الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أ)
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
دائرة المعارف الإسلامية
بقلم: فضلية الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي
شيخ الأزهر الشريف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ومن والاه.
وبعد: فعلى رأس الفضائل التى أمر الإسلام أتباعه بالتحلى بها وبالحرص عليها وبالاستزادة منها: فضيلة العلم، لأنه الفضيلة التى ميز الله -تعالى- بها آدم عليه السلام على الملائكة، حيث أعطاه علما لم يعطه لهم، وأمرهم بالسجود له.
وقد بين لنا القرآن الكريم أن أكثر الناس خوفا من الله، إنما هم العلماء الراسخون فى العلم، فقال -سبحانه-:"إنما يخشى الله من عباده العلماء".
كما نفى -سبحانه- المساواة بين العلماء وبين غيرهم فقال: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} .
وصرح -سبحانه- بأن الأمثال التى يضربها للناس لا يفهمها إلا أصحاب العلم فقال: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} .
(ب)
وأمر عز وجل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يسأله المزيد من كل علم نافع فقال: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} .
ولقد تكاثرت الأحاديث النبوية الشريفة، التى تحض على الاستزادة من العلم النافع، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"من سلك طريقا يبتغى فيه علما، سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر".
ونحن الآن فى عصر لا تتنافس فيه الأمم بضخامة أجسامها، ولا بسعة أراضيها، ولا بكثرة أفرادها، وإنما نحن فى عصر تتنافس فيه الأمم بسعة العلم، وبرجاحة العقول والأفكار ..
نحن الآن فى عصر العلم والفكر، عصر الكتاب والمعهد والمعمل والجامعة، عصر المخترعات والمبتكرات والمعرفة والثقافة والرقى الفكرى بكل صوره، وبشتى ألوانه.
عصر البحث والدرس والاطلاع على ما فى هذا الكون من أسرار، تزيد العقلاء إيمانا على إيمانهم، وتجعلهم يخلصون العبادة لخالقهم عز وجل.
وما من أمة تستطيع أن تشارك فى الأمور الدولية، أو تساير ركب الحياة العالمى، إلا إذا كان لها نصيب موفور من الثقافة والعلم بكل فروعه ومجالاته. وما قامت عظمة الدولة الاسلامية إلا على أركان راسخة من العلم النافع، ومن الفكر الناضج، ومن الثقافة الواسعة.
ولقد زخرت دور الكتب والحكمة بروائع مما أنتجه العقل من كتب قيمة، ومن معارف سديدة، ومن علوم رائعة، سواء أكانت هذه الروائع من إنتاج العقول الإسلامية والعربية، أم من ترجمتها وهضمها، اْم من تهذيب للك الروائع وترتيبها.
(جـ)
وخير طريق للاستزادة من العلم النافع الذى عن طريقه ترقى الأمم وتتقدم، وتأخذ مكانها من بين مصاف الأمم الناهضة: نشر دائرة المعارف الإسلامية، التى تناولت جوانب متعددة عن الحضارة الإسلامية فى شتى أدوار تاريخها.
إن دائرة المعارف الإسلامية التى قامت الهيئة المصرية العامة للكتاب بنشرها، بالتعاون مع مركز الشارقة للإبداع الفكرى، تعد على رأس المشروعات العلمية الضخمة التى تهدى العقول إلى كنوز من المعارف الجليلة.
لقد اشتملت دائرة المعارف الإسلامية على معلومات وافية عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - وعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن الزعماء والمصلحين الذين سخّروا علمهم وقوتهم لخدمة أمتهم ولخدمة الحق والفضائل، كما اشتملت على ألوان كثيرة من العلوم الطبية والهندسية والزراعية والصناعية والفلسفية والدينية والقانونية والفنية والتاريخية والجغرافية، وعلى غير ذلك من معارف يصعب حصرها.
وإن الوفاء لمن يسّر العلم لطالبيه، ليقتضى منا أن نشكر الهيئة المصرية العامة للكتاب ومركز الشارقة للإبداع الفكرى على هذا الجهد الرائع الذى بُذل من أجل نشر دائرة المعارف الإسلامية بتلك الصورة الجميلة، وأن نشكر كل من تعاون معهما فى إصدار هذا العمل الضخم النافع، من علماء وكتاب ومترجمين ومفكرين وندعو الله تعالى للجميع بدوام السداد والتوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
شيخ الأزهر الشريف
د. محمد سيد طنطاوى
22 من رمضان سنة 1418 هـ الموافق 20 يناير سنة 1998