المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ موقف الطوائف والفرق من السنة النبوية ورواتها - موقف أصحاب الأهواء والفرق من السنة النبوية ورواتها جذورهم ووسائلهم وأهدافهم قديما وحديثا

[محمد بن مطر الزهراني]

الفصل: ‌ موقف الطوائف والفرق من السنة النبوية ورواتها

"‌

‌ موقف الطوائف والفرق من السنة النبوية ورواتها

"

وإذا تأملنا المنهج الذي نهجته تلك الطوائف والفرق في خط سيرها التاريخي والاعتقادي، تأملنا موقفها من السنة النبوية وحملتها من أهل السنة والجماعة، الذين كانوا على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، إذا تأملنا كل ذلك أدركنا مدى الربط بين تلك الفرق الضالة- التي تسترت بالإسلام لإفساده- وبين أصولها التي نشأت منها وقد سبق القول أن أصولها راجع إما إلى اليهود والنصارى، وإما إلى المجوس والصابئة الفلاسفة أو غيرها من أعداء الإسلام الذين أضرمت نار الحقد قلوبهم على هذا الدين الذي نسخ تلك الأديان وبين بطلانها نقلاً وعقلاً. وعندما لم يجد هؤلاء الأعداء حيلة للقضاء على هذا الدين الخاتم، لجأوا إلى الحيلة والدس على الإسلام وأهله، فأظهر قوم منهم الإسلام واستمالوا ضعاف الإيمان وغوغاء الناس وجهلتهم إلى ما أحدثوا لهم من آراء وعقائد منحرفة.

ولما كان هذا الدين هو الكتاب والسنة، والكتاب لم يمكنهم تحريفه، وكانت السنة هي المبينة للكتاب ولا يمكن فهمه والعمل به إلا بالسنة الموضحة والمبينة له كما قال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} الآية.

عند ذلك لجأ هؤلاء الأعداء إلى الطعن في السنة النبوية ونقلتها وذلك من خلال ما أحدثوه من مقولات وقذفوا بها إلى من اغتر بظاهر إسلامهم وما زينوه من الأهواء والآراء المنحرفة، ويمكن تلخيص تلك المقولات فيما يلي:

ص: 20

1-

رد السنة مطلقاً كما هو رأى الجهمية والرافضة والباطنية وأتباع النَّظَّام وأبي الهذيل العلاّف، من المعتزلة وغيرهم.

2-

رد غير المتواتر من السنة كما هو رأى جمهور المعتزلة ووافقهم متكلموا الأشاعرة في رده في العقائد وقبوله في الأحكام وهذا تناقض صريح.

وحجة هذين القولين: أن السنة لم تدون في حياته صلى الله عليه وسلم كما دوِّن القرآن، مما يدل على أنها ليست بحجَّة، أو أن كثيراً منها يخالف عقولهم، وأنه دخلها ما ليس منها لأن الرواة لا يأمن عليهم الكذب والغلط والخطأ والنسيان.

ومن زعم منهم قبوله للمتواتر فقط أو قبول غيره في الأحكام دون العقائد مجمعون على ردَّ ما خالف عقولهم من السنة أو تأويله على وفق أهوائهم.

وما أدري أيُّ عقل يحاكمون السنة إليه-، فعقولهم القاصرة المتناقضة مختلفة وغير متفقة، وإذا اتفق اثنان خالفهم الثالث، وإذا اتفق ثلاثة خالفهم الباقون.

3-

الطعن في رواة السنة عموماً كما هو رأى الروافض الذين لا يستثنون من الصحابة إلى نفراً يسيراً، أو في بعضهم كمن اشترك في الفتنة كما هو معروف عن الخوارج والمعتزلة ومن نحى نحوهم.

والحق أن مراد أكثر مؤسسي هذه المذاهب ردُّ دين الإسلام فلم يجدوا حيلة إلا ردَّ السنة بعقولهم أو الطعن في رواتها بأهوائهم.

إذ بالطعن في رواة السنة تردُّ السنة وبردُّ السنة بالعقل والطعن في نقلتها يردُّ الكتاب الذي لا يمكن فهمه والعمل به إلا بالسنة، وبذلك يحصل مقصود أعداء الإسلام من ردِّ دين الإسلام أو إفساده وتحريفه،

ص: 21

وهذا ما نفَّذه فعلاً كثير من تلك الطوائف المنحرفة كالرافضة والباطنية والجهمية والمعتزلة وغيرهم.

قال الإمام أبو زرعة- فيما رواه عنه الحافظ أبو بكر الخطيب بسنده-: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعلم أنه زنديق، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبلطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة)1.

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله عن الإمام مالك إمام دار الهجرة قوله رضي الله عنه: (إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه حتى يقال رجل سوء ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحين)2.

والناظر بعين البصيرة فيما أثير من شبه وشكوك حول السنة النبوية ورواتها، قديماً وحديثاً لا يكاد يجد شيئاً من تلك الشبه والشكوك يخرج عن هذين الأمرين- أعني- رد السنة بالعقل والطعن في رواتها بالهوى.

ومن أمعن النظر في تاريخ الصراع بين الإسلام وأعدائه لا يجد فيما ذكره الأعداء المعاصرون- خلال القرنين الماضيين- شيئاً جديداً من الشبه والشكوك التي لم يكن لها أصل عند تلك الطوائف المنحرفة

1 الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الرواية، ص:97.

2 ابن تيمية: الصارم المسلول على شاتم الرسول، ص:585.

ص: 22

التي نشأت في تاريخ أمتنا الإسلامية برعاية وعناية أسلاف هؤلاء الأعداء المعاصرين من يهود ونصارى ومجوس وصابئة وفلاسفة.

وإنما يجد أن هؤلاء الأعداء المعاصرين يؤكدون على تلك الشبه والشكوك وقد يصوغونها بأساليب جديدة ويلبسونها أثواباً عصرية لكي تروج علينا مرة أخرى.

ومما يؤكد ذلك أننا نلحظ عناية المبشرين والمستشرقين- يهود ونصارى- بإحياء تراث تلك الطوائف الضالة المنتسبة إلى الإسلام، فطبعوا ونشروا الكثير من كتب المعتزلة والجهمية والصوفية والمتكلمين والباطنيين من رافضة وقرامطة ونصيرية ودروز وغيرهم1.

ومن أراد التأكد من أن الشبه والشكوك التي يثيرها أعداء الإسلام اليوم هي نفس الشبه والشكوك التي أثارها أسلافهم فليراجع المصادر التالية:

أولاً: مصادر قديمة، منها:

ا- الرد على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد والدارمي.

2-

خلق أفعال العباد للإمام البخاري صاحب الجامع الصحيح.

3-

تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة.

1 سيأتي مزيد من التفصيل عن دور المبشرين والمستشرقين في إحياء هذه الطوائف وغيرها من الطوائف غير الإسلامية الموجودة في ديار الإسلام والمسلمين ودورهم في إحياء الطوائف والقوميات العرقية المندثرة، وإستغلال جميع ذلك في حرب الإسلام وأهله من خلال الطعن في السنة النبوية ورواتها.

ص: 23

4-

منهاج السنة النبوية، لشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من كتبه

5-

العواصم والقواصم لمحمد بن إبراهيم الوزير اليماني المتوفى سنة 840 هـ.

6-

الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم، للمؤلف. نفسه.

وغيرها..

ثانياً: مصادر حديثة، وهي على أنواع:

أ- الردود عليهم ومنها:

1-

كتاب السنة ومكانتها في الإسلام للدكتور مصطفى السباعي.

2-

الإستشراق والمستشرقون له أيضاً.

3-

دراسات في الحديث النبوي للدكتور محمد مصطفى الأعظمي.

4-

منهج النقد عند المحدثين له أيضاً.

ب- كتب صنائعهم وأذنابهم من أبناء جلدتنا، مثل كتب طه حسين وأحمد أمين وأبي ريَّة وغيرهم.

ج- كتب المستشرقين أنفسهم، مثل كتب جلدتسيهر ومرغليوث وشاخت وربسون وكايتاني وغيرهم.

ص: 24