوم قرح مثله وتلك الأيّام نداولها بين النّاس (1)} ويقول سبحانه وتعالى: {فلا تهنوا وتدعوا إلى السّلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم (2)} ، لكن ينبغي أن لا تكون الدعوة دعوة ثورات، ودعوة انقلابات فإنّها تفسد أكثر مما تصلح تكون دعوة المسلمين إلى كتاب ربّهم وإلى سنة نبيهم محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
*****
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله .. أما بعد:
فيقول الله تعالى في كتابه الكريم: {وقل جاء الحقّ وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقًا (3)} ، في هذه الآية المباركة أيضًا تبشير من الله سبحانه وتعالى على أن الباطل لا يستطيع أن يثبت أمام الحق، ويقول تعالى:{فأمّا الزّبد فيذهب جفاءً وأمّا ما ينفع النّاس فيمكث في الأرض (4)} . فنحمد الله سبحانه وتعالى الذي أيقظ قومنا اليمنيين خاصة وأيضًا غير اليمنيين بنجد وبأرض الحرمين وبمصر، وقد أصبح كثير منهم لا يرفع
(1) سورة آل عمران، الآية:140.
(2)
سورة محمد، الآية:35.
(3)
سورة الإسراء، الآية:81.
(4)
سورة الرعد، الآية:17.
رأسًا إلى هذه الدعاية الخبيثة التي هي نسبة إلى عالم من العلماء أثنى عليه علماء الإسلام، يقول: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني رحمه الله في محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله:-
لقد جاءت الأخبار عنه بأنه
…
يعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي
وينشر جهرًا ما طوى كل جاهل
…
ومبتدع منه فوافق ما عندي
ويعمر أركان الشريعة هادمًا
…
مشاهد ضل الناس فيها عن الرشد
أعادوا بها معنى سواع ومثله
…
يغوث وود بئس ذلك من ود
وقد هتفوا عند الشدائد باسمها
…
كما يهتف المضطر بالصمد الفرد
وكم عقروا في سوحها من عقيرة
…
أهلت لغير الله جهرًا على عمد
وكم طائف حول القبور مقبّل
…
ومستلم الأركان منهن بالأيدي
على الدعاة إلى الله أن يثبتوا على الحق، وقد قلنا في غير ما درس وفي غير ما خطبة: إنه كذب وافتراء أن ينسبونا إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فإننا لا نرضى أن ننتسب إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي هو شفيعنا وحبيبنا وأخرجنا الله سبحانه به من الظلمات إلى النور، فتلكم الدعايات ستزول، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لقب بالصابئ، أي الخارج من دينه إلى دين آخر، أما نحن فلم نخرج من ديننا إلى دين آخر، ولم نكفّر آباءنا وأجدادنا كما يزعمون، ولم نكفّر الأولياء أيضًا ولم نبغض أهل بيت النبوة، فقد تكلمنا في غير ما خطبة في فضائل أهل بيت النبوة ولم نبغض الصالحين ولم نكفر مجتمعنا الذي نعيش فيه ولم نستجيز الخروج على
حكومة مسلمة، فليبلغ الشاهد الغائب، وبعدها تذوب وتكون تلكم الدعايات سببًا لانتشار السنة، يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{إنّ الّذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرًّا لكم بل هو خير لكم لكلّ امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والّذي تولّى كبره منهم له عذاب عظيم لولا إذ سمعتموه ظنّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا وقالوا هذا إفك مبين (1)} .
إذا سمعت رجلاً يقول: (ذاك وهابي) فاعلم أنه أحد رجلين .. إما خبيث مخبث، وإما جاهل لا يعرف كوعه من بوعه، فرية كبيرة على الدعاة إلى الله ورب العزة يقول في كتابه الكريم:{إنّ الّذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الّذين ءامنوا لهم عذاب أليم في الدّنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون (2)} ، سمانا الله مسلمين ونحن أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا نرضى بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بديلاً، لا نرضى أن ننتسب إلى شافعي ولا إلى زيدي ولا إلى وهابي ولا إلى غير ذلك، ذلكم العالم الجليل الذي يزعمون أنّهم يسيئون إلى من انتسب إليه، أنصح كل أخ في الله أن يقرأ كتابه "كتاب التوحيد" لتروا آية قرآنية وحديثًا نبويًا، ذلك الكتاب العظيم على أن فيه بعض الأحاديث الضعيفة ولكن لا تضر فقد بينت في "النهج السديد"، انظروا و ((لا تكونوا إمّعةً، تقولون: إن أحسن النّاس أحسنّا، وإن ظلموا
(1) سورة النور، الآية:11.
(2)
سورة النور، الآية:19.
ظلمنا، ولكن وطّنوا أنفسكم إن أحسن النّاس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا)). والله المستعان.
*****
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله .. أما بعد:
نرجع إلى مسألة (وهابيه) فإنّها تهمنا، أنت إذا نظرت إلى مجتمعنا إلى المجتمع الإسلامي من حيث هو بين مستقل ومستكثر فيما نذكره، وبين مستخف ومستعل فيما سنذكره أيضًا: لوجدت الزنا منتشرًا، وشرب الخمر منتشرًا، والفسوق والفجور بجميع أنواعه، والقتل والقتال بين المسلمين، ووجدت كل شر في مجتمعنا الإسلامي، ووجدت الرحلات لشباب المسلمين إلى أمريكا وإلى روسيا وإلى العراق، حتى ما يرجع الشاب إلا وهو يحتقر مجتمعه المسلم ويرى أباه كرتونًا ما نسمع في مجتمعنا من ينفر عن هذه المصائب والأوابد التي تؤذن بعقوبة من الله عز وجل، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم:{واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً (1)} ، ويقول سبحانه وتعالى:{لا خير في كثير من نجواهم إلاّ من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين النّاس (2)}
(1) سورة الأنفال، الآية:25.
(2)
سورة النساء، الآية:114.
كل هذه الأمور والمنكرات الموجودة التي تؤذن بعقوبة عاجلة للمسلمين وتؤذن بخزي للمجتمع المسلم، ما نجد من يتمعر لها وينكرها، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:((ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعزّ منهم وأمنع لا يغيّرون إلاّ عمّهم الله بعقاب)).
يعلم من هذا أنه أمر مخطط من قبل أعداء الإسلام، وبدء هذه الكلمة أو هذه الدعايات الخبيثة أمر سياسي، وهو أن إخواننا النجديين عند أن وقفوا في وجه الشريف حسين وفي وجه الأتراك وأذاقوهم المرّ بعد هذا شنوا هذه الدعاية وساعدهم علماء السوء كأحمد زيني دحلان المخرف قاضي مكة، ذلكم الرجل الضّليل فقد ألّف كتبًا يزعم أنه يردّ بها على الوهابية، من أجل هذا فنحن نقول لإخواننا العامة -وهذا الكتاب من أجلهم فقط- كذلك لإخواننا من طلبة العلم المبتدئين نقول لهم: إياكم أن تغتروا بمن يروج هذه الدعاية الخبيثة التي يريد بها فصل أهل العلم وفصل الدعاة إلى الله عن المجتمع المسلم، لأن أهل العلم والدعاة إلى الله هم يعتبرون حراس المجتمع المسلم، أما ما عداهم فأتباع كل ناعق، واسمع بارك الله فيك إلى قصة قارون عند أن خرج على قومه في زينته، قال الله تعالى: {فخرج على قومه في زينته قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم* وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن ءامن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون* فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله
وما كان من المنتصرين* وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ الله يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ الله علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون (1)}.
في هذه الآيات دليل على أن العامة أتباع كل ناعق، من أجل هذا فالشيوعيون والبعثيون والناصريون والرافضة يركزّون على هذه الكلمة ليفصلوا بين الدعاة إلى الله وبين المجتمع. وإذا عرفت أن من مصادر هذه الدعاية الخبيثة أحمد زيني دحلان قاضي مكة؛ فينبغي أن تعرف أن الشخص لو كانت لحيته تملأ صدره أو كانت عمامته مثل إطار السيارة فأنت لا تلتفت إليه إذا سمعته يقول (وهابي) واعلم أن الرجل مفتون وأنه صاحب فتنه.
ماذا ينقمون على الدعاة إلى الله؟ إلا أنّهم يصلون كل صلاة في وقتها! إلا أنّهم لا يتعاملون في البنوك الربوية! إلا أنّهم ينكرون الفنادق التي بها الفساد! إلا أنّهم ينكرون اختلاط الرجال والنساء في الجامعات والمدارس! إلا أنّهم يعبدون الله كما جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم!.
السؤال32: بعض الناس الجهلة يقولون أن دعوة محمد بن عبد الوهاب دعوة شر ويستدلون بحديث: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا قال قالوا وفي نجدنا .. إلى أن قال: هناك الزّلازل والفتن وبها يطلع قرن الشّيطان)) أرجو أن تبينوا كيفية رد هذه الشبهة؟
(1) سورة القصص، الآية:79 - 82.
الجواب: أما دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فإنّها دعوة مباركة، وأنت إذا قرأت في كتابه "كتاب التوحيد" تجده كما قلنا يستدل بآية قرآنية وحديث نبوي، سواء أكان في باب تعليق الحروز والعزائم، أم كان في باب دعاء غير الله، أم كان في باب التحذير من بناء القباب على القبور، تجده يستدل بآية قرآنية وحديث نبوي وقد نفع الله بدعوته الإسلام والمسلمين.
أما حديث: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا)) قالوا: وفي نجدنا .. إلى أن قال: ((هناك الزّلازل والفتن وبها يطلع قرن الشّيطان)) فإنه لا يلزم استمراره في جميع الأوقات، فممكن أن يأتي في وقت ثم في وقت ثم في وقت ثم في وقت، لماذا؟ انظر حالة الشام الآن كيف هي بها نصيرية أكفر من اليهود والنصارى ولست أعني أن أهل الشام كلهم كذلك، وانظر إلى حال اليمن فاليمن التي هي بلدنا اليمن الشمالية ففيها عمل صالح وآخر سيئ، أما عدن التي تعتبر من اليمن ففيها شيوعية حمراء وفقر مدقع وخوف مزعج، نسأل الله العظيم أن يزيل حكم الشيوعيين وأن يدحرهم (1)، فهذا الحديث لا يلزم استمراره.
ثم بعد ذلك أيضًا أبوهريرة يقول: لا أزال أحب بني تميم لما سمعت من ثلاث: الأولى: أنه جاء سبي فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في امرأة من السبي ((إنّها
(1) وقد فعل والحمد لله.
من ولد إسماعيل)). الثانية: ((أنّهم أشدّ النّاس على الدّجال)). الثالثة: عندما جاء خراجهم قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((هذا خراج قومي)) أو بهذا المعنى.
ثم بعد ذلك أيضًا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((أنّهم أشدّ النّاس على الدّجال)) نعم إن سبب نزول قول الله عز وجل: {إنّ الّذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون (1)} ، هم بنو تميم لكن ينبغي أن يعلم أنه في ذلك الوقت كان فيهم مسيلمة الكذاب وكانت الجفاوة البدوية تغلب عليهم، ولكن لهم حسنات ولهم سيئات كغيرهم من المسلمين والله المستعان.
القصد أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب انتفع بها المسلمون، وما أكثر المسلمين الذين أنقذهم الله من الضلال ومن البدع والخرافات بسبب كتبه رحمه الله تعالى. وأنت إذا قرأت في كتابه "كتاب التوحيد" كما أسلفت تجده يأتي بآية قرآنية وبحديث نبوي. ولنذكر شيئًا من الآيات القرآنية التي استدل بها، مما استدل به على أنه لا يكشف الضر إلا الله سبحانه وتعالى:{قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضرّ هل هنّ كاشفات ضرّه أو أرادني برحمة هل هنّ ممسكات رحمته (2)} ، وأيضًا قوله تعالى: {والّذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون
(1) سورة الحجرات، الآية:4.
(2)
سورة الزمر، الآية:38.
بشرككم ولا ينبّئك مثل خبير (1)}، فهو يذكر الآية القرآنية والحديث النبوي، ويمكن أن يستفيد كل شخص من ذلك الكتاب والحمد لله.
السؤال33: ما المقصود بنجد التي ورد ذكرها في الحديث أهي نجد الحجاز أم نجد العراق؟
الجواب: الذي يظهر أنّها تشمل هذا وهذا فنجد عبارة عما ارتفع من الأرض، والعراق مرتفع ويسمى نجدًا، وهكذا أيضًا اليمامة وغيرها فهو مرتفع ويسمى نجدًا، ولكن إخواننا النجديين يريدون أن يرموا به أهل العراق، فالظاهر أنه يشمل هذا وهذا، وإن جاء في بعض الروايات (العراق) فهو يحمل بدليل أنّها كلها في المشرق، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر أن الشمس تطلع بين قرني شيطان فكلها في المشرق، والظاهر أنه يشمل هذا وهذا.
السؤال34: نفقت هذه الدعاية الخبيثة على كثير من الجهلة وأصبحوا يعتقدون أن الوهابية دعوة إلى تغيير الدين، فما نصيحتك لهم وأي كتاب تدلهم عليه؟ وربما أطلقوا على كتاب "البخاري" و" مسلم" و"تفسير ابن كثير" أنّها كتب وهابية؟
الجواب: سؤال حسن، الذي ينبغي أن يعلم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ليس له مؤلفات كثيرة حتى يظن أنه يريد أن يغير الدين فله "كتاب التوحيد" وله "الثلاثة الأصول" وله "كشف الشبهات" وله
(1) سورة فاطر، الآية:13 - 14.
"مسائل الجاهلية" وله رسائل، ومن يريد أن يعرف دعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب فأنا أنصحه بقراءة "الدرر السنية" حتى كأنه مجالس للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهو رجل مصلح افتري عليه يصيب ويخطئ ويجهل ويعلم، ولسنا نجيز تقليده ولا تقليد غيره من العلماء، بل ننصح كل مسلم أن يأخذ دينه من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أنصح إخواني وأبنائي إذا أرادوا أن يعرفوا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كأنّهم مجالسوه ومعاصروه أنصحهم أن يقرءوا "الدرر السنية". والحمد لله.
السؤال35: ذكرت كتب المدارس أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بدايتها كانت دعوة توحيد حقًّا، وعند أن اتصلت بآل سعود صارت دعوة سياسية، هل هذا صحيح؟
الجواب: الحكومات في جميع البلاد الإسلامية تسحب الأمور لصالحها ولصالح الكراسي لكن أنا أسألك أيها القائل: هل تستطيع الحكومة السعودية أن تغير "كتاب التوحيد"؟ أو تغير "كشف الشبهات" أو تغير "مسائل الجاهلية" أو تغير هذه الكتب؟ لا تستطيع. فدعوة الشيخ رحمه الله تعالى لا يستطيع أحد أن يغيرها فهي دعوة من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
السؤال36: محمد بن عبد الوهاب خرج على الحاكم المسلم بل على الخلافة الإسلامية آنذاك، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر باليد،
وممن ينسبون أنفسهم للعلم يزعمون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد لا يجوز، ويلومون الشباب لإحراقهم بعض أندية الفيديو والسينما وبعض الأفراح التي يكون فيها شرب خمر وحشيش ونساء ترقصن عاريات، فهل تغيير المنكر باليد وارد كما فعل الشيخ محمد بن عبد الوهاب أم هذا يحرم في زماننا كما يزعم بعض الناس ويقولون: يكفي اللسان؟
الجواب: نسأل إخواننا في الله: الشيخ محمد بن عبد الوهاب هل هو الذي خرج على الأتراك؟ أم الأتراك هم الذين أرادوا أن يقتحموا نجد وأن يضموها إلى حكومتهم وذلك بعد وفاته، ثم بعد ذلك الأتراك انشغلوا بقتال اليمنيين وبقتال النجديين وفرطوا في سبع جمهوريات أخذتْها الشيوعية. من تلكم الجمهوريات (أرمينية) ومنها القوقاز ومنها (تركستان)
…
الخ، فحكومة الأتراك في آخر أمرها صارت مبنية على الجهل وعلى الفساد؛ فهو أراد أن يصون بلده من الفساد، وكذلك اليمنيون ولهم حق في ذلك إذا ظهر الفساد، وهي مسألة اجتهادية أي مسألة الخروج على الحاكم المسلم إذا فسق. جمهور أهل السنة لا يجيزون الخروج على الحاكم المسلم إذا فسق، ومنهم من يجيز ويستدل بفعل الحسين بن علي، وبفعل ابن الأشعث في خروجه على يزيد وبفعل محمد بن الحسن الملقب بالنفس الزكية وبفعل زيد بن علي وجماعته. لكن كما قلنا: أولئك الذين هاجموا نجد وهاجموا اليمن وأعداء الإسلام احتلوا كثيرًا
من الأراضي الإسلامية وأدخلوها الشيوعية بقهر المسلمين، والأتراك يقاتلون المسلمين فهي فتنة وقى الله شرها وأسأل الله العظيم أن يقينا وإياكم شر كل ذي فتنة والله المستعان.
وأما تغيير المنكر باليد فيشترط ألا يؤدي المنكر إلى ما هو أنكر منه، وألا يثير فتنة بالخروج على الحاكم.
السؤال37: من تعلم في هذا الزمن من العلماء الذي يروجون هذه الدعاية ويلمزون أهل السنة بها من علماء السوء؟
الجواب: الذي أذكره في هذا الزمن: إمام الضلالة الخميني فإنه سخّر إذاعته لسب الوهابية والتحذير من الوهابية، ثم بعد ذلك أيضًا الرافضة سواء أكانوا في اليمن أم في غير اليمن، وأذكر الآن مثالاً من صعدة يظن العامة أنه يمطر به الغيث، قال: قد أخرج خالد يعني الأمير خالد رحمه الله تعالى عند أن كان أميرًا نحو كذا وكذا الذين يريدون أن يخربوا المذهب، ولكن بحمد الله يقول: قد زحفت عدن وقربت عدن سيأتي الفرج من قبل عدن.
يلتمس المسكين الفرج من الشيوعية، نعم لو جاءتك يا مسكين لسحبت بلحيتك واستحلت ما حرم الله، فالشيعة لهم مواقف سيئة ضد المسلمين من زمن قديم، وقد أخبر شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الذهبي
وتلميذه ابن كثير ثلاثتهم أخبروا (1): أن للرافضة مواقف ضد المسلمين مع اليهود والنصارى. ثم بعد ذلكم الخبيث الرافضي إمام الضلالة الخميني يقول: أولاً نبدأ بمكة ثم نخرج إلى فلسطين، هذا شأنهم أنّهم ينفرون، وأيضًا رجل ضليل يدعى محمد علوي مالكي وآخر وهو: أبوغدة، نقل الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى عنه أنه كان يسب الوهابية على المنابر فلما جاء إلى الرياض ليدرّس فإذا هو يتلون. وهكذا أيضًا ممن يحذر: كثير من علماء السوء من الأزهريين: محمد الغزالي تارة يقول: الوهابية وتارة يقول السلفية، كثير من الأزهريين لأنّهم مخرفون فهم يحذرون من الوهابية، وتجد الصوفيين والرافضة وأهل الدنيا، حتى أهل الدنيا فالذي يرتشي إذا نهيته يقول: أنت وهابي، يتسترون بهذه الكلمة.
السؤال38: هل للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى مذهب مستقل في الفقه أم أنه حنبلي المذهب؟
الجواب: هو يقول كما في كتاب "الدرر السنية": إنه حنبلي المذهب وليس مجتهدًا، وليس له كتاب مستقل في الفقه. وهذا أيضًا مما يعاب عليه وعلى أمثاله لأن التمذهب ليس واردًا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والتقليد داء بل هو عمى.
(1) أما ابن تيمية ففي كتابه "منهاج السنة"، وأما ابن كثير ففي "البداية والنهاية" وأما الذهبي ففي "المنتقى مختصر منهاج السنة".
لكن ينبغي أن يعلم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -مع أنه يقول: إنه حنبلي- ذكر في كتابه أنه إذا أراد أحد اتباع العلماء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابًا ثم استدل بقول الله عز وجل: {اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله والمسيح ابن مريم (1)} .
السؤال39: بعض الناس يستدلون بحديث: ((لولا أنّ الشمس تطلع من نجد ما نظرت إليها)) قيل: لماذا؟ قال: ((لأنّه سوف يطلع منها علماء يمرقون من الدين كما يمرق السّهم من الرّميّة)) فما صحة هذا الحديث؟
الجواب: لا أعلمه صحيحًا، وما اطلعت عليه في شيء من كتب السنة فيما أذكر، ثم بعد ذلك هؤلاء الموصوفون هم الخوارج من أي بلدة، وهم الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، منهم أناس من بلاد شتى، بعضهم من اليمن وبعضهم من نجد وبعضهم من الأحساء.
السؤال40: إطلاق كلمة (شيخ الإسلام) على الشيخ محمد بن عبد الوهاب هل هو غلوّ فيه أم هو يستحقها؟
الجواب: الذي يظهر أنه يستحقها فقد نفع الله بدعوته الكثير الطيب وبارك الله في دعوته وانتفع بها المسلمون. والله المستعان.
(1) سورة التوبة، الآية:31.
السؤال41: في هذه الأيام يكثر الإعلام الغربي والشرقي من الدندنة في تحذير المجاهدين الأفغان من المجاهدين العرب المتطوعين من أنّهم يريدون أن يقيموا دولة وهابية في أفغانستان؟
الجواب: الأمر ليس كذلك، ولو كانوا يريدون أن يقيموا دولة وهابية في أفغانستان لذهب جمع كبير من العرب، أما أن يذهب قدر ألفين من العرب ثم يظن أنّهم يريدون أن يقيموا دولة للعرب، أما أنّهم يريدون إقامة دولة إسلامية فهذا ما يتمناه كل مسلم، والله سبحانه وتعالى يقول:{وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (1)} ، ويقول سبحانه وتعالى:{انفروا خفافًا وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله (2)} . فنحن مأمورون بإعانة إخواننا الأفغان، مأمورون أن نعينهم بمالنا وبأنفسنا.
أما تلكم الدعاية التي يريدون بها أن يفصلوا المسلمين، أحب شيء إليهم أن يفصلوا المسلمين، ذاك عربي وذاك أعجمي، ويحرصون على أن يفصلوا القبيلة الواحدة وعلى تشتيتها، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم:{إنّما المؤمنون إخوة (3)} ، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا (4)} ، فنحن مأمورون أن نعتصم
(1) سورة المائدة، الآية:2.
(2)
سورة التوبة، الآية:41.
(3)
سورة الحجرات، الآية:10.
(4)
سورة آل عمران، الآية:103.
بحبل الله جميعًا وأن نقف يدًا واحدة والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله، كلّ المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه، التّقوى ههنا التّقوى ههنا -يشير إلى صدره ثلاثًا- حسب امرئ من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم)) والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول في كما "الصحيحين" من حديث النعمان بن بشير: ((مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى)) ويقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في "الصحيحين" من حديث أبي موسى: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا)).
فأعداء الإسلام يريدون أن يفرقوا بين المسلمين، تارة باسم العروبة وتارة باسم القومية وتارة بأسماء يصطنعونها ولا يستغرب، هذا ما نتوقعه من إذاعات أعداء الإسلام أن ينفروا عن إخواننا الأفغان، لأننا نعتبر إخوانًا، الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:((وكونوا عباد الله إخوانًا)) فلا يستغرب أن ينفروا ويقولوا إن العرب يريدون أن يحتلوا أفغانستان، يقال لهم: لو كان العرب يريدون أن يحتلوا أفغانستان ما اقتصروا على نفر قليل، والذي نظن أن غالب الذين ذهبوا يريدون وجه الله والذب عن دين الإسلام، ذاك من اليمن وذاك من سوريا وذاك من مصر وذاك من أرض الحرمين وذاك من نجد وذاك من السودان وذاك من الفليبين، وذاك من بلاد شتى، ما جمعهم إلا رضوان الله وما جمعهم إلا محبة نصر الله عز وجل، حتى إنّهم في خصام مع إخوانهم الأفغان من أجل بعض الجهل الموجود في الأفغان، فلو
أنّهم يريدون أن يثبوا على الحكم ما فتحوا خصومات بينهم وبين إخوانهم الأفغان ولكنها الدعايات الخبيثة التي نتوقع ما هو شر منها.
السؤال42: من هو صاحب كتاب "كشف الارتياب عن أتباع محمد ابن عبد الوهاب" وما حقيقة هذا الكتاب؟
الجواب: صاحب الكتاب هو: محسن أمين العاملي، رافضي خبيث يدعو إلى الشرك فهو يجيز أن يدعى غير الله، ويبيح بناء القباب والمساجد على القبور وهو عدو لدود لأهل السنة، وللشيخ محمد بن عبد الوهاب ولدعاة السنة، ومن المؤسف أنه يباع بأرضنا، أما بنجد فأعتقد إنّهم لا يتركونه لأنه بقي هناك من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإلى الله المشتكى، فمؤلف الكتاب رافضي خبيث يدعو إلى الكفر والإلحاد وإلى التمسح بأتربة الموتى، ومن عجيب أمره أنه يريد أن يصحح حديث عطية العوفي ومن جرى مجرى عطية العوفي ويريد أن يضعف حديث سفيان الثوري ووكيع بن الجراح، وهذا من ضلال الرافضة ومن تلبيسهم.
السؤال43: بعض الناس يتهمون الدعاة إلى الله بأنّهم وهابيون، وهؤلاء الناس بعضهم لا يصلي ويرتكب بعض المنكرات فما نصيحتكم لهم؟
الجواب: الذي أنصحهم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى فإن الله عز وجل
يقول: {ياأيّها الّذين ءامنوا اتّقوا الله وقولوا قولاً سديدًا (1)} ، ويقول سبحانه وتعالى:{ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد (2)} وأخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ العبد ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً، يرفعه الله بها درجات، وإنّ العبد ليتكلّم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنّم)) فالواجب عليهم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى وأن يحذروا من التلبيس على الإسلام، فإن الذي يصد عن الإسلام يتوعده الله سبحانه وتعالى بقوله:{الّذين يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة ويصدّون عن سبيل الله ويبغونها عوجًا أولئك في ضلال بعيد (3)} ، فهذا شأن من أراد أن يدعو إلى الانحراف وليعلموا أنّهم لا يضرون الدعوة شيئًا وإنما يضرون أنفسهم، فقد قام كفار قريش وقالوا كما أخبر الله عنهم:{لا تسمعوا لهذا القرءان والغوا فيه لعلّكم تغلبون (4)} .
دعوتهم هذه ربما تكون سببًا لانتشار دعوة أهل السنة، فالأمر كما يقول الأخ السائل حفظه الله، تجد الرجل مخزنًا قاطعًا للصلاة متنتنًا مرتشيًا، وربما يكون زانيًا، وربما يكون مرتكبًا لجميع الجرائم، وتسمعه يقول: وهابية .. وهابية.
فأقول (وهابية وهابية) خير منك؛ فهم أناس يحافظون على صلواتهم
(1) سورة الأحزاب، الآية:70.
(2)
سورة ق، الآية:18.
(3)
سورة إبراهيم، الآية:3.
(4)
سورة فصلت، الآية:26.
ويؤدون الصلاة في وقتها ولا يختلسون أموال المسلمين ولا يرتكبون ما حرم الله، فكثير من الناس على هذه الحالة ويظنون أن السنة تحول بينهم وبين شهواتهم، السنة تعدلهم إلى ما هو خير لهم، ولا تحرم عليهم شيئًا أحله الله لهم، فالحمد لله أمرهم منقض والله المستعان.
السؤال44: ذكرت في خطبة الجمعة بعض قصيدة الشيخ محمد بن إسماعيل الأمير في مدح الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وقد ذكروا بعدها قصيدة أخرى تبدي تراجعًا من الصنعاني رحمه الله فما صحة هذه الأخيرة؟
الجواب: الذي يظهر هو صحتها، والمعلق على الديوان يقول: لا تصح لكن الذي يظهر هو صحتها، لكن إخواني في الله ينبغي أن نعلم أنه يقول: ما تراجعت عما أثنيت عليه في شأن التوحيد، تراجعت عما بلغني عنه في شأن القتال وسفك الدماء هذا الذي تراجعت فيه، ثم كلاهما يصيب ويخطئ ويجهل ويعلم، والذي يظهر أنه جاء أناس من نجد فصدقهم محمد بن إسماعيل رحمه الله، والله يقول في كتابه الكريم:{ياأيّها الّذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين (1)} .
السؤال45: ما هي الفائدة التي يجنيها المنفرون بلمزهم المتمسكين
(1) سورة الحجرات، الآية:6.
بشرع الله بأنّهم وهابية؟
الجواب: عندهم فوائد دنيوية، ثم بعد ذلك الشيطان يدفعهم، فسادن القبر الذي يؤتى بالذبائح إلى القبر، يظن أنه لو اعترف بالسنة لانقطعت عنه الذبائح، وصاحب الحروز والعزائم الذي يختلس أموال المسلمين يظن أنه لو اعترف بالسنة لانقطعت الأموال عنه، وهكذا أيضًا صاحب الرشوة يظن أنه لو اعترف بسنة رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتفقه الناس لقطعوا الرشوة، فعندهم مصالح شيطانية دنيوية. نسأل الله أن يهدينا وإياهم وأن يردنا وإياهم إلى الحق ردًا جميلا .. وهكذا أيضًا مدير الضرائب ومدير الجمارك إلى غير ذلك كلهم يظنون أنّهم لو اعترفوا بالسنة لانقطعت المصالح، وأيضًا أعداء الإسلام لا يستطيعون الوقوف في وجه الإسلام إلا بالتنفير عنه بالكذب والتضليل، والله المستعان.
السؤال46: ما هو واجب الدعاة إلى الله نحو هذه الدعاية الخبيثة؟ هل يتكلمون عليها في المساجد؟ أم يمشون قدمًا في الدعوة إلى الله غير ملتفتين إلى هذه الدعوة الخبيثة وغيرها من الدعايات؟
الجواب: هذا وهذا ينبغي أن يمشوا قدمًا في الدعوة إلى الله وأن يحذروا المسلمين من الدعايات التي تصدهم عن ذكر الله وتصدهم عن الدعوة، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند أن كانتْ صفيّة في المسجد ثم أرادت أن تخرج -وكان معتكفًا- خرج معها، فمرّ رجلان من الأنصار فلمّا رأيا النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسرعا، فقال النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم:((على رسلكما إنّها صفيّة بنت حييّ)) فقالا:
سبحان الله يا رسول الله. قال: ((إنّ الشّيطان يجري من الإنسان مجرى الدّم))، ورب العزة يقول في كتابه الكريم:{ولتستبين سبيل المجرمين (1)} ، ويقول:{قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني (2)} ، ويقول سبحانه وتعالى حاكيا عن فرعون وهو يروج دعوته:{ما أريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيل الرّشاد (3)} ، ويقول في شأن موسى:{إنّي أخاف أن يبدّل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد (4)} ، فلا بد من تزييف الباطل والدفاع عن الدعوة، وتمضي في سبيلها هذا والحمد لله، ولكن ما نبقى نتشاغل بالرد على فلان أو فلان فهم يريدون منا هذا، نمضي قدما وفي أثناء الخطب أو في أثناء الكلام نرد على أولئك الذين يريدون أن يصدوا الناس عن الخير.
السؤال47: ما حكم الذي يقول: الوهابية أخطر على الإسلام من الشيوعية؟
الجواب: هذا إما أن يكون جاهلاً وقد تقدم الكلام على الجاهلين في غير هذا المجلس، وأما أن يكون خبيثًا شيوعيًا، والشيوعي يعتبر كافرًا ولو كان يمنيًا وعنده جنبية (5) وهو يبرم العمامة، أو يرخي الذؤابة على يمينه،
(1) سورة الأنعام، الآية:55.
(2)
سورة يوسف، الآية:108.
(3)
سورة غافر، الآية:29.
(4)
سورة غافر، الآية:26.
(5)
خنجر يوضع على الحزام يعد من تمام زينة اليمنيين.
ولا تظنوا أنه لا توجد شيوعية إلا في عدن (1)، أو لا توجد شيوعية إلا في روسيا، لا، ربما يوجد مسؤول وهو شيوعي ههنا، والواجب على إخواننا المسؤولين الكبار أن لا يركنوا إلى أولئك الذين اتّهموا بشيوعية أو بعثية أو ناصرية، فإن الله عز وجل يقول:{ولا ترْكنوا إلى الّذين ظلموا فتمسّكم النّار (2)} ، ويقول الله تعالى:{ياأيّها الّذين ءامنوا لا تتّخذوا بطانةً منْ دونكمْ لا يأْلونكمْ خبالاً ودّوا ما عنتّمْ قدْ بدت الْبغْضاء منْ أفْواههمْ وما تخْفي صدورهمْ أكْبر قدْ بيّنّا لكم الآيات إنْ كنْتمْ تعْقلون (3)} ، فالواجب أن يبعد أي مسؤول يتهم بأنه شيوعي أو من الجبهة، إذا لم يتب توبة صادقة، والله المستعان.
السؤال48: ماذا تستفيد الأحزاب من هذه الدعاية الخبيثة؟
الجواب: تنبيه حسن: الأحزاب تريد أن يتشاغل المسلمون فيما بينهم فهم يريدون أن يحارشوا أن يضربوا العالم بالعالم، والجماعة بالجماعة، والقبيلة بالقبيلة، وشيخ القبيلة بشيخ القبيلة، وهم ينفذون مخططاتهم فلهم غرض ولهم فائدة، أي فائدة، ربما أكثر الفائدة ترجع إليهم هم؛ لأن المسلمين يشتغل بعضهم ببعض وهم ينفذون مخططاتهم الخبيثة ويثبون على بلاد المسلمين.
(1) ثم زلزل الله أقدام الشيوعيين في اليمن وأراح المسلمين منهم.
(2)
سورة هود، الآية:113.
(3)
سورة آل عمران، الآية:118.
السؤال49: بماذا يرد على الذين يقولون أن الوهابية عندهم دين جديد وما هي الوهابية؟
الجواب: أما الوهابية فهم من اتبع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، أما دعاة أهل السنة فبحمد الله فهم لا يدعون إلى طريقة من هو أفضل من الشيخ محمد بن عبد الوهاب؛ فهم لا يقولون للناس: كونوا زيديين، ولا: كونوا شافعيين، ولا: كونوا حنابلة. بل يقولون للناس: اتبعوا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وهذه الدعاية الخبيثة صادرة من الشيوعيين والبعثيين والناصريين والشيعة يريدون بها الصد عن الدعاة إلى الله، وأن يجعلوا بين الدعاة إلى الله وبين المدعوين حاجزًا، الدعاة إلى الله يريدون للمسلمين الخير والسعادة، ويريدون لهم الأمن والاستقرار، وأولئك يريدون الصد عن الدعاة إلى الله، لأنّهم في شعب مسلم لا يستطيعون أن يظهروا ما لديهم من الشيوعية والبعثية والناصرية، يقولون: هذا وهابي. أي ينتسب إلى محمد بن عبد الوهاب ونحن ما دعينا يومًا من الأيام إلى مذهب محمد بن عبد الوهاب، بل نعتبره عالمًا من العلماء يصيب ويخطئ ويجهل ويعلم ولو كنا مقلدين لمحمد بن عبد الوهاب لقلدنا أبا بكر الصديق أو لقلدنا عمر الفاروق أو لقلدنا عثمان أو علي بن أبي طالب لكننا نقول لإخواننا المسلمين: تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نحكّم إلا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولسنا ندعو الناس إلى اتباعنا لأننا بشر وطلبة علم
نصيب ونخطئ ونجهل ونعلم، ولا نريد أن نستكثر بالناس ولسنا نريد أن نخطط لانقلابات أو لثورات حتى نستكثر بالناس نريد أن نتمسك بكتاب ربنا وبسنة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الكتاب والسنة الذين إذا تمسكنا بهما كنا على هدى، رب العزة يقول في كتابة الكريم: وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون (1)، فلنتبع كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وأولئك الذين يقولون هذا وهابي أبغيك تنظر إليهم بنظر دقيق تجده مرتزقًا صاحب قبر أو صاحب حروز وعزائم أو صاحب رشوة، عندنا بعض القضاة ههنا يختلس أموال الناس بالرشوة والطيافات وإذا سمعوا بالداعي إلى الله قالوا: وهابي جاء يغير الدين، من الذي جاء بدين جديد هو الذي يقول للناس نحن نريد اشتراكية أو نتبع ماركس ولينين أو نريد أن نكون اتباعًا لجمال عبد الناصر الذي أراد أن يطبق الاشتراكية، أو يريد أن نكون أتباعًا لميشيل عفلق البعثي أعاذنا الله من ذلك. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
(1) سورة الأنعام، الآية:153.