المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثمار الاستغفار وفوائده العظيمة - مناجم الأسرار في فضل الاستغفار

[محمد مهدي قشلان]

الفصل: ‌ثمار الاستغفار وفوائده العظيمة

‌ثمار الاستغفار وفوائده العظيمة

أيها الأحبة: وسريعاً أوجز لحضراتكم أهم ثمار الاستغفار وفوائده العظيمة الجمّة على الفرد والمجتمع:

أولاً: في المداومة على الاستغفار "مغفرة للذنوب، وتكفير للسيئات" قال تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء: 110] ودققوا في هذا التعبير القرآني" يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً" لماذا التعبير بالوجدان هنا؟ ! قال: لأن التائب المستغفر يجد أثر المغفرة في نفسه أولاً بكراهة الذنب وذهاب داعيته، ثم يجد بعد ذلك أثر الرحمة بالرغبة فى الأعمال الصالحة التي تطهر النفس وتزيل الدّرن منها

(1)

. إذن الاستغفار هو دواؤك الناجع وعلاجك الناجح من الذنوب والخطايا، لذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستغفار دائماً وأبداً بقوله: "يا أيها الناس استغفروا الله وتوبوا إليه فإني استغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة

(2)

" كلما وقعت في ذنب بادر إلى التوبة والاستغفار واجعل لنفسك ورداً يومياً أقله في اليوم مائة مرة كما فعل رسول

قالَ رياح القيسيُّ وكان من السلف الصالح وهو من أقران مالك بن دينار. قال: "لي نيف وأربعونَ ذنبًا، قدِ استغفرتُ لكل ذنب مائةَ ألفِ مرَّةٍ

(3)

" وكان عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما يصلِّي من الليل. ثم يقول لخادمه نافع: (يا نافع، هل جاء السَّحَر؟ ) فإذا قال: نعم، أقبَل على الدعاء والاستغفارِ حتى يصبح

(4)

.

ثانياً: في المداومة على الاستغفار أمان من العقوبة والعذاب، وسبب لدفع البلاء والنقم عن العباد والبلاد، ورفع الفتن والمحن عن الأمم والأفراد، لاسيما إذا صدر ذلك من قلوب موقنة مؤمنة

مخلصة خالصة. ألم يقل الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ

(1)

تفسير المراغي 5/ 150 بتصرف

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، والطبراني، وابن مردويه عن أبى بردة عن رجل من المهاجرين، الحكيم عن أبي بردة عن الأغر)

(3)

صفة الصفوة 2/ 218

(4)

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 2/ 23

ص: 4

فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال 33] قال أَبو مُوسَى الأشعري رضي الله عنه: " أَمَانَانِ كَانَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، رُفِعَ أَحَدُهُمَا _ وهو النبي صلى الله عليه وسلم:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} وَبَقِي الآخَرُ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}

(1)

.

ثالثاً: في المداومة على الاستغفار: تفريج للهموم، وجلب للأرزاق وخروج من الضوائق والعوارض. مِن أينَ لك ذلك؟ ! اسمع معي إلى قول رسول الله في الحديث الذي رواه الإمام أبو داود وابن ماجة وأحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ، جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ

(2)

". يا من يعاني عدم البركة في رزقه هلا جربت الحلول التي وضعها رسول الله بين يديك

لذا قال لقمان الحكيم لابنه ذات يوم: "يا بُنيَّ؛ عوِّد لسانَكَ: اللهَمَّ اغفرْ لِي، فإنَّ للَّهِ ساعاتٍ لا يَردُّ فيهنَّ سائلاً

(3)

".

رابعاً: في المداومة على الاستغفار إيذان بنزول الغيث المدرار من السماء، وحصول البركة في الأرزاق والثمار والأنْسَال، كما قال سبحانه حكاية عن نبيه نوح عليه السلام:{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا، مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [سورة نوح: 10_14]

(1)

مسند الإمام أحمد بن حنبل 32/ 264.

(2)

قال المنذري: رواه أبو داود والنسائي، وابن ماجه، والحاكم والبيهقي، كلهم من رواية الحكم بن مصعب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد 2/ 468. وقد صحح إسناده العلامة أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " رقم (2234) بناء على أنه ثقة عند البخاري لأنه لم يذكر فيه جرحاً فانظره.

(3)

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف ص: (214) لابن رجب الحنبلي.

ص: 5