المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشيخ أبو القاسم الأكبر آبادي - نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر = الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام - جـ ٥

[عبد الحي الحسني]

الفصل: ‌الشيخ أبو القاسم الأكبر آبادي

ومن أبياته بالفارسية:

غافل نيم ز راه ولي آه جاره جيست اين رهزنان كه بر دل آكاه مي زنند

آن نيست كه من هم نفسان را بكذارم با آبله بايان جه كنم قافله تيز است

وله:

كعبه را ويران مكن أي عشق كانجا يكنفس كه كهي بس ماندكان عشق منزل ميكنند

توفي سنة أربع وألف، ودفن بآكره وقيل: بمدينة لاهور عند أبيه، كما في سبحة المرجان.

‌القاضي أبو القاسم الكشميري

الشيخ العالم الصالح الفقيه أبو القاسم بن جمال الدين الحنفي الكشميري، أحد العلماء المبرزين في

الفقه والأصول، ولد ونشأ بكشمير، وقرأ العلم على والده وعلى عمه العلامة كمال الدين، ثم ولي

القضاء بكشمير، أخذ عنه مولانا محمد أمين ومولانا عبد الغني وجمع كثير من العلماء، مات ودفن

بكشمير، كما في روضة الأبرار.

‌الحكيم أبو القاسم الكيلاني

الشيخ الفاضل أبو القاسم بن شمس الدين محمد حكيم الملك الكيلاني، أحد الأطباء المبرزين في

الفنون الحكمية، ولد ونشأ بأرض الهند وقرأ العلوم الفاضلة وتطبب، واشتغل بالمداواة، وظف له

جهانكير بن أكبر التيموري وخصه بأنظار القبول، ولما قام بالملك شاهجهان بن جهانكير أعطاه

المنصب وأضاف فيه، حتى صار ألفين له وللخيل، كما في العمل الصالح.

‌الشيخ أبو القاسم الأكبر آبادي

الشيخ الصالح المتوكل أبو القاسم الحنفي الأكبر آبادي، أحد المشايخ الأحرارية، أخذ العلم والمعرفة

عن الشيخ ولي محمد النارنولي شارح المثنوي المعنوي، وهو أخذ عن الشيخ أبي العلاء الحسيني

الأكبر آبادي مع أنه أدرك شيخ شيخه أبا العلاء وصحبه واستفاض منه، ثم رحل إلى الحجاز وأقام

بها مدة مديدة، فحج وزار غير مرة، ثم رجع إلى الهند، وكان ختن ملا عمر أحد كبار العلماء، له

حاشية على شرح الكافية للجامي.

وكان طريقة أبي القاسم الخمول والتوكل وترك الاكتساب بالكلية، أخذ عنه الشيخ عبد الرحيم بن

وجيه الدين العمري الدهلوي، ذكر له الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم ترجمة حسنة في أنفاس

العارفين.

توفي في رمضان سنة تسع وثمانين وألف بمدينة أكبر آباد، كما في مخبر الواصلين.

الشيخ أبو القاسم الردولوي

الشيخ العالم الكبير أبو القاسم الحنفي الجشتي الردولوي، أحد كبار المشايخ الصوفية، درس وأفاد مدة

طويلة، وسافر إلى دهلي فلبث بها عند الشيخ عبد الله بن عبد الباقي الدهلوي زماناً، وكان على

مشربه في القول بوحدة الوجود، لقيه كمال محمد السنبهلي بدهلي وأثنى عليه في الأسرارية، قال:

وكان طريقه التوكل والتسليم، وكان زيه زي الفقراء.

الشيخ أبو المجيب الأميتهوي

الشيخ الصالح أبو المجيب بن عبيد الله بن عبد الرزاق الصالحي الأميتهوي، أحد رجال العلم

والطريقة، ولد بأميتهي في التاسع والعشرين من رجب سنة ألف، وأخذ عن الشيخ جعفر بن نظام

الدين العثماني الأميتهوي ولازمه مدة طويلة، وتزوج بابنته العفيفة، مات في الثاني والعشرين من

جمادي الأخرى سنة أربع وثلاثين وألف ببلدة أميتهي فدفن بها، كما في صبح بهار.

الشيخ أبو المعالي اللاهوري

الشيخ العالم الصالح أبو المعالي بن رحمة الله بن فتح الله الكرماني الشيخ خير الدين الحسيني

اللاهوري، أحد المشايخ المشهورين في عصره، ولد يوم الاثنين عاشر ذي الحجة سنة إحدى وستين

وتسعمائة، وقرأ

ص: 475

القرآن في صباه، ثم اشتغل بالعلم وتربى في مهد عمه الشيخ داود بن فتح الله

الكرماني، وأخذ عنه الطريقة، ولازمه مدة طويلة، حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة، ثم انتقل

باذن عمه من قرية جوني إلى لاهور، وتصدر للإرشاد والتلقين، فحصل له القبول التام عند الخاص

والعام، وكان الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي يعترف بفضله وكماله، وكتب باشارته العلية

شرحاً نفيساً بالفارسية على فتوح الغيب للسيد الإمام عبد القادر الجيلاني.

وذكره عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني في كتابه المنتخب وأورد طرفاً من مراسلاته تدل على

طول باعه في الإنشاء، وله مصنفات منها التحفة القادرية في مقامات الشيخ عبد القادر.

وكان شيخاً مهاباً رفيع القدر، موصوفاً بالفضل والتدين، كثير الفوائد، جيد المشاركة في العلوم،

شاعراً مجيد الشعر، شديد المحبة لعمه المذكور، كثير الذكر له في أبياته، فمن ذلك ما قال:

هستم از جام محبت همه دم واله ومست اين وآن راجه شناسم من داود برست

وله:

دل افسرده كي يابد بكفت هو كسى كرمي دل داود مي بايد كه آهن را دهد نرمي

وله:

بتخت فقر بنشنيم جو حاصل كشت مقصودم سليماني كنم كز جان غلام شاه داودم

وله:

يا رب نظري زعين مقصودم بخش آزادكي زبود ونابودم بخش

هرجند نيم در خور اين دولت خاص يكذره زعشق شيخ داودم بخش

ومن أقواله: يا أبا المعالي: كن عبد الرب المتعالي، ولا تكن عبد الدراهم واللآلي، كما في المنتخب،

توفي سنة أربع وعشرين وألف بمدينة لاهور فدفن بها.

الشيخ أبو المعالي المرعشي

الشيخ الفاضل الكبير أبو المعالي بن العلامة نور الله الحسيني المرعشي، أحد كبار العلماء، له

مصنفات عديدة منها أنموذج العلوم، ورسالة في العدل، وتفسير على سورة الإخلاص وديوان الشعر

الفارسي، مات سنة ست وأربعين وألف بأرض بنكال، ذكره محمد صادق الأصفهاني في كتابه صبح

صادق.

القاضي أبو المكارم الكجراتي

الشيخ الفاضل أبو المكارم بن قاضي القضاة عبد الوهاب الحنفي الكجراتي، أحد العلماء المشهورين،

قتله كفار الهنود سنة تسع وسبعين وألف في أيام عالمكير، كما في مآثر عالمكيري.

الشيخ أبو المكارم بن المبارك الناكوري

الشيخ الفاضل الكبير أبو المكارم بن المبارك الناكوري، أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة،

ولد في الثالث والعشرين من شوال سنة ست وسبعين وتسعمائة، وقرأ أكثر الكتب الدرسية على والده

وبعضها على الشيخ فتح الله بن شكر الله الشيرازي الأستاذ المشهور، كما في آئين أكبري.

مولانا أبو الواعظ الهركامي

الشيخ الفاضل العلامة أبو الواعظ بن صدر الدين بن محمد إسماعيل بن القاضي عماد الدين أحمد

العمري البدايوني ثم الهركامي، أحد العلماء المشهورين، ولد ونشأ بهركام، ودرس وأفاد مدة عمره،

أخذ عنه الشيخ مربي بن عبد النبي البلكرامي، كما في مآثر الكرام.

وأخذ عنه عالمكير بن شاهجهان الدهلوي، كما في تذكرة الأنساب.

وكان جده عماد الدين الأول، قادم من تلك الأسرة إلى هركام، فتلمذ على قاضيها، وتزوج بابنته ثم

تدير بها، وكان الشيخ محب الله الإله آبادي صاحب

ص: 476

التسوية ابن عمه القاضي أبي الواعظ، كما في

تذكرة الأنساب.

وكان أبو الواعظ من مصنفي الفتاوي الهندية، كما في آمد نامه.

الشيخ أبو النجيب الأميتهوي

الشيخ الصالح أبو النجيب بن عبيد الله بن عبد الرزاق الصالحي الأميتهوي، أحد رجال العلم

والطريقة، ولد بأميتهي في سابع رجب سنة ثمان وثمانين وتسعمائة، وأخذ عن أبيه ولازمه زماناً

طويلاً، ثم تولى الشياخة بعد وفاته، أخذ عنه خلق كثير، مات في سابع شوال سنة أربعين وألف، كما

في صبح بهار.

الشيخ أبو يزيد المنيري

الشيخ العالم الصالح أبو يزيد بن عبد الملك بن أشرف بن محمود بن سلطان بن حسام بن أشرف بن

خليل بن يحيى الهاشمي المنيري المشهور بالشيخ دولت، كان من كبار المشايخ، ولد ونشأ بمنير -

بفتح الميم - وقرأ العلم على الشيخ قطب الدين بن بدن المنيري، ولازمه زماناً، وأخذ عنه الطريقة

الفردوسية، وأجاز له الشيخ ناصر ميران الفردوس، والشيخ محمد بن طيب الزنجاني، والشيخ جمال

الدين الحافظ منجهن الجلال الناصحي السارني سبط الشيخ شهاب الدين بن بدر الدين الزاهدي

المدفون بقرية بسها من أعمال سارن، واستفاض من روحانية الشيخ الكبير شرف الدين أحمد بن

يحيى الهاشمي المنيري فيوضاً كثيرة، وتولى الشياخة، أخذ عنه ولده محمد ماهرو، والشيخ أجمل،

والشيخ عبد الكريم سعد، والسيد أحمد البهاري، والشيخ أحمد الجشتي، والشيخ خليل البتنوي صاحب

نواده، والشيخ سارني، والشيخ يعقوب الذي كان قاضياً بأكبر آباد وخلق آخرون.

توفي لأربع عشرة خلون من ذي القعدة سنة سبع عشرة وألف، له مائة وخمس وعشرون سنة.

نواب أحسن الله التربتي

الأمير الفاضل الباذل أحسن الله بن أبي الحسن التربتي نواب ظفر خان، أحد الأمراء المشهورين

في أرض الهند، ناب الحكم عن والده بكابل مدة من الزمان وبكشمير برهة من الدهر في أيام

جهانكير وولده شاهجهان، ولقبه جهانكير ظفر خان، وأضاف في منصبه غير مرة، وولاه شاهجهان

على بلاد السند، وأضاف في منصبه، وصار مع الأصل والإضافة ثلاثة آلاف له وثلاثة آلاف

للخيل، ولما قام بالملك عالمكير بن شاهجهان عزله عن الولاية والمنصب، ووظفه بثلاثين ألفاً

تحصل له كل سنة من الجراية الشاهانية.

وكان والده من أهل السنة والجماعة، فخالفه في المذهب وصار شيعياً متصلباً في المذهب.

وكان باذلاً كريماً يرسل الصلات والجوائز للناس إلى بلاد الفرس وقد مدحه الشعراء بأبيات رائقة

رقيقة، منهم مرزا محمد على الصائب التبريزي قال فيه:

كلاه كوشه بخورشيد وماه مي شكنم باين غرور كه مدحت كر ظفر خانم

وقال فيه:

حقوق تربيت را كه در ترقى باد زبان كجا است كه از حضرتت سخن رانم

تو بائي تخت سخن را بدست من دادي تو تاج مدح نهادي بفرق ديوانم

زروي كرم تو جوشيد خون معنى من كشيد جذب تو اين لعل از ركك جانم

تو جان ز دخل بجا مصرعي مرا دادي تو از فصاحت دادي خطاب سحبانم

ولأحسن الله خان أبيات رائقة بالفارسية قوله:

به تيغ بي نيازي تا تواني قطع هستي كن

فلك تا افكند از با ترا خود بيشدستي كن

توفي سنة ثلاث وسبعين وألف بمدينة لاهور، كما في مآثر الأمراء.

ص: 477

الشيخ أحمد بن إسحاق النصير آبادي

الشيخ الفاضل العلامة أحمد بن إسحاق بن محمد بن أحمد بن محمود بن العلاء الشريف الحسني

النصير آبادي، كان من نسل الأمير الكبير بدر الملة المنير، قطب الدين محمد بن أحمد الحسني

الحسيني المديني، ولد ونشأ بنصير آباد، وقرأ المختصرات في بلدته، ثم سافر إلى إله آباد، وأخذ عن

الشيخ محب الله الإله آبادي صاحب التسوية، ولازمه مدة من الزمان، حتى برز في العلوم أصولاً

وفروعاً، تأهل للفتوى والتدريس، فرجع إلى بلدته واشتغل بالدرس والإفادة مدة طويلة، ثم أخذته

الجذبة الإلهية فسار نحو الشيخ آدم بن إسماعيل الحسيني البنوري، وأدركه بمدينة كواليار فأخذ عنه

ونال الخلافة منه حين رحلته إلى الحرمين الشريفين، زادهما الله شرفاً.

وكان عالماً كبيراً بارعاً، كثير العبادة والتأله والمراقبة والخوف من الله تعالى، ذا كرامات وكشوف

ووقائع غريبة، لا يكاد يسمع من يدانيه في العلم والمعرفة، ويجاريه في الاستقامة على الطريقة

والاتقاء والتورع.

له مصنفات عديدة ظفرت منها بثلاث رسائل إحداها في حرمة الغناء، توفي سنة ثمان وثمانين

وألف بنصير آباد فدفن بفناء مسجده، كما في سيرة السادات.

الشيخ أحمد بن الحسين الخوافي

الشيخ الفاضل أحمد بن الحسين بن كمال بن الحسن بن الحسين الشيعي الهروي الخوافي ميرك

معين الدين أمانت خان الهندي الأورنك آبادي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ

بأرض الهند وقرأ العلم بها على أساتذة عصره، ثم تقرب إلى الملوك والأمراء، فولي على بخشيكري

وتحرير السوانح بمدينة أجمير سنة خمسين وألف، فاستقل بها مدة من الزمان، ثم سافر إلى إقليم

الدكن وأقام بها زماناً، ثم سافر إلى قندهار مع الجنود السلطانية وولي على بخشيكري وتحرير

السوانح بناحية الملتان، واستقل بها مدة، ثم ولي على ديوان الخراج بكابل، ولقبه عالمكير بن

شاهجهان الدهلوي أمانت خان، وولاه على ديوان الخراج في الخالصة الشريفة، وأضاف في منصبه

وأعطاه دواة من البلور، ثم ولاه على ديوان الخراج بأربعة أقطاع الدكن فاستقل بها زماناً، واعتزل

عنها لكبر سنه وقنع بحراسة أورنك آباد، له ترجمة شرعة الإسلام بالفارسية.

مات سنة خمس وتسعين وألف بمدينة أورنك آباد فدفن بها، كما في مآثر الأمراء.

الشيخ أحمد بن الحسين البيجابوري

الشيخ الفاضل الكبير المحدث أحمد بن الحسين النائطي نظام الدين بن لطف الله القاضي

البيجابووي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث، أخذ عن الشيخ عوض بن محمد بن الشيخ

الضعيف السقاف، وولي نظارة الإنشاء بمدينة بيجابور، فاستقام على تلك الخدمة الجليلة مدة من

الزمان، ثم بعثه عادل شاه إلى دهلي بالسفارة إلى شاهجهان بن جهانكير سلطان الهند، فلبث بها برهة

من الدهر، ثم اعتزل عن الخدمة وانزوى في آخر عمره.

وكان عالماً كبيراً بارعاً محدثاً عجباً في حفظ الأحاديث وسردها وحفظ مذاهب الناس بلا كلفة.

ومات في الثامن عشر من ربيع الأول سنة مائة وألف، كما في تاريخ النوائط.

الشيخ أحمد بن رضا الحيدر آبادي

الشيخ الفاضل أحمد بن رضا الشيعي الحيدر آبادي صاحب فائق المقال في الحديث والرجال قدم

الهند سنة خمس وثمانين وألف، وله مصنفات عديدة، منها فائق المقال أئمة بحيدر آباد وذكر فيه أنه

أخذ العلم عن الحر العاملي، وأنه يحفظ اثني عشر ألفاً من متون الحديث بغير الإسناد واثني عشر

ألفاً بإسنادها، وله المنهج القويم ورسالة في القراءة، كما في نجوم السماء.

القاضي أحمد بن سلامة الجزائري

الشيخ الفاضل أحمد بن سلامة الشيعي الجزائري، أحد الأفاضل المشهورين في عصره، قدم الهند

وولي القضاء بحيدر آباد، فلم يزل بها إلى أن مات.

ص: 478

وقد ذكره الحر العاملي في أمل الآمل وقال إنه فاضل فقيه صالح، من مصنفاته شرح الإرشاد

للعلامة الحلي وله غير ذلك من المصنفات، كما في نجوم السماء.

مولانا أحمد بن سليمان الكجراتي

الشيخ العالم الكبير العلامة أحمد بن سليمان الكردي الكجراتي، أحد الرجال المعروفين في العلم، قدم

والده من بلاد كرد إلى أرض الهند وسكن بكجرات، وولد بها أحمد بن سليمان، وتربى في مهد والده،

وقرأ أكثر الكتب الدرسية على مولانا محمد شريف، وقرأ شرح المواقف وسائر الفنون الحكمية على

مولانا ولي محمد خانو، وأخذ التصوف عن الشيخ فريد الدين الكجراتي، والفنون الرياضية عن شاه

قباد المشهور بديانت خان، وأخذ الحديث وبعض الفنون عن والده، ثم تصدر للتدريس، أخذ عنه

الشيخ نور الدين بن محمد صالح الكجراتي صاحب المصنفات المشهورة.

وكان ممن تفرد في العلوم الحكمية ونشرها بأرض كجرات، وله مصنفات في أكثر العلوم، منها

فيوض القدس كتاب مفيد في علم الكلام.

توفي وقت العصر من يوم الاثنين لتسع ليال بقين من جمادي الأخرى سنة اثنتين وتسعين وألف،

فأرخ لوفاته صاحبه نور الدين من قوله: شمعي كه بود زانجمن علم كل شده دفن بمقبرة الشيخ

موسى بمدينة أحمد آباد، كما في مرآة أحمدي.

الشيخ أحمد بن شيخ الكجراتي

الشيخ العالم أحمد بن شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني الحضرمي الشافعي ثم

الكجراتي البروجي الولي القطب المكاشف، ذكره الشلي في تاريخه وقال إنه ولد بمدينة تريم في سنة

تسع وأربعين وتسعمائة، وصحب جماعة من أكابر عصره منهم السيد عبد الرحمن بن شهاب والشيخ

الإمام أحمد ابن علوي باحجدب والشيخ أحمد بن حسين العيدروس، ثم قدم إلى والده بالديار الهندية

وأقام عنده بمدينة أحمد آباد، ولاحظته عناية أبيه، ثم سافر إلى بندر عدن، وأخذ عن الإمام العارف

عمر بن عبد الله العيدروس وغيره، ولازم أباه في دروسه، ولما مات أبوه انتقل إلى مدينة بروج

وقصده الناس لالتماس بركته، وحصلت له حال غيبة عن الإحساس، وكان في حال غيبة يخبر عن

المغيبات، وأخبر جماعة بما هم متلبسون به في الحال وآخرين بما سيؤل إليه أمرهم، ودعا لجماعة

من أهل العلل والأمراض بالشفاء، فعافاهم الله تعالى ولم يحتاجوا إلى استعمال الدواء وأخبر السيد

عبد الله بن شيخ أن أباه شيخنا انتقل إلى رحمة الله سبحانه بتريم، وأن أخاه السيد عبد الرحمن قام

مقامه، وورد في الخبر بأن ذلك اليوم وقع فيه الانتقال وأن الأمر كما قاله، وله كرامات كثيرة.

وكانت وفاته يوم الجمعة لأربع عشرة بقين من شعبان سنة أربع وعشرين وألف، ودفن ببروج، كما

في خلاصة الأثر.

الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي

الشيخ الأجل الإمام العارف، بحر الحقائق والأسرار والمعارف، محيي السنن النبوية، ناصر الشريعة

البيضاء السنية، مشيد مباني الطريقة، مجدد معالم الحقيقة، برهان العارفين والمحققين، وحجة الأولياء

المتقين، مفتخر الأعصر والدهور، ومعتمد الفارغين إليه في جل الأمور، آية من آيات الله العظام،

ونادرة من نوادر الأيام، الذي أخذ بيد العلم لما زلت به القدم، وكاد أن يهوى في مهاوي العدم، حتى

جاء مجدداً للألف الثاني، وبرهاناً ساطعاً على أشرفية النوع الإنساني.

دنيا بها انقرض الكرام فأذنبت وكأنما بوجوده استغفارها

شيخ الإسلام والمسلمين، أحمد بن عبد الأحد بن زين العابدين رضي الله عنه، ولد بسرهند في شوال

سنة إحدى وسبعين وتسعمائة، وأخذ أكثر العلوم والطريقة الجشتية عن أبيه، واستفاد بعض العلوم

العقلية عن الشيخ كمال الدين الكشميري، وأسند الحديث عن

ص: 479

الشيخ يعقوب بن الحسن الصرفي

الكشميري الذي أخذ عن الشيخ شهاب ابن حجر الهيتمي المكي، ثم تناول الحديث المسلسل بالأولية

عن القاضي بهلول البدخشي عن الشيخ عبد الرحمن فهد عن أبيه الشيخ عبد القادر وعمه الشيخ جار

الله عن أبيهما الحافظ عز الدين عبد العزيز عن جده الحافظ الرحلة تقي الدين محمد بن فهد العلوي

الهاشمي والحافظ الحجة شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني، وللشيخ أحمد اجازة برواية الكتب

الحديثية وغيرها عن القاضي المذكور.

ولما فرغ من تحصيل ما تيسر له من العلوم الظاهرة وكان إذ ذاك ابن سبع عشرة سنة اشتغل

بالتدريس والتصنيف، ومما صنفه في تلك الأيام رسالة في إثبات النبوة وأخرى في الرد على الشيعة

الإمامية وغير ذلك مما أثنى عليه العلماء، وألبسه أبوه خرقة الخلافة.

فلما توفي أبوه عام سبعة وألف ارتحل إلى دهلي يريد الحج فقاده قائد توفيق من الله عز وجل إلى

الشيخ الأجل رضي الدين عبد الباقي النقشبندي رضي الله عنه، فأخذ عنه الطريقة النقشبندية،

واشتغل بها وتدرج في أيام معدودات إلى أوج القطبية والفردية ثم إلى ما شاء الله تعالى، حتى بشره

الشيخ بحصول رتبة التكميل والترقي إلى مدارج القرب والنهاية، وثم أجاز له بارشاد الطالبين

وألبسه خرقة الخلافة، ولم يزل يكرمه ويجله ويفتخر به ويثني عليه بما لا يبلغ وصفه.

فرجع إلى سرهند وجلس على مسند الإرشاد، وأخذ في الدرس والإفادة، وكان يدرس في علوم شتى

من الفقه والأصول والكلام والتفسير والحديث والتصوف، وربما يشتغل بالهداية والبزدوي وشرح

المواقف والبيضاوي والمشكاة والبخاري والعوارف، ولد مكتوبات في ثلاثة مجلدات، وهي الحجج

القواطع على تبحره في العلوم الشرعية، وفيها ما لا يتبادر إلى الأذهان لمن ليس لهم درك في

مقامات العرفان، فشدوا النطاق في خصامه، وسعوا إلى جهانكير بن أكبر سلطان الهند، فأمر باحضار

الشيخ ورضي بجوابه، فعرضوا عليه أن الشيخ ما سجد للسلطان تكبراً مع أنه ظل الله وخليفته، بل

لم يتواضع تواضعاً جارياً، فغضب عليه السلطان وحبسه في قلعة كواليار، وكان شاهجهان ولد

جهانكير مخلصاً للشيخ فأرسل إليه أفضل خان والمفتي عبد الرحمن من رجاله مع بعض كتب الفقه

قبل أن يحضر عند السلطان وقال إن سجدة التحية تجوز للسلاطين، فان تسجدوا للسلطان عند اللقاء

فأنا ضامن من أن لا يصل إليكم ضرر منه، فلم يقبل الشيخ وقال: هذه رخصة والعزيمة أن لا يسجد

لغير الله سبحانه، فلبث في السجن ثلاث سنين وحفظ القرآن في تلك الحالة، ثم أخرجه السلطان من

السجن بشرط أن يقيم في عسكره ويدور معه، فأقام الشيخ في معسكره ثماني سنوات، وبعد وفاة

السلطان رخصه ولده شاهجهان المذكور، فعاد إلى سرهند وصرف عمره بالدرس والإفادة.

ومن مصنفاته الرسالة التهليلية ورسالة في إثبات النبوة ورسالة في المبدأ والمعاد، وله رسالة في

المكاشفات الغيبية، ورسالة في آداب المريدين، ورسالة في المعارف اللدنية، ورسالة في الرد على

الشيعة، وتعليقات على عوارف المعارف للسهروردي، ومكتوبات في ثلاث مجلدات: المجلد الأول

يشتمل على ثلاثمائة وثلاثة عشر مكتوباً، والثاني على تسعة وتسعين مكتوباً، والثالث على مائة

وأربعة عشر مكتوباً، وله غير ذلك من المصنفات الرشيقة الممتعة، وفي كل ذلك كشف القناع عن

وجوه الحقائق والمعارف مما لم يتيسر لأحد قبله.

قال الشيخ محسن بن يحيى البكري التيمي في اليانع الجني: ولقد بلغه الله سبحانه من الولاية منزلة

لا يرام فوقها، وهدى به بعهده ثم بأصحابه من بعده خلقاً لا يحصيهم إلا من أحصى رمل عالج عدداً،

فلا ترى ناحية من نواحي المسلمين في بلاد الهند وخراسان وما وراء النهر من بلاد الترك والتتر

إلى أقصى ثغر بالمشرق ثم أرض العراق والجزيرة وبلاد الحجاز والشام وقسطنطينية وما والاها إلا

وقد نمى فيها طريقته وجرى على ألسنة أهلها ذكره، إليه ينتمون وبه يتبركون، بل دخلت طريقته

إلى أقصى المغرب مثل فاس وغيرها، يعرف ذلك بمراجعة المنح البادية لمحمد بن عبد الرحمن

الفاسي وغير ذلك، وفي هذا حجة واضحة على جليل شأنه عند الله ورفيع مكانه في

ص: 480

أولياء الله، حيث

أشاع طريقته في مشارق أرضه ومغاربها، وعم هذه الأمة برغائب فيوضه وغرائبها، ذلك فضل الله

يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

ومن مصنفاته المشهورة الأسفار الثلاثة من مكاتيبه، بحر من العلم والحقائق وكنز من الرموز

والدقائق، ورسائل مفردة كالمبدأ والمعاد والمعارف اللدنية والمكاشفات الغيبية وغير ذلك، وله رضي

الله عنه في بيان العقائد على مذهب الماتريدية ولتهذيب طريقة الصوفية النقشبندية لسان أي لسان!

ومن أياديه على رقاب كثير من الناس أنه أوضح الفرق بين وحدة الوجود وبين وحدة الشهود، وبين

أن وحدة الوجود شيء يعتري السالك في أثناء السلوك، فمن ترقى مقاماً أعلى من ذلك يتجلى له

حقيقة وحدة الشهود، فسد بذلك طريق الإلحاد على كثير ممن كان يتستر بزي الصوفية ويتأول كلامهم

على أهوائه الزائغة، ومنها أنه باحث الملاحدة الذين كانوا في زمانه وجادلهم جدالاً حسناً بقلمه

ولسانه، وكذلك رد على الروافض ونقض بدعاتهم، ورد على الضعفاء مكايدهم، فحمى بذلك حمى

الدين، وحرس بيضة المسلمين، ومنها أنه حقق الفرق بين البدعة والسنة وأقيسة المجتهدين،

واستحسانات المتأخرين، والتعارف عن القرون المشهود لها بالخير، وما أحدثه الناس في القرون

المتأخرة وتعارفوه فيما بينهم، فرد بذلك مسائل استحسنها المتأخرون من فقهاء مذهبه، ومنها أنه كان

يأمر بما يراه معروفاً وينهى عن ضده، ولا يخشى في الله لومة لائم ولا يخاف من ذي سطوة في

سلطانه، فكان ينكر على الأمراء ويرشدهم إلى مراشد دينهم، وينفرهم من صحبة الروافض ومن

شاكلهم من أعداء الدين، ويبذل لهم نصحه، فنفع الله كثيراً منهم بذلك، وصلحت بصلاحهم الرعية،

فسد الله ثلمة ظاهر الدين كما رقع به خرق باطنه، فهذب به وبأصحابه في البلدان النائية فئام ممن

وفق لسبيل القوم، وذلك لأنه كان فقيهاً ماتريدياً زكي النفس، حريصاً على اتباع السنن مجتهداً فيه،

شديد النصح لأبناء زمانه، فجاءت لذلك - والله أعلم - طريقته وعلومه وشمائله محمودة عند

المحققين وأهل الإنصاف، ورغب فيها الناس وقل ما تعقب به ورد من قوله، والمسائل التي شدد بها

النكير عليه بعض أهل العلم، والحق أنه مصيب في بعضها وله تأويل سائغ في البعض الآخر، وقد

شاركه فيها غيره من هذه الطائفة ممن لا يحصى كثرة، فليس إذاً يخصه الإنكار، ولو أخذناهم بأمثال

ذلك لم ينج أكثر المتأخرين منهم، ولا يتعين القول بالخطأ فيها إلا في مسألة أو مسألتين من باب

السنن قد اعتذروا عنه في أحدهما والعذر فيهما واحد، وقد شهد له بما ذكرت من فضائله أو بما يقرب

منه، وأجاب عن شبهات المتقشفة وذب عنه الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم العمري الدهلوي وأنعم

الثناء عليه، فلم يترك فيه مجالاً لعائب ولا مقالاً لرائب، وكفاك به إماماً يشهد لإمام، والقول ما قالت

به حذام، انتهى.

وأما مخالفوه فمنهم الشيخ محمد صالح الأورنك آبادي ومحمد عارف وعبد الله السورتي من أصحاب

الشيخ محمد صالح، فانهم صوروا سؤالاً وذكروا فيه أقوالاً، وزعموا أنهم استخرجوها من مكتوبات

الشيخ أحمد، ثم عربوها بقدر معرفتهم ومقتضى مرادهم وأرسلوها إلى السيد محمد البرزنجي أحد

مجاوري المدينة المنورة، ثم بعد وصول ذلك السؤال إليه علق رسالة بتكفير الشيخ أحمد بسبب

الأقوال المكتوبة في السؤال بملائمة خاطر المرسل إليه وتصدى لإثبات كفره بها، وسأل قاضي

المدينة المنورة ومفتيها وعلماءها أن يكتبوا على تلك الفتوى على وفق مراده، فامتنعوا عن ذلك

وردوا عليه كلاماً وأجوبة تليق بالعلماء العاملين لعلمهم، ثم بعد ذلك أتى إلى مكة المشرفة فسأل

الكتابة على السؤال المذكور من قاضيها ومفتيها وعلمائها أيضاً، فما وافقه على ذلك أحد فأجابوه

بقولهم: هذا الأمر الذي ارتكبته عظيم، فلا يوافقك في تكفير مسلم إلا كل هالك، وما وافقه بالكتابة من

العلماء على ذلك إلا آحاد من الناس ممن لا معرفة له بالطريقة، وبعضهم وافقه لملائمة هواه،

وبعضهم لا علم له رأساً ولا حقيقة، فحصل ما حصل من القيل والقال، فاحتاج الناس إلى تتبع

مكتوبات الشيخ المذكور وتعريب ألفاظه من الفارسية إلى العربية على وجه يتضح الحق على الناس،

ولذلك صرف الشيخ الأجل العالم الفاضل نور الدين محمد بيك همته

ص: 481

العلية وطلب جميع مكتوبات

الشيخ وقابل الأقوال التي في ورقة السؤال مع مكتوبات المرحوم، فوجد بعضها غير موافق معها

بسبب التحريف وترك بعض الألفاظ وزيادة أخرى، فكتب رسالة وبين فيها اصطلاحات السادة

النقشبندية ومقاصد الشيخ أحمد، فعرب ألفاظه إلى العربية وأحسن واهتم وأتقن، وارتفع من أهل

الحق سوء الظن، وندم كثير ممن كتب على السؤال المذكور، وصححه الشيخ عبد الله الآفندي

والشيخ أحمد الهشيشي والسيد الأسعد المفتي المدني الحنفي والإمام علي الطبري المفتي الشافعي

وعبد الرحمن بن محمد الصالح الإمام المالكي ومحمد بن القاضي الحنفي والشيخ الحسن الحنفي

ومرشد الدين ابن أحمد المرشدي والسيد محمد الآفندي والشيخ عبد الله الآفندي عناقي زاده.

ثم تصدى لشرح كلماته الطيبات الشيخ عبد الغني النابلسي الحنفي الدمشقي في رسالة نتيجة العلوم

ونصيحة علماء المرسوم، ألفها سنة اثنتي عشرة ومائة وألف، ثم تصدى للرد على البرزنجي الشيخ

فرخ شاه بن محمد سعيد السرهندي في رسالة سماها كشف الغطاء عن وجوه الخطاء.

وممن خالفه الشيخ عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي فإنه ألف رسالة في تعقبه وأورد

إيرادات شتى على مقالاته، فرد عليه الشيخ عبد العزيز ابن ولي الله العمري الدهلوي، والشيخ غلام

علي العلوي الدهلوي وخلق كثير من العلماء والمشايخ، وقيل إن الشيخ نور الحق بن عبد الحق

الدهلوي أيضاً خالف أباه في ذلك، بل استفاد الطريقة عن الشيخ محمد معصوم والشيخ محمد سعيد

ابني الشيخ أحمد، والمشهور أن الشيخ عبد الحق رجع في آخر عمره عن الإنكار عليه، وكتب في

رسالة له إلى الشيخ حسام الدين بن نظام الدين البدخشي الدهلوي أن محبة الفقير في هذه الأيام للشيخ

أحمد سلمه الله تعالى متجاوزة عن الحد ولم تبق فيما بيننا الحجب البشرية والغشاوة الجبلية أصلاً،

ومع قطع النظر عن رعاية أخوة الطريقة والإنصاف وحكم العقل كيف ينبغي الإنكار والخصومة مع

أمثال هؤلاء الأعزة والأكابر! ولقد وقع في باطني شيء أحسه بطريق الذوق والوجدان، يعجز عن

تقريره اللسان، سبحان الله مقلب القلوب ومبدل الأحوال ولعل أهل الظاهر يستبعدون ذلك، وإني لا

أدري كيف هذا الحال وعلى أي منوال، انتهى.

وفي كشف الغطاء: وقد رأيت بخط سند العلماء أفضل الفضلاء مولانا عبد الحكيم السيالكوتي في رد

بعض شبهات المخالفين على كلامه، قدس سره - هذه العبارة القدح في كلام الشيوخ على غير

مرادهم جهل وعاقبته وخيمة، فرد كلام الشيخ الأجل العارف الكبير الشيخ أحمد إنما هو من السفاهة

وقلة الفهم، كتبه الفقير عبد الحكيم وإن أردت تصديق ذلك فذلك الخط عند إمام العصر الشيخ محمد

النقشبندي نجل قدوة الأولياء الشيخ محمد معصوم - قدس الله سره فعليك، به، - انتهى.

وقال الشيخ عبد العزيز بن ولي الله العمري الدهلوي في رسالة له إلى الحافظ صدر الدين الحيدر

آبادي: ولما رسخت هذه المعرفة التوحيد الوجودي وتدرج أصحاب العقول الزائغة في طريق الإلحاد،

واتخذوا هذه المعرفة الغامضة وسيلة لإبطال الشرائع والتكليفات، وشاع مذهب الشيخ محب الله الإله

آبادي الذي ظاهره الإلحاد، وراج رواجاً عظيماً، قيض الله للاصلاح الشيخ الكبير أحمد السرهندي،

وألهمه علوماً غريبة ليعتدل الحار بالبارد والرطب باليابس حتى تتزن الأفكار ويزهق الباطل

ص: 482

الممزوج بالحق وذلك معنى التجديد، هذا ما قيل فيه.

ومن ألفاظه القدسية ما قاله في معارف الصوفية.

اعلم أن معارفهم وعلومهم في نهاية سيرهم وسلوكهم إنما هي علوم الشريعة لا أنها علوم أخر غير

علوم الشريعة، نعم تظهر في أثناء الطريق علوم ومعارف كثيرة ولكن لا بد من العبور عنها، ففي

نهاية النهايات علومهم علوم العلماء وهي علوم الشريعة، والفرق بينهم وبين العلماء أن تلك العلوم

بالنسبة إلى العلماء نظرية واستدلالية، وبالنسبة إليهم كشفية وضرورية.

وقال في الشريعة:

اعلم أن الشريعة متكفلة بجميع السعادات الدنيوية والأخروية، ولا يوجد مطلب يحتاج في تحصيله

إلى غير الشريعة، وأما الطريقة والحقيقة فهما خادمان للشريعة، وتحصيلهما لتكميل الشريعة لا غير،

وأما الأحوال والمواجيد والمعارف التي تظهر للصوفية في أثناء الطريق فليست من المقاصد، بل هي

أوهام وخيالات تربى بها الأطفال فلا بد من العبور عنها في النهاية.

وقال في التوحيد:

اعلم أن التوحيد قسمان: توحيد شهودي، وتوحيد وجودي، والذي لا بد منه هو التوحيد الشهودي

الذي يتعلق به الفناء، والتوحيد الشهودي لا يخالف العقل ولا الشرع بخلاف التوحيد الوجودي فانه

يخالفهما ويتضح ذلك بمثال، وذلك أنه قال شخص عند طلوع الشمس واختفاء الأنجم: لبس في

السماء إلا الشمس، فهذا القول صحيح لا يخالف العقل ولا الشرع، إذ لا يرى حينئذ إلا الشمس

لضعف بصره، فلو أعطى حدة البصر لرأى النجم مع الشمس، بخلاف ما لو قال ذلك قبل طوع

الشمس فإنه يكذبه العقل والشرع وأما أقوال المشايخ التي وردت في التوحيد فلا بد أن تحمل على

التوحيد الشهودي حتى لا تخالف العقل والشرع.

يقول الإمام السرهندي في رسالة كتبها إلى الشيخ فريد البخاري.

إن التوحيد الذي يحصل للصوفية في أثناء سلوكهم ينقسم قسمين:

التوحيد الشهودي، والتوحيد الوجودي، التوحيد الشهودي: عبارة عن روية واحد: أي أن لا يكون

شهود السالك إلا فرداً أحداً، والتوحيد الوجودي عبارة عن اعتقاد وجود واحد، وفناء كل ما سواه

وعدمه.

ثم يقول:

مثل أن يطمئن قلب إنسان على وجود الشمس، فلا يستلزم استيلاء هذا اليقين أن يعتقد عدم النجوم

وفناءها، ولكن هو عند ما رأى الشمس ولا يرى النجوم، فان مشهوده - حينئذ - ليس إلا الشمس،

ولكن رغم ذلك لا يعتقد أن النجوم فانية معدومة، بل يكون على يقين من أنها مختفية ومغلوبة بضوء

الشمس وشعاعه.

وهكذا حقق الإمام السرهندي وأثبت أن وحدة الوجود مقام يعرض للسالك خلال السلوك، فيشاهد -

عند ذلك - عياناً وجهاراً، أنه لا وجود هناك إلا لواجب الوجود، وكل ما يراه الانسان من وجود، فهو

وجود واحد، وما سواه فليس إلا تنوعاته وتلويناته وفي تعبير المتذوقين لهذا المشرب الوجودي

تنزلاته.

ولكن لو حالف التوفيق الرباني، ورافق الهدى النبوي وكان السالك صاحب طموح وعلو همة، فانه

ص: 483

يفوز بمقام آخر وهو مقام وحدة الشهود.

وقال في وجود الحق وفي نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم وما جاء به:

اعلم أن وجود الحق تعالى وكذا وحدته بل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بل جميع ما جاء به من

عند الله تعالى لا يحتاج إلى فكر ولا دليل، والنظر والفكر فيها ما دامت العلة موجودة والآفة ثابتة،

وبعد النجاة من مرض القلب ودفع الغشاوة البشرية لا يبقى غير البداهة، مثلاً الصفراوي ما دام

مبتلي بعلة الصفراء فحلاوة السكر عنده تحتاج إلى دليل، والأحول يرى الشخص الواحد اثنين ويحكم

بعدم وحدته فهو معذور، ووجود الآفة فيه لا يخرج وحدة الشخص من البداهة ولا يجعله نظرياً،

ومعلوم أن ميدان الاستدلال ضيق واليقين الذي يحصل من طريقة الأدلة متعذر جداً، فلا بد من

تحصيل الإيمان اليقيني من إزالة المرض القلبي، فكما أن السعي في إزالة علة الصفراء للصفراوي

لتحصيل اليقين له بحلاوة السكر أهم من السعي في إقامة الأدلة لتحصيل اليقين بحلاوته، فكذلك ما

نحن فيه فإن النفس الأمارة منكرة بالذات للأحكام الشرعية وحاكمة بالطبع بنقاضتها، فتحصيل اليقين

بهذه الأحكام الصادقة بالأدلة مع وجود إنكار وجدان المستدل متعذر جداً، فلا بد في تحصيل اليقين

من تزكية النفس، وتحصيل اليقين من غير تزكيتها صعب لآية "قد أفلح من زكاها وقد خاب من

دساها"، فعلم أن منكر هذه الشريعة الباهرة والملة الطاهرة الظاهرة مثل منكر حلاوة السكر،

ص: 484

فالمقصود من السير والسلوك وتزكية النفس وتصفية القلب إزالة الآفات المعنوية والأمراض القلبية،

كما قال تعالى: في قلوبهم مرض، حتى يتحقق بحقيقة الإيمان، فإن وجد إيمان مع وجود هذه الآفات

فهو بحسب الصورة فقط، فإن وجدان الأمارة حاكمة بخلافه ومصرة على حقيقة كفرها، ومثل هذا

الإيمان والتصديق الصوري مثل إيمان الصفراوي بحلاوة السكر، فإن وجدانه شاهد بخلافه، فكما أنه

لا يحصل اليقين الحقيقي بحلاوة السكر إلا بعد إزالة مرض الصفراء، فكذلك لا تحصل حقيقة الإيمان

إلا بعد تزكية النفس والاطمئنان، وحينئذ يكون وجدانياً، وهذا القسم من الإيمان محفوظ من الزوال،

ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون صادق في شأنهم، شرفنا الله تعالى بشرف هذا

الإيمان الكامل الحقيقي.

وقال في فضل الطريقة النقشبندية:

إعلم أن طريقة الخواجكان - قدس الله أسرارهم - مبنية على اندراج النهاية في البداية، قال الشيخ

نقشبند: نحن ندرج النهاية في البداية، وهذه الطريقة بعينها طريقة الصحابة الكرام رضوان الله تعالى

عليهم أجمعين، فإن الصحابة تيسر لهم في بداءة صحبتهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يتيسر

لغيرهم في نهايتهم، فلهذا لما تشرف وحشى قاتل حمزة رضي الله تعالى عنهما في بداءة إسلامه مرة

بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم كان أفضل من أويس القرني الذي هو خير التابعين، فالذي تيسر

لوحشي في بداءة تلك الصحبة ما تيسر لأويس القرني في نهايته.

وقال في بيان أن الجذبة التي قبل السلوك ليست من المقاصد:

إعلم أن للوصول طريقتين: الجذبة، والسلوك، وبعبارة أخرى: التزكية، والتصفية، والجذبة التي قبل

السلوك ليست من المقاصد، والتصفية التي قبل التزكية ليست من المطالب، والجذبة التي تكون بعد

تمام السلوك، والتصفية التي تكون بعد حصول التزكية الكائنة في السير في الله من المقاصد

المطلوبة، فالجذبة والتصفية السابقة لأجل تسهيل السلوك على السالك، وبدون السلوك لا ينال

المطلوب، وبلا قطع المنازل لا يظهر جمال المحبوب، فالجذبة الأولى كالصورة للثانية وفي الحقيقة

لا مناسبة بينهما، فالمراد من اندراج النهاية في البداية اندراج صورة النهاية وإلا فحقيقة النهاية لا

تسعها البداية - وتحقيق هذا المبحث مفصل في رسالة الجذبة والسلوك، فلا ينبغي الاكتفاء عن

الحقيقة بالصورة بل لا بد من العبور عن الصورة إلى الحقيقة - انتهى ما في المعربات للشيخ يونس

ملخصاً.

أما بيان وحدة الوجود ووحدة الشهود:

أما بيان وحدة الوجود على ما ذكره الشيخ الكبر وأتباعه ووحدة الشهود على ما ذكره الشيخ أحمد

والفرق بينهما فيلخص ذلك من المكتوب المدني للشيخ ولي الله بن عبد الرحيم العمري الدهلوي

يتضح لك ما قيل فيه:

إعلموا أن وحدة الوجود ووحدة الشهود لفظتان تطلقان في موضعين، فتارة تستعملان في مباحث

السير إلى الله عز وجل فيقال: هذا السالك مقامه وحدة الوجود، وذلك مقامه وحدة الشهود، ومعنى

وحدة الوجود ههنا الاستغراق في معرفة الحقيقة الجامعة التي تعين العالم فيها بحيث تسقط عنه أحكام

التفرقة والتمايز التي معرفة الخير والشر مبنية عليها، والشرع والعقل مخبران عنها مبينان لها أتم

بيان وأوفى إخبار، وهذا مقام يحل فيه بعض السالكين حتى يخلصه الله تعالى منه، ومعنى وحدة

الشهود: الجمع بين أحكام الجمع والتفرقة، فيعلم أن الأشياء واحدة بوجه من الوجوه كثيرة مباينة

بوجه آخر، وهذا المقام أتم وأرفع من الأول، وهذا الاصطلاح مأخوذ من بعض أتباع الشيخ آدم

البنوري قدس سره.

ومما يدل على شدة تمسكه بالشريعة الغراء وغيرته عليها أشد الغيرة، واستنكافه عن كل ما عارضها

من أقوال الصوفية وكلام المشايخ، ما جاء في رسالة له إلى معاصر كتب إليه أن الشيخ عبد الكبير

اليمني قال:

إن الله عليم بالكليات فقط فقال في الرد عليه:

يا سيدي! إن هذا الفقير لا يكاد يحتمل سمع مثل هذا الكلام، إن عرقي الفاروقي ينبض عند ذلك،

سواء كان ذلك كلام عبد الكبير اليمني أو محي الدين ابن

ص: 485

عربي، نحن في حاجة إلى محمد العربي لا

ابن عربي، إن الفتوحات المدنية أغنتنا عن الفتوحات المكية عمدتنا النص لا الفص.

وقد أنكر وجود بدعة حسنة، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أطلق القول فقال: كل

بدعة ضلالة، فلا يستثنى من هذا الإطلاق بدعة، وله رسائل قوية واضحة في الإنكار على أعمال

شركية وتقاليد وعادات تسربت في مسلمي الهند عن أهل البلاد الوثنيين.

وكانت وفاة الشيخ أحمد المجدد لليلتين بقيتا من صفر سنة أربع وثلاثين وألف بمدينة سرهند،

فصلى عليه ابنه محمد سعيد ودفنه بها، وقبره هناك مشهور.

الشيخ أحمد بن عبد الله الحضرمي

الشيخ العالم الفقيه أحمد بن عبد الله بن أحمد بن حسين بن عبد الله بن شيخ ابن عبد الله، الشافعي

الحضرمي الحيدر آبادي، أحد من يشار إليه في العلم والمعرفة، ذكره الشلي في المشرع الروي قال:

إنه حفظ القرآن عن الشيخ عبد الله بن عمر با غريب، ثم حفظ عدة متون في عدة فنون وأخذ عن

أكابر عصره، فأخذ عن والده الحديث والفقه والتصوف وألبسه الخرقة الشريفة، وأخذ عن الشيخ أبي

بكر بن عبد الرحمن بن الشهاب، وصحب السيد زين بن محمد با حسن الجديلي والسيد محمد بن

أحمد الشاطري وغيرهم، وجد في الطلب حتى ملك أعنة المحاسن، ثم اشتاق إلى التنزه في البلاد

فكان أول ارتحاله إلى حضرة خاله الشيخ جعفر الصادق فلازمه زماناً بأحمد آباد، ثم توجه إلى بلاد

الدكن ولزمه بعض الأمراء، فمكث عنده إلى أن انقضت مدة ذلك الأمير وأقام في تلك البلاد، وكان

كريماً يتبع قوله بفعله، ما خاب من أم بابه وقصده، وجمع من الأدب والفقه والحديث وغيرها من

الفضائل، ودرس فأفاد الطالبين، وسلك بالمريدين سبيل المشايخ الأقدمين، وله نظم ملك فيه زمام

البلاغة والفصاحة مع إلمام جيد في معاني السنة والكتاب، ومعرفة تامة باللغة والإعراب، ولم أقف

على منظوم ولا منثور، انتهى.

مات سنة ثلاث وسبعين وألف بحيدر آباد فدفن بها في فناء مسجد قوة الإسلام كما في محبوب ذي

المنن.

السيد أحمد بن عبد اللطيف البلكرامي

الشيخ العالم أحمد بن عبد اللطيف بن محمود الأصغر، الحسيني الواسطي البلكرامي، كان ينتسب

إلى عمه عبد الله بن محمود لأنه رباه وتبناه فاشتهر بتلك النسبة ونقش على خاتمه أحمد بن عبد الله،

وكان كثير الفضائل حسن الشمائل حسن الخط ماهراً في الحساب، لم يزل يشتغل بالكتابة بعد صلاة

الإشراق، وقد قلد الحكومة في بهاسو من قبل مكرم خان بن

ص: 486

شخمير العالمكيري، ثم انتقل إلى داسنه

من أعمال دهلي.

توفي في رابع جمادي الأولى سنة ست وتسعين وألف بمراد آباد فدفن بها، ثم نقل جسده إلى بلكرام

ودفن بروضة محمود، كما في مآثر الكرام.

الحكيم أحمد بن عبد الله اللاهوري

الشيخ الفاضل أحمد بن عبد الله بن علي محمد بن العلامة جلال الدين محمد ابن أسعد الصديقي

الدواني أحد العلماء المبرزين في الفنون الحكمية، كان أصله من دوان، انتقل والده منها إلى بشاور

وسكن بها بعد تسلط الشيعة على بلاد الفرس وتعصبهم على أهل السنه والجماعة، ولد ونشأ بمدينة

بشاور، وأخذ العلم وتطبب، ثم انتقل إلى قرية نابهه من أعمال سيالكوت، واشتغل بها بالدرس

والإفادة، وكان حاذقاً في الصناعة الطبية، يعالج المرضى بهمة صادقة، ولا يقدم الأغنياء على الفقراء

ولا يطمع فيهم.

مات في سنة سبع وسبعين وألف، كما في تذكرة العلماء لحفيده محمد أشرف اللكهنوي.

مولانا أحمد بن عبد الله البيجابوري

الشيخ الفاضل أحمد بن عبد الله النائطي البيجابوري، أحد العلماء المشهورين، رقاه الله سبحانه على

درجة الإمارة حتى استوزره عادل شاه البيجابوري، فلما أغار راجه رام سنكه على بيجابور بأمر

عالمكير بن شاهجهان التيموري بعثه عادل شاه إلى راجه رام سنكه بالسفارة فلحق به، فكتب راجه

رام سنكه إلى عالمكير، فأعطاه المنصب الرفيع ستة آلاف له وستة آلاف للخيل مع الخلع الفاخرة

والسيف المرصع والجيغة والفيل، وكتب إلى راجه رام سنكه يعلمه أنه يريد أن يلقبه سعد الله خان

ويعطيه الخدمة اللائقة به، وأمره أن يبعثه إلى الحضرة، فبعثه فلما وصل إلى أحمد نكر مات بها،

وكان ذلك سنة خمس وسبعين وألف، كما في منتخب اللباب.

الشيخ أحمد بن عبد الله الشيرازي

الشيخ الفاضل أحمد بن عبد الله الشيرازي، أحد الأفاضل المشهورين، ولد ونشأ ببلدة شيراز، وقرأ

العلم على الشيخ العلامة فتح الله بن شكر الله الشيرازي، ثم قدم الهند ودخل بيجابور، وتقرب إلى

عادل شاه وحرضه على أن يستقدم الشيخ فتح الله المذكور عن مدينة شيراز، فاستقدمه عادل شاه،

فقرأ عليه أحمد ما بقي له من الكتب الدرسية، ولما مات على عادل شاه البيجابوري انتقل إلى مدينة

أحمد نكر، وتقرب إلى برهان نظام شاه البحري، وقرأ بعض الكتب على الشيخ حسن النجفي وأخذ

عنه التصوف وصحبه، وطابت له الإقامة بمدينة أحمد نكر، وبعد مدة من الزمان ولي على أرض

برار، فاستقل بها برهة من الزمان، ثم تركها واعتزل عن الناس بمدينة سورت، ومات بها.

وله تعليقات على نفحات الأنس وفصل الخطاب وشرح على خطبة البيان وشرح على كلشن راز

وله ديوان شعر بالفارسية ومن شعره قوله:

در آئينه حال بشت جشم ار بيني يك جشم بيوشي وبديكر بيني

كورت بيند هر آنكه بيند زقفا اين است مثال خير وشر كر بيني

توفي سنة ست عشرة وألف وله تسع وستون سنة، كما في صبح كلشن.

الشيخ أحمد بن عبد الله القصوري

الشيخ الفاضل أحمد بن عبد الله الشوريالي القصوري، كان صاحب العلوم الجمة والمعارف

العظيمة، انتفع به الناس وأخذوا عنه، وهو أحد من أظهره الله تعالى وأشهره وأول من أخذ العلوم

وجلس على مسند الإرشاد من قبيلة شوريال، وتلك بطن من بطون الأفاغنة.

ولد ونشأ بمدينة قصور، وسافر للعلم إلا لاهور، وقرأ العلم على الشيخ إسحاق بن كاكو اللاهوري،

ثم أخذ عنه الطريقة ولازمه مدة من الزمان، ثم تصدر للتدريس، وكان معاصراً للشيخ عبد الحق بن

سيف الدين الدهلوي، والشيخ عيسى بن قاسم السندي

ص: 487

والشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهند.

قال اللاهوري في خزينة الأصفياء: إنه كان كثير الدرس والإفادة غير ميال إلى التصنيف، ويقول:

إن في مصنفات القدمات كفاية لمن له دراية، وكان الشيخ عبد اللطيف البرهانبوري يقول: إني

وجدت في مدة عمري رجلين من العلماء الربانيين: أحدهما الشيخ عبد الوهاب المرصيعي، وثانيهما

الشيخ أحمد القصوري، انتهى.

توفي سنة ثلاثين وألف، كما في خزينة الأصفياء.

الشيخ أحمد المحدث البيجابوري

الشيخ العالم الكبير أحمد بن عبد الله المحدث البيجابوري، أحد العلماء المتمكنين في الفقه والحديث

في أيام إبراهيم بن طهماسب البيجابوري، كان ختن القاضي عبد الله وابن أخته، قبره عند قبر السيد

عبد الرحمن الحسيني الكجراتي بمدينة بيجابور، كما في روضة الأولياء.

الشيخ أحمد بن عبد المعطي الكجراتي

الشيخ العلامة أحمد بن عبد المعطي بن الحسن بن عبد الله با كثير المكي ثم الهندي الكجراتي، أحد

الأدباء الفاضلين والشعراء المفلقين، أخذ عن والده وتفنن في الفضائل عليه وعلى غيره من العلماء،

وكان والده ممن سمع صحيح البخاري بقراءة والده على شيخ الإسلام زين العابدين زكريا الأنصاري

المصري.

وقد ذكر الشيخ عبد القادر بن شيخ الحضرمي في النور السافر في أخبار القرن العاشر له بيتين في

القهوة في ترجمة والده ولله دره:

لله محكم قهوة تجلى لنا في أبيض الصيني طاب شرابها

فكأنما هي مقلة مكحولة ودخانها من فوقها أهدابها

الشيخ أحمد بن علوي الحضرمي

الشيخ العالم الفقيه أحمد بن علوي بن عمر بن عقيل بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد جمل

الليل الشافعي الحضرمي المشهور كسلفه ببا حسن، ذكره الشلي في المشرع الروي، قال: إنه ولد

بقرية روغه ونشأ بها في حجر والده علوي، فقرأ القرآن في أول الأمر برواية الإمام أبي عمر، ثم

شرع في الطلب وتحصيل الفضائل، فجمع بين الفقه والحديث وبرع في الأصلين، ثم فارق وطنه

فرحل إلى الديار الهندية ونال بها مآرب سنية، ثم رحل إلى مكة المشرفة فحج حجة الإسلام، وزار

جده عليه الصلاة والسلام، وأخذ بالحرمين عن جماعة كثيرين، وقرأ على كتاب التعرف في الأصلين

والتصوف قراءة بحث وتحقيق، وكثيراً من كتب الحديث والفروع والعربية، وأجزته بجميع مالي من

المؤلفات والمرويات، وألبسته الخرقة الشريفة بجميع طرقها، ثم عاد إلى الهند وهو الآن بها، انتهى.

الشيخ أحمد بن علي المالكي البسكري

الشيخ الفاضل شهاب الدين أحمد بن علي بن أحمد المالكي البسكري - بضم الموحدة - الهندي

الكجراتي، أحد العلماء الصالحين، ذكره الشلي في تاريخه وقال: إنه أخذ عن والده وعن الشيخ عبد

القادر بن شيخ العيدروس وغيرهما، وكان لطيف الذات كامل الصفات، وكان أكثر همه الاستعداد

ليوم المعاد، قال في النور السافر: وكان صاحبنا أحمد المذكور من أهل العلم والصلاح متبعاً للكتاب

والسنة، سالكاً على نهج السلف الصالح، متصفاً بالعفاف، قانعاً بالكفاف، ولا يرى في أكثر الأوقات

إلا مشغوفاً بمطالعة أو كتابة، له جملة مصنفات، وكان كف بصره قبل وفاته بقليل، وللناس فيه مدائح

فمن ذلك ما قاله أديب الزمان الشيخ عبد اللطيف بن محمد الديير فيه من قصيدة:

أعنى به أحمد المختار سيرته خلقاً وخلقاً سواه لا يساويه

شهاب نجل علي البسكري بلداً المالكي مذهباً من ذا يضاهيه

قد خصه بجميل الفضل خالقه بسر طي معاني في معاليه

له بديع بيان في الخطاب يرى وجيز لفظ وقد جلت معانيه

ص: 488

أخباره قد أتت في الحال تخبر عن ماض ومستقبل من أمر باريه

حديثه الحسن العالي روايته أعلت لسامعه شأناً وراويه

وقال في النور السافر في موضع آخر من ذلك الكتاب إنه كان بقية العلماء العاملين، لم يخلفه بعده

مثله في الفضل والأدب والدين، ألف عدة من الكتب المفيدة، وكان ذا ذكاء وفطنة، لا تأخذه في الله

لومة لائم، قال: وله قصيدة في مرثية الشيخ أحمد بن محمد الحضرمي با جابر وهي زهاء مائة بيت

أولها:

زم المطي بحكمة يا لساري عن أن تسير بأسوء الأخبار

وقال فيها:

حق البكاء على الذي حاز العلى سهر الليالي والنجوم سواري

أعنى الشهاب الجابري فإنه قد كان خلا خالصاً مختاري

توفي ليلة السبت الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة تسع بعد الألف بمدينة أحمد آباد ودفن

بها.

الشيخ أحمد بن مجتبي المانكبوري

الشيخ الصالح أحمد بن مجتبي بن مبارك بن أحمد بن نور بن الحامد الحسيني الرضوي المانكبوري

المشهور بأحمد الحليم، كان من المشايخ الجشتية، ولد ونشأ بمانكبور، وتفقه على والده وأخذ عنه

الطريقة ولازمه ملازمة طويلة، ثم تصدر للارشاد والتلقين، أخذ عنه محمد رشيد بن مصطفى

الجونبوري وخلق كثير من المشايخ، ويذكر له كشوف وكرامات، وقد جمع شطراً منها بعض

أصحابه في كتابه الخوارق الأحمدية وكثيراً ما كان يذكر خوارقه بنفسه، وكان يعظم ذرية شيخ

شيوخه حسام الدين المانكبوري تعظيماً فوق العادة، حتى أنه كان يقوم للولدان من ذريته حينما يلعبون

ويمرون عليه، ولا يزال قائماً وهم يلعبون.

مات في الخامس عشر من جمادي الأولى سنة أربعين وألف بمدينة مانكبور فدفن بها، كما في كنج

أرشدي.

الشيخ أحمد بن عمر الحضرمي

الشيخ الفاضل أحمد بن عمر بن أحمد بن عقيل بن محمد بن عبد الله بن عمر ابن أحمد بن حسن

بن علي بن محمد الدويلة الشافعي الحضرمي الشهير كسلفه بالهندوان، ذكره الشلي في المشرع

الروي، قال: إنه ولد بتريم ونشأ بها، وأخذ عن خاله أبي بكر بافقيه ولازمه، وأخذ عن غيره من

العلماء، ثم جال البلاد ورحل إلى بلاد الهند، فانتفع به جمع من الأنام، ثم قصد بيت الله الحرام،

وزيارة جده عليه الصلاة والسلام، فتمت له تلك الأعمال الصالحة، ثم كر راجعاً إلى الهند، ثم قدم

علينا بمكة المشرفة وأخذ بالحرمين الشرفين عن جماعة كثيرين، وأخذ عني بعض المصنفات

وأجزته بجميع مالي من المؤلفات والمرويات، وألبسته الخرقة الشريفة، وأذنت له في إلباسها، ثم

قصد إقليم الدكن، ولما اشتهر فضله عند الأكابر بلغ ذلك عادل شاه البيجابوري، فقربه إليه وأدناه،

وأناله ما أمله وارتجاه، ووعظه ونصحه، فأزال الله ببركته كثيراً من المنكرات، وأزاح بهمته كبائر

المحرمات، وهو الآن أعلم من به موجود، وأفضل عالم يقتدى به في الوجود، انتهى.

الشيخ أحمد بن محمد الكالبوي

الشيخ العالم الكبير الزاهد أحمد بن محمد بن أبي سعيد الحسيني الترمذي الكالبوي شيخ مشايخ

الطريقة المحمدية، ولد ونشأ بمدينة كالبي، وقرأ العربية أياماً على والده، ثم على الشيخ محمد أفضل

بن عبد الرحمن العباسي الإله آبادي، وقرأ عليه من الحسامي إلى البيضاوي، وقرأ فاتحة الفراغ في

مدة يسيرة، وبلغ رتبة الكمال في حياة والده وأخذ عنه، وجلس على مسنده وله أربع وعشرون سنة

في عهد عالمكير بن شاهجهان التيموري.

وكان يستمع الغناء على رؤس الأشهاد، ويعقد له مجلساً في عرس والده، ويذهب إلى نهر جمن،

فيملأ دناً من الماء، ثم يأتي به على راسه على رسوم

ص: 489

المشايخ المتعارفة في الهند، فلما أخبر به الشيخ

محمد أفضل المذكور بعث إليه رسالة وكتب أنه لا يستطيع أن يحضر في العرس، لأنه لا يحب أن

يذهب إلى الماء ويحمل دناً ملآنا منه على رأسه، ولا يحب أن يخالف أصحابه، فاستقدمه الشيخ أحمد

وألح عليه، ولما قدم الشيخ نهى عن الغناء ولكنه ما ذاق الطعام ثلاثة أيام، وكلما كان يلاقي الشيخ

يشكو مانعي الغناء وكان الشيخ يسليه، فلما بالغ في الشكوى أجاز له الشيخ بالغناء، وقيل إن الشيخ

أحمد لما انضجر من منعه دخل الخلوة واعتزل عن الناس ثم خرج دفعة وترنم بهذه الأبيات الفارسية

له:

هر كه بميخانه اقامت كند از سفر كعبه ندامت كند

سيد محمد بمن اين خفيه كفت نغمه مطرب همه كامت كند

توبه ازين شيوه نخواهيم كرد كوكه همه خلق ملامت كند

قيل إن أباه لما رحل إلى أجمير لزيارة الشيخ معين الدين حسن السجزي الأجميري، وكان معه ابنه

الشيخ أحمد قال: إنه رأى في واقعة أن الشيخ معين الدين لاث العمامة برأس ولده الشيخ أحمد، فلما

رجع عن ذلك السفر شرع أحمد في استماع الغناء على رؤس الأشهاد وأبوه محمد يخالفه في ذلك

ولكنه مع ذلك يقول: محمد وأحمد عبارة عن رجل واحد.

ومن مصنفاته مشاهدات الصوفية وشرح بسيط على العقائد النسفية شرحه في أربعة وعشرين يوماً

وله ديوان شعر.

توفي في التاسع عشر من شهر صفر سنة أربع وثمانين وألف في أيام عالمكير، وكان له ست

وثلاثون سنة، وقبره بمدينة كالبي، كما في ضياء محمدي.

الشيخ أحمد بن محمد الحضرمي

الشيخ الفاضل أحمد بن محمد بن عبد الرحيم الشهاب باجابر الشافعي الحضرمي ثم الكجراتي ذو

السودد الظاهر والفضل الباهر، ذكره الشلي في تاريخه وقال: إنه أخذ عن والده الشيخ محمد، وتربى

تحت حجره، وتحلى بجواهر بحره، وأخذ عن غيره من العلماء، ثم قدم الهند وأخذ عن الشيخ عبد

القادر بن شيخ العيدروس وغيره، وله نظم حسن ومدائح في السادة، انتهى.

وقال الشيخ عبد القادر المذكور: إنه كان رجلاً صالحاً إماماً عالماً علامة، غاية في التحقيق وجودة

الفكر والتدقيق، قال: وكان نظر في كتب الأدب ودواوين الشعر، وحفظ منها شيئاً كثيراً وعرف بقوة

الحافظة والذكاء، وأشير إليه بالعلم، وأذن له غير واحد بالإفتاء والتدريس، وتصدر بهما، وأخذ عنه

الفضلاء في كثير من الفنون، قال: وكان كثير الاستحضار لمستحسنات الأشعار والأخبار، حسن

المذاكرة فكه المحاضرة، وكان أكثر ما تعلم من العلوم على والده العلامة، قال: ولما حج البيت الحرام

سنة 996 اجتمع بمن كان هناك من المشايخ والعلماء كالسيد أبي بكر بن أبي القاسم الشهير بصائم

الدهر، والإمام الكبير الشيخ محمد الخاص، والعلامة أبي القاسم مطير، وولده الإمام أبي بكر وأخيه

العلامة الأمين، والشيخ أحمد الأشخر، والعلامة المحدث السيد الطاهر بن حسين الأهدل، والعلامة

عبد الملك ابن عبد السلام دعسى والسيد حاتم بن أحمد الأهدل، ولازم صحبتهم وقرأ عليهم وأجازوا

له في كتب عديدة، قال: وطالت مجالستي معه وامتدحني بقصائد غراء، وصنف المقالات الجابرية

في المقامات القادرية قال: واستمر في صحبتي من ربيع الآخر سنة 997 إلى جمادي الأولى سنة

998هـ ثم إنه استأذنني في السفر إلى بعض بلاد الهند فسافر إليها، ثم رجع منها إلى برهانبور

واجتمع بمن فيها من الأكابر والرؤساء، ورزق عندهم القبول والحظوة، وكان سلطانها يومئذ السلطان

العادل على عادل شاه فأقبل إليه وفرح به، وكذلك من كان بها إذ ذاك من العلماء والفضلاء اغتبطوا

بوصوله إليهم حتى قال الشيخ عبد اللطيف الديير في ذلك:

الجابر بن شهاب دفق فضيلة في النظم فاق البحر راحاحر

ص: 490

وافى ديار الهند يا لك وافداً ووصوله وقدومه لي جابر

قال الشيخ عبد القادر: وهو مات مسموماً بمدينة لاهور، وسبب ذلك أن الشيخ عبد اللطيف كان

أطلعه على ما عنده من الكتب، فاتفق أن مات الشيخ عبد اللطيف، وجاء الشيخ فيضي بالحجابة من

السلطان أكبر إلى الدكن، ومر على برهانبور في الرجوع، فأرسل إليه السلطان راجه على خان

بهدايا، فقال له: ما أريد منك إلا أن تعطيني الكتاب الفلاني الذي صار إليك من تركة عبد اللطيف،

فلم يسع السلطان إلا أن أعطاه الذي طلب على كره منه، ثم بحث عن الذي أنهى إلى الشيخ فيضي

هذا الخبر، فقيل له: الفقيه أحمد باجابر، فخشي أن الشيخ عبد اللطيف يكون أطلعه أيضاً على سر

من أسراره وأمور مملكته، وكان الفقيه متوجهاً في صحبة الشيخ فيضي إلى لاهور وازداد خوفه

بسبب ذلك أيضاً، فأرسل أربعة من غلمانه، وأصحبهم سماً قاطعاً وأمرهم أن يسايروا الرفقة حتى إذا

وجدوا فرصة أطعموا الفقيه ذلك، فسار أولئك النفر مع الركب حتى لما وصلوا إلى قريب لاهور

دسوا له ذلك السم في طعام، فقطع كبده ومكث يصب أياماً دماً ومات، رحمه الله!

قال: وقد رثاه صاحبنا الشيخ الشهاب أحمد بن علي البسكري والقصيدة زهاء مائة بيت أولها:

زم المطي لحمله يا ساري عن أن تسير بأسوء الأخبار

وقال فيها

حق البكاء على الذي حاز العلى سهر الليالي والنجوم سواري

أعنى الشهاب الجابري فإنه قد كان خلا خالصاً محتاري

قال: ورثاه الشيخ محمد بن عبد اللطيف الجامي الشهير بمخدوم زاده:

مات الشهاب وكل حي هالك لم يبق إلا الواحد القهار

فالله يرحمه ويجبر كسره فهو الرحيم المالك الغفار

قال الشيخ الإمام جمال الدين محمد بن عبد اللطيف: هذه قصيدة قالها في قدوم الفقيه أحمد باجابر

إلى الهند وهي:

ما جال في خلدي ولا في خاطري أني أفوز بوصل ذاك الجابري

كلا ولا ظنيت أني في الكرى أحظو بوصل من حبيب هاجري

أترى يقيناً أن طيف خياله آوى إلى طرفي القريح الساهر

إلى آخرها، قال: وقد رثيته ومنها:

سلام الله عوداً بعد بدء على قبر ثوى فيه الشهاب

لقد جلت مصيبته لدينا وصار القلب منها في التهاب

توفي غير مذموم وأبقى لقلبي حسرة حتى المآب

قال الشيخ عبد القادر: فكان اختيار الله تعالى بمقتضى حسن نيته أن مات قبل أن يفتح الله علينا

بشيء من الدنيا، تأسفت بموته جداً، وكنت كلما ذكرته استثار مني الحزن وانبعث الأسى والندم،

حتى كان مصابي باعتبار ذلك جديداً في كل آن، ثم كنت كثير الترحم عليه والدعاء له، صنفت في

أخباره وماجرياته كتاباً سميته صدق الوفاء بحق الإخاء وكانت وفاته ليلة الأربعاء الرابع عشر من

شوال سنة إحدى بعد الألف بمدينة لاهور.

الشيخ أحمد بن محمد الجوهري

الشيخ الفاضل أحمد بن محمد بن علي الجوهري المكي ثم الهندي الأديب الشاعر البارع، ذكره السيد

علي معصوم الدشتكي الشيرازي في سلافة العصر وقال إنه ولد بمكة ونشأ بها، وترعرع ورحل إلى

الهند في عنفوان عمره وابتداء

ص: 491

حاله وأمره، فقطن بها خمساً وعشرين سنة، وعاد إلى مكة شرفها الله

تعالى، فأنكر تقلب أمورها فانتقل منها إلى فارس، ولم يتم له فيها مرامه فرجع إلى الهند، ولم يزل

بها حتى دعاه أجله فلبى، وقضى من الحياة نحباً، ومن رقيق شعره قوله:

ما شمت برقاً سرى في جنح معتكر إلا تذكرت برق المبسم العطر

ولا صبوت إلى خل أسامره إلا بكيت زمان اللهو والسمر

شلت يد للنوى ما كان ضائرها لو غادرتنا نقضي العيش بالوطر

في خلسة من ليال الوصل مسرعة كأنما هي بين الوهن والسحر

لا نرقب النجم من فقد النديم ولا نستعجل الخطو من خوف ولا حذر

وأهيف القد ساقينا براحته كأنه صنم في هيكل البشر

منعمين وشمل الأنس منتظم يربو على نظم عقد فاخر الدرر

فما انتهينا لأمر قد ألم بنا إلا وبدل ذاك الصفو بالكدر

لا در در زمان راح مختلسا من بيننا قمراً ناهيك من قمر

غزال إنس تحلى في حلى بشر وبدر حسن تجلى في دجى شعر

وغصن بان تثنى في نقا كفل لا غصن بان تثنى في نقا مدر

كأن ليلي نهار بعد فرقته بما أقاسي به من شدة السهر

يا ليت شعري هل حالت محاسنه وهل تغير ما باللحظ من حور

فإن تكن في جنان الخلد مبتهجا فاذكر معنى الأماني ضائع النظر

وإن تأنست بالحور الحسان فلا تنس الليالي التي سرت مع القصر

وقوله:

كيف أسلو من مهجتي في يديه وفؤادي وإن رحلت إليه

إن طلبت الشفاء من شفتيه جاد لي بالسقام من جفنيه

إن حلف السهاد عين رأته وجنت ورد جنتي خديه

كلما رمت سلوة قال قلبي لا تلمني في ذا العكوف عليه

لست وحدي متيماً في هواه كل أهل الغرام تصبو إليه

وله مقاطيع سماها لآلي الجوهري وله غير ذلك، وكانت وفاته ليلة الأربعاء لثمان بقين من جمادي

الأخرى سنة تسع وستين وألف بأرض الهند، كما في خلاصة الأثر.

الشيخ أحمد بن محمد المعصوم الشيرازي

الشيخ الفاضل أحمد بن محمد المعصوم بن نصير الدين بن إبراهيم الشيعي الدستكي الشيرازي، والد

علي المعصوم صاحب سلافة العصر المشهور بنظام الدين أحمد، ولد ليلة الجمعة خامس عشر شعبان

سنة سبع وعشرين وألف بالطائف، وحفظ القرآن وتلا بالسبع، وأخذ الفقه عن شرف الدين البافقي،

والحديث عن السيد نور الدين الشامي، والعربية عن علي المكي، والمعقول عن شمس الدين

الكيلاني، وبرع في الفنون سيما العربية، واعتنى بالأدب فنظم نظماً جيداً، وقدم الهند سنة ثلاث

وخمسين وألف فأملكه عبد الله قطب شاه الحيدر آبادي ابنته فامتد باعه في الدنيا، وخدمته الشعراء

بالمدائح، وقد انتهت إليه بسبب القربة إلى

ص: 492

السلطان المذكور الرئاسة ببلدة حيدر آباد حتى أدرك

السلطان أجله، وظنه أن يكون ملكاً بعده فلم يتم له ما أمله، وتولى الملك بعده مرزا أبو الحسن الحيدر

آبادي في قصة يطول شرحها، فقبض عليه وسجنه إلى أن مات بها، ومن شعره قوله:

مثير غرام المستهام ووجده وميض سري من غور سلع ونجده

وبات بأعلى الرقمتين التهابه فظل كئيباً من تذكر عهده

يحن إلى نحو اللوى وطويلع وبانات نجد والحجاز ورنده

وضال بذات الضال مرخ غصونه تقيأه ظبي يميس ببرده

يغار إذا نافست بالبدر وجهه ويغضب إن شبهت ورداً بخده

كثير التجني ذو قوام مهفهف صبيح المحيا ليس يوفي بوعده

مليح تسامى بالملاحة مفرداً كشمس الضحى والبدر في برج سعده

ثناياه برق والصباح جبينه وأما الثريا قد أنيطت بعقده

فمن وصله سكنى الجنان وطيبها ولكن لظى النيران من نار صده

تراءى لنا بالجيد كالظبي لفتة أسارى الهوى في حكمه بعض جنده

روى حسنه أهل الغرام وكلهم يتيه إذا ما شاهدوا ليل جعده

يعنعن علم السحر هاروت لحظه ويروى عن الرمان كاعب نهده

مضاء اليمانيات دون لحاظه وفعل الردينيات من دون قده

إذا ما نضا عن وجهه بعض حجبه صبا كل ذي نسك ملازم زهده

وأبدى محيا قاصراً عنه كل من أراد له نعتاً بتوصيف خده

هو الحسن بل حسن الورى منه مجتدى وكلهم يعزى لجوهر فرده

وما تفعل الراح العتيقة بعض ما بمبسمه بالمحتسي صفو وده

وله غير ذلك مما رق وراق من الأشعار الفائقة، وكانت وفاته في سنة ست وثمانين وألف بمدينة

حيدر آباد، كما في خلاصة الأثر.

الشيخ أحمد بن محمد البهاري

الشيخ العالم الفقيه المفتي أحمد بن محمد الحسيني العلوي البهاري المشهور بأحمد سعيد بن محمد

سعيد، كان من كبار الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ في قرية من أعمال بهار، وقرأ العلم على والده وتفنن

عليه بالفضائل، ودرس وأفتى وصار شيخ الجماعة، فولاه شاهجهان بن جهانكير صاحب الهند الإفتاء

في المعسكر، فاستقل به مدة طويلة، وكان فرد زمانه في العربية والفقه والأصول ومعرفة المذاهب،

وبيته كان مشهوراً بالعلم والدين والفقه، كما في بادشاه نامه.

وفي مرآة العالم لبختاور خان العالمكيري أن شاهجهان المذكور بعثه بالسفارة إلى ملك الدولة

العثمانية وشرفاء الحرمين الشريفين في آخر أيامه، فذهب إلى الحجاز وتشرف بالحج والزيارة،

ورجع إلى الهند فتقرب إلى عالمكير بن شاهجهان، فمنحه المنصب ألفاً وخمسمائة لنفسه وجعله

ديواناً لأخته جهان آرا بيكم، انتهى.

الشيخ أحمد بن محمد البجواروي

الشيخ الفاضل أحمد بن محمد بن إلياس الحسيني الغرغشتي البجواروي، أحد رجال العلم والطريقة،

قرأ أكثر الكتب الدرسية على والده وبعضها على الشيخ إله داد اللاهوري، وقام مقام والده في الإرشاد

والتلقين سنة إحدى وألف، فدرس وأفاد نحو خمس عشرة سنة، وحصل له القبول العظيم في

الأفاغنة، فتوهم منه جهانكير بن أكبر شاه التيموري وطلبه بين يديه، فلم

ص: 493

يرض أن يحييه بالآداب

المرسومة، فحبسه في قلعة كواليار، فلبث بها ثلاث سنين، ثم شفع له خانجهان خان اللودي

واستصحبه إلى إقليم الدكن، ولبث بمدينة برهانبور زماناً، ثم رجع معه إلى آكره سنة عشرين وألف،

أدركه الشيخ محمد بن الحسن المندوي ببلدة مندو، وذكره في كلزار أبرار وقال: إنه كان على مسلك

الشيخ علاء الدولة السمناني في مسألة التوحيد.

نظام الدين أحمد الصديقي

الشيخ الفاضل نظام الدين أحمد بن محمد صالح الصديقي، له مجمع الصنائع بالفارسي، صنفه سنة

ستين وألف، وأرخ لعام تصنيفه من لفظ غنى أوله: الحمد لله الذي أنعم علينا وهدانا إلى الإسلام،

إلخ.

الشيخ أحمد بن أبي أحمد الديبني

الشيخ العالم الصالح أحمد بن أبي أحمد الحنفي النقشبندي الديبني أحد رجال العلم والطريقة، ولد

ونشأ بديبن ديوبند قرية جامعة من أعمال سهارنبور، وقرأ العلم على الشيخ أحمد بن عبد الأحد

السرهندي وعلى غيره من العلماء، ثم سافر إلى برهانبور، وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد بن فضل

الله البرهانبوري، ولازمه مدة طويلة، واستخلفه الشيخ محمد المذكور فرجع إلى بلاده، ولما وصل

إلى آكره أدرك بها الشيخ أحمد بن عبد الأحد المذكور، فانجذب إليه فأخذ عنه ولازمه زماناً، ثم سافر

إلى برهانبور صحبة الشيخ نعمان بن شمس الدين البرهانبوري وصحبه مدة، ثم رجع إلى سرهند،

واستخلفه الشيخ أحمد، فأقام بآكره، وأخذ عنه جمع من الناس، ثم سافر إلى بنكاله وحصل له القبول

العظيم بها، كما في زبدة المقامات.

القاضي أحمد العسكري البيجابوري

الشيخ الفاضل القاضي أحمد بن أبي أحمد الحسيني البيجابوري المشهور بالقاضي عسكري، كان من

كبار العلماء، ولي قضاء العسكر بمدينة بيجابور في أيام إبراهيم عادل شاه البيجابوري فاستقل مدة،

وكان مشكور السيرة في القضاء، خطاطاً حسن الخط، مات سنة خمس وتسعين وألف بمدينة بيجابور

فدفن بها، كما في محبوب ذي المنن.

الشيخ إسحاق بن محمد معظم النصير آبادي

الشيخ الكبير إسحاق بن معظم بن أحمد بن محمود بن العلاء الشريف الحسني النصير آبادي، أحد

المشايخ المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بنصير آباد قرية جامعة من أعمال رأي بريلي على

عشرة أميال منها، وصرف شطراً من عمره في الطلب، وساح البلاد وأخذ عن كبار العلماء

والمشايخ، ثم لازم بيته.

وله وقائع غريبة في الزهد والتوكل، ذكر بعضاً منها الشيخ نعمان بن نور الحسني النصير آبادي

في كتابه أعلام الهدى لا نذكره خوفاً للإطالة، وهو من أجدادي الكرام.

وقد أرخ لوفاته السيد عبد الشكور بن محيي الدين البريلوي في كتابه كلشن محمودي وقال: إنه مات

سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، واستدل بشطر من البيت يستخرج منه تلك السنة على قاعدة الجمل

وهو آمد ببهشت سيد إسحاق وهذا لا يصح قطعاً لأن ولده أحمد بن إسحاق ولد في سنة خمس

وعشرين وألف، كما في أعلام الهدى.

الشيخ إسحاق بن موسى السندي

الشيخ الفاضل إسحاق بن موسى النقشبندي السندي، أحد المشايخ المعروفين في بلاده، ولد ونشأ

بالسند وقرأ العلم وساح البلاد، وأخذ الطريقة عن الشيخ كريم الدين النقشبندي اللاهوري، ورأى في

مبشرة الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي كأنه توجه إليه وأعطاه رقعة كتب فيها: عن

أحمد السرهندي إلى إسحاق السندي، يا إسحاق! أنت ولدي وخليفتي في جميع الرموز الحقيقي

والدقيقي، وإني مغفور وأنت ومن توسل بك أيضاً مغفور، واقرأ لحبيبي مولانا كريم الدين مني

السلام، انتهى، فكتب إسحاق إلى الشيخ أحمد المذكور وأخبره بما رأى، فأجابه الشيخ أن هذه بشارة

فاجتهد ليظهر لك ما في القوة إلى الفعل، كما في زبدة المقامات.

الشيخ أسد الله الهركامي

الشيخ العالم الصالح أسد الله بن إسماعيل بن خضر الحسيني الحنفي الهركامي، أحد العلماء

ص: 494

الصالحين، ولد سنة خمس وتسعين وتسعمائة بقرية هركام - بفتح الهاء - قرية جامعة من أعمال

خير آباد، وقرأ العلم على والده وتفقه عليه، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ عبد السميع بن عبد الرحمن

القلندر اللاهربوري، وصرف عمره في الدرس والإفادة.

مات سنة سبع وستين وألف بهركام فدفن بقرية جلالي بور، أخبرني بها ولايت أحمد الهركامي.

مرزا إسكندر بن محمد الكجراتي

الشيخ الفاضل مرزا إسكندر بن محمد بن أكبر الكجراتي، أحد الرجال المعروفين بمعرفة التاريخ، له

مرآة سكندري كتاب في أخبار ملوك كجرات، صنفه في سنة عشرين وألف.

المفتي إسماعيل بن خضر الهركامي

الشيخ العالم الفقيه المفتي إسماعيل بن خضر العلوي الحسيني الهركامي، أحد العلماء المبرزين في

الفقه والأصول والعربية، ولد بهركام سنة خمس وأربعين وتسعمائة، ونشأ بها، وقرأ العلم على والده

وعلى غيره من العلماء، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ عبد السميع بن عبد الرحمن العباسي اللاهربوري

وكان ابن أخته، ثم أخذ عن الشيخ عبد القدوس بن عبد السلام الجونبوري، وولي الإفتاء بهركام،

فصرف عمره في الإفادة والعبادة.

مات في سنة ثلاثين وألف فدفن بإسماعيل بور قرية في تلك الناحية، أخبرني ولايت أحمد

الهركامي.

الشيخ إسماعيل بن محمود السندي

الشيخ الصالح الفقيه إسماعيل بن محمود الشطاري السندي أبو الفرح سراج الدين البرهانبوري، أحد

العلماء المتصوفين، لازم الشيخ عيسى بن قاسم الشطاري البرهانبوري من صغر سنه، واشتغل عليه

وحصل وقرأ الكتب الدرسية، ثم أخذ الطريقة عنه، له مخزن الدعوات كتاب بالفارسي في علم

الدعوة، جمع فيه ما وصل إليه من شيخه، وصنفه سنة سبع وثلاثين وألف بمدينة برهانبور.

الشيخ إسماعيل بن فتح الله اللاهوري

الشيخ العالم الكبير المحدث إسماعيل بن فتح الله بن عبد الله بن فيروز الحنفي اللاهوري، كان من

مرازبة كوكهر، ولد في أيام السلطان أكبر بن همايون التيموري، ولما طعن في الخامسة من سنه ألقاه

والده في مهد الشيخ عبد الكريم اللاهوري، فاشتغل عليه بالعلم وقرأ الكتب الدرسية كلها، ثم رحل إلى

قرية على شاطئ نهر جناب وكانت على عشرة أميال من لاهور، فاشتغل بها بالدرس والإفادة مدة

طويلة، ثم انتقل إلى لاهور.

أخذ عنه الشيخ عبد الحميد، والشيخ تيمور، وجان محمد وخلق كثير من العلماء، مات في خامس

شوال سنة خمس وثمانين وألف بمدينة لاهور فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.

الشيخ إسماعيل بن قطب البلكرامي

الشيخ العالم الصالح إسماعيل بن قطب عالم الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد فحول العلماء، ولد

ونشأ ببلكرام، وقرأ حيثما أمكن له في بلدته، ثم سافر إلى بلاد أخرى، وأخذ عن المفتي عبد السلام

الديوي والعلامة عبد الحكيم بن شمس الدين السيالكوني حتى برع وفاق أقرانه في المعقول والمنقول،

له حاشية نفيسة على شرح التهذيب للجلال الدواني.

قال السيد غلام علي البلكرامي في مآثر الكرام: إنه أخذ كثيراً من العلوم المتعارفة عن المفتي عبد

السلام الديوي، ثم راح إلى سيالكوث ودخل في حلقة دروس الشيخ عبد الحكيم، سأل القراءة عليه فلم

يجبه لكثرة الدروس، فقنع بالسماع ومضى على ذلك دهراً طويلاً، فلما اطلع السيالكوثي على ذكائه

التفت إليه، وفسح له في وقته للقراءة، انتهى.

وقال السيد محمد بن عبد الجليل البلكرامي في تبصرة الناظرين: إنه أول من تشيع من أهل بلكرام،

مات سنة ثمان وثمانين وألف.

الشيخ إسماعيل المحدث البيجابوري

الشيخ العالم الكبير إسماعيل المحدث

ص: 495

البيجابوري، أحد الأفاضل المشهورين في الفقه والحديث، من

ذرية الشيخ شمس الدين محمد الملتاني البدري، كان يدرس ويفيد بمدينة بيجابور في أيام إبراهيم

عادل شاه، مات ودفن ببيجابور كما في روضة الأولياء.

الشيخ إسماعيل بن ودود المالوي

الشيخ الفاضل إسماعيل بن ودود بن معروف الصديقي الشطاري المالوي، أحد الرجال المعروفين

بالفضل والصلاح، أخذ عن الشيخ عيسى بن قاسم السندي البرهانبوري بمدينة برهانبور، ولازمه

عشرين سنة، ثم وجهه الشيخ إلى بلدته آشته، فرحل إليها سنة عشرين وألف، أدركه محمد بن الحسن

المندوي حين ذهابه إلى آشته بمدينة مندو، كما في كلزار أبرار.

الشيخ أفضل محمد الأكبر آبادي

الشيخ الفاضل أفضل محمد بن يوسف بن عبد الله التميمي الأنصاري الأكبر آبادي أحد العلماء

المبرزين في الفقه والأصول والعربية، تفقه على والده وأخذ عنه الطريقة، وقرأ بعض الكتب

الدرسية على عمه الجلال، وبعد وفاته أخذ عن المفتي أبي الفتح بن عبد الغفور التهانيسري،

والقاضي جلال الدين الملتاني، والشيخ مبارك بن خضر الناكوري، وقرأ الشفاء للقاضي عياض على

الشيخ جعفر الحسيني المدفون بأكبر آباد، ثم تصدر للدرس والإفادة مع قناعة وعفاف وتوكل

واستغناء، مات لتسع بقين من صفر سنة ثلاث وألف بأكبر آباد فدفن بها، وأرخ لوفاته بعض

أصحابه من أفضل أنام، كما في أخبار الأصفياء لولده عبد الصمد.

أكبر بن همايون التيموري

السلطان المؤيد المظفر أبو الفتح جلال الدين محمد أكبر بن همايون بن بابر التيموري الكوركاني،

أكبر ملوك الهند وأشهرهم في الذكر وأسعدهم في الحظ والإقبال، ولد في قلعة أمركوث من أرض

السند في ثاني ربيع الأول سنة تسع وأربعين وتسعمائة من بطن حميده بانو حين انهزم والده همايون

من شير شاه، ولم يبق معه إلا القليل، فقصد فارس وترك ولده هذا عند أخيه كامران مرزا بكابل،

ورجع بعد بضعة سنين فافتتح قندهار وكابل وأكثر بلاد الهند، ثم مات سنة ثلاث وستين وتسعمائة

فجلس على سريره ولده أكبر، وكان سنه حينئذ نحو ثلاث عشرة، أجلسه على سرير الملك بيرم خان

أحد قواد والده، وأخذ عنان السلطنة بيده، ورتق ما فتق من مهمات الدولة حتى ظلت آمنة مطمئنة.

ولما بلغ أكبر أشده استقل بالملك، وأمره أن يسافر إلى الحرمين الشريفين بقصة يطول شرحها، ثم

افتتح أمره بالعدل والسخاء، وقرب إليه أهل العلم والصلاح، وكان يذهب بنفسه إلى بيت الشيخ عبد

النبي بن أحمد الكنكوهي لاستماع الحديث، ويسوي نعليه بيده ويضعهما قدامه، وكان يرحل إلى

أجمير لزيارة قبر الشيخ معين الدين حسن السجزي راجلاً في كل سنة، وكان يتبرك بالشيخ سليم بن

بهاء الدين السيكروي، وبنى مساجد وزوايا له، وبنى مدينة بأرضه وجعلها عاصمة بلاد الهند، وبنى

بها قصراً وسماه عبادت خانه وقسمه على أربعة منازل وأمر أن يجتمع فيه علماء البراهمة

والنصارى والمجوس وأهل الإسلام، فيجتمعون في ذلك القصر ويباحثون في الخلافيات بحضرة

السلطان، والسلطان يحتظ بالبحث، حتى دخل في مجلسه أبو الفيض وصنوه أبو الفضل والحكيم أبو

الفتح ومحمد اليزدي، فجعلهم فريقاً لأهل الصلاح فدسوا في قلبه أشياء ورغبوه عن أهل الصلاح

وقالوا: لا ينبغي للسلطان أن يقلد أحداً من الفقهاء المجتهدين، وإن مرتبة الإمام العادل فوق مرتبة

المجتهد، وإن أكبر بن همايون أعدل الأئمة وأعقلهم وأعلمهم بالله، له أن يرجح المرجوح في المسائل

المختلفة، ورتب الشيخ مبارك بن خضر الناكوري محضراً في ذلك بالفارسي، ومعناه بالعربية على

علاته وكثرة ألفاظه وقلة معانيه:

المقصود من تشييد هذه المباني وتمهيد هذه المعاني أن الهند لما صارت بيمن عدل السلطان، وحسن

سياسته وتدبيره مركزاً للأمن والأمان، ودائرة للعدل والإحسان، قصدت طوائف من الخواص والعوام

هذه الديار لا سيما العلماء، أهل المعرفة والفضلاء،

ص: 496

أصحاب التدقيق الذين هم هداة بادية النجاة،

الموصوفون بقوله تعالى: " والذين أوتوا العلم درجات" من العرب والعجم واستوطنوها، وقضى

جمهور العلماء الفحول، الجامعون بين الفروع والأصول، والمحيطون بالمعقول والمنقول،

الموصوفون بالديانة والصيانة، بعد التدبر الوافي، والتأمل الكافي، في غوامض معاني الآية الكريمة

"أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" والأحاديث الصحيحة: إن أحب الناس إلى الله يوم

القيامة إمام عادل، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني، وغير ذلك من

الشواهد العقلية، والدلائل النقلية، قضوا بأن منزلة الإمام العادل عند الله فوق منزلة المجتهد، وحيث

أن حضرة سلطان الإسلام كهف الأنام أمير المؤمنين ظل الله على العالمين الملك أبو الفتح جلال

الدين محمد أكبر الغازي، خلد الله ملكه أبداً! هو أعدل الناس وأعقلهم وأعلمهم بالله، فلو رجح أحد

الجانبين في المسائل المختلفة فيما بين المجتهدين لتسهيل معيشة بني آدم، وبمصلحة تدبير العالم،

بذهنه الثاقب، وفكره الصائب، وحكم بذلك كان هذا مقرراً متفقاً عليه، ولزم اتباعه، وتحتم على عموم

البرية، وكافة الرعية، وكذلك إذا شرع أمراً وأصدره ولم يكن مخالفاً لنص وكان سبب إصداره ترفيه

العالمين لزم العمل به، وكان مخالفته سبباً لسخط الله في الآخرة والخسران في الدين والدنيا، حرر

هذا المرسوم الحق بمشهد من علماء الدين الفقهاء المهتدين حسبة لله تعالى وإظهاراً لحقوق الإسلام،

وكان ذلك في شهر رجب سنة سبع وثمانين وتسعمائة.

فألجأ السلطان الشيخ عبد الله مخدوم الملك والشيخ عبد النبي صدر الصدور والمفتي صدر جهان

مفتي الممالك والقاضي جلال الدين الملتاني قاضي القضاة والشيخ نظام الدين البدخشي ورجالاً

آخرين من العلماء فأثبتوا توقيعاتهم على ذلك المحضر، وانشرح به صدر السلطان وفتح أبواب

الاجتهاد، فجوز متعة النساء ونكاح المسلم بالوثنية، حتى اجترأ على الطعن والتشنيع على السلف

الصالح، لا سيما الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، وأمر باخراج الشيخ عبد الله بن شمس الدين

السلطانبوري والشيخ عبد النبي بن أحمد الكنكوهي إلى الحجاز، والقاضي جلال الدين الملتاني إلى

أرض الدكن، ونقل الشيخ الصالح محمد بن المنتخب الأمروهوي من خدمة مير عدل إلى حكومة بكر

وسيوستان، واجتمع لديه شرذمة من علماء الوثنيين والنصارى والمجوس ومن أحبار الهنود ومن

الشيعة، ومن أهل السنة والجماعة يباحثهم أصحابه في الديانات، وكان كل واحد منهم يجتهد أن

يرغبه إلى مذهبه، وكانت تحته طائفة من الأميرات الوثنيات بنات ملوك الهند، وكانب ركوتهم

برهمن وديبي برهمن صاحبيه في الظعن والإقامة يزينان له عبادة الأصنام وتعظيم النار والشمس،

فتدرج في الاجتهاد وترقى من الفروع إلى الأصول، وقال بخلق القرآن، واستحالة الوحي والتشكيك

في النبوات، وأنكر الجن والملك والحشر والنشر وسائر المغيبات، وأنكر المعجزات، وجوز التناسخ،

وحرم ذبح البقرة، وحط الجزية عن أهل الذمة، وأحل الخمر والميسر والمحرمات الأخر، وأمر بإيقاد

النار في حرمه على طريق المجوس، وأن يعظم الشمس وقت طلوعه على طريق مشركي الهند،

وبدل الكلمة الطيبة بقول: لا إله إلا الله أكبر خليفة الله.

فلما رأى الفتنة العظيمة بإشاعة تلك الكلمة أمر أن يتفوه بها في حرمه، وأخذ البيعة عن أصحابه

على ترك الرسوم والتقليد، وسمى مذهبه ديناً إلهياً وقرر أن الحق دائر بين الأديان كلها، فينبغي أن

يقتبس من كلها أشياء، وكان يسجد للشمس والنار في كل سنة يوم النيروز بالإعلان، وشرع ذلك من

سنة خمس وعشرين الجلوسية، ورسم القشقة على جبينه يوم العيد الثامن من شهر سنبله، وربط سلكاً

من الجواهر عن أيدي البراهمة تبركاً، فعرض عليه الأمراء الجواهر الثمينة في ذلك اليوم ووافقوه

في ذلك الربط، وربط في يده راكهي وهي عبارة عن صوف مفتول يربطها الكفار من الهند في يوم

معهود في كل سنة، وكذلك كان يفعل كل ما يفعله كفار الهند، ويستحسنه ويحرض أصحابه على ما

فعله، ويحثهم على ترك التقليد، يعني

ص: 497

به دين الإسلام، ويهجنه ويقول: إن واضعه فقراء الأعراب،

وأمر أن لا يقرأ العلوم العربية غير النجوم والحساب والطب والفلسفة، وهذا قليل من كثيره، ذكره

البدايوني في المنتخب.

وأما الكتب المصنفة بأمره فكثيرة، منها

ترجمة حياة الحيوان الكبرى للدميري بالفارسية، ترجمه أبو الفضل بن المبارك الناكوري سنة ثلاث

وثمانين وتسعمائة.

ترجمة الإنجيل بالفارسية، ترجمه أبو الفضل المذكور سنة ست وثمانين وتسعمائة.

ترجمة كليلة ودمنة من اللغة الفارسية الغير المتعارفة إلى المتعارفة، نقله أبو الفضل.

آئين أكبري بالفارسية، كتاب ضخم لأبي الفضل، صنفه سنة أربع وألف، وهو أحسن الكتب

المصنفة في أيام أكبر.

أكبر نامه كتاب في التاريخ لأبي الفضل، ذكر فيه أحوال ملوك الهند من أولاد تيمور كوركان إلى

عهد جلال الدين أكبر.

ترجمة ليلاوتي في الحساب والمساحة، نقله من سنسكرت إلى الفارسية أبو الفيض بن المبارك بأمر

السلطان.

نلدمن منظومة بالفارسية لأبي الفيض المذكور منقولة من اللغة الهندية.

ترجمة اتهر بن ويد رابع الكتب المقدسة في زعم الهنود في لغة سنسكرت، نقل شيئاً منه إلى

الفارسية عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني، وأعانه على ذلك الشيخ بهاون الهندي، ونقل شيئاً أبو

الفيض بن المبارك المذكور بإعانته ثم الحاج إبراهيم السرهندي حتى تم الكتاب.

ترجمة مهابهارت أحد الكتب التاريخية المقدسة في زعم الهنادك، ترجمه عبد القادر المذكور بشركة

غياث الدين القزويني وسماه السلطان رزم نامه.

ترجمة رامائن أحد الكتب التاريخية للهنادك في لغة بهاكا، ترجمه عبد القادر سنة سبع وتسعين

وتسعمائة.

منتخبات الجامع الرشيدي في أخبار الخلفاء العباسية في بغداد ومصر والخلفاء الأموية والخلفاء

الراشدين، صنفه عبد القادر بالفارسية.

تكملة بحر الأسمار وهو كتاب في الأخبار الهندية، صنف للسلطان زين العابدين الكشميري، وقد

فات منه بعض القصص المفيدة فجمعها عبد القادر في كتاب وجعله الجزء الثاني من بحر الأسمار.

منتخبات تاريخ الكشمير لملا شاه محمد الشاه آبادي، انتخبها عبد القادر.

ترجمة تزك بابري من التركية إلى الفارسية، ترجمه عبد الرحيم بن بيرم خان الدهلوي سنة سبع

وتسعين وتسعمائة.

زيج مرزائي ترجمه من الفارسية إلى الهندية كشن جوتشي وكنكادهر ومهيش ومهانتد أحبار

البراهمة باعانة الأمير فتح الله الشيرازي وأبي الفضل بن المبارك الناكوري.

الناجك في التنجيم، ترجمه مكمل خان الكجراتي.

هربنس كتاب في أخبار كشن ترجمه ملا شيري بن يحيى اللاهوري.

ترجمة معجم البلدان من العربية إلى الفارسية، قسم أجزاه السلطان على اثني عشر رجلاً منهم

البدايوني والتتوي والشيخ منور وقاسم بيك فترجموه.

التاريخ الألفي في أخبار ألف سنة، أمر السلطان بتصنيفه أصحابه واصطفى منهم سبعة رجال: فتح

الله الشيرازي، غياث الدين القزويني، همام بن عبد الرزاق الكيلاني، الحكيم علي الكيلاني، الحاج

إبراهيم السرهندي، نظام الدين الأكبر آبادي، عبد القادر البدايوني لأسبوع كامل ليكتب كل واحد منهم

في أسبوع أخبار سنة، فامتثلوا أمره حتى حررت من ذلك أخبار خمس وثلاثين سنة، ثم أمر السلطان

أحمد بن نصر الله التتوي فاشتغل به وحرر إلى أيام جنكيز خان ثم قتل فأمر باتمامه جعفر بيك،

فأتمه وحرر الوقائع إلى عهد السلطان أكبر، وكتب له الخطبة أبو الفضل بن المبارك الناكوري.

الطبقات الأكبرية لمرزا نظام الدين بن محمد مقيم الهروي الأكبر آبادي، كتاب بسيط جمع فيه أخبار

الملوك والسلاطين إلى السنة الثانية والثلاثين الجلوسية.

منتخب التواريخ لعبد القادر بن ملوك شاه المذكور في ثلاثة مجلدات: الأول في أخبار الملوك من

سبكتكين إلى همايون، وهو ما بين الايجاز والاطناب، والثاني في أخبار السلطان جلال الدين أكبر

إلى سنة أربعين الجلوسية، والثالث في ذكر من عاصره

ص: 498

من المشايخ والعلماء والأطباء والشعراء،

وهو كتاب مفيد جداً.

كتاب التسهيلات في الهيئة صنفه ملا جاند، ونسخته موجودة في خزانة الكتب الانكليزية بلندن.

بهاكوت كيتا نقله من سنسكرت الشيخ أبو الفيض بن المبارك المذكور.

راكك ساكر كتاب في الموسيقى صنفوه في أيامه كما في رأكك دربن.

حل لنظم شاهنامه، جعله تقي الدين التستري منثوراً بأمره.

توفي في جمادي الثانية سنة أربع عشرة وألف ودفن في سكندر آباد قريب آكره.

الشيخ الله بخش الشطاري

الشيخ العارف الكبير الله بخش بن القاضي خوند بن محمد جمال بن الكبير ابن موسى بن عمران

بن يحيى بن حسام الدين، البكري الشطاري الكده مكتيسري، أحد المشايخ المشهورين، كان من نسل

عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحاقة رضي الله تعالى عنهم، وكان أصله من سيستان، قدم جده

موسى ابن عمران إلى أرض الهند، وسكن بكده مكتيسر والشيخ قوام الدين عم موسى المذكور سكن

برهتك.

وأما الله بخش فإنه ولد بكده مكتيسر ونشأ بها، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم أخذ الطريقة عن

الشيخ مبارك بن عبد المقتدر بن فاضل البالادست الجهنجهانوي، ولازمه ملازمة طويلة، وصنف

بأمر شيخه كتابه مؤنس الذاكرين في فضل الذكر وتأثيراته.

قال محمد بن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان عالي المشرب نهاية في المعارف، نقلت

عنه التصرفات العجيبة والكرامات الغريبة، وهو من أجل مشايخ العارف بالله تاج الدين الهندي

النقشبندي نزيل مكة، وله معه خوارق: منها أن الشيخ أرسله إلى بلدة أمروهه لخدمة، فكان يمشي في

الطريق فرأى في اثناء طريقه امرأة جميلة، فتعلق قلبه بها وصار مشغوفاً بها حتى خرج زمام

اختياره من يده، ونسي تلك الخدمة وتبعها، فبينما هو كذلك إذ رأى الشيخ على يمين تلك المرأة ينظر

إليه واضعاً إصبعه السبابة في فمه على طريق التنبيه والتعجب، فلما رآه حصلت له منه غاية

الحياء، وانقطع أصل محبتها من قلبه، ومضى لسبيله، ولما رجع من الخدمة وصل إلى الشيخ، فلما

رآه ضحك منه، فعرف أنه كان مشعراً بذلك، ومنها أن أحد أصحاب الشيخ الله بخش كان يقرأ عليه

شيئاً في علم التصوف ذات يوم، فجاء الجراد إلى البلد وسقط على أشجار الناس وزروعهم، فجاء

راعي بستان الشيخ وأخبره بالجراد، فأرسل الشيخ أحد أصحابه إلى البستان وقال له: قل للجراد

منادياً بصوت رفيع إنك أضيافنا ورعاية الأضياف لازمة، إلا أن بستاننا أشجاره صغار لا تحتمل

ضيافتك، فالمرؤة أن تتركي فبمجرد ما سمع الجراد هذا الكلام من الرجل طارت، وخرجت من

بستان الشيخ، وصار زروع الناس وبساتينهم كعصف مأكول إلا بستان الشيخ، ومنها أن رجلاً جاء

إلى الشيخ وشكا إليه الفقر والضيق في المعيشة وجلس أياماً في خدمته، فقال له الشيخ: إذا حصل لك

شيء من الدنيا ما تخرج لنا منه؟ فقال: العشر، فقال له: لا تستطيع، فكرر عليه الكلام حتى استقر

الحال على أن يخرج له من كل مائة واحداً، فأمره أن يروح إلى واحد من أهل الدنيا، فحصل له دنيا

عريضة في أيام قليلة، فكان الشيخ يرسل إليه الفقراء ويكتب له بأن يعطيهم فلا يؤدي إليهم شيئاً، ثم

اجتمع عنده دراهم كثيرة من نصيب الشيخ فكتب إلى الشيخ أن أرسلوا واحداً من خدامكم حتى نرسل

هذه الدراهم إليكم، فلما جاء الشيخ كتابه ثار غيرة وغضباً وقال: سبحان الله! ما قلع أحد من وقت آدم

إلى يومنا هذا شجرة غرسها بنفسه إلا أنا أقلعها اليوم، فجاءه بعد أيام خبر موته، وله كرامات كثيرة.

وكانت وفاته ليلة الاثنين تاسع عشر رمضان سنة اثنتين وألف، وعمره اثنتان وثمانون سنة، وهو

على ركبة تلميذه الشيخ تاج الدين، وأوصاه أن لا يغسله ولا يكفنه إلا هو، فقام بوصيته، رحمه الله

تعالى.

الشيخ إله داد السرهندي

الشيخ الفاضل اللغوي الشهير إله داد بن علي شير السرهندي، كان من العلماء المبرزين في الشعر

واللغة، له مصنفات جليلة، منها مدار الأفاضل في اللغة

ص: 499

العربية والفارسية والتركية، فرغ من تصنيفه

سنة إحدى وألف، وكان معدوداً في شعراء الفرس، يتلقب في شعره بالفيضي، ووالده كان يعرف بأسد

العلماء، قال على شير القانع في تحفة الكرام: إنه كان من قبيلة الأنصار، انتهى.

القاضي إله داد البلكرامي

الشيخ العالم الفقيه القاضي إله داد الحنفي البلكرامي أحد الفقهاء المعروفين بالفضل، كان من نسل

قاسم بن محمد بن أبي بكر فقيه المدينة، ولد ونشأ ببلكرام، وسافر للعلم فقرأ الكتب الدرسية على

الشيخ عبد الرحمن العباسي اللاهربوري، ولما برع في الفقه والأصول وغير ذلك رجع إلى بلكرام

وتصدر للتدريس، وله تعليقات على تهذيب المنطق.

قال السيد غلام علي الحسيني البلكرامي في مآثر الكرام: إنه كان قاضياً ببلدة بلكرام، فنازعه

القاضي كمال العثماني في أمر القضاء سنة تسعين وتسعمائة، ورحل القاضي محمود بن كمال إلى

معسكر السلطان أكبر بن همايون التيموري ورفع القضية إليه، فولي أباه القضاء، انتهى.

وقال الشيخ غلام حسن في شرائف عثماني: إن القاضي كمال بن عبد الدائم العثماني كان قاضياً

ببلكرام، وكان القضاء موروثاً له من آبائه وجدوده من عهد بعيد، فنازعه القاضي عبد الصمد

المحتسب ووافقه القاضي إله داد في النزاع، فسافر إلى دهلي ورفع القضية إلى السلطان، وشفع له

أبو الفيض بن المبارك الناكوري، وأظهر أن القضاء موروث له من آبائه وأنه أهل لذلك، فولاه

القضاء وعزل القاضي كمال عنه، فاعتزل الكمال براجكير، ثم لما حصحص الحق على السلطان

وظهر أن الكمال أهل لذلك والقضاء موروث له من آبائه وجدوده، عزل إله داد وولي الكمال مكانه،

ثم توارث القضاء في أعقابه نسلاً بعد نسل، انتهى، وقد شنع غلام حسن على غلام علي المذكور

تشنيعاً بالغاً، واتهمه بأن في قلبه شيئاً من جهة العثمانيين، ولذلك أغمض عينيه عن محاسنهم في مآثر

الكرام وفي سائر مصنفاته.

مولانا إله داد السلطانبوري

الشيخ العالم الفقيه إله داد الحنفي السلطانبوري أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول، كان أصله

من قرية بنوده من أعمال السند ومنشأه سلطانبور من أرض بنجاب، قرأ العلم على الشيخ عبد الله بن

شمس الدين السلطانبوري، وتفنن في الفضائل عليه حتى أتقنها، ودرس وأفتى وصنف، وصار من

أعيان العلماء وأكابر الفضلاء ببلدته، فولي الصدارة بأرض بنجاب، واستقام عليها مدة من الزمان، ثم

ولي القضاء بإله آباد.

قال البدايوني في المنتخب: إنه كان في عنفوان آمره معجباً بفضله محتالاً، ثم صار أمره إلى الفقر

والانكسار، فصار ديناً متواضعاً حسن الأخلاق، وقنع بيسير من المعاش في إله آباد، وعكف على

الافادة والعبادة، وانقطع عن الناس، انتهى، له مصنفات عديدة، منها كشف الغمة ومنهاج الدين توفي

سنة ست وألف، كما في خزينة الأصفياء.

مولانا إله داد اللاهوري

الشيخ الفاضل الكبير إله داد الحنفي اللنكرخاني اللاهوري، أحد العلماء المتبحرين في علوم متعددة

من المعقول والمنقول، لم يزل مشتغلاً بالدرس والافادة، كان زاهداً متقللاً قانعاً عفيفاً ديناً متورعاً، لا

يطمع في الملوك ولا يعرض عليهم الحوائج، حتى أنه لم يقبل الأرض ولا غيرها للمعيشة قط، أخذ

عنه غير واحد من العلماء، ولنكر خان - بفتح اللام - حارة ببلدة لاهور، كما في تذكرة علماء الهند.

الشيخ إله داد الدهلوي

الشيخ العالم الصالح إله داد الحنفي النقشبندي الدهلوي، أحد كبار المشايخ النقشبندية، أخذ الطريقة

عن الشيخ عبد الباقي النقشبندي الدهلوي ولازمه ملازمة طويلة، أخذ عنه عبيد الله وعبد الله ابنا

الشيخ عبد الباقي المذكور، مات لسبع ليال بقين من شعبان سنة إحدى وخمسين وألف بدهلي، فدفن

بمقبرة شيخه، كما في الأسرارية.

ص: 500

الشيخ أمان الله اللاهوري

الشيخ العالم الصالح أمان الله الحنفي النقشبندي اللاهوري، أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن

الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي ولازمه زماناً، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج

وزار، ومات بها سنة إحدى وثلاثين وألف، كما في مهر جهانتاب.

الشيخ أمان الله المندوي

الشيخ الصالح أمان الله بن كمال الدين بن سليمان الكالبوي ثم المندوي، أحد الرجال المعروفين

بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بمندو، وأخذ عن أبيه ثم عن الشيخ صدر الدين محمد الذاكر الشطاري

البرودي ولازمه مدة من الزمان، وكان زاهداً متقللاً صدوقاً متشرعاً، توفي سنة خمس وألف بمندو

فدفن بها، كما في كلزار أبرار.

نواب أمان الله الكابلي

الأمير الكبير أمان الله بن زمانه بيك بن غيور بيك الكابلي نواب خانزاد خان فيروز جنك، كان من

الرجال المعروفين بالفضل والشجاعة والدهاء، له أم العلاج كتاب في الطب، صنفه للسلطان جهانكير

سنة ست وثلاثين وألف، وهو مرتب على مقدمة في ذكر الاستفراغ والاحتباس، وستة أبواب: الأول

في الأخلاط الأربعة ولين الطبع واحتباسه، والاسهال وموانعه ووقت الاسهال وأسباب المسهل

ومراعاة القوة، والثاني في المنضجات والمسهلات، والثالث في طبخ الأدوية المسهلة وطريق

التناول، والرابع في منع الاسهال عند الحاجة وتعيين الأوقات، والخامس في الأدوية المسهلة

للمتنعمين، والسادس في الأدوية المسهلة وقدر الشربة ومركباتها، والخاتمة في المسائل اللطيفة، وله

كتاب بسيط في تاريخ ملوك الأرض، وله مجموع يسمى بكنج باد آورد وله ديوان الشعر الفارسي،

ومن شعره قوله:

در ره عشق صلاح از من رسوا مطلب كافر عشق جه داند كه مسلماني جيست

توفي سنة ست وأربعين وألف، وأرخ لموته بعض أصحابه من رستم زمانه مرد كما في مآثر

الأمراء.

أمين بن أبي الحسن القزويني

الشيخ الفاضل أمين بن أبي الحسن القزويني، أحد الفضلاء المؤرخين، كان يعرف بمرزا أميناً، له

كتاب في أخبار شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند من جلوسه على سرير الملك إلى عشر

سنين يسمى ببادشاه نامه.

الشيخ أمين بن أحمد الرازي

الشيخ الفاضل الكبير أمين بن أحمد الرازي المشهور بأمين الدين، كان والده صنو محمد شريف جد

نورجهان بيكم، قدم الهند وتقرب إلى الملوك والأمراء، وله هفت اقليم كتاب في تراجم الأعيان من

بدء الاسلام إلى آخر سنة اثنتين وألف على ترتيب الأقاليم السبعة، طالعته واستفدت منه.

الشيخ أمين بن أحمد النهروالي

الشيخ العالم الكبير المحدث أمين بن أحمد النهروالي الكجراتي الفاضل المشار إليه بسعة العلم،

تخرج على الشيخ محمد بن طاهر بن علي الفتني صاحب مجمع البحار، وأخذ الحديث عنه، وقدم

مندو سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، فأقام بها سنة كاملة، ثم ذهب إلى أجين، ولقي بها الشيخ راجي

محمد القادري، والشيخ عبد الغفور، والشيخ جمال بن أحمد وغيرهم من المشايخ فصاحبهم، وطابت

له الاقامة بتلك البلدة، فتصدر للدرس والافادة بها، مع قناعة وعفاف وزهد وعبادة، انتفع به خلق

كثير وأخذوا عنه، ثم إنه خرج من أجين إلى برهانبور لزيارة القاضي عبد العزيز بن عبد الكريم بن

راجي محمد الأجيني، فمات بها في غرة ربيع الأول سنة سبع عشرة وألف فدفن بها، كما في كلزار

أبرار.

خواجه أمين الدين البيجابوري

الشيخ الفاضل أمين الدين بن برهان الدين البيجابوري، أحد المشايخ المعروفين بأرض الدكن، أخذ

عن عمه الشيخ عطاء الله ولازمه مدة من الزمان،

ص: 501

وكان مغلوب الحالة، توفي لست بقين من رمضان

سنة ست وثمانين وألف بمدينة بيجابور، وعلى قبره أبنية فاخرة بناها ملوك بيجابور.

مولانا أمين الدين الكنوري

الشيخ العالم الصالح امين الدين بن ركن الدين السنامي الكنوري، كان من العلماء المشهورين في

عصره، ولد بكنور على خمسة عشر ميلاً من سنبهل قرية جامعة على ضفة نهر كنك، نشأ بها، وقرأ

العلم على والده وأخذ عنه الطريقة ولازمه زماناً طويلاً، ثم تصدر للدرس والافادة، أخذ عنه خلق

كثير، وكان صاحب أخلاق فاضلة، مات لثلاث خلون من رمضان سنة اثنتين وأربعين وألف بكنور،

ذكره السنبهلي في الأسرارية.

الشيخ أويس بن محمد الكواليري

الشيخ الفاضل أويس بن محمد بن خطير الدين الطاري الشطاري الكواليري، أحد الأفاضل

المشهورين في عصره، ولد ونشأ بكجرات، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ولازم زاوية والده

بكرجات، أدركه الشيخ محمد بن الحسن المندوي سنة 1003 بمدينة أحمد آباد، وكان من جهة الأم

يصل نسبه إلى الشيخ شاه مير الشيرازي ثم الكجراتي، كما في كلزار أبرار.

أرجمند بانو بيكم

بنت آصف جاه أبي الحسن بن غياث الدين بن محمد شريف الطهراني ولدت ونشأت بأرض الهند،

وكانت بديعة الحسن والجمال، وتزوج بها شهاب الدين محمد شاهجهان بن جهانكير الكوركاني ولها

عشرون سنة، فحببت إليه وحظيت عنده، وولدت له أربعة أبناء وثلاث بنات، منهم الملك الكبير

أورنك زيب عالمكير، وكانت وفاتها بمدينة برهانبور سنة أربعين وألف ولها تسع وثلاثون سنة،

فدفنوها ببلدة زين آباد، ثم نقلوا جسدها بعد ستة أشهر إلى أكبر آباد ودفنوا بها، وبنى على قبرها

بعلها شاهجهان المذكور عمارة بديعة متقنة البناء لا يعلم لها نظير في مدن الإسلام كلها بالمشرق ولا

بالمغرب، وهي آية في الجمال والإتقان والإبداع والفن، درة يتيمة في المباني والقصور، لم ير

الراؤن مثلها، ويقصدها الناس من أقاصي البلدان ويقضون العجب من رؤيتها، وهي المشهورة

بروضة تاجكنج وتاج محل.

حرف الباء

الشيخ بابو بن شيخ الحسيني الكجراتي

الشيخ العالم الفقيه الزاهد بابو بن شيخ الحسيني البخاري الفتني الكجراتي، أحد الرجال المعروفين

بالفضل والكمال، كان من نسل الشيخ جلال الدين حسين ابن أحمد الحسيني البخاري، ولد ونشأ

بمدينة فتن من أرض كجرات، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم درس وأفاد، أخذ عنه خلق كثير من

أهل كجرات، توفي سنة ست وألف كما في كلزار أبرار.

الشيخ با يزيد بن بديع الدين السهارنبوري

الشيخ العالم الفقيه الصالح با يزيد بن بديع الدين بن رفيع الدين الأنصاري السهارنبوري، أحد

المشايخ النقشبندية، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، واشتغل بالعلم على والده مدة، ثم سافر إلى سرهند،

وأخذ عن الشيخ محمد معصوم السرهندي، والتزم أذكار الطريقة النقشبندية وأشغالها، وقرأ العلم بها

مدة من الزمان، حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة، واستخلفه الشيخ، فرجع إلى سهارنبور

وتصدر بها للإرشاد، أخذ عنه غير واحد من الأعلام.

وكان قانعاً عفيفاً متوكلاً مستقيماً على الطريقة الظاهرة والصلاح والدرس والإفادة، مات يوم الاثنين

من سنة مائة وألف، وقبره مشهور ببلدة سهارنبور، كما في بحر زخار.

الشيخ با يزيد القصوري

الشيخ الصالح با يزيد النقشبندي القصوري، أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن الشيخ آدم بن

إسماعيل الحسيني البنوري، وكان شديد الحسبة على الناس، توفي سنة تسعين وألف، كما في بحر

زخار، وفي مهر جهانتاب أنه مات في بضع وتسعين وألف.

ص: 502

الشيخ با يزيد بن الكمال البلكرامي

الشيخ العالم الفقيه با يزيد بن الكمال بن عبد الدائم العثماني الحنفي البلكرامي، أحد العلماء البارعين

في الفقه والأصول، كان يعرف ببزدوي دان أي عالم البزدوي، صرف عمره في الدرس والإفادة،

وكان السيد محمد أشرف الحسيني البلكرامي يقول: إني سمعت ممن أدركتهم من أكابر عشيرتي أن

مثل القاضي با يزيد لم يكن في عصره ومصره، وكان حياً إلى سنة ست وستين وألف، كما في

شرائف عثماني ولم يذكره غلام على في مآثر الكرام.

بختاور خان العالمكيري

الشيخ الفاضل بخت ياور خان العالمكيري المشهور ببختاورخان، كان من خاصة عالمكير وأهل

ثقته وملتزمي ركابه، خدمه ثلاثين سنة ومنح ألفاً لنفسه وخمسين ومائتين للخيل منصباً سنة خمس

وثمانين وألف، وكان رجلاً فاضلاً ماهراً في التاريخ والسير والإنشاء، صاحب عقل ودين، حسن

المحاضرة، كثير المحبة لأهل الفضائل، له مصنفات عديدة، منها مرآة العالم كتاب عجيب في

التاريخ، ومنها منتخب حديقة سنائي ومنتخب كليات العطار ومنتخب للمثنوي المعنوي جمعها في

كتاب واحد تاريخه اين لب لباب سه كتابست ومنها مختصر تاريخ الألفي لأحمد بن نصر الله

التتوي، ومنها بياض له جمع فيه النوادر والشوارد، ومنها رياض الأولياء في أخبار المشايخ.

وقد صنف له العلماء كتباً كثيرة منهم القاضي أبو بكر الأكبر آبادي، صنف له كتاباً في الفقه

بالعربية وجمع فيه المسائل المعمول بها، وسماه باسمه، ومنهم ملا محمد نافع، صنف له خلاصة

الخانية بالفارسية، ومنهم الحكيم عبد الله، صنف له رسالة في الطب وسماه همدم بخت.

توفي في الخامس عشر من ربيع الأول سنة ست وتسعين وألف بأرض الدكن، فتأسف بموته

عالمكير، واغتم به وصلى عليه، وحمل جنازته على عواتقه خطوات وشايعها، وأمر بتقديم الخيرات

والمبرات له، ثم بعث نعشه إلى دهلي فدفن بها، كما في مآثر عالمكيري.

الشيخ بدر الدين السرهندي

الشيخ الفاضل بدر الدين إبراهيم الحنفي السرهندي صاحب حضرات القدس ولد ونشأ بسرهند،

وقرأ العلم على الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي وعلى محمد صادق بن الشيخ أحمد المذكور،

قال في حضرات القدس: إني قرأت شرح الموافق وتفسير البيضاوي والعضدية مع حاشيتها للسيد

الشريف على الشيخ أحمد، وقرأت المطول مع حاشيته للسيد الشريف وشرح العقائد مع حاشيته

للخيالي، وتحرير الأقليدس وشرح المطالع مع حاشيته للسيد على خواجه محمد صادق، وقال: إني

صحبت الشيخ أحمد رحمه الله تعالى سبع عشرة سنة، وأخذت عنه الطريقة واستفدت منه فيوضاً

كثيرة - انتهى.

وكتابه حضرات القدس في مجلدين عدد فيه مصنفاته، منها سنوات الأتقياء في وفيات المشايخ ومنها

الروائح في شرح اصطلاحات الصوفية وأشغال السادة النقشبندية والقادرية، ومنها كرامات أولياء

ومجمع الأولياء وترجمة فتوح الغيب للشيخ عبد القادر الكيلاني، وترجمة بهجة الأسرار، وترجمة

روضة النواظر في ترجمة الشيخ عبد القادر ترجمها بأمر دارا شكوه، وله ترجمة عرائس البيان

تفسير الشيخ روز بهان البقلي.

القاضي بدر الدين البدايوني

الشيخ العالم الفقيه القاضي بدر الدين الصديقي البدايوني، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية، ولي القضاة بمدينة بدايون في أيام شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند، واستقل به

مدة حياته، وكان يضرب به المثل في التبحر في العلم، توفي سنة ستين وألف، فعمل تاريخاً لوفاته

القاضي علي محمد البدايوني من قوله قد خسف بدري كما في المختصر.

الشيخ بديع الدين السهارنبوري

الشيخ العالم الصالح بديع الدين بن رفيع الدين بن عبد الستار الأنصاري السهارنبوري، أحد المشايخ

النقشبندية، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وقرأ العربية

ص: 503

أياماً ببلدته، ثم سافر إلى بلاد أخرى، وأخذ عن

الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية، وقرأ عليه الكتب الدرسية، ثم أخذ عنه

الطريقة ولازمه ملازمة طويلة، فلما بلغ رتبة الإرشاد استخلفه الشيخ ووجهه إلى آكره فلبث بها

زماناً وحصل له القبول عند عامة تلك البلدة والوجاهة عند الأمراء، ثم سنحت له حاجة للرجوع إلى

سهارنفور فذهب إلى بلدته بدون أن يستأذن شيخه فوقع في نفس شيخه شيء، فلما أحس بالكدورة

رجع إلى آكره واشتغل بالإرشاد والتلقين، ولكنه لم يحصل له قبول في تلك المرة بل وقعت فتنة

عظيمة من أمره ونهيه، فاضطر إلى الرجوع إلى سهارنبور مرة ثانية فأقام بها مدة حياته، كما في

حضرات القدس توفي سنة اثنتين وأربعين وألف، كما في مهر جهانتاب.

الشيخ برهان الدين البرهانبوري

الشيخ العالم العارف برهان الدين البكري الشطاري البرهانبوري المشهور براز إلهي كان من

مشاهير الأولياء، ولد بقرية معمولي من أرض خانديس، ونشأ ببلدة برهانبور، وكان من قبل الأب

من ذرية سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، ومن قبل الأم من أولاد سيدنا الإمام حسين

السبط عليه السلام، وكان اسم والدته فاطمة.

وهو نشأ في تصون تام وعفاف وتأله واقتصاد في الملبس والمأكل، ولم يزل يجتهد في خدمة الفقراء

بزاوية الشيخ عيسى بن قاسم الشطاري، ويسوي الطين للاستنجاء له، ويستفيد منه حتى نال حظاً

وافراً من العلم والمعرفة، وبلغ رتبة لم يصل إليها أحد من أصحاب الشيخ، فقام مقامه في الإرشاد

والتلقين، وسلك على قدم التجريد والتفريد والصدق والديانة، تذكر له كشوف وكرامات، وكان يأتي

لديه الأمراء والملوك فيستمدون منه في مهماتهم ويتبركون به.

قال الخوافي في منتخب اللباب: إن عالمكير لما قصد أكبر آباد وعزم على قتال صنوه دارا شكوه،

نكر زيه وذهب إلى حضرة الشيخ بغتة، لأن الشيخ كان لا يرضى بلقاء الملوك والسلاطين، فسأل

الشيخ عن اسمه فقال: أورنك زيب، فسكت الشيخ ولم يلتفت إليه حتى نهض عالمكير، ثم جاء في

اليوم الثاني فقال الشيخ: إن كنت أحببت هذه الزاوية فأتركها لك وأختار أخرى سواها، فخرج

عالمكير وراجع أحد خدمة الشيخ وكان محبباً إليه، فأشار عليه بأن يحضر عند ما يخرج الشيخ

للصلاة فيطلب منه فاتحة الرخصة قائماً، فحضر عالمكير عند ذلك فسأل الشيخ عنه، فطفق عالمكير

يشكو أخاه دارا شكوه بعدم احتفاله بالشرع والدين وطلب منه فاتحة الرخصة، فقال الشيخ في اللغة

الفارسية: از فاتحه ما فقيران كم اعتبار جه ميشود! شماكه بادشاهيد به نيت عدالت ورعيت بروري

فاتحه بخوانيد ما هم دست برميداريم يعني ماذا يكون أهون من فاتحة أمثالنا من الفقراء، أنت من

السلاطين! اقرأ الفاتحة بنية العدل وحسن العهد بالرعية، نحن أيضاً نرفع أيدينا - فأسر نظام الدين

البرهانبوري إلى عالمكير بالتبشير بالفوز - انتهى.

وفي التأليف المحمدي أن عاقل خان الرازي جمع ملفوظاته في كتابه ثمر الحياة أقول: وقد جمع أحد

أصحابه ملفوظاته في روائح الأنفاس وللشيخ برهان الدين أيضاً مصنفات منها شرح أسماء الله

الحسنى وشرح آمنت بالله وغيرهما، مات في الخامس عشر من شعبان سنة ثلاث وثمانين وألف

بمدينة برهان بور فدفن بها وعمره جاوز ثمانين سنة.

الشيخ برهان الدين الكجراتي

الشيخ الفاضل برهان الدين بن الله بخش بن محي الدين بن شهاب الدين بن خوند مير المهدوي

الكجراتي، أحد أفاضل المهدوية، له شواهد الولاية كتاب بسيط في إثبات المهدوية للسيد محمد بن

سيد يوسف الجونبوري، صنفه سنة اثنتين وخمسين وألف، كما في هدية مهدوية.

الشيخ برهان الدين العلوي البيجابوري

الشيخ الصالح برهان الدين بن مرتضى بن هاشم بن برهان الدين العلوي الكجراتي ثم البيجابوري،

أحد المشايخ المشهورين، ولد ونشأ بمدينة بيجابور، وأخذ عن جده، وتولى الشياخة بعده، مات لسبع

خلون من ذي القعدة سنة أربع وثمانين

ص: 504

وألف، كما في محبوب ذي المنن.

الشيخ برهان الدين الفتني

الشيخ الفاضل الكبير برهان الدين لار محمد الحسيني الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في العلوم

الحكمية، له تنقيح الكلام في شرح تهذيب الكلام في مجلد، أوله: نحمدك يا من تقدست سبحات الجمال

عن سمت الحدوث والزوال إلخ صنفه سنة خمس عشرة وألف في أربعة أشهر تقريباً.

الشيخ بلال اللاهوري

الشيخ العالم الفقيه الزاهد بلال بن عبد الله الحنفي القادري اللاهوري أحد العلماء المشهورين في

عصره، كان ممن أخذ الطريقة عن الشيخ شمس الدين اللاهوري وتصدر للإرشاد والتلقين، وكان

غاية في الزهد والعبادة، قد تردد إليه شاهجهان بن جهانكير الكوركاني غيرة مرة بلاهور.

توفي لليلتين بقيتا من شعبان سنة ست وأربعين وألف وله سبعون سنة، وقبره بمدينة لاهور، كما في

التأليف المحمدي.

الشيخ بهلول الدهلوي

الشيخ العالم الكبير المحدث بهلول بن الكبير القادري الدهلوي، أحد العلماء المبرزين في الفقه

والحديث والتفسير، كان أصله من شكاربور، انتقل منها إلى دهلي وقرأ العلم على مفتي جمال الدين

الدهلوي، ثم سافر إلى كجرات وأخذ الحديث عن الشيخ عبد الله بن سعد الله والشيخ رحمة الله بن

القاضي عبد الله وصحبهما مدة طويلة ثم رجع إلى دهلي، وأخذ الطريقة عن الشيخ قميص بن أبي

الحياة السادهوروي، وعكف على الدرس والإفادة، وكان يضرب به المثل في صلاح العمل وكثرة

التعبد والاستقامة على الطريقة، كما في أخبار الأصفياء.

قال البدايوني في كتابه المنتخب: إنه جد في الاشتغال بالحديث ومهر، وأدرك الكبار من أهل الفقر

والفناء، وذاق حلاوة المعرفة، ووفق للاستقامة، وهو مكب على الإفادة والإفاضة منذ مدة طويلة لا

يلتفت إلى أهل الدنيا، انتهى.

توفي عشية الرابع عشر من شهر رجب سنة سبع وألف بدار الملك دهلي، فدفن في جوار أثر قدم

الرسول بها صلى الله عليه وسلم، كما في مهر جهانتاب.

الأمير بهاء الدين الأكبر آبادي

الأمير الفاضل بهاء الدين بن عبد الهادي بن مير ميران بن نعمة الله الحسيني اليزدي ثم الأكبر

آبادي، كان من الأفاضل المشهورين في عصره، ذكره السهارنبوري في مرآة جهان نما وقال: إنه

كان من نوادر العصر في الجفر الجامع والتكسير والأعداد، له مصنفات في التاريخ والتصوف،

وأبيات رقيقة رائقة بالفارسية، ولاه عالمكير على تحرير السوانح والبخشيكري بكجرات.

الشيخ بينا السرهندي

الشيخ الفاضل بينا بن الحسن العثماني السرهندي، أحد الأطباء الماهرين في صناعة الطب، له يد

بيضاء في الأعمال باليد وفي معالجة الفيل كما في المنتخب.

حرف الباء الهندية

الشيخ بير محمد البرهانبوري

الشيخ العالم الصالح بير محمد بن عبد الحليم بن جلال محمد القادري البرهانبوري، أحد العلماء

المبرزين في العلم والمعرفة، قرأ على المفتي يوسف البنكالي ولازمه زماناً، ثم تصدر للدرس والإفادة

وصرف شطراً من عمره في ذلك، وكان يشتغل بالتدريس من الصباح إلى المساء، لا يتعطل عن

ذلك في يوم من أيام الأسبوع، ولذلك لم يرغب قط إلى خدمة الملوك والأمراء.

توفي سنة ثلاث عشرة وألف بمدينة برهانبور، فدفن بها، كما في كلزار أبرار.

ص: 505

الشيخ بير محمد السلوني

الشيخ الصالح بير محمد بن عبد النبي بن أبي الفتح بن إله داد بن من الله ابن بهاء الدين العمري

الجونبوري، ثم السلوني، أحد المشايخ المشهورين.

ولد سنة ست وتسعين وتسعمائة بمدينة سلون - بفتح السين المهملة - وسافر للعلم إلى مانكبور،

وجد في البحث والاشتغال حتى لقي الشيخ عبد الكريم بن سلطان المانكبوري ذات يوم عند ذهابه إلى

المدرسة، فسأله الشيخ عما يقرأ فقال: هداية الفقه وتفسير البيضاوي، فقال له: هلم إلي أعلمك ما

تشاء، فلم يلتفت إليه بير محمد لعدم وقوفه على مراتبه العلية وأخذ مذهبه، فلما وصل إلى أستاذه

وقعد بين يديه لم يقدر على القراءة ولا أستاذه على تعليمه، فتعجب شيخه من ذلك وسأله عن ذلك،

فذكر ما جرى بينه وبين الشيخ عبد الكريم، فذهب أستاذه إلى عبد الكريم ومعه تلميذه واعتذر إليه،

ولازمه بير محمد ستة أشهر، وقرأ عليه الهداية والبيضاوي، وأخذ عنه الطريقة، ولما بلغ رتبة

الإرشاد استخلفه الشيخ عبد الكريم ورخصه إلى بلدته، وكانت عامرة في ذلك الزمان بطائفة من

الهنود يقال لهم السناسيون إذ قال لهم: ما تعبدون؟ قالوا: نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين، ثم اتبعوه

وأسلموا لله رب العالمين، فصار مقصداً في الإرشاد والتلقين، وأخذ عنه غير واحد من المشايخ، منهم

السيد علاء الدين السنديلوي، والسيد بدر الدين البريلوي وغيرهما، ثم أقطعه عالمكير بن شاهجهان

الكوركاني سلطان الهند قريتين، فتوارثتهما أعقابه إلى الآن ولم تتعرض لهما الدولة الإنجليزية.

توفي لثمان بقين من محرم الحرام سنة تسع وتسعين وألف بمدينة سلون فدفن بها - أخبرني به

الشيخ نعيم عطاء بن مهدي عطاء السلوني أحد سلائله.

الشيخ بير محمد اللكهنوي

الشيخ العالم الكبير العلامة بير محمد بن أولياء الجون بوري ثم اللكهنوي، أحد المشايخ المشهورين

بالفضل والكمال، ولد بقرية اثاوان من أعمال مندياهو قرية جامعة في ناحية جون بور لأربع ليال

بقين من رمضان سنة سبع وعشرين وألف، وتوفي والده في صغر سنه، فتربى في مهد عمه وسار

إلى مانكبور واشتغل بالعلم على أساتذتها، وأدرك بها الشيخ عبد الله السياح الدكني فبايعه، وسافر إلى

لكهنؤ وقرأ الكتب الدرسية على القاضي عبد القادر العمري اللكهنوي، ووفد عليه عبد الله المذكور

عند رجوعه من بنكاله، فلازمه وأخذ عنه الطريقة الجشتية، وأمره عبد الله أن يجتهد في البحث

والاشتغال ويستكمل التحصيل، ثم يشتغل بالطريقة ويبذل جهده فيها، فسافر إلى دهلي وقرأ فاتحة

الفراغ في دروس العلامة حيدر، وأدركه عبد الله بدهلي فأجازه في جميع الطرق والسلاسل، وأجازه

في العوارف والجواهر الخمسة فرجع إلى مدينة لكهنؤ وسكن بها.

وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه خلق كثير من العلماء، وانتهت إليه رئاسة العلم والتدريس، له مصنفات

جليلة، منها سراج الحكمة حاشية شرح الهداية للصدر الشيرازي، وحاشية على هداية الفقه، وله

الفتاوي الفقهية ورسائل إلى أصحابه في التصوف، ومن مصنفاته المنازل الأربعة في السلوك مرتبة

على أربعة منازل: الأول في تربية الطالبين - وفيه مقامات، والثاني في أحكام الشريعة المصطفوية

على صاحبها الصلاة والتحية - وفيه ثلاث عشرة مقامة، والثالث في أحكام الطريقة - وفيه خمس

مقامات، والرابع في أحكام الحقيقة - وفيه مقامة واحدة، صنفه سنة سبع وستين وألف بمدينة لكهنؤ،

أوله: حمد بي نهايت وشكر بي غايت مرذا تي را إلخ، وله غير ذلك من الرسائل.

توفي في الرابع عشر من جمادي الأخرى سنة خمس وثمانين وألف بمدينة لكهنؤ، فدفن بها بتل

على ساحل كومتي يعرف بتل الشيخ بير محمد، وقد أرخ لوفاته بعض العلماء من قوله تعالى "لا

خوف عليهم ولا هم يحزنون" كما في بحر زخار.

الشيخ بير محمد الجنيدي

الشيخ العالم الفقيه بير محمد الجنيدي، أحد العلماء الصالحين، أخذ عن الشيخ أحمد الديوبندي ولازمه

مدة حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة، وسكن بجنيد - بفتح الجيم وسكون التحتية بعدها نون

ودال مهملة - قرية جامعة من أعمال حصار، وكان

ص: 506

عالمكير بن شاهجهان التيموري سلطان الهند

يرسل إليه الكتب بخطه ويحسن إليه، ذكره السهارنبوري في مرآة جهان نما وقال إنه كان يدرس

ويفيد، انتهى.

حرف التاء

الشيخ تاج الدين الكجراتي

الشيخ العالم المحدث تاج الدين بن إسماعيل بن محمود بن إبراهيم بن إسماعيل ابن يعقوب بن

شهاب الدين القادري البهاري ثم الفتني الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث، كان من

نسل القاضي أبي صالح نصر بن عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر الكيلاني، أخذ الطريقة عن والده،

وسافر إلى كجرات، فسكن بمدينة فتن، وكان شيخاً صالحاً معمراً محدثاً، يحفظ الصحاح الستة، وكان

له أربعة أبناء: جمال، وأحمد، وإسحاق، وإبراهيم، قام مقامه أصغرهم إبراهيم الفتني.

توفي في الحادي عشر من جمادي الأولى سنة سبع بعد الألف بمدينة فتن، بالتشديد، كما في مرآة

أحمدي.

الشيخ تاج الدين الدهلوي

الشيخ الفاضل تاج الدين زكريا بن عيسى الحنفي الصوفي الدهلوي، أحد العلماء المبرزين في

المنطق والحكمة والتصوف، أخذ عن والده وعن الشيخ عبد الملك بن عبد الغفور الباني بتي، ولازمه

مدة من الزمان حتى نال حظاً وافراً من الحقائق والمعارف، استقدمه السلطان أكبر بن همايون

الكوركاني وجعله من ندمائه.

قال البدايوني في المنتخب: إنه مكن في قلب السلطان الزندقة وبعد مدة من الزمان ترك الالتفات إليه

فصار مطروداً، وله مصنفات منها شرح اللوائح وشرح على نزهة الأرواح انتهى.

الشيخ تاج الدين السنبهلي

الشيخ العالم العارف تاج الدين بن زكريا بن سلطان العثماني النقشبندي الحنفي السنبهلي الولي

المشهور، ولد ونشأ في بلدة سنبهل، وقرأ العلم وساح البلاد في طلب شيخ الطريقة، فلما وصل إلى

أجمير تلقن من روحانية الشيخ معين الدين حسن الأجميري طريق النفي والاثبات على كيفية

مخصوصة في الطريقة الجشتية يسمونها حفظ الأنفاس، وأمر أن يجلس ويشتغل في الذكر في بلدة

ناكور فيها قبر الشيخ حميد الدين الصوفي الناكوري، فسافر إلى ناكور وأقام بها يشتغل بالذكر مدة

مديدة، ثم خرج في طلب شيخ، فساح في الجبال والبراري والأغوار والأنجاد حتى وصل إلى الشيخ

الله بخش الشطاري الكده مكتيسري، فتلقاه الشيخ بحسن القبول وأظهر له أنه كان منتظراً له، وكانت

طريقة الشيخ أن لا يلقن أحداً إلا بعد إدخاله في الخدمات والرياضات الشاقة التي تنكسر بها النفس

وتحصل بها التزكية، فكان يحمل الماء إلى المطبخ فوق طاقته، فبعد ما تم له ثلاثة أشهر قال له

الشيخ: قد تم أمرك، ثم لقنه ذكر العشقية فاشتغل به، ولم يزل في خدمته حتى وصل إلى الكمال

والتكميل، وأجازه الشيخ بالطريقة العشقية والقادرية والجشتية والمدارية، وحصلت له الإجازة من

رئيس كل طريق، وكذلك حصلت له الإجازة في الطريقة الكبروية من روحانية الشيخ نجم الدين

الكبري، وله رسالة في بيان سلوكهم، وكان خدم الشيخ عشر سنين.

ثم لما وصل الشيخ الأجل محمد عبد الباقي النقشبندي بلاهور كتب إليه كتاباً وكان الشيخ تاج الدين

حينئذ في سنبهل، فلما أتاه كتابه عزم على زيارته، فلما وصل إليه توجه إلى سلوك الأكابر

النقشبندية، فتم سلوكه في ثلاثة أيام، ثم أجازه الشيخ بتربية المريدين وهو أول من أجازه، وصحبه

عشر سنين، وكانت الصحبة بينهما كصحبة شخصين لا يدري أيهما عاشق وأيهما معشوق، وكانا

يأكلان في إناء واحد، ويرقدان على سرير واحد، فلم يزل مقيداً بالتسليك بسلوك النقشبندية بعد ما

أجازه الشيخ عبد الباقي المذكور ورخص له، وكان يقول: إن الأكابر النقشبندية هم أرباب الغيرة،

ويذكر أن بعد إجازة الشيخ اشتغل بالتربية على طريق الأكابر، وكان إذا أتاه طالب يريد الطريقة

العشقية أو غيرها يلقنه فيها ويربيه، حتى أنه في بعض الأيام حضرت روحانية الشيخ الكبير عبيد

الله

ص: 507

الأحرار رضي الله عنه للشيخ عبد الباقي رحمه الله تعالى وقال: إن تاج الدين يأكل من مطبخنا

ويشكر غيرنا فأخرجناه من النسبة، فقال الشيخ عبد الباقي رحمه الله تعالى: اعف عنه هذه المرة

حتى أخبره، فكتب إليه هذه الواقعة، فترك كل ما كان غير هذه السلسلة وحصر التربية والتلقين فيها،

فلما توفي الشيخ عبد الباقي رحمه الله تعالى اغتم بموته وحزن عليه حزناً شديداً وأخذ في السياحة،

فسافر إلى بلاد الهند والعراق والعرب حتى ألقى عصا التسيار بمكة المحترمة وسكن بها، وأخذ عنه

خلق كثير من العلماء والمشايخ.

قال ابن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان شيخ الطريقة النقشبندية ورابطة الإرشاد إلى

المنازل للسالكين في السلوك، وواسطة الإمداد للمواهب الرحمانية من ملك الملوك، وشيخاً كبيراً مهاباً

حسن التربية والدلالة على الوصول إلى الله تعالى، صحبه خلق كثير من المريدين، وممن صحبه

ولازمه الأستاذ أحمد أبو الوفاء العجل العجيل، وولد أحمد المذكور والشيخ محمد مرزا ابن محمد

المعروف السروجي الدمشقي والأمير يحيى بن علي باشا وغيرهم، وألف كتباً، منها تعريب النفحات

للعارف عبد الرحمن الجامي، وتعريب الرشحات، ورسالة في طريق السادة النقشبندية جمع فيها

الكلمات القدسية المأثورة المروية عن حضرة الخواجه عبد الخالق الغجدواني المبني عليها الطريق،

وشرحها بأحسن بيان، والصراط المستقيم والنفحات الإلهية في موعظة النفس الزكية، وجامع الفوائد،

وقد أفرد ترجمته تلميذه السيد محمود بن أشرف الحسيني في رسالة سماها تحفة السالكين في ذكر تاج

العارفين انتهى، وقد نقل المحبي عن الرسالة المذكورة أشياء من كشوفه وكراماته لا نطيل الكلام

بذكرها.

وقال الشيخ أحمد النخلي المكي في بعض رسائله: وهذا الشيخ تاج رحمه الله ونفعنا به في الدنيا

والآخرة! كان ولياً لله عارفاً به، أقام بمكة المشرفة على حلول ألف وأربعين من الهجرة مدة مديدة،

ومات بها - انتهى ما نقله الشيخ ولي الله الدهلوي عن شيخه أبي طاهر بن إبراهيم الكردي المديني.

وقد أخذ عنه غير من ذكر الشيخ عبد الباقي بن زين المزجاجي الزبيدي، والشيخ عبد الله بن شيخ

بن عبد الله بن عبد الرحمن الحضرمي العيدروس، والشيخ محمد علان المكي - بتشديد اللام -

والشيخ إبراهيم بن حسن الحنفي الاحسائي، والشيخ أبو بكر بن سعيد بن أبي بكر الحضرمي،

والشيخ عبيد الله ابن محمد باقي الدهلوي، والسيد محمود بن أشرف الحسيني الأمروهوي وخلق

آخرون، ومن مصنفاته غير ما ذكر رسالة في أنواع الأطعمة وكيفية طبخها، ورسالة في كيفية غرس

الأشجار، وأخرى في أنواع الطب، ذكرها محمود بن أشرف الحسيني الأمروهوي في تحفة السالكين.

ومن ألفاظه القدسية:

ومن ألفاظه القدسية ما قال في مفتتح رسالته في سلوك الطريقة النقشبندية: اعلم وفقك الله أن معتقد

السادة النقشبندية قدس الله أسرارهم هو معتقد أهل السنة والجماعة، وطريقهم دوام العبودية التي لا

تتصور بغير أداء العبادة، وهي عبارة عن دوام الحضور مع الحق سبحانه شعوراً بالغير مع الذهول

عن صفة الحضور بوجود الحق سبحانه، ولا يحصل هذه السعادة العظيمة بغير تصرف الجذبة

الإلهية، ولا سبب في طريقة الجذبة أقوى من صحبة الشيخ الذي سلوكه بطريق الجذبة، قال الشيخ

أبو علي الدقاق قدس سره: الشجرة التي تنبت بنفسها لا ثمر لها، وإن كان لها ثمر يكون بغير لذة،

وسنة الله تعالى جارية على أنه لا بد من السبب، فكما أن التوالد والتناسل الصوري لا يحصل بغير

الوالد والوالدة كذلك التوالد المعنوي حصوله بغير المرشد متعذر، قال في الرسالة المكية: من لا شيخ

له فالشيطان شيخه، انتهى.

توفي قبل غروب يوم الأربعاء الثامن عشر من جمادي الأولى سنة خمسين وألف، ودفن صبح يوم

الخميس في تربة أعدها له في حياته في سفح جبل قعيقعان، وضريحه ظاهر للزيارة، قعيقعان

كزعيفران جبل بمكة وجهه إلى أبي قبيس، لأن جرهم كانت تضع فيه أسلحاتها فتقعقع فيه، أو لأنهم

تحاربوا فقعقعوا بالسلاح، كما في خلاصة الأثر.

ص: 508

الشيخ تاج الدين الجهونسوي

الشيخ العالم النحوي الفقيه تاج الدين بن منهاج الدين الصديقي الجهونسوي الإله آبادي أحد المشايخ

المشهورين، انتقل أسلافه من دهلي إلى شيخ بوره فسكنوا بها، والشيخ قد قرأ بعض المختصرات

على عمه نصير الدين الجهونسوي، ثم سافر إلى جونبور وقرأ الدرسيات إلى منار الأصول على

الشيخ نور الله بن طه الأنصاري الجونبوري، وتطبب على الشيخ المعمر حاجي محمد المداري،

وصنف الرسائل في معرفة النباتات والحيوانات، وصنف كتاباً مفيداً في الطب سماه تاج مجربات

وهي في مائة كراسة، وكانت له يد بيضاء في معالجة الأمراض وهو وإن لم يوفق بتكملة الكتب

الدرسية كلها ولكن الله سبحانه رزقه الملكة الراسخة في كل علم وذهناً وقاداً وفكراً نقاداً فتيسر له

معسرات العلوم، ولذلك ترى مصنفاته في الفقه والسلوك والتصوف والطب والنحو، وكان المرجع

والمآب في النحو.

وبالجملة فإنه كان نادرة عصره، أخذ الطريقة السهروردية، عن الشيخ أبي الفتح الحسيني الأسدي

الظفر آبادي الذي يصل ببضع وسائط إلى الشيخ صدر الدين الظفر آبادي، وأخذ الطريقة الجشنية

عن ابن عمه خواجه كلان بن نصير الدين ولازمه ملازمة طويلة، ثم قام مقامه في الإرشاد والتلقين،

وكان مع التزامه أذكار الطريقة الجشتية وأشغالها لا يباشر السماع ويجتنبه، يذكر له كشوف

وكرامات.

توفي يوم الخميس خامس عشر من ذي الحجة سنة ثلاثين وألف، كما في كنج أرشدي.

السيد تقي الدين الشيرازي

الشيخ العالم الكبير العلامة تقي الدين فارغي الحسيني الشيرازي، كان ابن أخ الشيخ العلامة فتح الله

الشيرازي، أخذ عنه العلوم الحكمية ودرس وأفاد زماناً، وكان من أهل السنة والجماعة ويقول: ليس

في قبيلتي أحد من أهل السنة غير نفسي وأخي، كما في المنتخب.

قال البدايوني في تاريخه: إنه كان عالي الهمة، أخذت عنه شطراً من بست باب في الأصطرلاب

انتهى.

الشيخ تقي الدين التستري

الشيخ الفاضل الكبير تقي الدين التستري، أحد العلماء المشهورين في التاريخ والإنشاء والشعر

والفنون الرياضية، قدم الهند وتقرب إلى عبد الرحيم ابن بيرم خان ثم إلى السلطان جلال الدين أكبر،

وتدرج إلى الإمارة حتى ولي الصدارة في أيام جهانكير، ولقبه الملك المذكور مؤرخ خان، مات في

سنة عشرين وألف، كما في يد بيضاء.

حرف الثاء المثلثة

القاضي ثناء الدين المجهلي شهري

الشيخ العالم الفقيه القاضي ثناء الدين الجعفري المجهلي شهري، كان من نسل جعفر الطيار بن عم

النبي صلى الله عليه وسلم وحبه وصاحبه، وله أعقاب كثيرة بمدينة مجهلي شهر.

القاضي ثناء الله الجونبوري

الشيخ العالم الفقيه ثناء الله بن هداية الله بن محمد منعم بن أبي الحسن ابن محمد بن القاضي

خواجكي العمري الجونبوري، كان من الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ بجونبور وولي القضاء ببلدته، مات

في سابع شوال سنة ثلاث وسبعين وألف، وقبره في سوق ألف خان من بلدة جونبور، كما في تجلي

نور.

حرف الجيم

مولانا جان الله اللاهوري

الشيخ الفاضل جان الله الحنفي الصوفي اللاهوري، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، قرأ

العلم على أساتذة لاهور، ودرس بها مدة من الزمان، ثم أخذ الطريقة الجشتية عن الشيخ نظام الدين

التهانيسري ولازمه زماناً، وسافر معه إلى الحرمين الشريفين فحج وزاره ثم سار معه إلى بلخ ورجع

إلى الهند، وكان صاحب كشوف وكرامات.

ص: 509

توفي في تاسع جمادي الأخرى سنة تسع وثلاثين وألف، كما في خزينة الأصفياء.

مولانا جان محمد اللاهوري

الشيخ العالم الصالح جان محمد الحنفي الصوفي اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية، أخذ العلم والمعرفة عن الشيخ إسماعيل المدرس اللاهوري، وكان يدرس بلاهور في مسجد

القصاب خارج البلدة، وكان يأكل بعمل يده.

توفي سنة اثنتين وثمانين وألف بمدينة لاهور فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.

مرزا جعفر بن بديع القزويني

الأمير الكبير جعفر بن بديع الزمان القزويني مرزا قوام الدين آصف خان، كان من العلماء

المشهورين في التاريخ والسير والإنشاء وقرض الشعر، ولد ونشأ بأرض الفرس، وقدم الهند سنة

985 هـ في أيام السلطان جلال الدين أكبر بن همايون التيموري، فتقرب إليه وتدرج إلى الإمارة حتى

نال الوزارة الجليلة في عهده، ولقبه السلطان آصف خان، وبعثه في مهمة إلى أرض الدكن في أيام

جهانكير فمات بها.

وكان فاضلاً مؤرخاً شاعراً مجيد الشعر، أمره أكبر شاه بإتمام التاريخ الألفي بعد ما قتل أحمد نصر

الله التتوي فكمله، ولخص الأخبار من أيام جنكيز خان إلى عهد السلطان المذكور، وله مزدوجة

بالفارسية سماها نور نامه في أخبار شيرين خسرو، وله ديوان شعر بالفارسية ومن شعره قوله:

مراكه محض كناهم ز انتقام مترسان دلير بر كنهم ذوق انتقام تو دارد

توفي سنة إحدى وعشرين وألف، كما في مآثر الأمراء.

الشيخ جعفر بن الجلال الكجراتي

الشيخ العالم الصالح جعفر بن الجلال بن محمد الحسيني البخاري الكجراتي، كان يعرف ببدر عالم،

ولد في الثاني عشر من شعبان سنة ثلاث وعشرين وألفن ونشأ في مهد العلم والطريقة، وانتفع بوالده

وبغيره من العلماء، وكان أفضل من والده في الحديث والتفسير والتصوف وفنون أخرى، جلس على

مسند الإرشاد في حياة أبيه بعد جده محمد بن الجلال، ولما توفي والده أراد السلطان أن يوليه صدارة

الهند فلم يجبه.

وكان سريع الكتابة، يكتب القرآن الكريم في أربع وخمسين ساعة نجومية، له كتاب الروضات في

مجلدات كبار ورسائل أخرى في الحديث والتفسير، كما في مرآة أحمدي.

قال عبد الحميد اللاهوري في بادشاهنامه إنه كان فوق أبيه وجده في العلم والمعرفة، وحفظ

الأحوال، واقتفاء سنن المشايخ، والوقوف على مصطلحات القوم، واقتناء العلوم المتعارفة، وكثرة

الدرس والإفادة، انتهى، ومن أبياته:

راز ما در زمانه افتاد است بزمها را فسانه افتاد است

ميكند يار آنجه ميخواهد دور كردون بهانه افتاد است

توفي في تاسع ذي الحجة الحرام سنة خمس وثمانين وألف فدفن عند والده كما في المرآة.

جعفر بن الصادق الدهلوي

الأمير الكبير جعفر بن صادق بن طاهر بن محمد شريف الهروي الدهلوي، عمدة الملك نواب جعفر

خان، كان من الوزراء المشهورين في الدولة التيمورية، ولي على بنجاب ثم على غيرها من الأقطاع

الواسعة الفسيحة في أيام شاهجهان بن جهانكير التيموري، ثم نال الوزارة الجليلة فاستقل بها مدة

حياته.

وكان رجلاً فاضلاً كريماً بشوشاً، طيب النفس، زكي الخصال، سليم الفطرة، لم يكن في زمانه مثله

في الذوق الصحيح.

توفي سنة إحدى وثمانين وألف بدار الملك دهلي فدفن بها، كما في مآثر الأمراء.

ص: 510

الشيخ جعفر بن علي الكجراتي

الشيخ العالم الفقيه المحدث جعفر بن علي بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله ابن شيخ بن عبد الله

العيدروس الشافعي الحضرمي ثم الهندي الكجراتي الشريف العلي القدر، المشهور بجعفر الصادق.

ذكره الشلي في المشرع الروي، قال: إنه ولد بمدينة تريم سنة سبع وتسعين وتسعمائة، وصحب أباه

ولازمه مدة في فنون عديدة، وحفظ القرآن وجوده، وحفظ الإرشاد والملحة والقطر وغيرها، وأخذ عن

ابن عمه عبد الرحمن السقاف بن محمد العيدروس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن شهاب والشيخ زين

بن حسين با فضل وأبي بكر الشلي با علوي، وبرع في التفسير والفقه والحديث والتصوف والعربية

والحساب والفلك والفرائض، وكان ناضر العيش، رخي البال، وأتحفه الله تعالى بحسن الفهم وجمال

الصورة وكمال الخلقة، ورزقه قبولاً تاماً، وكان بليغاً في نظمه وإنشائه، ثم حج وأخذ بالحرمين عن

جماعة، ثم عاد إلى تريم ولم يدخل إلى بلد إلا وأكرمه واليها غاية الإكرام، ولما قرب من تريم خرج

الناس للقائه ودخل في جمع لم يتفق لأحد من أهل بيته، وكثرت مزاحمة الرجال وأرباب الدفوف

والشبابات بين يديه، والمداح تمدحه وتثنى عليه، وسبب ذلك أن أباه كان متولياً أمر الأشراف، وكان

له إليه محبة زائدة، وأقام بتريم مدة ثم سافر إلى الهند لطلب العلوم العقلية والرتبة العلية، فدخل بندر

سورت للأخذ عن عمه الشريف محمد فأفاض عليه من فيض بحاره، ثم قصد إقليم الدكن فاتصل ثمة

بالوزير الملك عنبر، فنظمه في سلك ندمائه، وناظر العلماء بحضرته فظهر عليهم، ثم تصدر

للتدريس، واعتنى بلسان الفرس فحصله في مدة يسيرة، ولما رأى بعض الناس العقد النبوي لجده

الإمام شيخ بن عبد الله طب منه أن يترجمه بالفارسية فترجمه بأحسن عبارة، ولم يزل حتى مات

الملك عنبر وأقيم ولده فتح خان مقامه فزاد في إجلال صاحب الترجمة إلى أن قدر الله تعالى على

تلك الدولة ما قدر من نفادها وتشتت أربابها، فعاد الصادق إلى بندر سورت وقرر على ما كان عليه

عمه محمد العيدروس من المعلوم والغلال، وزادوه كثيراً من الأراضي، فكان ينفقها على الوارد،

وألقى بالبندر عصاه، واشتهر أمره وطنت حصاته، وكان له من الولاية نصيب وافر، قال المحبي: له

كرامات ومكاشفات أخبرني بها بعض الثقات من أهل مكة المشرفة، وله كتب مفيدة في فنون عديدة،

وديوانه في هذا الزمان تعلو طبقته على كيوان، انتهى.

وفي الحديقة الأحمدية أن شاهجهان بن جهانكير التيموري سلطان الهند منحه قرى عديدة من أعمال

بروج من أرض كجرات، وله تحفة الأصفياء تعريب سفينة الأولياء لدار شكوه بن شاهجهان، عربه

بأمر المصنف، انتهى.

كانت وفاته في سنة أربع وستين وألف، ودفن في مشهد عمه محمد العيدروس، وقبره معروف يزار،

كما في المشرع الروي.

الشيخ جعفر بن الكمال البحراني

الشيخ الفاضل جعفر بن كمال الدين الشيعي البحراني ثم الحيدر آبادي، أحد الأفاضل المشهورين في

عصره، ولد ونشأ بمدينة بحرين، وأخذ العلم عن السيد نور الدين علي بن علي بن أبي الحسن

العاملي والشيخ علي بن سليمان البحراني، ثم قدم إلى الديار الهندية ودخل حيدر آباد فصار المرجع

والمقصد في أرض الدكن، أخذ عنه علي بن أحمد بن محمد معصوم الدستكي الشيرازي صاحب

سلافة العصر، وكانت وفاته ببلدة حيدر آباد في سنة ثمانين وألف، كما في نجوم السماء.

الشيخ جعفر بن نظام الأميتهوي

الشيخ العالم الصالح جعفر بن نظام الدين الحنفي الصوفي الأميتهوي، كان من أهل بيت العلم

والطريقة، ولد سنة خمس وسبعين وتسعمائة بمدينة أميتهي ونشأ بها، وقرأ العلم على القاضي حسين

الستركهي، وفرغ في الرابع عشر من سنه، ثم لبس الخرقة من خاله عبد الرزاق بن خاصه بن

خضر الصالحي الأميتهوي وسكن خارج البلدة بقرية بروا، فأقطعه جهانكير مائتي فدان من الأرض

الخراجية في تلك القرية، شفع له المفتي صدر جهان البهانوي، فبنى بها مسجداً، ثم بنى له الشيخ

ص: 511

حسن السارنكبوري عمارة عالية البناء للمدرسة ودوراً ومساكن لطلبة العلم، لها آثار باقية حتى اليوم،

وكان آية ظاهرة في القناعة والعفاف والزهد والتوكل والانقطاع إلى الله سبحانه، ويذكر له كشوف

وكرامات ووقائع غريبة لا يحصيها البيان، توفي سنة خمس وأربعين وألف بقرية بروا فدفن بها، كما

في رياض عثماني.

الشيخ جعفر الحسيني البتنوي

الشيخ العالم الفقيه جعفر بن أبي الحسن بن باقي بن مبارز بن إبراهيم الحسيني البتنوي، أحد العلماء

المبرزين في الفقه والأصول والعربية، أخذ الطريقة عن الشيخ محمد رشيد بن مصطفى العثماني

الجونبوري، ولازمه مدة طويلة حتى جاوز الكهولة من عمره، فأمره محمد رشيد أن يتزوج ويرجع

إلى بلدته، فامتثل أمره اتباعاً للسنة السنية، ورجع إلى بلدته وصرف عمره في الدرس والإفادة.

توفي يوم الخميس ثالث رمضان سنة خمس وسبعين وألف، فدفن بشريعة آباد على ثلاثة أميال من

بتنه، كما في كنج أرشدي.

الشيخ جعفر بن عزيز الله الجونبوري

الشيخ الفاضل جعفر بن عزيز الله المداري العلامة نور الدين الجونبوري صاحب نور الأنوار، ولد

يوم الثلاثاء ثامن رجب سنة أربع وعشرين وألف ببلدة جونبور، فأرخ لولادته أبوه فرخ قدم وشيخ

أوحد الدين وهو قرأ أكثر الكتب الدرسية على الشيخ محمد رشيد بن مصطفى العثماني الجونبوري

وبعضها على غيره من العلماء، وأخذ الطريقة عن عمه الشيخ نور محمد المداري الجونبوري، ثم

تصدر للدرس والإفادة، أخذ عنه الشيخ محمد أفضل بن عبد الرحمن العباسي الإله آبادي والشيخ

محمد كاظم العباسي السيد بوري والشيخ محمد ماه الديوكامي وخلق كثير من العلماء.

وكان زاهداً متعففاً قنوعاً حليماً متواضعاً، غير متصنع في المطعم والملبس، نفوراً عن مجالسة

الأغنياء، لا يلتفت إلى الدنيا وأربابها، درس وأفاد اثنتين وثلاثين سنة، وله رسالة تسمى نور الأنوار

وهي في الرد على الأبحاث الباقية للشيخ عبد الباقي بن غوث الإسلام الصديقي الجونبوري أوله

الحمد لله الذي منحنا من نعمائه ما منعنا عن الالتجاء إلى من عداه، ووهبنا من آلائه ما نقض

الارتجاء ممن خلاه، إلخ قال في مفتتح كتابه إن الرشيدية للأستاذ المحقق كذا وكذا قد اشتهر اشتهار

الشمس في نصف النهار لانطوائه على فوائد مهمة، واحتوائه على عوائد جمة، ولما أورد بعض

الناس الذي كل بضاعته اللدد والعناد، وجل صناعته الجدل والفساد، على مباحثه النفائس، ترهات

السائس، وعلى تحقيقاته الشريفة، مزخرفات قريحته المؤوفة، أردت أن أحقق معانيه، وأشيد مبانيه

بحيث يضمحل منه تلك الترهات، ويختل به باب المزخرفات، انتهى ملخصاً.

توفي يوم الثلاثاء من ثامن عشر جمادي الأولى سنة ثلاث وتسعين وألف بعد صلاة الظهر، فدفن

بزاوية الشيخ بديع الدين المدار ببلدة جونبور، وأرخ لوفاته بعض العلماء من قوله بهار علم كذشت،

وبعضهم من قوله صدحيف ملاذ عالم رفت، كما في كنج أرشدي.

الشيخ جلال الدين الجالندري

الشيخ الفاضل جلال الدين بن با يزيد بن عبد الله الأنصاري الجالندري، أحد الرجال المشهورين من

نسل الشيخ سراج الدين الأنصاري، تأدب على والده وأخذ عنه ولما توفي أبوه جاء إلى معسكر

السلطان جلال الدين أكبر بن همايون التيموري سنة تسع وثمانين وتسعمائة وكان في الرابع عشر

من سنه، فالتفت إليه السلطان ولكنه رآه مشغولاً بأمور أخرى فخرج من لديه وذهب إلى جبال روه،

فاغتنم قدومه أصحاب والده واتفقوا عليه وبغوا على ولاتهم، فبعث إليهم السلطان المذكور العساكر

العظيمة فدخلوا في أودية سوات وباجور، ثم ذهب جلال الدين إلى توران، وبعد مدة رجع إلى تلك

الجبال ونار الحرب كانت مشتعلة بينه وبين الجنود السلطانية، فتسلط على غزنة سنة سبع وألف،

فتعاقبته الجنود فقتل.

وكان صاحب دهاء وتدبير وسياسة وشجاعة وعلوم

ص: 512

فاضلة، قتل سنة تسع وألف، كما في مآثر

الأمراء.

الشيخ جلال الدين الكجراتي

الشيخ العالم الصالح جلال الدين محمد بن الجلال الحسيني البخاري الكجراتي، كان يعرف بمقصود

عالم، ولد في الخامس عشر من جمادي الأخرى سنة ثلاث وألف بأرض كجرات، وحفظ القرآن

واشتغل بالعلم على مولانا حسين البستاني ثم على الشيخ عبد العزيز أحد أصحاب والده، ثم أخذ

الطريقة عن والده ولازمه مدة من الزمان، ثم استقدمه شاهجهان بن جهانكير إلى أكبر آباد وولاه

الصدارة في السابع عشر من شعبان سنة اثنتين وخمسين وألف، والسلطان المذكور كان يعترف

بفضله وكماله ويقول: إن وجوده مغتنم جداً في هذا العصر، وأعطاه ستة آلاف لنفسه وألفين للخيل

منصباً رفيعاً، توفي بمدينة لاهور لعشر بقين من ربيع الثاني سنة سبع وخمسين وألف، فنقلوا جسده

إلى أحمد آباد ودفنوه عند والده كما في مرآة أحمدي.

الشيخ جلال الدين الكجراتي

الشيخ العالم الصالح جلال الدين بن الحسن بن عبد الغفور الحسيني البخاري الكجراتي أبو محمد

المشهور بماه عالم، كان من كبار المشايخ، ولد لست خلون من ذي القعدة سنة تسع وخمسين

وتسعمائة بأحمد آباد، وقرأ العلم على الشيخ العلامة وجيه الدين العلوي الكجراتي، ثم أخذ الطريقة

عن السيد شير محمد الحسيني الكجراتي، وأخذ عنه بعض الكتب في التصوف والسلوك، ثم تولى

الشياخة وحصل له القبول العظيم في بلاده.

وكان شيخاً وقوراً صالحاً سخياً كبير المنزلة عند الملوك والأمراء، مات لأربع عشرة خلون من ذي

القعدة سنة ثلاث بعد الألف فدفن بمقبرة أسلافه، كما في مرآة أحمدي.

الشيخ جمال أولياء الكوروي

الشيخ العالم الكبير العلامة جمال أولياء بن مخدوم جهانيان بن بهاء الدين ابن سالار عالم الحنفي

الصوفي الكوروي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، ولد سنة ثلاث وسبعين

وتسعمائة بمدينة كوره ونشأ بها، وتفقه على والده، ثم رحل إلى أرض أوده وقرأ العلم على القاضي

ضياء الدين العثماني النيوتني، ولازمه مدة من الزمان، وأخذ عنه الطرق المشهورة، ولما بلغ رتبة

الإرشاد والاجازة رجع إلى بلدته واشتغل بالدرس والإفادة، أخذ عنه السيد محمد بن أبي سعيد

الحسيني الترمذي الكالبوي، قرأ عليه الكتب الدرسية من المطول إلى البيضاوي، وأخذ عنه الشيخ

لطف الله الكوروي المدرس المشهور والشيخ محمد رشيد بن مصطفى الجونبوري والشيخ ياسين بن

أحمد البنارسي وخلق كثير من العلماء والمشايخ.

وكان مع اشتغاله بالعلم منقطعاً إلى الزهد والعبادة ودعاء الخلق إلى الله سبحانه، أخذ الطريقة عن

جماعة، منهم والده المذكور عن أبيه عن جده عن الشيخ بهاء الدين الجونبوري، ومنهم الشيخ قيام

الدين بن قطب الدين بن من الله بن بهاء الدين المذكور عن أبيه عن جده، ومنهم القاضي ضياء الدين

العثماني النيوتني المقدم ذكره عن الشيخ محمد بن يوسف البرهانبوري، كما في رسائل الشيخ محمد

أفضل بن عبد الرحمن العباسي الإله آبادي.

وإني رأيت في بعض التعاليق أن الجمال توفي لليلة بقيت من رمضان سنة سبع وأربعين وألف.

الشيخ جمال الدين السورني

الشيخ الصالح جمال الدين بن سيد بادشاه بن إسماعيل بن قريش الحسيني النقوي الخوارزمي ثم

الهندي السورتي المعروف بخواجه ديوانه أي الشيخ المجنون، ولد ونشأ بخوارزم، وصحب المشايخ

النقشبندية ولازمهم وأخذ عن خواجه جوثبار النقشبندي، ثم قدم الهند وسكن بآكره زماناً صالحاً، ثم

سافر إلى كجرات وسكن بمدينة سورت وصار مرزوق القبول بها، يذكرون له كشوفاً وكرامات،

وجمع مولانا درويش الباشكندي ملفوظاته في كتاب، وصنف قاضي خان البخاري مقامات العارفين

وولده محمد قاسم مناقب الأخيار في أخباره.

توفي يوم الجمعة خامس صفر سنة ست عشرة

ص: 513

وألف بمدينة سورت فدفن بها، كما في الحديقة

الأحمدية.

الشيخ جمال الدين الشيرازي

الشيخ الفاضل جمال الدين بن فتح الله بن صدر الدين الشيعي الشيرازي، أحد العلماء المبرزين في

العلوم الحكمية، قدم الهند ودخل حيدر آباد فسكن بها، وصنف شرحاً على مصباح الكفعمي في

الأدعية بأمر قطب شاه الحيدر آبادي.

الشيخ جمال الدين الكشميري

الشيخ العالم الصالح جمال الدين بن موسى الشهيد الحنفي الكشميري، أحد العلماء الربانيين، ولد

ونشأ بكشمير، وصحب الشيخ فتح الله الحقاني الكشميري، ولازمه مدة من الزمان وأخذ عنه حتى

جعله الله من العلماء الراسخين، وفتح عليه، أبواب العلم والمعرفة، وكان شديد التواضع والانكسار

والتبتل إلى الله سبحانه، لا يتصنع في الملبس والمأكل ولا يتصدر في المجلس، ويدرس ويفيد،

ويرشد الناس إلى معالم الهدى، ويديهم إلى مسالك الخير، وكان ختناً لشيخه فتح الله كأخيه الشيخ

كمال الدين، أخذ عنه الشيخ نصيب الدين أبو الفقراء والشيخ إسماعيل الجشتي وخلق كثير من

العلماء والمشايخ، كما في روضة الأبرار.

الشيخ جمال الدين الحيدر آبادي

الشيخ الفاضل جمال الدين بن نور الدين بن أبي الحسن الحسيني الموسوي العاملي الشيعي الدمشقي

ثم الهندي الحيدر آبادي الأديب الشاعر، ذكره الحر العاملي في أمل الآمل قال: وإنه شاركني في

الأخذ والقراءة على مشايخي، ثم سافر إلى مكة المباركة ولبث بها مدة من الزمان، ثم جاء إلى المشهد

المقدس ومكث بها زماناً، ثم سافر إلى حيدر آباد الدكن وصار المرجع والمقصد للوافدين عليه.

وقال ابن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان معاشراً لطيف الصحبة شهي النكتة والنادرة،

قرأ بدمشق وحصل، وحضر مجالس العلامة السيد محمد حمزة نقيب الأشراف فأخذ عنه من المعارف

ما تنافست عليه به الآراء، ثم هاجر إلى مكة وأبوه ثمة من الأحياء فجاور بها مدة، ثم دخل اليمن أيام

الإمام أحمد بن الحسن، فعرف حقه من الفضل وراجت عنده بضاعته، ومدحه بالقصيدة الطويلة، منها

قوله:

أقول وقد طفت البلاد وأهلها بلوتهم قولاً يصدقه العقل

إذا ما جرى ذكر البلاد وحسنها فتلك فروع والغراس هي النخل

وإن عد ذو فضل ومجد مؤثل فأحمد من بين الأنام له الفضل

فلا غرو إن قصرت طول مدائحي ففي البعد قصر الفرض جاء به النقل

إليك صفي الدين مني خريدة فريدة حسن لا يصاب لها مثل

وأعظم ما ترجو القبول فانما قبول الثنا باب يتم به السؤل

فحقق رجاها واحل عاطل جيدها بما أنت يا نجل الكرام له أهل

ثم فارق اليمن ودخل الهند فوصل إلى حيدر آباد وصاحبها يومئذ أبو الحسن، فاتخذه نديم مجلسه

وأقبل عليه بكليته حتى طرقت أبا الحسن النكباء من طرف سلطان الهند عالمكير بن شاهجهان

الدهلوي وقبض عليه وحبسه، فانقلب الدهر على السيد جمال الدين فبقي في حيدر آباد وقد ذهب

أنسه إلى أن مات بها في سنة ثمان وتسعين وألف.

الشيخ جمال الدين البيدري

الشيخ العالم الصالح جمال الدين بن الشيخ نظام الدين بن الشيخ علاء الدين ابن الشيخ نظام الدين

بن الشيخ جمال الدين بن الشيخ زين الدين الصوفي البغدادي المشهور بكنج نشين، كان من نسل أبي

القاسم الجنيد البغدادي، ولد ونشأ بأحمد آباد بيدر - بكسر الموحدة - وقرأ العلوم على أساتذة بلاده،

ودرس مدة من الزمان، ثم أخذ الطريقة العالية الجنيدية

ص: 514

عن أبيه، وكان عالماً كبيراً عارفاً صاحب

مقامات عالية وكرامات جليلة، أخذ عنه خلق كثير، وله ثلاثة أبناء: الشيخ حسين، والشيخ محمد،

والشيخ كريم الله، كلهم كانوا علماء.

مات في السابع عشر من رجب سنة اثنتين وثمانين وألف، كما في أخبار علماء بيدر.

مولانا جمال الدين اللاهوري

الشيخ العالم الكبير العلامة جمال الدين التلوي اللاهوري المدرس المشهور، لم يدرك شأوه أحد من

معاصريه في الدرس والإفادة، حفظ القرآن واشتغل بالعلم على الشيخ إسماعيل بن أبدال الشريف

الحسني الأجي وعلى الشيخ إسحاق بن كاكو اللاهوري وصاحبه الشيخ سعد الله، ولازمهم مدة مديدة

حتى صار بارعاً في كثير من العلوم والفنون، وتصدر للدرس والإفادة، وصرف شطراً من عمره في

نشر العلوم، فانتهت إليه الرئاسة العلمية بمدينة لاهور، وقصده الناس من بلاد شاسعة وأرجاء نائية

فتخرجوا عليه.

وكان حسن الإفادة حلو المذاكرة مليح البحث متودداً صدوقاً، له يد بيضاء في جميع العلوم، والقبول

التام عند الخاص والعام، استعان به أبو الفيض بن المبارك الناكوري في سواطع الإلهام، كما في

المنتخب ومرآة العام.

مولانا جمال الدين البرهانبوري

الشيخ العالم الكبير المحدث جمال الدين الحنفي البرهانبوري، أحد العلماء المشهورين، لم يزل

يشتغل بالدرس والإفادة في مسجد الشيخ إبراهيم الشطاري وهو أخذ الحديث عن الشيخ طاهر بن

يوسف السندي البرهانبوري، مات ودفن بمدينة برهانبور، كما في تاريخ برهانبور.

وفي كلزار أبرار أنه كان يدرس ويفيد بمسجد إبراهيم المذكور بمدينة برهانبور، فلما دخل الشيخ

طاهر بن يوسف السندي تلك المدينة لازمه، وقرأ عليه صحيح البخاري من أوله إلى آخره، مات

ودفن بمقبرة إبراهيم ابن عمر السندي.

جمال الدين حسين بن الحسن الشيرازي

الأمير الفاضل حسين بن الحسن الحسيني الشيرازي نواب عضد الدولة جمال الدين بن فخر الدين،

كان من نسل القاسم الرسي بن الحسن بن إبراهيم الحسني الطباطبائي، نشأ بمدينة أحم نكر من بلاد

الدكن حيث كان والده من أركان الدولة، وقرأ العلم بها على أساتذة عصره، وتقرب إلى حسين نظام

شاه صاحب أحمد نكر، فأملكه الحسين ابنته خديجة سنة تسع وستين وتسعمائة ورفع مرتبته، ولم

يزل كذلك معززاً مصدراً إلى أن مات حسين نظام شاه، وولي مكانه ولده مرتضى بن الحسين

البحري سنة 972 هـ، وصار الحل والعقد بيد أمه خونره همايون، فغضبت عليه وحبسته لعله سنة

976 هـ، ثم لما أخذ الحل والعقد بيده مرتضى نظام شاه خلصه من الأسر وولاه الوكالة المطلقة،

فصار في خفض العيش والدعة، ولما توجس صاحبه مرتضى بن الحسين منه خيفة غضب عليه

وأخرجه إلى برهانبور مع زوجته خديجة فأقام بها زماناً، ثم قدم آكره وتقرب إلى السلطان جلال

الدين أكبر بن همايون التيموري ونال المنصب، وأضيف فيه حتى بلغ منصبه في آخر أيام السلطان

المذكور إلى ثلاثة آلاف، ولما قام بالملك جهانكير بن أكبر شاه جعل منصبه أربعة آلاف لذاته وألفين

للخيل سنة 1024 وولاه على بهار - بكسر الموحدة - ثم أضاف في منصبه خمسة آلاف له وثلاثة

آلاف وخمسمائة للخيل، ولقبه عضد الدولة، ومنحه أقطاعاً من أعمال بهرائج من أرض أوده، وفي

سنة 1030 رخصه بالعزلة لكبر سنه ووظفه بأربعة آلاف مرتباً في كل شهر، فسكن بأكبر آباد

وصنف كتابه فرهنك جهانكيري في اللغة الفارسية وعرضه على جهانكير المذكور سنة اثنتين

وثلاثين، ولم أقف على حاله بعد ذلك، لعله مات أيام جهانكير أو بعد ذلك بأيام لطيفة.

الشيخ جمال الدين البرهانبوري

الشيخ العالم الصالح جمال الدين بن قطب الدين بن تاج الدين القرشي البرهانبوري، أحد رجال العلم

والطريقة، أخذ عن الشيخ ضياء الدين محمد

ص: 515

غوث الكواليري، ثم صحب الشيخ محمود بن الجلال

الشطاري المندوي ولازمه بضع سنين، ولما بلغ رتبة الكمال أجاز له الشيخ محمود، مات سنة أربع

عشرة وألف، ما في كلزار أبرار.

الشيخ جميل الدين السهارنبوري

الشيخ الصالح جميل الدين بن رفيع الدين بن عبد الستار الأنصاري السهارنبوري، أحد الرجال

المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بسهارنبور، وتفقه على صنوه بديع الدين، وأخذ عنه الطريقة

النقشبندية، ولازمه مدة من الزمان حتى بلغ رتبة الكمال، توفي كهلاً سنة خمس وخمسين وألف، كما

في مرآة جهان نما.

الشيخ حنيد السنديلوي

الشيخ الكبير جنيد الروحاني السنديلوي، أحد كبار المشايه الجشتية، قرأ العلم على أساتذة عصره، ثم

لازم الشيخ نظام الدين النارنولي وأخذ عنه الطريقة، وصنف كتباً كثيرة، وأنشأ قصائد غراء بالعربية

والفارسية.

كان قانعاً متوكلاً عفيفاً متعبداً مستقيم الحالة، رحل إلى موهان وسكن بها ولذلك اشتهر بالموحاني، ثم

رجع إلى سنديله ومات بها لسبع خلون من رمضان سنة خمسين وألف، كما في بحر زخار.

قال السنبهلي في الأسرارية إنه توفي سنة ثمان وأربعين وألف.

الشيخ جوهر نانت الكشميري

الشيخ العالم الكبير المحدث جوهر نانت الحنفي الكشميري المتفق على ولايته وجلالته، ولد ونشأ

بكشمير، وقرأ العلم بها في مدرسة السلطان قطب الدين الكشميري، ثم وفق بالحج والزيارة، وأخذ

الحديث بها عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي المكي وعن الشيخ العلامة علي

بن سلطان القاري الحنفي المكي، ورجع إلى كشمير واعتزل في بيته عاكفاً على العبادة والإفادة، أخذ

عنه حيدر بن فيروز الجرخي والشيخ محمد المحشي شرح الكافية للجامي وخلق كثير من العلماء.

توفي سنة ست وعشرين وألف بكشمير، فدفن بها قريباً من قبر الشيخ حسين الخبار، كما في

الحدائق الحنفية.

الأمير جوهر الأحمد نكري

الأمير الكبير جوهر الشافعي الدكني الأحمد نكري، أحد أمراء الديار الهندية المشهورين بحسن

السيرة، جلب إلى الهند وهو صغير هو وأخ له فاشتراهما برهان نظام شاه، وسلم جوهراً لمن يعلمه

القرآن فتعلمه وحفظه وحفظ غيره، ثم تعلم الفروسية واللعب بالسيف والرمح والسهام إلى أن مهر في

ذلك، وأملكه الملك عنبر الحبشي ابنته، فترقى إلى أن صار أميراً على مائتي فارس.

وكان شافعي المذهب، سمع من جماعة، وقرأ كتباً كثيرة، وصحب المشايخ، ولزم الشيخ الإمام شيخ

بن عبد الله العيدروس ولبس منه الخرقة، ذكره الشلي وقال: اجتمعت به في رحلتي إلى الهند

وعرفت فضله ودرجته في العلم، وقرأ علي في الفقه والنحو والحديث فأقمت برهة أرتع في رياض

فضله، وكان له من العبادة شيء كثير لا يفتر ساعة عن تلاوة أو ذكر أو صلاة على النبي صلى الله

عليه وسلم، وكان له مطالعة في كتب الدقائق وسير الملوك والخلفاء، وكان كثير الاعتقاد في من

يثبت عنده صلاحه، وكانت له بشاشة وجه، وكان شجاعاً شهماً ذا سياسة للرعايا كثير الغزو والجهاد

لقتال أهل الكفر، ثم رماه الدهر بسهمه ففارق محل مملكته وتوجه إلى بيجابور فمات بها.

وكانت وفاته في سنة ست وخمسين وألف، ودفن بمقبرة السادة والعرب تحت مدينة بيجابور،

واعتنى السادة بتجهيزه، وكان له مشهد عظيم، كما في خلاصة الأثر.

جهانكير بن أكبر شاه الكوركاني

السلطان نور الدين محمد جهانكير بن أكبر بن همايون بن بابر الكوركاني سلطان الهند، ولد يوم

الأربعاء لثلاث عشرة بقين من ربيع الأول سنة سبع

ص: 516

وسبعين وتسعمائة بأكبر آباد من بطن بنت

الراجه بهازامل، وتولي المملكة بعد والده يوم الخميس لأربع عشرة خلون من جمادي الآخرة سنة

أربع عشرة وألف، وكان اسمه سليم سماه به والده على اسم الشيخ سليم بن بهاء الدين السيكروي،

لأن الشيخ بشر به والده قبل ولادته ودعا له، فلما استقل بالملك لقب نفسه نور الدين محمد جهانكير،

وافتتح أمره بالعدل والسخاء وقرب إليه العلماء، وكان صحيح العقيدة خلافاً لوالده، وهو سمع الحديث

من الشيخ محمد سعيد الهروي المشهور بمير كلان، وقرأ عليه شيئاً من العلم بأمر والده، وسمع أيضاً

من المفتي صدر جهان البهانوي.

وكان مدمن الخمر، تزوج بمهر النساء بنت غياث الدين الطهراني وكانت عشيقته، فخطبها بعد ما

قتل بعلها شيرافكن خان فأبت ثم رضيت، فتزوج بها ولقبها نور جهان بيكم، فحببت إليه وملكت

فؤاده حتى ألقى زمام السلطنة بيدها، فدبرت لختنها شهريار بن جهانكير من زوجه الأخرى ليوليه

الملك، ورغبت زوجها جهانكير عن ابنه شاهجهان الذي دبر الملك لولايته بالملك بعده، فوقع الخلاف

بينهما وآل إلى الحرب، وتوفي جهانكير ساخطاً عنه.

وكان جهانكير رحيماً حليماً كريماً شاعراً لطيف الطبع حسن المعاشرة ظريف المحاضرة حسن

الصورة سليم الذهن باهر الذكاء فصيح العبارة، له يد بيضاء في التحرير والتحبير، صنف كتاباً في

أخباره وسماه تزك جهانكيري وهو مقبول متداول في أيدي الناس، وصنف في أخباره معتمد خان

كتابه إقبال نامه ومرزا كامكار الملقب بعزت خان كتابه مآثر جهانكيري، ومن مصنفات جهانكير

بندنامه بالفارسية في أوراق عديدة صنفه لأبنائه، وأمر الشيخ محمد ابن الجلال الحسيني الكجراتي

أن يترجم القرآن الكريم بالفارسية ولا يباشر فيه التصنع ولا يزيد على الترجمة اللفظية حرفاً من

جانبه.

ومن أبياته الرقيقة الرائقة قوله:

از من متاب رخ كه نيم تو يكنفس يكدل شكستن تو بصد خون برابر است

وله:

جام مي را بر رخ كلزار مي بايد كشيد ابر بسيار است مي بسيار مي بايد كشيد

وله:

ما نامه ببركك كل نوشتيم شايد كه صبا باو رساند

توفي لثلاث بقين من صفر سنة ست وثلاثين وألف، وكانت مدته إحدى وعشرين سنة وثمانية أشهر

وثلاثة عشر يوماً.

مرزا جين قليج خان اللاهوري

الأمير الفاضل جين قليج خان بن قليج محمد الاندجاني اللاهوري مرزا جين قليج خان بهادر، كان

من الرجال المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ بأرض الهند، وقرأ العلم على والده وعلى الشيخ

مصطفى الجونبوري، وتفنن عليه بالفضائل وبرع وفاق أقرانه في كثير من العلوم والفنون، وولي

على بنارس وجونبور، فاستقل بها مدة من الزمان.

وكان رجلاً فاضلاً كريماً شجاعاً حسن الأخلاق محمود السيرة، وكان له أخ يسمونه مرزا اللاهوري

وكان مجبولاً على الشرور والفتن، فلما مات والده قليج محمد خان لحق بأخيه، وبعد زمان يسير مد

يده إلى الجبايات السلطانية وبغى، فسير إليه جهانكير بن أكبر شاه السلطان عساكره، وقتل في

المعركة صنوه جين قليج خان المترجم له أيضاً، كما في مآثر الأمراء قتل في سنة أربع وعشرين

وألف أو مما يقرب ذلك.

جانان بيكم

بنت الأمير الكبير عبد الرحيم بن بيرم خان خانخانان المشهور، ولدت ونشأت في مهد الإمارة،

وبلغت من العلم والكمال رتبة لم تصل إليها الرجال فضلاً عن النساء، زوجها السلطان جلال الدين

أكبر بن همايون الكوركاني بولده دانيال ووجهه إلى أرض كجرات فمات بها، فعاشت بعد ذلك مدة

ص: 517

طويلة ولم ترغب إلى النكاح قط حتى قيل إن السلطان جهانكير بن أكبر شاه المذكور أراد أن

يستنكحها فلم تقبله، وتشرفت بالحج والزيارة، ولها تفسير على القرآن الكريم وأبيات رائقة بالفارسية

منها قوله:

عاشق زخلق عشق تو بنهان جسان كند بيدا است از دو جشم ترش خون كريستن

توفيت سنة سبعين وألف، كما في مرآة جهان نما.

جهان آرا بيكم

بنت السلطان الباذل شهاب الدين محمد شاهجهان الكوركاني، ولدت ليلة السبت لتسع بقين من صفر

سنة ثلاث وعشرين وألف ونشأت في مهد السلطنة، وأخذت القراءة والتجويد عن ستي خانم أخت

الآملي، وتعلمت الخط واللغة الفارسية عنها وتأدبت عليها، وبرعت في الإنشاء والشعر وتدبير

المنزل وفنون أخرى، ونالت من والدها منزلة جسيمة حتى صارت محسودة عند اخوتها كانت

اقطاعها تغل ستين مائة ألف ستة ملايين، مائة ألف في كل سنة، وكانت تبذل كلها في الخيرات

والمبرات، ولها مصنفات منها مؤنس الأرواح كتاب بسيط في أخبار المشايخ الجشتية.

ومن مآثرها الجميلة جامع كبير بمدينة آكره خارج القلعة، بنته من حمر الحجارة المنحوتة أبدع

نحت، وأنفقت عليه خمسمائة ألف من النقود، كما في بادشاه نامه.

توفيت في ثالث رمضان سنة اثنتين وتسعين وألف في أيام صنوها عالمكير، فدفنت بدهلي في

حظيرة الشيخ الإمام نظام الدين محمد بن أحمد البدايوني، وقبرها محاط بالتفاريج من بيض الحجارة

المنحوتة غير مسقف تعلو عليه الخضرة، وقد كتبوا على الرخام هذا البيت من إنشائها ونصبوه عند

رأسها:

بغير سبزه نبوشد كسى مزار مرا كه قبر بوش غريبان همين كياه بس است

جاند سلطان الأحمد نكرية

كانت أخت برهان نظام شاه البحري، تزوج بها على عادل شاه البيجابوري، فلما مات عادل شاه

المذكور قامت بحضانة ابن أخيه إبراهيم عادل شاه بأرض بيجابور، وحملت أعباء السلطنة وقابلت

الخطوب مقابلة جيدة، واستقام أمرها مع طول مدتها، فلما بلغ إبراهيم سن الرشد رجعت إلى أحمد

نكر، فلما توجه مراد بن أكبر شاه الدهلوي بأمر والده إلى أحمد نكر وتوجه معه عبد الرحيم بن بيرم

خان وجمع كثير من الأمراء مع عساكرهم فحاصروا القلعة ثم ضيقوا على أهلها فقامت تلك المرأة

الوحيدة للدفاع، ودافعت عنها كل المدافعة حتى استيأس الأمراء الأكبرية عن فتحها، فاجتمعوا

وشاوروا في ذلك ثم نقبوا حول القلعة في مواضع عديدة وأوصلوا النقوب إلى جدران القلعة تحت

الرض بحيث ما ظهر الأمر على أحد ثم ملاؤها بالبارود وسدوا أفواه النقوب ليوقدوا النار فيها في

وقت واحد وترقبوا ذلك الوقت، فقام أحد منهم فأخبر أهل القلعة بذلك ترحماً بهم، فقاموا وتجسسوا ثم

حصروا وخلوا نقبين من البارود وملاؤهما بالحجارة ثم اشتغلوا بالتجسس حتى حان الوقت الموعود

وطار الجدار من جانب بقدر مائة ذراع في الطول وفر الناس من هيبتها، فلما سمعت جاند سلطان

تلك القصة قامت متنقبة متدرعة وسلت السيف، ثم جاءت إلى الجدار وأمرت الجنود أن يرموا

النشاب إلى العساكر الأكبرية لئلا يقتحموا عليهم، وصارت تجتهد في ذلك كل الاجتهاد حتى استيأس

الأمراء عن دخولهم القلعة من تلك الفتقة فرجعوا إلى منازلهم، وأما جاند سلطان فانها لم ترجع إلى

منزلها حتى رفعت الجدار في تلك الليلة قدر مائة ذراع من طول وثلاثة أذرع من فوق، فلما رأى

مراد جهادها في الدفاع مال إلى الصلح وقبل أرض برار على طريق النذر ثم سافر إلى برار،

وأجمع الناس كلهم من مؤالف ومخالف أن الشهامة التي صدرت من جاند سلطان هي مما لا نظير

له.

ولكن الدهر أبو العجائب! هي التي دافعت عن بلادها وأجمع الناس على شهامتها وقتلت من أيدي

أبناء الوطن وظن الناس أنها رغبت إلى سلطان الهند! وحاشا لله أن يصدر من مثلها ما يكون سبباً

لزوال

ص: 518

الدولة! والقصة أن أمراء تلك الدولة خالفوا فيما بينهم وصاروا متفرقين على فرق عديدة

وتفرقوا، ثم دعا أحدهم دانيال بن أكبر شاه الدهلوي واستعان به على غيره، فاستفاد دانيال من ذلك

الخلاف وقصد أحمد نكر، ثم أرسل أكبر شاه المذكور قائده البطل المشهور عبد الرحيم بن بيرم خان

مع عساكره، ثم سار بنفسه إلى تلك البلاد وحاصر قلعة أسير، فاستيقنت جاند سلطان بزوال الدولة

فدبرت أن تصالح أكبر شاه وتسلم إليه أحمد نكر ثم تهاجر إلى جنير - بفتح الجيم - وتنتهز الفرصة

بها، فظن الناس أنها دبرت المكيدة لزوال الدولة، فهجموا عليها وقتلوها سنة ست بعد الألف، ثم إنهم

لم يقدروا على الدفاع.

حرف الحاء

مولانا حاجي محمد الكشميري

الشيخ العالم الصالح حاجي محمد الحنفي الكشميري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث، كان

أصله من همدان، جاء أحد أسلافه إلى كشمير في ركب الأمير علي بن شهاب الهمداني فسكن بها،

وأما حاجي محمد فإنه ولد ونشأ بكشمير، وسافر للعلم إلى دار الملك دهلي وقرأ على أساتذتها، ثم

صحب الشيخ الكبير محمد باقي النقشبندي الدهلوي وأخذ عنه الطريقة، ثم رجع إلى كشمير وتصدر

بها للدرس والإفادة، لم يلوث ثيابه بأدناس الدنيا قط.

وله مصنفات عديدة، منها شرح الحصن الحصين، وشرح على الشمائل للترمذي وكتاب في فضائل

القرآن، وله مصباح الشريعة وشرح لأوراد، كما في محبوب الألباب.

توفي يوم الخميس لليلة بقيت من شهر صفر سنة ست وألف فأرخ بعض أصحابه لوفاته من نوزدهم

بود ز شهر صفر كما في مهر جهانتاب.

الشيخ حاجي محمد النكينوي

الشيخ العالم الصالح حاجي محمد النكينوي، أحد كبار العلماء، أخذ العلم والمعرفة عن الشيخ شهباز

محمد البهاكلبوري، وانقطع إلى الدرس والإفادة ببلدته مع القنوع والعفاف والاستقامة على الشريعة

المطهرة، وله يد بيضاء في تدريس العلوم الدينية، مات بنكينه في سنة سبع وستين وألف، ذكره

السنبهلي في الأسرارية.

الحكيم حاذق بن همام الأكبر آبادي

الشيخ الفاضل حاذق بن عبد الرزاق الكيلاني ثم الأكبر آبادي، أحد العلماء الماهرين في المنطق

والحكمة والطب والشعر، ولد ونشأ بفتحبور، ونال المنصب في أيام جهانكير، ثم بعث إلى بلخ

بالسفارة إلى إمام قلى خان ملك تلك الناحية في أيام شاهجهان، ولما رجع إلى الهند أضاف في

منصبه، فصار مع الأصل والاضافة ثلاثة آلاف، وولي على العرض المكرر فاستقل به مدة من

الزمان، ثم اعتزل عنه ولزم الانزواء في بيته في أكبر آباد، فوظفه شاهجهان بخمسة عشر ألفاً من

النقود كل سنة، ثم أضاف فيها حتى بلغت أربعين ألفاً سنة أربع وخمسين وألف، وله ديوان شعر

بالفارسية منها قوله:

دلم بهيج تسلي نميشود حاذق بهار ديدم وكل ديدم خزان ديدم

توفي في شوال سنة سبع وستين وألف ببلدة أكبر آباد، كما في سر وآزاد.

الشيخ حامد اللاهوري

الشيخ العالم الصالح حامد بن أبي الحامد القادري اللاهوري أحد الرجال المعروفين بالفضل

والصلاح، كان يدرس ويفيد بمدينة لاهور، لم يكن مثله في زمانه في القراءة والتجويد، أخذ الطريقة

عن الشيخ محمد مير بن القاضي سائيده السيوستاني اللاهوري، وترك البحث والاشتغال واعتزل عن

الناس في بيته، توفي سنة أربع وأربعين وألف بمدينة لاهور فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.

مولانا حبيب الله البيجابوري

الشيخ العالم الكبير العلامة حبيب الله بن أحمد بن الخليل بن محمد النائطي البيجابوري، أحد العلماء

ص: 519

الربانيين، ولد ونشأ بمدينة بيجابور من أرض الدكن، وقرأ العربية أياماً على مولانا حبيب الله

البيجابوري، ثم أخذ المنطق والحكمة عن الشيخ حسن النجفي وقرأ عليه شرح حكمة العين وغيرها،

ثم رحل إلى قرية نيوندي وأخذ عن القاضي محمد الكلياني، ثم رجع إلى بيجابور ودرس بها زماناً،

ولما قدم الشيخ صبغة الله بن روح الله الحسيني البروجي تلك البلدة لازمه خمس سنوات، وأخذ عنه

الطريقة وقرأ عليه، واستخلفه الشيخ عند رحلته إلى الحجاز، فعكف على الدرس والإفادة، أخذ عنه

ابنه الشيخ صبغة الله والشيخ جمال الدين بن نور الدين الصفوي والشيخ مصطفى الجنيدي وخلق

آخرون.

وكان جامعاً لعلوم الشريعة والطريقة وحقيقاً لرموز المعرفة والحقيقة، له واقعات جميلة وكرامات

أثيلة، ورسائل محررة ومكاتيب مبتكرة، وقصائد وجدية وغزليات نجدية، ونكات وجودية وكلمات

شهودية، بعضها بالعربية وبعضها بالفارسية، وتشرف برؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة

مراراً، وخصه صلى الله عليه وسلم بالسعادة سراً وجهاراً، وقد قال محدثاً بهذه التهنئة في قصيدته

التائية:

أتاني رسول الله في عين يقظتي وجالسني مستقبلاً وهي قبلتي

وعندي أفراد السخاوي بخطه أطالع باب الطاء منها بخلوتي

توفي في تاسع شعبان سنة إحدى وأربعين وألف بمدينة بيجابور فدفن بها، كما في روضة الأولياء.

مولانا حبيب الله البيجابوري

الشيخ الفاضل الكبير حبيب الله الحنفي البيجابوري، أحد العلماء المبرزين في العلوم العربية، درس

وأفاد مدة حياته، أخذ عنه الشيخ حبيب الله أحمد النائطي البيجابوري وخلق كثير من العلماء، وانتهت

إليه الرياسة العلمية، كما في روضة الأولياء.

مولانا حبيب الله السندي

الشيخ الفاضل حبيب الله الحنفي السندي أحد فحول العلماء تصدر للدرس والإفادة في مدرسة الشيخ

عباس بن الجلال السندي بقرية هنكور من أعمال بكر، ودرس وأفاد مدة طويلة.

وكان تقياً نقياً متورعاً بارعاً في العلوم والفنون مبرزاً أقرانه، كما في كلزار أبرار.

المفتي حسام الدين الدهلوي

الشيخ العالم الفقيه المفتي حسام الدين بن سلطان بن هاشم بن ركن الدين ابن المفتي جمال الدين

الحنفي الدهلوي، أحد الفقهاء المشهورين في عصره، كان مفتياً بدار الملك دهلي في عهد شاهجهان

بن جهانكير الكوركاني سلطان الهند، كما في شمس التواريخ.

الشيخ حسام الدين الدهلوي

الشيخ العالم الصالح حسام الدين بن نظام الدين الحنفي البدخشي ثم الدهلوي، أحد المشايخ

النقشبندية، ينتهي نسبه من جهة إلى الحسن بن أبي الحسن البصري، ومن جهة إلى المفسر الزاهد،

ولد بأرض الهند سنة 977 ونشأ بها في مهد العلم، ثم تزوج بأخت الشيخ أبي الفضل بن المبارك

الناكوري، ونال المنصب والاقطاع بعد ما توفي والده، وأدخله أكبر شاه في الجندية تحت قيادة الأمير

الكبير عبد الرحيم بن بيرم خان، فرافقه كرهاً مدة من الزمان، وكان مائلاً إلى الترك والتجريد

فاستعفى عن الخدمات السلطانية غير مرة، ولما رأى أن أكبر شاه لا يقبل استعفاءه صار مجنوناً،

فبعث السلطان أبا الفضل بن المبارك إليه فألح عليه أن لا يترك الخدمة فلم يجبه، واعتزل عن

الناس، ووافقته صاحبته في الترك والتجريد، فجاء إلى دهلي ولازم الشيخ عبد الباقي النقشبندي

وخدمه مدة حياته.

وكان بارعاً في المعارف الإلهية، شديد التعبد، كثير التلاوة، يختم القرآن في كل شهر خمس عشرة

مرة، قال الخوافي في مآثر الأمراء: إن زوجه كانت تعطيه اثني عشر ألفاً من النقود كل سنة، فيبذلها

على أهل

ص: 520

الزاوية، وقال: إنه ترك البحث والاشتغال بعد ما أناب، وعاش ثلاثين سنة بعد ترك الخدمة

في غاية من التورع والتشرع، انتهى.

وقال الكشمي في زبدة المقامات، إنه كان لا يقدر أن يجلس على مسند الإرشاد بغلبة الترك

والتجريد، فأقام يخدم الشيخ المرشد مدة حياته، ثم قام بتربية أبناء الشيخ، انتهى.

توفي غرة صفر سنة ثلاث وأربعين وألف بأكبر آباد فدفنوه بها، ثم نقلوا جسده بعد أيام إلى دهلي

ودفنوه في مقبرة شيخه الشيخ عبد الباقي، كما في الأسرارية.

الحكيم حسن الكيلاني

الشيخ الفاضل حسن بن أبي الحسن الكيلاني الحكيم المشهور بالحذاقة ولم يكن كذلك، ولكنه كان

صاحب أخلاق رضية، مات في ثالث محرم سنة أربع وألف، كما في تذكرة علماء الهند.

مرزا حسن القزويني

الشيخ الفاضل حسن بن أبي الحسن القزويني ثم المشهدي الشاعر المشهور، كان يتلقب في الشعر

بالرفيع، قرأ العلم على أساتذة المشهد، وسافر إلى بلخ فتقرب إلى نذر محمد خان أمير تلك الناحية،

وولي الإنشاء فلبث بها زماناً، ثم دم الهند سنة أربع وخمسين وألف وتقرب إلى شاهجهان بن

جهانكير، فنال الصلات الجزيلة منه، وولاه عالمكير بن شاهجهان على ديوان الخراج بكشمير، فلما

كبر سنه اعتزل عنه ووظف له، مات بدهلي، ومن أبياته قوله:

خار را آتش توان زد تا نكيرد دامني من نميدانم علاج خاك دامنكير جيست

حسن بن بهنيا الكرانوي

الطبيب الحاذق حسن بن بهنيا بن الحسن الكرانوي، أحد كبار الجراحين، لم يكن له نظير في زمانه

في العمليات الجراحية، ولد ونشأ بالهند، وأخذ الصناعة من أبيه، ثم تقرب إلى أكبر شاه بن همايون

التيموري صاحب الهند، ثم إلى ولده جهانكير، فرقاه إلى ذروة الإمارة ولقبه مقرب خان وأعطاه

الصلات الجزيلة غير مرة لما كبر سنه، وأعطاه شاهجهان بن جهانكير الأرض الخراجية ببلدته

كرانه، تحصل له من تلك الأرض مائة ألف من النقود كل سنة، وكان شاهجهان يوقره ويقربه إلى

نفسه، ونزل عنده في بيته بكرانه عند رجوعه عن كشمير، كما في بادشاهنامه قال الخوافي في مآثر

الأمراء: إنه مات ببلدة باني بت وله تسعون سنة.

السيد حسن بن شذقم المديني

السيد الشريف حسن بن علي بن شذقم الحسيني المدني، الفاضل الأديب، أصله من المدينة المنورة

وقطن أحمد نكر وجنير، وذكره علي بن أحمد المعصوم الدشتكي في سلافة العصر، قال: إنه دخل

الديار الهندية في عنفوان شبابه فأملكه أحد ملوكه ابنته ورفع مرتبته، فكان يرسل في كل عام إلى

بلده جملة وافرة من المال، فاصطفيت له به الحدائق الزاهية والقصور العالية، ولما هلك أبو زوجه

رجع بأهله إلى وطنه وتمتع بتلك الحدائق والقصور مدة إلا أن الرئاسة والمكانة التي تميز بها بين

الرئيس والمرؤس لم يجد عنها خلفاً في وطنه، فانثنى إلى الهند ودخلها مرة ثانية، فعاد إلى عظمته

الفاخرة ومات بها.

ومن شعره قوله:

وليس غريباً من نأى عن دياره إذا كان ذا مال وينسب للفضل

وإني غريب بين سكان طيبة وإن كنت ذا مال وعلم وفي أهل

وله:

لا بد للانسان من صاحب يبدي له المكنون من سره

ص: 521

فأصحب كريم الأصل ذا عفة تأمن وإن عاداك من شره

وذكره الحر العاملي في أمل الآمل، قال: إنه كان عالماً فاضلاً محدثاً أديباً شاعراً جليل القدر، أخذ

العلم عن الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي والشيخ نعمة الله بن أحمد بن الخاتون العاملي فأجازه

في الحديث، ومن مصنفاته الجواهر النظامية من حديث خير البرية صنفه لنظام شاه وله غير ذلك،

انتهى.

ومن مصنفاته زهر الرياض وزلال الحياض في التراجم، الجزء الثالث منه في المتحف البريطاني

كما في تاريخ آداب اللغة العربية.

توفي في شوال سنة ست وأربعين وألف، كما خلاصة الأثر.

الشيخ حسن بن فتح الله السورتي

الشيخ الصالح حسن بن فتح الله بن عبد الغني بن نعمة الله بن محمد بن شمس الدين الكجراتي

السورتي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، كان من نسل عمر بن علي بن الحسين السبط

عليه السلام، ولد بمدينة فتن ونشأ بها، ثم دخل سورت وأدرك بها الشيخ محمد بن فضل الله

البرهانبوري عند رحلته إلى الحرمين الشريفين فبايعه، ولما رجع الشيخ المذكور عن الحجاز سافر

معه إلى برهانبور ولازمه مدة من الزمان وأخذ عنه، ثم رجع إلى سورت ومات بها يوم الأربعاء

خامس ذي القعدة سنة اثنتين وستين وألف فدفن بسورت، كما في الحديقة الأحمدية.

السيد حسن بن نوح البلكرامي

الشيخ العالم الفقيه حسن بن نوح بن محمود الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد الرجال المعروفين

بالتفقه، له حاشية على مختصر القدوري، وكان حياً إلى سنة ثمان بعد الألف ومات في شعبان كما

في مآثر الكرام، ولم أقف على سنة وفاته.

الشيخ حسن الكشميري

الشيخ العالم الصالح حسن الكشميري ثم الدهلوي، أحد المشايخ المعروفين بالعلم والصلاح، أخذ

الطريقة عن الشيخ نجم الحق جائين السهنوي، ثم لازم الشيخ الكبير عبد الباقي النقشبندي الدهلوي

وأخذ عنه وسكن بدهلي، وكان بارعاً في الحقائق والمعارف، له اتفاقات حسنة كتاب في المعارف

الإلهية، وله شعر حسن بالفارسي، مات في سنة إحدى وخمسين وألف بدهلي، كما في الأسرارية.

الشيخ حسن بن مراد الأنبالوي

الشيخ الصالح حسن بن مراد بن حيدر الأنبالوي، كان من طائفة برلاس، قدم جده سنة 922 وأقام

بأنباله، وأعقب منهم الحسن بن المراد، ولد بها وسافر مع أبيه إلى سهسرام وله عشرون سنة، وأدرك

بسادهوره الشيخ قميص بن أبي الحياة القادري، وبمدينة تهانيسر الشيخ جلال الدين العمري، وببلدة

سهسرام الشيخ عبد الجليل بن عمر الأويسي اللكهنوي وله سبع وعشرون سنة، فلازمه وأخذ عنه

وجاور قبره بعد وفاته، يذكر له كشوف وكرامات، ولد في سنة ثمانين وتسعمائة، ومات لتسع بقين

من ذي الحجة سنة ست وستين وألف بمدينة لكهنؤ فدفن بها، فأرخ لموته بعض أصحابه من حسن

صاف موحد دربرده شد كما في بحر زخار.

الشيخ حسن بن داود الكوكني

الشيخ الفاضل بدر الدين حسن بن داود الكوكني الهندي، أحد فحول العلماء، ذكره عبد القادر بن

شيخ الحضرمي في النور السافر ووصفه بالشيخ الكبير والعلامة الشهير وقال: إنه لبس الخرقة مني،

انتهى.

السيد حسين بن إبراهيم البلكرامي

الشيخ العالم الصالح حسين بن إبراهيم بن نظام الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد المشايخ

المشهورين، ولد ونشأ ببلكرام، وسافر للعلم إلى مدينة دهلي وقرأ على الشيخ عبد العزيز بن الحسن

الدهلوي، ولازمه مدة من الزمان وأخذ عنه الطريقة حتى بلغ رتبة المشايخ، فاستخلفه الشيخ وزوجه

ابنته، فدرس وأفاد بدهلي زماناً، ثم سافر إلى أرض الدكن ولبث بها مدة، ثم عاد إلى دهلي ومنها إلى

بلكرام وتزوج بها في عشيرته.

ص: 522

قال شريف بن عمر البلكرامي في مرآة المبتدئين: إنه لما عاد إلى بلكرام أراد أن يسكن في داره

الموروثة من آبائه وقد كانت حدودها في أيدي جيرانه فطالبهم في ذلك، فرضوا بها وكلفوه أن يعين

حدودها، فلم يعينها مخافة أن يتصرف في حدود غيره وترك الدار وسكن في محل آخر، قال: وكان

يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا يخاف في الله لومة لائم، وكان من عادته أن يروح إلى الأيامي

بعد ثلاثة أيام من موت بعولتهن فيعزيهن ويأمرهن بالتزوج، ولما كان ذلك سبة وعاراً في الهند كن

يشتمنه ويقعن فيه، وكان يمنعه عن ذلك أبناءه ولم يكن يبالي بذلك، وكان يقول: إن السادة والشرفاء

من أبناء الحسنين رضي الله تعالى عنهما مغفورون مبشرون بالجنة، وكان يعظمهم غاية التعظيم

ويقول ذلك على رؤس الأشهاد.

قال السيد غلام علي في مآثر الكرام: إن هذا هو مذهب الشيخ محي الدين بن عربي، صرح بذلك

في الباب التاسع والعشرين من الفتوحات المكية، ونقل الشيخ ابن حجر المكي في الصواعق المحرقة

الأخبار المرفوعة والآثار المنقولة عن العلماء، وذهب إليه القاضي شهاب الدين الدولة آبادي في

مناقب السادات، ولي رسالة في ذلك سميتها سند السعادات في خاتمة السادات، انتهى، مات بعد الألف

وقبره ببلكرام وعليه بهجة القبول، كما في مآثر الكرام.

السيد حسين بن نوح البلكرامي

الشيخ العالم الصالح حسين بن نوح بن محمود الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد الفقهاء المبرزين

في العلم، كان معتزلاً في بيته يشتغل بالكتابة والعبادة، وكان حياً إلى سنة ثمان بعد الألف، كما في

مآثر الكرام.

الشيخ حسين بن باقر الهروي

الشيخ الفاضل حسين بن باقر الحسيني الهروي، أحد العلماء المبرزين في الحديث والسير، له

شرحان على شمائل الترمذي بالفارسية: الأول نثر الشمائل صنفه لسليم بن أكبر شاه، والثاني نظم

الشمائل، صنفه لمراد بن أكبر شاه، وشرحه حسن جيد.

الشيخ حسين الأجميري

الشيخ الصالح حسين بن أبي الحسين الجشتي الأجميري، كان يدعي أنه من نسل الشيخ معين الدين

حسن السجزي، وكان قيماً لروضة جده في أجمير، فلما دخل السلطان جلال الدين أكبر بن همايون

التيموري مدينة أجمير ولي ساخطاً عليه، فاغتنم ذلك مخالفوه من مشايخ فتحبور وأنكروا نسبته إلى

الشيخ معين الدين المذكور، وشهدوا بأنه لم يعقب، لما قيل: ع وللدهر أثواب فكن في ثيابه فعزله

السلطان عن التولية وأمر بجلائه إلى الحجاز، فسافر إلى الحرمين الشريفين وحج وزار، ثم عاد إلى

الهند وأدرك السلطان بأكبر آباد ولكنه لم يباشر التحية المخترعة له، فغضب عليه السلطان وأمر

بحبسه في قلعة بكر فلبث بها بضع سنين، ثم أطلقه بشفاعة أصحابه سنة اثنتين بعد الألف وأمر

باحضاره، فلما مثل بين يديه لم يستطع أن يحييه على الوجه المرسوم، فسخط عليه السلطان وأمر أن

يعطي له ثلاث مائة فدان من أرض بكر، فشفعت له أم السلطان بان يرخص له بالمسير إلى أجمير

ولا يعطي شيئاً، فلم يقبله، ذكره البدايوني في المنتخب وقال: إني أدركته حين رجع عن الحجاز

فألفيته شيخاً صالحاً، وقوراً عظيم الهيبة، قائم الليل صائم النهار، مجتهداً في الزهد والعبادة

والاشتغال بالله سبحانه والتجرد عن أسباب الدنيا كأنه ملك نوراني لا يخطر على باله ذكر الدنيا

وأسبابها انتهى، وقال معتمد خان في إقبالنامه: إنه ولي الروضة المعينية بأجمير سنة تسع بعد الألف،

ولاه أكبر شاه المذكور، وكان من أسباط الشيخ معين الدين حسن السجزي رحمه الله، انتهى.

مولانا حسين الخباز الكشميري

الشيخ الصالح الفقيه حسين الخباز الكشميري، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ

بكشمير، وأخذ عن الشيخ محمد القادري وصحبه برهة من الزمان، ثم سافر إلى دهلي وأخذ عن

الشيخ عبد الشهيد الأحراري وصحبه مدة، ثم أخذ عن الشيخ محمد باقي النقشبندي ولازمه زماناً، ثم

رجع إلى كشمير وصرف عمره في العبادة والإفادة، له هداية

ص: 523

الأعمى رسالة في مبحث السماع

ورسائل أخرى، توفي سنة خمسين وألف بكشمير، كما في خزينة الأصفياء.

الشيخ حسين بن الجمال الكجراتي

الشيخ الصالح حسين بن الجمال بن الحسين بن أبي المظفر الشريف الحسني الكجراتي، كان رابع

أبناء والده وأكبرهم في المعرفة والزهد والعبادة، انتقل من كجرات إلى خانديس سنة اثنتين وثمانين

وتسعمائة، فاغتنم قدومه أمير تلك الناحية وأعطاه قرية جوكامه، فسكن بها وانقطع إلى الله سبحانه،

وجاهد فيه ثلاثين سنة، ثم سافر إلى محمد بور قرية من أعمال سارنكبور، فمات بها بعد شهر

وعشرة أيام في الثاني عشر من شعبان سنة إحدى عشرة وألف ودفن بها، كما في كلزار أبرار.

الشيخ حسين بن الحسن الشيرازي

الشيخ الفاضل حسين بن الحسن الشيرازي كمال الدين الأنصاري الهندي الأكبر آبادي، أحد العلماء

المنقطعين إلى الزهد والعبادة، قرأ العلم على المفتي أبي الفتح بن عبد الغفور التهانيسري وعلى غيره

من العلماء، وشاركه في البعض عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني، وذكره في تاريخه.

قال: إنه كان فاضلاً كبيراً جيد الخط بارعاً في الإنشاء وقرض الشعر، ووالده قدم الهند من شيراز

في عهد إسكندر بن بهلول اللودي، انتهى.

توفي لثمان بقين من ربيع الثاني سنة ثماني عشرة وألف بأكبر آباد فدفن بها، كما في أخبار

الأصفياء.

القاضي حسين الستركهي

الشيخ الفاضل حسين بن أبي الحسين الستركهي العلامة المبرز في المعقول والمنقول، قرأ على

الشيخ عبد الرزاق بن خاصة الصالح الأميتهوي، وأخذ عنه الطريقة ولازمه زماناً، وتزوج بإحدى

بناته، أخذ عنه جعفر بن نظام الدين العثماني الأميتهوي، كما في صبح بهار.

مولانا حميد الدين السندي

الشيخ الإمام العالم العلامة المحدث حميد الدين بن عبد الله بن إبراهيم الحنفي العمري السندي

المهاجر إلى مكة المشرفة، ولد ونشأ ببدربيله من بلاد السند، وقرأ العلم ورحل إلى الحرمين

المحترمين مع والده، وأخذ الحديث بها عن الشيخ أبي الحسن الشافعي البكري والشيخ أحمد بن حجر

الهيتمي المكي والشيخ نور الدين علي بن العراق الخطيب بالمدينة المنورة والشيخ نجم الدين محمد

بن أحمد الغيطي المصري والشيخ محمد سالم الطبلاوي المصري والشيخ محمد العلقمي الشافعي

المصري والشيخ عبد القادر الحنفي المصري وغيرهم من كبار المشايخ، وأخذ عنه الشيخ محمد بن

أحمد العجل أبو الوفاء اليمني والشيخ عبد الرحمن بن عيسى العمري المرشدي مفتي الحرم الشريف

بمكة المباركة والشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي وخلق آخرون.

قال عبد القادر الحضرمي في النور السافر في ذكر أخيه رحمه الله: كان له أخ اسمه حميد، وكان

من هل العلم والصلاح حسن الأخلاق كثير التواضع وافر الفضل ظاهر العقل جليل القدر، وحصل

له في آخر الأمر جاه عظيم، جاور بمكة المشرفة تسع سنين، ومات بها سنة تسع بعد ألف، وقبره

عند أخيه صاحب الترجمة، وعمره تسعون سنة.

وقال محمد بن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان صاحب معارف وفنون، أصله من

أرض السند الإقليم الشهير، ونشأ فيه على فضل عظيم، ورحل إلى الحرمين وصحب كثيراً من

العلماء الأفاضل وأخذ عن جمع، منهم الشيخ عبد الرحمن أبو الفضل زين تلميذ الحافظ ابن حجر

العسقلاني، ومنهم أخوه وكان وافر الصلاح، وحصل له بمكة جاه واسع وصيت شاسع، وكان صوفي

الأخلاق كثير الخوف خشن العيش حسن العشرة، ولم يزل بمكة إلى أن توفي، وكانت وفاته سنة تسع

بعد الألف وعمره نحو تسعين سنة، ودفن بالمعلاة بجنب قبر أخيه، ومدة إقامته بمكة تسع سنين،

انتهى.

ص: 524

الشيخ حميد الدين المنكلكوثي

الشيخ العالم الصالح حميد الدين الحنفي الصوفي المنكلكوثي، أحد المشايخ النقشبندية، ولد ونشأ

بمنكل كوث من أرض بنكاله، ثم سافر للعلم إلى لاهور فقرأ بها على عصابة العلوم الفاضلة، ولما

برع في كثير من العلوم والفنون أراد أن يرجع إلى بلدته، فلما دخل أكبر آباد وأقام عند مولانا عبد

الرحمن الكابلي مفتي المعسكر أدرك بها الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية،

فلازمه وأخذ عنه الطريقة، واشتغل بأذكار الطريقة النقشبندية وأشغالها مدة من الزمان، ثم رجع إلى

بلدته وتصدر للارشاد والتلقين، انتفع به الناس وأخذوا عنه.

توفي سنة خمسين وألف، كما في حضرات القدس.

الشيخ حميد الدين الردولوي

الشيخ الصالح حميد الدين بن قطب الدين بن بير بن أولياء بن محمد بن عارف بن أحمد عبد الحق

العمري الجشتي الردولوي، أحد المشايخ المشهورين في عصره، ولد ونشأ بردولي، وأخذ عن أبيه

وتولى الشياخة بعده، أخذ عنه الشيخ عبد الرحمن الدينهوي صاحب مرآة الأسرار، توفي لليلتين خلتا

من جمادي الأولى سنة اثنتين وثلاثين وألف، كما في بحر زخار.

الشيخ حميد الدين السندي

الشيخ العالم الصالح حميد السندي، أحد المشايخ القادرية الجيلية، سافر إلى محمد آباد بيدر وأخذ عن

الشيخ محمد بن إبراهيم الملتاني ولازمه مدة، ثم قدم بيجابور فاستقبله إبراهيم عادل شاه البيجابوري

وأكرمه غاية الإكرام فسكن بها.

وكان فاضلاً كبيراً شديد التعبد، قنوعاً عفيفاً زاهداً، مات بمدينة بيجابور سنة إحدى عشر وألف.

الحكيم حميد الدين الكجراتي

الشيخ الفاضل الكبير حميد الدين الكجراتي الحكيم المتطبب، كان من كبار الفضلاء يتطبب

بكجرات، قربه إلى نفسه مرتضى خان البخاري ثم شفع له إلى جهانكير فاستقدمه إلى دار الملك

وقربه إليه، ثم بعد مدة رخصه إلى كجرات وأعطاه ألف ربية والشالات الكشميرية ومنحه قرية

لمعاشه بكجرات، فرجع وصرف عمره في الإفادة والعبادة، رحمه الله تعالى.

مولانا حيدر بن فيروز الكشميري

الشيخ العالم المحدث حيدر بن فيروز الحنفي الكشميري، أحد مشاهير العلماء، حفظ القرآن في

السابعة من العمر، وقرأ المختصرات على الشيخ نصيب الدين، ثم صحب مولانا جوهر المحدث

وأخذ عنه شيئاً واسعاً من العلم، ثم سافر إلى دهلي وأخذ عن الشيخ عبد الحق بن سيف الدين

الدهلوي، ثم رجع إلى كشمير وتمكن بها للدرس والإفادة، وكان سريع الحفظ مفرط الذكاء مدرساً

محسناً إلى الطلبة، لم يزل يتلطف بمن له رغبة في الاشتغال بالعلوم، وكان يحب الاعتزال عن

الناس، ألح عليه بعض الولاة أن يقبل القضاء وحضر لديه ثلاث مرات لذلك ولكنه لم يقبله، وخرج

ذات ليلة عن تلك البلدة فلما سمع أن بعض العلماء ولي القضاء بها رجع وصرف عمره في الدرس

والإفادة، توفي سنة سبع وخمسين وألف، كما في الحدائق الحنفية.

حرف الخاء

خانجهان خان اللودي

الأمير الكبير خانجهان بن دولت خان اللودي، كان من طائفة شاهو خيل، تقرب إلى دانيال ثم إلى

جهانكير وتدرج إلى الإمارة، وكان جهانكير يعتمد عليه ويحبه حباً مفرطاً لا يتصور فوقه، ولما توفي

جهانكير وقام بالملك ولده شاهجهان توهم منه وبغي عليه، فسار إليه شاهجهان بعساكره وقاتله فقتله،

وكان من كبار الأمراء وخيارهم، يحب العلم والعلماء ويحسن إلى كافة الناس، وكان اسمه بير خان

ولكنه اشتهر بلقبه، قتل سنة أربعين وألف، كما في مآثر الأمراء.

ص: 525

خواجه خاوند محمود البخاري

الشيخ العارف الكبير خاوند محمود بن سيد شريف بن ضياء الدين بن خواجه مير بن تاج الدين بن

خواجه علاء الدين العطار النقشبندي البخاري ثم الكشميري أحد كبار المشايخ النقشبندية، دخل الهند

وسكن بكشمير، وتردد إلى لاهور ودهلي وآكره غير مرة، فاستقبله الملوك والأمراء وأكرموه غاية

الإكرام، وبايعه ألوف من الناس، وهو ممن أخذ الطريقة عن خواجه إسحاق السفيدكي، كما في العمل

الصالح.

توفي الثاني عشر من شعبان سنة اثنتين وخمسين وألف، فأرخ بعض أصحابه لوفاته: ع مآب

بزركان بجنت رسيد: كما في خزينة الأصفياء.

خليل خانرمان العالمكيري

الأمير الكبير خليل بن أعظم الحسيني نواب خانرمانخان العالمكيري، كان من الأسرة الجليلة، ولد

ونشأ بأرض الهند، وتقرب إلى عالمكير وتدرج حتى ولي على بلاد مالوه، وله يد بيضاء في الخط

والموسيقى وسائر العلوم، مات سنة خمس وتسعين وألف، كما في مآثر الأمراء.

القاضي خليل الرحمن الكوركهبوري

الشيخ الفاضل القاضي خليل الرحمن الحنفي الكوركهبوري أحد كبار العلماء، ولي القضاء واشتغل

مدة، وكان صالحاً عفيفاً ديناً مشكور السيرة في القضاء، قربه إليه فدائي خان الذي كان والياً

بكوركهبور ثم شفع له إلى عالمكير، فخصه بأنظار العناية والقبول وأعطاه المنصب، ثم ولاه على

كوركهبور، ذكره السهارنبوري في مرآة جهان نما وأثنى عليه.

الشيخ خواجه كلان الجهونسوي

الشيخ العالم الصالح خواجه كلان بن نصير الدين الحنفي الصوفي الجهونسوي الإله آبادي، أحد

المشايخ المشهورين، ولد ونشأ بجهونسي ما وراء نهر كنك من بلدة إله آباد، وقرأ بعض الكتب

الدرسية على والده، ثم سافر إلى جونبور باذن والده وقرأ سائر الكتب الدرسية على القاضي بياري

ولازمه خمس سنوات ثم عاد إلى بلدته ولبث عند والده أياماً قليلة، ثم سافر إلى شاه بور وقرأ على

من بها من العلماء في بضع سنين، ثم رجع إلى أبيه والتزم مجاهدة النفس من إحياء الليل وصيام

الطي، وكان والده شغله أولاً بالأوراد والنوافل ثم بالأذكار والأشغال، ولما رآه أنه بلغ رتبة الكمال

استخلفه، فجلس بعده على مسند الإرشاد، وكان في بداية حاله بايع الشيخ حبيب الله بن الفريد

البنارسي.

وكان زاهداً متقللاً قنوعاً بشوشاً شديد التعبد، يشتغل بالمراقبة دائماً، أخذ عنه الشيخ تاج الدين

الجهونسوي والشيخ طيب بن المعين البنارسي وخلق كثير من المشايخ، مات بشيخبوره يوم الجمعة

ثاني شعبان سنة أربع بعد الألف فنقل جسده إلى جهونسي، وكان عمره حينئذ ثمانين سنة، كما في

كنج أرشدي.

القاضي خوب الله الجونبوري

الشيخ الفاضل القاضي خوب الله حفيد الشيخ محمد حفيظ الحسيني الجونبوري، كان من العلماء

البارعين في النحو والعربية، ولد ونشأ ببلدة جونبور، وقرأ العلم وتفرد في الحديث، وكان يحفظ

ثمانمائة وألف من متون الأخبار المرفوعة، وكان قاضياً بمدينة إله آباد، ومن طرائفه قوله:

تنباكو كرجه هست زيان كاربسى ذو فائده هيجكه نديد است كسى

آخر به ازين جه خوب باشد كه ترا خاموش كند ز هرزه كفتن نفسى

توفي في الرابع عشر من شعبان سنة مائة وألف، كما في تجلي نور.

مولانا خوشحال التاشكندي

الشيخ الفاضل الكبير خوشحال بن قاسم بن مسكين الحنفي التاشكندي، أحد كبار الفقهاء، دخل الهند

وقرأ النحو والبلاغة والمنطق والحكمة وغيرها على الشيخ العلامة وجيه الدين العلوي الكجراتي، ثم

قرأ على أحد تلامذه، الفاضل مرزا جان الشيرازي شرح هداية الحكمة وحكمة العين وشرح التجريد

والحاشية القديمة وشرح الجغميني وتحرير الأقليدس

ص: 526

وإحدى الأكرات، ثم ولي التدريس بأحمد آباد

فدرس وأفاد بها ثلاثاً وعشرين سنة في المدرسة، ولما ولي عبد الرحيم ابن بيرم خان على بلاد

كجرات جعله من ندمائه سنة ثلاث عشرة وألف فنال منه الصلات الجزيلة، كما في مآثر رحيمي.

القاضي خوشحال الكابلي

الشيخ الفاضل العلامة القاضي خوشحال الحنفي الكابلي، أحد العلماء المبرزين في الفنون الحكمية،

قدم لاهور في عنفوان شبابه وقرأ النحو والعربية على الشيخ بهلول والشيخ محمد يحيى ابن أخ

الشيخ منور، ثم سافر إلى بخارى وأخذ الفنون الحكمية عن الشيخ يوسف القراباغي، رجع إلى الهند

سنة إحدى وأربعين وألف، وسافر إلى الحجاز فحج وزار، ثم رجع إلى الهند ودخل أكبر آباد فولي

القضاء بمدينة دهلي، ولما عزل القاضي محمد أسلم عن قضاء المعسكر ولي مكانه، ولما جلس

عالمكير على سرير الملك ولاه القضاء بمدينة لاهور، فاستقل به إلى وفاته، كما في مرآة العالم.

الحكيم خوشحال الأكبر آبادي

الشيخ الفاضل خوشحال بن همام بن عبد الرزاق الكيلاني ثم الهندي الأكبر آبادي، أحد الأفاضل

الماهرين في الصناعة الطبية، أخذ عن أبيه وعمه أبي الفتح بن عبد الرزاق الكيلاني، وأتى الملوك

والسلاطين حتى نال الألف لذاته ومائتين للخيل منصباً رفيعاً، مات في أيام شاهجهان بن جهانكير

الدهلوي سنة خمسين وألف.

حرف الدال المهملة

دارا شكوه بن شاهجهان التيموري

دارا شكوه بن شاهجهان بن جهانكير بن أكبر بن همايون بن بابر التيموري الكوركاني صاحب

المصنفات المشهورة، ولد لليلة بقيت من صفر سنة أربع وعشرين وألف، ونشأ في نعمة أبيه، وقرأ

العلم على ميرك شيخ بن فصيح الدين الهروي وعلى غيره من العلماء، وتعلم الفنون الحربية وتدرب

عليها، وبايع الشيخ شاه محمد البدخشي، واجتمع بشيخ شيخه محمد مير بن سائنده السيوستاني

بلاهور غير مرة، وصنف الكتب في سير المشايخ وغيرها، منها سفينة الأولياء وسكينة الأولياء

والسر الأكبر والإكسير الأعظم وحق نما ورسالة في المعارف وله غير ذلك من الرسائل.

وكان أكبر أولاد أبيه، عهد له والده بولاية الملك بعده، وألقى بيده زمام الأمور في حياته لمرضه،

ولقبه شاه بلند إقبال، فسخط عليه إخوته شجاع ومراد بخش وعالمكير فساروا نحو آكره، وقاتل

عالمكير أشد قتال، فانهزم دارا شكوه وفر إلى أودية الجبال في أرض السند، فغدر به وقبض عليه

بعض مرازبة الهند، فجئ به إلى عالمكير فقتله، وقد تفرق الناس فيه إلى فرقتين: إحداهما تقول: إنه

كان صوفياً صالح العقيدة ويستشهدون بمصنفاته المشهورة، وأخرى تقول: إنه كان فاسد العقيدة كجده

أكبر، ويستشهدون بأفعاله وبمصنفاته الأخرى كترجمة ابنشد، وإني ظفرت بنسخة من ذلك الكتاب

فإذا هو قد نقش في عنوان ذلك الكتاب تصاوير عظماء الهنود مكان بسم الله الرحمن الرحيم وقال في

خطبة الكتاب: إنه لب القرآن وإنه سر مكنون لا يمسه إلا المطهرون - إلى غير ذلك، قالوا: إنه

استقدم أحبار الهنود من مدينة بنارس فترجموه بأمره، ومن مصنفناته كتاب في التطبيق فيما بين

مذهب الهنادك وأهل الإسلام، وأما الكتب التي صنفوها له فمنها الطب الدارا شكوهي، صنفه الحكيم

نور الدين الشيرازي.

ومن شعره قوله:

بشكست دل آبله از كردش بايم در كار من اينم كر هي بودكه واشد

قتل يوم الجمعة غرة محرم الحرام سنة سبعين وألف بمدينة أكبر آباد، ثم نقل جسده إلى دهلي فدفن

بمقبرة جده همايون.

مولانا دانيال الجوراسي

الشيخ العالم الكبير العلامة مولانا دانيال الحنفي العمري الجوراسي، كان من نسل الشيخ زين الدين

ابن أخت الشيخ نصير الدين محمود الأودي ثم الدهلوي،

ص: 527

ولد ونشأ بأرض أوده، وقرأ العلم على

المفتي عبد السلام الأعظمي الديوي ولازمه مدة طويلة حتى برع في العلم وتأهل للفتوى والتدريس،

ثم أخذ الطريقة عن الشيخ سخي حفيد الشيخ نظام الدين الأميتهوي، وكان يدرس ويفيد قرأ عليه

الشيخ قطب الدين محمد السهالوي وخلق كثير من العلماء، كما في بحر زخار.

الشيخ داود بن صادق الكنكوهي

الشيخ العالم الصالح داود بن صادق بن فتح الله الحنفي الكنكوهي، أحد الرجال المعروفين بالفضل

والصلاح، ولد ونشأ بكنكوه، وأخذ عن والده وصحبه، وجلس على مسنده بعده، وكان صاحب وجد

وسماع، أخذ عنه الشيخ أبو المعالي بن محمد أشرف الحسيني الأبنهاوي وخلق كثير من العلماء

والمشايخ، توفي سنة خمس وتسعين وألف، كما في خزينة الأصفياء.

الحكيم داود بن عناية الله الأكبر آبادي

الشيخ الفاضل داود بن عناية الله الأكبر آبادي، أحد العلماء المبرزين في الفنون الحكمية، أخذ عن

أبيه وكان والده من أصحاب الحكيم فخر الدين محمد الشيرازي فتخرج عليه وقام مقامه بعده، وصار

يرجع الناس إليه في العلوم وفي معالجاتهم، فجعله عباس شاه الصفوي ملك الفرس نديماً له، ولم يزل

يعتمد عليه في الأمور حتى توفي إلى الله سبحانه وتعالى، فاعتزل داود في بيته برهة من الزمان ثم

سافر إلى الحجاز فحج وزار، وذهب إلى بغداد والبصرة، ثم دخل الهند ووصل إلى أكبر آباد في

السابع عشر من صفر سنة ثلاث وخمسين وألف، فتقرب إلى شاهجهان عظيم الهند، وتدرج في

المناصب العالية حتى بلغ منصبه إلى ثلاثة آلاف له وثلاثمائة للخيل، ونال الصلات الجزيلة والخلع

الفاخرة منه غير مرة، كما في بادشاهنامه.

وفي العمل الصالح أن منصبه بلغ في آخر أيام السلطان المذكور إلى خمسة آلاف، ولقبه السلطان

تقرب خان، وكان رجلاً حاذقاً في المعالجات، قد أبدع فيها غير مرة، انتهى.

توفي سنة ثلاث وسبعين وألف في أيام عالمكير، كما في مآثر الأمراء.

مولانا داود الكشميري

الشيخ العالم الفقيه داود المشكاتي الحنفي الكشميري، أحد أكابر الفقهاء، تلقى العلم عن الشيخ حيدر

بن فيروز الكشميري، والطريقة عن الشيخ نصيب الدين، واستفاض من خواجه خاوند محمود

البخاري فيوضاً كثيرة، وصحبهم مدة من الزمان حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة، وحفظ

مشكاة المصابيح في الحديث فاشتهر بالمشكاتي، وصنف كتباً عديدة في التصوف والسلوك، منها

أسرار الأبرار وأثمار الأشجار، توفي سنة سبع وتسعين وألف، كما في خزينة الأصفياء.

الشيخ داود بن محمد المندوي

الشيخ الصالح داود بن حمد الشطاري المندوي، أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن الشيخ محمود

بن الجلال الكجراتي ولازمه ثلاث سنين، وتصدر للإرشاد بعده زماناً، ثم سافر إلى كواليار وصحب

عبد الله وضياء الله ابني الشيخ محمد غوث الشطاري بضعة أعوام، ثم سافر إلى دهلي وإلى بلاد

أخرى، ورجع إلى مندو سنة تسع عشرة وألف وأقام بها سنة، ثم سافر إلى كواليار وأقام بها سنة،

ورجع إلى مندو سنة إحدى وعشرين وألف، كما في كلزار أبرار.

داود بن قطب شاه الكجراتي

الشيخ الفاضل داود بن قطب شاه الإسماعيلي الكجراتي، أحد دعاة المذهب الإسماعيلي، ذكره سيف

الدين عبد العلي الكجراتي في المجالس السيفية ونقل عنه الرامبوري في سلك الجواهر قال: إنه سار

إلى بلاد اليمن وأخذ علم التنزيل والتأويل عن الشيخ عماد الدين إدريس بن حسن الإسماعيلي اليمني

ورجع إلى الهند، ونص له بالدعوة داود بن عجب شاه الكجراتي فتولى الدعوة بعده.

وكان من كبار العلماء، أخذ عنه صفي الدين آدم وأمين الدين بن جلال الدين وزكي الدين عبد

ص: 528

الطيب بن داود بن قطب شاه وخلق آخرون.

مولانا درويزه البشاوري

الشيخ العالم الصالح درويزه الحنفي البشاوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والكلام،

أخذ الطريقة عن السيد علي الغواص الترمذي أحد أصحاب الشيخ نظام الدين عبد الشكور العمري

التهانيسري، وكان فقيهاً أصولياً شديد الإعتناء بالمناظرة، يداوم على الدرس والإفتاء، له مخزن

الإسلام كتاب باللغة الأفغانية في الرد على الشيعة، وفي ذلك الكتاب قسط كبير من الحقائق

والمعارف، شرحه خواجه معين الدين الخويشكي وسماه بالكلمات الوافيات توفي سنة ثمان وأربعين

وألف، كما في خزينة الأصفياء.

الشيخ درويش حسين الكشميري

الشيخ الصالح درويش حسين الكشميري أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، أخذ عنه الشيخ

عبد القادر بن السيد شيخ الحضرمي بمدينة أحمد آباد وذكره في النور السافر.

الحكيم دوائي الكيلاني

الشيخ الفاضل الحكيم دوائي الكيلاني، أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، سافر إلى الحرمين

الشريفين فحج وزار وسكن بها مدة من الزمان، ثم استصحبه مرزا عزيز وأتى به إلى أرض الهند،

فصار معدوداً في الأطباء السلطانية، كما في هفت إقليم.

نواب دلاور خان البيجابوري

الوزير الكبير نواب دلاور خان البيجابوري، كان من أمراء الجيوش، خدم صاحب بيجابور مدة

مديدة حتى صار صاحب العدة والعدد، واستوزره إبراهيم عادل شاه فصار المرجع والمقصد في كل

باب من أبواب الدولة، وساس الأمور وأحسن إلى الناس، واجتمع لديه العلماء من كجرات ولاهور،

وكان حنفياً شديد التعصب على الشيعة، بذل جهده في نشر المذهب الحنفي حتى غلب ذلك المذهب

على أهل بيجابور، وكان وزير إبراهيم عادل شاه ثمان سنين، ثم عزله إبراهيم وجعله مكحولاً

وحبسه في قلعة كهلنه - بكسر الكاف - فلبث بها عشرة أعوام ومات بها، كما في بساتين السلاطين،

لعله مات سنة ثمان وألف أو مما يقرب من ذلك.

الشيخ دوست محمد البرهانبوري

الشيخ الصالح دوست محمد الحسيني البرهانبوري، أحد المشايخ المشهورين، أخذ الطريقة عن

الشيخ أبي العلاء الحسيني الأكبر آبادي ولازمه مدة من الزمان، ثم سار إلى برهانبور وسكن بها،

أخذ عنه الشيخ محمد فرهاد الدهلوي، له بيم كهاني مزدوجة بالهندية، توفي لأربع بقين من جمادي

الأخرى سنة تسعين وألف ودفن بأورنك آباد في مقبرة الشيخ محمود المسافر وله أربع وتسعون سنة،

كما في أنوار العارفين.

حرف الراء المهملة

رزق الله الجراح الكرانوي

الشيخ الفاضل رزق الله بن حسن بن بهنيا الباني بتي ثم الكرانوي، أحد الجراحين المبرزين في

الصناعة الطبية، أخذ عن أبيه وجده، وحصل له المنصب الرفيع في أيام شاهجهان، توفي في أيام

عالمكير في السنة العاشرة الجلوسية، كما في مآثر الأمراء.

مير رضي الدين المشهدي

الشيخ الفاضل رضي بن أبي تراب الحسيني الرضوي المشهدي، أحد العلماء المبرزين في الشعر،

قدم الهند في أيام شاهجهان بن جهانكير التيموري، وتقرب إليه وإلى ولده داراشكوه، فنال الصلات

الجزيلة منهما.

قال البلكرامي في سرو آزاد: إنه أنشد مرة عند دارا شكوه هذا البيت له: تاك راسر سبز كن أي ابر

نيسان دربهار قطره تامى ني تواند شد جراكوهر شود

فاستحسنه دارا شكوه وأعطاه مائة ألف من النقود الفضية.

ص: 529

ثم لما ولي شجاع بن شاهجهان على بنكاله سافر إليه ولبث عنده زماناً، ثم سافر إلى حيدر آباد

وتقرب إلى عبد الله قطب شاه، ومات والده بها سنة ستين وألف، ثم سيره عبد الله قطب شاه لينوب

عنه في الزيارة في الروضة الرضوية، ووظف له اثني عشر تومان تبريزية مسانهة، مات في ست

وسبعين وألف، كما في سرو آزاد.

الشيخ رضي الدين البهاكلبوري

الشيخ العالم الفقيه رضي الدين الحنفي البهاكلبوري أحد فحول العلماء، اشتغل وتميز بالعلوم حتى

اشتهر ذكره وظهر فضله بين العلماء، فاستخدمه عالمكير في تأليف الفتاوي الهندية ووظف له ثلاث

ربيات يومية، وحيثما كانت له مهارة في فنون شتى من الحرب والسياسة والمحاضرة قربه القاضي

محمد حسين المحتسب، وشفع له بختاور خان أحد خاصة الملك فأعطاه عالمكير مائة لنفسه منصباً

سنة تسع وسبعين ألف، ولقبه بالخان سنة تسعين وألف، ودخل في العساكر السلطانية بأودى بور

فقاتل الكفار قتالاً شديداً، فولاه على أقطاع برار نيابة عن الأمير حسن علي خان، فناب عنه برهة

من الزمان، توفي سنة ست وتسعين وألف بأرض برار، كما في مآثر عالمكيري.

الشيخ رفيع الدين البلكرامي

الشيخ الفاضل رفيع الدين بن بدر الدين بن تاج الدين الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد العلماء

المبرزين في العربية، ولد ونشأ ببلكرام، وسافر للعلم واشتغل على أساتذة عصره حتى برز في

الفضائل وتأهل للفتوى والتدريس، فرجع إلى بلكرام وكان يكتب الكتب النفيسة بخطه ويزينها

بالحواشي المفيدة، قال البلكرامي: إني رأيت المطول والتلويح وغيرهما بخطه، وقد كتب في خاتمة

التلويح: قد وقع الفراغ من تسويد هذه النسخة الشريفة المسماة بالتلويح في شرح التوضيح بمدرسة

أستاذي العلامة النافع للخاصة والعامة الحضرة العلية الشيخ حسين ابن الشيخ داود - متع الله

الطالبين بطول بقائه - يوم الجمعة الثامن عشر من شهر ربيع الأول سنة خمس وتسعين وتسعمائة

كما في مآثر الكرام.

مولانا رفيع الدين السهارنبوري

الشيخ العالم المحدث رفيع الدين بن عبد الستار بن عبد الكريم الأنصاري السهارنبوري، أحد العلماء

المبرزين في الفقه والحديث، ولد ونشأ بسهارنبور وحفظ القرآن، وقرأ العلم على الشيخ ركن الدين

بن عبد القدوس الكنكوهي ولبس منه الخرقة، ثم سافر إلى برهانبور ولازم الشيخ عيسى بن قاسم

السندي، وأخذ عنه الحديث وقرأ عليه ثم أخذ عنه الطريقة الشطارية، ثم عاد إلى بلدته وجلس على

مسند الإرشاد واستقام على الطريقة الظاهرة والصلاح مدة حياته، وكان يدرس ويفيد، مات في الثاني

عشر من ربيع الأول سنة خمس وعشرين وألف، كما في مرآة جهان نما.

الشيخ رفيق بن إبراهيم الكشميري

الشيخ الصالح رفيق بن إبراهيم بن طاهر الكشميري أبو محمد، أحد العلماء العاملين وعباد الله

الصالحين، أخذ عن الشيخ عبد الشكور الملتاني عن الشيخ سليمان الملتاني عن الشيخ فيض الله

القرشي عن الشيخ محمد القرشي عن الشيخ إسماعيل القرشي، مات سنة خمس وألف بكشمير فدفن

بها.

المفتي ركن الدين الدهلوي

الشيخ العالم الفقيه المفتي ركن الدين بن جمال الدين بن نصير الدين بن سماء الدين الحنفي

الدهلوي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول ولد ونشأ بدهلي، وقرأ العلم على والده وعلى

القاضي نور الله التستري اللاهوري، ثم ولي الإفتاء مقام والده سنة أربع وثمانين وتسعمائة، فاستقام

عليه مدة حياته، كما في شمس التواريخ.

الشيخ ركن الدين الخير آبادي

الشيخ العالم الصالح ركن الدين بن نصير الدين الحسيني الرضوي الخير آبادي، أحد المشايخ

الصوفية، ولد ونشأ بخير آباد، وقرأ العلم على عمه الشيخ نظام الدين الخير آبادي ثم لبس منه

الخرقة، واشتغل بالدرس والإفادة مدة من الزمان، ثم سافر إلى بلكرام وسكن

ص: 530

بها مدرساً مفيداً أخذ عنه

خلق كثير، وكان حياً إلى سنة ثمان وألف، كما في مآثر الكرام.

الشيخ ركن الدين الكنوري

الشيخ العالم الكبير ركن الدين السنامي الكنوري، كان من أولاد الشيخ مجد الدين طاهر محمد

السنامي، ولد ونشأ بكنور وسافر للعلم فقرأ الكتب الدرسية على عصابة العلوم الفاضلة، ثم لازم

الشيخ كبير الدين الملتاني أحد سلائل الشيخ الكبير بهاء الدين زكريا وأخذ عنه الطريقة، ثم رجع إلى

بلدته ودرس وأفاد بها مدة عمره، انتفع به خلق لا يحصون بحد وعد، وكان يقوم الليل ويشتغل

بالعبادة إلى الإشراق ثم يجلس للتدريس، وكان صالحاً عفيفاً ديناً شديد التعبد كثير الدرس والإفادة،

مات في سنة سبع وعشرين وألف، ذكره السنبهلي في الأسرارية.

الحكيم روح الله البروجي

الشيخ الفاضل روح الله بن جمال الله الحسيني البروجي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في

المنطق والحكمة والطب وسائر الفنون، صرف عمره في خدمة الأمراء وأبناء الملوك، استخدمه عبد

الرحيم بن بيرم خان حين ولي على كجرات وجعله من ندمائه، وأعطاه الصلات والجوائز غير مرة،

كما في مآثر رحيمي.

مرزا روشن ضمير الدهلوي

الفاضل الكبير مرزا روشن ضمير الدهلوي صاحب الفنون الجمة والعلوم الكثيرة، لم يكن في زمانه

مثله في الموسيقى ومعرفة اللغة الهندية والشعر حتى أن الأساتذة الماهرين في الموسيقى كانوا

يتتلمذون عليه ويفتخرون به ويرجعون إليه في الإيقاع والنغم، وكان يقتدر على أربعة عشر ألف

نغمة متبائنة، وفي أكثرها له مصنفات في العربية والفارسية والهندية، ولاه عالمكير على تحرير

السوانح وبخشيكري بمعمورة سورت فاستقل بها زماناً، ومات بها سنة سبع وستين وألف، كما في

مرآة الخيال.

وقال السهارنبوري في مرآة جهان نما: إنه مات سنة ثمانين وألف، وهو الأقرب إلى الصواب.

حرف الزاي

زمانه بيك الكابلي

الأمير الكبير زمانه بيك بن غيور بيك الكابلي مهابت خان خانخانان القائد الكبير، كان من الرجال

المعروفين بأرض الهند، تقرب في صغر سنه إلى سليم ابن أكبر شاه ونال منزلة عنده فلقبه سليم

مهابت خان، ولما جلس على سرير الملك أعطاه ثلاثة آلاف منصباً رفيعاً وولاه على كابل فاستقل بها

زماناً صالحاً، وولاه على بنكاله في آخر أيامه.

ولما تزوج جهانكير بنور جهان بيكم وألقى زمام الحكومة بيدها وصار إخوتها أهل الحل والعقد

دبروا الحيلة على مهابت خان وأرادوا أن يهلكوه، فلما علم به وأيقن بالموت عكس القضية وقبض

على جهانكير، وحبس أبا الحسن ابن غياث الدين الطهراني في قلعة من القلاع، وأخذ بيده عنان

السلطنة وصار بمنزلة الوزير لجهانكير، وسار معه إلى كابل فلبث بها زماناً، ثم رجع، ودبرت نور

جهان بيكم الحيلة عليه فخلصت جهانكير من أسره فلاذ بولده شاهجهان، فلما توفي جهانكير لقبه

شاهجهان خانخانان وأضاف في منصبه حتى صار مع الأصل والإضافة سبعة آلاف له وسبعة آلاف

للخيل، وأعطاه أربعمائة ألف من النقود على وجه الإنعام، وولاه على إقليم الدكن فاستقل بها مدة

عمره.

وكان مقداماً باسلاً شجاعاً سفاكاً للدماء ماضي العزيمة سخياً باذلاً قليل الشعر، ومن شعره قوله:

ننك دلم بود كه بهشت آرزو كند دوزخ نصيب من بود وآرزو مباد

توفي سنة أربع وأربعين وألف، وقد أرخ لموته بعض الشعراء من قوله زمانه آرام كرفت، كما في

مآثر الأمراء.

الشيخ زين الدين الأكبر آبادي

الشيخ العالم الفقيه زين الدين بن منور بن نور الله بن معز الدين بن إله داد ابن القاضي محمد

الشرعي الأكبر آبادي، أحد فحول العلماء، ولد ونشأ بأكبر آباد،

ص: 531

واشتغل بالعلم من صباه فقرأ أكثر

الكتب الدرسية على القاضي جلال الدين الملتاني وبعضها على ملا مقيم، ثم أخذ في الترك والتجريد

والانزواء مع القناعة والعفاف وصلاح الظاهر والاستقامة على الطريقة.

مات في السابع عشر من رمضان سنة خمس وألف فدفن بزاويته في أكبر آباد، كما في كلزار

أبرار.

حرف السين المهملة

الشيخ سراج محمد البرهانبوري

الشيخ الصالح سراج محمد الشطاري البنياني الكجراتي ثم البرهانبوري، أحد الأفاضل المشهورين

في عصره، أخذ الطريقة عن الشيخ محمد غوث الكواليري بأحمد آباد، وانتقل منها إلى برهانبور

سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة فسكن بها، وجلس على مسند الارشاد ثلاثين سنة، له شرح على مخزن

الأسرار للشيخ نظامي الكنجوي.

توفي في ثالث شعبان سنة عشر وألف بمدينة برهانبور فدفن بها، كما في كلزار أبرار.

سعد الله خان اللاهوري

الوزير الكبير سعد الله التميمي الجنوتي اللاهوري جملة الملك سعد الله خان العلامي، كان من

الوزراء المشهورين في الهند.

ولد بجوت - قرية من أعمال سيالكوث - ونشأ بلاهور - وحفظ القرآن، واشتغل بالعلم على

العلامة يوسف الكياهي اللاهوري وعلى غيره من العلماء، وكان له ذكاء مفرط فبرع وفاق الأقران،

ودرس وأفاد زماناً في مدرسة وزير خان بلاهور، وكان يعتزل عن الناس ولا يتردد إلى الأغنياء،

فلما قدم شاهجهان سلطان الهند مدينة لاهور في السنة الرابعة عشرة من جلوسه على سرير الملك

وسمع بفضله ومكارمه أمر موسوي خان الصدر أن يمثله بين يديه، فأحضره يوم الأحد السابع عشر

من رمضان سنة خمسين وألف، فخلع عليه وولاه على العرض المكرر فاستقل بها سنة، ثم جعله

ناظراً لحريمه ولقبه سعد الله خان، ثم جعله قهرمانه في الثامن عشر من رمضان سنة ثلاث وخمسين

وألف، وأضاف في منصبه غير مرة حتى صار ثلاثة آلاف وخمسمائة له وثمانمائة للخيل، ثم جعله

ديوان الخالصة الشريفة وزير الخراج، وأضاف في منصبه فصار أربعة آلاف له وألف للخيل غرة

جمادي الأولى سنة خمس وخمسين وألف، ومنحه أدوات الكتاب المرصعة بالجواهر، وأمره بتسويد

المناشير المطاعة وتبليغها إلى الكتاب وإثبات توقيعه تحت رسالة دارا شكوه أكبر أبنائه وولي عهده

بعده، ثم ولاه الوزارة العظمى في عشرين من رجب سنة خمس وخمسين وألف، وأضاف في منصبه

غير مرة حتى صار منصبه في سنة ستين وألف سبعة آلاف له وسبعة آلاف للخيل، وأعطاه مائة

مائة آلاف دام على طريق الانعام ويعبر عنها باللغة الهندية بكرور، عشرة ملايين وكانت رواتبه

السنوية اثني عشر كروراً من دام يوازنها ثلاثون لكا ثلاثة ملايين من النقود الفضية.

وقال عبد الحميد في بادشاهنامه: إن سعد الله خان إن لم يمت بعد ذلك لزاد في منصبه وراتبه

واقتداره أضعاف ذلك لحسن حظه في السياسة والتدبير والرسوخ في قلب السلطان، قال: وكان رجلاً

فاضلاً شهماً حازماً شجاعاً مقداماً باسلاً، قد جمع الله فيه خصالاً لم يجمع في غيره من الوزراء، من

براعة الإنشاء وحلاوة المنطق وإصابة الفكر ورزانة العقل والبسالة والأقدام والسياسة وحسن التدبير،

إن رأيته في ديوان الإنشاء وجدته صاحب القلم، وإن رأيته في الهيجاء ألفيته صاحب السيف والعلم.

قال: إن السلطان بعثه مرة إلى بلخ وكان لا يرضى أن يبعثه لاحتياجه إليه في سائر المهمات وكان

حينئذ في كابل، فسار نحو بلخ ليلة الخميس السادس والعشرين من جمادي الأخرى سنة ست

وخمسين وألف من طريق الخنجان، وكانت صعبة وعرة لكثرة الجبال والوهاد، لا يستطيع الرجل أن

يمر بها إلا بشق النفس، فذهب ووصل إلى بلخ ليلة الإثنين ثامن رجب في أحد عشر يوماً، وأصلح

ما فسد فيها من مهمات الدولة بسوء تدبير مراد بن شاهجهان، وحشد الجنود المنتشرة وألف بين

قلوب الأمراء، وأرضى عامة الناس

ص: 532

بحسن تدبيره في اثنين وعشرين يوماً، ثم رجع غرة شعبان

ووصل إلى كابل في خامس شعبان في أربعة أيام.

وقال الخوافي في منتخب اللباب: إن أفضل خصاله في عقيدتي بل عقيدة كل منصف غير متعسف

أنه مع اتصافه بغاية الأمانة والنصح قضى مهمات الدولة مدة وزارته ولم يتأذ به أحد من الناس من

لسانه أو بيانه، ومن خصائصه أنه لم يزل يجتهد في فصل القضايا والمحاسبة بطريقة لا تضر

بالعمال والرعايا والمساكين.

وقال شاهنواز خان في مآثر الأمراء: إنه كان مشكور السيرة في فصل القضايا والمهمات، ومن

غرائب صفاته أنه كان يرضي السلطان ورعاياه، ولذلك تأسف السلطان بموته تأسفاً شديداً، انتهى.

توفي لأربع ليال بقين من جمادي الأخرى سنة ست وستين وألف بالقولنج، كما في عمل صالح

وغيره.

الشيخ سعد الله اللاهوري

الشيخ الفاضل سعد الله الحنفي الأويسي اللاهوري، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، أخذ

عن الشيخ عبد الجليل بن عمر الصديقي البيانوي ثم اللكهنوي ولازمه زماناً، ثم سافر إلى بلاد شتى،

أخذ عنه عبد الرحمن الدهنتوي، وقرأ عليه الرسائل الثلاثة للشيخ عبد الجليل المذكور، عاش بعد

وفاة شيخه ثلاثين أو أربعين سنة، وكان من العلماء، مات بمدينة برهانبور فدفن بها، كما في بحر

زخار.

الشيخ سعد الله السنبهلي

الشيخ الفاضل سعد الله بن الأبدال السنبهلي المتلقب في الشعر بالشيخي، كان من أفاضل الصوفية،

ولد ونشأ بسنبهل، وأخذ عن الشيخ تاج الدين النقشبندي السنبهلي، ولازمه مدة من الزمان حتى برع

في العلم والمعرفة، له مصنفات، منها ديوان الشعر الفارسي والبحر العميق وجار جمن مزدوجة

بالفارسية وتذكرة المشايخ ممن أدركهم، ومن شعره قوله:

اكره مشاهدة دوست ازبس مركست

حيات خضر ومسيحا نصيب دشمن باد

مات سنة سبع وخمسين وألف، كما في الأسرارية.

سعيد خان ظفر جنك

الأمير الكبير سعيد بن أحمد الكابلي سعيد خان ظفر جنك، كان من كبار الأمراء في الدولة التيمورية

ووزرائها المشهورين وبالعقل والدين والهدوء والرزانة ولاه شاهجهان بن جهانكير التيموري صاحب

الهند على كابل، ولقبه ظفر جنك، وأضاف في منصبه غير مرة حتى صار مع الأصل والإضافة

سبعة آلاف له وسبعة آلاف للخيل، توفي بكابل في ثاني صفر سنة اثنتين وستين وألف، كما في مآثر

الأمراء.

سعيد سرمد المجذوب الدهلوي

الشيخ الفاضل سعيد الأرمني المتلقب في الشعر بسرمد، كان من الشعراء المجيدين، ذكره شاهنواز

خان في مآثر الأمراء قال: إنه كان يهودياً أو أرمنياً أسلم، وأخذ العلوم الحكمية عن أبي القاسم

القلندري، ثم دخل الهند للتجارة وافتتن بأحد أبناء كفار الهند، فأتلف ماله من نقير وقطمير وصار

عرياناً ينشئ الأبيات الرائقة وينشدها حتى اعتقد الناس به، وأحسن الظن به دارا شكوه بن شاهجهان

وجعله من ندمائه، فلما قام بالملك عالمكير سنة تسع وستين وألف أمر شيخه عبد القوي أن يحتسب

على سرمد، فطلبه وكلفه باللباس فلم يقبله، ثم أخذ عليه أنه ينكر المعراج للنبي صلى الله عليه وسلم

وأخذ ذلك من قوله:

آن كوكه سر حقيقتش باور شد خود بهن تر از سبهر بهناور شد

ملا كويد كه برشد أحمد بفلك سرمد كويد فلك بأحمد در شد

فأفتى عبد القوي المذكور بقتله واتفق العلماء عليه، فلما سل عليه السيف نظر إلى السياف فتبسم

وأنشد:

ص: 533

شوري شد واز حواب عدم جشم كشوديم

ديديم كه باقي است شب فتنه غنوديم

فقتل في سنة إحدى وسبعين بدهلي، وقبره عند الجامع الكبير بها، ومن شعره قوله:

سرمد غم عشق بوالهوس را ندهند سوز دل بروانه مكس را ندهند

عمري بايد كه يار آيد بكنار اين دولت سرمد همه كس را ندهند

سرمد كله اختصار مي بايد كرد يكك كار ازين دوكار مي بايد كرد

يا تن برضاي دوست مي بايد داد يا قطع نظر ز يار مي بايد كرد

الشيخ سكندر الكيتهلي

الشيخ الصالح سكندر بن عماد الدين الكيتهلي، أحد المشايخ القادرية الأعظمية، أخذ عن جده الشيخ

كمال الدين الكيتهلي، ولازمه مدة حياة الشيخ ثم تولى الشياخة، أخذ عنه الشيخ أحمد بن عبد الأحد

السرهندي والشيخ محمد طاهر اللاهوري وخلق آخرون، توفي سنة ثلاث وعشرين وألف، كما في

زبدة المقامات.

الشيخ سكه جي البرهانبوري

الشيخ الفاضل الكبير سكه جي البرهانبوري، كان ختن الشيخ يوسف البنكالي، ولد ونشأ بمدينة

برهانبور، وقرأ العلم على الحكيم عثمان بن عيسى البولكاني السندي بمدينة برهانبور، ولازمه مدة

من الزمان حتى برع وفاق أقرانه في كثير من العلوم والفنون، كما في كلزار أبرار.

الشيخ سلطان التهانيسري

الشيخ الفاضل سلطان الحنفي التهانيسري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، ولد

ونشأ بمدينة تهانيسر من أرض بنجاب، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم سافر إلى الحجاز فحج

وزار، ورجع إلى الهند وتقرب إلى أكبر شاه ملك الهند، وترجم بأمره مهابهارت بالفارسية في أربع

سنوات، وهو كتاب ضخم في لغة سنسكرت مقدس في زعم الهنادك، ثم اتفق أن الهنادك اتهموه بذبح

البقرة وكان ممنوعاً لتأليف قلب الهنادك، فسخط عليه أكبر شاه وأمر بجلائه إلى بكر من أرض السند

فرحل إليها، وكان عبد الرحيم بن بيرم خان والياً بها فالتفت إليه وشفع له بعد فتحه قلعة آسير، فأذن

له أكبر شاه أن يسكن ببلدة تهانيسر وولاه على كرور كيري ببلدته وبلدة كرنال أي جعله محصلاً

للخراج بها، وكان قائماً على تلك الخدمة سنة أربع وألف، كما في منتخب التواريخ.

سلطان حسين اليزدي

الأمير الفاضل سلطان حسين بن عبد الهادي بن مير ميران بن نعمة الله الحسيني اليزدي نواب

افتخار خان، كان من الأمراء المشهورين بالفضل والكمال، تنبل في أيام أبيه ومنح المنصب في أيام

شاهجهان، وتدرج إلى الإمارة في عهد ولده عالمكير، وأضيف في منصبه فصار ألفين لنفسه وألفاً

للخيل، وجعله عالمكير قهرمانه فاستقل بتلك الخدمة الجليلة مدة طويلة، ثم ولاه على كشمير، ثم نقله

إلى جونبور فمات بها، كما في مآثر الأمراء.

وكان من نوادر العصر في معرفة الهيئة والهندسة والحساب والأرتماطيقي والأصطرلاب والجفر

الجامع، أخذ بعض الفنون العربية عن الشيخ عبد الله الرومي، مات في سنة اثنتين وتسعين وألف،

كما في مرآة جهان نما.

الشيخ سليمان الكردي

الشيخ الفاضل العلامة سليمان أبو أحمد الكردي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث،

قدم الهند من بلاد كردستان وتفقه على الشيخ عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي وأخذ

الحديث عنه، ثم سافر إلى كجرات وسكن بها، وكان يدرس ويفيد، كما في مرآة أحمدي.

الشيخ سيف الدين السرهندي

الشيخ العالم العارف الكبير صاحب المقامات العلية والكرامات المشرقة الجليلة سيف الدين بن محمد

ص: 534

معصوم بن الشيخ أحمد العمري الحنفي السرهندي، كان خامس أبناء والده، ولد بسرهند سنة تسع

وأربعين وألف، ونشأ في مهد العلم والطريقة وتصدر للإرشاد، واختار للإقامة بلدة دهلي بأمر والده

الماجد بعد ما صدرت بها إشارة غيبية، فصار هناك مرجعاً للطالبين ومجمعاً للسالكين، وأخذ عنه

السلطان أورنك زيب عالمكير الغازي.

وكان على قدم والده في الاستقامة على الشريعة والطريقة، وله جذب قوي وتصرف عال بحيث كان

الناس يضطربون من قوة توجهاته ويبقون بلا اختيار في يده، قال الشيخ مراد بن عبد الله القزاني في

ذيل الرشحات وكان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على رتبة لم يكن عليها شيخ من المشايخ

مثله حتى كادت البدع ترتفع عن بلاد الهند في زمنه وتستأصل، ولذلك لقبه والده بمحتسب الأمة،

ودعاه السلطان مرة إلى قصره فأجابه اتباعاً للسنة ولما رأى في جدار القلعة صوراً منحوتة في

الأحجار توقف عن الدخول في القلعة، فأمر السلطان بكسرها فكسروها بأسرها ثم دخل فيها.

وقال: وكانت لمولانا سيف الدين قدس سره شوكة ظاهرة أيضاً حتى كان السلاطين والأمراء

يقومون على أرجلهم بالأدب التام بيني ديه ولا يتجاسرون القعود أمامه، وكان يلبس ألبسة فاخرة،

وقع مرة على قلب بعض أن له كبراً فأشرف عليه وقال: كبرى من ظل كبرياء الحق عز وجل،

وكان يأكل من مطبخه كل يوم أربعمائة رجل وألف رجل مرتين مما يوافق طبعه وترغب فيه نفسه،

انتهى.

توفي لعشر بقين من جمادي الأولى سنة ست وتسعين وألف في أيام عالمكير، وقد أرخ لوفاته بعض

أصحابه من قوله هي هي ستون دين افتاد، وكان عمره يوم وفاته سبعاً وأربعين سنة، قبره بسرهند

يزار، كما في الهدية الأحمدية.

الشيخ سيف الله الجوراسي

الشيخ العالم الكبير سيف الله الجوراسي، كان من ذرية الشيخ زين الدين بن رجب الشيخ الكبير

نصير الدين محمود الأودي، ولد ونشأ بجوراس قرية من أعمال أميتهي، وقرأ العلم على المفتي عبد

السلام الأعظمي الديوي صاحب المصنفات المشهورة وعلى الشيخ جمال أولياء الجشتي الكوزوي، ثم

تصدى للدرس والإفادة، أخذ عنه خلق كثير، كما في بحر زخار.

ستي خانم

أخت طالب الآملي وزوجة الحكيم نصير الدين الكاشي، كانت فصيحة بليغة بارعة في القراءة

والتجويد وصناعة الطب وتدبير المنزل، استخدمتها أرجمند بانو صاحبة شاهجهان فتقربت إليها

بحسن تدبيرها فجعلتها معلمة لجهان آرابيكم، ولما توفيت أرجمند بانو ولاها السلطان الصدارة في

حريمه فاستقلت بها إلى مدة مديدة، توفيت سنة عشرين جلوسية فتأسف السلطان بموتها تأسفاً شديداً،

وأعطى عشرة آلاف من النقود الفضية للتجهيز والتكفين، ودفنها بأكبر آباد وبنى على قبرها عمارة

رفيعة وبذل عليها ثلاثين ألفاً، ثم وقف قرية تحصل منها ثلاثون ألفاً في كل سنة لمصارف تلك

المقبرة، كما في مآثر الأمراء..

سليمه سلطانه

بنت كل رخ بيكم بنت السلطان ظهير الدين بابر شاه الكوركاني الفاتح، واسم والدها مرزا نور الدين

محمد النقشبندي، ولدت سنة خمس وستين وتسعمائة وتزوج بها بيرم خان أكبر قواد الدولة التيمورية

بأمر أكبر شاه بمصالح كانت تقتضيها الضرورة، ولما توفي بيرم خان تزوج بها أكبر شاه المذكور،

ورحلت إلى الحجاز للحج والزيارة سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة مع خالتها كلبدن بيكم من طريق

كجرات، فحجت أربع مرات ثم رجعت إلى الهند، وغرق فلكها فأقامت بمدينة عدن سنة كاملة،

ودخلت الهند سنة تسعين وتسعمائة.

وكانت فاضلة شاعرة عفيفة صاحبة عقل ودين، لها أبيات رائقة بالفارسية، منها قولها:

كاكلت را من ز مستي رشتة جان كفته ام مست بودم زين سبب حرف بريشان كفته ام

توفيت سنة إحدى وعشرين وألف في أيام جهانكير ولها ستون سنة.

ص: 535

حرف الشين المعجمة

مولانا شاكر محمد الدهلوي

الشيخ الفاضل الكبير شاكر محمد بن وجه الدين الحنفي الدهلوي، أحد كبار العلماء، كان من نسل

الشيخ عبد العزيز بن الحسن الجشتي، ولد ونشأ بدهلي، وقرأ العلم على الشيخ العلامة عبد الحق بن

سيف الدين البخاري الدهلوي، ولازمه ملازمة طويلة حتى برع في العلم والمعرفة وتصدر للتدريس،

وانتهت إليه رياسة العلم والتدريس بدهلي، وكان شاهجهان التيموري سلطان الهند يعظمه، مات في

آخر شعبان سنة ثلاث وستين وألف، وأرخ لعام وفاته كمال محمد السنبهلي شيخ فاني بود ذكره في

الأسرارية.

شاهجهان بن جهانكير الكوركاني

السلطان الفاضل الباذل شهاب الدين محمد شاهجهان بن جهانكير بن أكبر شاه الكوركاني ملك ملوك

الهند، ولد غرة ربيع الأول سنة ألف بمدينة لاهور، وقام بالملك بعد والده سنة ست وثلاثين وألف،

كان اسمه خرم - بضم الخاء المعجمة وتشديد الراء المهملة - معناه مسرور، سماه به جده أكبر شاه،

ولقبه والده شاهجهان، ولما قام بالملك تلقب شهاب الدين محمد صاحب القران الثاني.

وكان أشهر ملوك الهند وأبذلهم، افتتح أمره بالعدل والسخاء، ورفع سجدة التحية التي اخترعها جده

أكبر شاه، وأزال المظالم من البلاد وعمرها، وأخمد الفتنة والبدعة، وأسس المساجد والمشاهد، وكان

كثير الإحسان إلى السادة والعلماء، قصده الناس من جميع البلدان فغمرهم باحسانه، وكان عصره

أحسن الأعصار وزمانه أنضر الأزمنة.

ومن آثاره مدينة شاهجهان آباد بقرب دهلي القديمة، والقلعة الحمراء، والجامع الكبير في تلك البلدة،

والأبنية الفاخرة في تلك القلعة، والمسجد الكبير بأكبر آباد، وروضة تاج كنج في تلك البلدة -

وغيرها من الأبنية التي لا يعلم نظيرها في مدن الإسلام كلها بالمشرق ولا بالمغرب بل لم ير

نظيرها في بلاد الدنيا، يتحير الناس برؤيتها ويندهشون، وقصده مشاهير شعراء عصره من البلاد

الشاسعة ومدحوه بأحسن المدائح.

وكانت له أربعة أبناء: دارا شكوه، وشجاع، وأورنك زيب، ومراد بخش، فأعطى كلاً منهم أقطاعاً

كبيرة من الهند، ودبر لأكبرهم دارا شكوه بولاية العهد ومكنه أن يقيم عنده وينفذ الأمور، والملك

ابتلى باحتباس البول ومرض ولزم الفراش، فسد دارا شكوه أبواب الخبر بحاله فظنوا أن أباهم مات،

فنهض كل واحد منهم عن مكانه وحصلت بينهم حروب كثيرة، وغلب ثالثهم أورنك زيب فطوي

بساط إخوته وأقعد أباه شاهجهان في قلعة أكبر آباد، فعاش شاهجهان بعد ذلك نحو ثماني سنوات،

وكان مصاحبه في تلك الحالة السيد محمد الحسيني القنوجي، فكان يحتظ بصحبته ويستفيد منه،

وكانت معه بنته جهان آرابيكم في القلعة.

صنف في أخباره محمد صالح كتابه عمل صالح من الولادة إلى الوفاة، وأمين بن الحسن القزويني

كتابه بادشاه نامه من بدء جلوسه إلى عشر سنين، وصنف عبد الحميد اللاهوري كتابه بادشاه نامه في

أخبار عشرين سنة من مدته، وكمله محمد وارث من عشرين إلى ثلاثين، وصنف محمد طاهر بن

أحسن الله الكشميري كتابه شاهجهان نامه في أخباره، لخص فيه الأخبار من بادشاه نامه لعبد الحميد

المذكور ثم أضاف عليها ما وقع بمسمعه ومشهده إلى آخر أيام الملك، وصنف له عبد الحكيم بن

شمس الدين السيالكوتي العلامة كتباً كثيرة وكان يعطي عبد الحكيم المذكور مائة ألف في كل سنة.

مات بقلعة أكبر آباد سنة خمس وسبعين وألف في 26 من رجب.

ملا شاه محمد البدخشي

الشيخ العالم الفقيه شاه محمد بن ملا عبدي الحنفي الصوفي البدخشي المشهور بملا شاه، ولد ونشأ

بقرية أركسال من أعمال روستاق من أرض بدخشان، ثم قدم الهند ولازم الشيخ محمد مير اللاهوري،

وأخذ عنه الطريقة ولبث عنده مدة حياة

ص: 536

الشيخ، ثم ذهب إلى كشمير وبنى على جبل سليمان مسجداً

وزاوية خانقاه وحديقة وقطن بها.

وفي عمل صالح أنه دخل الهند سنة ثلاث وعشرين وألف، ولازم الشيخ محمد مير ملازمة طويلة

وأخذ عنه، ثم رحل إلى كشمير في حياة شيخه وتعود بأن يقيم بها في الصيف ثم يجئ لاهور ويشتو

بها.

وفي رياض الشعراء أن شاهجهان بن جهانكير الدهلوي كلما كان يرتحل إلى كشمير يتردد إليه

ويدركه ويحتظ بمقالاته، وولده دارا شكوه كان من مريديه وكذلك بنته جهان آرابيكم.

وكان عارفاً مغلوب الحالة، له مزدوجات عديدة في الحقائق، وله تفسير القرآن، لم يتم، وهو تفسير

غريب، قال فيه: إن قوله تعالى: " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم

عذاب عظيم" في شأن الأولياء، ومعناه أنه ختم على قلوب الأولياء لئلا يدخل فيها الوساوس النفسانية

والهواجس الشيطانية، وختم على سمعهم لئلا يدخل الكلمات من غير طائل، وعلى أبصارهم غشاوة

من سرادق العظمة والكبرياء وجلباب الحسن الأزلي، ولهم شراب عذب عظيم في الحلاوة، انتهى.

توفي سنة اثنتين وسبعين وألف، كما في عمل صالح.

مولانا شاه محمد الاخسبكتي

الشيخ العالم الكبير العلامة شاه محمد الاخسبكتي، أحد الرجال المشهورين في العلم، قرأ على أساتذة

عصره من علماء العرب والعجم، وصار من أكابر العلماء في حياة شيوخه، وحج وزار، ودخل الهند

فدرس وأفاد مدة من الزمان بكجرات، ثم ساح بلاد الهند ودخل مندو، وتزوج بها بابنة القاضي جمال

الدين التركستاني، ودرس بها سبعة أعوام، قرأ عليه محمد بن الحسن المندوي الكشف والمنار

والتلويح في أصول الفقه، وقرأ عليه خلق كثير من العلماء، كما في كلزار أبرار.

مولانا شاه محمد الجونبوري

الشيخ الفاضل شاه محمد العمري الجونبوري، أحد الأفاضل المشهورين في عصره، درس وأفاد،

وتخرج عليه خلق كثير من العلماء، قرأ عليه مرزا محمد صادق الأصفهاني، وذكره في الصبح

الصادق قال: إنه مات سنة اثنتين وثلاثين وألف ببلدة جونبور.

المفتي شرف الدين اللاهوري

الشيخ العالم الفقيه المفتي شرف الدين اللاهوري، كان من الفقهاء الحنفية، وكان حلو المنطق فصيح

الكلام حسن الأخلاق، ولي الإفتاء بمدينة لاهور في أيام عالمكير فاستقل به مدة حياته، ومات سنة

سبع وثمانين وألف، كما في مرآة جهان نما.

الشيخ شرفي محمد الكجراتي

الشيخ الفاضل شريف محمد الصديقي الشطاري الكجراتي، أحد الرجال المعروفين بالفضل

والصلاح، ولد ونشأ بنوساري، وسافر إلى مندو فلازم الشيخ محمود بن الجلال الكجراتي وقرأ عليه

العلم، ثم أخذ عنه الطريقة واشتغل عليه بأعمال جواهر خمسة مدة من الزمان حتى برع وفاق أقرانه

في العلم والطريقة، وسار إلى بادية ديواس وعكف بها على الرياضة والمجاهدة زماناً، ثم سار إلى

كواليار ودهلي وأدرك بها المشايخ واستفاض منهم، ثم رجع إلى كجرات وانقطع إلى الله سبحانه،

وكان حياً في سنة ثماني عشرة وألف، كما في كلزار أبرار.

مير شريف الآملي

الشيخ الفاضل مير شريف الآملي، أحد العلماء المبرزين في العلوم الحكمية، قدم الهند وتقرب إلى

أكبر شاه، وولي الصدارة بكابل سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة فأقام بها زماناً، ثم ولي الصدارة بأرض

بنكاله لعله في سنة تسع وتسعين أو مما يقرب من ذلك، وأقطع أجمير سنة ثلاث وألف، وكانت

موهان من أرض أوده أيضاً من أقطاعه، مات ودفن بها.

قال الخوافي في مآثر الأمراء: إنه كان ملحداً في الدين، خلط التصوف بالفنون الحكمية، كان يقول

لكل شيء يراه! إنه هو الله، ولسعة مشربه صار مقبولاً عند السلطان المذكور وحصل له الرسوخ في

قلبه، انتهى.

ص: 537

مولانا شكر الله الشيرازي

الشيخ العلامة شكر الله الشيرازي، أحد فحول العلماء، لم يكن له نظير في عصره في الحساب

والهيئة والهندسة وسائر الفنون الرياضية، ولد ونشأ بشيراز، وتلقى الخط والحساب عن أبيه وولي

مكانه بخدمة في ديوان الخراج، ولما بلغ الرشد ترك الخدمة وصحب علامة العلماء تقي الدين محمد

الشيرازي، وقرأ عليه المنطق والحكمة وغيرها من العلوم، ثم ذهب إلى قزوين واستظل بعضد الدولة

فرهاد خان وصاحبه مدة، ولما قتل عضد الدولة ذهب إلى همدان وصحب إبراهيم حسن الهمداني

الفاضل واستفاد منه فوائد كثيرة، ثم سافر إلى العراق فزار المشاهد ودخل الهند من بندر كنباية

وأدرك عبد الرحيم بن بيرم خان بمدينة برهانبور فجعله من ندمائه، وشفع له إلى جهانكير بن أكبر

سلطان الهند وولاه خدمة في برهانبور، فاستقام عليها ثلاث سنوات، ثم شفع لي فولي الكتابة بديوان

الخراج ولقب بأفضل خان، كما في مآثر رحيمي.

وقال عبد الحميد اللاهوري في بادشاه نامه: إن عبد الرحيم بن بيرم خان قربه إلى شاهجهان حين

قدومه إلى بلاد دكن، فشفع له شاهجهان إلى أبيه جهانكير واستخدمه، ثم لما سار شاهجهان بعساكره

إلى أوديبور بأمر والده لتأديب رانا أمر سنكه ذهب شكر الله في موكبه، ولما رجع شاهجهان إلى

الحضرة شفع له، فلقبه جهانكير أفضل خان وأعطاه المنصب. ثم لما قام شاهجهان بالملك بعد أبيه

أضاف في منصبه ورقاه من الإمارة إلى الوزارة، وكان ذلك في السنة الثامنة الجلوسية. وأضاف في

منصبه غير مرة حتى صار مع الأصل والإضافة سبعة آلاف له وأربعة آلاف للخيل، فاستقل

بالوزارة إلى وفاته.

وكان رجلاً فاضلاً وقوراً حازماً شجاعاً مقداماً عاقلاً حسن الأخلاق كثير الفوائد جيد المشاركة في

العلوم، له يد بيضاء في الحساب والهندسة والهيئة وسائر الفنون الرياضية والحكمة.

وقال محمد صالح في عمل صالح ما يؤيد كلام عبد الحميد غير أنه خالفه في المنصب فقال: إنه نال

سبعة آلاف له وخمسة آلاف للخيل في آخر أيامه ثم أثنى على براعته في العلوم الحكمية ثناء جميلاً.

وكذلك شاهنواز خان في مآثر الأمراء أثنى عليه وقال: إنه كان مشكور السيرة مهذب الأخلاق نادرة

من نوادر الدهر في العلوم الرياضية.

توفي في الثاني عشر من رمضان سنة ثمان وأربعين وألف بلاهور فأرخ الناس لوفاته، بعضهم من

قوله ع زخوبي برد كوي نيكنامي، وبعضهم من قوله علامي از دهر رفت.

خواجه شمس الدين الخوافي

الشيخ الفاضل شمس الدين بن علاء الدين الخوافي، أحد الرجال المعروفين بالسياسة والتدبير، قدم

الهند وتقرب إلى أكبر شاه بن همايون التيموري، وترقى درجة بعد درجة حتى نال الوزارة الجليلة.

وكان رجلاً فاضلاً عادلاً كريماً صادق اللهجة طيب النفس، لم يزل مشتغلاً بتعمير البلاد وإرضاء

النفوس وإيصال النفع إلى الناس.

مات في سنة ثمان وألف بمدينة لاهور، كما في مآثر الأمراء.

مولانا شمس الدين الجونبوري

الشيخ الفاضل العلامة شمس الدين بن نور الدين بن عبد القادر بن زيد الدين بن نظام الدين بن خير

الدين بن أحمد بن الجمال بن تقي الدين الصديقي الأودي البرونوي الجونبوري، كان من العلماء

المشهورين في عصره، ولد ونشأ بقرية برونه - بفتح الموحدة - قرية من أعمال جونبور، وتخرج

على جماعة من الفضلاء، فجعله أكبر شاه التيموري معلماً لولده برويز، فسكن بإله آباد مدة من

الزمان، ثم ولاه الإفتاء بمدينة جونبور، فرجع إلى بلدته ودرس وأفاد، قرأ عليه الشيخ محمود بن

محمد الجونبوري صاحب الشمس البازغة بعض الكتب، وقرأ عليه ابن أخته محمد رشيد بن

مصطفى الجونبوري صاحب الرشيدية شرح كافية ابن الحاجب للجامي، وحاشية الكافية مع شرح

الشيخ إله داد الجونبوري إلى مرفوعاته، وقصيدة البردة، وشطراً من الآداب الحنفية، وشطراً من

ص: 538

الحسامي والمختصر مع حاشيته، وشرح الوقاية والهداية والتلويح، وقرأ عليه الشيخ ركن الدين

البحري آبادي جميع الكتب الدرسية.

توفي سنة سبع وأربعين وألف، فدفن بمدرسته في بلدة جونبور، وأرخ بعض أصحابه لوفاته وصل

الجنة بلا حساب، كما في كنج أرشدي.

مولانا شمس الدين الجونبوري

الشيخ الفاضل الكبير شمس الدين الحنفي الجونبوري، كان صنو الشيخ محمد ماه الجونبوري الأستاذ

المشهور، قرأ العلم على الشيخ محمد أفضل بن حمزة العثماني الجونبوري أستاذ الملك، ودرس وأفاد

مدة عمره، ذكره بختاور خان في مرآة العالم والشيخ وجيه الدين في بحر زخار.

مولانا شهباز محمد البهاكلبوري

الشيخ العالم الفقيه الزاهد شهباز بن محمد بن الخير بن علي بن علي بن إسماعيل ابن إسحاق بن

سعدي بن يعقوب بن محمد بن محمود بن مسعود بن أحمد الحسيني اللاهوري ثم البهاكلبوري، كان

من نسل الشيخ كمال الدين الحسيني الترمذي، ولد سنة ست وخمسين وتسعمائة بديوره قرية من أعلم

بهار، وقرأ العلم على صهره الشيخ شاه محمد الديوري، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ يسين السامانوي،

وانتقل إلى بهاكلبور وله ثلاثون سنة، فتصدر بها للدرس والإفادة.

وكان كثير الفوائد جيد المشاركة في العلوم، لم يزل مشتغلاً بالتدريس حتى أنه درس في مرض

موته ومات بعد ما فرغ عن تدريس مشكاة المصابيح، وكان ذلك يوم الخميس السادس عشر من صفر

سنة خمسين وألف ببلدة بهاكلبور فدفن بها، كما في الدر المنثور، وفي كنج أرشدي أنه مات سنة

ستين وألف، والأول أولى بالقبول.

شهباز خان كنبو

الأمير الكبير شهباز خان كنبو المارهروي، كان من نسل الشيخ جمال أحد أصحاب الشيخ بهاء

الدين زكريا الملتاني، ولد ونشأ في عفاف وتأله، واعتزل في بيته مدة من الزمان، ثم تقرب إلى أكبر

شاه وتدرج إلى الإمارة حتى صار مير توزك ثم مير بخشي، وكان رجلاً صالحاً ديناً تقياً صالح

العقيدة مع تقربه إلى السلطان المذكور، وكان ذا جرأة ونجدة، لا يقصر عن قول الحق عند السلطان

ولا يخافه ولا يبتغي رضاه في الأمور الشرعية، فلم يقصر اللحية ولم يشرب الخمر ولم يرغب إلى

الدين الإلهي المخترع قط.

قال شاهنواز خان في مآثر الأمراء: إن أكبر شاه السلطان كان يتفرج يوماً بين العصر والمغرب

على بركة ماء بفتحبور وكان شهباز خان بين يديه فأخذ يده والتفت إليه وكان يمشي ويتكلم معه،

والناس كانوا يزعمون أن شهباز لا يستطيع أن ينزع يده عن يد السلطان فتفوته الصلاة، وكان من

عادته أن لا يتكلم بعد العصر إلى المغرب، فلما رأى شهباز أن الشمس قد مالت إلى الغروب استأذن

السلطان للصلاة، فقال السلطان: تداركها بالقضاء ولا تتركني خلياً، فنزع يده شهباز وبسط مئزره

على الأرض واشتغل بالصلاة ثم بالأوراد الراتبة والسلطان قائم على رأسه يشدد عليه، وكان أبو

الفتح وعلي أيضاً في ذلك الموقف فتقدما وقالا: إنهما أيضاً يستحقان أن يلتفت السلطان إليهما، فالتفت

إليهما، انتهى، توفي بأجمير سنة ثمان وألف، كما في مآثر الأمراء.

السيد شيخ بن عبد القادر الحضرمي

السيد الشريف شيخ بن عبد القادر بن شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس الشافعي

الحضرمي الهندي الكجراتي، أحد المشايخ المشهورين، ولد ونشأ بأحمد آباد وانتفع بأبيه ولازمه مدة

حياته، ثم سافر إلى سورت وتولى الشياخة بها، وحصلت له الإجازة عن الشيخ عبد الله بن عبد

الرحمن السقاف الحضرمي، فاستقل بها مدة من الزمان.

توفي في خامس جمادي الولى سنة ست وتسعين وألف بمدينة سورت فدفن بها، كما في الحديقة

الأحمدية.

ص: 539

السيد شيخ بن عبد الله الحضرمي

السيد الشريف شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني

الحضرمي الأستاذ الكبير المحدث الصوفي الفقيه، ذكره الشلي في المشرع الروي وقال: إنه ولد

بمدينة تريم سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة، وحفظ القرآن وغيره، واشتغل على والده وأخذ عنه علوماً

كثيرة ولبس منه الخرقة وتفقه على الفقيه فضل بن عبد الرحمن با فضل والشيخ زين با حسين با

فضل، وأخذ عن القاضي عبد الرحمن بن شهاب الدين وغيرهم، ورح إلى الشحر واليمن والحرمين

في سنة ست عشرة بعد الألف، وأخذ عن الشيخ محمد الطيار، وله معه مناظرات ومفاكهات، وأخذ

عن الشيخ العراقي صاحب أكمة سعيف وهي قرية قريب الجندر، وحج في هذه السنة، وأخذ

بالحرمين عن جماعة، وأخذ في رجوعه من الحجاز عن السيد عبد الله بن علي صاحب الوهط

والسيد أحمد بن عمر العيدروس بعدن والشيخ عبد المانع، وألبسه خرقة التصوف أكثر مشايخه، وأخذ

باليمن عن كثيرين، منهم الشيخ أحمد الحشيبري، والسيد جعفر بن رفيع الدين والشيخ موسى بن

جعفر الكشميري والسيد علي الأهدل، وسمع خلقاً كثيراً، ولازم الاشتغال والتقوى، ثم رحل إلى الهند

فدخلها في سنة خمس وعشرين وألف، وأخذ عن الشيخ عبد القادر بن شيخ، وكان يحبه ويثني عليه

وبشره ببشارات، وألبسه الخرقة وحكمه، وكتب له إجازة مطلقة في أحكام التحكيم، ثم قصد إقليم

الدكن واجتمع بالوزير الملك عنبر وبسلطانه برهان نظام شاه، وحصل له عندهما جاه عظيم، وأخذ

عنه جماعة، ثم سعى بعض المردة بالنميمة فأفسدوا أمر تلك الدائرة، ففارقهم وقصد إبراهيم عادل شاه

البيجابوري، فأجله وعظمه، وتبجح السلطان بمجيئه إليه، وعظم أمره في بلاده، وكان لا يصدر إلا

عن رأيه، وسبب إقباله الزائد عليه أنه وقع له حال اجتماعه به كرامة، وهي أن السلطان كانت

أصابته في مقعدته جراحة منعته الراحة والجلوس وعجزت عن علاجه الأطباء، وكان سببها أن

السيد علي بن علوي دعا عليه بجرح لا يبرئ، فلما أقبل السيد شيخ بن عبد الله ورآه على حالته

أمره أن يجلس مستوياً، فجلس من حينئذ وبرئ منها، وكان السلطان إبراهيم رافضياً، فلم يزل به

حتى أدخله في عداد أهل السنة، فلما رأى أهل تلك المملكة انقياد السلطان إليه أقبلوا عليه وهابوه،

وحصل كتباً نفيسة، واجتمع له من الأموال ما لا يحصى كثرة، وكان عزم أن يعمر في حضرموت

عمارة عالية ويغرس حدائق وعين عدة أوقاف تصرف على الأشراف، فلم يمكنه الزمان وغرق

جميع ما أرسله من الدراهم في البحر، وله مصنفات عديدة، منها كتاب في الخرقة الشريفة سماه

السلسلة وهو غريب الأسلوب، ولم يزل مقيماً عند إبراهيم عادل شاه حتى مات السلطان فرحل إلى

دولت آباد، وكان بها الوزير فتح خان بن الملك عنبر فقربه وأدناه، وأقام عنده في أخصب عيش

وأرغده إلى أن مات في سنة إحدى وأربعين وألف، ودفن بالروضة المعروفة بقرب دولت آباد وقبره

ظاهر يزار.

الشيخ شير محمد البرهانبوري

الشيخ العالم الفقيه شير محمد الحسني الحسيني القادري البرهانبوري، أحد المشايخ المتورعين، كان

ممن تقرب إلى عالمكير في أيام ولايته على بلاد الدكن، وكان لا يفارقه في الخلوة وفي الأسفار،

وسكن في آخر عمره بمدينة برهانبور، كما في تحفة الكرام.

وفي كنج أرشدي أنه كان من ذرية الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه، توفي غرة محرم

الحرام سنة تسعين وألف.

وفي التأليف المحمدي أنه توفي سنة اثنتين وثمانين وألف، وقبره بمدينة برهانبور، وهذا يوافق ما

في خورشيد جاهي.

حرف الصاد المهملة

مرزا صادق الأصفهاني

الشيخ الفاضل صادق بن صالح الأصفهاني، أحد العلماء المبرزين في الإنشاء والشعر، ولد في ثالث

شعبان سنة ثماني عشرة وألف بمدينة سورت، وقرأ العلم على مولانا شاه محمد الجونبوري ومولانا

عبد الشكور البهاري والشيخ محمد حسين الكشميري والشيخ محمد اليزدي وعلى غيرهم من أساتذة

الهند،

ص: 540

ثم تقرب إلى شاهجهان.

وله مصنفات عديدة، منها الشاهد الصادق في المحاضرات، ومنها الصبح الصادق مؤلف ضخم في

أربعة مجلدات في أخبار الأنبياء والأولياء والملوك والوزراء والحكماء والعلماء والشعراء، صنفه

لشجاع بن شاهجهان، وكان شاعراً مجيد الشعر بارعاً في كثير من العلوم والفنون.

ومن أبياته قوله:

سوي ميخانه بتائيد جنون خواهم رفت باز از عالم اسباب برون خواهم رفت

حد اين باديه جز اشك نديد است كسى آه خواهم شد از اشك فزون خواهم رفت

لعله مات في الفترات الشجاعية بأرض بنكاله.

الشيخ صالح بن محمد الكجراتي

الشيخ الصالح صالح بن محمد بن تاج الجانبانيري الكجراتي، أحد الرجال المعروفين بالفضل

والصلاح، ولد ونشأ بجانبانير وحفظ القرآن وقرأ المختصرات بها، ثم سافر إلى آكره وأخذ عن

الشيخ ضياء الله بن محمد غوث الشطاري الكواليري ولازمه خمس عشرة سنة، ولما مات ضياء الله

سافر إلى مندو وسكن بها وتزوج، وأخذ عن الشيخ محمود بن الجلال الكجراتي، وله إجازة عن

الشيخ عيسى بن قاسم السندي أيضاً، وكان صاحب وجد وحالة، كان حياً في سنة اثنتين وعشرين

وألف، كما في كلزار أبرار.

مرزا صالح الأصفهاني

الشيخ الفاضل الكبير مرزا صالح الأصفهاني، أحد العلماء المبرزين في الشعر، يصل نسبه بثلاث

وسائط إلى صدر الدين الطبيب الأصفهاني، قدم الهند وتقرب إلى جهانكير بن أكبر شاه ثم إلى ولده

شاهجهان فولي على بعض المتصرفيات، وكان شاعراً بارعاً في العلوم، توفي سنة ثلاث وأربعين

وألف، كما في يد بيضاء.

مولانا صالح السندي

الشيخ الفاضل صالح السندي البرهانبوري المشهور بختن الأستاذ، قرأ العلم على الحكيم عثمان بن

عيسى البولكاني ثم البرهانبوري، ولازمه مدة من الزمان حتى برع في العلم وتأهل للفتوى

والتدريس.

الشيخ صالح الكشميري

الشيخ الفاضل صالح بن أبيه الكشميري، أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، أخذ عن الشيخ

إبراهيم الكشميري، مات سنة ثمانين وألف بكشمير فدفن بها.

الشيخ صبغة الله الحسيني البروجي

الشيخ العالم الكبير العارف صبغة الله بن روح الله بن جمال الله الحسيني الكاظمي البروجي المهاجر

إلى المدينة المنورة وشيخ مشايخ الطريقة العشقية الشطارية، كان أحد أفراد الزمان في المعارف

الإلهية، وله اليد الطولى في أنواع النون، أصله من أصفهان، انتقل جده منها إلى الهند وسكن بمدينة

بروج من بلاد كجرات، وولد بها الشيخ صبغة الله ونشأ في مهد العلم، وقرأ على العلامة وجيه الدين

بن نصر الله العلوي الكجراتي، وأخذ عنه وتأدب عليه، وأكمل عنده الطريق وأجازه للارشاد، فأقبل

عليه الناس وبعد صيته وعظم أمره عند الأمراء لما شاهدوه من غزير علمه وزهده وعدم قبوله

العطاء إلا نادراً، ثم رحل إلى الحجاز وحج وعاد إلى بروج، ثم ذهب إلى مالوه سنة تسع وتسعين

وتسعمائة وأقام بها برهة من الزمان، ثم اشتاق إلى الزيارة النبوية فساق ركائب عزمه مسرعاً إلى

أحمد نكر، وأقام بها سنة عند برهان شاه أمير تلك البلدة، ثم خرج قاصداً للحرمين الشريفين ودخل

بيجابور فأقام بها خمس سنوات ثم خرج للحج، فهيأ له إبراهيم عادل شاه صاحب بيجابور أسباب

السفر ومنحه سفينة من سفنه الخاصة كانت في إحدى البنادر من مملكته، فركبها الشيخ مع أصحابه

وأتباعه ووصل إلى مكة المباركة فحج في سنة خمس بعد الألف، وذهب إلى المدينة المنورة وأقام

بجبل أحد منها يدرس

ص: 541

الطلبة ويربي المريدين، وانتفع به خلق كثير أجلهم السيد أمجد مرزا - توفي

بالمدينة سنة سبع وثلاثين وألف ودفن بالبقيع - والسيد أسعد البلخي نزيل المدينة المنورة والشيخ

أحمد ابن علي بن عبد القدوس الشناوي والشيخ أبو بكر بن أحمد بن قعود النسفي المصري والشيخ

عبد الله بن ولي الحضرمي والشيخ محمد بن عمر بن محمد الحضرمي نزيل مكة المباركة والشيخ

إبراهيم الهندي والشيخ محي الدين المصري والملا شيخ بن إلياس الكردي نزيل المدينة والملا نظام

الدين السندي نزيل دمشق والشيخ عبد العظيم محمد الحنفي المكر والشيخ حبيب الله الهندي

البيجابوري، وجماعة لا يمكن ضبطهم.

وله حاشية على تفسير البيضاوي وهي مشهورة في بلاد الروم، وله كتاب الوحدة ورسالة إراءة

الدقائق في شرح مرآة الحقائق ورسالتان في الصنعة الجابرية ورسالة في الجفر وما لا يسع المريد

تركه كل يوم من سنن القوم وتعريب جواهر خمسة للشيخ محمد غوث الكواليري.

قال ابن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان يلازم الصلوات الخمس بالجماعة في المسجد

النبوي عند الشباك الشرقي من الحجرة النبوية، وكان له شهامة وسخاء مفرط فربما أرسل إليه من

أقاصي البلاد وأدانيها في دور السنة مقدار مائة ألف قرش فلا يبقى منها شيئاً ويصرفها على الفقراء،

وكانت له أحوال وخوارق في باب الولاية عجيبة جداً، حكى عن تلميذه الملا نظام الدين المذكور

قال: لما كنت في خدمته تذكرت ليلة وطني وأهلي فغلبني البكاء والنحيب، ففطن بي الأستاذ فقال: ما

يبكيك؟ فقلت: قد طالت شقة النوى وزاد بي الشوق إلى الوطن والأهل، وكان ذلك بعد صلاة العشاء

بهنيهة، فقال لي: ادن مني، فدنوت من السجادة التي يجلس عليها، فرفعها فتراءت لي بلدتي وسكني

ثم لم أشعر إلا وأنا ثمة والناس قد خرجوا من صلاة العشاء، فسلمت ودخلت إلى داري واجتمعت

بأهلي تلك الليلة وأقمت عندهم إلى أن صليت معهم الصبح، ثم وجدت نفسي بين يدي الأستاذ، وكان

يروى عنه أحوال غير هذه، وبالجملة فهو كبير الشأن سامي القدر مشهور بالولاية، انتهى.

وقال الشيخ نجم الدين الغزي في لطف السمر وقطف الثمر: إنه كان يلازم الصلوات الخمس في

الجماعة بالمسجد النبوي عند الشباك الشرقي من الحجرة النبوية - على ساكنها أفضل الصلاة

والسلام - وزرته هناك وسألته الدعاء، فقال لي: بل أنت أدع الله فانك حاج وأنا أومن فامتثلت أمره

ودعوت الله وهو يؤمن، وكان أبيض اللون وضئ الوجه نير الشيبه، عليه آثار العبادة وأبهة العلم،

رحمه الله تعالى، انتهى.

وكانت وفاته في السادس والعشرين من جمادي الأولى سنة خمس عشرة بعد الألف، ودفن ببقيع

الغرقد وقبره ظاهر يزار ويتبرك به، كما في خلاصة الأثر.

الشيخ صبغة الله البيجابوري

الشيخ العالم الفقيه صبغة الله بن حبيب الله بن أحمد بن الخليل الحنفي البيجابوري، أحد العلماء

الربانيين، ولد ونشأ بمدينة بيجابور، وقرأ العلم على والده ثم أخذ الطريقة عنه، ولازمه ملازمة

طويلة حتى بلغ رتبة الكمال، ولما مات والده سنة 1041 تولى الشياخة مكانه وحصل له القبول

العظيم، مات لعشر بقين من رجب سنة سبعين وألف بمدينة بيجابور فدفن بها، كما في محبوب ذي

المنن.

القاضي صدر الدين الإله آبادي

الشيخ الفاضل صدر الدين بن القاضي داود الحنفي الجشتي الإله آبادي المشهور بالقاضي كهاسي،

كان والده قاضياً بمدينة إله آباد، فلما توفي أبوه ترك القضاء واشتغل بالعلم، وأخذ الطريقة عن الشيخ

محب الله الإله آبادي بعد فراغه من البحث والاشتغال، وهو أول من بايع الشيخ محب الله المذكور،

فلازمه مدة حياته وتولى الشياخة بعده، أخذ عنه الشيخ قطب الدين بن عبد الحليم الأنصاري

السهالوي، كما في بحر زخار، وهو توفي إلى رحمة الله سبحانه في أيام عالمكير، كما في الرسالة

القطبية.

المفتي صدر جهان البهانوي

الشيخ العالم الفقيه المفتي صدر جهان بن عبد

ص: 542

المقتدر بن شاهين بن أحمد ابن عبد الله بن محمد بن

سراج الدين بن تاج الدين بن عليم الدين بن كمال الدين الحسيني الترمذي الكيتهلي ثم البهانوي، كان

من العلماء المبرزين في العلوم العربية، ولد ونشأ بقرية بهاني، وسافر للعلم فقرأ على الشيخ نطام

الدين الحسيني الخير آبادي وعلى غيره من العلماء، ثم أسند الحديث عن الشيخ عبد النبي بن أحمد

الحنفي الكنكوهي، وولي الإفتاء بشفاعة الشيخ عبد النبي المذكور في المعسكر، ثم بعث إلى توران

بالرسالة الشريفة سنة أربع وتسعين وتسعمائة، وولي الصدارة بعد رجوعه إلى الهند، أخذ عنه

جهانكير بن أكبر شاه وحفظ عنه أربعين حديثاً، ولما قام بالملك أضاف في منصبه حتى صار مع

الأصل والإضافة أربعة آلاف له، وأقطعه جهانكير أرضاً بناحية قنوج، ومنح صدر جهان في عهد

صدارته من أقطاع الأرض في خمس سنوات ما لم يمنح الصدور السالفون في خمسين سنة، وعاش

مائة وعشرين سنة مع صحة حواسه وسلامة أفعاله، كما في سرو آزاد.

قال البدايوني في منتخب التواريخ: إنه كان عالماً فكهاً مزاحاً شاعراً مقل الشعر معجباً لنفسه كثير

الهذر، ولي الصدارة بعد رجوعه من توران، قال: وكان السلطان أكبر بن همايون التيموري في ذلك

الزمان يأمر باخراج العلماء إلى الحجاز أو بلاد أخرى، فهابه صدر جهان وقال ذات يوم: إني أخشى

أن أكون ممن يجلون! فأجابه نظام الدين بن محمد مقيم الهروي الأكبر آبادي أنكم ما قلتم كلمة حق

عند السلطان أبداً فلم تستحقون الجلاء، انتهى.

ومن أبياته:

هر تار زلف يار إلهي بلا شود وانكه بهر بلا دل ما مبتلا شود

توفي سنة عشرين وألف وله مائة وعشرون سنة، كما في مرآة العالم وقيل: إنه مات سنة سبع

وعشرين وألف وقبره في بهاني.

الشيخ صدر جهان المانكبوري

الشيخ الصالح صدر جهان بن أبي الفتح الموالي المانكبوري، أحد المشايخ الشطارية، ولد بقرية

موال من أعمال مانكبور، واشتاق إلى الحج والزيارة في عنفوان شبابه، فسافر ووصل إلى مدينة

دهار من مدن مالوه وأدرك بها معروف غريب الله الدهاري فلازمه وأخذ عنه، ثم سافر معروف إلى

الحرمين الشريفين وتركه لتربية ابنه تاج الدين عطاء الله فرباه وعلمه، ومات معروف بالمدينة

الطيبة، فسافر الصدر إلى برهانبور وأخذ عن الشيخ عيسى بن قاسم السندي وصحبه زماناً ورجع

إلى بلاده، وكان يسافر كل سنة إلى برهانبور لزيارة الشيخ عيسى المذكور، مات في السابع عشر

من ربيع الأول سنة أربع عشرة وألف، كما في كلزار أبرار.

مرزا صدر الدين الشيرازي

الشيخ العالم الكبير صدر الدين بن فخر الدين الشيرازي المشهور بمسيح الزمان، كان من ذرية

الحارث بن كلدة طبيب العرب، ولد ونشأ بشيراز، وقرأ أكثر العلوم المتعارفة على الشيخ بهاء الدين

العاملي، وقرأ بعض الكتب الطبية على محمد باقر بن عماد الدين محمود الشيرازي، وقدم الهند سنة

إحدى عشرة وألف، وكان عمه زنبل بيك دخل الهند قبله وتقرب إلى صاحب الهند فجاء وأخذ عن

الحكيم علي الكيلاني وتطبب عليه، ثم وظفه أكبر شاه وأدخله في زمرة الأطباء، ثم لقبه جهانكير بن

أكبر شاه مسيح الزمان، وأضاف في منصبه شاهجهان بن جهانكير حتى صار ثلاثة آلاف له، ثم

استكره المسيح المعالجة لاحتمال المضرة تورعاً، فولاه شاهجهان على العرض المكرر، فاستقل به

مدة، ثم اشتاق إلى الحج والزيارة - وكان حج وزار قبله أيضاً في أيام جهانكير - فسافر إلى

الحرمين الشريفين وحج مرة ثانية، ورجع إلى الهند فولاه شاهجهان على بلدة سورت واستقام أمره

في ذلك، كما في بادشاه نامه.

قال شاهنواز خان في مآثر الأمراء: إنه كان عالماً كبيراً ماهراً في الطب وسائر الفنون الحكمية

شيعياً في المذهب ديناً تقياً، سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وعاد إلى الهند واعتزل بلاهور

وعكف على الدرس والإفادة، ووظفه شاهجهان بخمسين ألف ربيه في كل سنة انتهى.

ص: 543

وقال الداغستاني في رياض الشعراء: إنه قدم الهند في عنفوان شبابه ونال المنصب، وسافر إلى

الحجاز سنة ثلاث وثلاثين وألف ثم عاد إلى الهند، ومن أبياته قوله:

بكذر از خود كه زخود هر كه رهائي يابد كر بصد قيد كرفتار بود آزاد است

توفي سنة إحدى وستين وألف بكشمير، كما في مآثر الأمراء.

المفتي صدر الدين اللكهنوي

الشيخ الفاضل صدر الدين..... الحسيني الأعظمي اللكهنوي، كان من نسل الشيخ محمد أعظم بن

أبي البقاء الحسيني، ولد ونشأ بمدينة لكهنؤ، وقرأ العلم على أساتذة عصره، وبرع في الشعر

والإنشاء، مات في سنة خمس وسبعين وألف بلكهنؤ فدفن بها، وبنى ولده محمد صادق على قبره بناء

عالياً سنة 1109 كما في تذكرة علماء الهند.

الشيخ صدر الدين الإله آبادي

الشيخ الفاضل صدر الدين بن حبيب الله القرشي الأسدي الإله آبادي، أحد العلماء المبرزين في

المنطق والحكمة، قرأ العلم على أساتذة جونبور، رأيت بخطه الآداب الباقية والألحاب الباقية للشيخ

عبد الباقي بن غوث الإسلام الصديقي الجونبوري، نسخها سنة تسعين وألف.

مرزا صفي بن بديع الزمان الأكبر آبادي

الأمير الفاضل صفي بن بديع الزمان، القزويني ثم الأكبر آبادي، المشهور بسيف خان، ختن آصف

جاه أبي الحسن بن غياث الدين الطهراني، كان متولياً بديوان الخراج في أرض كجرات، ثم ولي

عليها في أيام جهانكير، وولاه شاهجهان على أقطاع بهار، ثم ولاه على إله آباد، ثم نقله إلى كجرات،

ثم استقدمه إلى أكبر آباد وجعله حارساً لمستقر الخلافة، ولما ولي محمد شجاع ابن الملك علي بنكاله

وكان بمدينة كابل أمر سيف خان أن يذهب إلى بنكاله.

وكان رجلاً فاضلاً محباً لأهل العلم محسناً إليهم، بنى مدرسة عظيمة بأحمد آباد تجاه القلعة، وكذلك

بنى مارستاناً كبيراً في تلك البلدة سنة اثنتين وثلاثين وألف، مات في محرم سنة تسع وأربعين وألف

بأرض بنكاله، كما في مآثر الأمراء.

مولانا صوفي الكجراتي

الشيخ العالم مولانا صوفي الكجراتي، أحد العلماء المتصوفين، تبحر في العلوم وعكف على الدرس

والإفادة، أخذ عنه جمع كثير من العلماء، وظفه عبد الرحيم ابن بيرم خان وجعله ناظراً على خزانة

الكتب له، ثم اختاره للمصاحبة فصاحبه مدة طويلة، ثم اعتزل عن الناس ولازم بيته، كما في مآثر

رحيمي، قال الصادق في الصبح الصادق: إن اسمه كان محمداً، وكان شاعراً مجيد الشعر ومن أبياته:

مرا بوقت جدائي دوست مردن به كه زنده باشم وبي دوست بنكرم جاها

مات سنة أربع وثلاثين وألف، فأرخ لوفاته الصادق من قوله: ع رفته ملا محمد صوفي.

صاحب جي

المرأة الفاضلة بنت الأمير الكبير علي مردان خان الفارسي، كانت من فضليات النساء في العقل

والدهاء والتدبير والسياسة، تزوج بها مير ميران بن خليل الله الحسيني اليزدي، واستصحبها إلى

كابل حين ولي عليها فشاركت زوجها في الولاية اثنتين وعشرين سنة، ولما توفي مير ميران

المذكور استقلت بالولاية، وأذعن لها الأفاغنة بالطاعة، ثم سافرت إلى الحرمين الشريفين، وطابت لها

الإقامة بها، كما في مآثر الأمراء.

حرف الضاد المعجمة

ضياء الدين حسين البدخشي

نواب ضياء الدين حسين بن محمد حافظ البدخشي

ص: 544

الدهلوي، كان من الأمراء المعروفين بالفضل

والكمال، قرأ العلم على والده وعلى الشيخ عبد الله بن عبد الباقي الدهلوي، ولقبه عالمكير همت خان

ثم إسلام خان، وولاه على بلاد كشمير ثم على أكبر آباد، وأضاف في منصبه فصار مع الأصل

والإضافة خمسة آلاف لذاته، وكان فاضلاً عادلاً كريماً تقياً متورعاً متين الديانة مجيد الشعر، رحل

في أيامه عالمكير إلى كشمير، ومن شعره قوله:

وسعتي بيداكن أي صحرا كه امشب در غمش لشكر آه من از دل خيمه بيرون مي زند

توفي بأكبر آباد سنة أربع وسبعين وألف فدفن في جوار الشيخ محمد نعمان، كما في مآثر الأمراء.

مولانا ضياء الدين الجونبوري

الشيخ العالم المحدث ضياء الدين الحنفي البهولبوري الجونبوري، أحد العلماء المبرزين في الحديث

والتفسير، أخذ عن الشيخ محمد رشيد بن مصطفى العثماني الجونبوري صاحب الرشيدية ومات بعد

موته، ذكره غلام رشيد الجونبوري في كنج أرشدي وقال السنبهلي في الأسرارية: إنه قدم دار الملك

في بداية حاله ودخل في المدرسة التي كانت بالسوق الكبير جوك، وقرأ العلم على مولانا حيدر وعلى

غيره من العلماء، ثم ترك البحث والاشتغال، قال: وإني لقيته بأمروهه، ثم قدم سنبهل وسكن بها

وتزوج، وكان يدرس ويفيد، انتهى، ولم يؤرخ السنبهلي لعام وفاته، لعله كان حياً إلى سنة سبع

وستين وألف.

الشيخ ضياء الله الأكبر آبادي

الشيخ العالم الفقيه المحدث ضياء الله بن محمد غوث الشطاري الكواليري، كان من ذرية الشيخ فريد

الدين العطار صاحب تذكرة الأولياء سافر في صغر سنه إلى كجرات، وقرأ العلم على الشيخ وجيه

الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي، وأخذ الحديث عن الشيخ محمد بن طاهر بن علي الكجراتي

ولازمه عشر سنين، وأرسل إليه والده الخرقة، رجع إلى كواليار بعد وفاة أبيه سنة سبعين وتسعمائة

وأقام بها زماناً، ثم دخل أكبر آباد وسكن بها، وصرف خمساً وثلاثين سنة في نشر العلم والمعرفة.

وكان شيخاً وقوراً عظيم الهيئة، عارفاً بدقائق التصوف والتفسير والحديث وأقوال المشايخ، حلو

الكلام، يدرس في علوم عديدة، حصل له القبول التام عند عوام أهل البلد والوجاهة عند الأمراء،

استقدمه أكبر شاه بن همايون السلطان غير مرة وتمتع بصحبته.

وذكره البدايوني في تاريخه وقال: إني لقيته بأكبر آباد سنة سبعين وتسعمائة، فحضرت بين يديه

بدون معرف يعرفنيه فحييته على الوجه المسنون، فشق عليه لأنه كان معتاداً بالآداب المرسومة،

فسألني: من أين أنت قادم؟ فقلت: من سهسوان، وكان الوالي بها أحد أصحاب والده محمد غوث،

فنظر إلي بعين الاحتقار وسألني عن علوم قرأتها، فقلت: إني كنت قرأت صغار الكتب الدرسية في

كل علم وفن، فطفق يستهزأ بي وأشار إلى بعض أصحابه - وقد رأيت ذلك - فقال ذلك الرجل: إني

شممت رائحة عطرة فتشوش دماغي بذلك، فقال رجل آخر: قد عضه كلب كلب مرة فكلما يشم رائحة

عطرة يتشوش بها دماغه ويجن ويؤذي الناس ويعضهم، فاضطرب الناس وفروا واضطرب الشيخ

أيضاً ليخوفني وانحاز عن ذلك المجلس وذهب إلى دار آخر من دوره، فقلت: العجب كل العجب إن

الناس يأتون إلى الشيخ من الأقطار البعيدة لينالوا مآربهم وهو لا يقدر أن يعالج من يعضه الكلب

العقور! فقالوا: إنك تستطيع أن تعالجه؟ فقلت: نعم، فقالوا: ما العلاج؟ فقلت: النعال والأحجار

تضرب بها على رأسه، فلما علم الشيخ أن سهامه لم تصب الغرض رجع إلى مكانه واشتغل بذكر الله

سبحانه وفتح القرآن وشرع في الدرس يتكلم عن بعض آيات سورة البقرة وفسرها بالغرائب، فقلت:

هل هي مستندة إلى تفسير يعمد عليه؟ فقال: إني أقول من باب الإشارة وهو واسع، فقلت: هل هو

من الحقيقة أو المجاز؟ فقال: من باب المجاز، فقلت: ما العلاقة بين معناه الحقيقي والمجازي؟ فبهت

وصار يخبط خبط عشواء، انتهى.

ص: 545

توفي لثلاث ليال خلت من رمضان سنة خمس وألف كما في مآثر الأمراء.

حرف الطاء المهملة

مرزا طالب الآملي

الشيخ الفاضل طالب بن أبي طالب الآملي ملك الشعراء، قدم الهند ولبث ببلاد السند أياماً، ونال

الصلات الجزيلة عن المرزا عاري، ثم قدم آكره وتقرب إلى جهانكير بن أكبر شاه الدهلوي سلطان

الهند، فلقبه السلطان بملك الشعراء سنة ثمان وعشرين وألف، له قصائد غراء في مدح السلطان

وصاحبته نورجهان بيك ووالدها اعتماد الدولة وقليج خان اللاهوري وعبد الله خان فيروز جنك

وغيرهم من الملوك والأمراء، وله ديوان شعر بالفارسي، ومن أبياته قوله:

دشنام خلق را ندهم جز دعا جواب ابرم كه تلخ كيرم وشيرين عوض دهم

توفي سنة ست وثلاثين وألف، كما في سروآزاد.

مولانا طاهر البدخشي

الشيخ الصالح طاهر بن أبي الطاهر البدخشي ثم الجونبوري، أحد المشايخ المشهورين، أخذ عن

الشيخ عبد الجليل اللكهنوي ولازمه مدة وسافر إلى البلاد، ثم صحب الشيخ الكبير عبد الباقي

النقشبندي الدهلوي وأخذ عنه، ثم لازم الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي وأخذ عنه، ولما

بلغ رتبة الارشاد استخلفه الشيخ أحمد المذكور ووجهه إلى جونبور، وكان مائلاً إلى الطريقة

الملامتية، كما في زبدة المقامات توفي لسبع خلون من رجب سنة سبع وأربعين وألف بجونبور فدفن

بها، كما في بحر زخار.

مير طاهر بن الحسن السندي

السيد الفاضل طاهر بن الحسن التتوي السندي المشهور بطاهر محمد النسياني، كان من مؤرخي

بلاد السند، ولد سنة تسعين وتسعمائة بدربيله، وسافر للعلم إلى نهته من بلاد السند، وأخذ عن الشيخ

إسحاق ولازمه مدة، ثم سافر إلى الملتان ولاهور وبلاد أخرى، وصنف كتاباً في تاريخ السند سنة

ثلاثين وألف، وهو المشهور بالطاهري، وكتابه مرتب على عشر طبقات من ظهور الإسلام في السند

إلى عهد جهانكير التيموري، صنفه بأمر محمد بيك العادل الأرغون القندهاري.

الشيخ طاهر بن يوسف السندي

الشيخ العالم الكبير العلامة المحدث طاهر بن يوسف بن ركن الدين بن معروف ابن الشهاب

السندي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث، ولد بقرية باتري من أرض السند، وسافر في صغر

سنه مع والده وصنويه طيب وقاسم حتى وصل إلى الشيخ شهاب الدين السندي، فقرأ عليه منهاج

العابدين للغزالي، وكان يريد أن يقرأ عليه شرح الشمسية في المنطق فأبى الشيخ ذلك، ثم سافر إلى

كجرات سنة خمسين وتسعمائة، وأخذ الحديث عن الشيخ عبد الأول بن علي الحسيني الجونبوري ثم

الدهلوي، ولازمه مدة من الزمان وأسند عنه، واستفاض في الطريقة عن الشيخ محمد غوث

الكواليري صاحب جواهر خمسة ثم سافر إلى أحمد آباد بيدر من بلاد الدكن وأخذ عن الشيخ إبراهيم

بن محمد الملتاني، ثم دخل بلدة إيلج بور من بلاد برار، فأقام بها مدة من الزمان، ثم راح إلى

خانديس وسكن بمدينة برهان بور.

وله مصنفات كثيرة، منها مجمع البحرين في تفسير القرآن الكريم على مشرب الصوفية وذوقهم،

ومنها مختصر قوت القلوب للمكي، ومنها منتخب مواهب اللدنية للقسطلاني، ومنها مختصر تفسير

المدارك ومنها تلخيص شرح أسماء رجال البخاري للكرماني، ومنها كتاب مفيد له يسمى رياض

الصالحين وهو يشتمل على ثلاث روضات: الأولى في الأحاديث الصحيحة، والثانية في مقالات

الصوفية نحو الشيخ عبد القادر الجيلاني وحجة الإسلام الغزالي وأبي طالب المكي صاحب قوت

القلوب والشيخ شهاب الدين السهروردي والشيخ زين الدين الخوافي والشيخ

ص: 546

علي بن حسام الدين

المتقي وغيرهم، والثالثة في ملفوظات أهل التوحيد كالشيخ محي الدين بن عربي والشيخ عين القضاة

الهمداني والشيخ صدر الدين القونوي وغيرهم.

ومن فوائده

ومن فوائده من مجمع البحرين في تفسير قوله تعالى "في قلوبهم مرض" الخ، المرض حقيقة فيما

يعرض للبدن فيخرجه عن الاعتدال الخاص ويوجب الخلل في أفعاله، ومجاز في الأعراض النفسانية

التي تخل بكمالها كالجهل وسوء العقيدة والزيغة وحب المعاصي، لأنها مانعة عن نيل الفضائل

ومؤدية إلى زوال الحياة الحقيقية الأبدية، والاية تحتملها فان قلوبهم كانت متألمة محزناً على ما فات

عنهم من الرئاسة وحسداً على ما يرون من إثبات أمر الرسول واستعلاء شأنه يوماً فيوماً فزاد الله

عنهم بما زاد في إعلاء أمره وإشادة ذكره، ونفوسهم كانت ماؤفة بالكفر وسوء الاعتقاد ومعاداة النبي

صلى الله عليه وسلم ونحوها فزاد الله ذلك بالطبع أو بازدياد التكاليف وتكرير الوحي وتضاعيف

النصر.

وفي الرحماني في قلوبهم مرض: هو تفريطهم في القوة الحكمية وإفراطهم في الشهوية، وفي

الإحياء: إعلم أن جندي الغضب والشهوة قد ينقادان للقلب انقياداً تاماً فيعيناه على طريقه الذي يسلكه،

وقد يستعصيان عليه استعصاء بغي وتمرد حتى يملكاه ويستعبداه، وفيه هلاكه وانقطاعه عن سفره

الذي به وصوله إلى سعادة الأبد، وللقلب جند آخر وهو العلم والحكمة والتفكر، وحقه أن يستعين بهذا

الجند، فانه حزب الله تعالى على الجندين الآخرين، فانهما قد يلحقان بحزب الشيطان، فان من ترك

الاستعانة وسلط على نفسه جندي الغضب والشهوة هلك هلاكاً يقينياً وخسر خسراناً مبيناً، وذلك حال

أكثر الخلق فان عقولهم صارت مسخرة لشهواتهم في استنباط الحيل لقضاء الشهوة، وكان ينبغي أن

تكون الشهوة مسخرة لعقولهم.

أما بيان علامات مرض القلب فكما أن كل عضو من أعضاء البدن خلق لفعل خاص به، ومرضه

أن يتعذر عليه فعله الذي خلق لأجله، كذلك مرض القلب أن يتعذر عليه فعله الذي خلق لأجله وهو

العلم والحكمة والمعرفة وحب الله تعالى أو عبادته والتلذذ به وإيثار ذلك على شهوة سوء، وخاصية

النفس التي هي للآدمي ما يتميز به عن البهائم، ولم يتميز بها بقوة الأكل والوقاع بل بمعرفة الأشياء

على ما هي عليه، وأصل الأشياء موجدها ومخترعها الذي جعلها شيئاً هو الله تعالى، فإذا عرف كل

شيء ولم يعرف الله تعالى فكأنه لم يعرف شيئاً، فان الناس كلهم قد هجروا هذه العلوم واندرست في

هذه الأعصار واشتغلوا بتوسيط الخلق في الخصومات الثائرة من اتباع الشهوات وقالوا: هو الفقه،

وأخرجوا هذا العلم الذي هو فقه الدين من جملة العلوم، وتجردوا لفقه الدنيا الذي ما قصد به إلا رفع

الشواغل ليتفرغ لفقه الدين، وكان فقه الدنيا من فقه الدين بواسطة هذا الفقه.

وفي بعض الكتب: اعلم أن القلب في الحقيقة بمنزلة القالب في الشريعة، ولا معول إلا على القلب،

لأنه موضع نظر الله تعالى إليها، كما قال عليه السلام إن الله لا ينظر إلى صوركم، إلخ فللقلب علل

وأمراض مثل أمراض الأشخاص، فان القلب إنسان حقيقي وله من الأعضاء حقائق، فللقلب رأس

يحيى به كما يحيى البدن برأسه، فإذا جز رأس البدن لا يحيى فكذلك القلب، ورأس القلب إدراكه

لطائف الغيب، وهذا الإدراك ينقسم مثل إنقسام حواس الرأس، وأقسامه البصيرة والتذكر والمراقبة

والتميز والتفكر، فالبصيرة عين القلب، والتذكر لسان القلب، والمراقبة سمع القلب، والتفكر خيال

القلب، والتميز تجاربه وفعله، فإذا أراد الله تعالى بعبد خيراً فتح عينه وقلبه وشرح لسانه وسمع أذنه،

وإذا أراد الله بعبد شراً ختم على سمعه وبصره ومنعه عن إدراكاته، وذلك المنع مرض روحاني

يكون صداع القلب منه، ومهما زاد تولدت الغفلة، والغفلة للقلب بمنزلة الصرع، وغلبة الظنون

الفاسدة مثل الماليخوليا للرأس، فان الرأس إذا يبتلي به يتخبط أعماله، والقلب إذا انفعل بالظنون

الفاسدة تظهر فيه تخبطات كثيرة، ويصير كالمجنون المتحير الممنوع من معرفة الله تعالى وحسن

الظن به وامتلأ القلب بفضول الطمع، والطمع به يورث الاستسقاء في القلب حتى أنه يروى من

المال والجاه، والدخان الغفلة يورث عمي البصيرة، فان البصيرة تظلم ويقل

ص: 547

نورها بدخان الهوى، كما

يظلم البصر ببخار الهواء في عالم الدنيا، انتهى.

وكانت وفاته في سنة أربع بعد الألف، كما في كلزار أبرار.

الشيخ طه بن الكمال الدهلوي

الشيخ الفاضل طه بن الكمال المتوكل الدهلوي، أحد كبار المشايخ، ولد ونشأ بدهلي، وأخذ عن أبيه

وتولى الشياخة بعده، وكان صاحب وجد وحالة مع نبالته في الفنون الآليه والعالية، وكان والده من

أصحاب الشيخ نظام الدين الجشتي النارنولي، مات سنة خمس وعشرين وألف، ومات الشيخ طه سنة

إحدى وخمسين وألف، كما في الأسرارية.

مولانا طيب بن إبراهيم الدهلوي

الشيخ الفاضل الكبير طيب بن إبراهيم الدهلوي المهندس، كان صنو الشيخ فريد الدين المنجم، وكان

نادرة عصره في الهيئة والهندسة والنجوم وغيرها من الفنون الرياضية.

وكان طيب النفس كريم الخلق بشوشاً متواضعاً، له اليد الطولى في إخراج الزيجات، صنع

اصطرلاباً عجيباً لعبد الرحيم بن بيرم خان فوزنه بالذهب وأعطاه إياه، وكان عبد الرحيم يجيزه

بالصلات الجزيلة، كما في مآثر رحيمى.

الشيخ طيب بن عبد الواحد البلكرامي

الشيخ العالم الكبير الصالح المعمر طيب بن عبد الواحد الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد عباد الله

الصالحين، ولد يوم الأحد تاسع ربيع الآخر سنة ست وثمانين وتسعمائة، وأخذ عن والده ولازمه

ملازمة طويلة وتفنن عليه بالفضائل.

قال غلام علي بن نوح الحسيني الواسطي البلكرامي في مآثر الكرام: إنه كان يسافر إلى دهلي ويقيم

عند الشيخ عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي والشيخ يذاكره في العلوم ويستفيد به في حل

المقامات الصعبة من الكتب الدرسية وله تعليقات على هداية الفقه وتفسير البيضاوي.

وقال شريف بن عمر البلكرامي في مرآة المبتدئين: إنه كان على قدم سيدنا الامام زين العابدين في

التعبد، ما فاتته صلاة عن وقتها أبداً من بدء شعوره إلى وفاته، وإن أردت أن تنظر إلى الأئمة

والسلف الصالحين فانظر إليه فان مقاماته عالية عن مدارك الناس والمختصر فيه أنه بركة الأرض

وقيم السماوات، انتهى.

توفي في خامس ربيع الأول سنة ست وستين وألف وله ثمان وسبعون سنة إلا شهراً وأربعة أيام،

كما في مآثر الكرام.

الشيخ طيب بن معين البنارسي

الشيخ الصالح طيب بن معين بن حسن بن داود بن خليل العمري البنارسي، أحد كبار المشايخ،

توفي والده في صغر سنه فتربى في مهد عمه، وقرأ القرآن وبعض الرسائل المختصرة في بيته، ثم

قرأ الصرف والنحو في مدرسة الشيخ نظام البنارسي، ثم سافر إلى جونبور وقرأ على الشيخ نور الله

بن طه الجونبوري شرح الوقاية والحسامي ثم رجع إلى بنارس وتزوج بها وأقام ثلاث سنوات، ثم

تردد إلى جونبور وقرأ بعض كتب الفقه والأصول وأقام بها سنة كاملة، ولقي بها الشيخ خواجه كلان

بن نصير الدين الجهونسوي فبايعه، ثم رجع إلى بنارس فخدم بعض الأمراء مدة من الزمان

واسترزق بها، ثم اعتزل عن الخدمة ورحل إلى شيخبوره، وأخذ الطريقة عن الشيخ خواجه كلان

المذكور، ثم أخذ عن صاحبه الشيخ تاج الدين الجهونسوي ولازمه عشر سنين وحصل له مثال

الخلافة منه، ثم رجع إلى بنارس وسكن بمندواديه مدة من الزمان ثم انتقل إلى مدينة بنارس وسكن

بها خارج البلدة، وحصلت له الإجازة في الطريقة القادرية عن الشيخ عبد الحق بن سيف

ص: 548

الدين

البخاري الدهلوي.

وكان زاهداً متقللاً متورعاً قنوعاً بشوشاً طيب النفس، يستمع الغناء في بدء حاله ثم صار يجتنب

عنه ويحترز عن المزامير، وكان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر أخذ عنه الشيخ محمد رشيد بن

مصطفى العثماني الجونبوري والشيخ ياسين بن أحمد البنارسي وخلق آخرون.

مات في ثامن شوال سنة اثنتين وأربعين وألف فدفن بمندواديه، كما في كنج أرشدي.

القاضي طيب العباسي الموي

الشيخ الفاضل القاضي طيب بن القاضي قطب الدين محمد درويش بن محمد أفضل بن عاشق محي

الدين العباسي الجرياكوني ثم الموي الإله آبادي، أحد الفقهاء الحنفية، تولى القضاء بفتحبور مدة ثم

سكن ببادية كانت على عشرة أميال من إله آباد وعمرها، وهي التي يسمونها مؤ قاضي طيب نسبة

إليه واليوم بلدة عامرة من أعمال إله آباد.

حرف الظاء المعجمة

الشيخ ظهور القائني

الشيخ الفاضل ظهور بن ظهوري القائني، أحد العلماء المبرزين في الإنشاء والشعر والتاريخ، له

محمد نامه كتاب في أخبار ملوك بيجابور، صنفه في أيام محمد بن إبراهيم عادل شاه البيجابوري،

ونال الصلات الجزيلة منه.

حرف العين المهملة

خواجه عابد بن إسماعيل السمرقندي

الشيخ العالم الصالح عابد بن إسماعيل بن إله داد بن خواجه عزيزان البخاري السمرقندي، كان من

ذرية الشيخ شهاب الدين السهروردي، ولد بعلي آباد على ثلاثة أميال من سمرقند، وقرأ العلم على

والده وعلى غيره من العلماء بسمرقند، ثم سافر إلى بخارا وولي القضاء بتلك البلدة، ثم ولي شياخة

الإسلام بها فاستقل بها مدة من الزمان، ثم اشتاق إلى الحج والزيارة فقدم الهند في أيام شاهجهان ابن

جهانكير السلطان، فأعطاه الخلع الفاخرة وستة آلاف من النقود فسافر إلى الحرمين الشريفين فحج

وزار، ورجع إلى الهند فأعطاه عالمكير المنصب ثلاثة آلاف له وخمسمائة للخيل، ثم أضاف في

منصبه وولاه الصدارة مقام ميرك شيخ الهروي سنة إحدى وسبعين وألف، ثم أضاف في منصبه

وولاه على صوبه مقاطعة أجمير سنة سبع وسبعين وألف، ثم على صوبه ملتان سنة إحدى وثمانين

وألف، وسافر إلى الحرمين الشريفين مرة ثانية سنة خمس وثمانين وألف فحج وزار، ورجع إلى

الهند ولقبه السلطان المذكور قليج خان وولاه صدارة الهند مرة ثانية سنة اثنتين وتسعين وألف، وولاه

على أقطاع بيدر سنة ست وتسعين وألف، فخدمه في محاصرة كولكنده وأصابت كتفه قنبلة من

المدافع فطارت يده، فتأسف السلطان به وأرسل وزيره أسد خان لعيادته، فرآه أنه جالس على المسند

والجراح يأخذ قتات العظام من كتفه ويجذبها إلى الخارج وهو يشرب القهوة بيده الأخرى ويقول: إن

الخياط محسن في عمله، وما كانت على جبينه علائم التعب، ولما خرج أسد خان من عنده سمع أنه

توفي إلى الله سبحانه، وكان ذلك في سنة ثمان وتسعين وألف كما في حديقة العالم وفي مآثر الأمراء

أنه توفي سنة سبع وتسعين وألف.

وقد رزقه الله سبحانه أعقاباً صالحة، منهم ولده غازي الدين خان فيروز جنك، وقمر الدين بن غازي

الدين الذي أسس الدولة الآصفية بأرض الدكن، وهي الدولة الوحيدة الإسلامية في بلاد الهند، أبقاها

الله سبحانه وأدامها.

الشيخ عباس بن نصير الدين البرهانبوري

الشيخ العالم الفقيه عباس بن نصير الدين بن سراج محمد الحنفي البرهانبوري، أحد الفقهاء

المبرزين في العلم والمعرفة، استقدمه شاهجهان إلى دار الملك دهلي وأكرمه وخصه بأنظار العناية

والقبول، ثم رخصه

ص: 549

إلى بلدته فاعتزل في بيته ومات، كما في تحفة الكرام.

الشيخ عباس المشهدي

الشيخ الفاضل عباس الحسيني الرضوي المشهدي الكجراتي صاحب المصنفات العديدة، قدم كجرات

سنة ثمان وألف، ثم رحل إلى الحرمين الشريفين ولبث بها خمس سنوات، ثم رجع إلى أحمد آباد

سنة ست وعشرين وألف وسكن بها، وكان شيخاً كبيراً صاحب حالة ومواجيد، مات في سابع ربيع

الأول سنة ثلاث وستين وألف بأحمد آباد فدفن بها.

الشيخ عبد الأحمد السرهندي

الشيخ العالم الفقيه عبد الأحد بن زين العابدين بن عبد الحي بن محمد بن حبيب الله بن رفيع الدين

العمري السرهندي، أحد المشايخ الجشتية، ولد ونشأ ببلدة سرهند واشتغل بالعلم أياماً ثم سافر إلى

كنكوه، وأدرك بها الشيخ عبد القدوس بن إسماعيل الحنفي الكنكوهي وأراد أن يدخل في أصحابه،

فأبى الشيخ وأمره بتكميل العلوم المتعارفة، فعاد إلى سرهند وجد في البحث والاشتغال حتى برع في

العلم وتأهل للفتوى والتدريس والشيخ المذكور قد مات قبل تكميله، فسافر إلى أقطار الهند وأدرك

كثيراً من المشايخ واستفاض منهم، ثم دخل كنكوه ولازم الشيخ ركن الدين بن عبد القدوس الكنكوهي

مدة طويلة، فاستخلفه الشيخ سنة تسع وسبعين وتسعمائة، فرجع إلى بلدته وتصدر بها للدرس

والإفادة.

وكانت له زيادة على الاستفادة من الشيخ الكبير عبد القدوس الكنكوهي وابنه الشيخ ركن الدين صلة

قريبة ومتينة بالشيخ الكبير كمال الكيتهلي، أحد مشائخ الطريقة القادرية الكبار، وكان صاحب مرتبة

عالية، وصاحب أحوال وكيفيات، يعتبره بعض أهل النظر أنه قلما يساويه أحد ويبلغ درجته في

السلسلة العلية القادرية بعد مؤسسها الإمام الشيخ عبد القادر الكيلاني، أخذ واستفاد الشيخ عبد الأحد

منه، ومن حفيده الشيخ سكندر الكيتهلي، واستفاد من شيوخ آخرين باستثناء من رآه متلوثاً بالبدعة.

وكان يدرس في العلوم كلها من المعقول والمنقول، وله مهارة تامة في جميع الفنون لا سيما الفقه

والأصول والتصوف، وكان يدرس التعرف والعوارف والفصوص ويكشف القناع عن أسرار التوحيد

ومعارف الشيخ محي الدين بن عربي ويقتفي أثره في ذلك، وله مصنفات في العلوم الدينية، منها

كنوز الحقائق ومنها رسالة في أسرار التشهد، وله غير ذلك من الرسائل.

وكانت له اليد الطولى - كما يقول ابنه الإمام أحمد بن عبد الأحد السرهندي المشهور بمجدد الألف

الثاني - في علوم كثيرة، عقلية ونقلية، وكان متأدباً غاية التأدب للشعائر والشرائع الدينية، متواضعاً

غاية التواضع، كثير الإهتمام باتباع السنة، عاملاً بالعزيمة، وكفاه شرفاً وافتخاراً أنه خلف بعده ابنه

الإمام أحمد بن عبد الأحد السرهندي مجدد الألف الثاني.

مات سنة سبع وألف بمدينة سرهند، كما في زبدة المقامات.

الشيخ عبد الأول السنبهلي

الشيخ الصالح عبد الأول بن عبد العظيم بن منور بن منصور بن عبد الله ابن عثمان الحسيني

المودودي الأمروهوي ثم السنبهلي، أحد رجال العلم والمعرفة، كان سبط الشيخ تاج الدين النقشبندي

السنبهلي، تصدر للارشاد بعد والده، وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، ورجع إلى الهند

ومات بأورنك آباد سنة ثمان وستين وألف، كما في نخبة التواريخ.

الشيخ عبد الباسط السهارنبوري

الشيخ الفاضل عبد الباسط بن منور بن عبد الستار الأنصاري السهارنبوري، كان من العلماء

المبرزين في المعقول والمنقول، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وأخذ عن أبيه وتفقه عليه، وكان رجلاً

صالحاً رضي الأخلاق بارعاً في الرقى والعزائم، كما في مرآة جهان نما.

الشيخ عبد الباقي السهارنبوري

الشيخ الفاضل عبد الباقي بن عبد الستار بن عبد

ص: 550

الكريم الأنصاري السهارنبوري، أحد العلماء

الصالحين، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وقرأ العلم على الشيخ ركن الدين بن عبد القدوس الكنكوهي

وحفظ القرآن، ثم لبس الخرقة من الشيخ المذكور واشتغل بالدرس والإفادة مدة حياته.

توفي في سابع جمادي الأولى سنة عشرين وألف، فأرخ لوفاته بعض أهل العلم من باقي بخدا شد

كما في مرآة جهان نما.

مولانا عبد الباقي الجونبوري

الشيخ العالم الكبير العلامة عبد الباقي بن غوث الإسلام الصديقي الجونبوري، أحد العلماء البارعين

في المنطق والحكمة، قرأ العلم على العلامة محمود بن محمد الجونبوري صاحب الشمس البازغة

وتصدى للدرس والإفادة بعد وفاة العلامة المذكور ببلدة جونبور، أعطاه عالمكير بن شاهجهان قرية

على وجه الجائزة تغل له ثمانمائة أو تسعمائة ربية سنوياً، كما في تحفة الكرام.

وله الآداب الباقية شرح الشريفية في فن المناظرة، صنفه في رمضان سنة ستين وألف أوله سبحانك

يا مجيب دعاء السائلين بلا مانع ومعارض، الخ وله شرح آخر على الشريفية يسمى بالأبحاث الباقية

أوله يا من لا مانع لما أعطاه، ولا ناقض لما أباه، ولا معارض لما نفاه، إلخ صنفه بأمر شيخه محمود

كما صرح به في خطبة الكتاب، وأتى فيه بأبحاث دقيقة على الرشيدية للشيخ محمد رشيد بن

مصطفى الجونبوري.

مات في الرابعة عشرة من السنة الجلوسية العالمكيرية، ذكره السهارنبوري، ولعل ذلك نحو اثنتين

وثمانين وألف من الهجرة.

مرزا عبد الباقي النهاوندي

الشيخ الفاضل عبد الباقي بن آقا بابا الشيعي النهاوندي، أحد العلماء المبرزين في العلوم الأدبية، ولد

ونشأ بقرية جولك من أعمال نهاوند، وتنبل في أيام أبيه وصنوه آقا خضر، وولي الأعمال الجليلة

بهمذان، ولما قتل صنوه المذكور سنة 1016 سافر إلى الحجاز فحج وزار، وقدم الهند سنة 1023

فتقرب إلى عبد الرحيم بن بيرم خان بمدينة برهانبور، وصنف في أخباره مآثر رحيمي في مجلد

كبير، ثم تقرب إلى مهابت خان الجهانكيري فولي على ولاية بهار.

وكان شاعراً مجيد الشعر، ومن أبياته الرقيقة قوله:

تابكي غلطم بخون ديده مزكان نيستم تابكي سوزم بحسرت داغ حرمان نيستم

عندليب باغ عشقم ليك در كنج قفس سوزشي دارم كه محتاج كلستان نيستم

كر بشاخ كل زنم آتش نه بيدادي بود منكه مجنون كلم از باغ وبستان نيستم

تا نشان يابم ز ليلي جانب حي ميروم ورنه دلكير از سموم اين بيابان نيستم

در عراق برنفاق اين آرزو مي سوزدم كز سخن سنجان بزم خانخانان نيستم

وهذه الأبيات أنشأها بهمذان سنة 1007 قبل قدومه إلى الهند، مات في أيام شاهجهان سنة اثنتين

وأربعين وألف، كما في تاريخ محمدي.

الشيخ عبد الباقي النقشبندي الدهلوي

الشيخ الإمام الهمام حجة الله بين الأنام قدوة الأمة وإمام الأئمة رضي الدين أبو المؤيد عبد الباقي بن

عبد السلام البدخشي المشهور بباقي بالله، الشيخ الأجل قطب الأقطاب النقشبندي البدخشي الكابلي ثم

الدهلوي، بركة الدنيا وسر الوجود ولسان الحضرة ولب لباب العرفان، كان من العلم والمعرفة آية من

آيات الله تعالى ومن الولاية غاية من الغايات.

ولد في حدود سنة إحدى أو اثنتين وسبعين وتسعمائة بكابل، واشتغل بالعلم على مولانا محمد صادق

الحلوائي، وسار معه إلى ما وراء النهر ولازمه مدة، ثم بدا له داعية الدخول في طريق الصوفية

فترك تحصيل

ص: 551

العلوم الرسمية، وطاف حول مجلس كثير من كبار مشايخ وقته في بلاد ما وراء

النهر، فأول من تاب على يده الشيخ خواجه عبيد خليفة مولانا لطف الله خليفة مولانا المخدوم الأعظم

الدهبيدي، ولما لم تظهر عليه آثار الاستقامة أناب ثانياً على يد الشيخ افتخار حين قدومه بسمرقند

وكان من مشايخ سلسلة الشيخ أحمد اليسوي، ثم طرأت على عزيمته هذه الفترة وظهر فيه ما ينافي

طريق الاستقامة فجدد التوبة ثالثاً من غير صنع واختيار على يد الأمير عبد الله البلخي، فكان في

مقام حفظ الحدود أياماً ثم هدم سد تلك التوبة أخيراً، ثم تشرف في المنام بزيارة خواجه بهاء الدين

نقشبند وظهر فيه ميل إلى طريقة أهل الله فصار يتوجه إلى كل طرف يسير حتى وصل إلى ملازمة

الشيخ بابا ولي الكبروي في بلدة كشمير فلازمه وأخذ عنه، وهبت عليه في ملازمته النفحات الربانية

وظهرت فيه الغيبة المعهودة عند هذه الطائفة، ولما مات الشيخ المذكور صار يدور البلاد في الطلب

ومضى عليه زمان السياحة والأخذ حتى حضرت له روح الشيخ عبيد الله الأحرار فعلمه الطريقة

النقشبندية وتم أمره، ثم ذهب إلى ما وراء النهر فأدرك بها الشيخ محمد الأمكنكي، فأجازه الشيخ بعد

ثلاثة أيام ورخصه، فرجع إلى الهند وأقام سنة ببلدة لاهور، واغتنم صحبته فيها كثير من العلماء، ثم

ارتحل منها إلى دار سلطنة الهند دهلي، واختار للاقامة القلعة الفيروزية التي كانت مشتملة على نهر

كبير ومسجد عظيم، فأقام هناك إلى وفاته.

وكان صاحب الأذواق والمواجيد كثير التواضع والانكسار، وكان يجتهد في ستر أحواله وسيرته عن

نظر الأغيار ولا يرى نفسه أهلاً لمقام الإرشاد، فإذا جاءه شخص يطلب الطريقة كان يقول: ليس

عندي شيء من ذلك ينبغي لك أن تطلبه من غيري فإذا لقيت أحداً من هذه الطائفة فنبهني عليه،

وكان بمعزل عن الدعوى، يشتغل بخدمة الزوار واستمالة قلوبهم، ولا يتكلم إلا عن ضرورة إلا في

مسألة مشكلة من الحقائق فكان يوضحها حق الإيضاح لئلا يميل صاحبها عن النهج القويم، وكان يمنع

أصحابه عن القيام تعظيماً له ويعد نفسه كأحد منهم ويحب المساواة معهم في سائر حالاته، وكان يقعد

فوق التراب من غير حائل تواضعاً ومسكنة.

وكان ذا كيفية عجيبة وتصرفات غريبة بحيث إذا وقع نظره على شخص كان يتغير حاله، وكان

يحصل الذوق والشوق والكيفية المعهودة عند هذه الطائفة في أول صحبته، ويجري لطائف الطالبين

بالذكر في أول التلقين، وكان ذلك للكل على سبيل التعميم، وكان على غاية الشفقة على الخلق حتى

أنه قام ليلة في أيام البرد عن فراشه، فلما عاد رأى في لحافه هرة نائمة فلم يرض بايقاظها وتحريكه

إياها وقعد إلى الصبح متحملاً لنكد البرد، وصادفت إقامته في لاهور مجاعة فلم يأكل في تلك المدة

شيئاً، فإذا حضر عنده طعام فرقه وقسمه على الجائعين، ولما خرج من لاهور متوجهاً إلى دهلي رأى

عاجزاً في الطريق فنزل عن دابته وأركبه إياها وصار يمشي متقنعاً لئلا يعرفه أحد، ولما قرب إلى

المنزل أنزله وركب بنفسه لئلا يطلع عليه أحد.

وكان غاية في رؤية قصور الأحوال واتهام النفس، لا يميز نفسه عن العامة فضلاً عن أصحابه، قيل

كان في جواره شاب يرتكب كل شيء من الفسق فكان يتحمله مع اطلاعه عليه فسعى خواجه حسام

الدين الدهلوي أحد أصحابه في دفعه وتأديبه إلى الحكام فأخذوه وحبسوه، فلما اطلع عليه غضب على

صاحبه وقال: لم فعلت كذا؟ قال: يا سيدي! إنه فاسق لا يبالي يرتكب كل شيء، فقال: أواه لما كنتم

من أهل الصلاح والتقوى رأيتم فسقه وإلا فنحن لا نعرف الفرق بيننا وبينه فكيف نترك أنفسنا

ونسعى به إلى الحكام! ثم سعى في تخليصه وإخراجه من الحبس فأخرجوه، فتاب وصار من

الصلحاء، وكان رحمه الله إذا صدرت زلة من أصحابه يقول: إن هذا من زلاتنا ظهرت منهم

بطريق الانعكاس، وكان يختار الأحوط في العبادات والمعاملات، ولذلك كان يقرأ الفاتحة خلف الإمام

في الصلاة في ابتداء حاله لكثرة الأحاديث الواردة في قراءتها وقوة دليلها، وهذه المذكورات نبذة من

شمائله وقطرة من بحر خصائصه، ولذلك ترى أن الناس انتفعوا به في مدة قليلة، وما انتشرت هذه

السلسلة المباركة في الهند إلا منه رضي الله عنه، وما كان أحد يعرفها قبله، وكان الشيخ محمد بن

فضل الله البرهانبوري يقول: إنه كان معدوم النظير في قوة الإرشاد، فإنه أرشد ثلاث سنين أو أربع،

وفي تلك

ص: 552

المدة القليلة أنار الآفاق بلوامع إفاداته، كما في زبدة المقامات للكشمي، وذلك لأنه عاش

أربعين سنة وبعد قدومه الهند لم يعش إلا أربع سنوات، وفي تلك المدة القليلة بلغ أصحابه إلى أعلى

مدارج الكمال حتى أنهم محوا آثار الطرق السالفة وغلبت الطريقة النقشبندية على الطرق الأخرى.

وقال محمد بن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان - قدس الله روحه ونور ضريحه - آية

من آيات الله سبحانه، ونوراً من أنواره، وسراً من أسراره، صاحب علم ظاهر وباطن وتصرفات،

كثير الصمت والتواضع والإنكسار، ذا خلق حسن، لا يتميز عن الناس بشيء حتى أنه كان يمنع

أصحابه من أن يقوموا لتعظيمه وأن لا يعاملوه إلا كما يعامل بعضهم بعضاً.

ثم قال: وظهرت له التصرفات العظيمة فصار كل من يقع نظره عليه أو يدخل في حلقته يصل إلى

الغيبة والفناء ولو لم تكن له مناسبة، وكان الناس مطروحين على بابه كالسكارى، وبعضهم كان

ينكشف له في أول الصحبة عن عالم الملك والملكوت، وكل هذا كان من غلبة الجذبات الإلهية،

انتهى.

وممن أخذ عنه الشيخ الإمام أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية، والشيخ العارف

تاج الدين بن سلطان العثماني السنبهلي، والشيخ حسام الدين ابن نظام الدين البدخشي، والشيخ إله داد

الدهلوي وخلق آخرون.

ومن مصنفاته الرسائل البديعة والمكاتيب العلية والأشعار الرائقة، منها سلسلة الأحرار شرح فيه

رباعياته في الحقائق والمعارف بالفارسي.

توفي يوم الأربعاء رابع عشر من جمادي الآخرة سنة أربع عشرة بعد الألف بمدينة دهلي وله

أربعون سنة وأربعة أشهر، وقبره بها على غربيها عند أثر قدم الرسول صلى الله عليه وسلم.

مولانا عبد الجليل الجونبوري

الشيخ العالم الفقيه الزاهد عبد الجليل بن شمس الدين بن نور الدين الصديقي البرونوي الجونبوري،

أحد فحول العلماء، قرأ العلم على والده، واستفاد من الشيخ العلامة محمود بن محمد الجونبوري

صاحب الشمس البازغة وعن الشيخ محمد رشيد بن مصطفى العثماني الجونبوري، ثم تصدى للدرس

والإفادة.

كان ورعاً صالحاً تقياً عارفاً، أخذ الطريقة عن الشيخ عبد الجليل اللكهنوي والشيخ عزيز الحق

الدهلوي، وصرف عمره بالتدريس مع قناعة وعفاف، توفي في ثامن شوال سنة ست وسبعين وألف

ببلدة جونبور فدفن بها، كما في تجلي نور.

الشيخ عبد الجليل اللكهنوي

الشيخ الصالح الفقيه الزاهد عبد الجليل بن عمر الصديقي البيانوي ثم اللكهنوي، أحد المشايخ

المشهورين، كان أويسياً استفاض من روحانية الشيخ معين الدين حسن السجزي الأجميري، وأخذ

عنه غير واحد من المشايخ.

وكان صاحب وجد وحالة، سافر إلى جونبور وأقام عند الشيخ عبد العزيز الجونبوري، ولما حان

وقت العشاء طلب الماء للوضوء ثم استغرق في بحار المعرفة واستغرق آناء الليل، فلما نادى المؤذن

حي على الصلاة أفاق عن تلك الحالة وطلب الماء مرة ثانية، فقيل إنه لا يزال جاهزاً من العشاء، له

الأسرارية في الحقائق والمعارف.

مات في التاسع عشر من ربيع الآخر سنة ست عشرة وألف كما في مرآة الأسرار.

الشيخ عبد الجميل السندي

الشيخ الفاضل عبد الجميل الحنفي التتوي السندي، أحد العلماء المشهورين في أيام شاهجهان بن

جهانكير، سكن بلاهري بندر، وكان له ثلاثة أبناء: أبو الفتح ومحمد شريف ومحمد شفيع، كلهم نبغوا

في العلم ونالوا الدرجة في أيام عالمكير، كما في تحفة الكرام.

الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي

الشيخ الإمام العالم العلامة المحدث الفقيه شيخ

ص: 553

الإسلام، وأعلم العلماء الأعلام، وحامل راية العلم

والعمل في المشايخ الكرام، الشيخ عبد الحق بن سيف الدين بن سعد الله البخاري الدهلوي المحدث

المشهور، أول من نشر علم الحديث بأرض الهند تصنيفاً وتدريساً.

ولد في شهر المحرم سنة ثمان وخمسين وتسعمائة بمدينة دهلي، وقرأ القرآن على والده في شهرين

أو ثلاثة أشهر، ثم تعلم الكتابة والإنشاء في شهر واحد، وقرأ أجزاء من كلستان وبوستان وديوان

الحافظ وقرأ ميزان الصرف إلى المصباح والكافية في الصرف والنحو على والده، وقرأ أجزاء من

اللب والإرشاد وشرح الشمسية وشرح العقائد وله اثنا عشر عاماً، وقرأ المختصر والمطول وله

خمس عشرة سنة، وقرأ سائر الكتب الدرسية على هذا الأسلوب البديع، وأخذ كل ذلك في سبع

سنوات أو ثماني عن الأستاذ محمد مقيم تلميذ الأمير محمد مرتضى الشريفي وعن غيره من العلماء

بمدرسة دهلي وكانت على مسافة ميلين من منزله، يروح ويغتدي إليها كل يوم في حر وبرد، وكان

دائم الاشتغال مكباً على المطالعة في دياجير الليالي حتى أنه قد احترقت عمامته غير مرة بالسراج

الذي كان يجلس أمامه للمطالعة فما كان يتنبه له حتى تتصل النار ببعض شعره.

ولما قرأ فاتحة الفراغ حفظ القرآن في سنة واحدة، وبايع الشيخ موسى ابن حامد الحسني الأجي سنة

خمس وثمانين وتسعمائة وله اثنتان وعشرون سنة، ثم قطع حبائل المحبة عن الأهل والدار وسافر

للحج والزيارة سنة خمس وتسعين وتسعمائة، فلما وصل إلى أجين أقام بها زماناً، وهيأ له مرزا

عزيز الدين بن شمس الدين الدهلوي أمير تلك الناحية الزاد والراحلة، فسافر إلى أحمد آباد وأقام بها

زماناً، وأدرك الشيخ وجيه الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي وأخذ عنه بعض أذكار الطريقة

القادرية وأشغالها، وأكرمه مرزا نظام الدين بن محمد مقيم الهروي الأكبر آبادي وأضافه.

ثم سافر إلى مكة المباركة سنة ست وتسعين وتسعمائة فحج وأقام بمكة عشرة أشهر، وسافر إلى

المدينة المنورة لسبع ليال بقين من ربيع الآخر سنة سبع وتسعين وتسعمائة، وأقام بها إلى آخر شهر

رجب سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، ثم رجع إلى مكة وأقام بها زماناً وحج مرة ثانية، ثم رحل إلى

الطائف في آخر شعبان سنة تسع وتسعين وتسعمائة، ثم رجع إلى مكة وأقام بها زماناً قليلاً، ورجع

إلى الهند في ذلك العام.

أخذ الحديث بمكة عن الشيخ عبد الوهاب بن ولي الله المتقي والقاضي علي بن جار الله بن ظهيرة

القرشي المخزومي المكي، وبالمدينة المنورة عن الشيخ أحمد بن محمد بن محمد أبي الحزم المدني

والشيخ حميد الدين بن عبد الله السندي المهاجر، وأجازوه إجازة عامة وأثنوا عليه، وأطنب في مدحه

القاضي علي بن جار الله المذكور، قال: إنه الفرد العلم في القطر الهندي وقال: إنه ممن أعلى الله

همته في الطلب ووفقه للسعي فيما يوصل إلى بلوغ الأرب وخدم العلم الشريف وضرب فيه بالسهم

الأعلى والقدح المعلى، وقد شرفني بالحضور عندي برهة من الزمان في المسجد الحرام بقراءة قطعة

من صحيح الإمام البخاري وقطعة من ألفية الحديث للعراقي البحر الهمام، فاستفدت منه أكثر مما

استفاد، وأبدى من الأبحاث ما أحسن فيه وأجاد قراءة ظهر بها أنه بالإفادة أحق منه بالاستفادة، وأن

له رسوخ قدم في الاشتغال على جمل الوجوه المعتادة انتهى.

وقرأ على الشيخ عبد الوهاب المذكور مشكاة المصابيح وأخذ عنه آداب الذكر وأوضاعه وتقليل

الطعام وآداب الخلوة، ولازمه واستفاد منه فوائد كثيرة، وكان الشيخ يحبه ويثني عليه، وبشره

ببشارات وألبسه الخرقة وحكمه وكتب له إجازة مطلقة في أحكام التحكيم، ففاق الأقران وصار عجباً

في سرعة الاستحضار وقوة الجنان، والتوسع في المعقول والمنقول والاطلاع على مذاهب السلف،

وأقام بدهلي اثنتين وخمسين سنة، ونشر العلوم لا سيما الحديث الشريف بحيث لم يتيسر مثله لأحد

من العلماء السابقين في ديار الهند.

قال القنوجي في الحطة بذكر الصحاح الستة: إن الهند لم يكن بها علم الحديث منذ فتحها أهل

الإسلام بل كان غريباً كالكبريت الأحمر حتى من الله تعالى على الهند بإفاضة هذا العلم على بعض

علمائها كالشيخ عبد الحق بن سيف الدين الترك الدهلوي المتوفي سنة اثنتين وخمسين وألف

وأمثالهم، وهو أول من جاء به

ص: 554

في هذا الإقليم، وأفاضه على سكانه في أحسن تقويم، ثم تصدى له

ولده الشيخ نور الحق المتوفي سنة ثلاث وسبعين وألف، وكذلك بعض تلامذته على القلة ومن سن

سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها كما اتفق عليه أهل الملة، وتحديث هؤلاء أهل الصلاح وإن

كان على طريق الفقهاء المقلدة القراح دون المحدثين المبرزين المتبعين الأقحاح ولكن مع ذلك لا

يخلو عن كثير فائدة في الدين وعظيم عائدة بالمسلمين - جزاهم الله تعالى عن المسلمين خير الجزاء

وأفاض عليهم رحمته السحاء - انتهى.

وبالجملة فإنه درس وأفتى وصنف، وشرح الكتب ونقل معانيها من العربية إلى الفارسية، وكشف

عن إشاراتها الباهرة ولطائفها الزاهرة بالعبارة الجلية المشرق عليها نور الإذن الرباني، واللائح

عليها أثر القبول الرحماني.

وتصانيفه من الصغار والكبار كثيرة، منها تأليف القلب الأليف بكتابة فهرست التواليف أوله الحمد

لله منزل الكتب السماوية، ألخ عدد فيه كتبه زهاء ثلاثين مجلداً، منها لمعات التنقيح في شرح مشكاة

المصابيح، وهو أجل وأعظم وأطول وأكبر تصنيفاته، قال في تأليف القلب الأليف في حق ذلك

الكتاب: وقد جاء بتوفيق الله وتأييده كتاباً حافلاً شاملاً مفيداً نافعاً في شرح الأحاديث النبوية، على

مصدرها الصلاة والتحية، مشتملة على تحقيقات مفيدة وتدقيقات بديعة، وفوائد شريفة ونكات لطيفة،

ومنها أسماء الرجال والرواة المذكورين في المشكاة، ومنها أشعة اللمعات في شرح المشكاة شرح

فارسي في أربع مجلدات، قال في تأليف الأليف، إنه تلو لأخته لمعات التنقيح في شرح المشكاة

وأرجح منها في التنقيح والتهذيب والضبط والربط وأكبر منها في الحجم والضخامة، ومنها جامع

البركات في منتخب شرح المشكاة، وهو يشتمل على فوائد كثيرة وعوائد غزيرة، ومنها مدارج النبوة

ومراتب الفتوة في سير النبي صلى الله عليه وسلم وأخباره بالفارسية في مجلدين، ومنها مطلع

الأنوار البهية في الحلية الجلية النبوية، ومنها ذكر إجازات الحديث في القديم والحديث، ومنها أسماء

الأساتذة - رحمة الله عليهم أجمعين - ومنها فصول الخطب لنيل أعالي الرتب، ومنها تنبيه العارف

بما وقع العوارف في باب إخلاص الصوفية - قدس الله أسرارهم الصفية - من الحكم على ما صدر

من أخبارهم عن أحوالهم تحدثاً بنعمة الله أنها من باب الشكر وغلبة الحال، ومنها طريق الإفادة في

شرح سفر السعادة للفيروز آبادي، وسماه الطريق القويم شرح الصراط المستقيم، ومنها جذب القلوب

إلى ديار المحبوب، وهو تاريخ المدينة المنورة بالفارسية، ومنها أحوال الأئمة الاثني عشر وهو

ملخص من فصل الخطاب، ومنها زبدة الآثار منتخب بهجة الأسرار في مناقب الشيخ الإمام عبد

القادر الجيلاني، ومنها شرح فتوح الغيب للشيخ عبد القادر الجيلاني واسمه مفتاح الفتوح لفتح أبواب

النصوص، ومنها الأنوار الجلية في أحوال المشايخ الشاذلية، ذكر فيه ثمانية رجال من عظمائهم

وعلمائهم، ومنها زاد المتقين في سلوك طريق اليقين في سيرة الشيخ علي بن حسام الدين المتقي

المكي وصاحبه الشيخ عبد الوهاب بن ولي الله المندوي البرهانبوري ومشايخ أخر من أهل العرب

والعجم، ومنها أخبار الأخيار في أحوال الأبرار من أهل هذه الديار، قال في تأليف الأليف: إنه أول

مصنفاته، ومنها ذكر الملوك في أخبار سلاطين الهند، واسمه متضمن لتاريخ التصنيف، ومنها تحقيق

الإشارة إلى تعميم البشارة في إثبات البشارة بالجنة لغير الأصحاب المشتهرين بالعشرة المبشرة وعدم

اختصاصهم وبيان سبب اشتهارهم بذلك، ومنها جمع الأحاديث الأربعين في أبواب علوم الدين، ومنها

ترجمة الأحاديث الأربعين في نصيحة الملوك والسلاطين، ومنها المطلب الأعلى في شرح أسماء الله

الحسنى وصفاته العلى، ومنها ترغيب أهل السعادات على تكثير الصلاة على سيد الكائنات صلى الله

عليه وسلم، ومنها الأجوبة الإثنا عشر في توجيه الصلاة على سيد البشر، رسالة حوت توجيهات

التشبيه الواقع في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها تحقيق ما ثبت بالسنة من الأعمال

في أيام السنة، ومنها الرسالة النورية السلطانية في بيان قواعد السلطنة وأحكامها وأركانها وأسبابها

وآلاتها، صنفها للسلطان نور الدين جهانكير بن أكبر شاه، ومنها آداب الصالحين وهو ملخص من

إحياء العلوم للغزالي في آداب الأكل الشرب والمنام والمعاشرة وغيرها، ومنها مرج البحرين في

الجمع بين الطريقين وهي رسالة

ص: 555

حسنة مفيدة في توقيع الشريعة والطريقة، ومنها تكميل الإيمان

وتقوية الإيقان في العقائد، القول فيها في مبحث الخلافة، ومنها تحصيل التعرف في معرفة الفقه

والتصوف، ومنها توصيل المريد إلى المراد ببيان أحكام الأحزاب والأوراد، رسالة مفيدة في بابها،

ومنها تسلية المصاب لنيل الأجر والثواب في الصبر، ومنها شرح الصدور بتفسير آية النور، ومنها

الدر الفريد في بيان قواعد التجويد، ومنها البناء المرفوع في ترصيص مباحث الموضوع في

المنطق، ومنها الدرة البهية في اختصار الرسالة الشمسية في المنطق، ومنها شرح الشمسية، قال في

تأليف الأليف: إنه قد وقع على طريق البسط والتحقيق إلى قوله بحث تقديم مباحث الموصل إلى

التصور على مباحث الموصل إلى التصديق، ومنها حاشية الفوائد الضيائية واتباع الهوى الصبائية،

من الأول إلى وجه حصر الكلمة في الأقسام ومن بحث الفعل إلى آخر الكتاب، قال في تأليف

الأليف: التزمت فيه الأدب عن المخدوم المكين الأمين في اعتراضات مولانا وأستاذنا مولانا عصام

الدين، ومنها الأفكار الصافية في ترجمة كتاب الكافية، صنفها وهو ابن خمس عشرة سنة، ومنها

منظومة في آداب المطالعة والمناظرة لمن يطالع الكتاب وناظره، ومنها نكات العشق والمحبة في

تطييب قلوب الأحبة، ومنها نكات الحق الحقيقة من باب معارف الطريقة، ومنها صحيفة المودة،

أرجوزة في المكاتبات إلى أقاربه وأحبائه، ومنها منتخب المثنوي المعنوي، ومنها حسن الأشعار في

جمع الأشعار، ومنها إرسال المكاتيب والفضائل إلى أرباب الكمال والفضائل.

وفي ذلك الكتاب رسائل عديدة ذات أسماء يربو عددها على ستين رسالة: الأولى سلوك طريقة

الفلاح عند فقد التربية بالاصطلاح، والثانية ذكر أصول الطريقة لكشف الحقيقة، والثالثة تعيين

الطريق لأهل الإرادة بالتزام وظائف الخير والعبادة، والرابعة تنبيه أهل العلوم والنهي بتفاوت حال

الابتداء والإنتهاء، والخامسة تحصيل الكمال الأبدي بإختيار الفقر المحمدي، والسادسة قرع الأسماع

باختلاف أقوال المشايخ وأحوالهم في السماع، والسابعة ورود الامداد بالاستقامة على الأوراد، والثامنة

رعاية الإنصاف والاعتدال في اعتقاد الصوفية من أرباب الأحوال، والتاسعة إيراد العبارات

الفصيحة في شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، والعاشرة إقامة المراسم في

أحوال المواسم، والحادية عشرة تطريب الألحان بمناصحة الإخوان، والثانية عشرة اختيار الانفراد

والتخلي لانتظار الكشف والتجلي، والثالثة عشرة تحصيل المطلوب بانتظار حضور المحبوب،

والرابعة عشرة تذكير أولي الأحلام بأن لذات الدنيا كلها آلام، والخامسة عشرة رفع صوت النحيب

بإتمام ضعف المشيب، والسادسة عشرة تقسيم الأنام على أربعة أقسام، والسابعة عشرة تنبيه الغافلين

بفناء الدنيا وأربابها واغترار الجاهلين بزخارفها وأسبابها، والثامنة عشرة سلوك أقرب السبل بالتوجه

إلى سيد الرسل، والتاسعة عشرة صدق التعطش والأوام في طلب المقصد والمرام، والعشرون تثبيت

القدم في الاصطبار بترك صحبة الأضداد والأغيار، والحادية والعشرون تجديد الذكر في بيان حقيقة

الشكر، والثانية والعشرون إتحاف الأحبة ببيان حديث المحبة، والثالثة والعشرون حفظ الوقت بترك

الاختلاط مع الأضداد والاخلاط، والرابعة والعشرون التزام التمسك واللجاء بالوقوف بين الخوف

والرجاء، والخامسة والعشرون كشف أستار الظلم من وجه لسان الحال والقلم، والسادسة والعشرون

سلوك طريق الفجاج بالاجتناب عن الانحراف والاعوجاج، والسابعة والعشرون كشف الأستار عن

تحقيق معنى الكسب والاختيار، والثامنة والعشرون ترك الاختيار والتدبير بالاكتفاء بتدبير العليم

الخبير، والتاسعة والعشرون تحقيق اليأس عن قول إيمان البأس، والثلاثون وجوه الفناء في أحدية

الذات بالغيبة من جميع النسب والجهات، والحادية والثلاثون هداية طريق التربية والتعليم ببيان

حقيقة الرضاء والتسليم، والثانية والثلاثون التعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله، والثالثة والثلاثون

مشاهدة الأبرار بين التجلي والاستتار، والرابعة والثلاثون هداية الأنام إلى التمسك بالشرائع

والأحكام، والخامسة والثلاثون تنبيه أولي الألباب على ملازمة الأدعية والأحزاب، والسادسة

والثلاثون استئناس أنوار القبس في شرح دعاء أنس، والسابعة والثلاثون تحلية القلوب لقدس

الملكوت

ص: 556

بشرح دعاء القنوت، والثامنة والثلاثون تحصيل البركات والطيبات بمعنى التحيات،

والتاسعة والثلاثون تثبيت الفؤاد بتصور عظمة رب العباد، والأربعون ذم الكسل في المواظبة

والمداومة على العمل، والحادية والأربعون تنوير القمر ليلة البدر في تصوير معنى شرح الصدر،

والثانية والأربعون تدقيق البيان في إيجاب الشكر المزيد واستلزامه حصول المحبة والتوحيد، والثالثة

والأربعون تحقيق الدعاء والاستمداد بلسان القال والحال والاستعداد، والرابعة والأربعون طي لسان

القلم ببيان معنى قولهم لا راحة إلا في القدم والعدم، والخامسة والأربعون إظهار الحسرة والاستبعاد

بتقصير النفس في إصلاح المبدء والمعاد، والسادسة والأربعون حرقة الجنان بتمني الكشف والعيان،

والسابعة والأربعون طيب المذاق ببيان الذوق في مقام الإطلاق، والثامنة والأربعون حراسة الإيمان

من مكايد الشيطان، والتاسعة والأربعون توصية الأصحاب بالصبر في جميع الأبواب، والخمسون

تنبيه أهل الفكر على رعاية آداب الذكر، والحادية والخمسون تذكرة أهل الذكر ببيان فضيلة الذكر

على اللذات والشهوات، والثالثة والخمسون تسوية الأداني والأعالي بالخوف والكسوت في حضرة لا

أبالي، والرابعة والخمسون تبصرة الأغنياء بأن الفقر مرآة جمال الغناء، والخامسة والخمسون إسقاط

اعتبار الأجساد والأشباح عند ملاقاة القلوب والأرواح، والسادسة والخمسون تحصيل الغنائم

والبركات بتفسير سورة العاديات، والسابعة والخمسون ترجمة مكتوب النبي الأجل في تعزية ولد

معاذ بن جبل، والثامنة والخمسون إيراد العبارات بلسان أهل الإرشادات، والتاسعة والخمسون طلاقة

اللسان بشكاية حال الفراق والهجران، والستون إظهار القلق والاضطراب في حصول المطلوب بلا

إرتياب، والحادية والستون توصية الإخوان بالصبر على جفاء أهل الزمان، والثانية والستون طلب

النور في ذكر باعث سفر لاهور، والثالثة والستون سلوك الطريقة على نهج المجاز قنطرة الحقيقة،

والرابعة والستون تسلية السائل ببيان المسائل، والخامسة والستون وجدان البرد باستشمام الورد،

والسادسة والستون جمع كلمات العارفين من أهل الصدق واليقين، والسابعة والستون الرد على

الدعاوي الباطلة التي صدرت لبعض النفوس العاطلة.

وأما مصنفاته

التي صنفها بعد تأليف الأليف أو قبله ولم يذكرها فيه فمنها فتح المنان في تأبيد مذهب النعمان،

كتاب ضخم له في الفقه وبالحديث، ومنها ترجمة زبدة الآثار المنتخب من بهجة الأسرار، ترجمه

بأمر دارا شكوه من العربي إلى الفارسي، ومنها رسالة في أقسام الحديث، ومنها رسالة في ليلة

البراءة، ومنها رسالة في أسرار الصلاة، ومنها رسالة في عقد الأنامل، ومنها رسالة في آداب اللباس،

ومنها رسالة في الرد على بعض أقوال الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي، ومنها رسالة في مبحث

الوجود، ومنها رسالة في الوظائف، ومنها رسالة في وصاياه.

وكلها مقبولة عند العلماء محبوبة إليهم يتنافسون فيها وهي حقيقة بذلك، وفي عباراته قوة وفصاحة

وسلاسة، تعشقها الأسماع وتلتذ بها القلوب.

ومن فوائده:

حقيقت عبادت امتثال أمر وموافقت سنت است، وقيلوله از وقتش بموافقت سنت فاضل تراست از

ذكر ونماز در ان وقت باوجود ولع بدان.

ومنها: نصيحت اينست از متقشفة فقهاء وجهله صوفية بر كرانه باشي سلامت درين طريقه است

باقي محل خوف وخطر.

ومن أبياته قوله:

ز ديده تير نكاهش كذشت ودر دل خورد بلائي ديده نكه كن كه در دل افتاد است

توفي يوم الإثنين لسبع بقين من ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وألف بدار الملك دهلي فدفن بها

قريباً من الحوض الشمسي.

ص: 557

الشيخ العلامة عبد الحكيم السيالكوتي

الشيخ الإمام العلامة الكبير الفاضل صاحب التصانيف الفائقة والتآليف الرائقة الشيخ عبد الحكيم بن

شمس الدين السيالكوتي، أحد مشاهير الهند، اتفق على فضله علماء الآفاق، وسارت بمصنفاته

الرفاق.

ولد ونشأ بسيالكوث من بلاد بنجاب، واشتغل على الشيخ كمال الدين الكشميري ولازمه مدة وتخرج

عليه وصار عجباً في استحضار المسائل وقوة العارضة وكثرة الدرس والإفادة وزنه شاهجهان بن

جهانكير التيموري صاحب الهند مرتين بالفضة في الميزان ومنحه ما جاء في الوزن، وهو كل مرة

ستة آلاف من النقود، وأنعم عليه بقرى متعددة يعيش بها في النعم ويدرس ويصنف، وتصانيفه كلها

مقبولة عند العلماء محبوبة إليهم ولا سيما عند علماء بلاد الروم يتنافسون فيها، وهي جديرة بذلك.

قال الشيخ محمد بن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان من كبار العلماء وخيارهم، مستقيم

العقيدة صحيح الطريقة، صادعاً بالحق مجاهراً به الأمراء الأعيان، وكان رئيس العلماء عند سلطان

الهند خرم شاهجهان، لا يصدر إلا عن رأيه، لم يبلغ أحد من علماء الهند في وقته ما بلغ من الشأن

والرفعة، ولا انتهى واحد منهم إلى ما انتهى إليه، جمع الفضائل عن يد، وحاز العلوم وانفرد، وأفنى

كهولته وشيخوخته في الانهماك في العلوم وحل دقائقها، ومضى من جليها وغامضها على حقائقها،

وألف مؤلفات عديدة، انتهى.

وقال محمد صالح في عمل صالح، إنه كان من كبار الأساتذة، لم يدرك شأوه أحد من العلماء في

غزارة العلم وكثرة الدرس والإفاد درس وأفاد ستين سنة. ومن مصنفاته حاشية على تفسير

البيضاوي، وحاشية على المقدمات الأربعة من التلويح - في الأصول - وحاشية على المطول - في

البلاغة، وعلى شرح المواقف وعلى شرح العقائد للتفتازاني، وعلى حاشيته للخيالي وعلى شرح

العقائد للدوني - كلها في علم الكلام - وحاشية على شرح الشمسية وعلى حاشيته للسيد الشريف

وعلى شرح المطالع - كلها في المنطق، وحاشيته على شرح الكافية للجامي وعلى حاشيته لعبد

الغفور اللاري - كلاهما في النحو، وحاشية على مراح الأرواح - في الصرف - وله الدرر الثمينة

في إثبات علم الواجب وحاشية على شرح حكمة العين وعلى شرح هداية الحكمة - في الحكمة -

وله غير ذلك من الحواشي والرسائل، انتهى.

توفي في الثامن عشر من ربيع الأول سنة سبع وستين وألف بمدينة سيالكوث فدفن بها.

الشيخ عبد الكيم الكشميري

الشيخ العالم الصالح عبد الحكيم الحنفي الكشميري، أحد العلماء المبرزين في المعقول والمنقول، أخذ

الطريقة عن الشيخ معين الدين النقشبندي الكشميري، كما في روضة الأبرار.

مولانا عبد الحميد اللاهوري

الشيخ الفاضل عبد الحميد اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في التاريخ والإنشاء والشعر، ولد ونشأ

بمدينة لاهور وقرأ العلم على من بها من العلماء، ثم تفنن بالفضائل على أبي الفضل بن المبارك

الناكوري، وصحب الملوك والأمراء مدة مديدة، ثم لازم الترك والتجريد واعتزل بمدينة عظيم آباد

واستقام على الطريقة زماناً، ثم استقدمه شاهجهان بن جهانكير التيموري صاحب الهند وأمره أن

يصنف كتاباً في سيرته، فصنف كتاباً حافلاً في أيامه وسماه بادشاه نامه وهو مشهور بشاهجهان نامه

أيضاً، توفي سنة خمس وستين وألف.

مولانا عبد الحي البلكرامي

الشيخ العالم الفقيه عبد الحي بن أبي الفتح بن عبد الدائم العثماني البلكرامي، أحد العلماء المبرزين

في الفقه والأصول والعربية، ولد ونشأ ببلدة بلكرام، وقرأ العلم على من بها من العلماء ثم قام مقام

والده، وله خلاصة الفقه رسالة فما ورد في السفر، جمعها من الفقه والحديث، كما في شرائف

عثماني.

ص: 558

الشيخ عبد الحي الحصاري

الشيخ العالم الصالح عبد الحي بن خواجه جاكر الحنفي الحصاري، أحد الرجال المعروفين بالفضل

والصلاح، كان أصله من حصار شادمان قرية - من أعمال أصفهان - قدم الهند وأخذ الطريقة عن

الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية، وصحبه مدة من الزمان.

وكان عالماً كبيراً صاحب المقامات العالية، لم يكن له نظير في زمانه في التقوى والتورع

والاستقامة على الطريقة، سكن في آخر عمره بمدينة بتنه، له نور الخلائق مجموع لطيف، جمع فيه

مكاتيب شيخه زهاء تسع وتسعين، وهو المجلد الثاني من مكتوبات الشيخ أحمد المذكور جمعه سنة

ثمان وعشرين وألف، توفي سنة سبعين وألف، كما في خزينة الأصفياء.

المفتي عبد الحي السنبهلي

الشيخ الفاضل الكبير المفتي عبد الحي السنبهلي، كان من كبار العلماء، ولي الإفتاء بسنبهل وأقام به

مدة عمره، وله مصنفات مفيدة في العلوم الدينية، ذكره كمال محمد السنبهلي في الأسرارية.

الشيخ عبد الخالق السهارنبوري

الشيخ العالم الفقيه عبد الخالق بن عبد الستار بن عبد الكريم الأنصاري السهارنبوري، أحد العلماء

المبرزين في القراءة والتجويد، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وحفظ القرآن وجوده على الشيخ ركن

الدين بن عبد القدوس الحنفي الكنكوهي، ثم قرأ العلم وليس الخرقة منه، توفي في سابع رجب سنة

عشرين وألف، كما في مرآة جهان نما.

مولانا عبد الدائم الكواليري

الشيخ العالم الفقيه عبد الدائم بن عبد الحي بن عبد الغني العباسي الكواليري، أحد العلماء المبرزين

في الفقه والأصول والعربية، له أساس الأصول كتاب في أصول الفقه، صنفه في أيام شاهجهان بن

جهانكير التيموري سلطان الهند، وهو محفوظ في المكتبة الحامدية برامبور.

الشيخ عبد الرحمن الدنيتهوي

الشيخ العالم الصالح عبد الرحمن بن عبد الرسول بن قاسم بن بدها العباسي العلوي الدينتهوي

الأودي أحد المشايخ الجشتية، ولد تاسع ربيع الآخر سنة خمس بعد الألف بقرية دنيتهي، وهي التي

يسمونها رسولبور على اسم أبيه، لأنه انتقل إلى تلك القرية وسكن بها، وكان عبد الرحمن قرأ العلم

على أساتذة عصره بمدينة أميتهي، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ حسن بن مراد عن الشيخ عبد الجليل

الأويسي اللكهنوي ولازمه أربعين سنة، وأخذ عن السيد حسن الشريف الكجهوجهوي وعن الشيخ

حميد بن الشيخ قطب الجشتي الردولوي على طريق الأويسية من روحانية الشيخ الكبير معين الدين

حسن السجزي الأجميري والشيخ أحمد عبد الحق الردولوي والسيد سالار مسعود الغازي.

له مرآة الأسرار كتاب حافل بالفارسي في سير المشايخ الجشتية ومعاصريهم من أهل الطرق، صنفه

سنة خمس وأربعين وألف في أيام شاهجهان بن جهانكير، أوله الحمد لله رب المشرق والمغرب فأينما

تولوا فثم وجه الله إلخ وله مرآة مداري في أخبار الشيخ بديع الدين المدار المكنبوري، وله مرآة

مسعودي في أخبار السيد سالار مسعود الغازي، ومرآة الولاية في أخبار الشيخ عبد الجليل اللكهنوي

وأصحابه، والأوراد الجشتية صنفه سنة 1032 وعمره قارب مائة سنة.

مات سنة أربع وتسعين وألف فدفن بقرية دنيتهه في بيته وهي قرية من أعمال لكهنؤ، كما في تأليف

محمدي.

ص: 559

المفتي عبد الرحمن الكابلي

الشيخ العالم الكبير المفتي عبد الرحمن الحنفي الكابلي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية، كان مفتي المعسكر بمدينة آكره في عهد شاهجهان ابن جهانكير الدهلوي سلطان الهند،

وكان صادقاً ديناً متورعاً صاحب عقل ووداعة، أخذ الطريقة عن الشيخ أحمد بن عبد الأحد

السرهندي لما قدم آكره، وكان الشيخ إذا دخل آكره يتردد إليه، كما في زبدة المقامات.

الشيخ عبد الرحمن البدخشي

الشيخ العالم المحدث عبد الرحمن البدخشي الكابلي المعروف بحاجي رمزي، كان من العلماء

الصالحين، سافر إلى البلاد فحج وزار، وأخذ المسلسل بالمصافحة عن الشيخ السلطان علي الدوسي

عن الشيخ محمود الإسفرازي عن الشيخ سعيد المعمر الحبشي وهو صافح رسول الله صلى الله عليه

وسلم، وأخذ عنه الشيخ أحمد ابن عبد الأحد العمري السرهندي وولده محمد سعيد وخلق آخرون.

الشيخ عبد الرحمن الناكوري

الشيخ الفاضل عبد الرحمن بن أبي الفضل بن المبارك الناكوري، أحد العلماء المبرزين في العلوم

الحكمية، ولد لاثنتي عشرة خلون من شعبان سنة تسع وسبعين وتسعمائة، وقرأ العلم ولازم أباه،

وخدم الدولة مدة حياته، لقبه جهانكير بن أكبر شاه التيموري بأفضل خان، وولاه على إيالة بهار

وأقطعه كوركهبور، فصار صاحب العدة والعدد، مات في سنة اثنتين وعشرين وألف.

مولانا عبد الرحمن الكجراتي

الشيخ الفاضل الكبير عبد الرحمن الحنفي الكجراتي، كان من عشيرة الشيخ محمد بن طاهر الفتني

صاحب مجمع البحار، ولد ونشأ بكجرات وأخذ العلم، لعله عن الشيخ وجيه الدين العلامة ثم انقطع

إلى الدرس والإفادة.

الشيخ عبد الرحمن السنبهلي

الشيخ الصالح الفقيه عبد الرحمن النقشبندي السنبهلي أحد كبار المشايخ، أخذ الطريقة عن الشيخ تاج

الدين ولازمه ملازمة طويلة، وأدرك معه شيخه الشيخ عبد الباقي النقشبندي الدهلوي، وأخذ عنه حتى

برع في العلم والمعرفة، وتولى الشياخة بأمر شيخه ببلدة سنبهل، أخذ عنه خلق كثير، وكان على قدم

شيوخه في التقوى والعزيمة، مات يوم الخميس لسبع خلون من شوال سنة سبع وستين وألف ببلدة

سنبهل، كما في الأسرارية.

مرزا عبد الرحيم بن بيرم خان

الأمير الكبير البطل الأعظم صاحب السيف والقلم مبارز الدين عبد الرحيم بن بيرم خان الدهلوي

خانخانان سبهسالار الذي لم ينهض من الهند أحد مثله ولا من غيره من الأقاليم السبعة من يكون

جامعاً لأشتات الفضائل.

ولد يوم الخميس الرابع عشر من صفر سنة أربع وستين وتسعمائة بمدينة لاهور من بطن ابنة

الأمير جمال خان الميواتي. فلما طعن في الرابعة من سنه قتل أبوه سنة ثمان وستين وتسعمائة بمدينة

فتن من بلاد كجرات، فحملوه إلى آكره فتربى في مهد السلطنة، وخصه أكبر شاه بن همايون

التيموري بأنظار العناية والقبول، وقرأ بعض الكتب الدرسية على مولانا محمد أمين الأندجاني

وبعضها على القاضي نظام الدين البدخشي، واستفاد فوائد كثيرة عن الحكيم علي الكيلاني والشيخ

العلامة فتح الله الشيرازي، ولما وصل إلى كجرات أخذ عن الشيخ وجيه الدين بن نصر الله العلوي

الكجراتي، وحيث كان مربياً للعلماء جمع لديه من رجال العلم ما لم يجتمع عند غيره من الملوك

والأمراء فلم يزل يستفيد منهم في كل باب حتى تبحر في العلوم.

وكان من أهل التفنن في الفضائل واللغات مقدماً في المعارف متكلماً في أنواعها، ثاقب الذهن في

تمييز الصواب منها، ويجمح إلى ذلك كله آداب الأخلاق مع حسن المعاشرة ولين الكنف والحلم

والتواضع والشجاعة والكرم، جعله أكبر شاه مؤدباً لولده جهانكير

ص: 560

سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة ولقبه

مرزا خان وله ثمان وعشرون سنة، وأعطاه النقارة وأربع قباب من لوازم السلطنة، وزوجه بابنة

الأمير الكبير شمس الدين محمد العزنوي، ولم يزل في ازدياد من الرقي حتى نال منزلة في الإمارة

لا يرام فوقها، وفتحت على يده بلاد كجرات وبلاد السند وأقطاع من إقليم الدكن، ولقبه أكبر شاه

المذكور بخانخانان أي أمير الأمراء.

وكان له من النقاوة التامة والشهامة الكاملة وعلو الهمة والكرم ما لا يمكن وصفه مع المعرفة للأدب

ومطالعة كتبه، والإشراف على كتب التاريخ، ومحبة أهل الفضائل، وكراهة أرباب الرذائل، والنزاهة

والصيانة والميل إلى معالي الأمور، حتى لم أجد ممن كان قبله أو بعده من يساويه في مجموع

كمالاته، وكان مع ذلك لا يعفو نفسه عن مطالعة الكتب، فإذا كان على ظهر الفرس وقت طعنة أو

نهضة رأيت الأجزاء في يده، وإذا كان يغتسل رأيت الأجزاء في يد خدامه يحاذونه وهو يطالعها

ويغتسل،

قال عد الرزاق الخوافي في مآثر الأمراء: إنه كان أوحد أبناء العصر في الشجاعة والكرم، ماهراً

باللغات المتنوعة من العربية والفارسية والتركية والهندية وغيرها، وكان يتكلم في كل من تلك

الألسنة بغاية الفصاحة والطلاقة، وينشئ الأبيات الرائقة، ويكرم العلماء ويبذل عليهم الأموال

ويعطيهم الصلات والجوائز سراً وجهاراً، ويرسل إليهم في البلاد النائية، وقال في موضع آخر من

ذلك الكتاب: إنه كان مغناطيس القلوب، جمع حوله من العلماء والشعراء وغيرهم من أرباب الكمال

ما لا مزيد عليه، انتهى.

وقال السيد غلام علي الحسيني البلكرامي في الخزانة العامرة: لو وضعت صلاته في كفة من

الميزان، وصلات الملوك الصفوية كلهم في كفة أخرى لرجحت كفته، انتهى.

ومن مصنفاته ترجمة تزك بابري نقله من التركية إلى الفارسية سنة سبع وتسعين وتسعمائة، ومن

أبياته الرقيقة الرائقة قوله:

شمار شوق ندانسته ام كه تا جند است جز اين قدر كه دلم سخت آرزو مند است

توفي في سنة ست وثلاثين وألف بدار الملك دهلي ودفن قريباً من مقبرة همايون.

الشيخ عبد الرحيم الكجراتي

الشيخ الصالح عبد الرحيم القادري الكجراتي أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ

بكجرات وأخذ الطريقة عن الشيخ إبراهيم السندي، وانتقل من كرنج قرية بأحمد آباد على خمسة

أميال منها إلى برهانبور وسكن على شاطئ النهر، فبنى بها عادل شاه البرهانبوري الجامع الكبير

والرباط، وبنى مدينة كبيرة وسماها عادل بور، مات في سنة خمس وألف، كما في كلزار أبرار.

القاضي عبد الرحيم المراد آبادي

الشيخ الفاضل الكبير القاضي عبد الرحيم بن عبد الرشيد البهاري ثم المراد آبادي، كان من العلماء

المشهورين في عصره، أخذ عن الشيخ العلامة عبد الحكيم ابن شمس الدين السيالكوتي ولازمه تسع

ستين وبضعة أشهر، ثم ولي القضاء بمراد آباد، ودرس بها زماناً طويلاً، أخذ عنه الشيخ سعد الله

البلكرامي وخلق كثير من العلماء.

المفتي عبد الرحيم السندي

الشيخ العالم الفقيه المفتي عبد الرحيم بن عثمان بن يوسف بن صالح البديني - بضم الموحدة -

السندي، كان مفتياً ببلدة تته من بلاد السند في أيام شاهجهان بن جهانكير الدهلوي، كما في تحفة

الكرام.

مولانا عبد الرزاق الكشميري

الشيخ الفاضل العلامة عبد الرزاق الحنفي الكشميري، أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة

والكلام، قدم الهند في أيام شاهجهان بن جهانكير التيموري سلطان الهند فولاه التدريس بكابل، فدرس

وأفاد بها مدة من الزمان، وصنف كتاباً في الرد على المحاكمات فسهر ليالي متواصلة، فاختل دماغه

وضرب السكين على حلقومه، فلما راه تلامذته بذلك الحال

ص: 561

ابتدروا إليه وشدوا الجراحة وعالجوه

فشفاه الله سبحانه، فاستعفى عن الخدمة ودخل كشمير وسكن بها، وله تعليقات على شرح التجريد كما

في حدائق حنفية.

الشيخ عبد الرزاق اللاهوري

الشيخ العالم الصالح عبد الرزاق بن عبد الوهاب بن عبد القادر بن محمد ابن زين العابدين بن عبد

القادر بن محمد الشريف الحسني الأجي اللاهوري، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، أخذ

عن أبيه، وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وأخذ عن مشايخهما واستفاد منهم فوائد كثيرة، ثم

رجع إلى الهند وسكن بلاهور.

توفي لثمان بقين من ذي القعدة سنة ثمان وستين وألف بلاهور فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.

الشيخ عبد الرزاق الأميتهوي

الشيخ الفاضل الكبير عبد الرزاق بن خاصة بن خضر الصالحي الأميتهوي أحد الرجال المعروفين

بالفضل والكمال، ولد ونشأ ببلدة أميتهي وأخذ عن الشيخ نظام الدين بن محمد يسين العثماني

الأميتهوي ولازمه مدة طويلة، ثم سافر إلى جونبور وأخذ عن الشيخ عبد السلام بن محمد القلندر

الجونبوري وغيره من المشايخ، ثم رجع إلى بلدته وعكف على الدرس والإفادة، أخذ عنه الشيخ

جعفر بن نظام الدين الأميتهوي والقاضي حسين الستركهي وغيرهما.

وتوفي بأميتهي لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة خمس بعد الألف، كما في صبح بهار.

مولانا عبد الرشيد التتوي

الشيخ الفاضل اللغوي الكبير عبد الرشيد بن عبد الغفور الحسيني المديني التتوي السندي، أحد

الرجال المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ بمدينة تته من بلاد السند وقدم أكبر آباد فسكن بها، له

منتخب اللغات كتاب بسيط في اللغة العربية بلسان الفرس سهل التناول كبير الفائدة، وله فرهنك

رشيدي كتاب في اللغة الفارسية صنفه سنة أربع وستين وألف، وله رسالة في المناظرة.

وهو الذي استخرج التاريخ لجلوس عالمكير بن شاهجهان على سرير والده من قوله تعالى: " أطيعوا

الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".

مولانا عبد الرشيد الملتاني

الشيخ العالم الصالح عبد الرشيد بن محمد سعيد الحسيني البخاري الملتاني، كان من ذرية الشيخ

جلال الدين حسين بن أحمد الحسيني البخاري، أخذ عن الشيخ نظام الدين بن سيف الدين العلوي

الكاكوروي ولازمه عشرين سنة، قرأ عليه الكتب الدرسية وأخذ عنه الطريقة.

قال الشيخ تراب علي بن محمد كاظم العلوي الكاكوروي في كشف المتواري: إن الشيخ أحمد بن

عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية قرأ عليه تفسير البيضاوي، وله زاد الآخرة كتاب مفيد

في أخبار الشيخ نظام الدين المذكور، انتهى.

مولانا عبد الرشيد الكشميري

الشيخ العالم الكبير العلامة عبد الرشيد الحنفي الكشميري المشهور بزركر أي الصائغ، ولد ونشأ

بكشمير، وقرأ العلم على الشيخ محمد أفضل بن الحيدر الجرخي وملا سلطان مانتجو والقاضي عبد

الرحيم وعلى غيرهم من أساتذة كشمير، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ محمد علي الكشميري، وتصدر

للدرس والإفادة، قرأ عليه خلق كثير من العلماء، وكان ارتحل في آخر عمره إلى معسكر السلطان

عالمكير بن شاهجهان الدهلوي فمات بمدينة برهانبور ودفن بها، كما في حدائق حنفية.

مولانا عبد الرشيد الديلمي

الشيخ الفاضل عبد الرشيد الديلمي الخطاط المشهور، لم يكن في زمانه مثله في الخط، أخذ عن خاله

السيد عماد الدين، وقدم الهند في أيام شاهجهان بن جهانكير التيموري سلطان الهند، فاستخدمه، وولاه

عالمكير بن شاهجهان على البيوتات بمدينة أكبر آباد نظراً إلى كبر سنه، مات في سنة ثمانين

ص: 562

وألف،

كما في محبوب الألباب.

الشيخ عبد الرشيد الكجراتي

الشيخ العالم الكبير عبد الرشيد بن سراج الدين العمري الأحمد آبادي الكجراتي أحد المشايخ

الجشتية، ولد ونشأ بأحمد آباد، وقرأ العلم على أبيه وعلى الشيخ يحيى بن محمود العمري الكجراتي،

ثم لازم الشيخ يحيى المذكور وأخذ عنه الطريقة، وتولى الشياخة بعد ما هاجر الشيخ يحيى المذكور

إلى المدينة المنورة، وكان ختناً له، مات يوم الأربعاء لخمس عشرة من محرم سنة سبع وستين

وألف، كما في محبوب ذي المنن.

القاضي عبد الرشيد الدهلوي

الشيخ العالم الفقيه القاضي عبد الرشيد الحنفي الصوفي الدهلوي، كان من أحفاد الشيخ عبد العزيز

بن الحسن الجشتي الدهلوي، أخذ العلم والطريقة عن الشيخ محب الله الإله آبادي ولازمه ثلاث سنين

بمدينة إله آباد، ثم ولي القضاء بسنبهل.

وكان صاحب وجد وحالة وكان يدرس ويفيد، ذكره السنبهلي في الأسرارية وقال: ربما تغلب عليه

الحالة عند درس الحديث فيفضخ باكياً، انتهى.

الشيخ عبد الرقيب الأميتهوي

الشيخ العالم الصالح عبد الرقيب بن جعفر بن نظام الدين العثماني الأميتهوي كان من نسل الشيخ

السري السقطي رحمه الله، ولد ونشأ بأميتهي، وأخذ عن والده ولازمه ملازمة طويلة، وتولى الشياخة

بعد ما توفي أبوه سنة 1045، لعله توفي سنة تسع وستين وألف، لأن ولده موسى بن عبد الرقيب

المتوفي سنة 1120 تولى الشياخة بعده إحدى وخمسين سنة، كما في رياض عثماني.

الشيخ عبد الستار البرهانبوري

الشيخ العالم الفقيه الزاهد عبد الستار بن عيسى بن قاسم بن يوسف المعروفي السندي، أحد الرجال

المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ بمدينة برهانبور، واشتغل على والده وقرأ عليه الكتب

الدرسية، وأخذ بعض الفنون الرياضية عن العلامة شكر الله الشيرازي حين إقامته بمدينة برهان

بور، وأخذ الطريقة الشطارية عن أبيه ولازمه ملازمة طويلة وتصدر للارشاد بعده.

وكان زاهداً قانعاً عفيفاً متوكلاً شديد التواضع كثير الفوائد، كما في كلزار أبرار.

المفتي عبد السلام الديوي

الشيخ العالم الكبير المفتي عبد السلام بن أبي سعيد بن محب الله بن أحمد ابن عبد الرحيم بن أحمد

الفياض بن محمد الأعظم الحسيني الكرماني الديوي، أحد العلماء المفرطين في الذكاء الجامعين بين

المعقول والمنقول.

ولد ونشأ بقرية ديوه قرية جامعة من أعمال لكهنؤ، وقرأ العلم على أساتذة بلاده، ثم سافر إلى لاهور

ولازم المفتي عبد السلام اللاهوري وأخذ عنه وفاق أقرانه في الفقه والأصول والكلام، ودرس زماناً

طويلاً بتلك المدينة، ثم ولي الافتاء في معسكر السلطان شاهجهان بن جهانكير الدهلوي فاستقل به

مدة، ثم اعتزل عنه وسكن بلاهور.

قال عبد الأعلى بن عبد العلي محمد اللكهنوي في الرسالة القطبية: إنه كان يفتي خلافاً لمختارات

الفقهاء في فتاواهم، لأنها لا تنطبق على الأصول، انتهى، ومن مصنفاته حاشية على حاشية الخيالي

على شرح العقائد وشرح على منار الأصول، وحاشية على تفسير البيضاوي، وحاشية على شرح

الصحائف في الكلام، وحاشية على هداية الفقه، وشرح على تهذيب المنطق، وحاشية على التحقيق،

كما في ذيل الدراية.

قال القنوجي في الإكسير: إنه مات في سنة تسع وثلاثين وألف، وهذا لا يصح لأنه كان حياً سنة

سبع وأربعين، كما يظهر من بادشاه نامه.

المفتي عبد السلام اللاهوري

الشيخ الفاضل العلامة المفتي عبد السلام الحنفي اللاهوري، أحد كبار العلماء، لم يكن له نظير في

ص: 563

عصره في كثرة الدرس والإفادة وملازمة العلم مع الطريقة الظاهرة والصلاح، قرأ الكتب الدرسية

على الشيخ إسحاق بن كاكو والشيخ سعد الله والقاضي صدر الدين، وأخذ الفنون الحكمية عن العلامة

فتح الله الشيرازي، ثم تصدر للتدريس ودرس وأفاد بمدينة لاهور خمسين سنة، أخذ عنه الشيخ محب

الله الإله آبادي والمفتي عبد السلام الديوي والشيخ محمد مير بن القاضي سائين السيوستاني ثم

اللاهوري وخلق كثير من العلماء والمشايخ، وله حاشية على تفسير البيضاوي.

قال السيد غلام علي الحسيني البلكرامي في مآثر الكرام: إنه كان يقول: إني كنت لا أدخل في علم

من العلوم في باب من أبوابه إلا ويفتح لي من ذلك الباب أبواب، وأستدرك أشياء في ذلك العلم على

حذاق أهله لو شئت لقيدتها بالكتابة ولكني ما اعتنيت بالتصنيف لاشتغالي بالتدريس، فلما كبرت سني

واختلت حواسي ذهبت تلك الغرائب، فكان يتأسف كثيراً في آخر عمره بعدم اعتنائه بالتصنيف،

انتهى.

وقال شاهنواز خان في مآثر الأمراء: إنه كان مفتياً في المعسكر، أقام بتلك الخدمة الجليلة مدة من

الزمان، ثم اعتزل عنه واشتغل بالدرس والإفادة ودرس خمسين سنة، انتهى.

توفي سنة سبع وثلاثين وألف وله ثمانون سنة، كما في بادشاه نامه وفي مآثر الكرام: إنه عاش

تسعين سنة.

مير عبد السلام المشهدي

الأمير الكبير عبد السلام الحسيني المشهدي، أحد الرجال المعروفين بالسياسة والتدبير، قدم الهند

وتقرب إلى شاهجهان بن جهانكير التيموري فولاه على ديوان الإنشاء وجعله وكيلاً له في حضرة

والده جهانكير سنة ثلاثين وألف ولما قام بالملك أضاف في منصبه وجعله أربعة آلاف له وألفين

للخيل ولقبه إسلام خان وولاه على بخشيكري فاستقل به أربعة أعوام، ثم أضاف في منصبه وولاه

على كجرات فاستقل بها سنتين ثم جعله مير بخشي فأرخ له بعضهم من قوله بخشي ممالك فاستقل به

سنتين، ثم ولي على أرض بنكاله فاستقل بها أربع سنين، ثم ولي الوزارة الجليلة فاستقل بها خمس

سنوات، ثم ولي على إقليم الدكن، وأضيف في منصبه غير مرة حتى صار مع الأصل والإضافة

سبعة آلاف له وسبعة آلاف للخيل.

وكان عالماً كبيراً بارعاً في المعقول والمنقول والإنشاء والخط، حريصاً على الخدمة السلطانية،

صاحب دهاء وتدبير وسياسية.

توفي في رابع عشر من شوال سنة سبع وخمسين وألف بمدينة أورنك آباد فدفن بها، كما في مآثر

الأمراء.

القاضي عبد السلام البرهانبوري

الشيخ الفاضل الكبير القاضي عبد السلام الحنفي السندي البرهانبوري، أحد العلماء المبرزين في

الفقه والأصول والعربية، ولد ونشأ بأرض السند، وقرأ بعض الكتب الدرسية على الشيخ عباس بن

الجلال السندي وسائر الكتب الدرسية على الحكيم عثمان بن عيسى البولكاني البرهانبوري، ولما بلغ

رتبة الكمال ولي القضاء بمدينة برهانبور، ولاه عادل شاه البرهانبوري فاستقل به مدة، وكان يدرس

ويفيد، وله شرح على مختصر الوقاية، كما في كلزار أبرار.

الشيخ عبد السلام الباني بتي

الشيخ الصالح عبد السلام بن نظام الدين بن عثمان بن عبد الكبير بن عبد القدوس الحنفي الكنكوهي

ثم الباني بتي المشهور بالشيخ أعلى، ولد ونشأ بمدينة باني بت، وأخذ عن أبيه ثم عن الشيخ نظام

الدين إله داد النارنولي ولازمه زماناً، ثم تصدر للارشاد، أخذ عنه غير واحد من المشايخ، توفي سنة

ثلاث وثلاثين وألف بباني بت فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.

الشيخ عبد الشكور الكالبوي

الشيخ الفاضل عبد الشكور بن عبد الحكيم الكالبوي، أحد العلماء المشهورين في عصره، كان ورعاً

تقياً قانعاً متوكلاً، لم يتردد إلى الأغنياء قط ولم يعرض عليهم حوائجه، كما في كلزار أبرار.

ص: 564

الشيخ عبد الشكور الجونبوري

الشيخ العالم الصالح عبد الشكور الجونبوري، كان من نسل الشيخ مبارك ابن خير الدين

الجونبوري، قرأ العلم على بعض تلامذة الشيخ نور الله الجونبوري، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ محمد

رشيد بن مصطفى العثماني وانتفع به كثيراً، وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه غير واحد من العلماء، وله

شرح على مختصر الوقاية، فصل فيه مسألة العشر بالعشر خير تفصيل، مات في ثامن جمادي

الأولى سنة خمس وتسعين وألف، كما في كنج أرشدي.

الشيخ عبد الشكور المنيري

الشيخ العالم الفقيه عبد الشكور المنيري البهاري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية،

ولد ونشأ ببلدة منير، واشتغل بالعلم زماناً في بلاده ثم دخل جونبور وقرأ على الشيخ محمد رشيد بن

مصطفى العثماني الجونبوري وعلى غيره من العلماء، ثم أخذ الطريقة عنه ولازمه مدة مديدة حتى

بلغ رتبة الإرشاد، واستخلفه الشيخ وكتب له مثال الخلافة، فرجع إلى بلدته واشتغل بالدرس والإفادة.

وكان عالماً فقيهاً زاهداً قنوعاً متوكلاً، لا يتردد إلى الأغنياء ولا يلتفت إلى الدنيا وأربابها، مات في

مستهل جمادي الأخرى سنة خمس وتسعين وألف ببلدة منير فدفن بها، كما في كنج أرشدي.

القاضي عبد الشكور اللاهوري

الشيخ العالم الفقيه القاضي عبد الشكور الحنفي اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية، ولي القضاء بمدينة جونبور في أيام السلطان محمد أكبر بن همايون الكوركاني فاستقل به

زماناً، ثم لما قصد السلطان المذكور إله آباد حضر القاضي في معسكره فعزله عن القضاء ونصب

مكانه قاضي زاده الرومي، فاعتزل القاضي عن الناس وعكف على الدرس والإفادة.

وكانت أوقاته موزعة لأداء النوافل والأدعية وتلاوة القرآن، وأمواله مصروفة على الفقراء

والمساكين، كما في منتخب التورايخ.

مولانا عبد العزيز الأكبر آبادي

الشيخ الفاضل عبد العزيز بن عبد الرشيد بن عبد الغفور الحسيني المديني التتوي ثم الأكبر آبادي،

كان من فحول العلماء، قرأ العلم على والده، ثم تصدر للدرس والإفادة فدرس مدة من الزمان وقنع

بثلاث ربيات يومية، ثم قربه بختاور خان إلى عالمكير بن شاهجهان التيموري صاحب الهند سنة

ثمانين وألف، فخلع عليه وأعطاه المنصب أربعمائة لنفسه وسبعين للخيل، ثم أضاف في ذلك بعد

زمان يسير وولاه على العرض المكرر، ثم أضاف في منصبه فصار سبعمائة له ومائتين للخيل

وأعطاه أقطاع الأرض، ولكنه لما كان مسرفاً لم يكن يكفيه راتبه فيعيش في ضنك وبؤس، لا يستطيع

أن يحسن الخدمة ولا يكثر التردد إلى صاحبه، ولذلك ما استفاد بعد تلك الإضافة.

وكان فاضلاً كبيراً شاعراً مجيد الشعر مقتدراً على المعاني المبتكرة، وكان شديد التعصب على

الشيعة حتى قيل إنه لما مرض أراد عالمكير أن يرسل إليه أحد الأطباء وأشار إليه أن لا يتعصب في

الاستعلاج، فأجاب بأني اعترف بأن التعصب لا ينبغي في العلاج ولكني لا أعتمد على علمهم ولذلك

اخترت الحكيم عبد الملك فانه ماهر في الحدس والتجربة والصلاح والعلم في الجملة، وكان في تلك

الساعة أيضاً مشتغلاً بالتصنيف يملي على أصحابه، كما في المآثر.

له كشف الغطاء رسالة نفيسة في الكلام بالفارسية، وله ديوان شعر، توفي سنة ثمان وثمانين وألف،

كما في مآثر عالمكيري.

القاضي عبد العزيز الكجراتي

الشيخ العالم الكبير القاضي عبد العزيز بن عبد الكريم بن راجي محمد العيني الأجني ثم الكجراتي،

كان من نسل الشيخ عين القضاة الهمداني، ولد ونشأ بمدينة أجين، وسافر للعلم فقرأ بعض الكتب

الدرسية على مولانا عبد الكريم النهروالي وبعضها على العلامة وجيه الدين بن نصر الله العلوي

الكجراتي، ثم تقرب

ص: 565

إلى عبد الرحيم بن بيرم خان فولاه الصدارة في أقطاعه، كما في كلزار أبرار.

وفي مآثر رحيمي إن عبد الرحيم المذكور ولاه الحجابة وبعثه إلى بيجابور فأحسن الخدمة، ورجع

إليه سنة ثمان وعشرين وألف وكان عبد الرحيم حينئذ بمدينة برهانبور فجعله وكيلاً فأحسن الخدمة

حتى رضي عنه الراعي والرعية.

وكان زاهداً متورعاً قواماً صواماً طيب النفس كريم الأخلاق ذا بشاشة يقبل على الناس بوجه طلق،

نال صلات وجوائز وإقطاعات، انتهى.

القاضي عبد العزيز النصير آبادي

الشيخ العالم الفقيه القاضي عبد العزيز بن فتح عالم بن محمد بن محمود الشريف الحسني النصير

آبادي، كان من ذرية الأمير الكبير بدر الملة المنير شيخ الإسلام قطب الدين محمد بن أحمد المدني

الكروي، ولد ونشأ بنصير آباد من أعمال رأى بريلي وتلقى العلم وتأهل للفتوى والتدريس، فولي

القضاء في بلدته نيابة عن صنوه الكبير أبي محمد بن محمد بن محمود النصير آبادي في أيام

شاهجهان بن جهانكير التيموري، وهو خال العارف الكبير علم الله بن فضيل النقشبندي البريلوي.

الشيخ عبد العزيز الجونبوري

الشيخ الصالح عبد العزيز بن فخر الدين بن كبير الدين الصوفي الجونبوري صاحب سيرة الأولياء،

ولد ونشأ ببلدة جونبور، وقرأ بعض الكتب الدرسية على والده وأكثرها على غيره من الأساتذة في

جونبور، ثم أخذ الطريقة عن أبيه وجلس على مسنده بعده، أخذ عنه غير واحد من المشايخ، وكتابه

سيرة الأولياء كتاب في أخبار مشايخه.

الأمير عبد العزيز الحبشي

الأمير الكبير عبد العزيز بن عنبر الحبشي الأمحري المشهور بفتح خان كان أكبر أولاد أبيه، ولد

بأرض الهند ونشأ بها في نعمة والده، وولي الوزارة بأحمد نكر بعده سنة خمس وثلاثين وألف.

وكان شجاعاً مقداماً كبيراً سخياً لكنه قليل التدبير مبذراً لا يصغي لقول مشير، وارتكب الفظائع فكان

حجاج زمانه، ووقع بسببه فتن، ثم تضعضع الزمان وآل ذلك إلى حصاد العلم والدين إلى أن نحى

عن دست وزارته وقبض عليه مهابت خان، فوظف له شاهجهان بن جهانكير الدهلوي مائتي ألف من

النقود مسانهة، فاعتزل بلاهور ومات بها، كما في مآثر الأمراء.

الشيخ عبد العزيز الإله آبادي

الشيخ الصالح الفقيه عبد العزيز الإله آبادي، كان ابن خالة الشيخ محب الله العمري، أخذ عنه العلم

والطريقة ولازمه ملازمة طويلة، وسافر إلى دهلي وأدرك بها الشيخ عبد الله بن عبد الباقي

النقشبندي، لقيه كمال محمد السنبهلي عنده بدهلي وذكره في الأسرارية.

الشيخ عبد العظيم السنبهلي

الشيخ الصالح عبد العظيم بن منور بن منصور بن عبد الله بن عثمان الحسيني المودودي السنبهلي،

أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بسنبهل، وأخذ عن أبيه وتصدر للإرشاد بعده،

وتزوج بابنة الشيخ تاج الدين النقشبندي السنبهلي، وتذكر له كشوف وكرامات، توفي سنة إحدى

وأربعين وألف، كما في نخبة التواريخ.

الشيخ عبد الغفور الأجني

الشيخ الصالح الحاج عبد الغفور بن داود الأجني، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية، قرأ على عمه الشيخ راجي محمد الأجني ولازمه، وأخذ عنه الطريقة وحفظ القرآن، وبذل

جهده في حل مشكلات التفسير، وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار ورجع إلى الهند، وكان

يتأسف على رجوعه ويريد أن يعود إلى أرض الحجاز، وكان يسعى للناس ويشفع لهم وينفعهم من

أي طريق كان، توفي سنة خمس أو ست بعد الألف بمدينة أجين فدفن بها، كما في كلزار أبرار.

ص: 566

الشيخ عبد الغفار الموهاني

الشيخ الصالح عبد الغفار الحسيني الموهاني الأودي، أحد العلماء الصالحين، أخذ الطريقة عن الشيخ

إكرام السائين بوري، ثم لازم الشيخ عبد الجليل بن عمر البيانوي ثم اللكهنوي وأخذ عنه، وجاوز

عمره مائة سنة، وكان صاحب الأذواق الصحيحة والمواجيد الصادقة، مات سنة ست وستين وألف،

كما في مرآة الولاية.

القاضي عبد الغني الخانديسي

الشيخ العالم الفقيه قاضي القضاة عبد الغني الخانديسي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والقراءة والتجويد، ودرس وأفاد مدة طويلة، ثم ترك التدريس واشتغل بمطالعة العوارف وشرح كلشن

راز وشروح صحيح البخاري، توفي سنة تسع بعد الألف بمدينة برهانبور فدفن بها، كما في كلزار

أبرار.

الشيخ عبد الغني البدايوني

الشيخ العالم الصالح عبد الغني الحنفي الصوفي البدايوني، أحد الرجال المعروفين بالفضل

والصلاح، ولد ونشأ بمدينة بدايون، واشتغل بالعلم من صباه، فاعترته حالة عجيبة فكان كلما يستمع

النغم يسقط سكراناً ولا يزال على ذلك إلى ساعة نجومية، فكاد أن يحرم من العلم فألجأه الناس إلى

النكاح فتزوج، وسافر إلى دهلي للاسترزاق فأدرك بها الشيخ عبد العزيز بن الحسن الجونبوري

فلازمه وقرأ عليه الكتب الدرسية، واشتغل بالتدريس فدرس بها مدة من الزمان، ثم انقطع إليه وأخذ

عنه الطريقة وصحبه زماناً، ثم خرج من دهلي وأقام خارج البلدة في مسجد خانجهان خان، ولزم

الإفادة والعبادة.

وكان مرزوق القبول، مليح الشمائل حسن الأخلاق، شديد التوكل، جواداً، من حسنات عصره، كما

في منتخب التواريخ.

مات في تاسع جمادي الآخرة سنة سبع عشرة وألف، كما في مهرجهانتاب.

مولانا عبد الغني الكشميري

الشيخ الفاضل عبد الغني الدالوالي البلديمري الكشميري، أحد فحول العلماء، ولد ونشأ بكشمير، وقرأ

العلم على مولانا أبي القاسم بن الجمال ومولانا حيدر ابن فيروز وخواجه محمد وملا باقر، ثم أخذ

الطريقة عن الشيخ شاه محمد البدخشي، كما في روضة الأبرار.

الشيخ عبد الفتاح الكجراتي

الشيخ العالم الكبير عبد الفتاح العسكري الأحمد آبادي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في المعارف

الإلهية، له شرح بسيط على المثنوي المعنوي استقدمه عالمكير ابن شاهجهان سلطان الهند إلى

حضرته واستفاد منه كثيراً، ثم رخصه إلى أحمد آباد.

قال البلكرامي في مآثر الكرام: إن سلسلة مشايخه تنتهي إلى الإمام عبد القادر الكيلاني - رضي الله

عنه - ببضع وسائط بطول أعمار المشايخ حيث أنه أخذ عن الشيخ إله داد عن الشيخ غريب الله

عن الشيخ تاج الدين عن الشيخ سعيد عن الشيخ عبد الرزاق بن عبد القادر الكيلاني عن أبيه -

رضي الله عنه توفي في الرابع والعشرين من ذي الحجة الحرام سنة تسعين وألف، كما في مآثر

الكرام.

الشيخ عبد الفتاح الجرياكوني

الشيخ الفاضل عبد الفتاح بن المبارك العباسي الجرياكوني، أحد الفقهاء الحنفية، ولد سنة أربع

وتسعين وتسعمائة بقرية جرياكوث وقرأ العلم على أساتذة عصره، له ميراث نامه منظومة بالفارسية،

منها قوله:

خدا راشكر كز تحرير خامه مهذب كشت اين ميراث نامه

مات في ربيع الأول سنة سبع وخمسين وألف، كما في تاريخ مكرم.

مولانا عبد القادر الأجني

الشيخ الفاضل العلامة عبد القادر بن أبي محمد بن

ص: 567

أبي أحمد بن هامون البغدادي ثم الهندي الأجني،

أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة، ولد بباب الكرخ من بغداد، وتوفي والده في صغر سنه

فتربى في مهد عمه وجاء به إلى بندر كووه من أرض الهند ومات بها عمه، فلما بلغ عبد القادر

السادسة عشرة من سنه سافر منها إلى كجرات سنة ست وستين وتسعمائة في أيام السلطان مظفر بن

محمود شاه الكجراتي، فقرأ بها الفنون الأدبية بمدرسة سركهيج على الفقيه حسن العرب الدابهولي،

وقرأ المنطق والحكمة على الشيخ حسين البغدادي، وقرأ الكلام على القاضي علاء الدين عيسى

الأحمد آبادي، ثم لازم دروس العلامة وجيه الدين العلوي الكجراتي، وقرأ عليه سائر الكتب الدرسية،

ولما فتح أكبر شاه بن همايون التيموري بلاد كجرات سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة ورجع إلى آكره

سافر معه، وقرأ الحاشية القديمة على شرح التجريد وتحرير الأقليدس وشرح التذكرة لمولانا نظام

الأعرج وبعض كتب أخرى على العلامة فتح الله الشيرازي، ثم سافر إلى بلاد الدكن في ركب الشيخ

أبي الفيض بن المبارك الناكوري سنة ألف وصحبه زماناً، ولما رجع أبو الفيض إلى آكره أقام ببلدة

أجين وسكن بها وتزوج، واشتغل بالدرس والإفادة، ودرس بها نحو عشرين سنة.

له ديوان شعر بالعربية، ورسالة بالعربية في مناقب الشيخ أبي الفيض المذكور، ورسالة في مدح

العلم على لسان المتكلم والحكيم صنفها لأبي الفضل ابن المبارك، وله تعليقات شتى على الكتب

الدرسية.

توفي سنة إحدى وعشرين وألف بمدينة أجين فدفن بها، كما في كلزار أبرار.

مولانا عبد القادر الفرملي

الشيخ الفاضل عبد القادر بن أولياء الفرملي، أحد العلماء المبرزين في الإنشاء والشعر، تقرب إلى

محمد أكبر بن عالمكير السلطان ولازمه زماناً، توفي بمدينة بتنه سنة ثمانين وألف، كما في مهر

جهانتاب.

الشيخ عبد القادر الأجي

الشيخ العالم الصالح عبد القادر بن حامد بن عبد الرزاق بن عبد القادر الشريف الحسني الأجي

الملتاني، كان أكبر أبناء والده، تصدر للإرشاد بعده فنازعه في ذلك صنوه موسى بن حامد وسافر إلى

أكبر شاه بن همايون التيموري سلطان الهند، فسافر عبد القادر أيضاً وأقام بفتحبور مدة من الزمان،

وقدم إليه أكبر شاه ذات يوم الأفيون على جري عادته فامتنع عن بلعه، فأنكر عليه السلطان امتناعه

عن ذلك، فبينما هو قد فرغ عن الصلاة المكتوبة يوماً في عبادت خانه القصر الذي بناه أكبر شاه

واشتغل بالنوافل إذ خرج عليه أكبر شاه وقال: ينبغي لك أن تصلي النوافل في بيتك، فقال عبد

القادر: يا مولانا! هذا ليس بملك فيكون تحت سلطانك، فغضب عليه السلطان وقال: إذا لم تكن

ترضى عن ملكي فاخرج عنه، فخرج الشيخ من ساعته ورحل إلى مدينة أج وترك المنازعة مع أخيه

موسى ونقل جسد أبيه من حامدبور إلى أج ودفن بها، وعكف على الإفادة والعبادة ورزق حسن

القبول، كما في المنتخب.

القاضي عبد القادر اللكهنوي

الشيخ الفاضل العلامة عبد القادر بن سلطان بن إله داد بن لاذ بن فريد بن عبد القادر بن المحدث

بن قطب الدين المحدث بن خضر المحدث بن حسن بن مبارك ابن عثمان بن محيي الدين بن عماد

الدين بن أبي بكر بن الحسين بن معز الدين ابن عبد الكريم بن إبراهيم بن أدهم، العمري البلخي ثم

الهندي اللكهنوي، كان من فحول العلماء، ولد بلكهنؤ سنة ست وتسعين وتسعمائة، وقيل: إنه ولد

بكسمندي - قرية من أعمال لكهنؤ - سنة أربع وتسعين وتسعمائة من بطن بوبوجيا بنت عبد الواحد

بن لاذ صنو القاضي ضياء الدين النيوتيني، وحفظ القرآن وسافر للعلم إلى لاهور وإلى بلاد أخرى،

ثم تصدر للدرس والإفادة بمدينة لكهنؤ.

أخذ عنه الشيخ بير محمد اللكهنوي، والسيد محمد شفيع الدهلوي، والسيد محمد القنوجي، والشيخ

قطب الدين السهالوي، والسيد غلام مصطفى الأشرفي الجائسي، والشيخ محمد زمان الكاكوروي،

والشيخ مجتبي القلندر اللاهربوري، والسيد حسن رسول نما

ص: 568

الدهلوي، والقاضي معين الدين

المهرنوي، والقاضي شرف الدين اللكهنوي، والقاضي عبد اللطيف البهرائجي، والقاضي حبيب الله

السنديلوي، ومولانا عبد الله السنديلوي، ومولانا ركن الدين المحدث الدهلوي، والشيخ فتح الله

القنوجي، ومولانا جعفر الصدربوري، ومولانا عليم الله الكجندوي، ومولانا أبو سعيد اللكهنوي،

والشيخ صدر الدين اللكهنوي، والشيخ مرتضى، ونواب مختار خان أمير بنكالة وخلق آخرون، كما

في راحة الأرواح.

وتوفي في السابع والعشرين من شعبان سنة ست وسبعين وألف وله اثنتان وثمانون سنة فأرخ لوفاته

بعضهم من رضي الله وقبره بلكهنؤ، كما في رسالة ألفوها في ترجمة الشيخ رفيع الدين المراد آبادي.

الشيخ عبد القادر الحضرمي

الشيخ العالم الصالح عبد القادر بن شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس، الشافعي

الحضرمي ثم الهندي الكرجاتي صاحب النور السافر عن أخبار القرن العاشر ولد في عشية يوم

الخميس لعشرين خلت من شهر ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وتسعمائة بمدينة أحمد آباد، وكان

والده رأى في المنام قبل ولادته جماعة من الأولياء منهم الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله والشيخ

أبو بكر العيدروس وغيرهما، فذلك هو الذي حمله على تسميته بعبد القادر، وكناه أبا بكر ولقبه محي

الدين وكانت أمه أم ولد هندية وهبتها بعض النساء من أرباب الخير.

قرأ القرآن العظيم، واشتغل بتحصيل طرف من العلم، وقرأ عدة من المتون على جماعة من

الأعلام، وشارك في كثير من الفنون، ولبس الخرقة عن المشايخ، أجلهم والده السيد شيخ بن عبد الله

العيدروس، والشيخ حاتم بن أحمد الأهدل، والشيخ عبد الله بن السيد شيخ العيدروس، والشيخ درويش

حسين الكشميري، والشيخ موسى بن جعفر الكشميري، والشيخ محمد بن الحسن الجشتي الكجراتي،

وصرف الهمة في اقتناء الكتب المفيدة وبالغ في طلبها من أقطار البلاد البعيدة مع ما صار إليه من

كتب والده فاجتمع منها عنده جملة عديدة، فدرس وصنف وألبس الخرقة، وحصل له قبول عظيم

وجاه واسع عند الأمراء والملوك، وسارت بمصنفاته الرفاق، وقال بفضله علماء الآفاق، وكاتبه ملوك

الأطراف وأتحفوه بصلاتهم الجميلة وهباتهم الجزيلة، وأخذ عنه غير واحد من الأعلام.

وممن لبس منه الخرقة السيد العلامة جمال الدين محمد بن يحيى الشامي المكي، والشيخ الكبير بدر

الدين حسن بن داود الكوكني الهندي والشيخ الفقيه محمد ابن عبد الرحيم باجابر الحضرمي والشيخ

الفاضل شهاب الدين أحمد بن ربيع بن أحمد بن عبد الحق السنباطي المكي ثم المصري وغيرهم.

ومن مصنفاته الفتوحات القدوسية في الخرقة العيدروسية - في مجلد ضخم - ومنها الحدائق

الخضرة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه العشرة، وهو أول كتاب ألفه وسنه إذا ذاك

دون العشرين، ومنها إتحاف الحضرة العزيزة بعيون السيرة الوجيزة، وهو على نمط الحدائق إلا أنه

أخصر منه، ومنها المنتخب المصطفى في أخبار مولد المصطفى، وكتاب المنهاج إلى معرفة

المعراج، والأنموذج اللطيف في أهل بدر الشريف، وأسباب النجاة والنجاح في أذكار المساء

والصباح، والدر الثمين في بيان المهم من علوم الدين، والحواشي الرشيقة على العروة الوثيقة، وفتح

الباري بختم صحيح البخاري، وتعريف الأحباء لفضائل الأحياء، وعقد اللآل بفضائل الآل، وبغية

المستفيد بشرح تحفة المريد، والنفحة العنبرية بشرح بيتين العدنية، وغاية القرب في شرح نهاية

الطلب، وله شرح على قصيدة الشيخ أبي بكر العيدروس النونية، وله كتاب إتحاف إخوان الصفاء

بشرح تحفة الظرفاء بأسماء الخلفاء، وصدق الوفاء بحق الإخاء، وكتاب النور السافر عن أخبار

القرن العاشر، والزهر الباسم من روض الأستاذ حاتم، وهو شرح رسالة من السيد حاتم إليه وهو

مطول نحو مجلدين، وكتاب قرة العين في مناقب الولي عمر بن محمد باحسين، وله ديوان شعر سماه

بالروض الأريض والفيض المستفيض.

ومن شعره قوله:

إذا ما اشتد ليل الهموم ودجا جعلت إلى أهل بدر الالتجا

ص: 569

وما خاب عبد لهم قد رجا ومتى توسل بهم إلى الله فرجا

توفي سنة ثمان وثلاثين وألف بأحمد آباد فدفن بها، كما في خلاصة الأثر.

القاضي عبد القادر الباني بتي

الشيخ العالم الفقيه القاضي عبد القادر بن محمد الباني بتي ثم الأجني، أحد الفقهاء المتصوفين، ولد

ونشأ بباني بتي وكان من بني أعمامه، ثم لازم الشيخ عبد الرزاق الجهنجهانوي وأخذ عنه الطريقة،

وسافر للحج والزيارة ثلاث مرات على قدم الصدق والإخلاص، وسكن بأجين عند عمه وكان قاضياً،

فلما مات عمه ولي القضاء فاشتغل به زماناً، وكان يذكر في كل أسبوع يوم الجمعة.

قال محمد بن الحسن المندوي في كلزار أبرار: إنه كان آية ظاهرة في تأويل المتشابهات ومعرفة

الناسخ والمنسوخ ووجوه الإعراب وأسباب النزول والتعميم والتخصيص والحقيقة والمجاز، مات

سنة إحدى عشر وألف بأجين فأرخوا لوفاته من قاضي زنده دل.

الشيخ عبد القادر اللاهوري

الشيخ العالم الفقيه المعمر عبد القادر بن محمد بن زين العابدين بن عبد القادر ابن محمد، الشريف

الحسني الأجي ثم اللاهوري، أحد المشايخ المعروفين، أخذ عن أبيه وتصدر للارشاد بعده.

قال عبد القادر البدايوني في كتابه منتخب التواريخ: إن أكبر شاه أمره أن يسافر إلى مكة المباركة

فراح إلى كجرات، فجهز له الأمراء فسافر إلى الحجاز وحج وزار، ورجع إلى الهند وعكف على

الإفادة والعبادة بلاهور، انتهى.

وفي خزينة الأصفياء: إنه كان عالماً تقياً زاهداً كريماً محسناً إلى الناس شديد التعبد، توفي سنة

اثنتين وعشرين وألف بلاهور فدفن بها.

مولانا عبد القادر البدايوني

الشيخ الفاضل عبد القادر بن ملوك شاه الحنفي البدايوني، أحد العلماء المبرزين في التاريخ والإنشاء

والشعر وكثير من الفنون الحكمية، ولد سنة سبع وأربعين وتسعمائة ببلدة بساور - بفتح الموحدة

والسين المهملة - في عهد شير شاه العادل، وقرأ القرآن على السيد محمد المكي بمدينة سنبهل، وقرأ

المختصرات وبعض العلوم العربية على جده لأمه مخدوم أشرف البساوري، وقرأ في ذلك الزمان

قصيدة البردة ودروساً من كنز الدقائق في الفقه على الشيخ حاتم السنبهلي تبركاً، ثم دخل آكره وأخذ

العلم بعضه عن المفتي أبي الفتح بن عبد الغفور التهانيسري وأكثره عن الشيخ مبارك بن خضر

الناكوري، وقرأ بعض كتب على القاضي أبي المعالي الحنفي، وقرأ بست باب في الأصطرلاب على

مير تقي ابن فارغي الشيرازي، وأخذ الشعر والألغاز والنجوم والحساب والموسيقى والشطرنج

الصغير والكبير وضرب البين نوع من العود وكثيراً من الفنون، وصحب أبا الفيض وأبا الفضل

ابني الشيخ مبارك ابن خضر المذكور أربعين سنة، وصحب نظام الدين بن محمد مقيم الهروي،

وغياث الدين بن عبد اللطيف القزويني، وكمال الدين حسين بن حسن الشيرازي، وخلقاً آخرين من

العلماء، ولازم الأمير حسين خان أحد ولاة أوده مدة طويلة، وكان الأمير يحسن إليه ويمنحه الصلات

والجوائز، ثم تركه سنة إحدى وثمانين وتسعمائة ودخل آكره، فشفع له جلال خان القورجي وعين

الملك الشيرازي إلى أكبر شاه بن همايون السلطان فقربه إليه وخاطبه وأدخله في صف العلماء، ففاق

الأقران في زمان يسير في القرب والمنزلة، واتخذه السلطان إماماً لصلواته، وأعطاه ألف فدادين من

الأرض الخراجية، وأمره بنقل الكتب الهندية إلى اللغة الفارسية، فألف كتباً عديدة:

فأول ما أمر به نقل اتهرين ويد رابع الكتب المقدسة في زعم الهنادك وهو في لغة سنسكرت،

يزعمون أن بعض أحكامه موافق للشريعة الإسلامية، فكان البدايوني يكتبه في الفارسية بعد ما يفهمه

الشيخ بهاون الدكني الذي كان من أحبار الهنادك ثم أسلم ولكنه لما كان ذلك الكتاب في غاية الدقة

والغموض كان الشيخ بهاون يعجز عن إفهامه فرفع البدايوني تلك القصة إلى

ص: 570

السلطان، فأمر أبا

الفيض بن المبارك الناكوري بنقله إلى الفارسية، ثم أمر الحاج إبراهيم السرهندي لذلك حتى تم

الكتاب، ولكنه بقيت خبايا في الزوايا.

ثم أمره بنقل مهابهارت أحد الكتب التاريخية للهنادك، وهو في زعمهم كتاب مقدس مشتمل على

أنواع القصص والمواعظ والمصالح والأخلاق والآداب وتدبير المعاش، وفيه بيان المذاهب وطريق

العبادة وغيرها من الأمور النظرية والعملية، أسست تلك المباحث على حرب عظيمة دارت بين

كوران وبندوان طائفتين من ملوك الهند، ومهابهارت مركب من لفظين في لغتهم: مها عبارة عن

العظيم، وبهارت عبارة عن الحرب، فجمع أكبر شاه السلطان طائفة من أحبار الهنادك وأمرهم

بتعبيرها في اللغة المروجة ليعبرها البدايوني مشاركاً لغياث الدين القزويني في الفارسية، فلما تم ذلك

الكتاب سماه السلطان رزمنامه.

ثم أمره بنقل رامائن أحد الكتب السابقة على مهابهارت، وفيه خمسة آلاف وعشرون أشلوكاً وكل

أشلوك منها يشتمل على خمسة وستين حرفاً، فنقله إلى الفارسية في أربعة أعوام، وفرغ من تصنيفه

سنة سبع وتسعين وتسعمائة.

ثم أمره أن ينتخب الجامع الرشيدي وهو كتاب مفيد في تراجم الخلفاء العباسية في بغداد وبقيتهم في

مصر والخلفاء الأموية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنه إلى آدم عليه السلام بالبسط

والتفصيل، فلخصه ونقله من العربية إلى الفارسية.

ثم أمره أن يكمل بحر الأسماء الذي صنف بأمر السلطان زين العابدين الكشميري، وهو كتاب مؤلف

في القصص الهندية وقد بقي طرف من القصص المفيدة، فألفه البدايوني في ستين كراسة وجعله

المجلد الثاني من ذلك الكتاب، وقد فرغ من تصنيفه في خمسة أشهر.

ثم أمره أن يلخص تاريخ كشمير الذي ألفه مولانا شاه محمد الشاه آبادي، فانتخبه في شهرين بعبارة

رائقة.

ثم أمره بترجمة معجم البلدان من العربية إلى الفارسية، فقسم أجزاءه على اثني عشر رجلاً من أهل

العلم، فناول البدايوني منها عشرة أجزاء فكتبها بالفارسية في شهر واحد.

ومن تلك المصنفات التاريخ الألفي أمر السلطان بتصنيفه خاصة، واصطفى منهم سبعة رجال منهم

عبد القادر البدايوني ليكتب كل واحد في أسبوع أخبار سنة، فامتثلوا أمره حتى حررت من ذلك أخبار

خمس وثلاثين سنة.

ومن مصنفات البدايوني الأربعون في فضل الجهاد في سبيل الله.

ومنها نجاة الرشيد في الكبائر والصغائر من المعاصي وآفات النفوس صنفه سنة تسع وتسعين

وتسعمائة.

ومنها منتخب التواريخ وهو أحسن مؤلفاته، رتبه على ثلاثة مجلدات: الأول في تراجم ملوك الهند

من سبكتكين إلى همايون وهو ما بين الإيجاز والإطناب، والثاني في أخبار أكبر شاه السلطان من بدء

جلوسه على سرير الملك إلى سنة أربعين، والثالث في ذكر من عاصره من المشايخ والعلماء

والأطباء والشعراء، فرغ من تصنيفه يوم الجمعة الثالث والعشرين من جمادي الآخرة سنة أربع بعد

الألف، وكتابه هذا مما لا نظير له في صحة الرواية، نقد فيها أخلاق الناس بعين البصيرة فنقد الغش

من الخالص، وذكر المناقب والمعايب، وما قصر في انتقاد الرجال حتى أنه لم يبال بصاحبه أكبر

شاه، وكشف القناع عن حسنه وقبحه وخيره وشره وصوابه وخطائه وعدله وظلمه كأنه متحنط لا

يبالي بموته.

توفي في سنة أربع بعد الألف وله سبع وخمسون سنة، كما في دربار أكبري.

الشيخ عبد القادر البخاري الأكبر آبادي

الشيخ الفاضل الكبير عبد القادر البخاري الأكبر آبادي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية، كان يدرس ويفيد بمدينة أكبر آباد، وكان من المشايخ القادرية الأعظمية، أخذ عنه خلق

كثير من

ص: 571

العلماء والمشايخ، مات سنة خمسين وألف بأكبر آباد فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.

المفتي عبد القدوس الأمروهوي

الشيخ الفاضل المفتي عبد القدوس بن عبد الغفور بن عبد الملك الحسيني الأمروهوي، أحد العلماء

العاملين وعباد الله الصالحين، ولد ونشأ بأمروهه، وتفقه على والده، وولي الإفتاء بعده سنة تسعين

وتسعمائة، واستقل به إلى سنة اثنتين وستين وألف، لأن ولده محمد شاهد ولي الإفتاء بعده في تلك

السنة، لعله مات عبد القدوس المذكور في السنة المذكورة أو مما يقرب ذلك، كما في نخبة التواريخ.

مولانا عبد القوي البرهانبوري

الشيخ العالم الكبير عبد القوي الحنفي البرهانبوري، أحد العلماء المشهورين، لقبه عالمكير بن

شاهجهان التيموري اعتماد خان ورقاه درجة بعد درجة حتى نال خمسة آلاف منصباً رفيعاً، وأذن له

عالمكير أن يجلس بين يديه في الخلوة، وصار يعتمد عليه في مهمات الأمور.

قال شاهنواز خان في مآثر الأمراء: إنه كان شديد التعصب، كثير الإعجاب بنفسه، احتسب على

سعيد سرمد الأرمني وكلفه اللباس فلم يقبله، ثم ادعى عليه أنه ينكر معراج النبي صلى الله عليه

وسلم فأفتى بقتله، انتهى.

وقال خافي خان في منتخب اللباب: إنه كان صالحاً تقياً ديناً صدوقاً محتظياً عند السلطان، وكان

السلطان ومن دونه يعظمونه ويتلقون إشاراته بالقبول، ولكنه كان لا يفوه بشفاعة لأرباب الحوائج

ويشدد على الناس في القضايا حتى إنه قتل لذلك، وقصته: أن رجلاً قلندر الزي من أهل إيران قدم

الهند، وأقام ببلدة سورت وبمدينة برهانبور أياماً عديدة ثم جاء إلى دهلي، فمال إليه الأمراء من أهل

إيران واجتمع لديه القلندرون، فلم يزل يعيش في الحدائق والبساتين ويشتغل بالمعازف والمزامير

ويبذل الأموال الطائلة حتى قيل: إن مصارفه كانت أكثر من مداخله، فظن السلطان أنه جاسوس بعثه

ملك إيران، فأمر العسس أن يقبض عليه، وأمر عبد القوي أن يفحصه، فأحضره العسس لديه، فتكلم

معه الشيخ في الخلوة فجحد كل ما رموه به، فلما شدد عليه قال: إذا شددت علي فإني لا أخبرك إلا

همساً في أذنك، وأبى إلا أن يهمس إليه فأدناه، فوثب عليه وأخذ سيفه الذي بين يديه وضربه، فلم

يرتث ولم يتحرك ومات من ساعته، وكان ذلك في سنة ست وسبعين وألف، قال السهارنبوري في

مرآة جهان نما: إن ابنيه محمد مظفر وأبا الفتح نقلا جسده إلى برهانبور ودفناه بها.

مولانا عبد الكريم البشاوري

الشيخ العالم الفقيه عبد الكريم بن درويزه الحنفي البشاوري، أحد العلماء المذكرين، أخذ الطريقة عن

الشيخ علي الغواص الترمذي عن الشيخ نظام الدين الجشتي التهانيسري، وله مصنف في الأفغانية

يسمى بمخزن الإسلام توفي سنة اثنين وسبعين وألف، وقبره بحدود يوسف زئي من أرض ياغستان،

كما في الحدائق الحنفية.

الشيخ عبد الكريم المانكبوري

الشيخ الصالح المعمر عبد الكريم بن سلطان بن قاسم بن أحمد بن ميران بن فيض الله بن حسام

الدين المانكبوري، أحد المشايخ المشهورين، ولد ونشأ بمانكبور، وأخذ عن أخيه الشيخ عبد الله

المانكبوري، ولما توفي عبد الله خرج من بلدته وساح البلاد حتى وصل إلى جبل لبنان، وحج وزار

سبع مرات، ثم رجع إلى الهند ومات بأرض بنكاله فنقلوا جسده إلى مانكبور ودفنوه بها، وكانت وفاته

في الخامس عشر من شهر صفر سنة سبع وخمسين وألف وله سبعون سنة، كما في آئينة أوده.

الشيخ عبد الكريم البرهانبوري

الشيخ الصالح عبد الكريم بن شرف الدين البرهانبوري، أحد رجال العلم والمعرفة، ولد سنة ثمان

وتسعمائة بمدينة برهانبور، ونشأ في مهد المشيخة، وانتفع بأبيه ولازمه مدة حياته، وكان زاهداً عفيفاً

ديناً باذلاً سخياً مسدي الإحسان إلى الضيفان، مات في الثاني عشر من شعبان سنة أربع بعد الألف

وله ست وتسعون سنة، كما في كلزار أبرار.

ص: 572

الشيخ عبد الكريم الكاكوروي

الشيخ العالم الصالح عبد الكريم بن شهاب الدين بن نظام الدين العلوي الكاكوروي، أحد الرجال

المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ في أيام جده وأخذ عنه، وقرأ فاتحة الفراغ وله ثمان عشرة

سنة، ثم سافر إلى دهلي وأخذ عن الشيخ عبد الباقي النقشبندي وعن غيره من المشايخ، ثم رجع إلى

بلدته وتمكن بها للدرس والإفادة، وكان على قدم جده في الزهد والقناعة، مات في ثالث ربيع الأول

سنة تسع وثلاثين وألف، كما في كشف المتواري.

الشيخ عبد الكريم اللاهوري

الشيخ العالم الصالح عبد الكريم بن عبد الله بن شمس الدين السلطانبوري ثم اللاهوري، أحد العلماء

المبرزين في الفقه والأصول، قرأ الكتب الدرسية على والده، وأخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين بن

عبد الشكور التهانيسري وصحبه، وسافر للحج والزيارة مرتين: مرة في صحبة أبيه، ومرة بعد

وفاته، وسكن بلاهور بعد ما توفي والده، له شرح على فصول الحكم بالفارسية، والأسرار العجيبة

رسالة له في الأذكار والأشغال، مات في السابع والعشرين من رجب سنة خمس وأربعين وألف ببلدة

لاهور، فدفن بها قريباً من حديقة زيب النساء بيكم، كما في خزينة الأصفياء.

الشيخ عبد الكريم الأكبر آبادي

الشيخ الصالح المجود عبد الكريم الأكبر آبادي، أحد القراء المشهورين في عصره، كان مكفوف

البصر مكشوف البصيرة، حفظ القرآن، وأخذ القراءة والتجويد عن الشيخ عبد الملك القارئ الأكبر

آبادي، وحفظ القصيدة الشاطبية مع معانيها وغرائبها، وحفظ القراءات السبع مع أربع عشرة رواية،

وكان يقرأ القرآن بلحن شجي يأخذ بمجامع القلوب، كما في كلزار أبرار.

المفتي عبد الكريم الكجراتي

الشيخ العالم الكبير عبد الكريم بن محب الدين بن علاء الدين، الخرقاني النهروالي الكجراتي، المفتي

بهاء الدين أبو الفضائل المكي، أحد أفراد الدنيا في الفضل والكمال، ولد بأحمد آباد من بلاد الهند

ضحى يوم الإثنين تاسع عشر شوال سنة إحدى وستين وتسعمائة، وكان بيته بيت العلم والطريقة في

بلدة نهرواله من بلاد كجرات، وتقدم تمام النسب في ترجمة جده علاء الدين النهروالي من أعيان

القرن العاشر، وهو سافر إلى مكة المباركة مع أبيه ونشأ بها، ولازم عمه المفتي قطب الدين محمد

النهروالي وبه تفقه وعليه تخرج، وأخذ عن الشيخ عبد الله السندي والعلامة الشهاب أحمد بن حجر

الهيثمي، روى عنه صحيح البخاري وتولى إفتاء مكة سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة، وولي الخطابة

في حدود التسعين وتسعمائة، وولي أيضاً المدرسة السلطانية المرادية بمكة، وألف مؤلفات لطيفة،

منها شرح ممزوج على صحيح البخاري لم يكمله، سماه النهر الجاري على البخاري وتاريخ سماه

إعلام العلماء الأعلام ببناء المسجد الحرام وهو مختصر تاريخ عمه المذكور، زاد فيه أشياء حسنة

مهمة مما يحتاج إليه وما حدث بعد تأليفه منبهاً إليه، فرغ من تصنيفه يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة

بقيت من شعبان سنة ألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وأكمل التحية،

وممن أخذ عنه السيد عمر بن عبد الرحيم البصري وخلق آخرون.

قال المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان إماماً فاضلاً، له اشتغال تام بالعلم وخط حسن، ونسخ بخطه

كتباً، وله حفظ جيد ومذاكرة قوية، وكان عارفاً بالفقه، خبيراً بأحكامه وقواعده، مطلعاً على نصوصه

مع طلاقة الوجه وكثرة السكون، وأما الأدب فكان فيه فريداً، يفهم نكته، ويكشف غوامضه،

ويستحضر من الأخبار والوقائع وأحوال العلماء جملة كثيرة، وكان من أذكياء العالم ذا إنصاف في

البحث، قال المحبي: هو الذي سعى في إحداث معلوم من بندر جدة يكون في مقابلة خدمة إفتاء

الحنفية بمكة وأجيب إلى ذلك، وجعلت له خلعة تحمل مع الركب المصري يلبسها في يوم العرضة،

ثم أحدث له في مقابلة ذلك أيضاً صوفان من الديار الرومية في ضمنها مائة دينار، واستمر ذلك

لمفتي مكة، توفي بها قبل غروب شمس يوم الأربعاء خامس عشر ذي الحجة سنة أربع عشرة بعد

الألف، ودفن بالمعلاة.

ص: 573

الشيخ عبد الكريم السهارنبوري

الشيخ الفاضل عبد الكريم بن عبد الستار الأنصاري السهارنبوري، أحد الأفاضل المشهورين في

عصره ومصره، أخذ العلم والمعرفة عن الشيخ ركن الدين ابن عبد القدوس الكنكوهي ولازمه مدة

طويلة، ثم انقطع إلى الدرس والإفادة، وكان يعظ ويذكر ويلقن الذكر على الطريقة الجشتية، أخذ عنه

خلق كثير، وله ديوان شعر بالفارسي، مات لأربع عشرة خلون من محرم سنة أربع وعشرين وألف

ببلدة سهارنبور فدفن بها، كما في مرآة جهان نما.

الشيخ عبد اللطيف الأجيني

الشيخ العالم الصالح عبد اللطيف بن أحمد المتوكل الأجيني، أحد المشايخ العشقية الشطارية، ولد

ونشأ بمدينة أجين، وسافر إلى برهانبور وأخذ عن الشيخ عيسى بن قاسم السندي البرهانبوري

ولازمه زماناً، ثم قام مقام والده في الإرشاد والتلقين بمدينة أجين، توفي سنة سبع وألف، كما في

كلزار أبرار.

الشيخ عبد اللطيف الأكبر آبادي

الشيخ الفاضل الكبير عبد اللطيف بن عبد الله العباسي الأكبر آبادي، أحد فحول العلماء، له لطائف

الحدائق من نفائس الدقائق شرح بسيط بالفارسي على حديقة الحكيم سنائي الغزنوي، صنفه سنة ثمان

وثلاثين وألف، وله خلاصة أحوال الشعراء، رتبه على سبع طبقات، وله لطائف المثنوي شرح

مختصر على المثنوي المعنوي، وكان مليح الخط حسنه، رأيت خطه على نفحات الأنس من

حضرات القدس لعبد الرحمن بن أحمد الجامي، كانت في مكتبة حبي في الله ربي نور الحسن بن

صديق حسن الحسيني البخاري القنوجي، فوجدته غاية في الجودة والملاحة.

الشيخ عبد اللطيف الكجراتي

الشيخ الصالح عبد اللطيف بن ملك شاه النهروالي الكجراتي، أحد الرجال المعروفين بالفضل

والصلاح، ولد ونشأ بنهرواله، وتوفي والده في صباه فسافر إلى جانبانير، ولازم الشيخ صدر الدين

محمد الذاكر الجانبانيري واشتغل بأذكار الطريقة الشطارية وأشغالها زماناً، وسافر بأمر شيخه إلى

كواليار سنة سبع وسبعين وتسعمائة، وأدرك بها أبناء الشيخ محمد غوث وأصحابه، وأدرك الشيخ

نظام الدين إله داد النارنولي وكثيراً من المشايخ، ثم رجع إلى جانبانير، وانتقل منها بعد خرابها إلى

بروده وتزوج بها واتخذها داراً وسكناً، وسافر إلى كواليار مرة ثانية سنة أربع وثمانين وتسعمائة،

وسافر إلى برهانبور لزيارة الشيخ عيسى بن قاسم السندي، توفي سنة سبع عشرة وألف ببزوده، كما

في كلزار أبرار.

الشيخ عبد اللطيف البرهانبوري

الشيخ العالم الصالح عبد اللطيف الحنفي البرهانبوري، الشيخ المشهور المتفق على ولايته وجلالته،

كان يعتقد بفضله وكماله عالمكير بن شاهجهان سلطان الهند، يكرمه غاية الإكرام ويذكره في كثير من

رسائله ويتواضع له ويتردد إليه، وإن لم يستطع يبعث إليه الرسائل، قلما يخلو أسبوع أو شهر من

ذلك، كما في منتخب اللباب.

وكان يشدد في الأمر والنهي، ويحتسب على الناس ولا يخاف في الله أحداً، وكان يتجر ويسترزق

بها على وجه الحلال، وما كانت له خادم غير صاحبته، وكان لا يأذن لعامة الناس أن يدخلوا عليه

ولا يفتح بابه لهم في كثير من الأحيان، ولا يقبل النذور والفتوحات، ولا يدع أحداً يبايعه.

وكان ناسكاً صواماً قواماً، ذاكراً لله سبحانه في كل أمر، رجاعاً إليه في سائر الأحوال، وقافاً عند

حدوده وأوامره ونواهيه، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، وكان يحتسب على الشيخ برهان الدين

الشطاري البرهانبوري ويقول: إنه مبتدع، لاستماعه الغناء ولتواجده في ذلك.

توفي سنة ست وستين وألف بمدينة برهانبور، فأرخ لوفاته بعض الناس من ستون دين افتاد كما في

تأليف محمدي، وفي مرآة عالم: إنه توفي سنة ستين وألف، وتاريخه آه زان شيخ كامل.

ص: 574

مولانا عبد اللطيف السلطانبوري

الشيخ الفاضل العلامة عبد اللطيف الحنفي السلطانبوري، أحد العلماء المبرزين في العلوم الحكمية،

قرأ الكتب الدرسية على الشيخ جمال الدين اللاهوري، وأخذ المنطق والحكمة عن العلامة فتح الله

الشيرازي، ثم درس وأفاد وظهر فضله بين العلماء، فجعله شاهجهان بن جهانكير معلماً لولده دارا

شكوه في حياة والده جهانكير فلم يزل يعلمه، وكان شاهجهان يجزل عليه الصلات والجوائز، فلما

كف بصره رخصه إلى بلدته وأعطاه قرى عديدة، فرجع إلى بلدته والتزم التفسير والموعظة مع

الطريقة الظاهرة والصلاح، كما في بادشاه نامه وعمل صالح.

وفي مرآة عالم: إن شاهجهان جعله معلماً لولده عالمكير، وقد سمع بختاور خان صاحب المرآة من

عالمكير أنه كان يقول: إن له حقاً عظيماً علي لأني كل ما أخذت من العلوم والفنون أخذته عنه، لأنه

كان يجتهد في الإفادة ولا يتساهل في ذلك، خلافاً لغيره من الأساتذة فانهم كانوا يراعون جانبي

ويلاحظونني فيتساهلون في تعليمي، انتهى.

توفي سنة اثنتين وأربعين وألف، فأرخ لوفاته بعض أصحابه من قوله آفتاب علم را آمد كسوف كما

في مرآة عالم، فما في تذكرة العلماء: إنه مات سنة ست وثلاثين وألف، لا ينبغي أن يعتمد عليه.

الشيخ عبد اللطيف السندي

الشيخ الفاضل عبد اللطيف البديني السندي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية،

أجرى له عالمكير الأرزاق السنية بعد كبر سنه، كما في تحفة الكرام.

الشيخ عبد الله الخير آبادي

الشيخ الفاضل عبد الله بن أبي الفتح بن نظام الدين الحسيني الرضوي الخير آبادي، أحد الرجال

المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بخير آباد، وأخذ عن والده ولازمه زماناً طويلاً، وتصدر

للإرشاد بعده، وكان كثير الدرس والإفادة.

السيد عبد الله السندي

الأمير عبد الله بن أبي المكارم بن غياث الدين، الحسيني السيوستاني السندي، أحد الأمراء

المعروفين بأرض السند، ولد ونشأ بمدينة سيوستان، وسافر إلى دهلي مرافقاً لمرزا غازي أحد ولاة

السند في أيام جهانكير بن أكبر شاه، ثم رجع إلى بلاد السند، وبعثه مرزا غازي إلى ملك الفرس

بالسفارة، فزار مشهد الرضا في ذلك السفر، وولي على مدينة تهته بعد وفاة الغازي، واعتزل عنها

في أيام شاهجهان بن جهانكير شاه، فرتب له شاهجهان خمسين ألف دام، وكانت وفاته في السادس

عشر من شعبان سنة أربع وخمسين وألف، كما في تحفة الكرام.

الشيخ عبد الله السنديلوي

الشيخ العالم الصالح عبد الله بن بهلول بن جاند بن جنيد بن محمد بن برهان الدين بن عز الدين

محمود بن نجم الدين أحمد بن شمس الدين العثماني الهروي السنديلوي، أحد المشايخ العشقية

الشطارية، ولد يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الثاني سنة أربع وعشرين وتسعمائة ببلدة سنديله من

أرض أوده، فلما صار ابن تسع سنوات سافر للعلم إلى كوبامؤ وقرأ على الشيخ إله داد بن سعد الله

العثماني الكوباموي النحو والصرف، ثم ذهب إلى بدايون، ثم إلى دهلي وسكن بها عند الشيخ معز

الدين البخاري، وقرأ اللب والإرشاد والكافية في مدرسة دهلي، ثم سافر إلى حصار وقرأ بعض

الكتب الدرسية على مولانا برهان الدين الملتاني، وسافر معه إلى كجرات وقرأ بعض الرسائل في

الفنون الرياضية على العلامة وجيه الدين العلوي الكجراتي، وقرأ هداية الفقه وأصول البزدوي على

الشيخ مبارك الفاضل الكواليري، وأخذ الحديث وأصوله عن الشيخ عبد الأول الحسيني الدولة آبادي

وأسند الفصوص وشروحه عن الشيخ مصطفى الرومي، وقرأ فاتحة الفراغ وله أربع وعشرون سنة،

ثم لازم الشيخ محمد غوث الشطاري الكواليري وأخذ عنه الطريقة، وأجازه الشيخ المذكور يوم غرفة

من ذي الحجة الحرام سنة خمسين وتسعمائة بكجرات وأمره أن يربي المريدين،

ص: 575

فاستقام على تلك

الخدمة سنتين، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين، وأقام بالمدينة المنورة خمس سنوات عاكفاً على

الزهد والعبادة، وكان يحج في كل سنة، ثم رجع إلى الهند وتزوج بأحمد آباد، واشتغل بها بالدرس

والإفادة خمس عشرة سنة، ثم ذهب إلى كواليار واعتكف على قبر شيخه سنتين، ثم دخل آكره

واعتزل بها مع القناعة والعفاف والتوكل والإستغناء، كان لا يتردد إلى الأغنياء ولا غيرهم من

الناس.

جمع ابنه عبد النبي ملفوظاته في كتابه جامع الكلم: ومن مصنفاته: سراج السالكين، وكنز الأسرار

في أشغال الشطار، وشرح الرسالة الغوثية والأوراد الصوفية، وأنيس المسافرين، وأسرار الدعوة،

ورسالة الصوفية،

توفي لسبع ليال بقين من جمادي الأولى سنة عشر وألف بمدينة آكره، كما في كلزار أبرار.

الشيخ عبد الله الحضرمي

السيد الشريف عبد الله بن حسين بن محمد بن علي بن أحمد بن عبد الله ابن محمد، بافقيه الحسيني

الحضرمي الشافعي، أحد علماء الإسلام الكبار، ذكره الشلي في تاريخه، قال: إنه ولد بتريم، وحفظ

القرآن على محمد با عائشة، وحفظ الجزرية وقرأها عليه، وحفظ بعد الإرشاد والملحة والقطر

وعرضها على مشايخه، وتفقه بوالده حسين، وأخذ عدة علوم عن الشيخ أبي بكر بن عبد الرحمن بن

شهاب الدين، منها الحديث والعربية وأكثر العلوم الأدبية، وأخذ الفقه عن الشيخ عبد الرحمن بن

علوي بافقيه، ومن مشايخه عبد الرحمن السقاف ابن محمد العيدروس والقاضي أحمد بن حسين

والقاضي أحمد بن عمر عيديد والشيخ أحمد بن عمر البيتي والشلي الكبير، وأخذ التصوف عن أكثر

مشايخه المذكورين، ولبس الخرقة من غير واحد، وجد في الطلب واعتنى بعلوم الأدب حتى اشتهر

أمره وبعد صيته، ثم دخل الهند واجتمع في رحلته هذه بكثير من أرباب الفضل والحال، ثم قصد

مدينة كنور وأخذ بها عن السيد الكبير بن محمد بن عمر بافقيه وغيره، وحصل له قبول تام عند

صاحبها الوزير عبد الوهاب، وكان عبد الله بن حسين إذ ذاك شاباً فرغب في صهارته وزوجه بابنته

وأعطاه دست الوزارة، فنصب نفسه للتدريس والإقراء ونفع العالمين فشاع ذكره شرقاً وغرباً، وكان

لا يقاوم في المناظرة.

وألف تآليف عديدة، منها شرح الآجرومية، وشرح الملحة ومختصرها، وشرح مختصره، وله رسائل

بديعة، وكان في صناعة النظم والنثر حاز قصب السبق، وله قصائد غريبة، قال الشلي: ورأيت له

رسائل وأنا صغير، أتى فيها بما لم يسبق إلى مثله، كان أرسلها إلى سيدي الوالد، ولم يتفق لي إلى

الآن الوقوف على شيء من مؤلفاته ولا قصائده، ولم يقدر لي الله الاجتماع به في رحلتي إلى الهند،

وكان مع علو همته لا يسمع بشيء إلا أحب أن يقف على أصله ومادته ويتطلب أربابه من سائر

الآفاق حتى أحكم على الرمل والهيئة والأسماء والأوفاق، واجتهد في علم الكيمياء غاية الإجتهاد

ويقال إنه ناله، وكان مع ذلك كله ذا قدم راسخة في الصلاح والتقوى والدين مقبلاً على الطاعة، وله

خلق حسن وعذوبة كلام ولين جانب، لا يزال مسروراً، وكان آية في الكرم كثير الإحسان، وكان

ينفق نفقة السلطان، ويسكن العظيم من الدور، ويركب الخيل الجياد، وهو قائم بنفع العباد، عاكف

على طلبة العلم، ولم تطل لياليه حتى مات وهو في الوزارة، كما في خلاصة الأثر.

الشيخ عبد الله الحضرمي

السيد الشريف عبد الله بن زين بن محمد بن عبد الرحمن بن زين بن محمد، مولى عيديد،

الحضرمي الشافعي الفقيه الجل، ذكره الشلي في تاريخه، قال: إنه ولد بتريم وحفظ القرآن، ثم طلب

العلم وحفظ الجزرية والعقيدة الغزالية والأربعين النواوية والملحة والقطر والإرشاد، وعرض

محفوظاته على العلماء الأجلاء، وتفقه على القاضي أحمد بن حسين ولازمه إلى أن تخرج به وبرع،

وجمع من الفوائد شيئاً كثيراً، وأخذ عدة علوم، منها الحديث والتفسير والعربية على الشيخ أبي بكر

عبد الرحمن، وأخذ عن أخيه محمد الهادي التصوف والحديث، ومن مشايخه

ص: 576

الشيخ عبد الرحمن بن

محمد العيدروس والشيخ عبد الرحمن بن علوي بافقيه وغيرهم، وكان في الحفظ منقطع القرين لا

تغيب عن حفظه شاردة، وكان أجمع أقرانه للفقه وأبرعهم فيه، وأذن له غير واحد من مشايخه

بالإفتاء والتدريس، فدرس وأفتى، وانتفع به جماعة.

قال الشلي: وحضرت دروسه وقرأت عليه بعض الإرشاد، وحضرت بقراءة غيري فتح الجواد،

وكان آية في الفروع والأصول محققاً، وما شهدت الطلبة أسرع من نقله، وكان علمه أوسع من عقله،

ولما حفظ الإرشاد جميعه حصل له خلل في سمعه، واشتهر عند العوام أن من حفظ الإرشاد كله ابتلى

بعلة، ولذا كان كثير ممن حفظه يترك بعضه، وكان حسن المناظرة، قال: ووقع بينه وبين شيخنا

القاضي عبد الله بن أبي بكر الخطيب مناظرات في مسائل مشكلات، وربما تناظرا أكثر الليل.

وكان صاحب جد في الدين، وكان ذا هدى ورشاد وصلاح معرضاً عن الرين، حسن الصيت نير

الوجه بصير القلب والبصر متقللاً من الدنيا، وارتحل من بلدة تريم ودخل الهند وأخذ عن السيد عمر

بن عبد الله باشيبان علوم الصوفية والأدب، وأخذ السيد عمر عنه العلوم الشرعية، وطلب منه أن يقيم

عنده والتزم له بما يحتاجه، فقام حتى اجتمع بمن في الهند من المحققين، فقصد مدينة بيجابور

واجتمع فيها بالشيخ أبي بكر بن حسين بافقيه أخي شيخه القاضي بافقيه، وأخذ عن هذين علوم

التصوف والحقيقة، وجلس يدرس أياماً، ثم مات بمدينة بيجابور، ودفن عند قبور بني عمه من السادة

رضي الله عنه كما في خلاصة الأثر.

الشيخ عبد الله اللاهوري

الشيخ العالم المعمر عبد الله سعد الحنفي اللاهوري نزيل المدينة المنورة، كان من أخيار الصوفية،

اسم أبيه سعد الله، وقيل: سعد الدين ولد سنة خمس وثمانين وتسعمائة، وتوفي سنة ثلاث وثمانين

وألف.

وهو ممن أخذ عن مفتي مكة قطب الدين محمد النهروالي، يروي عنه صحيح الإمام البخاري بسند

عال، لا أعلم في الدنيا سنداً أعلى من هذا السند، أخذ عنه الشيخ إبراهيم بن حسن الكردي المدني

وعنه الشيخ سالم بن عبد الله البصري المكي حتى انتشر في الحجاز، وقد ذكره إبراهيم المذكور في

الأمم لإيقاظ الهمم، وذكره عبد الله بن سالم في الإمداد بعلو الإسناد والمزجاجي في نزهة رياض

الإجازة وقال: هذه الطريقة لم تصل إلى الحرمين إلا مع أشياخ أشياخ مشايخنا كالشيخ المعمر عبد

الله بن سعد اللاهوري، انتهى.

مولانا عبد الله السيالكوتي

الشيخ العالم الكبير العلامة عبد الله بن عبد الحكيم بن شمس الدين السيالكوتي أحد العلماء

المشهورين بأرض الهند، ولد ونشأ ببلدة سيالكوث وقرأ العلم على والده، وأخذ الحديث عن المفتي

نور الحق بن عبد الحق المحدث الدهلوي، ثم درس وأفاد وألف، وتميز واشتهر بالفضل والكمال،

أخذ عنه خلق كثير.

وكان عالمكير بن شاهجهان التيموري سلطان الهند وأبناؤه يكرمونه غاية الإكرام: أدركه عالمكير

سنة ست وثمانين وألف بمدينة لاهور وإحتظ بصحبته، ثم استقدمه إلى أجمير ليوليه الصدارة

العظمى وبعث كتاباً إليه بخطه، وأمر بختاور خان أن يحرضه على القبول فكتب إليه بختاور خان،

فأجابه أن الزمان زمان الفراق لا زمان كسب الشهرة في الآفاق ولكنه سيحضر لديه امتثالاً للأمر

المطاع، فسافر إلى أجمير وأقام بها زماناً، ثم رجع إلى بلدته واعتزل عن الناس، كما في مآثر

عالمكيري، ومن مصنفاته التصريح على التلويح في أصول الفقه من البداية إلى المقدمات الأربع،

ومنها تفسير على سورة الفاتحة، ومنها رسالة في حقائق التوحيد، صنفها بأمر عالمكير، وله غير ذلك

من الرسائل، توفي في شهر رجب سنة ثلاث وتسعين وألف، كما في المآثر.

الشيخ عبد الله السنبهلي

الشيخ الصالح الفقيه عبد الله بن عبد العظيم بن

ص: 577

منور بن منصور بن الشيخ عبد الله بن عثمان

الحسيني المودودي الأمروهوي ثم السنبهلي، أحد العلماء المبرزين في المعارف الالهية، كان سبط

الشيخ تاج الدين النقشبندي السنبهلي، كما في نخبة التواريخ.

الشيخ عبد الله البرهانبوري

الشيخ الصالح الفقيه عبد الله بن عبد النبي بن نظام الدين بن محمد ماه بن صفي الدين العمري

الجشتي الكجراتي ثم البرهانبوري، أحد العلماء الصالحين، كان فاضلاً صاحب الطريقة الظاهرة

والصلاح، توفي لليلة بقيت من الشهر المحرم سنة ثمان وتسعين وألف بمدينة برهانبور فدفن بها:

كما في تاريخ برهانبور.

الشيخ عبد الله البهتي

الشيخ الصالح عبد الله بن عمر بن حسن بن عثمان بن حسن بن عبد الباسط ابن أحمد بن مبارك بن

حسن بن علي بن محمد بن يحيى بن أحمد بن نصر بن عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر الكيلاني،

الأجي ثم البهتي، كان من المشايخ المشهورين في الطريقة القادرية، سافر إلى الحجاز فحج وزار،

ورجع إلى الهند وسافر إلى أجمير ودخل الأربعين، ثم قدم دهلي وأقام عند مقبرة الشيخ قطب الدين

بختيار الأوشي ودخل الأربعين، ثم سار إلى قرية بهته وسكن بها، وكان مرزوق القبول، أخذ عنه

خلق كثير من العلماء والمشايخ، توفي لعشر ليال خلون من ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وألف، كما

في الأسرارية.

الشيخ عبد الله الدهلوي

الشيخ العالم الكبير العلامة عبد الله بن عبد الباقي النقشبندي الكابلي ثم الدهلوي، أحد العلماء

المبرزين في المعارف الإلهية، ولد بمدينة دهلي في سادس رجب سنة عشر وألف بعد أربعة أشهر

من ولادة أخيه الكبير لأبيه عبيد الله بن عبد الباقي، وتوفي والده في صغره فتربى في مهد الشيخ

حسام الدين الدهلوي، وقرأ الكتب الدرسية على الشيخ شاكر محمد والشيخ عبد الحق بن سيف الدين

الدهلوي، ثم سافر إلى سرهند وقرأ بعض الكتب على الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي،

وأخذ عنه الطريقة وصحبه زماناً، ثم رجع إلى دهلي وأجازه الشيخ حسام الدين والشيخ إله داد،

فتصدى للدرس والإفادة.

وكان فاضلاً كبيراً صوفياً من أرباب الوجد والسماع، وكانت له اليد الطولى في المعارف الإلهية

على مذهب الشيخ محيي الدين بن عربي، وكانت الفصوص والفتوحات منه على طرف اللسان، له

تعليقات نفيسة عليهما، وتعليقات على تفسير البيضاوي وعلى بعض الكتب الدرسية، وله زاد المعاد

رسالة في مناقب الشيخ حسام الدين المذكور، وله رسالة في الميراث صنفها باسم ولده زين الدين

محمود، وله شرح التسوية للإله آبادي، ورسالة مستقلة في الحقائق بالعربية، وبرده بر انداخت،

والسر المبهم كلاهما بالفارسية، وكتاب الفوائح بالعربي، وطريق الوصول إلى أصل الأصول، توفي

يوم الأربعاء لخمس ليال بقين من جمادي الأولى سنة أربع وسبعين وألف، كما في الأسرارية.

الشيخ عبد الله الكواليري

الشيخ الفاضل عبد الله بن محمد غوث بن خطير الدين العطاري الشطاري الكواليري أحد العلماء

المتصوفين، ولد ونشأ بمدينة كواليار، وقرأ العلم على الشيخ مبارك الفاضل الكواليري وعلى الشيخ

وجيه الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي، ودرس مدة من الزمان، ثم تصدر للإرشاد مقام والده

واستقام على الطريقة برهة من الدهر، ثم قربه أكبر شاه بن همايون التيموري إليه وجعله من أهل

المناصب الرفيعة، فخدمه أربعين سنة، ولما قام بالملك ولده جهانكير بن أكبر شاه سنة أربع عشرة

وألف استعفى عن الخدمة ورجع إلى بلدته كواليار وتولى الشياخة بها.

توفي في الثامن عشر من شهر محرم سنة إحدى وعشرين وألف بمدينة كواليار فدفن بها، كما في

كلزار أبرار.

عبد الله قطب شاه الحيدر آبادي

الملك الباذل عبد الله بن محمد قطب شاه الشيعي الحيدر آبادي، أحد الملوك المشهورين، قام بالملك

بعد

ص: 578

والده سنة خمس وثلاثين وألف بحيدر آباد، واستقل بالملك سبعاً وأربعين سنة، وكان ملكاً عادلاً

باذلاً كريماً محباً لأهل العلم محسناً إليهم، وفد عليه العلماء من بلاد فارس والعرب وصنفوا له

تصانيفهم، منها البرهان القاطع في اللغة الفارسية، صنف له محمد حسين التبريزي، وكان لفرط

محبته لأهل العلم زوج ابنته بالسيد أحمد بن محمد المعصوم الدستكي الشيرازي المشهور بالمدني،

وهو والد السيد علي المعصوم الدستكي صاحب سلافة العصر.

مات في ثالث محرم الحرام سنة ثلاث وثمانين وألف بحيدر آباد فدفن بها، كما في حديقة العالم.

الشيخ عبد الله العلوي الكجراتي

الشيخ الفاضل العلامة عبد الله بن وجيه الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي، أحد العلماء

المشهورين، ولد ونشأ بأحمد آباد من بلاد كجرات واشتغل بالعلم، وتخرج على والده وتفنن عليه

بالفضائل، ثم أخذ عنه الطريقة، ودرس وأفاد في حياة والده مدة طويلة، ثم قام مقامه بعده.

وكان شيخاً مجاهداً، صاحب زهد وعبادة، متين الديانة، كبير الشأن، مرزوق القبول، ناهز عمره

سبعاً وثمانين سنة، توفي في خامس محرم الحرام سنة سبع عشرة وألف فدفن عند والده، كما في

روضة الأولياء للبيجابوري.

القاضي عبد الله البيجابوري

الشيخ العالم الفقيه القاضي عبد الله الحنفي الكجراتي ثم البيجابوري، أحد العلماء المتمكنين في الفقه

والحديث، أخذ عن العلامة وجيه الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي ولازمه زماناً، ثم ذهب إلى

بيجابور وولي القضاء فسكن بها، وقبره بمدينة بيجابور، كما في روضة الأولياء للبيجابوري.

السيد عبد الله الترمذي

الشيخ الصالح عبد الله الحسيني الترمذي، الخطاط المشهور، كان من ذرية الشيخ نعمة الله الولي،

يكتب التعليق في غاية الجودة والحلاوة، ولذلك لقبه جهانكير بن أكبر شاه مشكين رقم، وكان فاضلاً

شاعراً مجيد الشعر صاحب الطريقة الظاهرة والصلاح، أخذ الطريقة عن الشيخ فيض الله

السهارنبوري المتوفي سنة 1024، وكان يتلقب في الشعر بالوصفي، وله ديوان شعر وخمس

مزدوجات بالفارسية، توفي سنة خمس وثلاثين وألف بمدينة أجمير، كما في مرآة العالم.

الحكيم عبد الله الأكبر آبادي

الشيخ الفاضل عبد الله الحكيم الأكبر آبادي، أحد العلماء المبرزين في الفنون الحكمية، له همدم بخت

رسالة في الطب، صنفها لبختاور خان سنة إحدى وتسعين وألف، واسمها يشعر بالتاريخ كما في مرآة

العالم.

الشيخ عبد الله الدهلوي

الشيخ العالم الصالح عبد الله بن سماء الدين الدهلوي، كان من رجال العلم والمعرفة، أخذ عن والده

ولازمه ملازمة طويلة، ثم استوحش عن الناس فخرج إلى الصحراء، ولذلك لقبوه بالبياباني - معناه

الصحرائي - ثم بعد مدة من الزمان دخل المدينة واعتكف في مقبرة الشيخ نظام الدين محمد

البدايوني الدهلوي، ثم سافر إلى مندو ومات بها سنة سبع بعد الألف، كما في بحر زخار.

صفي الدين عبد الله الشيرازي

الشيخ الفاضل عبد الله بن علي الشيرازي صفي الدين عين الملك، كان من العلماء المبرزين في

الصناعة الطبية، أخذ عن والده الحكيم عين الملك وتفنن عليه بالفضائل، وتزوج بأخت الشيخ أبي

الفيض بن المبارك الناكوري: وكان له ولد رشيد يسمى بمحمد، وقد ذكرته في حرف الميم.

الشيخ عبد الله المانكبوري

الشيخ الصالح عبد الله بن سلطان بن قاسم بن أحمد بن نظام الدين، العمري المانكبوري، أحد كبار

المشايخ، ولد ونشأ بمانكبور، وأخذ عن والده ولازمه ملازمة طويلة، ولما توفي والده تولى الشياخة،

أخذ

ص: 579

عنه صنوه عبد الكريم، وكان شيخاً جليلاً مهاباً، رفيع القدر، كبير المنزلة، تذكر له كشوف

وكرامات ووقائع غريبة، مات في مستهل المحرم سنة أربع وألف بمانكبور، كما في أشرف السير.

جلبي عبد الله الرومي

الشيخ الفاضل العلامة عبد الله الرومي المشهور بالجلبي، كان من كبار العلماء، يعرف اللغات

المتنوعة من العربية والتركية والفارسية ويحسنها، وله معرفة تامة بمصطلحات القوم واليد الطولى

في الفقه والأصول، قدم الهند في أيام شاهجهان وسكن بدهلي في زي الفقراء، وكان يحسن إليه سعد

الله خان الوزير ويوظفه، ثم وظفه شاهجهان وأعطاه اليومية، ولما تولى المملكة عالمكير خصه

بأنظار العناية والقبول، وأمره بترجمة الفتاوي العالمكيرية ذكره السهارنبوري وقال: إنه كان نادرة

من نوادر العصر في الفنون الغريبة، له مصنفات عديدة في الحكمة والتصوف.

الشيخ عبد المجيد الأمروهوي

الشيخ العالم الفقيه الزاهد عبد المجيد بن معروف بن خداوند بن كلاب ابن يحيى، العلوي

الأمروهوي، أحد المشايخ المبرزين في المعارف الإلهية، ولد في سنة سبعين وتسعمائة بمدينة

أمروهه ونشأ بها، وسافر للعلم إلى نار نول فقرأ الكتب الدرسية في مدرسة الشيخ نظام الدين إله داد

بن عبد الكريم النارنولي، وأخذ عنه الطريقة ولازمه مدة من الزمان، ثم رجع إلى بلدته وتولى

الشياخة بها، أخذ عنه صنوه فيض الله وخلق كثير وله الذكر الأعلى في شرح أسماء الله الحسنى،

توفي في الحادي عشر من ربيع الآخر سنة ست وأربعين وألف بأمروهه فدفن بها، كما في نخبة

التواريخ.

الشيخ عبد المجيد اللاهوري

الشيخ العالم الفقيه عبد المجيد بن المفتي محمد اللاهوري، أحد عباد الله الصالحين، له رسالة إلى

الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي بالعربية، وجواب منه إليه في بيان وجه التعلق بين الروح

والنفس وبيان عروجهما ونزولهما وبيان الفناء الروحي والجسدي وبقائهما.

مولانا عبد الملك السرهندي

الشيخ الفاضل عبد الملك بن فريد الدين الكهروالي السرهندي، أحد الرجال المعروفين بالفضل

والكمال، أخذ عن أبيه ولازمه زماناً، وأخذ عنه خلق كثير.

قال بختاور خان في مرآة العالم: إنه كان فاضلاً تقياً متورعاً يسكن بسرهند، انتهى،

الشيخ عبد الملك الكجراتي

الشيخ العالم المحدث عبد الملك بن عبد اللطيف بن عبد الملك، العباسي الأحمد آبادي الكجراتي، أحد

العلماء البارعين في الحديث، أخذ عن المفتي قطب الدين بن علاء الدين النهروالي المكي، وأخذ عنه

إبراهيم بن الحسن الكوراني المدني: أجازه مكاتبة وذكره في إيقاظ الهمم، وأخذ عنه أبو الأسرار

حسن ابن علي العجيمي المكي، وقد ذكره الشيخ محمد بن الطيب الفاسي في عيون موارد السلسلة في

الأحاديث المسلسلة في رواية المسلسل بالمشارقة، وروى عنه بسنده عن الشيخ عبد الملك وبه إلى

داود الطائي عن نعمان بن ثابت الكوفي عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله

عليه وسلم: إذا اتضع النجم رفعت العاهة عن كل بلد، انتهى.

خواجه عبد المنعم الأحراري

الشيخ الصالح الفقيه عبد المنعم بن عبد الله بن الشيخ الكبير عبيد الله الأحرار الأحراري، كان من

كبار المشايخ، أقطعه شاهجهان التيموري سلطان الهند قرى عديدة من ناحية سليم بور فسكن بها،

وكانت له صحبة مؤثرة، انتفع به خلق كثير، مات في بضع وخمسين وألف، وذكره كمال محمد

السنبهلي في الأسرارية.

مولانا عبد المؤمن اللاهوري

الشيخ العالم الصالح أبو المراد عبد المؤمن بن محمد بن طاهر اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في

الفقه والحديث والعربية، له مختصر لطيف سماه

ص: 580

بالقصر المتين من الحصن الحصين، فرغ من

تصنيفه ليلة الجمعة التاسع والعشرين من جمادي الأولى سنة أربع عشرة وألف ببلدة آكره، أوله

الحمد لله أحمد الله على ما هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله - إلخ.

مولانا عبد النبي الأكبر آبادي

الشيخ الفاضل الكبير عبد النبي بن الشيخ عبد الله الشطاري عماد الدين محمد عارف العثماني

السنديلوي ثم الأكبر آبادي، أحد العلماء المبرزين في المعارف الإلهية، له مصنفات كثيرة، ذكره

الشيخ عبد الحي بن عبد الحليم الأنصاري اللكهنوي في طرب الأماثل، قال: رأيت فوائح الأنوار

شرح لوائح الأسرار للشيخ عبد النبي مكتوباً بخطه سنة سبع وثمانين وألف، وكان في آخره: قد وقع

الفراغ يوم الجمعة ثامن ثاني عشر من عشرين من حادي عشر من الهجرة تجاه مرقد الشيخ الوالد

ببلدة آكره، صانها الله عن جميع ما يكره! وتاريخ إتمامه أفضال حق انتهى.

قال: وقد عد عبد النبي من مصنفاته كتباً عديدة على ما رأيت أسماءها على ظهر نسخة الفوائح

بخطه، منها: ذريعة النجاة شرح المشكاة اللهم تممه، شرح الفصوص وشرح ترجمة الفصوص اللهم

تممه، ومختصر الفوائح المسمى بالروائح شرح اللوائح، وشوارق اللمعات شرح اللمعات، وشرح

خلاصة العشق، وشرح جام جهان نما، وشرح الغيبة، وشرح شرح نخبة الفكر، وشرح معمى المير

حسين، وشرح الجواهر الخمسة، وشرح كليد مخازن، وشرح تحفة حل الودود اللهم تممه، وشرح

على حاشية السيد علي العضدي المسمى بفيض الخبير، ورسالة في تعريف الفقر، ورسالة كشف

الجواهر ورسالة في اسم الذات، ورسالة لطائف العشر في حقيقة البشر، ورسالة في المعراج،

ورسالة في شرح خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن، ورسالة كنوز الأسرار في أشعار الشطار،

وجوامع كلم الصوفي، ومقامات العارفين اللهم تممه، وفتوحات المغيبة اللهم تممه، وحدائق الإنشاء،

ورسالة في الناسخ والمنسوخ يسمى دستور المفسرين، وبحر الكرم شرح عين العلم، وحاشية على

شرح الجامي من مبحث الحال إلى المجرورات، وسواطع الإلهام شرح تهذيب الكلام، وشرح حديث

معراج المؤمنين، وشرح حديث كنت كنزاً مخفياً: ورسالة دستور السعادة في بيان الولاية، وفيض

القدوس منتخب نقد النصوص، ومطالع الأنوار الخفي شرح أجوبة الولي، وجواهر الأسرار، وشرح

فصوص الفارابي، وفيض الملك المبين شرح حق اليقين، وحاشية على نقد النصوص، ولوامع

الأنوار في مناقب السادة الأطهار ورسالة في السماع، ورسالة في جواب أسئلة الفاضل النارنولي،

وشرح جواب ابن سينا لمكتوب أبي الخير مولانا أبي سعيد، ومواهب إلهي شرح أصول إبراهيم

شاهي، وشرح إرشاد النحو للقاضي شهاب الدين اللهم تممه، وروح الأرواح شرح الحكمة الإشراقية،

ورسالة في إيمان فرعون، ورسالة في خلوات الوجود، ورسالة ناسخ التناسخ، وشرح حضرات

الخمس وغيرها، انتهى.

ومن مصنفاته: كشف الأنوار شرح جواهر الأسرار بالفارسي في علم الدعوة، شرح فيه الجوهر

الثالث من الجواهر الخمسة للشيخ محمد غوث الكواليري، أوله: منك العون في الابتداء والانتهاء يا

كريم إلخ.

المفتي عبد النبي الكشميري

الشيخ العالم الفقيه المفتي عبد النبي بن يوسف الحنفي الكشميري، أحد كبار الفقهاء الحنفية، له اليد

الطولى في الخلاف والمذهب، تفقه على والده، واجتهد وبالغ إلى أن صار أوحد زمانه في استخراج

الروايات الجزئية والإفتاء، أقر بفضله المؤالف، والمخالف: كما في حدائق الحنفية.

الشيخ عبد الواجد السنبهلي

الشيخ العالم الصالح عبد الواجد بن كمال الدين النقشبندي السنبهلي، أحد كبار المشايخ، ولد ونشأ

بمدينة سنبهل، وقرأ المختصرات على أساتذة بلدته،

ص: 581

ثم سافر إلى دهلي وأخذ العلم عن أهله، ثم أخذ

الطريقة عن الشيخ تاج الدين العثماني النقشبندي السنبهلي، وصحب والده زماناً صالحاً وانتفع به

نفعاً عظيماً، وسافر إلى الحرمين الشريفين في بضع وستين وألف، فحج وزار وانتفع بمشايخ

الحرمين، وصنف تفسير القرآن الكريم بالفارسي، ورجع إلى بلدته بعد مدة، ذكره كمال محمد صاحب

الأسرارية.

الشيخ عبد الواحد البلكرامي

الشيخ العالم الصالح عبد الواحد بن إبراهيم بن قطب الدين الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد

العلماء المبرزين في المعارف الإلهية، ولد ونشأ بقرية ساندي بالسين المهملة والألف والنون والدال

الهندية بعدها تحتية، وكان صاحب الفضائل العلية والكرامات الجلية والأذواق الصحيحة والمواجيد

الصادقة، ذكره عبد القادر البدايوني في منتخب التواريخ، وعلاء الدولة القزويني في نفائس المآثر،

ومحمد بن الحسن المندوي في كلزار أبرار والسيد غلام علي البلكرامي في مآثر الكرام وكلهم أثنوا

عليه.

قال البلكرمي: إنه أخذ الطريقة عن الشيخ صفي الدين عبد الصمد السائنبوري، ثم لازم صاحبه

الشيخ حسين بن محمد السكندروي، والتزم أذكار الطريقة وأشغالها حتى بلغ رتبة المشيخة، ثم سكن

بقنوج ولذلك اشتهر بالقنوجي، وبتلك النسبة ذكره المندوي والقزويني، وكلام البدايوني أيضاً مشعر

بذلك، وفي آخر عمره دخل بلكرام وتزوج ومات بها.

له شرح بسيط على نزهة الأرواح، وشرح قصة الإخوة الأربعة، وشرح مصطلحات ديوان الحافظ،

وأشهر مصنفاته سبع سنابل، وهو مصنف لطيف.

ومن بدائع تأليفاته شرح كافية ابن الحاجب إلى بحث غير المنصرف على لسان الحقائق والتصوف.

قال فيه: الكلمة لفظ أي ملفوظة على ألسنتنا وملحوظة لقلوبنا ومحظوظة به بواطننا، يعني كلمة

توحيد در مرتبة إقرار بر زبانها ئي ما ملفوظ است ودر مرتبة تصديق دلها ئي مارا ملحوظ ودر

مرتبة أحوال باطنها ئي ما ازو محظوظ، مصنف رحمه الله اكتفاء بذكر اقرار كرد ومعطوف

محذوف فرو كزاشت، بحكم آنكه حكم كردن بر إسلام وسبب جريان تكليف احكام منوط ومربوط

بمرتبة اقرار است، وقرينة حذف مفهوم از عبارت مصنف است كه ميكويد وضع لمعنى مفرد نهاده

شده است يعني لازم كردانيده شده است قبول آن كلمة توحيد بر رقاب ونواصي بجهت تحصيل

معنى كه فرد ومجرد است از كفر ونفاق ومعاصي، بس لفظ مفرد قرينة حذف است زيرا كه افراد

از كفر وافراد از نفاق وافراد از معاصي، فالافراد من الكفر في رتبة الإقرار، والافراد من النفاق في

رتبة التصديق، والإفراد من المعاصي في رتبة الأحوال، لأن من لقي ربه تعالى موحداً يبدل لله

سيئاته حسنات، إلى غير ذلك.

ومن فوائده ما كتب إلى بعض الأمراء لما بعث إليه منشور الإقطاع فرد ذلك وكتب إليه فرمان مدد

معاش كه بنام درويشي إمضاء شود تعزيت نامه اوست، وآن مهرها كه بر كاغذ زنند علامات مهر

منزل أو كه ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة اكرجه آن مهر نكين وطغراي

زمين از دركاه شاهان است اما جون ظالمان را دست دراز است قاصر همت بائد هركه خواهان

است.

من آن نكين سليمان بهيج نستانم كه كاه كاه برو دست اهرمن باشد

إلى غير ذلك، توفي ليلة الجمعة ثالث رمضان سنة سبع عشرة وألف كما في المآثر.

الشيخ عبد الواحد المندسوري

الشيخ العالم الصالح عبد الواحد بن محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم بن نعمة الله بن سالار بن وجيه

الدين يوسف الجنديروي المندسوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والتصوف، قرأ بعض الكتب

الدرسية على الشيخ محمد الذي كان من أصحاب السيد عبد الأول الشيرازي، وقرأ سائر الكتب

الدرسية على الشيخ مبارك الفاضل الكواليري، وتلقى الذكر منه ومن الشيخ عبد الله بن بهلول

الشطاري الأكبر آبادي، ولازمه حتى برع في العلوم كلها لا سيما في الدعوة والتفسير والفقه

ص: 582

والتصوف، وكان صاحب وجد وحالة، لم يشرب الماء سبعاً وعشرين سنة.

مات سنة سبع عشرة وألف، كما في كلزار أبرار.

الشيخ عبد الواحد الدهلوي

الشيخ العالم عبد الواحد بن سليمان بن إبراهيم، الأجودهني ثم الدهلوي، أحد العلماء المبرزين في

المعارف الإلهية، أدرك كبار المشايخ واستفاد منهم، ولازم الشيخ عبد الباقي النقشبندي زماناً وأخذ

عنه، له تعليقات على فصل الخطاب للشيخ محمد بن محمود الحافظي البخاري، رأيتها بخطه في

خزانة حبي في الله ربي نور الحسن بن صديق حسن الحسيني البخاري القنوجي، توفي سنة تسع

عشرة وألف، كما في مهر جهانتاب.

الشيخ عبد الواحد اللاهوري

الشيخ الفاضل عبد الواحد النقشبندي اللاهوري، أحد العلماء الصالحين، أخذ عن الشيخ عبد الباقي

النقشبندي ثم عن صاحبه الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي، كما في مهر جهانتاب.

الشيخ عبد الوالي الخير آبادي

الشيخ العالم الصالح عبد الوالي بن أبي الفتح بن نظام الدين، الحسيني الرضوي الخير آبادي، أحد

الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بخير آباد، وسافر للعلم فقرأ الكتب الدرسية على

أساتذة عصره ورجع إلى خير آباد، وأخذ الطريقة عن الشيخ حبيب أحد أصحاب والده، ثم تصدر

للإرشاد وتزوج وبارك الله في أعقابه، نهض منهم الأجلاء كالشيخ صفة الله ابن مدينة الله الخير

آبادي المحدث وولده أحمد الله.

الشيخ عبد الوهاب الكوباموي

الشيخ الفاضل عبد الوهاب الحنفي الكوباموي الخطيب، كان من العلماء المشهورين في عصره، ولد

ونشأ بكوبامؤ، واشتغل بالعلم وحصل، وقرأ على الشيخ نظام الدين العثماني الأميتهوي ولازمه

ملازمة طويلة، ثم أخذ عنه الطريقة، وكان يدرس ويفيد.

الشيخ عبد الوهاب الدهلوي

الشيخ العالم الصالح عبد الوهاب بن يوسف بن عبد الوهاب، الحسيني البخاري الأجي، أحد المشايخ

المعروفين بالعلم، ولد ونشأ بدهلي، وأخذ عن غيره من العلماء والمشايخ، وسافر إلى الحجاز في

بضع وستين وألف فحج وزار ورجع إلى الهند، وكان رحمه الله يدرس ويفيد، ذكره كمال محمد

السنبهلي في الأسرارية.

الشيخ عبد الوهاب البروجي

الشيخ العالم الصالح عبد الوهاب بن فتح الله البروجي، الكجراتي، أحد أصحاب الشيخ علي المتقي،

سافر إلى مكة المباركة ولازم الشيخ المذكور ملازمة طويلة وأخذ عنه وحج وزار، وأخذ الحديث عنه

وعن الشيخ محمد بن أفلح اليمني وعن غيره من العلماء، أخذ عنه الشيخ عبد الحق بن سيف الدين

الدهلوي وخلق آخرون.

الشيخ عبد الوهاب المتقي المكي

الشيخ العالم الكبير المحدث الفقيه الزاهد عبد الوهاب بن ولي الله، المندوي البرهانبوري المهاجر

إلى مكة المشرفة والمدفون بها، كان من العلماء الربانيين، ولد ونشأ بمدينة برهان بور بعد ما انتقل

والده من مندو إليها وصار يتيماً، فرماه الاغتراب إلى كجرات وإلى ناحية الدكن وجزائر السيلان

وإلى سرانديب حتى وصل إلى مكة المباركة سنة ثلاث وستين وتسعمائة، وأدرك بها الشيخ علي بن

حسام الدين المتقي الكجراتي، وكانت بينه وبين أبيه مودة، فأقام بمكة المشرفة ولازمه اثنتي عشرة

سنة، وأخذ عنه العلم والمعرفة، وأسند الحديث عنه وعن غيره من المشايخ، وتصدر للدرس والإفادة

بعده بمكة المباركة، وتزوج بها حين بلغ خمسين سنة من عمره.

وكان على قدم شيخه في الزهد والتورع والإستقامة على الطريقة، أخذ عنه الشيخ عبد الحق بن

سيف الدين البخاري الدهلوي وخلق كثير من العلماء والمشايخ، وكان مشايخ الحرمين الشريفين

يعتقدون فيه خيراً وصلاحاً ويقولون إنه على قدم الشيخ أبي العباس

ص: 583

المرسي رحمه الله، قال عبد

الحق بن سيف الدين المذكور في أخبار الأخيار: إنه لقيني شيخ من شيوخ العرب وقال: إني سافرت

إلى اليمن وأدركت المشايخ والدراويش فوجدتهم كلهم متفقين على الثناء عليه والإخبار بأنه قطب مكة

في وقته، وقال: إن عبد الوهاب استقام على المشيخة ستاً وثلاثين سنة بمكة وما فاتته حجة في أيام

إقامته، انتهى.

توفي سنة إحدى وألف، كما في أخبار الأخيار فما في بحر زخار أنه مات سنة ستين وتسعمائة،

فليس مما يعتمد عليه.

القاضي عبد الوهاب الكجراتي

الشيخ العالم الفقيه قاضي القضاة عبد الوهاب الحنفي الأحمد آبادي الكجراتي، كان من أحفاد الشيخ

محمد بن طاهر بن علي الفتني صاحب مجمع البحار، ولي القضاء بمولده مونكي بتن من أعمال

أحمد نكر في أيام شاهجهان بن جهانكير التيموري واستقل به زماناً، ولما ولي عالمكير على بلاد

الدكن تقرب إليه، ولما قام بالملك عالمكير ولاه القضاه الأكبر فصار قاضي قضاة الهند ونال منزلة

جسيمة منه.

قال خافي خان في منتخب اللباب إنه بلغ رتبة لم يصل إليها أحد من القضاة قبله حتى أن الأمراء

كانوا يخافونه، انتهى.

وقال شاهنواز خان في مآثر الأمراء إنه تفرد في تنفيذ الحكم والقضاء بحيث ما تيسر لغيره قبله،

وكان يرمى بالإرتشاء مع أنه كان معروفاً بالصدق والديانة، انتهى.

توفي في الثامن عشر من رمضان سنة ست وثمانين وألف بدهلي، كما في مرآة جهان نما.

الشيخ عبد الوهاب الكجراتي

الشيخ الصالح عبد الوهاب الحسيني الكجراتي، كان من نسل الشيخ يحيى ابن علي الترمذي، تقرب

إلى بهادر شاه الكجراتي فلازمه وخدمه مدة من الزمان، ثم اعتزل عن الإمارة، وأخذ الطريقة عن

الشيخ تاج الدين النقشبندي السنبهلي وسكن بمدينة سورت وحصل له القبول العظيم بها، أخذ عنه

خلق كثير من العلماء والمشايخ، كما في حديقة أحمدية.

الشيخ عبد الوهاب الراجكيري

الشيخ الفاضل الكبير عبد الوهاب القدوائي الراجكيري نواب منعم خان، كانت له اليد الطولى في

النحو واللغة والأصول والكلام، له مصنفات عديدة، منها مفتاح الصرف، وبحر المذاهب في الكلام،

وكتاب الصدرة في العقائد، كما في أبجد العلوم، ونسخة من بحر المذاهب موجودة في الخزانة

الحامدية برامبور المكتوبة في سنة 1029.

الشيخ عبد الوهاب اللاهوري

الشيخ العالم الصالح عبد الوهاب اللاهوري، أحد المشايخ المعروفين في الطريقة النقشبندية، توفي

سنة ثمان وسبعين وألف وله ثمانون سنة، كما في مهر جهانتاب.

مولانا عبد الهادي البرهانبوري

الشيخ الفاضل عبد الهادي الشطاري الإشراقي البرهانبوري، العلامة المبرز في المنطق والحكمة،

رأيت بخطه شرح حكمة الإشراق للشيخ شهاب الدين السهروردي المقتول، فرغ من كتابته يوم

الثلاثاء الخامس عشر من جمادي الآخرة سنة ثلاث وستين وألف بحيدر آباد، ووجدت خطه غاية في

الجودة والحلاوة.

الشيخ عبد الهادي البدايوني

الشيخ العالم الصالح عبد الهادي الحنفي النقشبندي البدايوني، أحد الرجال الموصوفين بالفضل

والصلاح، أخذ الطريقة عن الشيخ الكبير رضي الدين عبد الباقي النقشبندي الدهلوي، ثم لازم

صاحبه الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي وأخذ عنه، وصحبه زماناً وبلغ رتبة المشيخة، فاستخلفه

الشيخ أحمد المذكور ورخصه إلى بلدته، كما في زبدة المقامات.

ص: 584

الشيخ عبيد الله الدهلوي

الشيخ العالم الفقيه عبيد الله بن عبد الباقي النقشبندي الدهلوي، أحد الرجال المعروفين بالفضل

والكمال، ولد غرة ربيع الأول سنة عشر وألف بدار الملك دهلي، وتربى في مهد الشيخ حسام الدين،

وقرأ العلم وأخذ الطريقة عنه وعن الشيخ إله داد الدهلوي أحد أصحاب والده، له الطبقات الحسامية،

كتاب بسيط في سير المشايخ والأولياء، وله رسائل إلى الشيخ محمد معصوم بن الشيخ أحمد العمري

السرهندي في الحقائق والمعارف.

توفي في الثامن عشر من جمادي الأولى سنة ثلاث وسبعين وألف بدهلي، فدفن في مقبرة أبيه خارج

البلدة عند قدم الرسول، كما في الأسرارية.

الشيخ عبيد الله السرهندي

الشيخ العالم الصالح عبيد الله بن محمد معصوم العمري السرهندي المشهور بمروج الشريعة، ولد

بتسع ليال بقين من شعبان سنة سبع وثلاثين وألف بمدينة سرهند، ونشأ في نعمة أبيه وأخذ عنه

ولازمه حتى بلغ رتبة المشيخة، ولقبوه بمروج الشريعة لجلالة قدره في الشريعة والطريقة، له

الرسالة الياقوتية، مات في التاسع عشر من ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين وألف، فأرخ لوفاته بعض

أصحابه من قوله قطب عالم رفت از عالم كما في تذكرة القاضي ثناء الله.

الشيخ عبيد الله الأميتهوي

الشيخ الصالح عبيد الله بن عبد الرزاق بن خاصة بن خضر، الصالحي الأميتهوي، أحد رجال العلم

والطريقة، ولد ونشأ ببلدة أميتهي، وأخذ عن أبيه ولازمه مدة طويلة، وتولى الشياخة بعد وفاته، ولد

في الرابع عشر من رمضان سنة ثمان وستين وتسعمائة، وتوفي بأميتهي في تاسع شعبان سنة سبع

وثلاثين وألف، كما في صبح بهار.

مولانا عثمان السندي

الشيخ الفاضل العلامة عثمان بن عيسى بن إبراهيم، الصديقي البوبكاني السندي الحكيم

البرهانبوري، أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة والطب، ولد ونشأ بقرية بوبكان من أعمال

سيوستان، وسافر إلى كجرات، وأخذ الفقه والأصول والعربية عن القاضي محمود الموريي والعلامة

وجيه الدين العلوي الكجراتي، والمنطق والحكمة عن الشيخ حسين البغدادي، ثم سافر إلى برهانبور

سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة فاحتفى به محمد شاه بن المبارك الفاروقي أمير تلك الناحية وولاه

التدريس والإفتاء، فدرس وأفتى سبعاً وعشرين سنة، تخرج عليه القاضي نصير الدين بن سراج

محمد البناني والقاضي عبد السلام السندي والشيخ صالح السندي والشيخ سكه جي ختن الشيخ يوسف

وخلق آخرون.

وكان فاضلاً كبيراً بارعاً في المنطق والحكمة، حاذقاً في الطب، جيد المشاركة في العلوم الشرعية،

تقياً نقياً زاهداً متورعاً كبيراً في أعين الناس، يعتقدون فيه الخير والصلاح، كان يصلي بوقار

وسكينة، ويحترز عن المشتبهات، لم يأكل الطعام أحد أربعين سنة، له شرح على صحيح البخاري،

وحاشية على تفسير البيضاوي، وله مصنفات أخرى، انتقل في آخر عمره من برهانبور إلى قرية

من قراها وسكن بها، فقتل بها مع سبع عشرة نسمة من عياله بأيدي اللصوص، وكان ذلك في شهر

شعبان سنة ثمان بعد الألف، كما في كلزار أبرار.

القاضي عثمان السندي

الشيخ العالم الفقيه القاضي عثمان الدربيلي السندي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد

ونشأ بأرض السند، وصرف عمره في الدرس والإفادة، وكان عالماً متبحراً في جميع العلوم، زاهداً

متورعاً راغباً عن حطام الدنيا، لا يدخر مالاً ولا يخاف عوزاً، توفي سنة اثنتين بعد الألف، كما في

مآثر رحيمي.

ص: 585

مولانا عثمان السامانوي

الشيخ الفاضل عثمان الحنفي السامانوي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ بأرض

بنجاب، وقرأ العلم على من بها من العلماء، ثم أخذ الفنون الحكمية عن حكيم الملك شمس الدين

الكيلاني، وشفع له قليج خان فولاه أكبر شاه على بلاد ما بين النهرين دوآبه.

قال البدايوني في المنتخب إنه كان عالماً صالحاً متعبداً، ناب الحكم في دوآبه، ثم جاء إلى الحضرة

السلطانية ونال المنصب، انتهى.

الشيخ عثمان السارنكبوري

الشيخ العالم الصالح عثمان بن منجهن بن عبد الله بن خير الدين، اللكهنوتوي ثم المالوي

السارنكبوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، ولد ونشأ بأرض مالوه، وأخذ عنه

أبيه وعن غيره من العلماء، ثم تصدر للدرس والإفادة، وكان عالماً صالحاً متعبداً كثير الدرس

والإفادة، كما في كلزار أبرار.

مرزا عزيز الدين الدهلوي

الأمير الكبير الفاضل عزيز الدين بن شمس الدين محمد الغزنوي ثم الدهلوي، أحد الرجال

المشهورين في الهند، كان ترباً لأكبر شاه بن همايون الكوركاني وأخاه من الرضاعة، يحبه أكبر شاه

حباً مفرطاً ويقدمه في كل باب، ولاه على كجرات سنة ثمانين وتسعمائة، ولما خالفه محمد حسين

مرزا وحاصره بأحمد آباد فضيق عليه المحاصرة، سار إليه أكبر شاه في رجال وطوى بساط الأرض

وجاب ألفاً وأربعمائة ميل من آكره إلى أحمد آباد في تسعة أيام، ثم قاتل محمد حسين بثلاثة آلاف،

وكان معه خمسة عشر ألفاً أو يزيدون، فهزمه وخلص صاحبه عزيز الدين من المضيق، وكان العزيز

مع ذلك يغلظ القول عليه فيما يأمره وينهاه لا سيما فيما يخالف الشرع، فعزله عن إيالة كجرات

وسخط عليه، ثم رضي عنه وولاه على بنكاله وبهار ولقبه بالخان الأعظم سنة ثمان وثمانين

وتسعمائة، فاستقل بها زماناً واستقام أمره في تلك البلاد، ثم منحه أقطاعاً بأرض مالوه، وأمره على

ناحية الدكن سنة أربع وتسعين وتسعمائة، فسافر إلى تلك البلاد ولم يتم له الأمر لنفاق الأمراء فيما

بينهم، فولاه أكبر شاه على كجرات مرة ثانية سنة سبع وتسعين وتسعمائة، فاستقام له الأمر مدة من

الزمان، واستقدمه السلطان سنة إحدى وألف إلى آكره فأبى، وكان لا يستحسن بعض ما اخترعه من

السجدة بحضرته وحلق اللحية وغيرها، وسافر إلى الحجاز مع أبنائه وبناته وأمهاتهم ومائة رجل من

خاصته سنة اثنتين بعد الألف، فحج وزار وبذل أموالاً طائلة على الفقراء والمساكين في الحرمين

الشريفين ووظف للناس من مجاوري الروضة المنورة، وسلم إلى أمير الحجاز تلك الوظائف لخمسين

سنة، واشترى عروضاً وعقاراً في المدينة المنورة ثم وقفها، ورجع إلى الهند سنة ثلاث بعد الألف،

فأعطاه السلطان منصباً وأقطاعاً وسلم إليه خاتمه مهر اوزك وجعله وكيلاً مطلقاً له في مهمات

الأمور، ثم بعد مدة من الزمان أقطعه الملتان فلم يفارقه إلى حياته.

ولما قام بالملك جهانكير بن أكبر شاه وبغى عليه ولده خسرو - وكان ختن عزيز الدين - فأساء

الظن به جهانكير وأراد إعدامه، فمنعه عن ذلك بعض أصحابه وشفعت له سيدات الأسرة الملكية،

فعفا عنه ولكنه عزله عن الخدمة وسلبه المنصب والأقطاع، ثم بعد ثلاث سنوات ولاه على كجرات

وأمره أن يلازم ركابه ويبعث إلى كجرات ولده جهانكير قلى خان لينوب عنه، ثم بعد مدة سيره إلى

بلاد الدكن ليدفع الفتن عنها، فلما وصل إلى برهانبور بعث إلى جهانكير يسأله أن يسيره إلى أوديبور

ليغزو الكفار - وكان يتمنى الشهادة في سبيل الله - فأذن له جهانكير، فلما وصل إلى أوديبور استقدم

السلطان إلى تلك الناحية فسافر إليه جهانكير ولبث بها زماناً، ثم أمر ولده شاهجهان وكان في قلب

شاهجهان منه شيء لمصاهرته بخسرو فوشى إلى أبيه شيئاً منه فحبسه جهانكير بقلعة كواليار، فلبث

في تلك القلعة سنة كاملة ثم أطلقه من الأسر ومنحه المنصب خمسة آلاف له مرة ثالثة وجعله أتابكا

لداور بخش بن

ص: 586

خسرو وولاه على كجرات، فأقام بها مدة حياته.

وكان أميراً كريماً باذلاً سخياً جواداً، مقداماً باسلاً، حاد الذهن فصيح المنطق، منفرداً في معرفة

التاريخ والإنشاء والخط، كان يكتب النستعليق في كمال الجودة، وأخذ الخط عن مرزا باقر بن مير

علي الخطاط، وكان ينظم أحياناً، ومن أبياته شعره:

جون نشد حاصل مراكام دل از ناموس وننك بعد ازين خواهم زدن بر شيشة ناموس سنك

وكان حسن المحاضرة، جيد القول، شديد التصلب في الدين مع تقربه إلى أكبر شاه ونفوره عن

الدين وأهله.

توفي سنة ثلاث وثلاثين وألف بأحمد آباد، كما في مآثر الأمراء.

مولانا عزيز الله الأصفهاني

الشيخ الفاضل الكبير عزيز الله بن محمد تقي المجلسي الشيعي الأصفهاني، أحد الأفاضل

المشهورين بايران، كان أكبر أبناء أبيه، نشأ في نعمته وقرأ عليه وعلى غيره من العلماء، له حاشية

على المدارك للسيد محمد بن علي الحسيني العاملي، وحاشية علي من لا يحضره الفقيه، وله كتاب

في أخبار الروم في الإنشاء، وهو الذي أرخ لجلوس عالمكير بن شاهجهان التيموري من قوله تعالى

"إن الملك لله يؤتيه من يشاء"، توفي سنة أربع وسبعين وألف، كما في نجوم السماء.

مولانا عطاء الله الجونبوري

الشيخ الفاضل الكبير عطاء الله بن حبيب الله العثماني الأصفهاني ثم الجونبوري الكهوسوي، أحد

العلماء المشهورين، ولد ونشأ بكهوسي، قرية جامعة من أعمال جونبور، وقرأ العلم على العلامة

محمود بن محمد العمري الجونبوري وعلى غيره من العلماء، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ عبد القدوس

ابن عبد السلام الجونبوري، وكان عالماً تقياً ديناً بارعاً في الفقه والأصول والكلام، مات في خامس

ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وألف بمدينة لكهنو فدفن بها، كما في أصول المقصود.

مولانا عطاء الله السهسواني

الشيخ الصالح الفقيه عطاء الله بن محمد هاشم بن عبد الشكور الحسيني المودودي السهسواني، أحد

العلماء الصالحين، ولد ونشأ بسهسوان، ولازم عمه الشيخ صدر الدين محمد الحاكم وأخذ عنه ثم تولى

الشياخة بعده، وكان صاحب جذب وسلوك، ذكره الشيخ نور الدين السنبهلي في كتابه أسرار العارفين

بالخير، مات سنة أربع وتسعين وألف ببلدته سهسوان، كما في حياة العلماء.

مولانا علاء الدين التوني

الشيخ الفاضل الكبير علاء الدين علاء الملك التوني اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في الهيئة

والهندسة والنجوم والحساب والجبر والمقابلة وسائر الفنون الحكمية، دخل الهند في أيام شاهجهان بن

جهانكير التيموري وتقرب إلى آصف جاه فلازمه إلى وفاته، ثم تقرب إلى شاهجهان المذكور وترقى

درجة بعد درجة حتى نال ثلاثة آلاف له منصباً رفيعاً ولقب بفاضل خان وولي على العرض

المكرر، ثم جعله السلطان قهرمانه.

وكان فاضلاً كبيراً، جامعاً لأشتات الفضائل، سريع الفكر، متين الديانة، رزين العقل، بعثه شاهجهان

إلى ولده عالمكير في أيام الفترة فقربه عالمكير إلى نفسه وأعطاه خمسة آلاف له وألفين وخمسمائة

للخيل منصباً وولاه الوزارة الجليلة، فلم يذق طعم الوزارة ومات بعد ستة عشر يوماً، فاغتم لموته

عالمكير وحزن عليه حزناً شديداً.

قال شاهنواز خان في مآثر الأمراء إنه ولي الوزارة في الحادي عشر من ذي القعدة ومات في

السابع والعشرين منها وكان ذلك في سنة ثلاث وسبعين وألف.

ص: 587

مولانا علاء الملك المرعشي

الشيخ الفاضل علاء الملك بن العلامة نور الله الحسيني المرعشي، أحد كبار العلماء، أخذ عن والده،

وصحبه مدة من الدهر ثم سار إلى شيراز وتخرج على عصابة من العلوم الفاضلة، ثم قدم الهند

واشتغل بالتدريس، فجعله شاهجهان ابن جهانكير التيموري معلماً لولده محمد شجاع، فسار معه إلى

بنكاله.

وله مصنفات جليلة، منها المهذب في المنطق، وأنوار الهدى في الإلهيات، والصراط الوسيط في

إثبات الواجب تعالى وتقدس، ذكره مرزا محمد صادق الأصفهاني في صبح صادق.

مولانا علم الله الأميتهوي

الشيخ الفاضل علم الله بن عبد الرزاق بن خاصة خضر الصالحي الأميتهوي أحد العلماء المبرزين

في الفقه والحديث والعربية، ولد في السابع والعشرين من جمادي الأولى سنة أربع وخمسين

وتسعمائة ببلدة أميتهي، وقرأ العلم على والده وعلى الشيخ نظام الدين العثماني الأميتهوي رحمه الله،

ثم سافر إلى الحجاز ولبث بها ثماني عشرة سنة وأخذ الحديث والفقه وقرأ على مشايخ عصره، ثم

رجع إلى الهند ودخل برهانبور، فاغتنم قدومه عادل شاه الفاروقي أمير تلك الناحية وأكرمه غاية

الإكرام، فأقام بها مدة طويلة حتى كبرت سنه، وعزم مرة ثانية للحج سنة اثنتين وعشرين وألف

فدخل بيجابور ومات بها، كما في كلزار أبرار.

قال إبراهيم بن مرتضى البيجابوري في روضة الأولياء: إنه قرأ بعض الكتب الدرسية على الشيخ

هاشم بن برهان العلوي، وأخذ الطريقة العيدروسية عن الشيخ محمد العيدروس الكجراتي، وأخذ

الحديث عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر المكي، وسكن بمدينة برهانبور مدة من الزمان، ثم

استقدمه إبراهيم عادل شاه البيجابوري فسافر إلى بيجابور وسكن بها، قال: وكان ختنه نصير الدين

يقرأ عليه بعض الكتب الفقهية فإذا هو أورد إشكالاً على بعض المسائل فأجاب عنه علم الله ثم احتج

عليه بقول أبي حنيفة، فقال نصير الدين: هو رجل وأنا رجل! فغضب عليه علم الله وسل السيف،

ففر نصير الدين فتعقبه علم الله إلى بيجابور.

وقال عبد الباقي النهاوندي في مآثر رحيمي: إن ختنه نصير الدين كان يرجح الحديث أياً ما كان

على قياس المجتهد، وكان ينكر القياس ويقول إن حديث علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل موضوع،

فكفره علم الله وأفتى بقتله وإحراقه في النار ورتب المحضر لذلك، فأثبت العلماء توقيعاتهم على

المحضر، فانتصر له عبد الرحيم بن بيرم خان أمير تلك الناحية فرفعوا تلك القضية إلى جهانكير بن

أكبر شاه فأمر باحضارهما في المعسكر، فذهب القاضي نصير الدين إلى الحجاز وذهب علم الله إلى

بيجابور والتجأ إلى إبراهيم عادل شاه البيجابوري.

قال: وكان علم الله ديناً متقناً متبحراً عابداً متهجداً صاحب سنة واتباع وزهد وتورع واستقامة،

صرف عمره في الدرس والإفادة، وكان عبد الرحيم بن بيرم خان شديد الإكرام له ويفتخر بصحبته

ولا يتركه يفارقه، ويغمره بالصلات الجزيلة، ويقبل شفاعته، انتهى.

توفي في الحادي عشر من ذي الحجة الحرام سنة أربع وعشرين وألف، فأرخ لوفاته بعض أصحابه

من أستاذ أهل حديث، وقبره في بيجابور خارج البلد، كما في روضة الأولياء.

الشيخ علم الله النقشبندي البريلوي

السيد الشريف العفيف ناصر السنة البيضاء قامع البدعة الظلماء عمدة العلماء الربانيين وارث

الأنبياء والمرسلين الإمام الهمام الداعي إلى دار السلام السيد علم الله بن فضيل بن معظم بن أحمد بن

محمود، الشريف الحسني النصير آبادي البريلوي، كان من نسل الأمير الكبير بدر الملة المنير شيخ

الإسلام قطب الدين محمد بن أحمد المدني الكروي، ينتهي نسبه إلى سيدنا الإمام حسن السبط الأكبر

عليه وعلى جده السلام، ولد في سنة ثلاث وثلاثين وألف ببلدة نصير آباد وقد شخص والده إلى

الحجاز قبل ولادته وتوفي بالمدينة المنورة، فتربى في مهد خاله أبي محمد بن محمد بن محمود

النصير آبادي، وقرأ العلم على ابن عمه خواجه أحمد بن إسحاق الحسني

ص: 588

النصير آبادي، ثم سافر مع

خاله إلى دار الملك ورافقه زماناً للاسترزاق ثم تنحى عنه واعتزل، وكان يأتي بحزمة من الحطب

على رأسه ويبيعها في عسكر خاله، فلما بلغ غاية من هضم النفس ارتحل إلى الشيخ آدم بن إسماعيل

الحسيني البنوري ولازمه مدة من الزمان وأخذ عنه الطريقة ونال حظاً وافراً من العلم والمعرفة،

فأراد أن يهاجر من الهند إلى البلد الطيب واستأذن شيخه، فأذن له بشرط أن لا يمنعه أحد من عباد

الرحمن، فعاد إلى بلدة نصير آباد واستصحب عياله مهاجراً إلى البلد الحرام، فلما وصل إلى مدينة

راي بريلي على مسافة يوم واحد من نصير آباد أقام بها للاستجمام وترويح النفس، ولقي الشيخ عبد

الشكور الجائسي وكان نزيلاً بها على شاطئ نهر سئ خارج البلدة، فمنعه عبد الشكور وأمره أن يقيم

في هذه البلدة وذكره ما أمره شيخه آدم، فألقى عصاه وأقام على شاطئ النهر وكان ذلك المقام غير

عامر فسكن بها ورحل إلى الحرمين الشريفين للحج والزيارة، ولما عاد إلى راي بربلي بنى المسجد

بذلك المقام سنة أربع وثمانين وألف، وقد عرض عليه عالمكير بن شاهجهان صاحب الهند أقطاعاً

من الأرض فلم يقبل، واستأثر الفقر والفاقة.

وكان عالماً ربانياً، عارفاً بالعلوم الشرعية والمعارف الإلهية، زاهداً قنوعاً عفيفاً ديناً، ملازماً لأنواع

الخير والعلوم، قوياً في دينه، جيد التفقه، كثير الصدقات والإيثار في حضره وسفره مع فقره وقلة

ذات يده بصدق وإخلاص وتوجه وعرفان وانقطاع بالكلية عن الناس قانعاً باليسير، وكان أحسن

الناس وجهاً وأتمهم خلقة، قد غشيه نور الايمان وسيماء الصالحين، إذا خرج نهاراً ازدحم الناس على

تقبيل يده والتبرك برؤية وجهه وهو يكره ذلك وينفر عنهم، وكان يغضب إذا مدح ويستبشر إذا

نصح، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحتسب على كل من رأى عليه أثراً خلافاً للشرع سواء

كان ملكاً قاهراً أو عالماً كبيراً أو شيخاً جليلاً، وكان يكثر الرد على المبتدعين ويظهر فضائحهم مع

استيلائهم على بلاد المسلمين في عصره، وكان لا يبالي إذا تمسك بالدليل بمن يخالفه كائناً من كان،

وله كشوف وكرامات ووقائع غريبة ذكر جملة من ذلك وجيه الدين اللكهنوي في بحر زخار، وغلام

سرور في خزينة الأصفياء، وسيدي الوالد في مهر جهانتاب وفي سيرة السادات، وأفرد في ترجمته

نعمان بن نور بن هدى الشريف الحسني النصير آبادي رسالة سماها بأعلام الهدى، وأفرد في

ترجمته السيد الوالد رسالته المسماة بالسيرة العلمية.

وفي خزينة الأصفياء: إن العلامة عبد الحكيم السيالكوتي كان يقول إن السيد علم الله أعطاني ربية

فوضعتها في الصرة وبقيت عندي بضع سنين فلم تنقطع عنها الربيات ما بقيت تلك الربية، انتهى.

وفي در المعارف للشيخ رؤوف أحمد، إن الشيخ غلام علي العلوي الدهلوي كان يقول إن عالمكير

بن شاهجهان رأى في المنام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي تلك الليلة، فعرض على العلماء

والمشايخ وسألهم تأويله، فأولوه بأنه توفي في تلك الليلة من كان له نسبة صحيحة بالنبي صلى الله

عليه وسلم وقدم راسخة في اتباعه، ثم أخبر بأن السيد علم الله توفي في تلك الليلة، فأجمع العلماء

والمشايخ على أنه هو المعبر عنه بذلك المنام، انتهى.

وله مصنفات، منها العطيات وعناية الهادي، توفي في تاسع ذي الحجة سنة ست وتسعين وألف،

وقبره مشهور ظاهر بزاويته في رأي بريلي خارج البلدة.

الحكيم عليم الدين الجنيوتي

الأمير الكبير الفاضل عليم الدين الجنيوتي اللاهوري نواب وزير خان، كان من الرجال المعروفين

بالفضل والكمال، ولد ونشأ بأرض بنجاب وقرأ العلم على من بها من العلماء، ثم تطبب على الحكيم

دواني وتقرب إلى شاهجهان بن جهانكير في حياة والده، فولاه على ديوان البيوتات ثم جعله قهرمانه

ثم ولاه على الخراج في ولايته، ولما قام بالملك بعد وفاة أبيه جهانكير أضاف في منصبه وأعطاه

مائة ألف من النقود على وجه الجائزة ثم أضاف في منصبه حتى صار خمسة آلاف له وخمسة آلاف

للخيل وولاه على أرض بنجاب، فاستقل بها سبعة أعوام، ثم ولاه على أكبر آباد فمات بها بعد عشرة

أشهر من ولايته.

ومن مآثره الجميلة بلدة عامرة بأرض بنجاب يسمونها وزير آباد، ومنها جامع كبير بلاهور وهو من

ص: 589

أحسن الجوامع وأشهره، ومنها مدرسة عند الجامع المذكور، وله غيرها من الأبنية العالية والقصور

الشامخة، توفي بالقولنج في جمادي الأولى سنة خمسين وألف، كما في مآثر الأمراء.

الشيخ علي بن أبي محمد الكجراتي

الشيخ الفاضل علي بن أبي محمد بن شيخ راجه الكجراتي المشهور بعلي المتقي الصغير، كان من

نسل سلمان الفارسي رضي الله عنه، ولد ونشأ بكجرات، وأخذ عن الشيخ محمد بن الحسن الجشتي

الكجراتي ولازمه مدة من الزمان، وكان آية ظاهرة في التقوى والعزيمة والورع ولذلك لقبوه بعلي

المتقي، وله مصنفات عديدة، توفي في الحادي عشر من رجب سنة أربعين وألف بكجرات، فدفن

بمقبرة الشيخ بهيكن في الأساول القديم، كما في مرآة أحمدي.

القاضي علي بن أسد الله الكجراتي

الشيخ العلامة القاضي علي بن أسد الله بن عبد الله بن وجيه الدين العلوي الكجراتي ثم البيجابوري

المشهور بعلي محمد، كان لقبه أستاذ الأولياء ولد ونشأ بكجرات وقرأ العلم بها، ثم انتقل إلى مدينة

بيجابور مع أخيه الكبير ميران بن أسد الله الكجراتي، وولي القضاء بها في أيام إبراهيم عادل شاه

البيجابوري، وبنى بها مدرسة عظيمة، أخذ عنه الشيخ أبو تراب والسيد محمد والقاضي برهان

والقاضي إبراهيم الزبيري وإبراهيم بن عبد المحمد البيجابوري وغيرهم.

توفي في خامس ذي القعدة سنة سبعين وألف بمدينة بيجابور فدفن بها، كما في روضة الأولياء.

القاضي علي الأكبر الإله آبادي

الشيخ العالم الفقيه القاضي علي الأكبر الحسيني الحنفي الإله آبادي، أحد العلماء المبرزين في الفقه

والأصول والعربية، قربه إليه الوزير سعد الله خان وجعله معلماً لابنه لطف الله فكان معه مدة طويلة،

وأخذ عنه لطف الله شيئاً واسعاً من العلم والمعرفة، ثم قربه إليه عالمكير وجعله معلماً لولده محمد

أعظم، ولما وقف على براعته في العلوم الدينية وتورعه ولاه القضاء بمدينة لاهور فاستقل به مدة

حياته، وكان مشكور السيرة في القضاء، مهاباً رفيع القدر شديد الحسبة على الناس، ماضي العزيمة

في الحدود والتعزيزات.

قال الخوافي في مآثر الأمراء: إن الأمراء كانوا يسخطون عليه ولا تدعهم الهيبة العالمكيرية أن

يريدوا به سوءاً حتى ولى الأمير قوام الدين الأصفهاني على لاهور، فأشار إلى نظام الدين العسس

أن يقبض عليه، فسار إليه العسس برجاله وضيق عليه فقتل القاضي وابن أخته السيد فاضل في

المعركة، فلما سمع عالمكير تلك القصة عزل الوالي والعسس وسلم العسس إلى ورثة القاضي فقتلوه

قصاصاً عنه، ثم أمر القاضي شيخ الإسلام الفتني أن يفصل قضية الأمير قوام الدين على وفق

الشريعة فعفا عنه الورثة، انتهى.

ومن مصنفاته: فصول أكبري بالفارسية، وأصول أكبري وشرحه بالعربية، كلاهما في الصرف،

وكان ممن ولي النظارة على تدوين الفتاوي العالمكيرية، قتل سنة تسعين وألف، كما في مآثر

عالمكيري.

الشيخ علي الأكبر الهروي

الشيخ الفاضل علي الأكبر الهروي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، كان لقبه ثابت خان له

منظومة في الصرف، وديوان شعر بالفارسية، كما في مآثر الأمراء ومن شعره قوله:

قطع أميد بود قوت بازوي طلب به بر ريخته برواز توان كرد اينجا

توفي في بضع وأربعين وألف، كما في روز روشن.

السيد علي بن البدر الكيلاني

السيد الشريف علي بن بدر الدين بن إسماعيل الحسني الكيلاني اللاهوري، أحد رجال العلم

والمعرفة، تولى الشياخة بلاهور مدة مديدة، أخذ عنه خلق كثير، توفي سنة اثنتين وألف، كما في

خزينة الأصفياء.

ص: 590

السيد علي بن الجلال الكجراتي

الشيخ الفاضل علي بن الجلال بن محمد بن الجلال الحسيني البخاري الكجراتي، أحد الرجال

المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بكجرات، وولي صدارة الهند في عهد عالمكير فاستقل بها

مدة من الزمان، وكان فاضلاً بارعاً في كثير من العلوم والفنون، مات سنة إحدى وتسعين وألف، كما

في مآثر الأمراء.

الشيخ علي بن الحسين الرومي

الشيخ الفاضل علي بن الحسين الشطاري الرومي ثم الكجراتي، كان من رجال العلم والمعرفة، ولد

ونشأ بأحمد آباد كجرات وقرأ العلم بها على أساتذة عصره، ثم سافر إلى برهانبور وأخذ عن الشيخ

عيسى بن قاسم السندي ولازمه ملازمة طويلة، وكان شاعراً مجيد الشعر يتلقب في الشعر بالمسيحي

كما في كلزار أبرار.

الشيخ علي بن حسين الدهلوي

الشيخ الفاضل علي بن الحسين النقشي الدهلوي المشهور علي أحمد، كان من الفضلاء المشهورين

في عصره، لم يكن له نظير في زمانه في صناعة النقش على فص الخاتم، وكذلك كان والده أيضاً

معدوم النظير في تلك الصناعة.

وقال البدايوني في المنتخب: إنه عالم كبر بارع في الحكمة الطبيعية والهيئة والإنشاء والشعر، وله

يد بيضاء في الخطوط وصناعة النقش على فص الخاتم، تجلب فصوصه المنقوشة إلى إيران

وخراسان وما وراء النهر وتصدر إليها حتى أن كماله في تلك الصنعة قد حجب عنه كمالات أخرى

من العلم والحكمة وحسن الأخلاق، انتهى.

وفي وفيات الأعلام: إنه أخذ الطريقة عن الشيخ عبد الملك بن عبد الغفور الباني بتي، توفي ليلة

الخميس لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم سنة تسع عشرة وألف كما في تزك جهانكيري.

الأمير علي بن علي القندهاري

الأمير الكبير علي بن علي الشيعي القندهاري أمير الأمراء نواب على مردان خان، أحد الرجال

المشهورين بالعقل والدهاء والسياسة، كان والياً بقندهار من قبل الدولة الصفوية، ولي عليها بعد وفاة

والده سنة أربع وثلاثين وألف في أيام عباس شاه، فاستقل بها نحو اثنتي عشرة سنة، ولما توفي

عباس شاه المذكور وقام بالملك حفيده صفي شاه وافتتح أمره بالتعدي على الناس خافه وترك قندهار

لصاحب الهند سنة سبع وأربعين وألف ودخل الهند، فتقرب إلى شاهجهان بن جهانكير التيموري

سلطان الهند، فولاه على كشمير ثم على بنجاب ثم على كابل ثم على كشمير مرة ثانية فمات بها.

وكان رجلاً فاضلاً كريماً بشوشاً، طيب النفس، حسن المحاضرة، مليح القول جميل الفعال، صاحب

عقل وسكون وجرأة ونجدة، له آثار صالحة في الهند من حدائق وأبنية وأنهار وغيرها.

توفي سنة سبع وستين وألف بماجهيوازه فنقلوا جسده إلى لاهور ودفنوه عند والدته، كما في مآثر

الأمراء.

الشيخ علي بن محمود الباني بتي

الشيخ العالم الفقيه الزاهد علي بن محمود بن عبد الصمد الأنصاري الباني بتي المشهور بعبد القادر،

كان من الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، أخذ عن ابن عمه عبد الملك بن عبد الغفور الباني بتي

والشيخ عبد الرزاق الجهنجهانوي، ثم سافر إلى البلاد ورحل إلى الحرمين الشريفين والقدس الشريف

ثلاث مرات، وأخذ عن الشيخ علي بن حسام الدين المتقي، وأقام ببلدة أجين مدة من الزمان، ثم انتقل

منها إلى سارنك بور وكان عمه قاضياً بها، فاستقام بها حتى توفي عمه فولي مكانه قاضياً في تلك

البلدة، وكان كارهاً له، ترك الاشتغال به غير مرة، وانتقل إلى مكان آخر فلم يدعه الناس.

وكان عالماً مفسراً، يذكر في كل أسبوع يوم الجمعة، وكانت مواعظه مقصورة على تفسير القرآن

الكريم، يوضح مشكلاته ويبين تأويل المشابهات والناسخ والمنسوخ وإعراب القرآن والحقيقة والمجاز

والاستعارة وغيرها كل ما يتعلق بالقرآن، كانت

ص: 591

موعظته يوم توفي في تفسير سورة المزمل.

توفي سنة إحدى عشرة وألف بمدينة سارنكبور من مدن مالوه، وأرخ بعض أصحابه لوفاته من

قاضي زنده دل كما في كلزار أبرار.

السيد علي بن محمد الخطاط

الشيخ الفاضل علي بن محمد المقيم الخطاط المشهور بجواهر رقم أخذ الخط عن والده عن السيد

عماد، وقدم الهند في أيام شاهجهان بن جهانكير التيموري فجعله معلماً لولده عالمكير ولقبه جواهر

رقم ولما قام بالملك عالمكير جعله ناظراً على كتبخانه، وكان شاعراً مجيد الشعر، خطاطاً بارعاً،

يكتب النستعليق في غاية الجودة، كما في مرآة العالم.

ومن شعره قوله:

نفسم سوخته فرياد خموشي دارم تاكه دركرد؟ سرمه فروشي دارم

الشيخ علي النقي الكمروي

الشيخ الفاضل علي النقي الكمروي الشاعر المشهور، ذكره أمين بن أحمد الرازي في هفت إقليم

ومدحه بالفضل والكمال، وذكره السيد غلام علي في سروآزاد قال: إنه قرأ العلم على أساتذة بلاده

وبرع في المعقول والمنقول، ثم قدم الهند وتقرب إلى اعتماد الدولة فنال الصلات الجزيلة منه، ومن

شعره قوله:

رفتي وخموشم كه در آغاز مصيبت ماتم زده يكجند بشيون نبرد راه

توفي سنة إحدى وثلاثين وألف.

السيد علي اللدهيانوي

الشيخ العالم الصالح علي بن أبي علي الحسيني اللدهيانوي، أحد الرجال المعروفين بالفضل

والصلاح، كانت له يد بيضاء في إرشاد الناس وتلقين الذكر، انتفع به خلق كثير، وهو أخذ عن

الشيخ عبد الرزاق الجهنجهانوي ولازمه مدة من الزمان، ثم لازم بيته بصدق وعفاف وانقطاع عن

الناس بالكلية، لم يخرج من بيته قط لزيارة أحد من الناس، وكانت له صحبة مؤثرة ينتفع به من أراد

صحبته بصدق النية والإخلاص، أدركه عبد القادر البدايوني وذكره في تاريخه، قال: إنه توفي سنة

اثنتين وألف، فأرخ لوفاته بعض العلماء من قوله شيخ أنام كما في المنتخب.

الحكيم علي الكيلاني

الفاضل العلامة الكبير علي بن أبي علي الحكيم الكيلاني، أحد الأساتذة المشهورين في الهند، أخذ

عن خاله حكيم الملك شمس الدين الكيلاني وعن العلامة فتح الله الشيرازي، وأخذ العلوم الشرعية عن

الشيخ عبد النبي بن أحمد الكنكوهي، وكان ذكياً فطناً حاد الذهن سريع الملاحظة، يكاد يكشف حجب

الضمائر ويهتك أسرار السرائر، دقيق النظر في المسائل الحكمية.

قال البدايوني في تاريخه: إنه عالم كبير بارع في المنطق والحكمة ماهر بالشرع والنقل، قرأ كتب

أهل السنة على الشيخ عبد النبي ونظر في مذهبهم ولكنه زيدي غال في التشيع معجب بفضله،

يخطئ أحياناً لعجبه وقلة تجاربه، حتى أنه أطعم الهريسة أستاذه فتح الله في الحمى المحرقة فمات،

انتهى.

قال شاهنواز خان في مآثر الأمراء: إنه اخترع حوضاً عجيباً ملآناً بالماء، فيه طريق إلى بيت

تحته، إذا غاص الرجل في الماء وجد فيه باباً فيدخل من ذلك الباب إلى البيت ولا يدخل الماء فيه،

وكان في البيت قدر كاف من الهواء الطيبة والضياء المشعشع ومكان واسع نظيف يسع لاثني عشر

رجلاً، وفيه ذخيرة من الفرش والأقمشة والكتب والأطعمة مما يشتهيه الرجل، انتهى.

توفي يوم الجمعة لخمس خلون من محرم سنة ثمان عشرة وألف في أيام جهانكير.

الأمير علي بن عبد اللطيف القزويني

الأمير الفاضل علي بن عبد اللطيف بن يحيى الحسيني السيفي القزويني نواب غياث الدين نقيب

خان، كان معدوم النظير في التاريخ والسير وأسماء

ص: 592

الرجال والجفر الجامع، قرأ العلم على أساتذة

عصره، وشارك البدايوني صاحب المنتخب في الأخذ والقراءة على بعض أساتذته، ثم تقرب إلى

أكبر شاه فلقبه نقيب خان ورتب له ألفاً من المنصب، ولما مات أكبر شاه تقرب إلى جهانكير بن أكبر

شاه فصار المعتمد لديه كما كان عند والده أكبر شاه وأضيف في منصبه.

ذكره معتمد خان في إقبالنامه وقال: إنه كان معدوم النظير في التاريخ والسير وأسماء الرجال

والحديث مع مشاركته في العلوم الرسمية، انتهى.

توفي سنة ثلاث وعشرين وألف بأجمير فدفن بحظيرة الشيخ معين الدين رحمه الله.

راجه علي خان البرهانبوري

الملك الفاضل علي بن مبارك بن عادل بن حسن بن نصير الفاروقي راجه علي خان البرهان

بوري، قام بالملك بعد أخيه محمد شاه سنة أربع وثمانين وتسعمائة، وافتتح أمره بالعقل والسياسة،

وصالح السلطان محمد أكبر شاه التيموري وصار معيناً له في الحروب، ومات في أثناء الحرب

بالحريق، وكان فاضلاً عادلاً محباً لأهل العلم محسناً إليهم، توفي سنة أربع بعد الألف بأرض برار،

فنقلوا جسده إلى برهان بور ودفنوه بها، كما في تاريخ فرشته.

زين الدين علي الكشميري

الشيخ الفاضل زين الدين علي الحنفي الكشميري، أحد الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ بكشمير، وقرأ العلم

على الشيخ يعقوب بن الحسن الصرفي والشيخ شمس الدين الكشميري، ثم صحب الشيخ حمزة

واستفاض منه، ثم سار إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وأخذ الحديث عن الشيخ شهاب الدين أحمد

بن حجر الهيتمي المكي، ورجع إلى كشمير فتصدر للدرس والإفادة، أخذ عنه خلق كثير، وقبره في

رائنبوره، كما في حدائق الحنفية.

مولانا علي محمد الدهلوي

الشيخ الفاضل علي محمد بن عبد الحق بن سيف الدين بن سعد الله البخاري الدهلوي، أحد الأفاضل

المشهورين في عصره، ولد ونشأ بدهلي ولازم أباه وانتفع به وقرأ عليه الكتب الدرسية، له خزائن

الدرر كتاب في اللغة العربية والفارسية والتركية، ورسالة في أخبار المشايخ الخمسة الجشتية، ونجاة

المريدين رسالة له في أخبار الشيخ عبد القادر الجيلاني، كما في مرآة الحقائق.

الشيخ عمر بن عبد الله الحضرمي

السيد الشريف عمر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن أحمد ابن أبي بكر باشيبان

الحضرمي الشافعي الأستاذ الفقيه، ولد بأرض الهند وأخذ عن جماعة ببلاد الهند، ثم رحل إلى تريم

وأخذ بها عن الشيخ عبد الله بن شيخ وولده زين العابدين، وتفقه على القاضي عبد الرحمن بن شهاب

الدين، وأخذ علوم الدين عن الشيخ أبي بكر بن شهاب وأخويه محمد الهادي وأحمد شهاب الدين، ثم

رحل إلى الحرمين وجاور بهما عدة سنين وأخذ عن جماعة، منهم السيد عمر بن عبد الرحيم

البصري والشيخ أحمد بن إبراهيم علان والشيخ عبد الرحمن الخطيب وغيرهم، ولبس الخرقة من

أكثر مشايخه وأجازه أكثرهم، ثم عاد إلى تريم وتزوج بها ودرس، ثم رحل إلى الديار الهندية وقصد

السيد محمد بن عبد الله العيدروس ببندر سورت ولازمه، وتخرج به في طريق القوم، وأخذ عنه عدة

علوم، وقصد الوزير الملك عنبر وأقام عنده يدرس في الفنون العربية إلى أن توفي عنبر، فرحل إلى

عادل شاه البيجابوري وحصل له عنده قبول تام، وأقام بمدينة بيجابور عنده عدة أعوام وأنعم عليه

بخراج جرام بالقرب من مدينة بلكام، ثم اختار التوطن بمدينة بلكام وتصدر للنفع واقتنى كتباً وأموالاً

كثيرة، وكان من قصده من الطلبة يقوم بنفقته وكسوته، وأخذ عنه الجم الغفير، وظهرت بركته، وكان

حسن الأخلاق عظيم الشهامة، لم يدنس مقداره بذم قط، ولم يزل بمدينة بلكام إلى أن توفي، وكانت

وفاته في سنة ست وستين وألف، وقبره بها معروف، كما في خلاصة الأثر.

السيد عمر بن علي الحضرمي

السيد الشريف عمر بن علي بن عبد الله بن

ص: 593

علي بن عمر بن سالم بن محمد باعلوي الشافعي

الحضرمي، أحد الزهاد المشهورين، ذكره الشلي قال: إنه كان على جانب عظيم من القناعة والصبر

والتسليم والرضاء، ولد بظفار سنة اثنتين بعد الألف، ونشأ في حجر والده وكاني جله ويخصه بأشياء

من بين أولاده، وصحب ابن عمه السيد عقيل بن عمران باعمر العلوي وحضر دروسه وانتفع به

ولازمه، وألبسه الخرقة وهو من أخص خواص أصحابه، وله ذوق في كتب القوم، وله كرامات

كثيرة، سافر إلى الهند سنة اثنتين وستين وألف واجتمع بالسيد أبي بكر بن حسين بافقيه ولبس منه

الخرقة، وكان ذلك ببلدة بيجابور فأقام بها بقية تلك السنة ثم مرض بها، وكان له خادم يقال له محمد

بن قشقاش، قال محمد المذكور: كنت أرى من سيدي كرامات كثيرة وهو يأمرني بكتمها، منها أنه قال

ليلة وفاته إذا رأيت شيئاً فلا تفزع، قال محمد: فلما كان آخر تلك الليلة رأيت نوراً سطع حتى أضاء

ذلك الموضع الذي هو فيه، فدخلني من الهيبة والاقشعرار ما شاء الله تعالى ثم دنوت منه فإذا هو

ميت، وكانت وفاته في شعبان سنة ثلاث وستين وألف، فجهز وحضر جنازته جمع كثير من السادة

وغيرهم، ودفن بمقبرة السادة بني علوي هناك، كما في خلاصة الأثر.

القاضي عمر بن الحامد الأكبر آبادي

الشيخ العالم الفقيه عمر بن الحامد الأكبر آبادي القاضي ناصر الدين عمر، كان من العلماء المبرزين

في الفقه والأصول، قرأ العلم على مولانا أبي حامد المهاروني والمفتي أبي الفتح بن عبد الغفور

التهانيسري وعلى غيرهما من الأساتذة، ثم تصدى للدرس والإفادة، وكان في بداءة حاله يمنع عن

سماع الغناء ثم اشتغل به.

توفي سنة اثنتين بعد الألف، كما في أخبار الأصفياء.

المفتي عناية الله البلكرامي

الشيخ الفاضل المفتي عناية الله بن القاضي إله داد الصديقي البلكرامي، أحد الرجال المعروفين

بالفضل والصلاح، ولد ونشأ ببلكرام، وقرأ العلم على والده وتفنن عليه بالفضائل، ثم ولي الإفتاء

ببلدته فاشتغل به وأحسن، وكانت له مودة صادقة بالسيد طيب بن عبد الواحد البلكرامي، فلما ذهب

الطيب إلى دهلي حصل له الإجازة عن الشيخ عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي، كما في

مآثر الكرام.

الأمير عناية الله الشيرازي

الأمير الكبير عناية الله بن محمد الشيرازي سعد الدين بن علاء الدين الهندي البيجابوري نواب

شاهنواز خان، ولد ونشأ بشيراز، وأخذ العلوم الحكمية عن العلامة فتح الله الشيرازي، ثم قدم الهند

ودخل بيجابور في أيام علي عادل شاه، ثم ساح بلاد الهند ورجع إلى شيراز ولبث بها مدة، ثم رحل

إلى الحرمين الشريفين فحج حجة الإسلام وزار النبي صلى الله عليه وسلم، ودخل العراق والطف

والنجف فزار مشاهد الأئمة، ثم عاد إلى شيراز وأقام بها زماناً، ثم عاد إلى الهند سنة سبع وتسعين

وتسعمائة وكان معه ملاشكيبي الشاعر وعناية الله الأردستاني فدخل بيجابور سنة ثمان وتسعين،

فاستخدمه إبراهيم عادل شاه ولقبه عنايت خان وأقطعه أرضاً خراجية، وبعثه سنة ألف إلى أحمد نكر

بالسفارة إلى صاحبها، وبعثه إلى حيدر آباد سنة اثنتين بعد الألف، واستوزره سنة ثلاث بعد الألف

ولقبه شاهنواز خان.

وكان عالماً كبيراً بارعاً في الحساب والهيئة والهندسة وسائر الفنون الحكمية، عادلاً باذلاً كريماً

صاحب عقل ووقار، بنى قصوراً وحدائق بمدينة بيجابور، وأرسل إلى شيراز أموالاً طائلة للدور

والمساكن، وبنى مسجداً كبيراً بها على نفقته، وصنف بأمره محمد قاسم بن غلام علي الإسترآبادي

كتابه كلزار إبراهيمي المشهور بتاريخ فرشته.

مات في شهر الله المحرم سنة ثمان وخمسين وألف في عهد محمد شاه العادل، كما في واقعات

مملكت بيجابور.

الشيخ عناية الله

الشيخ الفاضل عناية الله بن محب علي الحنفي، كان من الأفاضل المشهورين في عصره، تقرب إلى

ص: 594

غضنفر خان وتمتع به مدة، ثم ولي خدمته في بهكر فأقام بها زماناً، ثم ولي بدار الإنشاء، وشفع له

بختاور خان العالمكيري إلى صاحبه فأعطاه المنصب وولاه بخشيكيري وظيفة توزيع الرواتب

وتحرير السوانح بدار الخير أجمير، فاستقل به زماناً طويلاً.

وكان نادرة من نوادر العصر في الإنشاء والترسل، له أبيات رقيقة رائقة بالفارسية، منها قوله:

بياد روي تو دارم هزار كونه فغان جو عندليب كه كل در خزان بياد آرد

الأمير عنبر الحبشي الأمجري

الأمير الكبير عنبر أبو الفتح الحبشي الأمحري وزير صاحب أحمد نكر، كان من الأمجرة وتسمى

قبيلته مايه، ويقال إنه من عبيد القاضي حسين المشهور بمكة، ثم اشتراه بعض التجار وجلبه إلى

الهند فاشتراه أنكسخان، ولما مات أنكسخان تنقلت به الأحوال إلى أن صار من عساكر عادل شاه

صاحب بيجابور، وكان المال الذي يعطاه لا يكفيه لكثرة سماحته وإنفاقه فاستزاده فلم يزده، فخرج

عنبر من حينه خائفاً يترقب سنة ست بعد الألف وهو يومئذ مفلس، وخرج معه السيد علي حداد

باعلوي، ثم وصل به الحال إلى أنه لم يقدر على نفقة يومه، ثم أعلم السيد علياً بما هو فيه فدعا الله

تعالى فوجدوا ركازاً جاهلياً، فاتسع أمره وأكثر من العساكر والأتباع ولا زال أمره يعظم، فاستدعاه

حسين نظام شاه صاحب أحمد نكر فانحاز إليه، وكان وزيره شجاعاً فاتكاً صاحب جيوش وأموال

مستولياً على المملكة وكان عنبر يعجز عن مقاومته، فصار يداريه ويترصد له فرصة حتى قتله على

حين غفلة وولي مكانه الوزارة، ورأى السلطان محبته وجده فأمده، واتفقت له وقائع كثيرة ونفذت

كلمته، ثم مات نظام شاه وكان ولده صغيراً فعقد له العنبر البيعة، ولم يكن له من السلطة إلا الاسم

وجميع الأمور بيد الوزير عنبر، كما كان الخلفاء العباسيون ببغداد، ثم استبد عنبر بالأمور واستمر

في القتال والجلاد، وأزال المظالم من تلك الجهة وعمرها، وأخمد الفتنة والبدعة، وعمر المساجد

والمآثر.

وكان مؤيداً في حروبه ومغازيه، مسدداً في رأيه، مسعوداً في أحواله، كثير الإحسان إلى السادة

وأهل العلم ومشايخ الطرق والصوفية يحمل كل سنة إلى حضرموت من الأموال والكسوات للسادة

والمشايخ والفقراء ما يقوم بهم سنة، وكان له ديوان مرتب باسم أرباب الرسوم والقصاد، ووقف

أربعة مصاحف بمدينة تريم، ووقف بمكة والمدينة مصحفين، واشترى في الحرمين دوراً ووقفها على

من يقرأ فيهما ويهدي ثواب القراءة إليه.

ومن آثاره الحسنة أنه عقم نهر الكركي، وهو نهر عظيم يمر تحت البلاد ولا تنتفع به، وسبب ذلك

أن بعض وزراء عادل شاه وهو ملا محمد الخراساني استبعد وقوع ذلك لسعته وكثرة مائه وظن أنه

يحتاج إلى عمل كثير لا يقدر عليه أحد من المخلوقات وغرم مالاً كثيراً للملك عنبر إن قدر على

ذلك، فشرع فيه وساعده القدر فكمل العمل في خمسة أشهر، وجعل له قنوات تجري إلى البساتين

والزراعات وكثر به النفع، وكانت عمارته في سنة أربع وعشرين وألف، واخترع الفضلاء لذلك

تواريخ عديدة، ومن ألطف ما قيل فيه خير جاري.

وأكثر من شراء الحبش، وكانت التجار يجلبونهم إليه ويتغالون في أثمانهم إلى أن كثروا جداً، يقال

إن جملة ما اشتراه من الذكور نحو ألفي حبشي، وكان أول ما يشتريه يسلمه إلى من يعلمه القرآن

والخط ثم إلى من يعلمه الفروسية واللعب بالسيف والعود والسهام إلى أن يتفرس في أنواع الحرب

والحيل والخداع ثم يترقى، وصاروا يترقون في المراتب ويتفاضلون في المناصب كل بمقدار سعيه

واستحقاقه ومرتبته، وكان له اعتناء باقامة الجماعة وأمور الدين، وكان لكل أمير منهم فقيه يتعلم منه

الفقه وأمور الدين، وإمام يصلي به ومؤذن، وجماعة يتدارسون القرآن، وجماعة يذكرون الله تعالى

ليلة الجمعة والإثنين، وكان لكل أمير سماط مملوء بأنواع الأطعمة الفاخرة، وبالجملة فانهم وإن كانوا

عبيداً حبشة فلم تكن العرب تفوقهم إلا بالنسب.

وقصده جماعة من مشاهير شعراء عصره من البلاد الشاسعة ومدحوه بأحسن المدائح، وكان إبراهيم

عادل شاه صاحب بيجابور يظهر له العداوة والحسد، وبلغ

ص: 595

غاية جهده في اضمحلال هذا الرجل، ومن

عداوته له أنه لما عزم جهانكير ابن محمد أكبر سلطان الهند لمقاتلته عهد إليه أن يبذل له في كل

مرحلة مائة ألف من - والهن - بضم الهاء الموحدة: دينار ذهباً، فأرسل جهانكير بعساكر وخيل

وأفيال ضاق عنها الفضاء وجرى على مراد الله القدر، وأقبل عادل شاه بعساكره من الجانب الثاني،

وأيقن كل من عند الملك عنبر بالهلاك، فجمع من عنده من السادة والأشراف والعرب، وطلب منهم

أن يجتمعوا للدعاء كل يوم، وبذل الخزائن للعساكر، وأقبل بعساكره على القتال ثابتين ثبات الجبال،

وحمل بمن معه فقتلوا خلائق لا يحصون وأسروا من أمراء جهانكير وعادل شاه أربعين أو يزيدون،

ورجع الملك عنبر ظافراً مسروراً، ثم بعد ذلك جرد الحمام سيفه عليه وتوفي سنة خمس وثلاثين

وألف مسموماً، ودفن بالروضة بالقرب من دولة آباد، وعمل على قبره قبة عظيمة، كما في خلاصة

الأثر.

مولانا عوض وجيه السمرقندي

الشيخ العالم الفقيه عوض وجيه الحنفي السمرقندي، أحد العلماء المشهورين، ولد ونشأ في قرية

اخسيك من أعمال سمرقند، وقرأ العلم على المير عوض التاشكندي وتفقه عليه ولازمه زماناً.

وكان صافي القريحة سريع الخاطر قوي الحفظ، فاق أقرانه في المعقول والمنقول فدرس وأفاد مدة

طويلة في بلخ، ولما فتحها شاهجهان بن جهانكير التيموري سلطان الهند دخل الهند وولي الافتاء في

معسكره واستقل به مدة، ثم جعله عالمكير بن شاهجهان المذكور محتسباً سنة تسع وستين وألف

وأعطاه المنصب ألفاً لنفسه ومائة للخيل عوض خمسة عشر ألفاً في كل سنة.

وهو أول من ولي الاحتساب في الدولة التيمورية، فاستمر على تلك الخدمة إلى سنة خمس وسبعين،

ثم عزل عنها لخطاء صدر منه وولي مكانه خواجه قادر وسلب منصبه، فاعتزل في بيته عاكفاً على

الدرس والإفادة، ثم رضي عنه عالمكير سنة ست وسبعين وعفا عنه ومنحه المنصب وجعله معلماً

لولده محمد أعظم، فانتفع بذلك مدة حياته.

توفي سنة سبع وثمانين وألف، كما في عالمكير نامه ومآثر عالمكيري وعمل صالح ومرآة العالم.

الأمير عيسى بن الحسين البدخشي

الأمير الفاضل عيسى بن الحسين الخوشي البدخشي نواب همت خان بن إسلام خان، كان من

الرجال المعروفين بالفضل والكمال، تقرب إلى عالمكير فجعله فوجدار بناحية أكبر آباد حين كان

والده والياً بها، ثم ترقى درجة بعد درجة حتى ولي على أكبر آباد ثم على إله آباد، ثم نال بخشيكيري

رئاسة توزيع الرواتب.

وكان فاضلاً كبيراً بارعاً في العلوم، شاعراً مجيد الشعر بالفارسي، محباً لأهل العلم محسناً إليهم.

ومن شعره قوله:

بجز خاري كه مجنون داشت در دل بيابان جنون خاري ندارد

توفي في خامس محرم سنة اثنتين وتسعين وألف بمدينة أجمير، كما في مآثر الأمراء.

الشيخ عيسى بن قاسم السندي

الشيخ العالم الكبير العلامة المحدث أبو البركة عيسى بن قاسم بن يوسف بن ركن الدين بن

المعروف بن الشهاب، المعروفي الشهابي الشطاري السندي، أحد العلماء الربانيين، ولد بايرجبور من

أرض برار سنة اثنتين وستين وتسعمائة، وكان والده إذ ذاك في السفر فسماه عمه الشيخ طاهر بن

يوسف السندي باسمه المذكور، فلما جاء والده استبشر بمولده وأراد أن يبدل اسمه سليمان، لأن أم

ولده لما كانت حاملة به رأى بعض الصلحاء في المنام أن سليمان بن داود عليه السلام جاء في بيتها،

ولذلك كان والده يريد أن يسميه سليمان ولكنه لم يبدله تأدباً لأخيه، ومات والده سنة ثمانين وتسعمائة

فرحل مع عمه إلى برهانبور وقرأ عليه العلم وعلى غيره من العلماء، ثم أخذ الطريقة عن

ص: 596

الشيخ

لشكر محمد العارف الشطاري البرهانبوري، وتصدر للارشاد بعده، وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه

أبناؤه عبد الستار وفتح محمد وبرهان الدين البرهانبوري وإسماعيل بن محمود الشطاري السندي

وخلق كثير.

وله مصنفات كثيرة ممتعة، منها الروضة الحسنى في شرح أسماء الله الحسنى وله عين المعاني

رسالة أخرى في شرح الأسماء الحسنى، وله الحواس الخمسة رسالة في تطبيق الحواس الخمسة على

الحضرات الخمس، وله حاشية على إشارة غريبة من الإنسان الكامل للشيخ عبد الكريم الجيلي، وله

شرح بالفارسي على قصيدة البردة، وله قبلة المذاهب الأربعة مع الإشارات من أهل التصوف، وله

حاشية على الفوائد الضيائية للشيخ عبد الرحمن الجامي، صنفه لولده عبد الستار، وله الفتح المحمدي

كتاب في ما يتعلق بالتفسير، صنفه لولده فتح محمد، وله التتميم شرح المائة العاملة صنفه بطلب

السيد علي بن عم القاضي نور الله، وله رسالة في عقد الأنامل، وله شرح على الرباعيتين، وله

ترجمة أسرار الوحي ومن مصنفاته الشهيرة أنوار الأسرار في حقائق القرآن ومعارفها، كتاب مبسوط

أوله لك الحمد يا من دعوته لطالبيه إلى جمال غرته فاتحة الأبواب، الخ قال في مفتتح ذلك الكتاب:

هذه مشاعل أنوار الأسرار في المشاهيد الأبكار، لتنوير عيون الفحول الأحرار، عن رقبة التقليد

والأكدار، قد لاحت من حضرة القدير على مذهب الفقير، من غير تأمل وكسب بل ألهمه الله بعين

عنايته عند الكتابة، ومراراً يقول لنفسه: أيها الفضول! إلى أين تذهب! أتدري ما الكتاب وما الايمان

بظاهره وباطنه فتقف عنده وتقول: ما أدري ما يفعل بي فألهمني الله تعالى فنوديت من سري ما كنت

تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا، وإنك لتهدي إلى صراط

مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور الخ.

ومن فوائده ما قال في تفسير "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".

الشيط البعد، وهو البعد الذي بين العبد وربه وهماً وليس في الحقيقة، أو البعد الموهوم والخلاء

المتوهم في محل وجود العالم، يعني العالم ظاهر خارج عن حضرة الغيب المتجلي في الخلاء

المتوهم.

وقال في تفسير "بسم الله":

متلبساً باسم الله الذي تجلى بالأسماء والصفات المقتضية لحقائق الأسماء الكونية بعلم اليقين، يعني

شرعت في حال التحاق علي بأسماء الله بالذوق والوجدان، أو قل متحققاً باسم الله الذي تجلى

بالأسماء الألوهية والصفات الربانية بعين اليقين، يعني شرعت في حال تحققي بالأسماء والصفات

بعيني معها، أو قل متلبساً باسم الله الذي تجلى بالنسب الوجوبية والأوصاف الفعلية لحق اليقين، يعني

شرعت بحال إظهاري وتحققي الأسماء الإلهية الفعلية على الحقائق الكونية الانفعالية بالخلافة لا

بالاصالة، فإنه لا قدم للممكن كائناً ما كان في الوجوب الذات ولا يكون هذه إلا للكمل والتي فوقها

للكامل والتي فوقها للواصل المبتدئ في العرفان بالأحدية الذاتية.

وقال في تفسير الحمد لله:

الحمد لله عند أهل الظواهر تعريفه هو الثناء باللسان على قصد التعظيم، وله مراتب أربع عندهم:

إما أن يكون ثناءه لعبده على حسن أقواله وأفعاله، أو يكون ثناء العبد له سبحانه على كمالاته

الواصلة إليه من الوجود والبقاء أو يكون ثناءه كقوله تعالى "الحمد لله رب العالمين" أو يكون ثناء

العبد للعبد على كمالاته الظاهرة فيه باذن الله سبحانه، فكل المحامد راجعة إليه، أما عند أهل السلوك

فستة أقسام: فعلي وقولي وحالي من كلا الجانبين، فأما القولي من العبد فبأن يقول "الحمد لله" موافقاً

للقلب عند القول به، وأما الفعلي فهو الاتيان بالأعمال البدنية من العبادات والخيرات ابتغاء لوجه الله

وتوجهاً إلى جانبه الكريم، لأن الحمد كما يجب على العبد باللسان يجب بحسب كل عضو، وذلك لا

يمكن إلا باستعمال كل عضو لما خلق لأجله على الوجه المشروع عبادة للحق سبحانه وانقياداً

لأوامره لا طلباً للحظوظ النفسانية من اللذة العجيبة في الدنيا ومن الجنة والنعيم في الآخرة، وأما

الحالي فهو الذي يكون بحسب الروح والقلب كالاتصاف بالكمالات العلمية والتخلق بالأخلاق الملكية

ص: 597

والربانية من الرضا في الطاعات والجود عند العطيات، أما القولي منه سبحانه بأن حمد نفسه في

كتبه لأنبيائه أني منزه عن النقائص، والفعلي منه سبحانه بأن يسلم أفعاله من الشر المحض "وعسى

أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم"، والحالي منه سبحانه بأن يظهر

في الكل من الممكنات بالكل من المحامد والخيرات، وأما عند أهل المعرفة الذي سفره وسيره من

نفسه إلى ربه فأيضاً ستة أقسام، وتعريف الحمد عندهم ظهور الكمالات لله تعالى، فهو قولي وفعلي

وحالي، فأما القولي من العبد فبأن يعلم عند المنطق أي نطق كان من النفس أو من غيره أن هذه

كمالات ظاهرة من الحق بصفة الكلام بعلم اليقين، وأما الفعلي منه فبأن يتمكن عن نفسه بحركات كل

عضو من أعضائه عند التصرف والتصريف أي فعل كان سواء من نفسه أو من غيره أن هذه

كمالات ظاهرة بحواس السالك وبجوارحه بحسب قرب النوافل بعين اليقين، كما ورد في الصحيح:

بي يسمع وبي يبصر وبي ينطق، الحديث، وأما الحالي منه فبأن يتحول عن نفسه بالكلية وبكل

التصرف إلى ربه بأن يتصرف بجميع حواسه وقواه وجوارحه بحسب قرب الفرائض بحق اليقين

كقوله، تعالى "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وأما القولي من الله سبحانه فبأن يظهر كمالاته

الوجودية عن نفسه ويقول والأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم وأما الفعلي منه

فبأن ينسب إليه كل فعل والله خلقكم وما تعملون ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون

من نسبة الفعل إلى الغير، وأما الحالي منه سبحانه فبأن يلتذ بكل لذة يجدها الممكن بظهوره في مرتبة

التفرقة، ولعلك تقول، إن الحق منزه واللذة من لوازم الممكنات المحدثات فكيف يضاف إليه؟ فجوابه

الشافي أنه من المتشابهات ستقف عليه قريباً في أول التبصرة إن شاء الله تعالى، ولعلك لا تجد أحداً

سبق لبيان هذه الأقسام الستة الأخيرة عبارة وإن سبق وجداناً وإشارة.

وههنا سر آخر

كما لا يجوز كشفه لا يجوز كتمه من أهله، وهو أن في الحمد القولي والفعلي والحالي معنى آخر،

أما في القولي فبأن ينطق العارف الخليفة بكل من يتكلم بالكلام الأزلي وغيره، وفي الفعلي بأن يفعل

ويسمع ويبصر بكل من يفعل ويسمع ويبصر، وفي الحالي بأن يتلذذ بكل من يتلذذ من اللذات

الملائمة للطبع، ولعله لم يسبق ببيان هذه الأقسام الثلاثة من الحمد أيضاً أحد قبلي أو سبق ولم يبلغ

لنا، والله أعلم.

هذا قليل من كثير إفاداته التي لا يحتملها هذا المختصر، وكانت وفاته في الرابع عشر من شوال

سنة إحدى وثلاثين وألف بمدينة برهانبور، وقبره ظاهر مشهور.

المفتي عيسى بن آدم الكوباموي

الشيخ العالم الفقيه المفتي عيسى بن آدم بن محمد بن خواجه بن شيخ بن آدم ابن محمد بن أحمد،

الصديقي الشهابي الكوباموي، كان سبط الشيخ نظام الدين إله ديه الخيرآبادي، ولد في سنة ستين

وتسعمائة بكوبامؤ، وقرأ العلم على أبيه آدم وعلى الشيخ نظام الدين العثماني الأميتهوي، وولي الافتاء

بكوبامؤ بعد ما توفي أبوه، وتزوج بابنة الشيخ جعفر بن نظام الدين الأميتهوي، وأعقب منها ثلاثة

أبناء أعلمهم المفتي وجيه الدين، توفي لليلة بقيت من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وألف.

الشيخ عيسى بن مخدوم الخير آبادي

الشيخ العالم الصالح عيسى بن مخدوم بن أبي الفتح بن نظام الدين الحسيني الرضوي الخيرآبادي،

أحد رجال الفضل والصلاح، ولد ونشأ بخيرآباد، وسافر للعلم إلى بنير بضم الموحدة، فقرأ بها على

أساتذة عصره، ثم رجع إلى بلده وتولى الشياخة بها مكان جده أبي الفتح، أخذ عنه ابن أخته محمد

أمين وخلق آخرون.

القاضي عيسى بن أبي الفتح الأكبرآبادي

الشيخ العالم الفقيه القاضي عيسى بن أبي الفتح بن عبد الغفور بن شرف الدين العمري التهانيسري

ثم الأكبرآبادي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول، ولد ونشأ بأكبرآباد، وتفقه على والده،

وولي القضاء سنة ثمان عشرة وألف في أيام

ص: 598

جهانكير بن أكبر شاه، كما في أخبار الأصفياء.

شمس الدين علي الشيرازي

الشيخ الفاضل العلامة شمس الدين علي الشيرازي الحكيم عين الملك، كان من أسباط العلامة جلال

الدين محمد بن اسعد الصديقي الدواني رحمه الله ولد ونشأ بشيراز، وقرأ العلم بها على أساتذة

عصره، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وتقرب إلى مرزا عزيز الدين فجاء به إلى أرض

الهند، فقربه أكبر شاه التيموري إلى نفسه وجعله من ندمائه ثم بعثه إلى برهانبور، وكان مليح

الشمائل حلو الكلام حسن المحاضرة، له يد بيضاء في الأعمال باليد، ولم يكن له نظير في عصره في

علاج أمراض العين وقدحها.

وكان شاعراً مجيد الشعر يتلقب في الشعر بالدوائي، ولذلك اشتهر بالحكيم الدوائي.

ومن شعره قوله:

عاشقان را براه سر بازي هر قدم صد هزار فرسنك است

مات لثلاث بقين من ذي الحجة الحرام سنة ثلاث بعد اللف بمدينة برهانبور، كما في مآثر الأمراء

وغيره من الكتب.

حرف الغين

السيد غضنفر بن جعفر الكجراتي

الشيخ العلامة المحدث غضنفر بن جعفر، الحسيني النهروالي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في

الفقه والحديث والعربية، أخذ عن الشيخ محمد أمين ابن أخت الشيخ عبد الرحمن الجامي وعن الشيخ

المسند محمد سعيد بن مولانا خواجه الكوهي الخراساني وعن الشيخ تاج الدين عبد الرحمن بن

مسعود بن شمس الكاذروني، وأخذ عنه الشيخ أبو المواهب أحمد بن علي العباسي الشناوي، والشيخ

عبد الرحمن بن عيسى العمري المرشدي مفتي الحرم الشريف بمكة المباركة والشيخ الإمام عبد

القادر بن محمد يحيى الحسيني الطبري المكي.

السيد غلام محمد الأمروهوي

الشيخ العالم الصالح غلام محمد بن إله يار، الحسيني الأمروهوي، أحد المشايخ النقشبندية، ولد ونشأ

بأمروهه، وقرأ المختصرات على أساتذة بلدته، ثم سافر إلى دهلي ولازم الشيخ عبد الله بن عبد

الباقي الدهلوي، وقرأ عليه وعلى غيره من العلماء، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ المذكور، وكان من

الشعراء المجيدين، له أبيات بالعربية والفارسية، وكان والده إله يار من خلفاء الشيخ تاج الدين

العثماني النقشبندي السنبهلي، وجده من خلفاء الشيخ الله بخش الشطاري الكده مكتيسري، ومات جده

في سنة اثنتي عشرة وألف ووالده في بضع وأربعين وألف، كما في الأسرارية ولم أقف على سنة

وفاة صاحب الترجمة.

الشيخ غلام محمد السهارنبوري

الشيخ العالم الصالح غلام محمد بن عبد الباقي، الحنفي السهارنبوري، أحد عباد الله الصالحين، ولد

ونشأ بمدينة سهارنبور، وقرأ العلم على والده، ثم درس وأفاد زماناً، ثم سافر إلى أكبرآباد وأدرك بها

الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي إمام الطريقة المجددية فبايعه وأخذ عنه، ثم رجع إلى

بلدته ولازم ابن عمه بديع الدين بن رفيع الدين الأنصاري، ولما مات بديع الدين تولى الشياخة وبذل

جهده في تربية أبناء الشيخ بديع الدين.

مات في ثامن ذي الحجة سنة ثلاث وستين وألف بمدينة سهارنبور فدفن بها، كما في مرآة جهان نما

لولده محمد بقا.

مرزا غياث الدين الطهراني

الأمير الكبير غياث الدين بن محمد شريف، الشيعي الطهراني، نواب اعتماد الدولة، كان من الرجال

المشهورين، ولد ونشأ بايران، وقدم الهند بعد ما توفي والده سنة أربع وثمانين وتسعمائة في أيام أكبر

شاه، فتقرب إليه وولي ديوان الخراج بكابل، وتدرج إلى الإمارة حتى نال ألفاً من المنصب في آخر

عهده، وولي ديوان البيوتات، ثم لما قام بالملك جهانكير بن أكبر

ص: 599

شاه وتزوج بابنته مهر النساء التي

صارت بعد ذلك نورجهان بيكم لقبه اعتماد الدولة وجعله وكيلاً مطلقاً عنه في مهمات الأمور.

وكان فاضلاً حليماً متواضعاً بارعاً في الإنشاء والخط والحساب، مليح الكلام، حسن المحاضرة، سليم

الذهن.

توفي سنة إحدى وثلاثين وألف بمدينة لاهور، كما في مآثر الأمراء.

حرف الفاء

الشيخ فاضل بن أمجد السنبهلي

الشيخ العالم الفقيه فاضل بن أمجد النقشبندي السنبهلي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول،

أخذ الطريقة عن الشيخ تاج الدين العثماني السنبهلي، ولازمه مدة حتى برع في العلم والمعرفة، وألزم

نفسه التدريس وله يد بيضاء في العلوم الدينية، كان يدرس ويفيد مع الطريقة الظاهرة والصلاح،

مات في بضع وثلاثين وألف بسنبهل، كما في الأسرارية.

الحكيم فتح الله الشيرازي

الشيخ الفاضل الكبير فتح الله بن أبي القاسم بن فتح الله الشيرازي الحكيم، كان من العلماء المبرزين

في العلوم الحكمية، ولد ونشأ بشيراز، وقرأ العلم على أساتذتها وتقرب إلى إمام قلى بن الله وردي

خان أمير تلك الناحية، ولما توفي الأمير المذكور فارق بلاده ودخل الهند في أيام شاهجهان بن

جهانكير التيموري، فنال منه الصلات الجزيلة غير مرة، ودخل في زمرة أطبائه وكان حاذقاً في

علاج الأمراض الصعبة ومتفرداً بين الأطباء في تشخيص الأمراض، كما في عمل صالح.

وجده فتح الله غير فتح الله الشيرازي الأستاذ المشهور، وهو أيضاً قدم الهند في عهد أكبر شاه ونال

الصلات الجزيلة منه، وأقام بالهند مدة طويلة، ثم رجع إلى بلاده ومات بشيراز، كما في بادشاهنامه.

الشيخ فتح الله السهارنبوري

الشيخ الفاضل فتح الله بن جميل الدين، الأنصاري السهارنبوري، أحد المشايخ المعروفين بالفضل

والصلاح، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم أخذ الطريقة عن آدم بن

إسماعيل الحسيني البنوري، ولازمه مدة من الزمان ثم اعتزل في بيته، وكان صالحاً كريماً تقياً

متورعاً متوكلاً عفيفاً ديناً شديد الحسبة على الناس، وكان يبذل كل ما يحصل له على طلبة العلم،

توفي سنة مائة وألف، كما في مرآة جهان نما.

الشيخ فتح الله البروجي

الشيخ العالم الصالح فتح الله بن أبي الفتح، البروجي الكجراتي، أحد المشايخ العشقية الشطارية، ولد

ونشأ ببروج، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ودرس وأفاد زماناً، ثم لازم الشيخ لشكر محمد العارف

الكجراتي وأخذ عنه الطريقة الشطارية، وكان صاحب وجد وحالة، توفي سنة أربع بعد الألف بمدينة

برهانبور فدفن بها، كما في كلزار أبرار.

الشيخ فتح الله الراجكيري

الشيخ الصالح فتح الله بن أبي الفتح، الصوفي الراجكيري، أحد كبار المشايخ الجشتية، أخذ الطريقة

عن الشيخ نظام الدين الأميتهوي ولازمه ملازمة طويلة، ثم تولى الشياخة ببلدته، وكان جامعاً بين

العلم والعمل مغلوب الحالة يخالف شيخه في استماع الغناء، توفي لسبع خلون من ربيع الأول سنة

سبع وألف وقيل بضع وثلاثين وألف.

الشيخ فتح محمد البرهانبوري

الشيخ العالم المحدث فتح محمد بن عيسى بن قاسم بن يوسف، السندي البرهانبوري، أبو المجد عبد

الرحمن، كان من المشايخ الصوفية وعلمائهم المشهورين ممن تبحر في العلوم، وتخرج على والده

وأخذ عنه الطريقة، ثم درس وأفاد مدة مديدة بمدينة برهانبور، ثم رحل إلى الحرمين الشريفين فحج

وزار وسكن بها، وتوفي بمكة المباركة.

ص: 600

له مصنفات مفيدة، منها رسالة في مراتب العوالم الخمسة، ومنها رسالة في وحدة الوجود، ومنها

تخريج أحاديث السبعين للشيخ علي بن الشهاب الحسيني الهمداني - وهذه الثلاثة رأيتها واستفدت

منها - ومن مصنفاته مفتاح فتوح العقائد صنفه سنة ستين وألف، ومنها فتوح الأوراد، صنفه سنة

سبع وخمسين وألف، ومنها فتح المذاهب الأربعة في الفقه بالعربية، ومنها فتح الطريقة في السلوك،

وله رسالة في تحقيق نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه، ورسالة في إثبات قوله قدمي

هذه على رقبة كل ولي الله بإلهام الله، وله غير ذلك من الرسائل، كما في تاريخ برهانبور.

ملا فرج الله التستري

الفاضل الكبير فرج الله الشيعي التستري، أحد العلماء المبرزين في الفنون الأدبية، ولد ونشأ بتستر،

وقرأ العلم بها على أساتذة عصره، ثم قدم الهند وتقرب إلى عبد الله قطب شاه الحيدرآبادي ونال منه

المنزلة الجسيمة فسكن بحيدرآباد، وله أبيات رائقة بالعربية والفارسية، منها قوله:

لا غرو إن لم تفصح الأيام بي الدهر ابن عطاء وإني راء

وبذا جرى طبع الزمان وأهله دفن الكلام وأهله أحياء

ملا فرخ حسين الهروي

الفاضل الأجل فرخ حسين الهروي المدفون بدهاكه، كان من العلماء المبرزين في الفنون الحكمية

والإنشاء والشعر، ولد ونشأ بهرات، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم قدم الهند وتقرب إلى شجاع

بن شاهجهان السلطان، وصاحبه في الظعن والاقامة حتى دخل ذهاكه فسكن بها، وكان يدرس ويفيد،

أخذ عنه غير واحد من العلماء، ومن شعره قوله:

جدا از صحبت جانان درين مجلس بجام اندر بجلي باده دارم نيمة خون نيمه آتش

مات في السجدة الأخيرة من صلاة الفجر يوم عاشوراء سنة ثمان وستين وألف ببلدة ذهاكه فدفن

بها، كما في مرآة الخيال.

الشيخ فرخ النارنولي

الشيخ العالم الفقيه فرخ بن.... بن نظام الدين الجشتي النارنولي، أحد كبار المشايخ الجشتية، ولد

ونشأ بنارنول، وأخذ عن أبيه عن جده وتولى الشياخة بعده، وكان شيخاً مهاباً رفيع المنزلة بارعاً في

المعارف الإلهية كثير الوجد والسماع، مات سنة ست وثلاثين وألف بنارنول، كما في الأسرارية.

مولانا فريد الدين الدهلوي

الشيخ الفاضل الكبير العلامة فريد الدين بن إبراهيم الدهلوي المنجم، كان معدوم النظير في عصره

في الفنون الرياضية، ولد ونشأ بدهلي وانتفع بأبيه، ثم صحب الشيخ نظام الدين النارنولي رحمه الله

وقرأ عليه بعض الكتب الدرسية، ثم لازم الشيخ فتح الله الشيرازي وأخذ عنه حتى فاق أقرانه في

الهندسة والهيئة والنجوم والأعداد والجفر الجامع وكثير من الفنون الغريبة، ومهر في الزيجات

والطلسمات، وصار علماً مفرداً في تلك العلوم، واعترف العلماء بفضله، وباهت به الأقطار الهندية،

فقربه عبد الرحيم بن بيرم خان الأمير إلى نفسه سنة ست وألف وولاه الصدارة في معسكره، وكان

مشكور السيرة شديد التعبد بصرف أوقاته في شرائف الطاعات والخيرات مع العفة والتورع، كما في

مآثر رحيمي.

وله مصنفات عجيبة واختراعات غريبة في اللغز والتاريخ والجفر وغيرها، منها الزيج الشاهجاني

صنفه سنة ثمان وثلاثين وألف في أيام شاهجهان بن جهانكير، وبذل جهده في تصحيح الجداول

وتسهيل الأعمال وإصلاح الخلل في الأعمال القديمة وتأسيس الأصول الدقيقة الصحيحة في استخراج

المسائل، أوله حمد بيحد مر خداي را سزد كه مهندس قدرت شامله اش، الخ توفي سنة تسع وثلاثين

وألف، كما في طبقات شاهجهاني.

ص: 601

مولانا فريد الدين البرهانبوري

الشيخ الفاضل فريد الدين بن عبد الحكيم بن بهاء الدين، الجشتي البرهانبوري، أحد الرجال

المعروفين بالفضل والصلاح، قرأ العلم على الشيخ عيسى بن قاسم السندي البرهانبوري، ولازمه

وأخذ عنه وتخرج عليه، وله مصنفات عديدة في العلوم، كما في كلزار أبرار.

مولانا فريد الدين الكجراتي

الشيخ العالم الكبير فريد الدين الحنفي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في المعقول والمنقول، أخذ

عنه الشيخ نور الدين بن محمد صالح الكجراتي.

الشيخ فريد الدين الكجراتي

الشيخ العالم الصالح فريد الدين بن محمود بن محمد بن الحسن، العمري الكجراتي، أحد المشايخ

الجشتية، ولد ونشأ بكجرات، وقرأ العلم على والده وصنوه الشيخ يحيى بن محمود العمري وسافر

معه إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وسكن بالمدينة المنورة مدة من الزمان ثم رجع إلى الهند،

توفي لأربع عشرة بقين من صفر سنة تسعين وألف فدفن بمقبرة أسلافه، كما في محبوب ذي المنن.

الشيخ فضيل بن الجلال الكالبوي

الشيخ الفاضل فضيل بن الجلال الكالبوي، أحد الشعراء المجيدين، ذكره عبد القادر في تاريخه

وأثنى على براعته في الفنون الأدبية، له تقريظ على سواطع الإلهام لأبي الفيض بن المبارك

الناكوري.

منها قوله:

كلام كليم أم كلام ابن مريم أدر لبحر القدس غير منظم

أم الورد ورد عطر فاق عنبراً ومسكاً وكافوراً وكل مشمم

عجيب غريب معجز أهل عالم صنيع بديع ما تحداه ذو الفم

فصاحته أمحت فصاحة صاحب بلاغته أنست بلاغة ملهم

الشيخ فضيل بن معظم النصيرآبادي

السيد الشريف العفيف الزاهد فضيل بن معظم بن أحمد بن محمود بن العلاء، الحسني الحسيني

النصيرآبادي، أحد العارفين الزهاد، ولد ونشأ بنصيرآباد، وجمع العلم والعمل والورع والزهد، كان

يشتغل بأداء الحقوق الواجبة وصلة الرحم وإعانة الأيامى واليتامى ويسعى في إنجاح مرامهم حتى أنه

كان يأتي بحزمة الحطب ويحملها على عاتقه لا تمنعه السيادة والوجاهة عن ذلك.

قال نعمان بن نور النصيرآبادي في كتابه أعلام الهدى: إنه هاجر إلى البلد الطيب ومات بالمدينة،

وكان سبب ذلك أنه وقع النزاع في أمر بين أحبابه فعقدوا حفلة عظيمة لفصل القضية فأمرهم فضيل

أن يردوا القضية إلى الله ورسوله ويقنعوا بحكم الشريعة فأبوا، فلم يصبر وهاجر في تلك الساعة

فذهب إلى الحرمين الشريفين، فحج وزار وسكن بالمدينة المنورة، انتهى.

توفي سنة اثنتين وثلاثين وألف، فأرخ لوفاته بعض أصحابه من قوله تعالى "ولنعم دار المتقين".

الأمير فيض العلاء الأكبرآبادي

الشيخ الصالح فيض العلاء بن أبي العلاء بن أبي الوفاء بن عبد السلام، الحسيني السمرقندي

الأكبرآبادي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بأكبرآباد، وأخذ الطريقة عن والده

ولازمه ملازمة طويلة ثم تولى الشياخة، أخذ عنه جمع كثير، توفي سنة إحدى وثمانين وألف

بأكبرآباد، كما في مهر جهانتاب.

الشيخ فيض الله الأمروهوي

الشيخ العالم الصالح فيض الله بن المعروف بن خداوند بن كلاب بن يحيى العلوي الأمروهوي، كان

من نسل محمد بن الحنفية رحمه الله، ولد ونشأ بأمروهه، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم أخذ

الطريقة عن صنوه الكبير عبد المجيد بن المعروف

ص: 602

العلوي ولازمه ملازمة طويلة، وتصدر للإرشاد

بعده، مات ودفن بأمروهه، كما في نخبة التواريخ.

السيد فيروز بن عبد الواحد البلكرامي

الشيخ العالم الفقيه فيروز بن عبد الواحد بن إبراهيم بن قطب الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد

عباد الله الصالحين، ولد ونشأ ببلكرام، وقرأ العلم على والده وتفنن في الفضائل عليه، ولما توفي أبوه

ترك الشياخة لصنوه طيب واشتغل بالدرس والإفادة وخدمة الفقراء والمساكين وأبناء السبيل، وكانت

طريقته البذل والإعطاء، تولى تزويج أربعمائة بنت ممن لا يستطيع أولياوهن الجهاز، وعاش نحو

مائة سنة، توفي سنة ست وستين وألف ببلكرام فدفن بها، كما في مآثر الكرام.

حرف القاف

الشيخ قاسم بن عبد الرحيم الكرانوي

الشيخ الفاضل قاسم بن عبد الرحيم بن بهينا، العثماني الكرانوي، أحد كبار الجراحين، له اليد

الطولى في الطب وسائر الفنون، صحب عمه الشيخ حسن بن بهينا الجراح المشهور ولازمه زماناً

وأخذ عنه، ثم تقرب إلى شاهجهان ابن جهانكير التيموري صاحب الهند فنال المنزلة الجسيمة منه،

وجمع أسباب الجمعية والفراغ وعاش مدة، كما في بادشاهنامه.

الشيخ قاسم بن قدم البيشوري

الشيخ الصالح قاسم بن قدم بن محمد بن ميرداد بن سلطان بن يوسف بن متي بن عباس بن عمر بن

خليل السليماني البيشوري، أحد المشايخ القادرية، ولد بمدينة بيشاور سنة ست وخمسين وتسعمائة،

وتفقه على الشيخ أبي محمد البيشوري، وسافر إلى البلاد فحج وزار، ورحل إلى القدس والشام وأخذ

الطريقة عن السيد عفيف الدين حسين الحموي، ثم دخل الهند وسكن بمدينة بيشاور وحصل له القبول

العظيم، فأوجس منه أكبر شاه خيفة واستقدمه إلى أكبر آباد، ثم رخصه إلى بلدته فأقام بها زماناً، ثم

استقدمه جهانكير بن أكبر شاه وحبسه بقلعة جنار، مات لإحدى عشرة بقين من جمادي الأولى سنة

ست عشرة وألف، وقبره بقلعة جنار، كما في مهر جهانتاب.

الأمير قاسم بن المراد الجويني

الأمير الكبير الفاضل قاسم بن المراد الحسيني الجويني نواب قاسم خان الأكبرآبادي، أحد الرجال

المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ بأرض الهند، وتقرب إلى الملوك وخدمهم مدة من الزمان حتى

نال الإمارة بأرض بنكاله في أيام شاهجهان بن جهانكير التيموري صاحب الهند، فاستقل بها مدة

حياته.

وكان رجلاً فاضلاً كريماً متعبداً قائم الليل، يبذل كل سنة مائتي ألف من النقود على أهل الاستحقاق

من السادة والمشايخ والفقراء، وكان شاعراً مجيد الشعر، له ديوان الشعر الفارسي ومجموع في

رسائله، ومن شعره قوله:

عشقت آمد بئي دل بردن ودر سينه نيافت دزد از خانة مفلس خجل آيد بيرون

ومن مآثره الجميلة الجامع الكبير بمدينة آكره، توفي سنة إحدى وأربعين وألف، كما في مآثر

الأمراء.

مولانا قاسم البيانوي

الشيخ الفاضل المحدث قاسم بن أبي القاسم الحسيني البيانوي، أحد العلماء المبرزين في الفقه

والحديث والعربية، أخذ عن الشيخ إبراهيم بن داؤد المانكبوري ثم الأكبرآبادي ولازمه مدة حياته،

ولما توفي إبراهيم قام مقامه في الدرس والإفادة كما في أخبار الأصفياء.

الشيخ قاسم بن يوسف الكجراتي

الشيخ الفاضل قاسم بن يوسف بن يعقوب بن محمود بن محمد المهدوي الجونبوري ثم الكجراتي،

أحد أفاضل المهدوية، له مطلع الولاية كتاب في إثبات المهدوية للسيد محمد بن يوسف الجونبوري،

صنفه سنة ست عشرة وألف، كما في الهدية المهدوية.

ص: 603

الأمير قباد البدخشي

الأمير الفاضل قباد الحارثي البدخشي نواب ديانت خان، كان من العلماء المبرزين في العلوم العربية

والفنون الحكمية، ولد ونشأ ببدخشان، وتقرب إلى نذر محمد خان أمير بلخ وخدمه مدة من الزمان، ثم

دخل الهند وتقرب إلى شاهجهان بن جهانكير سلطان الهند فنال المنصب منه، ولما قام عالمكير بن

شاهجهان بالملك ولاه على أرض السند سنة تسع وستين وألف، فاستقل بها إلى سنة إحدى وسبعين،

كما في تحفة الكرام.

قال شاهنواز خان في مآثر الأمراء: إن بختاور خان قال في مرآة العالم: إنه عزل عن الولاية في

السنة الثالثة الجلوسية ونصب مكانه لشكر خان وفي عالمكير نامه أنه عزل في السنة السابعة

الجلوسية ونصب مكانه غضنفر خان، لعله ولي على أرض السند مرتين، قال: وإنه ولي على أرض

ازيسه في آخر عمره ومات بها، انتهى.

توفي سنة ثلاث وثمانين وألف، كما في مآثر عالمكيري.

الشيخ قطب الدين الدهلوي

الشيخ الفاضل الكبير قطب الدين بن عبد العزيز بن الحسن بن الطاهر، الجونبوري ثم الدهلوي

المشهور بقطب العالم، كان من العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، ولد ونشأ بدهلي، أخذ

الطريقة عن الشيخ جائين السهنوي وكان من كبار أصحاب والده، ثم سافر إلى مالوه وقرأ العلم على

الشيخ منور بن عبد المجيد اللاهوري، ثم رجع إلى دهلي ودرس وأفاد بها مدة طويلة، أخذ عنه خلق

كثير من العلماء والمشايخ، مات في سنة ثلاث وعشرين وألف، كما في الأسرارية.

الشيخ قطب الدين الحسن بوري

الشيخ العالم الصالح قطب الدين الحنفي النقشبندي الحسن بوري، أحد كبار العلماء، أخذ الطريقة عن

الشيخ عبد الغفور السنبهلي، ثم صحب الشيخ آدم السنبهلي وانتفع به، يذكره الشيخ عبد الله بن عبد

الباقي الدهلوي ويثني عليه، وكان ماهراً في العلوم الدينية عارفاً بمصطلحات القوم صاحب استقامة

على الطريقة الظاهرة والصلاح، ذكره كمال محمد السنبهلي في الأسرارية.

الشيخ قطب الدين البرهانبوري

الشيخ العالم الكبير قطب الدين البرهانبوري المشهور بالفاضل، كان ممن حفظ القرآن وبرع في

العلم والأدب والرمي، وكان كثير المحفوظ لشعر العرب، يسرد لمجاله ويقرأه عن ظهر قلبه، وكان

مع ذلك العلم والمعرفة متواضعاً حليماً مسكيناً، خصه عالمكير لإمامته في التراويح في رمضان

المبارك، وجعله معلماً لابنه محمد أعظم، مات في السنة الجلوسية، وكانت وفاته بدار الملك دهلي،

كما في مرآة جهان نما.

الشيخ قطب الدين الهانسوي

الشيخ الفاضل قطب الدين الحنفي الهانسوي، أحد العلماء المتورعين، لازم الشيخ عبد اللطيف

البرهانبوري مدة طويلة ونال منه حظاً وافراً من العلم والمعرفة، فخصه عالمكير بأنظار العناية

والقبول، ولما تولى المملكة أعطاه أربعمائة ألف دام جائزة منه، وكان كلما يتردد إليه يعطيه، وهو

عمر قرية بموطنه وسماه قطب آباد، فمات بها سنة ست وثمانين وألف في السنة الثامنة عشرة

الجلوسية، كما في مرآة جهان نما.

مرزا قليج محمد الأندجاني

الأمير الكبير الفاضل العلامة قليج محمد الحنفي الأندجاني، أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال،

ولاه أكبر شاه صيانة القلعة بسورت سنة ثمانين وتسعمائة، وأمره على كجرات سنة خمس وثمانين،

وولاه الوزارة الجليلة سنة سبع وثمانين، وأمره على مالوه سنة تسعين، وأقطعه ناحية سنبهل سنة

ست وتسعين، وأمره أن يقيم بلاهور ويشارك راجه تودرمل وزير الخراج وراجه بهكونت داس في

مهمات الأمور، ولما توفي تودرمل استقل بوزارة الخراج وولي على كابل سنة اثنتين بعد الألف،

وعزل عنها بعد زمان

ص: 604

يسير، ثم جعله أكبر شاه أتابكاً لولده دانيال سنة خمس بعد الألف وكان ختنه،

فلم يستطع أن يصاحبه ورجع إلى الحضرة، فولاه حراسة أكبرآباد سنة سبع وألف، وولاه على

بنجاب سنة تسع وألف وضم معها له ولاية كابل، ولما مات أكبر شاه وقام بالأمر ولده جهانكير ولاه

على كجرات، ثم ولاه على بنجاب سنة ست عشرة وألف، وعلى كابل سنة ثمان عشرة وألف.

وكان عالماً كبيراً علامة في المعقول والمنقول صالحاً تقياً، لم يزل مشتغلاً بالدرس والإفادة، وحين

إقامته بلاهور كان يتردد بنفسه إلى المدرسة ويدرس الفقه والحديث والتفسير كل يوم، ويجتهد في

نشر العلوم، كما في مآثر الأمراء.

وقال المندوي في كلزار أبرار: إنه درس الكتب المتداولة مراراً، تخرج عليه جماعات من الفضلاء،

وكان من كبار الأمراء صاحب العساكر العظيمة والإيالة الواسعة الفخيمة، وسنه جاوز ثمانين، انتهى.

ومن شعره قوله بالفارسي:

عاشق هوس وصال در سر دارد صوفي زرقي وخرقه در بر دارد

من بنده آن كسم كه فارغ زهمه دائم دل كرم وديده تر دارد

توفي سنة ثلاث وعشرين وألف في أيام جهانكير، كما في مآثر الأمراء.

الأمير قوام الدين الأصفهاني

السيد الفاضل الأمير قوام الدين بن رفيع الدين بن شجاع الدين الحسيني المرعشي الأصفهاني، كان

من نسل علي المرعش الشهيد بن عبيد الله بن محمد بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين

السبط رضي الله عنه، تولى الصدارة بايران مدة من الزمان، وقدم الهند في أيام عالمكير فولاه على

كشمير سنة ست وثمانين وألف، فاستقل بها ثلاث سنين، ثم ولاه على بنجاب، وكان الفقيه علي أكبر

الحسيني الإله آبادي قاضياً بلاهور وكان ممن لا يهاب أحداً من الولاة في إجراء الحدود والتعزيزات

ولا يطأطئ رأسه لأحد، فكبر ذلك على قوام الدين، فأشار إلى الشحنة أن يقبضوا على القاضي فسار

إليه الشحنة برجاله ليقبض عليه، فاستنكف منه القاضي وقتل في المعركة وقتل معه ابن اخته محمد

فاضل سنة تسعين وألف، فلما سمع عالمكير عزل الوالي والشحنة وأمر القاضي شيخ الاسلام الفتني

أن يفتش عن القضية ويقضي على وفق الشريعة، فعفا عنه ورثة المقتول ومات قوام الدين في ذاك

الزمان، كما في مآثر الأمراء.

الشيخ قيام الدين الجونبوري

الشيخ الصالح قيام الدين بن قطب الدين بن من الله بن بهاء الدين، العمري الجونبوري، أحد المشايخ

الجشتية، ولد بجونبور ونشأ في أيام أبيه وجده، وأخذ عن أبيه وتولى الشياخة بعده، أخذ عنه الجمال

مصطفى العثماني البرونوي وخلق آخرون، مات لثلاث ليال بقين من رجب ودفن بحظيرة جده، كما

في كنج أرشدي.

مولانا قيام الدين اللاهوري

الشيخ الفاضل قيام الدين بن نظام الدين اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية، كان غاية في قوة الحفظ لا ينسى أبداً ما يسمعه مرة، فرغ من التحصيل وله نحو العشرين،

وكان مولده ومدفنه لاهور، توفي سنة ثلاث عشرة وألف، كما في أخبار الأصفياء.

حرف الكاف

الشيخ كبير بن المنور اللاهوري

الشيخ الفاضل كبير بن المنور اللاهوري، أحد فحول العلماء، ولد ونشأ بلاهور، وقرأ العلم على

والده وصهره الشيخ سعد الله اللاهوري، ثم تقرب إلى أبي الفيض بن المبارك الناكوري، وصفه عبد

القادر البدايوني في تاريخه بالرعونة والخيلاء والكذب، قال: وكان يأكل الأفيون.

قال بختاور خان في مرآة العالم: إنه قرأ العلم على والده، وكان يدرس العلوم العقلية والنقلية، مات

سنة ست وعشرين وألف بأحمد آباد فدفن في جوار

ص: 605

الشيخ محمد بن عبد الله الحسيني البخاري.

مولانا كريم الدين الحسن أبدالي

الشيخ العالم الصالح كريم الدين الحنفي النقشبندي الحسن أبدالي، أحد المشايخ المعروفين، ولد ونشأ

بحسن أبدال - بلدة بين كابل ولاهور - وسافر للعلم وأخذ عن جمع من العلماء، ثم لازم الشيخ أحمد

بن عبد الأحد العمري السرهندي وصحبه مدة من الزمان وأخذ عنه حتى بلغ رتبة المشيخة،

واستخلفه الشيخ المذكور ورخصه إلى بلاده، أخذ عنه الشيخ إسحاق بن موسى السندي وخلق كثير،

كما في زبدة المقامات.

الشيخ كمال بن إبراهيم الآسيري

الشيخ الفاضل كما بن إبراهيم بن الجمال الآسيري، كان من نسل الشيخ نعمان رحمه الله، ولد ونشأ

بآسير، وأخذ عن الشيخ عيسى بن القاسم السندي البرهانبوري ولازمه زماناً، ثم اعتزل بآسير، وكان

من عباد الله المخلصين، توفي في سنة حاصر فيها أكبر شاه قلعة آسير، كما في كلزار أبرار، وكان

ذلك سنة ست بعد الألف.

الشيخ كمال بن فخر البيجابوري

الشيخ الفاضل الكبير كمال الدين بن فخر الدين، أحد العلماء المبرزين في الأصول والكلام، له

البراهين القاطعة ترجمة الصواعق المحرقة للشيخ ابن حجر المكي، ترجمه بأمر دولار خان الوزير

سنة أربع وتسعين وتسعمائة في أيام إبراهيم عادل شاه البيجابوري، كما في محبوب الألباب.

القاضي كمال بن موسى الكشميري

الشيخ الفاضل العلامة كمال الدين بن موسى الحنفي الكشميري، أحد فحول العلماء، انتقل من كشمير

إلى سيالكوت سنة 971 هـ، فدرس وأفاد بها مدة عمره حتى ظهر تقدمه في فنون منها المنطق

والحكمة والكلام وأصول الفقه، وكان مفرط الذكاء سريع الحفظ، مدرساً محسناً إلى طلبة العلم، كثير

الإستغراق في مطالعة الكتب وتدريسها، أخذ عنه العلامة عبد الحكيم بن شمس الدين السيالكوتي

والشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي وجمع كثير من العلماء.

توفي سنة سبع عشرة وألف بلاهور فدفن بها، كما في روضة الأبرار.

مولانا كمال الدين النيسابوري

الشيخ الفاضل كمال الدين النيسابوري، أحد العلماء المبرزين في الفنون الحكمية، قدم الهند وسكن

بلاهور في أيام أكبر شاه، وتوفي بها سنة إحدى عشرة وألف، وقبره خارج البلدة، كما في مآثر

الأمراء.

الشيخ كمال محمد العباسي

الشيخ العالم الكبير المفتي كمال محمد العباسي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية، ولد ونشا بأحمد آباد من أرض كجرات، واشتغل بالعلم من صباه على العلامة وجيه الدين

بن نصر الله العلوي الكجراتي، ولازمه ملازمة طويلة حتى برع وفاق أقرانه، ثم أخذ عنه الطريقة،

وأسند الحديث عن الشيخ عبد الملك البناني، ثم خرج من أحمد آباد سنة ثمانين وتسعمائة ورحل إلى

أجين من أرض مالوه فسكن بها، وتزوج بابنة الشيخ أولياء بن سراج الكالبوي، وولي الإفتاء فاشتغل

بالفتيا والتدريس ثلاثين سنة.

ومن عوائده أنه كان يستيقظ في الليل إذا بقى ثلثه، فيغتسل ويتهجد ويقرأ سبعة أجزاء من القرآن

في الصلاة، ثم يدعو بالأدعية المأثورة، ثم يذكر الله سبحانه بالجهر على طريق السادة الشطارية، ثم

يصلي الفجر، ثم يشتغل بتلاوة القرآن إلى صلاة الإشراق، ثم يصلي ويجلس للدرس والإفادة فيدرس

إلى زوال الشمس، ثم يتغدى ومعه جماعة من المحصلين عليه، ثم يقيل ساعة ثم يصلي الظهر، ثم

يجلس للإفتاء فيشتغل به إلى العصر، ثم يصلي ثم يشتغل به، ثم يصلي ويقبل على أصحابه فيتحدث

معهم إلى العشاء، ثم يدخل في حجرته ويشتغل بمطالعة الكتب التي يدرسها إلى الثلث الأول من

الليل، ثم يدخل في المنزل، وكان من الخامسة عشرة من سنه إلى أربع

ص: 606

وخمسين صرف عمره على

هذا الطريق، توفي ليلة الاثنين عاشر شعبان سنة ثلاث عشرة وألف، كما في كلزار أبرار.

الشيخ كمال محمد السنبهلي

الشيخ الصالح كمال محمد بن لعل بن بده بن حامد بن جاند بن معروف بن مجد الدين بن عزيز الله

بن شرف الدين الحسيني الواسطي الأمروهوي ثم السنبهلي، أحد المشايخ النقشبندية، ولد لليلتين أو

ثلاث ليال خلون من ربيع الأول سنة إحدى عشرة وألف بمدينة سنبهل، وقرأ العلم على الشيخ فاضل

بن أمجد السنبهلي وعلى غيره من العلماء، ودخل في الجندية فخدم الملوك والأمراء مدة طويلة،

وتلقن الذكر عن الشيخ عبد الله بن عبد الباقي النقشبندي الدهلوي سنة خمس وثلاثين وألف وقرأ

عليه الرسالة القدسية، وترك الخدمة وأناب على يده سنة خمسين وألف وانقطع إلى الزهد والعبادة،

وصنف الكتب في السلوك، منها جمع الجمع وسفردر وطن الأسرارية، وثالثها آخر مصنفاته، فرغ

من تأليفه سنة تسع وستين وألف، وفيه أخبار المشايخ.

وكان من الشعراء المجيدين، له أبيات رقيقة رائقة بالهندية والفارسية، ومن شعره الفارسي قوله:

نكاه من بفراق تو مانده شد كامروز ز ديده تا سر مزكان هزار فرسك است

وإني لم أقف على سنة وفاته ولكني أظن أنه مات في سنة تسع وستين أو مما يقرب ذلك، والله

أعلم.

حرف الكاف الهندية

كلبدن بيكم

بنت السلطان ظهير الدين بابر بن عمر الكوركاني، ولدت سنة ثلاثين وتسعمائة بأرض خراسان،

وقدمت الهند سنة ست وثلاثين، ونشأت بها في ظل والدها وصنوها همايون بن بابر شاه، وتعلمت

الخط والإنشاء في اللغة التركية والفارسية وبعض فنون أخر، وتزوجت بخضر خان الجغتائي

وولدت له، ثم رحلت إلى الحرمين الشريفين للحج والزيارة في أيام ابن أخيه أكبر بن همايون وكانت

معها بنت أخته سليمه سلطان بيكم سنة اثنتين وثمانين، فحجت أربع حجات ثم رجعت إلى الهند،

وغرقت سفينتها فأقامت بمدينة عدن سنة كاملة ودخلت الهند سنة تسعين وتسعمائة.

وكانت فاضلة شاعرة عفيفة صاحبة العقل والرأي، لها همايون نامه كتاب بسيط في أخبار أبيها

وصنوها همايون، ومن أبياتها قولها:

هر بري روي كه او با عاشق خود يار نيست تو يقين ميدان كه هيج از عمر برخوردار نيست

توفيت سنة عشر وألف في أيام أكبر شاه، كما في إقبالنامه.

حرف اللام

مولانا لطف الله الكوروي

الشيخ الفاضل العلامة لطف الله الحنفي الكوروي، أحد فحول العلماء، كانت له يد بيضاء في سائر

الفنون لا سيما الفقه والأصول والعربية، أخذ عن الشيخ جمال أولياء الجشتي الكوروي، وأخذ عنه

الشيخ أحمد بن أبي سعيد الأميتهوي والقاضي علم الله الكجندوي والشيخ علي أصغر القنوجي وخلق

كثير من العلماء.

مولانا لطف الله البيجابوري

الشيخ العالم الصالح لطف الله البيجابوري، أحد المشايخ القادرية الجيلية، أخذ الطريقة عن الشيخ

حميد ولازمه عشر سنين، ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار، ورجع إلى الهند وسكن بمدينة بيجابور،

وكان عالماً كبيراً زاهداً قنوعاً، مات سنة إحدى وعشرين وألف بمدينة بيجابور فدفن بها عند شيخه

الحميد.

حرف الميم

المفتي مبارك بن أبي البقاء الجونبوري

الشيخ العالم الفقيه المفتي مبارك بن أبي البقاء بن

ص: 607

محمد درويش الحسيني الجونبوري، كان أصغر

أبناء والده ونشأ بجونبور، واشتغل بالعلم على محمد أمين تلميذ والده وقرأ عليه العربية، ثم سافر إلى

إله آباد وقرأ على من بها من العلماء، ثم سافر إلى دهلي وتقرب إلى الملوك والأمراء وولي الإفتاء

ببلدته، فرجع إلى جونبور ودرس وأفاد بها مدة عمره، أخذ عنه غير واحد من العلماء.

توفي لعشر بقين من رمضان سنة ثمان وتسعين وألف، كما في تجلي نور.

الشيخ مبارك بن خضر الناكوري

الشيخ الفاضل العلامة مبارك بن خضر الناكوري، أحد العلماء المشهورين بأرض الهند، ولد سنة

إحدى عشرة وتسعمائة بمدينة ناكور وسافر للعلم إلى كجرات فاشتغل بها على الخطيب أبي الفضل

الكاذروني ومولانا عماد الدين محمد الطارمي وعلى غيرهما من العلماء، وجد في البحث والاشتغال

حتى برز في الفضائل وتأهل للفتوى والتدريس.

وكان مفرط الذكاء يحضر المجالس والمحافل في صغره فيتكلم ويناظر ويفحم الكبار ويأتي بما

يتحير به أعيان العلم، دخل أكبر آباد سنة خمسين وتسعمائة وتصدر بها للدرس والإفادة، وقد انتهت

إليه الإمامة في العلم والعمل والزهد والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يستطيع أحد

من الأمراء أن يحضر في مجلس تذكيره وعليه ملابس حمراء أو من الحرير أو في يده خواتم الذهب

أو إزاره مسبل، وكان في ذلك الزمان شديد النكير على السماع حتى إذا قرع صماخه في أثناء

الطريق صوت الغناء ينزجر عنه ويثب إلى غير ذلك المكان، ثم رغب إلى السماع في آخر أمره

قلما يخلو عنه وربما لا يستريح بدون الغناء والمزامير.

قال صاحبه عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني في تاريخه: إنه كان ذا أطوار مختلفة، لحق بالمهدوية

وصحب الشيخ علاء بن الحسن البيانوي مدة مديدة، فلما شاعت الطريقة النقشبندية في أوائل عهد

أكبر شاه صار يقتفي آثار تلك الطائفة العلية، وكان ينتسب إلى المشايخ الهمدانية، ولما رأى أن أهل

إيران غلبوا ونالوا في الدولة أعز منال صرف إليهم عنان العزيمة، وهلم جرا.

قال: وكان عالماً كبيراً بارعاً في الفقه وأصوله، عارفاً بدقائق العربية، ماهراً بالتصوف والشعر

واللغز وفنون أخرى، وكان يقرأ القرآن بالقراءات العشر ويدرس الشاطبي، وكان كثير المطالعة دائم

الاشتغال بالدرس والإفادة سريع الإدراك قوي الحفظ لم يكن شيئاً فينساه، ولما ضعف بصره لكبر

سنه وعجز عن المطالعة اشتغل بتفسير القرآن وصنف تفسيراً كبيراً في أربع مجلدات كبار سماه

منبع نفائس العيون، واظب في آخر عمره على التائية لابن الفارض، وقصيدة البردة للبوصيري،

وقصيدة كعب بن زهير، وقصائد أخرى كانت محفوظة له فيقرأها كل يوم عن

ص: 608

ظهر قلبه، توفي

السابع عشر من ذي القعدة سنة إحدى وألف بلاهور فدفن بها، كما في المنتخب.

الشيخ مبارك بن مصطفى المنيري

الشيخ الصالح مبارك بن مصطفى بن الجلال بن عبد الملك، الهاشمي المنيري سبط الشيخ أبي يزيد

بن عبد الملك الفردوسي، ولد ونشأ بمنير - بفتح الميم - بلدة مشهورة من أعمال بهار، وأخذ عن

خاله علي بن أبي يزيد، واستفاض على طريق الأويسية عن جده وخاله محمد، ولازم الشيخ نعمة اله

الفيروز بوري وأخذ عنه، ثم تولى الشياخة، أخذ عنه الشيخ هداية الله ابن أشرف المنيري وخلق

آخرون.

الشيخ مجتبي القلندر اللاهر بوري

الشيخ الصالح مجتبي بن مصطفى بن أمين بن عبد الرحمن، العباسي اللاهر بوري المشهور بمجا

- بضم الميم وتشديد الجيم - كان من رجال العلم والمعرفة، ولد ونشأ بلاهر بور، قرية من أعمال

خير آباد، وقرأ العلم على القاضي عبد القادر العمري اللكهنوي، ثم سار إلى جونبور، وأخذ الطريقة

عن الشيخ عبد القدوس الجونبوري، ولازمه مدة، ثم رجع إلى لاهر بور وتصدر للإرشاد، أخذ عنه

الشيخ عبد الرسول الكجندوي وخلق آخرون.

توفي في الخامس عشر من ربيع الآخر سنة أربع وثمانين وألف وله ثلاث وستون سنة، كما في

أصول المقصود.

مولانا محب علي السندي

الشيخ الفاضل محب علي بن صدر الدين محمد بن علي بيك، التتوي السندي الفقيه الشاعر، كان

أصله من قبيلة كانت تسكن في جبال البركة وهم طائفة من الجغتائية، قدم جده علي مع السلطان بابر

واستشهد في الهند، وسافر والده مع همايون إلى بلاد السند فسكن بمدينة تته فولد بها محب علي،

وتوفي والده في صغر سنه فانقطع إلى العلم وجد فيه حتى صار بارعاً في كثير من العلوم والفنون،

ولما فتحت بلاد السند على يد الأمير عبد الرحيم بن بيرم خان قدم معه إلى دار الملك وصاحبه

زماناً، ثم أخذ في الانزواء بمدينة برهانبور وله ثلاثون سنة، واستقام على ذلك زماناً، ثم سافر إلى

الحجاز وأدرك الشيخ محمد بن فضل الله البرهانبوري بمدينة سورت وأخذ عنه الطريقة، ثم سافر

إلى الحرمين الشريفين فحج وزار ورجع إلى الهند وسكن ببرهانبور، كما في بادشاه نامه.

وفي عمل صالح أن شاهجهان بن جهانكير سلطان الهند استصحبه إلى دار الملك فلازمه مدة حياته،

وكان شاعراً مجيد الشعر، مات في بضع وأربعين وألف.

مولانا محب الله الإله آبادي

الشيخ العالم الكبير العلامة محب الله بن مبارز بن بير بن بدي بن متهي بن القاضي رضي الدين

بن أوحد الدين بن مجد الدين بن جميل الدين بن رفيع الدين بن محب الله بن رسم الله بن حبيب الله

بن إبراهيم بن علاء الدين ابن قاسم بن عبد الرزاق بن عبد القادر بن أبي الفتح بن عبد السلام بن

جعفر ابن شهاب الدين بن فريد الدين مسعود العمري، كان من كبار المشايخ الجشتية، ولد يوم الاثنين

ثاني صفر سنة ست وتسعين وتسعمائة بقرية صدر بور من أعمال خير آباد، واشتغل بالعلم وسار

إلى لاهور، فقرأ بها على المفتي عبد السلام اللاهوري مشاركاً للشيخ محمد مير سائين السيوستاني

وسعد الله خان التميمي الجنوتي، ثم لما ولي سعد الله خان الوزارة الجليلة استقدمهما إلى دار الملك،

فلم يجبه الشيخ محمد مير لزهده في الدنيا، وذهب الشيخ محب الله إلى دهلي فولاه النظامة ووجهه

إلى إله آباد، كما في ذيل الوفيات.

وقال اللكهنوي في بحر زخار: إنه دخل دهلي للاسترزاق فتوسل بالوزير لسابق معرفته به، ثم

أخذته الجذبة الربانية فانقطع إلى الزهد والعبادة وسار إلى كنكوه، وأخذ الطريقة الجشتية عن الشيخ

أبي سعيد بن نور الحنفي الكنكوهي، ولازمه ملازمة طويلة حتى بلغ رتبة المشيخة، فرجع إلى صدر

بور ولبث بها زماناً، ثم سار إلى إله آباد وسكن بها على شاطئ نهر جمن وعاش مدة في الفقر

والفاقة، ثم فتح الله

ص: 609

سبحانه عليه أبواب الرزق ورزقه القبول العظيم، فاستقام على مسند الإرشاد

عشرين سنة، انتهى.

قال مصطفى علي خان الكوباموي في تذكرة الأنساب: إنه كان ابن بنت القاضي إسماعيل بن عماد

العمري الهركامي والقاضي إسماعيل كان جد ملا أبي الواعظ الهركامي، انتهى.

وللشيخ محب الله مصنفات كثيرة في الحقائق والمعارف، وله مواجيد خاصة في التوحيد، وأسلوب

بديع في شرح أقوال الشيخ محيي الدين بن عربي، ولذلك افترق الناس فيه إلى محسن ومسئ، فمنهم

من يقول: إنه كان عارفاً كبيراً صاحب المعارف الصحيحة والمواجيد الصادقة، ومنهم من يقول: إنه

كان عارفاً ولكنه أخطأ التعبير حتى وقع قدمه في أودية الزندقة والإلحاد، ومنهم من يقول إنه كان

ضالاً مضلاً، قال نور الدين محمد بن علي الحميد الرانيري في كتابه رحيق محمدية في طريق

الصوفية: وكذا ببعض نواحي الهند بلدة تسمى إله باس إله آباد رجل يقال له محب الله بل عدو الله

وطائفة قاتلهم الله وهم يعتقدون بالوحدة المطلقة ويقولون إن الرب عين العبد والعبد عين الرب بمعنى

الاتحاد، فجعلوا العالم هو الله والله هو العالم، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً! وقد وقع لي

معهم مجادلة ومباحثة ذكرتها في صوارم الصديق لقطع الزنديق فإن أردت أن تطلع على أباطيلهم

فعليك بمطالعته، انتهى.

وقال الشيخ علي أكبر الحسيني المودودي في بعض رسائله إني لما دخلت إله آباد سنة إحدى

وسبعين ومائة وألف وكنت مشغولاً بمطالعة تصانيف الشيخ الأكمل ختم الولاية المحمدية ابن عربي

رضي الله عنه فوجدت بعض الرسائل مع تواليف الشيخ محب الله الإله آبادي متضمناً لعبارات

الفصوص والفتوح فبقيت مدة مشغولاً بمطالعته على قبره الواقع على سيف جمنا في إله آباد، فلما

خضت فيها برهة من الزمان رأيته في كثير من المقامات وكان من جملتها أني رأيته يوماً ووقع بيني

وبينه كلام على مذهبه فاعترف بما اعترف وأعطاني الخرقة التي كانت عليه، فلما أفقت لاقني غلام

محب الله بن حبيب الله بن سيف الله بن تاج الدين بن محب الله المذكور وأخبرني بأنه رأى في

المنام جده فأمره أن يخرج الخرقة التي كان يلبسها في حياته، فأتى بها لدى فأخذتها، وإني عند ذلك

كنت في المكاشفات الأنفسية لا الآفاقية، وأنت تعلم أن المكاشف المذكور كلما رآه في ذلك فإنما هو

نفسه، كما قال الشيخ رضي الله عنه في الفص الشيثي فأي شاهد كشف يشاهد صورة تلقي إليه ما لم

يكن عنده ويمنحه ما لم يكن قبل ذلك في يده فتلك عينه لا غيره، فمن شجرة نفسه جنى ثمرة غرسه،

ثم لما وقع لي ترق وخرجت من لجة الآيات النفسية إلى المكاشفات الآفاقية فوجدته - يعني به الشيخ

محب الله المذكور - هابطاً في أكثر العقائد الخطيلة نحو:

1 -

اعترافه بانحصار الواجب المطلق في الممكنات المتعينة.

2 -

ونفى تحققه عما وراءها.

3 -

والإقرار بانتفاء البسائط في حال التجرد عن المركبات.

4 -

والإنكار على تحقق الملائكة والجن فيما وراء الإنسان من الخارج.

5 -

والرد والقدح والتقبيح على الحال وأربابه والوجد وأصحابه مع أن شيوخه وجميع العرفاء

كانوا على ذلك.

6 -

والاعتراف بقدم العالم كله على هذا النمط، وأمثال ذلك من الاعتقادات الرديئة، فأعرضت عنه

حتى رأيته في المنام فذكرت له ذلك فقال: والحق أني قد أخطأت في كل ذلك لكني كنت في السير

النفسي محجوباً عن السير الآفاقي، فكلما كنت أرى من المعاملات المكاشفية أحسبه أن الأمر منحصر

في ذلك، فأنكرت على تحقق ما في الآفاق وفيما دونه إذ كنت مجتهداً في إثبات الحق عافاني الله

سبحانه، فحالي كحالي المجتهد الفقيه في الخطاء غير أني محبوس في كثير من الآلام بسبب ذلك،

وذلك أيضاً وقع لي في المقام النفسي، انتهى.

ومن مصنفاته شرحان له على فصوص الحكم بالعربية والفارسية، ومنها أنفاس الخواص، ومنها

مناظر أخص الخواص، صنفه سنة سبع وأربعين وألف، ومنها هفت أحكام، ومنها سه ركني، ومنها

الكتاب

ص: 610

المبين في الحكمة الإلهية، ومنها رسالة في مبحث الوجود المطلق، ومنها التسوية وشرحها

بالفارسي، وله غير ذلك من الرسائل، توفي لتسع خلون من رجب سنة ثمان وخمسين وألف بمدينة

إله آباد فدفن بها.

محبوب شاه الجشتي الهندي

الشيخ الفاضل محبوب شاه الجشتي الهندي، أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، له منتخب

الأولياء، كتاب بسيط في أخبار المشايخ من أهل الهند، طالعه السيد الوالد وانتفع به في مهر

جهانتاب، وكان عصره بعد سنة 1055.

محمد بن إبراهيم الحيدر آبادي

الملك الحليم الرؤوف محمد بن إبراهيم بن سلطان قلى الحيدر آبادي محمد قلى قطب شاه، قام بالملك

بعد والده سنة تسع وثمانين وتسعمائة بقلعة كولكنده، وأسس بلدة كبيرة على أربعة أميال منها وسماها

بهاكك نكر على اسم عشيقته بهاكك متي، ثم ندم على ذلك وسماها حيدر آباد جعلها دار ملكه، وبنى

بها القصور العالية والحدائق الزاهرة، وبنى الجامع الكبير، وأنفق على عمارته مائتي ألف من النقود

الفضية، وبنى حماماً ومارستاناً عنده ومدرسة عالية البناء سنة ست بعد الألف.

وكان ملكاً عادلاً فاضلاً شاعراً مجيد الشعر محباً لأهل العلم محسناً إليهم، وفد عليه العلماء من بلاد

شاسعة فرتب لهم معايش وأرزاقاً، ومن شعره قوله:

مستان محبت بدو عالم نفروشند كيفيت ته جرعه بيمانه خود را

توفي في السابع عشر من ذي القعدة سنة عشرين وألف بحيدر آباد فدفن بها، كما في حديقة العالم

للتستري.

محمد بن إبراهيم البيجابوري

الملك العادل محمد بن إبراهيم بن طهماسب بن إبراهيم بن إسماعيل بن يوسف، البيجابوري محمد

عادل شاه الغازي، قام بالملك بعد والده سنة سبع وثلاثين وألف وهو في الخامس عشر من سنه،

فافتتح أمره بالعقل والدهاء، وقاتل كفار الهنود ببلاد كرنانك، ففتحها سنة ثمان وخمسين وألف، وغنم

أموالاً وسبى دراري كثيرة، وبنى بها المساجد وهو أول من فتحها من ملوك الدكن، ولذلك لقبوه

بالغازي، وأول من لقبه شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند بالملك.

وكان عادلاً كريماً متين الديانة كبير الشأن، توفي يوم الثلاثاء لليلتين بقيتا من محرم سنة سبع

وستين وألف بمدينة بيجابور، فدفنوه في مقبرة بناها محمد المذكور في حياته وله سبع وأربعون سنة،

ومدة حكمه إحدى وثلاثون سنة، كما في بساتين السلاطين.

محمد بن أبي الحسن السورتي

الشيخ الصالح محمد بن أبي الحسن بن جمال الدين، النقوي الحسيني الخوارزمي ثم الهندي

السورتي، أحد المشايخ النقشبندية، ولد ونشأ بمدينة سورت، وانتفع بأبيه وأخذ عنه وتولى الشياخة

بعده، مات في ثاني رمضان سنة ثمان وسبعين وألف بمدينة سورت فدفن بها، كما في الحديقة

الأحمدية.

الشيخ محمد بن أبي سعيد الكالبوي

الشيخ العالم الكبير محمد بن أبي سعيد بن بهاء الدين بن عماد الدين بن الله بخش بن سيف الدين بن

مجيد الدين بن شمس الدين بن شهاب الدين بن عمر ابن حامد بن أحمد الزاهد الحسيني الترمذي

السوانوي ثم الكالبوي، كان من العلماء الربانيين، ولد سنة ست بعد الألف بمدينة كالبي، وكان والده

ذهب إلى بلاد الدكن قبل مولده وانقطع خبره فتربى في حجر أمه العفيفة، ولما بلغ سبع سنين قدم

الشيخ محمد يونس أحد العلماء المحدثين من مدينة كره وأقام ببلدة كالبي فاشتغل عليه وقرأ الكتب

الدرسية إلى المطول للتفتازاني وأسند الحديث عنه، ثم ذهب إلى جاجمؤ وقرأ بعض الكتب على

مولانا عمر جاجمؤي، ثم ذهب إلى كوره وقرأ سائر الكتب الدرسية على الشيخ جمال بن مخدوم

الكوروي، ثم أخذ عنه الطريقة ورجع إلى بلدته فدرس وأفاد بها زماناً، ثم سافر إلى جالندر ليتزوج

بها في

ص: 611

عشيرته فورد آكره وأدرك بها الأمير أبا العلاء الحسيني الأكبر آبادي فلازمه زماناً وأخذ عنه

الطريقة الأحرارية، واشتغل بعد ذلك بالدرس والإفادة عشر سنين، ثم ذهب إلى أكبر آباد وصحب

شيخه أبا العلاء المذكور أربعة أشهر، ثم رجع إلى بلدته ودرس بها زماناً، ولما غلبت عليه الحالة

اعتزل عن الناس ولازم بيته وترك البحث والاشتغال والخروج للتعزية والتهنئة وغير ذلك، فكان لا

يراه أحد إلا في بيته أو في المسجد، كما في ضياء محمدي.

قال البكرامي في مآثر الكرام: إنه ألزم نفسه الصوم في آخر عمره فداوم على ذلك، فلم يفطر في

النهار قط غير الأيام التي حرم فيها الصوم، وعاش بعد ذلك ستة أعوام، انتهى.

وله مصنفات عديدة، منها تفسير على سورة يوسف، وله كتاب الروائح بالعربي أوله حامداً لله

والحامد والحمد والمحمود هو، مصلياً لرسول الله والرسول والرسالة والمرسل هو، قائلاً بأنه قد ورد

على محمد بن أبي سعيد هذه المعاني الشريفة فأراد إملاءها والعامل والقول والمقول هو، إلخ، وله

رسالة في تحقيق الروح أولها بر ضمائر أرباب بصائر بوشيده نماند، إلخ، ورسالة في وحدة الوجود

بالعربية أولها إعلم أن وجوده تعالى عين حقيقته، إلخ، له إرشاد السالكين في السلوك بالفارسي أوله

بعد حمد خداوندي كه همه أشياء قائم بدو است، إلخ، ورسالة في مبحث الفناء بالفارسية أولها بدان

أي طالب صادق، إلخ، ورسالة في عقائد الصوفية أولها الحمد لله رب العالمين، إلخ، ورسالة في

الواردات بالعربية أولها الحمد لله الذي نقاب وجهه النور وحجاب كماله الظهور، إلخ، والعلم

والمعمول رسالة نفيسة له في السلوك أولها بعد حمد بيحد وبس از صلاة بي عد، إلخ وله رسالة في

شغل كوزه المسمى بجام خدانما أولها بعد از حمد بيحد، وصلاة بي عد، إلخ ورسالة في الحقائق أولها

بعد از حمد ايزدي كه حجاب ذات أو نور است، ورسالة في مراتب الفناء والأصول إلى الله سبحانه

بالفارسية أولها بعد از حمد واجب الوجود، إلخ، توفي يوم الأحد لأربع ليال بقين من شعبان سنة

إحدى وسبعين وألف وله خمس وستون سنة، وقبره مشهور ظاهر ببلدة كالبي، كما في ضياء

محمدي.

الشيخ محمد بن أبي يزيد المنيري

الشيخ الصالح محمد بن أبي يزيد بن عبد الملك بن أشرف بن محمود الهاشمي المنيري الشيخ فريد

الدين، أحد المشايخ في الطريقة الفردوسية، ولد ونشأ بمنير - بفتح الميم - بلدة مشهورة من أعمال

بهار، ولازم أباه من صباه وأخذ عنه، ثم لازم صاحبه الشيخ عباس الكجراتي وأخذ عنه، ثم تولى

الشياخة مكان أبيه، مات لخمس خلون من رمضان سنة إحدى وثلاثين وألف.

الشيخ محمد الشامي

الشيخ الفاضل محمد بن أبي محمد الشامي، كان ابن أخ الشيخ زين الدين المجتهد الشيعي العاملي،

ذكره عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني في منتخب التواريخ وأثنى عليه وقال: إنه كان ثانياً للكسائي

النحوي في الفنون العربية، ثم نقل بعض رسائله إليه بالعربية كانت إحداها مؤرخة سنة اثنتين

وألف، تركتها لما كانت ممسوخة بالأغلاط.

الحكيم محمد المصري

الشيخ الفاضل العلامة محمد الحكيم المصري البرهانبوري، أحد كبار العلماء في الفنون النظرية لا

سيما صناعة الطب بجزئية العلمي والعملي، وكان عارفاً بالعلوم الغريبة نحو دعوة الأسماء وعلم

الحروف والتكسير، وكان ماهراً بالفقه وأصوله، كان ذا دعابة بشوشاً، حسن المحاضرة، حلو الكلام،

مليح الشمائل، شاعراً، له أبيات مضحكة بالفارسية، وله يد بيضاء في أمر العلاج، كان يحير العقول

في بعض معالجاته.

قال محمد بن عمر الآصفي في ظفر الواله كان اسمه الحكيم بيبرس المصري، لعله قدم الهند من

بلاده ودخل أحمد نكر فتقرب إلى الملوك بالصناعة الطيبة، وخدم مرتضى نظام شاه مدة من الزمان،

وسم الوزير جنكيز خان بأمره سنة ثمانين وتسعمائة، فقلده الوزارة بعده مدة يسيرة ثم عزله، ولما قتل

مرتضى نظام شاه المذكور سنة ست وتسعين وتسعمائة خرج من أحمد

ص: 612

نكر وسار إلى جيول بندر

مشهور من بنادر الهند، وانتقل منها إلى أحمد آباد وكان بها نواب خان أعظم عزيز بن محمد

كوكلتاش، فاجتمع به فأكرم مقدمه وجهزه إلى أكبر شاه بن همايون التيموري سلطان الهند، وتقدم

عنده وتقرب إليه، ومات ببلدة برهانبور على ما يقال بسم، وذلك في سنة ثمان وألف.

خواجه محمد الكشميري

الشيخ العالم الصالح محمد بن أبي محمد الحنفي الكشميري، أحد العلماء البارعين في النحو

والعربية، ولد ونشأ بكشمير، وقرأ العلم على مولانا جوهر نانة الكشميري، ثم تصدر للتدريس، أخذ

عنه خلق كثير من العلماء كما في روضة الأبرار.

مولانا محمد الزبيري البيجابوري

الشيخ الفاضل العلامة محمد بن أبي محمد الزبيري الكجراتي ثم البيجابوري، أحد العلماء المبرزين

في المعقول والمنقول، قرأ العلم على عمه القاضي إبراهيم الزبيري، ثم لازم دروس الشيخ محمد بن

عبد الرحمن العلوي البيجابوري وأخذ عنه الطريقة وقرأ عليه ثم تصدر للتدريس، أخذ عنه الشيخ

علي صاحب الفوائد العلية ومحمد حسين القدوسي ومحمد حسين الإمام البيدري وخلق كثير من

العلماء، توفي لسبع بقين من شوال سنة ثمان وثمانين وألف بمدينة بيجابور، فدفن بها داخل البلدة كما

في روضة الأولياء.

محمد بن أبي المعالي البيجابوري

الشيخ العالم الفقيه محمد بن أبي المعالي بن علم الله الصالحي الأميتهوي القاضي أعز الدين

البيجابوري، كان من الفقهاء المبرزين في الفقه والأصول، ولي القضاء بمدينة بيجابور في أيام

السلطان محمد عادل شاه، واستقل به مدة حياته، توفي في خامس ربيع الأول، كما في روضة

الأولياء.

محمد بن أحمد العاملي

الشيخ الفاضل محمد بن أحمد بن محمد الشيعي العاملي، كان من العلماء المشهورين في عصره،

ذكره الحر العاملي في أمل الآمل، قال: وكان عالماً فاضلاً فقيهاً صالحاً جليل القدر، من معاصري

الشيخ بهاء الدين العاملي، سافر إلى كشمير وتدير بها، مات ودفن بكشمير كما في نجوم السماء.

الحكيم محمد بن أحمد الكيلاني

الشيخ الفاضل محمد بن أحمد بن حكيم الملك شمس الدين، الكيلاني أصلاً ومحتداً والمكي مولداً

والهندي مسكناً ومدفناً، ذكره علي بن أحمد المعصوم الدستكي في سلافة العصر قال: وإنه ولد بمكة

ونشأ بهان وتقرب إلى سلطانها الشريف محسن حتى حصل عليه من الشريف أحمد بن عبد المطلب

ما حصل، ونهب الشريف داره وماله، فالتجأ مستأمناً إلى بعض الأشراف فأمنه على نفسه، ثم سار

مختفياً إلى اليمن واستعمر حتى قتل الشريف أحمد، فلم ير من الشريف مسعود ما كان يؤمله قبل،

فتوجه إلى الهند سنة تسع وثلاثين وألف فألقى بها عصاه إلى أن بلغ من العمر أقصاه، ثم ذكر له

قصيدته الدالية التي عارض بها قصيدة أحمد المرشدي، وهي كما يلي:

صوادح البان وهناً شجوها باد فمن معين فتى في فت أكباد

صب إذا غنت الورقاء أرقه تذكيرها نغمات الشادن الشاد

فبات يرعف من حفنيه تحسبه يرجرج المدمع الوكاف بالجاد

جافي المضاجع إلف السهد ساوره سم الأساود أو أنياب آساد

له إذا الليل واراه نشيج شج وجذوة في حشاء ذات إيقاد

سماره حين يضنيه توحشه فيستريب إلى تأنيس أعواد

وجدوهم وأشجان وبرح جوى ولوعة تتلظى والأسى ساد

ص: 613

أضناه تفريق شمل ظل مجتمعاً وضن بالعود دهر خطبه عاد

فالعمر ما بين ضن ينقضي وضنا والدهر ما بين إيعاد وإبعاد

لا وصل سلمى وذات الخال يرقبه ولا يؤمل من سعدى لاسعاد

أضنى فؤادي واستوهى قوى جلدي أقوى ملاعب بين الهضب والواد

عفت محاسنها الأيام فاندرست واستبدلت وحشة من أنسها الباد

وعطلتها الرزايا وهي حالية بساكنيها ورواد ووراد

وعاث صرف الليالي في معالمها فما يجيب الصدى فيها سوى الصاد

دوارج المور مارت في معاهدها فغادرتها عفا الساحات والناد

وناعب الموت نادى بالشتات بها فأهلها بين أغوار وأنجاد

وصوحت بالبلى أطلالها وخلت رحابها الفيح من هيد ومن هاد

أضحت قفاراً تجر الرامسات بها ريحاً جنوب وشمل ريحها الجاد

كأنها لم تكن يوماً لبيض مهى مراتعاً قد خلت فيهن من هاد

ولم تحل مغانيها بغانية تغني إذا ما ردى من بدرها راد

ولا عطا نبتها ريم ولا طلعت بها بدور دجى في برج مصطاد

ولا تثنت بها لمياء ساحبة ذيل النعيم دلالاً بين أنداد

فارقتها وكأني لم أظل بها في ظل عيش يجلي عذر حساد

أجني قطوف فكاهات محاضرة طوراً وطوراً أناغي ربة الهادي

هيفاء يزري إذا ماست تمايلها بأملد من غصون البان مياد

بجانب الجيد يهوى القرط مرتعداً مهواه جد سحيق فوق أكتاد

شفاهها بين حق الدر قد خزنت ذخيرة النحل ممزوجاً بها الجادي

إذا نضت عن محياها النقاب صبا مستهتراً كل سجاد وعباد

وإن تجلت ففيما قد جلته دجى لتائه في الدآدي أيما هاد

وميض برق ثناياها إذا ابتسمت يعارض الدمع من مهجورها حاد

وناظران لها يرتد طرفهما مهما رنت عن قتيل ماله واد

وصبح غرتها في ليل طرتها يوماي من وصلها أو هجرها العادي

تلك الربوع التي كانت ملاعبها أخنى عليها الذي أخنى على عاد

إلى مراتع غزلان الصريم لها يحن قلبي المعنى ما شدا شاد

بعداً لدهر رماني بالفراق لها ولا سقى كنفيه الرائح الغادي

عمري لئن عظمت تلك القوادح من خطوبه وتعدت حد تعداد

لقد نسيت وأنستني بوائقه تلك التي دهدهت أصلاد أطواد

مصارع لبني الزهرا وأحمد قد اذكرن فخا ومن أردى به الهادي

لفقدهم وعلى المطلول من دمهم تبكي السماء بدمع رائح غاد

ص: 614

وشق جيب الغمام البرق من حزن عليهم لا على أبناء عباد

كانوا كعقد بجيد الدهر قد قرظت من ذاك واسطة أودى بتبداد

وهو المليك الذي للملك كان حمى مذ ماس من برده في خير أبراد

كانت بجيران بيت الله دولته مهاد أمن لسرح الخوف ذواد

وكان طوداً لدست الملك محتبياً ولاقتناص المعالي أي نهاد

ثوى بصنعا فيا لله ما اشتملت عليه من مجده في ضيق ألحاد

فقد حويت به صنعاء من شرف كما حوت صعدة بالسيد الهادي

فحبذا أنت يا صنعاء من بلد ولا تغشى زياداً وكف رعاد

مصابة كان رزءاً لا يوازنه رزء ومفتاح أرزاء وآساد

وكان رأساً على الأشراف منذ هوى تتابعوا إثره عن شبه ميعاد

لهف المصاف إذا ما أزمة أويت من خطب نائبة للمتن هداد

لهف المصاف إذا ما أمحلت سنة يضن في محلها الطائي بالزاد

لهف المصاف إذا كر الجياد لدى حر الجلاد أثار النقع بالوادي

لهف المصاف إذا ما يستباح حمى لفقد حام بورد الكر عواد

لهف المصاف إذا جلى به نزلت ولم يجد كاشفاً منها بمرصاد

لهف المصاف إذا حمل المغارم في نيل العلى أثقل الأعناق كالطاد

لهف المصاف إذا نادى الصريخ ولم يجدنه مصرخاً كالليث للصادي

لهف المصاف إذا الدهر العسوف سطا بضيم جار لنزل العز معتاد

بل لهف كل ذوي الآمال قاطبة عليهم خير مرتاد لمرتاد

كانت به تزدهي في السلم أندية وفي الوغى كل قداد وهناد

على الأرائك أقمار تضئ ومن تحت الترائك آساد لمستاد

تشكو عداهم إذا شاكي السلاح بدا شك القنا ما ضفا من نسج أبراد

إلى النحور وما تحوى الصدور وما وارته في جنحها ظلمات أجساد

بادوا فباد من الدنيا بأجمعها من كان فكاك أصفاد بأصفاد

وقد ذوت زهرة الدنيا لفقدهم وألبست بعدهم أثواب إحداد

واجتث غرس الأماني من فجيعتهم وأنشد الدهر تقنيطاً لرواد

يا ضيف أقفر بيت المكرمات فخذ في جمع رحلك واجمع فضلة الزاد

يا قلب لا تبتئس من هول مصرعهم وعز نفسك في بؤسي وأنكاد

بمن غدا خلفاً يا حبذا خلف في الملك عن خير آباء وأجداد

ص: 615

بحائز إرثهم حاو مغافرهم كما حوى الألف من آحاد أعداد

وذاك زيد أدام الله دولته وزاده منه تأييداً بامداد

سما به النسب الوضاح حيث غدا طريفه جامعاً أشتات أتلاد

لقد حوى من رفيعات المكارم ما يكفي لمفخر أجداد وأحفاد

أليس قد نال ملكاً في شيبته ما ناله من سعى أعمار آباد

أليس في وهج الهيجا مواقفه مشكورة بين أعداء وأضداد

أليس أسبح بالتنعيم سابحه لج المنايا ليحيى فل أجناد

أليس يثبت يوم الليث أن له وثبات ليث يزجي ذود نقاد

أليس يوم العطا تحكي أنامله خلجان بحر يفيض التبر مداد

أليس قد لاح في تأسيس دولته من جده المصطفى رمز بارشاد

دامت معاليه والنعمى بذاك له مصونها وهو ملحوظ باسعاد

ما لاح برق وما غنت على فنن صوادح البان وهنا شجوها باد

قال عبد الحميد اللاهوري في بادشاهنامه: إنه كان رجلاً صالحاً فاضلاً ورعاً تقياً حسن الأخلاق

مليح الشمائل، وظف له شاهجهان بن جهانكير سلطان الهند وولاه على دار العدل بدار الملك دهلي،

انتهى.

توفي بالهند سنة خمسين وألف، كما في خلاصة الأثر.

محمد صادق السرهندي

الشيخ الصالح العلامة محمد صادق بن أحمد بن عبد الأحد العمري الشيخ محمد صادق السرهندي،

كان من كبار العلماء، ولد في سنة ألف بمدينة سرهند ونشأ بها، واشتغل بالعلم من صغره وقرأ بعض

الفنون العربية على الشيخ محمد طاهر اللاهوري والعلوم الحكمية على مولانا محمد معصوم الكابلي،

وجد في البحث والاشتغال حتى قرأ فاتحة الفراغ وله ثماني عشرة من سنه، وكان مصاحباً لوالده في

سفره إلى دهلي وهو ابن ثمان، فتشرف هناك بصحبة الشيخ عبد الباقي النقشبندي وأخذته الجذبة

الربانية في صباه، فكان يترقى في مدارج المعرفة يوماً فيوماً، وتعرض له حالات سنية ومقامات

علية من الحضور والغيبة والسكر والجذبات القوية والمكاشفات الصحيحة والمواجيد الصادقة بحيث

يعجب به العارفون البالغون في مدارج الكمال، فلما برز من التلوين إلى التمكين ومن السكر إلى

الصحو ومن الجذب إلى السلوك استخلفه والده وأجازه إجازة عامة للارشاد والتلقين وهو لم يتجاوز

إحدى وعشرين سنه من عمره.

مات في أيام أبيه، وله تعليقات على الكتب الدرسية، توفي يوم الاثنين تاسع ربيع الأول سنة أربع

وعشرين، وقيل: خمس وعشرين بعد الألف، بمدينة سرهند فدفن بها، كما في حضرات القدس.

الشيخ محمد سعيد السرهندي

الشيخ العالم المحدث محمد سعيد بن أحمد بن عبد الأحد العدوي العمري الشيخ محمد سعيد خازن

الرحمة السرهندي، كان من العلماء الربانيين، ولد في شعبان سنة خمس وألف بمدينة سرهند، وقرأ

بعض الكتب الدرسية على صنوه محمد صادق وأكثرها على الشيخ محمد طاهر اللاهوري، وقرأ

على أبيه، وأسند الحديث عنه وعن الشيخ عبد الرحمن الرمزي، ولازم أباه ملازمة طويلة وأخذ عنه

الطريقة، ووالده ترك التدريس له في آخر عمره وكان يقول: إن ولده من العلماء الراسخين، فألبسه

الخرقة ولقبه بخازن الرحمة، كما في حضرات القدس، ولما توفي والده ترك المشيخة، لأخيه محمد

معصوم، وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار ورجع إلى الهند سنة 1069 وصرف عمره في

التدريس والتلقين.

ص: 616

وله مصنفات عديدة، منها حاشية على مشكاة المصابيح، ورسالة في تحقيق الإشارة بالمسبحة عند

التشهد في الصلاة، وحاشية على حاشية الخيالي على شرح العقائد، وله غير ذلك من المصنفات.

توفي لثلاث ليال بقين من جمادي الآخرة سنة سبعين وألف، كما في تذكرة الأنساب للقاضي ثناء الله

رحمه الله.

الشيخ محمد بن أحمد الدهلوي

الشيخ العالم الصالح محمد بن أحمد البدخشي الشيخ سراج الدين بن حسام الدين بن نظام الدين

الدهلوي، أحد كبار المشايخ النقشبندية، ولد ونشأ بدهلي، وقرأ العلم على الشيخ عبد الله بن عبد

الباقي النقشبندي الدهلوي، ولازم أباه ملازمة طويلة حتى صار أبدع أبناء العصر في العلم والمعرفة

ورزق حسن القبول بدهلي، ذكره كمال محمد السنبهلي في الأسرارية.

محمد بن إلياس الغرغشتي

الشيخ الفاضل محمد بن إلياس الحسيني الغرغشتي البجواروي، أحد العلماء المبرزين في العلم

والمعرفة، حصل له القبول العظيم من الأفاغنة في أودية الجبال، وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه ولده

أحمد بن محمد الغرغشتي وخلق آخرون، توفي سنة إحدى وألف، كما في كلزار أبرار.

السيد محمد جلال الكجراتي

الشيخ الصالح محمد بن الجلال بن الحسن بن عبد الغفور الحسيني البخاري الكجراتي، كان من

نسل محمد بن عبد الله الحسيني البخاري، يرجع إليه نسبه بخمس وسائط، ولد في الرابع عشر من

رجب سنة تسع وثمانين وتسعمائة بأرض كجرات، ومن الاتفاقات العجيبة أنه عمل تاريخاً لولادته

بعد بلوغه سن الرشد من قول سعدي الشيرازي:

من ودست ودامان آل رسول

قرأ العلم على أساتذة عصره، ثم لازم أباه وأخذ عنه الطريقة، وقرأ عليه بعض كتب الحقائق

والمعارف، ولما مات والده سنة 1003 تولى الشياخة مكانه.

قال الخوافي في مآثر الأمراء إنه كان شيعياً، وفي عمل صالح إنه كان صوفياً ماهراً في التصوف،

ذا سخاء وإيثار، كان يبذل على الفقراء والمساكين كل ما تحصل له من النذور والفتوحات، وكان

يصرف في عرس جده محمد بن عبد الله المذكور مائة ألف من النقود، لقيه شاهجهان بن جهانكير

الدهلوي مرتين، مرة في ولاية عهده ومرة في عهد السلطنة، ومن مصنفاته الجمعات الشاهية في

الأذكار والأشغال.

توفي في الثاني عشر من رجب سنة خمس وأربعين وألف، وقبره في حظيرة جده، كما في مرآة

أحمدي.

محمد بن جندن المندسوري

الشيخ العالم الصالح محمد بن جندن بن بدها بن جهجو المندسوري، أحد الرجال المعروفين بالفضل

والصلاح، ولد ونشأ بمندسور من أرض مالوه، ولازم أباه وانتفع به، وتصدر للارشاد بعده، وكان لا

يزال بقيد الحياة سنة أربع عشرة وألف وله ثمانون سنة كما في كلزار أبرار.

محمد بن الحسن الكجراتي

الشيخ العالم الصالح محمد بن الحسن بن أحمد بن نصير بن مجد بن سراج ابن العلامة كمال الدين

الدهلوي ثم الكجراتي، كان من كبار المشايخ الجشتية، ولد سنة ست وخمسين وتسعمائة بمدينة أحمد

آباد، ونشأ في مهد العلم والمشيخة، وقام مقام جده وأبيه في الارشاد والتلقين، وكان رحمه الله شديد

التوكل كثير الإحسان ذا وجد وحالة يسمع الغناء بدون المزامير، وله مصنفات، توفي يوم الأحد لليلة

بقيت من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وألف بأحمد آباد فدفن بها، كما في أنوار العارفين.

ص: 617

محمد بن الحسن المندوي

الشيخ الفاضل محمد بن الحسن بن موسى الكجراتي ثم المندوي، أحد الرجال المعروفين بالفضل

والكمال، ولد بمندو في الحادي عشر من رجب سنة اثنتين وستين وتسعمائة، وقرأ القرآن على الشيخ

كمال الدين القرشي وجوده وقرأ الرسائل الفارسية، ولما بلغ إحدى عشرة سنة توفي والده، ولما بلغ

سبع عشرة سنة زوجته أمه فلم يترك البحث والاشتغال، وقرأ النحو والعربية على الشيخ برهان

الدين الكالبوي، وقرأ الكشف والمنار والتلويح في أصول الفقه على السيد شاه محمد، وسافر إلى آكره

فأقام بها خمس سنين، ثم رجع وسافر إلى كجرات سنة تسعين وتسعمائة، وقرأ أكثر الكتب الدرسية

في مدرسة الشيخ وجيه الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي، وقرأ بعض الفنون الرياضية على

الحكيم عثمان بن عيسى السندي بمدينة برهانبور، ورجع إلى مندو سنة أربع وتسعين وتسعمائة.

وكان صوفياً مستقيم الحالة، أخذ الطريقة الشطارية عن الشيخ صدر الدين محمد البرودوي وصاحبه

الشيخ محمود بن الجلال الكجراتي، وله كتاب بسيط في أخبار مشايخ الهند وعلمائها سماه بكلزار

أبرار شرع في تصنيفه سنة 1014 بأمر أبي الخير بن المبارك الناكوري، وأتمه بأمر الشيخ عيسى

بن قاسم السندي في شهر رجب سنة اثنتين وعشرين وألف.

محمد بن عبد الرحمن البيجابوري

الشيخ العالم الكبير العلامة محمد بن عبد الرحمن بن روح الله الحسيني الكجراتي ثم البيجابوري،

كان من العلماء المتمكنين من الدرس والإفادة، ولد بمدينة بيجابور لأربع ليال بقين من جمادي الأولى

سنة خمس عشرة وألف يوم مات عمه صبغة الله بن روح الله الشريف البروجي، واشتغل بالعلم على

القاضي علي محمد بن أسد الله الكجراتي ثم البيجابوري، ولازمه ملازمة طويلة حتى برع وفاق

أقرانه في كثير من العلوم والفنون، ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار وأخذ الطريقة عن الشيخ عبد

العظيم محمد الحنفي المكي، ثم رجع إلى الهند ودرس ثلاثين سنة بمدينة بيجابور، أخذ عنه الشيخ

محمد الزبيري وخلق كثير.

مات بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم حين وفد بها للزيارة في آخر عمره بست ليال بقين من

شوال سنة أربع وثمانين وألف فدفن عند عمه صبغة الله المذكور، كما في روضة الأولياء.

محمد بن عبد الرزاق الكيلاني

الشيخ الفاضل محمد بن عبد الرزاق الكيلاني الحكيم نور الدين، كان من الأفاضل المشهورين

شاعراً مجيد الشعر بالفارسي، قدم الهند مع صنوه الكبير أبي الفتح بن عبد الرزاق وتقرب إلى

الملوك والأمراء.

الشيخ محمد بن عبد الشكور السهسواني

الشيخ العالم الصالح محمد بن عبد الشكور بن إسماعيل بن عطاء الله الحسيني المودودي

السهسواني، الشيخ صدر الدين محمد الحاكم، كان من المشايخ المشهورين في عصره، قرأ على

إخوته ثم سافر إلى دهلي وأخذ عمن بها من العلماء، ثم لازم الشيخ محمداً الجشتي أحد أصحاب

الشيخ عبد العزيز بن الحسن الجونبوري ثم الدهلوي وأخذ عنه الطريقة، ثم رجع إلى بلدته وتصدر

للدرس والافادة، أخذ عنه صنوه السيد محمد هاشم وخلق آخرون، وكان صاحب وجد وحالة، يذكر له

كشوف وكرامات.

توفي في جمادي الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وألف ببلدته، كما في نخبة التواريخ.

القاضي محمد بن عبد العزيز النصير آبادي

الشيخ العالم الفقيه القاضي محمد بن عبد العزيز بن فتح بن محمد بن محمود، الشريف الحسني

النصير آبادي المشهور بقاضي بير علي، كان من كبار الفقهاء، ولد ونشأ بنصير آباد وتفقه على

والده، وسافر للعلم فأخذ عن جماعة من العلماء الأعلام، وولي القضاء ببلدته مقام والده المرحوم

فاستقل به مدة عمره.

ص: 618

الشيخ محمد بن عبد الله السندي

الشيخ العالم الصالح محمد بن عبد الله السندي المشهور بتاج العاشقين، ولد ونشأ بمدينة برهانبور،

وقرأ المنطق والحكمة على الحكيم عثمان البوبكاني، والفقه والأصول على الشيخ طاهر بن يوسف

السندي، وقرأ نقد النصوص وشرح منازل السائرين وشرح كلشن راز وشطراً من شرح المواقف

على الشيخ عيسى بن قاسم السندي، وأخذ الطريقة عن الشيخ لشكر محمد العارف الجانبانيري حتى

صار بارعاً في العلم والمعرفة وأفاد الناس مدة طويلة بمدينة برهانبور، ثم لما دخل أكبر شاه بمدينة

برهانبور اتهمه بالبغي وأمر بحبسه، فدخل في السجن ولبث فيه زماناً، ثم شفع له بعض الأمراء

فخلى سبيله، فسار إلى آكره وتقرب إلى قليج خان وصاحبه في الظعن والاقامة حتى وصل إلى

لاهور وشاركه في المغازي، وقتل في غرة جمادي الأولى سنة ثلاث عشرة وألف، كما في كلزار

أبرار.

السيد محمد بن عبد الله الحضرمي

السيد الشريف محمد بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس، الحضرمي ثم

الهندي السورتي، أحد الكمل المشهورين، ذكره الشلي في تاريخه وقال: إنه كان إمام وقته علماً وعملاً

وحالاً ومقالاً وزهداً وتحقيقاً وورعاً، ولد بمدينة تريم سنة سبعين وتسعمائة، وحفظ القرآن وغيره في

فنون عديدة، وتربى في حجر والده وقرأ عليه عدة علوم وتخرج به في طريق القوم، وتفقه على

السيد محمد بن حسن والفقيه محمد بن إسماعيل والسيد عبد الرحمن بن شهاب، وأخذ التصوف عن

جماعة، وسمع الحديث من طائفة، ولزم العبادة، وأثنى عليه مشايخه وغيرهم بل انعقد الاجماع على

فضله وكماله، وأخذ عن عمه الشيخ عبد القادر بن شيخ وكتب إلى والده يقول له: يكفيك فخراً يا عبد

الله خروج مثل هذا الولد من صلبك! ولما سمع به جده شيخ بن عبد الله طلبه إليه وهو بأحمد آباد من

أرض الهند، فرحل إليه واجتمع به فيها، وذلك في سنة تسع وثمانين وتسعمائة، وأشار إلى ذلك جده

المذكور في بعض قصائده بقوله قدومك حافظ للشمل جامع فإن عدد حافظ كذلك، ولازم جده في جميع

دروسه وأحواله واقتدى به فبلغ ما لم يبلغه المشايخ الكبار، وقرأ عليه في كثير من العلوم عدة متون

وشروح، وألبسه الخرقة وصافحه وحكمه وأذن له في الالباس والتحكيم وجعله ولي عهده، ثم انتقل

جده شيخ المذكور سنة تسعين وتسعمائة فقام من بعده، وكان ينفق على جميع من يمونه جده من أهل

الهند وحضرموت، ولما سأل عنه والده عبد الله السيد الولي أحمد بن علي أجابه بقوله الذي أعتقد فيه

أنه أحسن من أبيه فسجد والده شكراً وقال: هذا الذي كنت أوده وأتمناه! وقال: كل أحد لا يريد أن

يكون أحد أحسن منه إلا ولده، وبعد انتقال والده أجرى ما كان يجريه والده من نفقة وكسوة وغيرها

فكان الوارث لأبيه وجده، ثم ارتحل من أحمد آباد إلى بندرسورت واستوطنه، واشتهر كمال الاشتهار

واعتقده أهالي تلك الدائرة، وكان سلطان الهند يعرف قدره ويرجحه على أهل زمانه، ويجري عليه

كل يوم ما يكفيه من النفقة العظيمة، وكان كثير العطايا كريماً، وكان مع كثرة دخله لا يفي دخله

بنفقته، وربما زاد عليه ضعفين أو أكثر، وكل ذلك دين يبقى عليه، وكان يستغرق أحياناً فربما دخل

عليه شخص ولم يشعر به، وكانت وفاته في سنة ثلاثين وألف ودفن ببندر سورت وبنى عليه بعض

التجار قبة عظيمة وبنى عندها مسجداً وبركة ماء، وأجرى لمن يقرأ عليه أجرة، وأوقف على ذلك

ضياعاً وأراضي ورباعاً، وقبره ظاهر كما في خلاصة الأثر.

الشيخ محمد بن عبد اللطيف الكجراتي

الشيخ العلامة محمد بن عبد اللطيف الجامي الكجراتي جمال الدين الشهير بمخدوم زاده، كان من

كبار العلماء، ذكره الشيخ عبد القادر الحضرمي في غير موضع من كتابه النور السافر وتأنق في

مدحه بعبارات بليغة، قال: إنه أنشد لي قصيدة قالها في قدوم الفقيه أحمد باجابر إلى الهند، وهي:

ما جال في خلدي ولا في خاطري أني أفوز بوصل ذاك الجابر

كلا ولا ظننت أني في الكرى أحظى بوصل من حبيب هاجر

ص: 619

أترى يقيناً أن طيف خياله آو إلى طرفي القريح الساهر

إلى آخرها، وله قصيدة في مرثية الفقيه المذكور قال منها:

مات الشهاب وكل حي هالك لم يبق إلا الواحد القهار

فالله يرحمه ويجبر كسره فهو الرحيم المالك الغفار

محمد بن عبد الوهاب السورتي

الشيخ الفاضل محمد بن عبد الوهاب الحسيني البخاري السورتي، كان من نسل الشيخ يحيى بن

علي الترمذي، ولد ونشأ بكجرات، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم أخذ الطريقة عن لطيف شاه أحد

أصحاب والده، وتولى الشياخة بمدينة سورت، مات في سنة إحدى وسبعين وألف، كما في الحديقة

الأحمدية.

محمد بن علي العاملي

السيد الشريف محمد بن علي الحسيني الشيعي العاملي الفاضل المشهور، ذكره الحر العاملي في أمل

الآمل وكان من معاصريه، قال: إنه عالم فاضل فقيه نحوي شاعر صالح، يتوطن بكشمير، كما في

نجوم السماء.

محمد بن علي الشخوري

الشيخ الفاضل محمد بن علي الشيعي الشخوري، أحد العلماء المشهورين، ذكره الحر العاملي في أمل

الآمل قال: إنه عالم فاضل صالح عابد، له تحفة الطالب في مناقب علي بن أبي طالب صنفه سنة

اثنتي عشرة وألف وهو بحيدر آباد.

محمد بن علي الحشري

الشيخ الفاضل محمد بن علي بن محمود بن يوسف بن محمد بن إبراهيم الشيعي الشامي العاملي

الشهير بالحشري، الأديب الشاعر البليغ الوحيد في مقاصده، البعيد الغاية في ميدانه، أخذ عنه السيد

علي معصوم بعض العلوم وذكره في سلافة العصر وتأنق في مدحه بعبارات مطنبة من غير طائل،

والحاصل أنه هاجر إلى الديار العجمية وأقام بها برهة من الدهر محمود السيرة والسريرة عاكفاً على

الدرس والإفادة حتى اشتهر ذكره وظهر فضله، فاستدعاه أعظم وزراء السلطان إلى حضرته، ثم

رغب نظام الدين أحمد والد السيد علي معصوم في انحيازه إليه، فاتصل به فانتظم في سلك ندمائه

حتى قصد الحج وأقام بمكة سنتين ثم عاد إلى الهند، فأمر والده بالاشتغال عليه، فقرأ عليه الفقه

والنحو والبيان والحساب، وتخرج عليه في النظم والنثر والفنون الأدبية، حتى حسده الدهر الحسود

وبدل الأيام البيض بالليالي السود، فقضى الله عليهم بفراقه، لأمور نذكرها إن شاء الله تعالى في غير

هذا الموضع، ومن شعره الرقيق الرائق قوله:

شرق على حكم النوى أو غرب ما أنت أول ناشب في مخلب

في كل يوم أنت نهب مخالب أو ذاهب في أثر برق خلب

متألق في الجو بين مشرق غض الفضاء به وبين مغرب

يبكي ويضحك والرياض بواسم ضحك المشيب على عذارى الأشيب

أزعمت أن الذل ضربة لازب فنشبت في مخلاب باز أشهب

لعبت بلبك كيف شاء لها الهوى مقل متى تجد النواظر تلعب

زعمت عثيمة أن قلبك قد صبا من لي بقلب مثل قلبك قلب

قد كنت آمل أن تموت صبابتي حتى نظرت إليك يا ابنة يعرب

فطربت ما لم تطربي ورغبت ما لم ترغبي ورهبت ما لم ترهب

ولقد دلفت إليهم في فتية ركبوا من الأخطار أصعب مركب

ص: 620

جعلوا العيون على القلوب طليعة ورموا القفار بكل حرف ذعلب

ترمي الفجاج وقلبها متصوب في البيد إثر البارق المتصوب

هوجاء ما نفضت يداً من سبسب إلا وقد غمست يداً في سبسب

تسري وقلب البرق يخفق غيرة منها وعين الشمس لم تتنقب

تطفو وترسب في السراب كأنها فلك يشق عباب بحر زغرب

تفلي بنا في البيد ناصية الفلا حتى دفعت إلى عقيلة ربرب

وافتك تخلط نفسها بلداتها والحسن يظهرها ظهور الكوكب

كفريدة في غيهب أو شادن في ربرب أو فارس في موكب

تمشي فتعثر في فضول ردائها بحياء بكر لا بنشطة ثيب

وقوله من قصيدة:

باجتلاء المدام في الأقداح وبمرآة وجهك الوضاح

لا تذرني على مرارة عيشي أكل واش ولا فريسة لاح

صاح كلني إلى المدام ودعني والليالي تجول جول القداح

لا تخف جور حادثات الليالي نحن في ذمة الظبي والرماح

طوع أيدي الخطوب رهن المنايا نتخطى بها إلى صفاح

فلدتني من المشيب لجاماً كف رأسي شكيمة عن جماحي

صاح إن الزمان أقصر عمراً من بكاء بدمنة ونواح

رق عنا ملاحف الجو فاسمح برقيق من طبعك المرتاح

يا مليك الملاح إن زماناً أنت فيه زمان روح وراح

طاب وقت الزمان فاشرب عساه يا صباحي يطيب وقت الصباح

واسقنيها سقيت في فلق الفج ر على نغمة الطيور الفصاح

وقوله من قصيدة أخرى:

وقد جعلت نفسي تحن إلى الهوى حلا فيه عيش من بثينة أو مرا

وأرسلت قلبي نحو تيماء رائداً إلى الخفرات البيض والشدن العفرا

تعرف منها كل لمياء خاذل هي الريم لولا أن في طرفها فترا

من الظبيات الرود لو أن حسنها يكلمها أبدت على حسنها كبرا

وآخر إن عرفته الشوق راعني بصد كأني قد أتيت له وترا

أناشد فيه البدر والبدر غائر وأسأل عنه الريم وهو به مغرى

فما ركب البيداء لو لم يكن رشاً ولا صدع الديجور لو لم يكن بدرا

لحاظ كأن السحر فيها علامة تعلم هاروت الكهانة والسحرا

وقد هوى الغصن الرطيب كأنما كسته تلابيب الصبا ورقاً نضرا

رتقت على الواشين فيه مسامعاً طريق الردى منها إلى كبدي وعرا

ص: 621

أعاذلتي واللؤم لؤم ألم ترى كأن بها عن كل لائمة وقرا

بفيك الثرى ما أنت والنصح إنما رأيت بعينك الخيانة والغدرا

وما للصبا يا ويح نفسي من الصبا تبيت تناجي طول ليلتها البدرا

تطارحه والقول حق وباطل أحاديث لا تبقى لمستودع سرا

وتلقى على النمام فضل ردائها فيعرف للأشواق في طيها نشرا

يعانقها خوف النوى ثم تنثني تمزق من غيظ على قدك الأزرا

ألما ترى بان النقا كيف هذه تميل بعطفيها حنواً إلى الأخرى

وكيف وشى غصن إلى غصن هوى وأبدى فنوناً من خيانته تترى

فمن غصن يدنى إلى غصن هو ومن رشأ يوحي إلى رشأ ذكر

هما عذلاني في الهوى غير أنني عذرت الصبا لو تقبلين لها عذرا

هبيها فدتك النفس راحت تسره إليه فقد أبدته وهي به سكرى

على أنها لو شايعت كثب النقا وشيح الخزامى إنما حملت عطرا

وقوله من أخرى

أتراك تهفو للبروق اللمع وتظن رامة كل دار بلقع

لولا تذكر من ذكرت برامة ما حن قلبي للوى والأجرع

ريم بأجوبة العراق تركته قلق الوساد قرير عين المضجع

في السر من سعد وسعد هامة رعناء لم تصدع ولم تتضعضع

قالت وقد طار المشيب بلبها أنشبت في حلق الغراب الأبقع

وتلفتت والسحر رائد طرفها نحو الديار بمقلة لم تخشع

ولكم بعثت إلى الديار بمقلة رجعت تعثر في ذيول الأدمع

عرفت رسوم النار بالمتربع فبكت ولولا الدار لم تتقشع

أملت لو يتلوم الحادي وما أملت إلا أن أقول وتسمعي

ومن غرره:

أرأيت ما صنعت يد التفريق أعلمت من قتلت بسعي النوق

رحل الخليط وما قضيت حقوقهم بمنى النفوس وما قضين حقوقي

علقوا بأذيال الرياح ووكلوا للبين كل معرج بفريق

وغدوت أصرف ناجذي على النوى وأغص من غيظ الوشاة بريقي

هجروا وما صنع الشباب بعارضي عجلان ما علق المشيب بزيقي

فكأنني والشيب أقرب غاية يوم الفراق كرعت من راووق

لا راق بعدهم الخيال لناظري إن حن قلبي بعدهم لرحيق

لعب الفراق بنا فشرد من يدي ريحانتي صديقتي وصديقي

ص: 622

لله ليلتنا وقد علقت يدي منه بعطف كالقناة رشيق

عاطيته حلب العصير وصدنا عن وجه حاجتنا يد العويق

ما كان أسرع ما وحته وإنما دهش السقاة به عن الترويق

أيقظته والليل ينفض صبغه والسكر يخلط شائقاً بمشوق

والنوم يعبث بالجفون وكلما رق النسيم قست قلوب النوق

والبرق يعثر بالرحال وللصبا وقفات مصغ للحديث رفيق

باتت تحرش والقنا متبرم بين الغصون وقده الممشوق

فأجابني والسكر يعجم صوته والكأس تضحك للثنايا الروق

لولا الرقيب هرقت مضمضه الكرى وغصصت صافية الدنان بريقي

ثم انثنيت وزلفه بيد الصبا وشميمه في جيبي المفتوق

وله غير ذلك مما لا تنتهي بدائعه، وكانت وفاته في نيف وتسعين وألف، كما في خلاصة الأثر.

محمد بن علي بن خاتون العاملي

الأمير الفاضل محمد بن علي بن خاتون الشيعي العاملي العيناثي، كان من الأفاضل المشهورين في

عصره، ولد ونشأ في جبل عامل، وقرأ العلم على بهاء الدين بن الحسين العاملي وعلى غيره من

العلماء، ثم قدم الهند ودخل حيدر آباد فولي ديوان الانشاء بها، ثم بعثه محمد قطب شاه الحيدر آبادي

بالسفارة إلى عباس شاه ملك إيران سنة أربع وعشرين وألف، فسار إليه وأقام عنده أعواماً، ثم عاد

إلى حيدر آباد، فجعله عبد الله قطب شاه وكيلاً مطلقاً له في تاسع رمضان سنة ثمان وثلاثين وألف،

فصار المرجع والمقصد في كل باب من أبواب الدولة، وكان مع اشتغاله بمهمات الأمور يشتغل

بالدرس والافادة، فكان يدرس في علوم عديدة كل يوم بعد الفجر، ويوم الثلاثاء يجتمع لديه العلماء

والشعراء فيذاكرهم من أول النهار إلى آخره، كما في حديقة العالم.

قال الحر العاملي في أمل الآمل: إنه كان عالماً فاضلاً ماهراً محققاً أديباً عظيم الشأن جليل القدر

جامعاً لفنون العلم، ومن مصنفاته شرح الارشاد وترجمة كتاب الأربعين للشيخ بهاء الدين العاملي

تسمى بالقطب شاهيه وله حاشية بالفارسية على خمسة أبواب من الجامع العباسي، وكان من

معاصري الشيخ بهاء الدين المذكور، وقد كتب الشيخ تقريظاً على ترجمة الأربعين في سنة ثمان

وعشرين وألف يشتمل على مدحه، انتهى.

محمد قطب شاه الحيدر آبادي

الملك الفاضل محمد بن محمد أمين بن إبراهيم بن سلطان قلى الحيدر آبادي محمد قطب شاه، قام

بالملك بعد عمه محمد قلى قطب شاه سنة عشرين وألف، وافتتح أمره بالعقل والحكمة، وبنى الجامع

الكبير بمدينة حيدر آباد وسماه البيت العتيق وأنفق عليه عشرين ألف هون، ومات قبل أن يتم البناء،

وبنى حصوناً عالية وعمر بلاداً، وبذل الأموال على الناس، وساس الأمور أحسن سياسة، وكان

فاضلاً رحيماً كريماً شديد التعبد، كان يلازم الصلوات الخمس ويلازم التهجد، وتلاوة القرآن لا تفوته،

مات في الثالث عشر من جمادي الأولى سنة خمس وثلاثين وألف، كما في حديقة العالم.

الشيخ محمد بن علي الرانديري

الشيخ العالم الصالح نور الدين محمد بن علي الحميد الشافعي الأشعري العيدروسي الرانديري

السورتي، أحد المشايخ الصوفية، أخذ الطريقة عن السيد عمر بن عبد الله باشيبان، وسافر إلى

الحرمين الشريفين سنة ثلاثين وألف فحج وزار ورجع إلى الهند، وله مصنفات عديدة، منها اللمعان

بتكفير من قال بخلق القرآن وصوارم الصديق لقطع الزنديق

ص: 623

ورحيق المحمدية في طريق الصوفية

وهو أحسن مصنفاته في مجلد كبير، مات قبل أن يلحق الخطبة به فنقل من مسودته الشيخ الحاج

صلاح الدين إبراهيم بن عبد الله رحمه الله وألحق به خطبة الكتاب في أوله، وفرغ من نقله من

مسودة المصنف لتسع عشرة من ذي الحجة سنة تسع وستين وألف، أوله الحمد لله الذي نور نور

حبيبه من عكس الصفات، إلخ ولله در المصنف ما أبلغ كلامه وأجمع مرامه في علم السلوك

والطريقة! شكر الله سعيه ووفقنا بالعمل لما فيه! ونسخة هذا الكتاب موجودة في خزانة السيد نور

الحسن بن صديق حسن القنوجي.

وكانت وفاته يوم السبت لتسع بقين من ذي الحجة سنة ثمان وستين وألف، وهكذا وجدت على ظهر

الكتاب من خط الشيخ محمد أبي بكر الحنفي الأحمد آبادي.

الشيخ محمد بن عمر الآصفي الكجراتي

الشيخ العالم المحدث محمد بن عمر الآصفي الألغخاني المكي الشيخ عبد الله ابن سراج الدين بن

كمال الدين النهروالي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في الحديث والعلوم الأدبية، له كتاب في

تاريخ كجرات بالعربي طبع منه قسط في مدينة لندن عاصمة الجزائر البريطانية وله فواتح الاقبال

وفوائح الانتقال كتاب في التاريخ بالعربي، صرح به في تاريخ كجرات، قال: إني صنفته لصاحب

تربيتي وواهب نعمتي شمس الدولة المجلس العالي أبي المعالي جمال الدنيا والدين محمد ألغخان

طيب الله ثراه وجزاه عنى بكرمه ورضاه!

وكان مولده ومنشأه بمكة المشرفة، سافر والده سراج الدين عمر إلى مكة المشرفة مع صاحبه الوزير

عبد العزيز بن محمد الكجراتي المشهور بآصف خان سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة وكان وكيله،

فولد بها محمد بن عمر، لعله سنة ست وأربعين وتسعمائة، قال في تاريخه في ترجمة آصف خان

المذكور: في ليلة المولد الشريف بمكة وكانت من ليالي عمره آخرها، أذكر والعمر مني زهاء خمس

عشرة سنة، إلخ واشتغل بمكة على علماء عصره، وإني أظن أنه قرأ على الشيخ عز الدين عبد

العزيز الزمزمي والشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي، لأنهما كانا من الموظفين من تلقاء

السلطان محمود الكجراتي ومن المدرسين في مدرسته بمكة، وبالجملة فإنه حصل وأقام بمكة مدة

طويلة، ولما رجع آصف خان إلى كجرات سنة 952 هـ وقتل بها سنة 961 هـ كان والده بمكة وهو

يلازمه، ثم قدم الهند ولا أدري في أي سنة كان قدومه بالهند، والمظنون أنه رجع سنة إحدى وثمانين،

قال في تاريخه: وفي سنة إحدى وثمانين اجتمعت بالمعلم حيات المهري في بندر العجم هرمز، إلخ

لعله اجتمع به عند رجوعه من مكة المشرفة، ثم إنه تقرب بكجرات إلى الأمير سيف الملوك مفتاح

ألغ خان الحبشي وخدمه مدة طويلة وكان له كاتباً، قال في تاريخه: وكنت في سنة إحدى وتسعين

وتسعمائة في خدمة الأمير الكبير سيف الملوك ألغ خاني وقد نزل بجاندور - إحدى القلاع بحد الدكن

- في مقابلة أمير الأمراء بكار بيك قطب الدين محمد خان الانكه، إلخ وكان معه بأحمد نكر عند

واقعة حسين نظام شاه، لعله سنة 997هـ، قال: فأمرت بالكتاب إليه أي إلى صلابت خان وختمته

بخاتمه وأرسلته بيد قاصد مسرع، إلخ وصنف لألغ خان المذكور فواتح الاقبال وفوائح الانتقال كتاباً

في التاريخ، ثم بعده خدم عبد الكريم ابن جنجهار خان الحبشي الملقب بفولاد خان المتوفي سنة

1014، قال في تاريخه: وكنت في سنة ثمان وألف بسكنير في خدمة عبد الكريم بن جنجهار خان

الملقب بفولاد خان من أمراء برهانبور وقال: كنت بهما أي بعبد الكريم وصنوه أمين خان في خفض

عيش وسعة وها أنا بعدهما بكبد حرى ومهجة وجعة، انتهى هذا ما ظفرت به من ترجمته ولا أدري

ما وقع عليه بعد ذلك وإلى أين كان مصيره، ومن قوله في كجرات:

كجرات من ألقى عصاه بها يجد عنها بهند ما يسوء بمعزل

ص: 624

مرآة فردوس لذلك سلوة فيها لآدم كان أول منزل

روح وريحان وفاكهة كذا طير ويجري ماءها بتسلسل

أنى تلفت لو يكون بداره لثلاثة يذهبن حزماً يختلي

ولدانها كالحور عز منالهم أنى الثريا من يد المتناول

أنفوا التكحل غيرة منهم كما يحمون تغراً بارداً عن تنبل

كانوا فبانوا ثم حل بأرضهم من لا يرى رأي الفتى المتأهل

ففشا التكحل والتنبل فابتلى يا صاح من سكنى الغريب من ابتلي

الشيخ محمد بن فضل الله البرهانبوري

الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة محمد بن فضل الله بن صدر الدين الجونبوري ثم البرهانبوري،

كان من ذرية سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولد ونشأ بكجرات، وتوفي والده في صغر سنه

فلبس الخرقة من الشيخ صفي الكجراتي، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين واقام بها اثنتي عشرة سنة،

وصحب الشيخ علي بن حسام الدين المتقي المكي واستفاض منه فيوضاً كثيرة، ثم عاد إلى أحمد آباد

وتزوج بها، وأخذ العلم عن الشيخ وجيه الدين بن نصر الله العلوي ولازمه اثنتي عشرة سنة، ثم أخذ

الطريقة عن الشيخ محمد ماه البيربوري ثم عن الشيخ أبي محمد بن خضر التميمي، وكان التميمي

ممن أخذوا عن والده، ثم سكن بمدينة برهانبور وعكف على الدرس والافادة، وكان كثير التعبد والتأله

والمراقبة والخوف لله سبحانه، لم يزل مشغولاً بالعبادة، والافادة، كما في بحر زخار.

وقال محمد بن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر إنه كان إماماً عالماً زاهداً عابداً ورعاً، اشتهر في

الهند الشهرة العظيمة، وبلغ في ذلك مبلغاً لم يبلغه أحد، وذلك أنه كان يحاسب نفسه كل يوم في آخر

نهاره، وكان من طريقته أن يكتب جميع ما وقع منه وتصرف فيه، وكان عظيم الخوف لله تعالى،

يتوقع الموت في كل وقت، وبالجملة فإنه كان من أسياد الصوفية وحجتهم وبطانة خالصة العلماء

بالقول والفعل سالكاً محجتهم، وكان من أكابر القائلين بالوحدة الوجودية، وألف فيها رسالة سماها

التحفة المرسلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان فراغه منها في سنة تسع وتسعين وتسعمائة،

وشرحها شرحاً لطيفاً، أتى فيه بالعجب العجاب، واعتذر فيه عما يقع من محققي الصوفية من الشطح

الموهم خلاف الصواب، اعتذاراً يقبله من أراد الله تعالى له الزلفى وحسن مآب، واسم ذلك الشرح

الحقيقة الموافقة للشريعة قال المحبي: وممن تولى شرحها أيضاً الأستاذ راس المحققين إبراهيم بن

حسن الكوراني نزيل المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام، انتهى.

ومن مصنفاته الهدية المرسلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شرح الدعاء السيفي، ومنها الوسيلة

إلى شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لخص فيه الشفاء للعياض والشمائل للترمذي، مشتمل على

خمسة أبواب وخاتمة، ومنها شرح اللوائح للجامي، ومنها رسالة في كراهة إمامة الأمرد في الصلاة،

ومنها رسالة في المعراج.

وكانت وفاته يوم الإثنين ثاني رمضان سنة تسع وعشرين وألف، وقد وجد الشيخ هاشم تاريخاً

لوفاته من ابن فضل الله وقبره بمدينة برهانبور.

الشيخ محمد بن قطب الدهلوي

الشيخ العالم الصالح محمد بن قطب بن عبد العزيز الشيخ رفيع الدين الدهلوي، أحد رجال العلم

والمعرفة، أخذ عن والده ثم عن الشيخ نجم الحق جائين السهنوي، ثم لازم الشيخ الكبير عبد الباقي

النقشبندي الدهلوي وأخذ عنه الطريقة، وكان الشيخ يحبه حباً مفرطاً، ذكره الشيخ ولي الله بن عبد

الرحيم الدهلوي في أنفاس العارفين، وقال الشيخ كمال محمد السنبهلي في الأسرارية إنه مات يوم

عيد الأضحى ببلدة برهانبور فنقلوا جسده إلى دهلي ودفنوه بمقبرة أسلافه.

ص: 625

الشيخ محمد بن محمود السورتي

الشيخ الصالح محمد بن محمود الدهداري البخاري ثم الهندي السورتي، كان من عباد الله الصالحين،

ولد بدهدار قرية من أعمال بخارى ونشأ بها، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم سافر إلى البلاد

ودخل سورت، وأسلم على يده عظيم كامريج، وله مصنفات عديدة، منها حاشية على نفحات الأنس

للجامي، ومنها خلاصة الرحمن في تأويل خطبة البيان صنفه سنة ثلاث عشرة، مات في التاسع عشر

من محرم سنة ست عشرة وألف بمدينة سورت فدفن بها، كما في الحديقة الأحمدية.

الشيخ محمد بن محمد الكوكوي

الشيخ الفاضل محمد بن محمد بن إسحاق بن عبد الخالق المتوكل البحري الشيخ شمس الدين

المعروف بشاه منجن، كان من كبار الأولياء، ولد ونشأ بقرية دهناسري من أعمال مدراس، وسافر

للعلم إلى كوكي من أعمال بيجابور، وأخذ عن السيد عبد الستار القادري الجيكيري ولازمه مدة من

الزمان، ثم تولى الشياخة ببلدة كوكي، أخذ عنه الشيخ محمود البحري والشيخ فضل الله وخلق

آخرون، مات سنة تسع وثمانين وألف.

الشيخ محمد بن من الله الكاكوروي

الشيخ العالم المجود محمد بن من الله بن نعم الله الصديقي كمال الدين السعدي الكاكوروي، أحد

العلماء المبرزين في القراءة والتجويد والتصوف، ولد ونشأ بقرية كاكوري من أعمال لكهنؤ، وانتفع

بوالده وأخذ عنه وجلس بعده على مسند الإرشاد، له شرح بسيط على الشاطبية بالفارسي زهاء

سبعين جزءاً، أوله أحمد الله الذي أنزل الكتاب المبين على حبيبه النبي الأمين، إلخ قال الشيخ تراب

علي بن محمد كاظم الكاكوروي في أصول المقصود: إن السلطان محمد أكبر شاه لقيه بكاكوري

وسأله الدعاء حين إيابه من كجرات وذهابه إلى كوركهبور، ثم أعطاه الأرض الخراجية، وكان

مشهوراً بالسعدي نسبة إلى شيخ والده سعد الدين الخير آبادي، انتهى.

توفي سنة اثنتين وألف، كما في المنتخب للبدايوني.

الشيخ محمد بن نظام الأميتهوي

الشيخ الصالح محمد بن نظام الدين العثماني الأميتهوي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح،

ولد ونشأ ببلدة أميتهي على ثمانية أميال من لكهنؤ، وصحب والده وأخذ عنه وتولى الشياخة بعده،

وتزوج بابنة الشيخ عبد الغني الفتحبوري، فولدت له سرى سقطي وتاج الدين، ثم تزوج بزيدبور

فولد عبد الرسول، ثم تزوج ببلدة رائي بربلي فولد له عيسى، ثم تزوج بلاهربور فولد إسحاق وداود.

وكان رحمه الله صاحب استقامة وكرامة، لم يخرج من بيته قط منذ ولد إلى أن توفي إلا إلى المسجد

للصلاة، وكان لا يتردد إلى أرباب الدنيا وأبنائها ولا يحضر بمجالسهم بطريق العادة، ولا يخطر بباله

سوى الله تعالى بالكلية.

توفي لأربع بقين من ذي القعدة سنة إحدى عشرة وألف ببلدة أميتهي فدفن عند أبيه، كما في كنج

أرشدي.

الشيخ محمد بن موسى المكي

الشيخ العالم الصالح محمد بن موسى الحاج القاري المكي اللاهوري، أحد عباد الله الصالحين، بعث

إليه الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي مكتوباً في بيان درجات الولاية ومدح الطريقة النقشبندية

وعلو نسبتهم بالعربية.

القاضي محمد بن هبة الله المشهدي

الشيخ الفاضل القاضي محمد بن هبة الله الرضوي المشهدي، أحد رجال العلم والطريقة، كان قاضياً

بقرية جولي مهيسر على ثلاثة أميال من مندو، مات سنة عشرين وألف، كما في كلزار أبرار.

مولانا محمد بن يوسف السندي

الشيخ الفاضل محمد بن يوسف التتوي السندي، أحد العلماء المبرزين في العلوم الحكمية والفنون

ص: 626

العربية، له مشاركة جيدة في الفقه والأصول ومهارة تامة في الجفر والتكسير والأعداد، أخذ عنه

آصف جاه أبو الحسن بن غياث الدين الطهراني، وكان يكرمه غاية الإكرام ويحسن إليه، ووقف

الخدمات الشرعية من القضاء والافتاء والاحتساب على إخوته وأقاربه بأرض السند، وأنعم عليه

بالأملاك من الحدائق والمنازل والعمالات الأرغونية والترخانية، فحصلت له الوجاهة العظيمة عند

الأمراء، ثم لما استولى مهابت خان على سلطان الهند وتكدرت صحبته بآصف جاه قتل ثلاثة رجال

من خاصته بظنه أنهم يحرضون آصف جاه على الفتنة، وكان محمد بن يوسف هذا وفق بحفظ

القرآن في كبر سنه، فكان يقرأه كل وقت من الأوقات ويحرك شفتيه به، فظنوا أنه يقرأ الأدعية

والرقى على مهابت خان المذكور فقتلوه، وكان ذلك سنة خمس وثلاثين وألف، كما في مآثر الأمراء.

القاضي محمد آصف الإله آبادي

الشيخ الفاضل العلامة محمد آصف الصدر بوري ثم الإله آبادي، أحد العلماء المبرزين في العلوم

الحكمية، ولد ونشأ بصدر بور قرية من أعمال خير آباد، وقرأ العلم على المفتي عبد السلام الأعظمي

الديوي وعلى غيره من العلماء، ثم ولي القضاء بمدينة إله آباد، قرأ عليه الشيخ محمد أفضل بن عبد

الرحمن العباسي الإله آبادي شرح المطالع وجزءاً من شرح حكمة العين وتفسير البيضاوي وله

رسالة في الرد على رسالة الدواني في مبحث الوجود، وله تعليقات على تفسير البيضاوي.

الشيخ محمد آفاق اللكهنوي

الشيخ الصالح محمد آفاق اللكهنوي الفقيه الصوفي العالم، ولد ونشأ بناحية بهار، وسافر للعلم فقدم

كوبامؤ وقرأ الكتب الدرسية على المفتي وجيه الدين الكوباموي، ثم دخل لكهنؤ وأخذ عن الشيخ بير

محمد اللكهنوي ولازمه ملازمة طويلة، ولما مات شيخه بير محمد قام مقامه في الدرس والإفادة.

قال الناروي في تذكرة العلماء: إنه أدرك الشيخ مجتبي بن مصطفى القلندر اللاهربوري وأخذ عنه

أيضاً، وعرب بأمره مصباح الطالبين للشيخ عبد الرسول الكجندوي، انتهى.

توفي لثمان بقين من ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وألف، كما في بحر زخار.

القاضي محمد أسلم الهروي

الشيخ الفاضل العلامة محمد أسلم الحنفي الهروي، أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة، ولد

ونشأ بمدينة هرات وقرأ العلم على مولانا محمد فاضل البدخشي ثم اللاهوري وعلى الشيخ بهلول

اللاهوري، ثم دخل آكره في أيام السلطان جهانكير بن أكبر شاه التيموري، فولي القضاء بكابل

فاستقل به مدة، ثم ولي قضاء المعسكر في أيام السلطان المذكور، ولما قام بالملك شاهجهان بن

جهانكير جعله إماماً له في صلواته الخمس والجمع والأعياد ومنحه منصب ألف، ووزنه غير مرة

بالفضة فأعطاه ما وزنه من النقود كل مرة، كما في بادشاه نامه.

قال الخوافي في مآثر الأمراء: إن شاهجهان وزنه مرة فساوى ستة آلاف وخمسمائة من النقود

الفضية فأعطاها إياه، انتهى.

قال خافي خان في منتخب اللباب: إن فرساً ركضه في سنة ستين وألف فلازم الفراش ثلاثة أشهر

ثم برئ، وفي ذلك الزمان عزم فراست خان ناظر الحرم السلطاني للحج والزيارة فسلم إليه السلطان

مائة ألف وخمسين ألفاً من النقود لأمير مكة المباركة ولغيره من السادة والأشراف، وأمر أن يسافر

القاضي محمد أسلم معه، فلم يجبه القاضي واعتذر بأعذار باردة، فاستكره السلطان عذره وعزله عن

المنصب، ثم وظف عشرة آلاف ربية في كل سنة ونصب مكانه القاضي خوشحال وجعله أكبر قضاة

الهند، انتهى.

قال السيد غلام علي البلكرامي في سبحة المرجان: إنه توفي بلاهور فدفن بها، وفي مآثر الأمراء

أنه مات ببلدة كابل وكان ذلك سنة إحدى وستين وألف.

ص: 627

السيد محمد أشرف المشهدي

الشيخ الفاضل محمد أشرف بن عبد السلام الحسيني المشهدي، أحد الرجال المعروفين بالفضل

والكمال، كان حارساً لمدينة برهانبور حين كان والده والياً على أقطاع الدكن، ولما توفي أبوه تقرب

إلى شاهجهان بن جهانكير سلطان الهند وتدرج إلى الإمارة حتى صار مير بخشياً في عهد عالمكير،

وكان رجلاً فاضلاً حليماً كريماً متورعاً سليم الذهن حسن الأخلاق متين الديانة، له يد بيضاء في

النسخ والتعليق والرقاع وأكثر الخطوط، وله منتخبات المثنوي المعنوي مات في تاسع ذي القعدة سنة

سبع وتسعين وألف في عهد عالمكير، كما في مآثر الأمراء.

السيد محمد أشرف النهتوري

الشيخ الصالح محمد أشرف بن محمد سعيد بن محمد معروف بن داود بن خير الدين الجونبوري ثم

النهتوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، كان من نسل موسى المبرقع بن محمد

النقي الجواد الرضوي، ولد ونشأ ببلدة نهتور وتزوج بها، ثم سار إلى أمروهه وسكن بها في أيام

شاهجهان وتزوج بابنة الشيخ تاج الدين السنبهلي، كما في نخبة التواريخ.

مولانا محمد أفضل الجونبوري

الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة محمد أفضل بن محمد حمزة بن محمد سلطان ابن فريد الدين بن

بهاء الدين العثماني الجونبوري المشهور بأستاذ الملك، كان من نسل الشيخ عثمان الهاروني، قدم

والده من دماوند من بلاد مازندران وسكن بردولي من أعمال أوده، وولد بها محمد أفضل في السادس

عشر من رمضان سنة سبع وسبعين وتسعمائة، واشتغل بالعلم على أبيه وقرأ بعض الكتب الدرسية،

ثم سار إلى دهلي وأخذ عن الشيخ حسين العمري تلميذ الشيخ طاهر اللاهوري والحكيم إسماعيل

وعن الشيخ أبي حنيفة تلميذ الشيخ عبد الله بن شمس الدين السلطانبوري والحكيم علي الكيلاني، وجد

في البحث والاشتغال حتى برع في العلم وأفتى ودرس وله نحو العشرين وصار من أكابر العلماء

فدخل جونبور وسكن بها وأخذ الطريقة عن الشيخ عبد القدوس القلندر الجونبوري ودرس وأفاد، أخذ

عنه الشيخ محمود بن محمد العمري الجونبوري صاحب الشمس البازغة والشيخ عبد الرشيد صاحب

الرشيدية وخلق كثير من العلماء.

قال السيد غلام علي البلكرامي في سبحة المرجان: إنه كان حصوراً تقياً حسن الخلق سليم المزاج

مقيماً لدولة العلم والتدريس بجونبور، مات صاحبه محمود فتأسف بموته تأسفاً شديداً وما تبسم أربعين

يوماً قط ثم لحق به، انتهى.

توفي في التاسع عشر من ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وألف وله أربع وثمانون سنة وسبعة

أشهر، وقبره بجاجك بور من بلدة جونبور، كما في كنج أرشدي.

مولانا محمد أفضل الكشميري

الشيخ العالم الكبير محمد أفضل بن الحيدر بن فيروز الحنفي الكشميري، أحد الأفاضل المشهورين

في عصره، ولد ونشأ بكشمير، واشتغل بالعلم على والده وقرأ عليه الكتب الدرسية، ثم درس وأفاد

وصرف عمره في نشر العلوم والمعارف، أخذ عنه الشيخ عبد الرشيد الكشميري وخلق كثير من

العلماء كما في روضة الأبرار.

مولانا محمد أفضل الباني بتي

الشيخ الفاضل محمد أفضل البني بتي، أحد العلماء المبرزين في الإنشاء والشعر والعلوم الحكمية،

كان يدرس ويفيد ويصرف أوقاته آناء الليل والنهار في التدريس واشتغل به مدة العمر، وكان بين

ذلك إذ رأى فتاة من بنات الوثنين بديعة الحسن والجمال فافتتن بها وترك البحث والاشتغال وجاور

بيتها، فلما رأى أهل بيت الجارية هيمانه في العشق أرسلوها إلى متهرا سراً، فازداد قلقه واضطرابه

وخرج من بلدته متجسساً لها حتى وصل إلى متهرا وأدركها يوماً خرجت مع أترابها للتفرج، فلما

رأته عشيقته في تلك الحال عيرته وقالت: لا ينبغي لشيخ هرم أن يعشق جارية كاعباً، فتأثر، من

قولها وخطرت في قلبه مكيدة، فحلق لحيته

ص: 628

ولبس الزنار وتزيا بزي البراهمة، ثم ذهب إلى كنيسة

عظيمة بها، واشتغل على حبر من أحبار الهنادك وأخذ عنه العلوم الهندية ولازمه زماناً حتى بلغ

الكمال في علومهم ومعرفة دينهم، فأوصى له ذلك الحبر، فلما توفي اتفق الهنادك عليه وأجلسوه

مكانه، فاشتهر أمره وصار مرجعاً ومقصداً للهنادك كافة، وكانت عادتهم أن يخرجوا من البلدة كل

سنة ويحتفلوا ويأتوا إلى تلك الكنيسة للتبرك والزيارة، فلما جاء ذلك اليوم المعهود واحتفلوا حفلة

عظيمة واجتمع إليه الناس من رجل وامرأة على جري العادة وكانت فيهم عشيقته، فلما جاءت ودنت

منه لتقبل قدمه عرفته أنه هو الرجل الذي خرج من بلدته لها، فبهتت وسكتت هنيهة ثم تأثرت بحالته

وأخذتها الموجدة فبكت بكاء شديداً وألقت أمرها بيده، فعرض عليها الإسلام فأسلمت وخرجت معه من

بلدة متهرا فجاء بها إلى باني بت وعاش مدة من الدهر معها في رفاهة ونعيم، ومن أبياته الرائقة

قوله:

با زلف تو تو دهاي عنبر جكنم با خال تو مشكهاي اذفر جكنم

تو كافر وزلف كافر ودل كافر من نيم مسلمان بسه كافر جكنم

توفي سنة خمس وثلاثين وألف، كما في رياض الشعراء.

القاضي محمد أفضل اللاهوري

الشيخ العالم القاضي محمد أفضل الحنفي الصوفي اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه

والأصول والعربية، أخذ الطريقة عن الشيخ أبي تراب بن تجيب الدين الشيرازي اللاهوري، وأخذ

عنه خلق كثير، توفي سنة اثنتين وتسعين وألف بمدينة لاهور فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.

مولانا محمد أمين اللاهوري

الشيخ الفاضل محمد أمين بن مولانا خواجه الحسيني الهروي ثم اللاهوري، أحد رجال العلم

والطريقة، ولد ونشأ بمدينة هرات، وسافر إلى قندهار فلازم الشيخ زين الدين الخوافي وأخذ عنه، ثم

قدم الهند في أيام أكبر شاه وسكن بملكبور قرية من أعمال لاهور، وناهز عمره ستاً وثمانين سنة، كما

في أخبار الأصفياء.

مير محمد أمين الشهرستاني

الأمير الكبير محمد أمين الحسيني الشهرستاني، أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ

بايران، وقدم الهند سنة ثلاث عشرة وألف، فدخل حيدر آباد وتقرب إلى محمد قلى قطب شاه وولي

الوزارة الجليلة فأقام بها زماناً، ولما مات محمد قلى قطب شاه وتولى المملكة ابن أخيه محمد قطب

شاه خرج من حيدر آباد ودخل بيجابور، ثم خرج منها إلى إيران ولبث بها زماناً، ثم دخل الهند سنة

سبع وعشرين وألف وتقرب إلى جهانكير بن أكبر شاه سلطان الهند، فولي على العرض المكرر ثم

صار قهرمانه، ولما مات جهانكير وتولى المملكة ولده شاهجهان تقرب إليه، وترقى درجة بعد درجة

حتى نال مير بخشيكري وصار منصبه مع الأصل والاضافة خمسية آلاف له وألفين للخبل، مات

سنة سبع وأربعين وألف، كما في مآثر الأمراء.

محمد باقر البيجابوري

الشيخ الفاضل محمد باقر بن عبد الستار البيجابوري، أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن أبيه عن

عمه السيد أشرف عن أبيه أبي الحسن عن أبيه السيد سلطان عن أبيه السيد علي عن جلال الدين

عن ظهير الدين عن أبي القاسم عن أبي الحسن عن موسى عن محمد عن أحمد عن عبد الرزاق عن

أبيه عبد القادر الجيلاني إمام الطريقة، مات سنة ثلاث وسبعين وألف بقرية كوكي من أعمال

بيجابور، كما في مهر جهانتاب.

الشيخ محمد لقاء السهارنبوري

الشيخ الفاضل محمد لقاء بن غلام محمد بن عبد الباقي الأنصاري السهارنبوري، أحد الأفاضل

المشهورين، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وأخذ عن غير واحد من العلماء منهم المفتي نور الحق بن

عبد الحق

ص: 629

المحدث الدهلوي، قرأ عليه مشكاة المصابيح وأسند عنه، ثم تقرب إلى غضنفر خان ثم إلى

أخيه أرسلان خان ثم إلى افتخار خان وأخذ عنه بعض الفنون الغريبة، ثم انقطع إلى بختاور خان

العالمكيري وصنف له الكتب وصنف بأمره كتابه مرآة جهان نما في مجلدين ومات قبل إتمامه فبيضه

من مسوداته ابن أخته محمد شفيع.

وكان شاعراً مجيد الشعر، له معرفة بالهيئة والحساب والجفر الجامع، وله أبيات رقيقة رائقة

بالفارسية منها قوله:

نميدهم بنكه رخصت نظاره دوست درين زمانه بجشم خود اعتباري نيست

مرزا محمد تقي الأوحدي

الشيخ الفاضل مرزا محمد تقي بن معين الدين محمد الحسيني الدقاقي البلياني من نسل الشيخ أبي

علي الدقاق، كان من العلماء المبرزين في العلوم الأدبية، ولد ونشأ بأصفهان، وسافر إلى كاشان فسكن

بها مدة من الدهر، ثم قدم الهند وسكن بمدينة آكره في أيام جهانكر بن أكبر شاه سلطان الهند، له

سرمة سليماني كتاب في اللغة الفارسية، وله غرفات العارفين وعرصات العاشقين كتاب في تذكرة

الشعراء لم يؤلف مثله قبله ولا بعده، صنفه بآكره في سنتين وفرغ من تصنيفه في سنة أربع

وعشرين وألف، وكان يتلقب في الشعر بالأوحد، ومن شعره قوله:

بنكاي فروختم خود را جكنم بيشتر نمى ارزم

مات في سنة إحدى وثلاثين وألف، كما في مرآة جهان نما.

السيد محمد تقي الرهتكي

الشيخ العالم الكبير محمد تقي الحسيني الرهتكي، أحد الأفاضل المشهورين، قرأ العلم على الشيخ

محمد أفضل بن حمزة العثماني الجونبوري، ولازمه مدة من الزمان حتى برع وصار من أكابر

العلماء، وتصدر للدرس والإفادة بقرية بندكي بكسر الموحدة قرية جامعة من أعمال فتحبور، له

مدرسة عظيمة بها، ذكره الشيخ محمد يحيى بن محمد أمين العباسي الإله آبادي في رسائله وقال: إنه

كان عالماً كبيراً بارعاً في العلوم ذا سخاء وإيثار يقرئ الطلبة ويضيف أبناء السبيل، قال إن الشيخ

محمد أفضل الإله آبادي كلما كان يذهب إلى كالبي ويمر على بندكي يزوره ويقيم في مدرسته،

وكانت بينهما محبة صادقة ومودة واثقة، انتهى.

الشيخ محمد جان القدسي

الشيخ الحاج محمد جان المشهدي الشاعر المشهور المتلقب في الشعر بالقدسي، قدم الهند سنة اثنتين

وأربعين وألف، وتقرب إلى شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند ونال الصلات الجزيلة منه،

له بادشاه نامه منظومة في أخبار السلطان المذكور، وله ديوان الشعر بالفارسي، ومن شعره قوله:

اينجاغم محبت آنجا جزائي عصيان آسايش دوكيتي برما حرام كردند

توفي سنة ست وخمسين وألف بمدينة لاهور، كما في سرو آزاد.

القاضي محمد حسين الجونبوري

الشيخ العالم الفقيه القاضي محمد حسين الجونبوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول، ولي

القضاء بمدينة جونبور في أيام شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند، ونقله عالمكير بن

شاهجهان إلى مدينة إله آباد في أوائل عهده، ثم ولاه الاحتساب وأضاف إلى منصبه وهو ممن بذل

جهده في تدوين الفتاوي الهندية مات في الثالث عشر من جلوس عالمكير على سرير الملك نحو سنة

ست وسبعين وألف.

السيد محمد حسين الله جاني

الشيخ الفاضل محمد حسين الحسيني الله جاني، أحد العلماء المبرزين في الطب والشعر والخط، قدم

الهند وتقرب إلى برويز بن جهانكير ونال الصلات منه، له أبيات رائقة بالفارسية، منها قوله:

ص: 630

ملاحت تو كواه است شور بختي من كه بينمك نسرشتند خاك آدم را

مات سنة ثمان وعشرين وألف بمدينة إله آباد فدفن بها، كما في سرو آزاد.

مولانا محمد حسين الكشميري

الشيخ الفاضل محمد حسين الكشميري الخطاط المشهور، له يد بيضاء في التعليق، كان يكتبه في

غاية الجودة والحلاوة، اتفق الناس على أنه كان معدوم النظير في الهند في جودة الخط، استقدمه أكبر

شاه من كشمير وجعله معلماً لأبنائه، توفي سنة عشرين وألف، كما في مرآة العالم.

الشيخ محمد حافظ الدهلوي

الشيخ العالم الصالح محمد حافظ الخيالي الدهلوي، كان من كبار العلماء، أخذ عن الشيخ عبد الباقي

النقشبندي الدهلوي وصحبه مدة وصار بارعاً في العلم والمعرفة، وكان له يد بيضاء في الشعر

الفارسي، له:

عمر عزيز ما همه در تيركي كذشت در شب نوشته اند مكر سر نوشت ما

وتاريخ وفاته آه آه محمد فاضل خيالي بيمثل.

الشيخ محمد حسين النيشابوري

الشيخ الفاضل محمد حسين النظيري النيشابوري الشاعر البليغ الوحيد في مقاصده البعيد الغاية في

ميدانه، ولد ونشأ بمدينة نيشابور، وقدم الهند لعله سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة فدخل آكره، وتقرب

إلى مرزا عبد الرحيم خان ونال الصلات منه، ثم سار معه إلى أحمد آباد ولازمه زماناً، ثم سافر إلى

الحرمين الشريفين سنة اثنتين بعد الألف فحج وزار ورجع إلى الهند، وتحسس في نفسه شيئاً فقرأ

النحو والعربية على محمد بن الحسن المندوي، وأخذ الحديث والتفسير عن الشيخ حسين الكجراتي،

وسكن بمدينة أحمد آباد واعتزل عن الناس ورفض الدنيا وأسبابها.

له ديوان شعر يحتوي على المعاني الرقيقة والمباني الرشيقة، لم يبلغ مداها أحد من الشعراء المفلقين

من أهل إيران، وهو مقبول متداول في أيدي الناس.

ومن بدائعه قوله:

تو بخويشتن جه كردي كه بماكني نظيري بخدا كه واجب آمد ز تو احتراز كردن

وقوله:

رسوا منم وكرنه تو صد بار در دلم رفتي وآمدي وكسى را خبر نشد

وقوله:

بر صوفي بي وجد وبال است عبادت بر شيشه كه خالي است زمي سجده حرام است

وقوله:

كمر در خدمتت عمريست مي بندم جه شد قدرم برهمن ميشدم كر اين قدر زنار مي بستم

وقوله:

مرا بساده دليهاي من توان بخشند خطا نموده ام وجشم آفرين دارم

توفي سنة ثلاث وعشرين وألف بمدينة أحمد آباد فدفن في فناء المسجد الذي بناه عند بيته.

مولانا محمد حسين الكشميري

الشيخ الفاضل محمد حسين الكشميري، أحد العلماء المشهورين، ولي الإفتاء بمدينة بتنه بفتح الباء

الهندية وهي التي سموها بعد ذلك بعظيم آباد فاشتغل بها بالفتيا والتدريس مدة من الزمان، قرأ عليه

مرزا محمد صادق الأصفهاني وذكره في صبح صادق قال: له يد بيضاء في المعارف الدينية، مات

سنة خمس وثلاثين وألف.

المفتي محمد خليل الجونبوري

الشيخ العالم الفقيه المفتي محمد خليل بن شمس

ص: 631

الدين الصديقي البرونوي الجونبوري، أحد العلماء

العاملين، قرأ على والده وتفنن في الفضائل عليه وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد رشيد بن مصطفى

العثماني الجونبوري، ثم ولي الإفتاء مكان أخيه محمد صادق بن شمس الدين واستقام عليه مدة حياته،

وكان كثير الدرس والإفادة، أخذ عنه خلق كثير، توفي يوم الخميس لليلة بقيت من ذي الحجة الحرام

سنة تسع وسبعين وألف بجونبور، فدفن بمقبرة أخيه المفتي محمد صادق، كما في كنج أرشدي.

الشيخ محمد رشيد العثماني الجونبوري

الشيخ العالم الكبير العلامة محمد رشيد بن محمد مصطفى بن عبد الحميد العثماني الجونبوري، أحد

العلماء المبرزين في الفقه والأصول والتصوف، كان من ذرية الشيخ الكبير سرى بن مفلس السقطي

العثماني، يصل نسبه إليه بثماني عشرة واسطة، وكان مولده في برونه بفتح الموحدة والراء المهملة

قرية من أعمال جونبور، ولد بها في عاشر ذي القعدة سنة ألف، وأمه كانت بنت الشيخ نور الدين بن

عبد القادر الصديقي البرونوي، نشأ في خؤولته وقرأ القرآن وتعلم الخط والكتابة، وقرأ التصريف

واللب والإرشاد والكافية على الشيخ كبير نور، وجزءاً من اللب والإرشاد وبعضاً من العباب على

مخدوم عالم السدهوري، وبعضاً من الكافية وجزءاً من شرحها للجامي وجزءاً من الإرشاد على الشيخ

قاسم، وشطراً من الإرشاد والكافية وشرحها للجامي على الشيخ مبارك مرتضى، ودرساً أو درسين

من الكافية على الشيخ نور محمد المداري، وشرح الجامي على الكافية من أوله إلى مبحث المفعول

فيه على محيي الدين بن عبد الشكور، وبعضاً من شرح التهذيب لليزدي على عبد الغفور بن عبد

الشكور، وجزءاً من شرح الجامي وأجزاء من حاشية ملا زاده على الشيخ حبيب إسحاق، والحسامي

إلى مبحث الأمر على الشيخ جمال الكوروي، وبست باب إلى آخر دوائر العظام على مولانا محمد

اللاهوري، وجزءاً من شرح هداية الحكمة على السيد عبد العزيز التبتي، وجزءاً من شرح الشمسية

للرازي على السيد عبد الله شقيق عبد العزيز المذكور، وشرح الكافية للجامي من مبحث المبني

وحاشية الكافية مع شرح الشيخ إله داد الجونبوري إلى مرفوعاته وقصيدة البردة وشطراً من الآداب

الحنفية وبقية الحسامي والمختصر مع حاشيته وشرح الوقاية والهداية والتوضيح مع حاشيته التلويح

على خاله المفتي شمس الدين البرونوي، وقرأ شرح الشمسية للقطب الرازي مع حاشيته وشرح

العقائد والمطول مع حاشيته للسيد الشريف وشرح المواقف والمقدمات الأربع من التلويح والعضدية

وتفسير البيضاوي وشرح الجغميني ومشكاة المصابيح والموجز كلها على أستاذ الملك محمد أفضل

بن محمد حمزة العثماني الجونبوري، وأسند الحديث من المصابيح والمشكاة وصحيح البخاري على

المفتي نور الحق ابن عبد الحق البخاري الدهلوي، هذا ما صرح به الشيخ محمد رشيد صاحب

الترجمة في بعض رسائله وقد تركنا بعض التفصيل مخافة الإطناب.

وأما الطريقة فإنه لبس الخرقة من والده في صباه ولم يمكنه أن يشتغل عليه بالأذكار والأشغال،

واشتغل بالعلم بمدينة جونبور حتى دخل بها الشيخ طيب بن معين البنارسي فلقيه، ثم اجتمع به مرة

ثانية في مندواديه قرية من أعمال بنارس فصحبه بضعة أيام وأراد أن يترك البحث والاشتغال ويأخذ

الطريقة عنه، فلم يرض به الشيخ ورخصه إلى جونبور وعزم عليه أن يجتهد في البحث والاشتغال،

فرجع وقرأ العلم على من بها من الأساتذة، ثم تردد إلى مندواديه وصحب الشيخ طيب المذكور وأخذ

الطريقة الجشتية والقادرية والسهروردية عنه، ولازمه مدة حتى بلغ رتبة المشيخة، فاستخلفه الشيخ

وكتب له وثيقة الخلافة سنة أربعين وألف، ثم حصلت له الإجازة في الطريقة القادرية عن السيد

شمس الدين محمد بن إبراهيم الحسني الحسيني القبائي القادري الموسوي الكالبوي وعن الشيخ موسى

بن حامد بن عبد الرزاق الحسني الحسيني القادري الأجي، وفي الطريقة الجشتية والسهروردية عن

السيد أحمد الحليم الحسيني المانكبوري، وفي الطريقة القلندرية والمدارية والفردوسية عن الشيخ عبد

القدوس ابن عبد السلام الجونبوري ومن مشايخ آخرين.

وكان اشتغل بالدرس والإفادة مدة طويلة، ثم تركه واكتفى بمطالعة كتب الحقائق لا سيما مصنفات

الشيخ

ص: 632

محي الدين بن عربي، وكان يحمل عبارات الشيخ التي هي محل الطعن على محامل حسنة،

وكان يحترز عن الاختلاط بالأمراء والأغنياء، ولما بلغ صيت كماله إلى شاهجهان بن جهانكير

الدهلوي سلطان الهند رغب في لقائه وأرسل إليه كتاباً في طلبه، فأبى أن يخرج من زاويته، واستمر

على ذلك حتى لقي الله تعالى في حالة عجيبة حيث فرغ عن سنة الفجر وشرع في الفرض فأجاب

داعي الحق وقت التحريمة.

ومن مختاراته أنه كان يقرأ الفاتحة خلف الإمام في الصلوات السرية، وكان يضطجع ما بين سنة

الفجر وفرضه على مذهب الشيخ الأكبر، وكان أوصى أبناءه قبل موته أن لا يناط العمامة على رأسه

عند التكفين، ولا يذبح الأنعام ولا يطبخ اللحم في طعام يطبخ لإيصال الثواب له، ولا يعزى له أكثر

من ثلاثة أيام، ويصنع قبره من الطين فلا يجصص.

ومن مصنفاته الرشيدية في فن المناظرة وهي أشهر مصنفاته، تلقاها العلماء بالقبول تعليقاً وتدريساً

وله شرح هداية الحكمة وشرح على أسرار المخلوقات للشيخ الأكبر، وله خلاصة النحو بالعربية،

وزاد السالكين ومقصود الطالبين كلاهما بالفارسية، وله ديوان شعر، وله غير ذلك من المصنفات،

وقد جمع ملفوظاته الشيخ نصرت جمال الملتاني في كنج رشيدي وجمعها مودود بن محمد حسين

الجونبوري أيضاً.

مات يوم الجمعة في تاسع رمضان سنة ثلاث وثمانين وألف، كما في كنج أرشدي.

خواجه محمد رضا الأصفهاني

الشيخ الفاضل محمد رضا بن عبد الله الأصفهاني الشاعر المشهور المتلقب بالشكيبي، كان من ذرية

الشيخ عبد الله بن أمين الدين حسن الامامي، ولد سنة أربع وستين وتسعمائة، وقرأ بعض الكتب

الدرسية على أساتذة شيراز وبعضها على أهل أصفهان، ثم قدم الهند وتقرب إلى عبد الرحيم بن بيرم

خان وصاحبه مدة من الزمان، ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار، ورجع إلى الهند بعد ثلاث سنوات،

فولي الصدارة بدهلي فاستقل بها مدة حياته، وكان شاعراً مجيد الشعر، من أبياته الرائقة قوله:

درد است متاعم نه طرب نرخ جه برسي دانم كه تونستاني ومن هم نفروشم

مات سنة ثلاث وعشرين وألف، كما في نتائج الأفكار.

مولانا محمد رضا اللكهنوي

الشيخ الفاضل محمد رضا بن عبد القادر العمري اللكهنوي، أحد العلماء المشهورين، ولد ونشأ

بلكهنؤ، وقرأ العلم على صنوه محمد وارث بن عبد القادر وعلى الشيخ بير محمد اللكهنوي، ثم اختار

الترك والتجريد واشتغل بالرياضة والمجاهدة بلكهنؤ مدة طويلة، ثم سافر إلى بغداد ثم إلى الحرمين

الشريفين فحج وزار، وذهب إلى البصرة فازدحم عليه الناس فخرج منها ورجع إلى المدينة المنورة

وأقام بها مدة من الزمان، ثم ذهب إلى مصر وتوفي بها لثمان بقين من رمضان سنة سبع وألف، كما

في بحر زخار ولعل صاحب البحر أخطأ في مدة السنة أو صحف الكاتب فترك لفظ مائة من سبع

وألف، ويحتمل أن يكون سبعين مكان سبع والله أعلم.

القاضي محمد زاهد الكابلي

الشيخ الفاضل العلامة القاضي محمد زاهد الحنفي الكابلي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية وغيرها، ولي القضاء بمدينة كابل في عهد السلطان جهانكير بن أكبر شاه الدهلوي واستقل

به إلى أيام ابنه شاهجهان بن جهانكير، وكان عالماً كبيراً بارعاً في الفقه والأصول صالحاً تقياً

متورعاً ملازماً على خدمة العلم مع الطريقة الظاهرة والصلاح، توفي في السنة الثالثة الجلوسية التي

تطابق سنة تسع وثلاثين وألف، كما في شاهجهان نامه.

الشيخ محمد زمان الكاكوروي

الشيخ العالم الكبير محمد زمان بن محمد رضا بن محمد أشرف بن عبد القادر ابن شهاب الدين بن

نظام الدين بهيكه العلوي الكاكوروي، أحد كبار العلماء، ولد ونشأ بكاكوري، واشتغل بالعلم من صباه

وسافر إلى البلاد وقرأ على القاضي عبد القادر العمري

ص: 633

اللكهنوي، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ بير

محمد اللكهنوي، ثم تصدى للدرس والإفادة، أخذ عنه الشيخ عبد الغفور الأشرفي البهاكلبوري والشيخ

علي أصغر القنوجي والشيخ محمد غوث الكاكوروي وخلق آخرون.

القاضي محمد سعيد الكرهرودي

الشيخ الفاضل العلامة محمد سعيد الكرهرودي، أحد فحول العلماء، لم يكن له نظير في العلوم

الحكمية، أخذ عن السيد محمد باقر بن شمس الدين الحسيني الإسترآبادي المشهور بباقر داماد ولازمه

زماناً، ثم قدم الهند فولاه شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند نظارة داغ وتصحيحه فأقام بها

مدة، ثم ولاه نظارة العرض المكرر، ثم جعله صاحب ديوان البيوتات، وكذلك تدرج القاضي في

المناصب أيضاً حتى بلغ إلى ألف.

وكان رجلاً حازماً شجاعاً مدبراً متقناً صدوقاً بارعاً في العلوم الحكمية لا سيما الحساب والهيئة

والهندسة وغيرها، توفي سنة أربع وأربعين وألف، كما في بادشاه نامه.

الشيخ محمد سعيد الهندي

الشيخ الحاج محمد سعيد الحنفي الهندي الفاضل العلامة، ذكره بختاور خان في مرآة العالم، قال: إنه

كان عالماً فاضلاً مدققاً متورعاً ماهراً بالمعارف الإلهية، وكان لا يتقيد بلبس المتفقهة من عمامة

وطيلسان، وكان لغاية تورعه لا يأكل الطعام في بيت والده مع أن ماله كان من وجه الخدمات

السلطانية، ولما مات والده وحصل له المال على وجه الإرث والاستحقاق سافر في تلك الساعة إلى

الحرمين الشريفين فحج وزار، ويرجع إلى الهند وتصدر للدرس والإفادة، وكان شاهجهان بن

جهانكير الدهلوي سلطان الهند يعتقد فيه الفضل والكمال، وبعث إليه العلامة عبد الحكيم السيالكوتي

ليأتي به فلم يقبل ولم يحضر قط، وله حاشية على أجزاء من تفسير بيضاوي انتهى.

الشيخ محمد سعيد الكجراتي

الشيخ الفاضل الكبير محمد سعيد الكجراتي، أحد المشايخ المشهورين في عصره، كان صاحب وجد

وسماع، له جمرة الشوق لأصحاب الذوق في التصوف، مات بكجرات سنة ثمان عشرة وألف، كما

في محبوب الألباب.

الأمير محمد سعيد الأردستاني

الأمير الكبير محمد سعيد الحسيني الأردستاني مير جمله، معظم خان، خانخانان، سبه سالار، كان

من الرجال المعروفين بالحزم والسياسة، قدم الهند ودخل حيدر آباد في أيام عبد الله قطب شاه وترقى

درجة بعد درجة حتى نال الوزارة الجليلة بها، وفتح القلاع والبلاد بأرض كرنانك وملأ الخزائن

بالذهب والفضة والجواهر الثمينة، فلما قويت شوكته توهم منه عبد الله قطب شاه فخرج من حيدر

آباد وسار إلى عالمكير ثم إلى والده شاهجهان سلطان الهند، فأعطاه السلطان ستة آلاف له وستة

آلاف للخيل منصباً رفيعاً ولقبه معظم خان وولاه الوزارة الجليلة، وعرض مير جمله على السلطان

ألماساً كان وزنه ست عشرة ومائتي حبة وهي التي يسمونها كوه نور وهو اليوم في إكليل ملك الدولة

الإنكليزية، وولاه عالمكير على بنكاله ولقبه بخانخانان، سبه سالار، فضبط البلاد وفتح الفتوحات

العظيمة بآسام ومات بها.

وكان رجلاً فاضلاً شجاعاً مقداماً حازماً ماهراً بالفنون الحربية عارفاً بالحيل والتدبير، توفي في ثاني

رمضان سنة ثلاث وسبعين وألف بخضربور من أعمال بنكاله، كما في مآثر الأمراء.

محمد سعيد القرشي الملتاني

الشيخ الفاضل محمد سعيد القرشي الملتاني، أحد الرجال المعروفين بالشعر والإنشاء وتأويل الرؤيا

والفراسة وغيرها، ولد ونشأ ببلدة ملتان وتفنن في الفضائل الكثيرة، ثم تقرب إلى مراد بن شاهجهان

وصاحبه مدة من الدهر، ثم انحاز عنه وتقرب إلى عالمكير بن شاهجهان، وله أبيات رقيقة رائقة.

ومن شعره قوله ارتجالاً في تهنئة عيد الفطر لمراد المذكور:

ص: 634

روز عيد است لب خشك مي آلود كنيد جاره كار خود أي تشنه لبان زود كنيد

حرف بي صرفه واعظ نتوان كرد بكوش كرش بر زمزمه جنك وني وعود كنيد

شيوه صدق جو سرمايه هر سود بود هست اميد كزين شيوه بسي سود كنيد

مات في الرابع عشر من شعبان سنة أربع وثمانين وألف بمدينة ملتان، كما في مرآة الخيال.

مرزا محمد شريف الإيراني

الأمير الفاضل محمد شريف بن دوست محمد الإيراني المشهور بمعتمد خان، كان من الرجال

المعروفين بالتاريخ والسير والأنساب، قدم الهند وتقرب إلى جهانكير بن أكبر شاه وصار من ندمائه

حتى أنه كان يدخله في المنزل معه، له إقبال نامه جهانكيري كتاب في أيام جهانكير صنفه في ثمان

كراريس بالفارسي، وكان منصبه في آخر أيامه أربعة آلاف له وألفين للخيل، مات في سنة تسع

وأربعين وألف، كما في مآثر الأمراء.

المفتي محمد شريف الإله آبادي

الشيخ العالم الفقيه المفتي محمد شريف الحسيني الإله آبادي، أحد العلماء المبرزين في الفقه

والأصول والعربية، ذكره الشيخ محمد يحيى العباسي في وفيات الأعلام قال: إنه جمع العلم والعمل

والصلاح والعفاف وحسن الخلق والصلابة في الدين، كان لا يخاف في الله أحداً ولو كان ملكاً جائراً،

وكان مفتياً بمدينة إله آباد، مات في صفر سنة خمس وثلاثين وألف بتلك المدينة فدفن بها في بيته.

القاضي محمد شريف الكجراتي

الشيخ الفاضل الكبير محمد شريف بن محمد فريد الصديقي الحنفي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين

في الفقه والأصول، كان يدرس ويفيد بكجرات، أخذ عنه الشيخ أحمد بن سليمان الكجراتي وقرأ أكثر

الكتب الدرسية عليه، كما في مرآة أحمدي.

مير محمد شريف الترمذي

الشيخ الفاضل محمد شريف الترمذي، كان ابن أخت عبد الله الخطاط المشهور، لقبه جهانكير بكاتب

سلطاني وكان يكتب النستعليق في غاية الجودة، وتربى في مهد خاله عبد الله المذكور، وقام مقامه بعد

رحلته، وكان يسترزق بعمل يده، توفي سنة أربع وخمسين وألف، كما في مرآة العالم.

الأمير محمد شفيع اليزدي

الأمير الكبير محمد شفيع اليزدي نواب دانشمند خان، كان من الأفاضل المشهورين في إقليم الهند،

قدمها من طريق البحر ودخل سورت سنة ستين وألف في أيام شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان

الهند، فأمر السلطان له بخمسة آلاف ربية للزاد والراحلة واستقدمه إلى حضرته، فلما وصل إليه أمر

أن يجزل عليه نذور يوم الأحد إلى سنة كاملة، كما في منتخب اللباب.

وقال محمد صالح في كتابه عمل صالح: إن اليزدي قرأ العلم في بلاده ثم ورد الهند للتجارة

مضاربة، فربح في تجارته وأراد أن يعود إلى بلاده، فلما وصل إلى سورت إستعاده شاهجهان

وأعطاه المنصب ألفاً لذاته ومائة للخيل، ولم يزل في ازدياد من الترقي حتى صار منصبه خمسة

آلاف لذاته، انتهى.

وفي مرآة جهان نما أن شاهجهان ولاه على بخشيكري وأضاف إلى منصبه حيناً بعد حين حتى

صار ثلاثة آلاف له، واعتزل في بيته في آخر أيامه بدهلي، فلما تولى المملكة عالمكير أضاف في

منصبه وولاه على مير بخشيكري حتى صار منصبه في آخر أيامه خمسة آلاف، وكان عالمكير قرأ

عليه إحياء العلوم من أوله إلى آخره وبعض الكتب الأخر.

وفي مآثر الأمراء: وكان عالماً كبيراً غواصاً في بحار التحقيق، جمع أهل العلم من الهنود والإفرنج

فكان يأخذ عنهم ويذاكرهم في العلوم والفنون حتى أصبح منزله حلقة علم يؤمها سراة البلاد

ووجهاؤها يتسابقون إلى حديثه، وكان واسع الاطلاع في العلوم لا سيما الفلسفة والتاريخ والتمدن،

وكان يعرف اللغات المتنوعة، وكان كثير

ص: 635

المطالعة لم يفته كتاب إلا طالعه، انتهى.

وفي مآثر عالمكيري أنه قلد بمير بخشيكري سنة ثمان وسبعين وألف فاستقل بها مدة حياته، انتهى،

وكان من ندمائه الدكتور برني ار الرحالة الفرنسوي، ذكره في كتابه وأثنى عليه.

مات في عاشر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وألف في أيام عالمكير، كما في مآثر الأمراء.

مولانا محمد صادق الجونبوري

الشيخ الفاضل محمد صادق بن أبي البقاء بن محمد درويش الحسيني الواسطي الجونبوري، أحد

الأفاضل المشهورين، ولد ونشأ بجونبور، وقرأ العلم على والده، ثم تقرب إلى عالمكير فجعله معلماً

لولده محمد معظم فاشتغل بتعليمه مدة، ثم لما جلس على سرير الملك محمد معظم أقطعه أرضاً في

جهانكير نكر ذهاكه، فرحل إلى ذلك المقام ومات به، له شرح الزنجاني وشرح مائة عامل كما في

تجلي نور قلت: وله الآداب الصادقية في فن المناظرة موجود في المكتبة الحامدية برامبور، وله

حاشية على العضدية في المناظرة.

المفتي محمد صادق الجونبوري

الشيخ العالم الفقيه المفتي محمد صادق بن شمس الدين الصديقي الحنفي البرونوي الجونبوري، أحد

كبار العلماء، قرأ بعض الكتب الدرسية على والده وأكثرها على العلامة محمود بن محمد العمري

الجونبوري، وجد في البحث والاشتغال حتى برع في العلم وتأهل للفتوى والتدريس فولي الإفتاء

مكان أبيه المرحوم.

وكان ورعاً تقياً قنوعاً عفيفاً ديناً شديد التعبد كثير الدرس والإفادة، لا يراه أحد إلا في المدرسة أو

في المسجد، عرض عليه تلميذ والده ركن الدين البحري آبادي شالاً كشميرياً هدية جاء إلى بلدته بعد

مدة من الزمان وكان من ندماء شائسته خان، فلم يقبل هديته وقال ع:

من دلق را بأطلس شاهان نمى خرم

وحيث كان تقواه في غاية كان لا يأتم في الصلاة بشيخه محمود لتوغله في الفلسفة ومختاراته فيها.

وحكى أن نواب الله وردي خان أمير بلدته أمره مرة أن يثبت خاتمه على سجل مشتمل على أمر

غير مشروع فلم يقبله، فاستصحبه الله وردي خان في سفينة فلما بلغ إلى وسط النهر أكرهه على ذلك

فدفع إليه خاتمه مكرها، فأراد الأمير أن يثبته على السجل المذكور وجد في إثباته ولكنه لم يؤثر فيه،

فخجل الأمير واعترف بورعه وتقواه.

توفي إلى رحمة الله سبحانه في رابع ذي الحجة سنة ثمان وستين وألف، وقبره مشهور في جونبور،

كما في كنج أرشدي.

الشيخ محمد صادق الكنكوهي

الشيخ الصالح الفقيه محمد صادق بن فتح الله الحنفي الكنكوهي، أحد كبار المشايخ الجشتية، ولد

ونشأ بكنكوه، وأخذ الطريقة عن عمه الشيخ أبي سعيد الحنفي الكنكوهي، وجلس بعده على مسند

الإرشاد، أخذ عنه ولداه داؤد ومحمد والشيخ إبراهيم المراد آبادي والشيخ عبد الجليل الإله آبادي

وخلق آخرون، وكان صاحب كشوف وكرامات، مات سنة ثمان وخمسين وألف بكنكوه فدفن بها، كما

في خزينة الأصفياء.

مولانا محمد صادق الكشميري

الشيخ الفاضل محمد صادق بن كمال الدين الحنفي الكشميري، أحد الأفاضل المشهورين في عصره،

ذكره الجهلي في حدائق الحنفية قال: إنه كان عالماً فصيحاً مستحضراً لفروع المذهب مع الخبرة

التامة في المنطق والحكمة والطب، ظهر تقدمه في تلك الفنون، ولذلك استقدمه جهانكير بن أكبر شاه

سلطان الهند وأدناه إلى مجلسه المحفوف بأرباب الكمال، واصطفاه للمناظرة بملا حبيب الله الشيعي

فباحثه وأفحمه، مات بكشمير وقبره بها في حارة جماله، انتهى.

مولانا محمد صادق الدهلوي

الشيخ الفاضل الخواجه محمد صادق الحنفي

ص: 636

الدهلوي، أحد العلماء الصالحين، أخذ الطريقة عن

الشيخ عبد الباقي النقشبندي الدهلوي ولازمه مدة، وكان من كبار العلماء له كلمات الصادقين كتاب

في أخبار المشايخ المدفونين بمدينة دهلي، صنفه في أيام جهانكير بن محمد أكبر سلطان الهند، وله

حكايات الراشدين وكتاب في أسماء الرجال.

مات في شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين وألف، كما في الأسرارية.

مولانا محمد صديق الكشمي

الشيخ الفاضل محمد صديق بن ظهير الدين حسن الكشمي البدخشي، أحد العلماء المبرزين في

قرض الشعر، دخل الهند وتقرب إلى عبد الرحيم بن بيرم خان ولازمه مدة، ثم صحب الشيخ عبد

الباقي النقشبندي الدهلوي وأخذ عنه، وسافر من دهلي سنة ثماني عشرة وألف إلى برهانبور ولبث

عند عبد الرحيم المذكور زماناً، ثم رجع وأقام بمندو أياماً قليلة، ثم سافر إلى سرهند ولازم الشيخ

أحمد ابن عبد الأحمد السرهندي، واشتغل عليه بالأذكار والأشغال مدة حتى بلغ رتبة المشيخة

واستخلفه الشيخ، فسافر مع عياله سنة اثنتين وثلاثين وألف إلى الحجاز فحج وزار، ورجع إلى الهند

وأقام بها زماناً ثم سار إلى ما وراء النهر، له مزدوجة على نهج المثنوي المعنوي ومزدوجة أخرى

على نهج شيرين خسرو وله ديوان الشعر الفارسي، ذكره محمد هاشم الكشمي في زبدة المقامات وقال

كمال محمد السنبهلي في الأسرارية: إنه مات سنة إحدى وخمسين وألف بدهلي فدفن في مقبرة الشيخ

عبد الباقي رحمه الله.

مولانا محمد صديق الدهلوي

الشيخ العالم الصالح محمد صديق بن محمد صادق الحنفي الدهلوي، أحد كبار العلماء، ولد ونشأ

بدهلي، وقرأ العلم على الشيخ عبد الله بن عبد الباقي النقشبندي الدهلوي وأخذ عنه الطريقة ولازمه

مدة، وصحب الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي إمام الطريقة المجددية وأخذ عنه، ورجع

إلى دهلي واعتزل في الجامع الفيروزي، وكان يدرس ويفيد به آناء الليل والنهار، مات سنة إحدى

وسبعين وألف فدفن بمقبرة الشيخ عبد الباقي رحمه الله، كما في الأسرارية.

الشيخ محمد صالح الترمذي

الشيخ الفاضل محمد صالح بن عبد الله الحسيني الترمذي المتلقب في الشعر بالكشفي، كان من

العلماء المبرزين في العلوم الأدبية، أخذ عن والده عبد الله المتوفي سنة 1035، وبرع في الخط

والشعر والإنشاء، كان يكتب التعليق في غاية الجودة والحلاوة، له مناقب مرتضوي مات سنة أربعين

وألف، كما في مرآة العالم.

الشيخ محمد صالح الأكبر آبادي

الشيخ العالم الصالح محمد صالح القادري الأكبر آبادي المشهور بشيخ الشيوخ، كان غاية في التقوى

والديانة والتوكل والانقطاع إلى الزهد والعبادة، انتفع به خلق كثير من العلماء والمشايخ، توفي يوم

الجمعة الثالث عشر من ذي القعدة سنة سبع وستين وألف بأكبر آباد، كما في مخبر الواصلين.

الشيخ محمد صالح السندي

الشيخ الصالح الفقيه محمد صالح بن إبراهيم السندي ثم اللاهوري، أحد المشايخ المعروفين بالعلم

والمعرفة، قرأ بعض الكتب الدرسية على المفتي رزق الله وأكثرها على غيره من العلماء، ثم لازم

الشيخ عبد الله بن عبد الباقي الدهلوي وأخذ عنه الطريقة، وسكن بلاهور، وكان مرزوق القبول حسن

الأخلاق، ذكره كمال محمد السنبهلي في الأسرارية.

الشيخ محمد صديق اللاهوري

الشيخ الفاضل محمد صديق الصابر اللاهوري، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، له شأن

كبير في العلم والمعرفة، أخذ عن الشيخ محمد عارف اللاهوري، وكان يدرس ويفيد آناء الليل

والنهار، أخذ عنه خلق كثير، مات في ثامن ذي الحجة سنة أربع وثمانين وألف، كما في خزينة

الأصفياء.

ص: 637

مرزا محمد طاهر الكشميري

الأمير الفاضل محمد طاهر بن أحسن الله بن أبي الحسن التربتي الكشميري، أحد الأمراء المعروفين

بالفضل والكمال، ولد ونشأ في نعمة أبيه، وتأدب على أساتذة عصره، وأخذ الشعر عن محمد علي

الصائب التبريزي، ثم ولي النظارة في الحضرة السلطانية ومنح ألفاً وخمسمائة منصباً، وفي آخر أيام

السلطان شاهجهان ولي نظارة الكتب الشاهانية فاستقل بها مدة، ثم اعتزل عن الناس ولزم الإنزواء

بمدينة كشمير في حديقة بناها والده، فرتب له عالمكير بن شاهجهان أربعة وعشرين ألفاً من النقود

في كل سنة، له كتاب مبسوط في أخبار شاهجهان، كتب فيه أخبار ثلاثين سنة من أيامه، لخصه من

بادشاه نامه لعبد الحميد اللاهوري وشاهجهان نامه لمحمد أمين القزويني، له مزدوجة مشهورة وديوان

الشعر الفارسي، ومن أبياته قوله:

از حوادث كوهر مردانكي كم تر نشد تيغ كر در آب وآتش رفت بي جوهر نشد

توفي سنة إحدى وثمانين وألف، كما في سرو آزاد.

الشيخ محمد طاهر اللاهوري

الشيخ الفاضل محمد طاهر الحنفي اللاهوري، أحد الأفاضل المشهورين، ولد ونشأ بلاهور، وحفظ

القرآن وقرأ العلم على من بها من العلماء، ثم بايع الشيخ إسكندر بن عماد الكيتهلي، ثم صحب الشيخ

عبد الأحد بن زين العابدين السرهندي، ثم لازم ابنه الشيخ أحمد بن عبد الأحد إمام الطريقة المجددية

وأخذ عنه الطريقة ثم سكن بلاهور، كان يدرس ويفيد، قرأ عليه الشيخ محمد صادق والشيخ محمد

سعيد والشيخ محمد معصوم أبناء الشيخ أحمد المذكور وخلق كثير من العلماء، وكان شيخاً قانعاً عفيفاً

متوكلاً يلازم بيته ولا يتردد إلى الأغنياء، وكان يستنسخ الكتب الدرسية في الفقه والحديث والتفسير

ويصححها ويحشيها ثم يبيعها، توفي لعشر ليال بقين من محرم سنة أربعين وألف بلاهور، كما في

حضرات القدس.

مولانا محمد طاهر الكشميري

الشيخ الفاضل محمد طاهر بن الحيدر بن فيروز الحنفي الكشميري، أحد العلماء العاملين وعباد الله

الصالحين، ولد ونشأ بكشمير، وقرأ الكتب الدرسية على والده وتفنن عليه بالفضائل، ثم تصدر

للتدريس، أخذ عنه جمع كثير.

المفتي محمد طاهر الكشميري

الشيخ العالم الفقيه محمد طاهر الحنفي الكشميري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول

والعربية، كان مفتياً بكشمير.

الشيخ محمد طاهر الكشميري

الشيخ الفاضل محمد طاهر الكشميري المشهور بالغنى، كان من الشعراء المفلقين، اعترف بفضله

محمد علي الصائب التبريزي، وله ديوان شعر مقبول متداول، ومن أبياته قوله:

حسن سبزي بخط سبز مراكرد أسير دام همرنك زمين بود كرفتار شدم

توفي سنة تسع وسبعين وألف بكشمير، كما في مرآة الخيال.

مير محمد طاهر الترشيزي

الفاضل الكبير محمد طاهر الترشيزي ثم البيجابوري المشهور بظهوري، كان من الشعراء

المشهورين، قدم الهند سنة ثمان وثمانين وتسعمائة، وتقرب إلى إبراهيم عادل شاه البيجابوري ونال

منه صلات جزيلة، له مصنفات، منها كلزار إبراهيم وخوان خليل وساقي نامه وديوان شعر، ومن

شعره قوله:

در شكر وشكايت كه باشيم ما راكه زحال خود خبر نيست

توفي سنة خمس وعشرين وألف، كما في نتائج الأفكار.

ص: 638

الشيخ محمد عاشق الهندي

الشيخ العالم الفقيه محمد عاشق بن عمر الحنفي الهندي المشهود له بالفضل والكمال، أخذ الحديث

عن الشيخ عبد الله بن شمس الدين السلطانبوري وله شرح لطيف على شمائل الترمذي، مات سنة

اثنتين وثلاثين وألف، كما في حدائق الحنفية.

الشيخ محمد علي الكشميري

الشيخ الصالح محمد علي بن محمد نازل الحسيني القادري الكشميري، أحد الرجال المعروفين

بالفضل والصلاح، كان أصغر أنجال والده، ولد ونشأ بكشمير، وتفقه على أبيه وأخذ عنه الطريقة

القادرية، ثم ذهب إلى سرهند وأخذ الطريقة النقشبندية عن الشيخ محمد معصوم السرهندي، ورجع

إلى كشمير وتصدر بها للإرشاد والهداية، أخذ عنه جمع كثير من المشايخ، مات سنة اثنتين وسبعين

وألف بكشمير، كما في خزينة الأصفياء.

مولانا محمد علي الكشميري

الشيخ الفاضل محمد علي الكشميري، أحد العلماء المبرزين في العلوم الأدبية، سافر إلى بلاد الدكن

ودخل أحمد نكر فتقرب إلى سعادت خان أحد مماليك نظام شاه ولبث عنده زماناً، ثم تقرب إلى

برهان شاه ثم إلى عبد الرحيم بن بيرم خان التركماني، فوظف له عبد الرحيم وأقطعه أرضاً وأمره

أن ينقل الكتاب حافش للعلامة ضياء الدين التركماني من العربية إلى الفارسية، فنقله سنة خمس

وعشرين وألف، فاستحسنه وقربه إليه قرباً لا مزيد عليه، مات في الخامس عشر من ربيع الثاني

سنة خمس وعشرين وألف بملكابور، كما في مآثر رحيمي.

مرزا محمد علي السيالكوتي

الشيخ الفاضل محمد علي السيالكوتي الشاعر المشهور المتلقب بالماهر، كان هندي النجار، تقرب

إلى دارا شكوه ثم إلى دانشمند خان، ثم اعتزل عن الناس ولزم الانزواء بأكبر آباد، له ديوان شعر

ومزدوجات عديدة، منها قوله:

جشمم جكونه ديدن رويت هوس كند نظاره بر جراغ تو كار نفس كند

توفي سنة تسع وثمانين وألف، كما في سروآزاد.

مولانا محمد فاضل البدخشي

الشيخ العالم الكبير العلامة محمد فاضل الحنفي البدخشي ثم اللاهوري، كان من نسل عين القضاة

الهمداني، ولد ونشأ بروستاق من أعمال بدخشان، وقرأ بها ما أمكنه في بلاده، ثم دخل كابل واشتغل

على مولانا محمد صادق الحلواني زماناً، ثم سار إلى توران وأخذ عن الفاضل مرزا جان الشيرازي

ثم عن صاحبه ملا يوسف كوسج وقرأ عليه أكثر الكتب الدرسية، ثم قدم الهند وأخذ الأصول

والتفسير عن الشيخ جمال الدين التلوي اللاهوري، ثم ولي عدالة المعسكر في أيام السلطان جهانكير

بن أكبر شاه، واستقل بها إلى السنة الثامنة الجلوسية من أيام شاهجهان بن جهانكير، ثم استعفى عن

الخدمة وقنع على وظيفته وإقطاعه من الأرض، لعله سنة أربع وأربعين وألف، كما في بادشاه نامه.

وكان رحمه الله يدرس ويفيد، أخذ عنه خلق كثير من العلماء، توفي سنة خمسين وألف بمدينة لاهور

فدفن بها، كما في مرآة العالم.

مولانا محمد فريد الكجراتي

الشيخ الفاضل محمد فريد بن محمد شريف بن محمد فريد الصديقي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين

في العلوم العربية، قرأ على والده، وله حاشية على حاشية الخطائي على المطول علقها سنة ستين

وألف في حياة والده، أوله عليك الاعتماد والاتكال وإليك العود والارتحال، إلخ كما في محبوب

الألباب.

مولانا محمد قاسم الكاشاني

الشيخ الفاضل محمد قاسم بن حاجي محمد الكاشاني المتلقب بسروري، كان من العلماء البارعين في

الفنون الأدبية، قدم الهند في آخر عمره، وله فرهنك سروري كتاب في اللغة، صنفه سنة ثمان

ص: 639

وألف،

كما في محبوب الألباب.

خواجه محم قاسم السورتي

الشيخ الصالح محمد قاسم بن جمال الدين الحسيني النقوي السورتي، أحد الرجال المعروفين بالفضل

والصلاح، نشأ في مهد أبيه وأخذ عنه، له مناقب الأخيار كتاب في أخبار والده وكان شاعراً مجيد

الشعر، مات سنة تسع عشرة وألف بمدينة سورت فدفن بها، كما في الحديقة الأحمدية.

الحكيم محمد قاسم البيجابوري

الشيخ الفاضل محمد قاسم بن غلام علي الشيعي الإسترآبادي ثم البيجابوري المشهور بهندو شاه،

كان من كبار العلماء، ولد ونشأ في الهند، وأخذ الصناعة عن الشيخ محمد المصري الحكيم

وجتربهوج الهندي ولازمهما زماناً، وأخذ عن الحكيم أحمد بن نصر الله التتوي السندي أيضاً ولكني

لا أعلم ما أخذ عنه، ثم تقرب إلى مرتضى نظام شاه بمدينة أحمد نكر وخدمه زماناً، ثم سار إلى

بيجابور وتقرب إلى إبراهيم عادل شاه سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، وصنف له كتاباً مفيداً في

التاريخ المسمى بكلزار إبراهيمي وهو الذي مشهور على أفواه الرجال بتاريخ فرشته وهو كتاب

حافل مشتمل على أخبار الدول الاسلامية في الهند، فرغ من تصنيفه سنة خمس عشرة وألف، ورتبه

على مقدمة وخاتمة واثنتي عشرة مقالة، المقدمة في كيفية ظهور الاسلام في الهند، والمقالة الأولى في

ملوك لاهور، والثانية في ملوك دهلي، والثالثة في ملوك الدكن، والرابعة في ملوك كجرات،

والخامسة في ملوك مالوه، والسادسة في ملوك خانديس، والسابعة في ملوك بنكاله، والثامنة في ملوك

الملتان، والتاسعة في ملوك السند، والعاشرة في ملوك كشمير، والحادية عشرة في مليبار، والثانية

عشرة في ذكر مشاهير الهند من المشايخ الكبار، والخاتمة في أخبار الهند مجملاً، وله مختصر

بساتين الأنس لاختيار الدين الدهلوي أحد الأمراء في عهد تغلق شاه، وله اختيارات قاسمي كتاب مفيد

في الطب الهندي، رتبه على مقدمة وثلاث مقالات وخاتمة، أما المقدمة ففيها ذكر أركان البدن

والأخلاط وغيرها، والمقالة الأولى في ذكر الأدوية والأغذية، والثانية في المركبات المشهورة،

والثالثة في علاج الأمراض من الرأس إلى القدم، والخاتمة في أنواع الأطعمة وقسمة الربع المسكون.

مولانا محمد قلي الدهلوي

الشيخ العالم الصالح محمد قلي بن رستم النقشبندي الدهلوي، أحد المشايخ الصوفية، ولد ونشأ

بدهلي، وأخذ العلم والطريقة عن الشيخ عبد الله بن عبد الباقي النقشبندي الدهلوي ولازمه ملازمة

طويلة، له سراج المشكاة كتاب جمع فيه الفوائد والنوادر من أشعة اللمعات للشيخ عبد الحق بن سيف

الدين الدهلوي المحدث، مات سنة ثلاث وسبعين وألف، كما في الأسرارية.

مرزا محمد قلي التركماني

الفاضل الكبير محمد قلي سليم التركماني، أحد الشعراء المجيدين، قدم الهند في أيام شاهجهان بن

جهانكير الدهلوي وتقرب إلى نواب عبد السلام المشهدي ونال الصلات الجزيلة منه، وله ديوان

شعر، منه قوله:

نيست در ايران اين سامان تحصيل كمال تا نيامد سوى هندوستان حنا رنكين نشد

توفي سنة سبع وخمسين وألف بكشمير فدفن بها، كما في سروآزاد.

مولانا محمد ماه الديوكامي

الشيخ العالم الكبير العلامة محمد ماه الحنفي الديوكامي، أحد العلماء المبرزين في المعقول والمنقول،

قرأ العلم على الشيخ ركن الدين البحري آبادي، وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد رشيد بن مصطفى

الجونبوري ولازمه زماناً، ثم لبس الخرقة من ولده محمد أرشد بن محمد رشيد، ثم تصدى للدرس

والإفادة بمدينة جونبور ودرس خمساً وعشرين سنة، وكان غاية في الذكاء والفطنة، لم يكن في زمانه

مثله في كثرة الدرس والإفادة، أخذ عنه الشيخ عبد الرسول الستركهي والحافظ أمان الله بن نور الله

البنارسي وخلق

ص: 640

كثير من العلماء، مات بسلس البول ودفن بقرية ديوكام وكان في حياة الشيخ محمد

أرشد، كما في كنج أرشدي.

وإني ظفرت بترجمة محمد ماه الجونبوري في كتاب لم يحضرني الآن إسمه وأظن أن الديوكامي

والجونبوري رجل واحد فإذا فيه أنه كان كريم الأخلاق: عميم النفع، غاية في التبحر، عالي الهمة،

كثير الاحسان إلى العجائز والأيامى والمساكين ينفعهم ويسعى لحوائجهم مع قناعة وعفاف وعزلة، له

رسائل إلى الشيخ محمد رشيد الجونبوري وكانت بينهما محبة مفرطة.

مات يوم السبت لخمس بقين من جمادي الأخرى سنة خمس وتسعين وألف وله اثنتان وثمانون سنة.

مولانا محمد محسن الكشميري

الشيخ الفاضل محمد محسن الحنفي الكشميري أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ

بكشمير، وقرأ العلم على الشيخ يعقوب بن الحسن الصرفي الكشميري، ولازمه ملازمة طويلة حتى

برع في كثير من العلوم والفنون، وتقرب إلى دار شكوه بن شاهجهان السلطان فولي الصدارة بإله

آباد واستقل بها زماناً، وأخذ الطريقة عن الشيخ محب الله الإله آبادي، ثم عزل عن الصدارة فذهب

إلى كشمير ولازم بيته عاكفاً على الدرس والافادة.

وكان سبب عزله أن شاهجهان لما فتح بلاد بلخ وجد ديوان شعر له في مكتبة نذر محمد خان أمير

تلك الناحية وكان له فيه قصائد في مدح نذر محمد خان المذكور، فسخط السلطان عليه وعزله عن

الصدارة ووظف له.

ومن مصنفاته مزدوجة بالفارسية وديوان شعر فيه ستة آلاف بيت، ومن شعره قوله:

سر منصور ميكويد بآواز رسا هر دم كه نخل دار هم در موسم خود بار مي آرد

توفي سنة إحدى وثمانين وألف، كما في مرآة الخيال.

مولانا محمد مخدوم السندي

الشيخ الفاضل محمد مخدوم الحنفي التتوي السندي، أحد الأفاضل المشهورين في عصره، ولد ونشأ

بأرض السند، وقدم أكبر آباد فولي الإنشاء، ورتب له خمسمائة لذاته وثلاثون للخيل منصباً سنة

إحدى وتسعين وألف، ثم ولي الصدارة العظمى سنة ثلاث وتسعين وألف، ولقبه عالمكير بن

شاهجهان الدهلوي سلطان الهند فاضل خان، توفي سنة مائة وألف بالوباء العام، فأرخ له بعض

الناس من قوله ع:

قيامت بود يا شور وبا بود، كما في مآثر عالمكيري.

وقال الخوافي في مآثر الأمراء: إنه مات سنة تسع وتسعين وألف بالوباء العام، وأما التاريخ المذكور

فيستخرج منه سنة إحدى ومائة وألف.

مير محمد معصوم السندي

الشيخ الفاضل محمد معصوم بن السيد صفائي الحسيني الترمذي القندهاري ثم السندي البهكري، أحد

رجال العلم والمعرفة، ولد ونشأ بمدينة بهكر، وقرأ العلم على ملا محمد الكنكروي، نسبة إلى كنكري

قرية من أعمال بهكر ولازمه زماناً، ثم سار إلى كجرات فلقى بها الشيخ إسحاق السندي، فقربه إلى

نظام الدين أحمد الأكبر آبادي فاستعان به نظام الدين في تأليف الطبقات، ثم قربه إلى شهاب الدين

أحمد خان أمير تلك الناحية فمنحه منصباً وخدمة، فحظي بملازمة أكبر شاه بن همايون سلطان الهند،

وولي السفارة إلى بلاد إيران.

قال الخوافي في مآثر الأمراء: إنه كان عالماً مؤرخاً خطاطاً شاعراً، له معدن الأفكار مزدوجة

بالفارسية، وله ديوان شعر فارسي، وله تاريخ السند، ومختصر في الطب يسمى المفردات

المعصومية، وله كتابة في باب القلعة بأكبر آباد وكتابة في الجامع الكبير بفتحبور، ومن آثاره أبنية

رفيعة بمدينة بهكر، قال: وكان زاهداً سخياً جواداً، يبعث إلى بهكر لبعضهم راتباً

ص: 641

سنوياً: ولبعضهم

شهرياً ولبعضهم يومياً، ولبعضهم جعل حقاً في محاصل الأرض في الموسم وهكذا وهكذا، انتهى.

وقال البدايوني في المنتخب: إنه كان شاعراً ماهراً بالألغاز: ذا سخاء وشجاعة وصدق وأمانة،

يجتهد في الخيرات، ويلازم تلاوة القرآن وعبادة الله سبحانه، وله دعابة معجبة، منها ما نقل عنه أنه

قال له رجل مرة: لم لا تبايع مرشداً من مشايخ الطرق ليهديك إلى سبيل الرشد؟ ولا محيص عنه في

هذا الطريق! فقال إن لي ثلاثة مرشدين فلا حاجة بي إلى مرشد آخر: الأول أني لما هاجرت الوطن

المألوف ودخلت دار الخلافة كنت في ريعان الشباب لا أخضع لأهل المناصب الرفيعة، فلما وصلت

إلى الحضرة وسئمت المحن ثم فزت بمنصب العشرين قصرت حبال الآمال وخضعت تسليماً لأمر

الله سبحانه، فذلك أول مرشدي، قال: والمرشد الثاني المير أبو الغيث البخاري الذي كان أرفع مني

منصباً، وكنت إذا لم أجد العلف والحبوب للدواب والأفراس أشتعل غضباً ولا أتكلم أحداً لفرط الغيظ

والغضب، ورأيت أبا الغيث تمضي عليه ثلاثة أيام أو أربعة لا يضرم في مطبخه النار ولا يوجد في

إصطبله العلف والحبوب وهو يعيش نشيطاً بشوشاً طيب النفس لا يرى عليه أثر الفاقة، فأرضيت

النفس بذلك الحال، والمرشد الثالث جارية أعطانيها السلطان فإذا خطر على قلبي خاطر سوء دخلت

بيتي ودفعته بها، فليس لي حاجة بعد هذه الثلاث إلى مرشد آخر، انتهى، ومن أبياته قوله:

جه خوش است آنكه از خود روم وتو حال برسي بتو شرح حال كويم بزبن بي زباني

توفي سنة خمس عشرة وألف، وقبره بمدينة سكهر على قلة الجبل، وعليه بناء شامه أسسه في حياته

سنة اثنتين وألف.

الحكيم محمد معصوم التستري

الشيخ الفاضل محمد معصوم بن كريم الدين الحكيم التستري، أحد العلماء المبرزين في العلوم

الحكمية، نشأ بشيراز وقرأ العلم على أساتذتها، ثم قدم الهند في أيام شاهجهان، له قرابادين معصومي

صنفه سنة خمسين وألف، كما في محبوب الألباب.

مولانا محمد مؤمن الترمذي

الشيخ الفاضل محمد مؤن بن عبد الله الحسيني الترمذي الخطاط المشهور، كان من العلماء المبرزين

في الفقه والأصول والشعر والخط، جعله شاهجهان ابن جهانكير سلطان الهند معلماً لحفيده سليمان

شكوه بن دارا شكوه، ولما كبر سنة وبلغ ثمانين حولاً وظفه عالمكير، له ديوان شعر، مات سنة

تسعين وألف في أيام عالمكير، كما في مرآة العالم.

مير محمد مؤمن الحيدر آبادي

الشيخ الفاضل الكبير محمد مؤمن بن شرف الدين الحسيني الشيعي الإسترآبادي نزيل حيدر آباد

ودفينها، كان من كبار العلماء، تخرج على خاله العلامة فخر الدين السماكي، ثم تقرب إلى طهماسب

شاه الصفوي فجعله معلماً لابنه حيدر مرزا، فلبث عنده خمساً وعشرين سنة، ثم قدم الهند سنة 989 هـ

ودخل حيدر آباد، فأكرمه محمد قلي قطب شاه وولاه الوكالة وألقى بيده زمام السلطة.

وكان عالماً كبيراً شاعراً مجيد الشعر فقيهاً محدثاً يروى عن السيد نور الدين علي العاملي، ومن

أبياته قوله:

خوشم كه در دل من عشق مدعا نكذاشت مرا هوا بهوسهاي خويش وا نكذاشت

جه آفتي تو ندانم كه در جهان امروز محبت تو دو كس باهم آشنا نكذاشت

توفي سنة ست وثلاثين وألف بحيدرآباد، كما في تاريخ فرشته.

القاضي محمد مودود الجونبوري

الشيخ الفاضل محمد مودود بن محمد حسين الحنفي الجونبوري الإله آبادي، أحد العلماء المبرزين

في الفقه والأصول والعربية، ولد نحو سنة خمسين وألف، واشتغل بالعلم من صغره وقرأ، ثم أخذ

الطريقة

ص: 642

عن الشيخ محمد رشيد بن مصطفى الجونبوري، وجمع ملفوظاته في كتاب بسيط شرع فيه

من رابع صفر سنة أربع وسبعين وأتمه خامس ربيع الآخر سنة خمس وسبعين، وولي القضاء بمدينة

جون بور في حياة والده، وكان لا يقبل القضاء فزجره أبوه وهدده بالهجر والمصارمة إن لم يقبل،

ولما مثل بين يدي السلطان لم يقم بمراسم التعظيم الملكي وحياه تحية السنة، ثم إنه رفع المكوس

ورفع التعزير بالمال من حدود جون بور، وحصل الإذن في ذلك عن سلطان الهند، وعمر المساجد

بجونبور، فنصب في كل مسجد أئمة ومؤذنين وفراشين ووظف لهم الرواتب، ومنع المؤذنين عن

الأذان الأول يوم الجمعة.

مات في شبابه يوم الثلاثاء سادس شوال سنة ثمان وسبعين وألف بمدينة إله آباد، فدفن في قرية

بهداري بمقبرة القاضي منجهلي وله ثمان وعشرون سنة، كما في كنج أرشدي.

الشيخ محمد مير العمري اللاهوري

الشيخ الصالح الكبير صاحب المقامات العلية والكرامات الجلية محمد مير ابن القاضي سائينده بن

القاضي قلندر العمري السيوستاني ثم اللاهوري، كان من ذرية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولد

بسيوستان سنة سبع وخمسين وتسعمائة ونشأ بها، وسافر للعلم وقرأ على المفتي عبد السلام اللاهوري

وعلى غيره من العلماء، وأخذ الطريقة عن الشيخ خضر السيوستاني، وانتقل باشارته إلى لاهور وله

خمس وعشرون سنة، فاعتزل بها وانقطع إلى الله سبحانه أربعين سنة حتى فتحت عليه أبواب

الحقائق والمعارف وجعل من العلماء الراسخين، فتبادر الناس إليه وخضعت له الملوك والسلاطين،

وكان لا يقبل النذور والفتوحات إلا ما لا بد منه من كسوة وطعام، وكان يحب العزلة والإنزواء.

قال محمد صالح في عمل صالح: إنه كان عالماً كبيراً عارفاً ماهراً بالمعارف الإلهية يقرأ عبارات

الفتوحات المكية وفصوص الحكم وشرحه للعارف الجامي عن ظهر قلبه، يكشف الغطاء عن مقاماتها

العويصة، وكان مرجعاً في تحقيق المسائل، أقام بلاهور ستين سنة مفيضاً مفيداً، أدركه شاهجهان بن

جهانكير سلطان الهند حين عودته من كشمير وأعجب بفضله وكمال، انتهى.

ومن أقواله المفيدة رحمه الله تارك آنست كه هيج مرادي نداشته باشد جنانجه اكر يك موي بشست

ترنشده باشد جنابت باقي است همجنين اكر خطره از خطرات در دل مانده باشد همان حال دارد.

وكثيراً ما ينشد هذا البيت:

شرط اول در طريق معرفت داني كه جيست

ترك كردن هو دو عالم را وبشت بازدن

توفي لسبع خلون من ربيع الأول سنة خمس وأربعين وألف، وقبره مشهور ظاهر بلاهور.

مولانا محمد نافع الأكبر آبادي

له خلاصة الخانية في الفقه الحنفي بالفارسية، صنفه لبختاور خان العالمكيري، كما في مرآة العالم.

الشيخ محمد نعمان البدخشي

الشيخ العالم الفقيه محمد نعمان بن شمس الدين بن جلال الدين بن حميد الدين الحسيني البدخشي،

أحد كبار المشايخ النقشبندية، بشر به والده في رؤياً له صالحة، بشره بذلك الإمام أبو حنيفة نعمان بن

ثابت الكوفي وقال له إن يسميه باسمهم إذا ولد، فلذلك قيل له: محمد نعمان، وهو ولد سنة سبع

وسبعين وتسعمائة ببدخشان، وقرأ العلم على من بها من العلماء ثم بايع الشيخ عبد الله العشقي البلخي

في عنفوان شبابه، ثم قدم الهند وصحب كثيراً من المشايخ

ص: 643

واستفاض منهم حتى قاده قائد التوفيق إلى

الشيخ الكبير عبد الباقي النقشبندي رحمه الله فلازمه وأخذ عنه الطريقة النقشبندية، ولما توفي الشيخ

المذكور لازم الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي رحمه الله حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة،

وسار إلى برهانبور سنة ثمان عشرة وألف فسكن بها، أخذ عنه خلق كثير من العلماء والمشايخ،

توفي سنة ثمان وخمسين - وقيل: ستين - وألف بمدينة أكبر آباد فدفن بها.

الشيخ محمد وارث الأكبرآبادي

الشيخ الفاضل محمد وارث الأكبرآبادي، أحد الرجال المعروفين في التاريخ والإنشاء، أخذ عن

الشيخ عبد الحميد اللاهوري، وكان جيد القريحة سليم الفكر طيباً بشوشاً حسن الخلق حسن المحاضرة

له، تكمله بادشاه نامه للشيخ عبد الحميد اللاهوري المذكور من سنة عشرين الجلوسية إلى ثلاثين

منها، قتله بعض المحصلين عليه سنة إحدى وتسعين وألف، كما في مآثر عالمكيري.

الشيخ محمد هاشم الدهلوي

الشيخ العالم المحدث محمد هاشم بن عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي أبو المكارم تقي

الدين، كان من العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، ولد ونشأ بدار الملك دهلي، وقرأ العلم على

والده وصحبه ولازمه ملازمة طويلة حتى مهر في الفقه والحديث، وكان تلواً لأخيه المفتي نور الحق

الدهلوي في العلم والعمل، أجازه والده إجازة عامة تامة وقال في سنده إنه قرأ عليه وسمع منه الكتب

المشهورة، انتهى.

خواجه محمد هاشم الكشمي

الشيخ العالم الفقيه محمد هاشم بن محمد قاسم الكشمي البدخشي ثم البرهانبوري أحد المشايخ

النقشبندية، ولد ونشأ بقرية كشم من أرض بدخشان، وقرأ العلم على من بها من العلماء، ثم قدم الهند

ودخل برهانبور فأدرك بها محمد نعمان البدخشي فلازمه وأخذ عنه الطريقة، ثم سار إلى سرهند سنة

إحدى وثلاثين وألف وأخذ عن الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية ولازمه

زماناً، وأجازه الشيخ بالحديث سنة ثلاث وثلاثين وألف وأجازه بتلقين الذكر، فرجع إلى برهانبور

وسكن بها، أخذ عنه جمع كثير، وله زبدة المقامات كتاب مفيد في أخبار مشايخه، أوله الحمد لله

الباقي بالبقاء الأبدي، إلخ صنفه سنة سبع وثلاثين وألف، وله ديوان شعر بالفارسي، مات بمدينة

برهانبور.

مير محمد هاشم الكيلاني

الشيخ الفاضل العلامة محمد هاشم بن محمد قاسم الحسيني الكيلاني، أحد كبار العلماء، أخذ العلوم

الحكمية عن مرزا إبراهيم الهمداني ونصير الدين حسين الشيرازي، وأخذ الفقه والحديث والعربية

عن الشيخ محمد العربي المحدث والشيخ عبد الرحيم الحسائي والشيخ علي حفيد العلامة عصام الدين

الإسفراييني، وأقام بالحرمين الشريفين اثنتي عشرة سنة، ثم قدم الهند وأخذ الفنون الرياضية

والصناعة الطبية عن الشيخ علي الكيلاني وتطبب عليه، ثم سكن بأحمد آباد وكان في أيام يدرس

ويفيد، فلما اشتهر اسمه وبعد صيته ولي الصدارة بأحمد آباد شاهجهان بن جهانكير سلطان الهند

فاستقل بها زماناً، ثم جعله شاهجهان معلماً لولده أورنك زيب.

وله تعليقات على تفسير البيضاوي وحاشية على تحرير الأقليدس إلى المقالة التاسعة وله غير ذلك

من المصنفات.

مات بأورنك آباد سنة إحدى وستين وألف وله ثمانون سنة، كما في مرآة العالم.

مير محمد هادي الفارسي

الأمير الفاضل محمد هادي بن رفيع الدين الفارسي، أحد الرجال المشهورين في الهند، تقرب إلى

شجاع بن شاهجهان الدهلوي ولازمه زماناً، ثم اعتزل عنه بقرية كهجوه عند لقاء الفئتين وتقرب إلى

عالمكير بن شاهجهان فأعطاه ألفين لنفسه وخمسمائة للخيل منصباً ولقبه هادي خان، كما في مآثر

عالمكيري.

ص: 644

نور الدين محمد بن عبد الله الشيرازي

الشيخ الفاضل نور الدين محمد بن عبد الله بن علي الشيرازي الحكيم عين الملك، كان ابن أخت

الشيخ أبي الفيض بن المبارك الناكوري، ولد ونشأ بأرض الهند، وقرأ العلم على خاله أبي الخير بن

المبارك وعلى غيره من العلماء، ثم تقرب إلى شاهجهان بن جهانكير الدهلوي فلقبه بعين الملك، له

ألفاظ الأدوية في المفردات، صنفه في أيام السلطان المذكور سنة ثمان وثلاثين وألف، وله طب دارا

شكوهي - صنفه لدارا شكوه بن شاهجهان، وله لطيفة فيضي - جمع فيه رسائل أخواله الشيخ أبي

الفيض وأبي الفضل وأبي الخير، صنفه سنة خمس وثلاثين وألف.

السيد محمود بن أشرف الأمروهوي

الشيخ العالم الصالح محمود بن أشرف الحسيني الأمروهوي، أحد أفاضل الصوفية، ولد ونشأ

بأمروهه وقرأ العلم على أبيه وعلى غيره من العلماء، وسافر إلى الحجاز فحج وزار، وصحب الشيخ

تاج الدين العثماني السنبهلي وأخذ عنه الطريقة وتزوج بابنته الكريمة، له تحفة السالكين في أحوال

تاج العارفين وقد أخذ عن كتابه المحبي في خلاصة الأثر شيئاً واسعاً في ترجمة الشيخ تاج رحمه

الله، مات في حياة والده، وكان والده من الفقهاء المبرزين في العلوم، مات سنة 1054، وتوفي ولده

محمود سنة اثنتين وثلاثين وألف، كما في الأسرارية.

سيف الدين محمود السرهندي

الأمير الكبير محمود بن أحمد السرهندي سيف الدين بن فخر الدين المشهور نواب سيف خان، كان

من الرجال المعروفين في الفضل والكمال، له يد بيضاء في الإيقاع والنغم والشعر، ولد ونشأ بأرض

الهند، وتقرب إلى عالمكير وتدرج إلى الإمارة فلقبه عالمكير بسيف خان وولاه على كشمير، فسار

إليها وفتح بلاد تبت الصغير، وبنى حديقة غناء بكشمير وسماها سيف آباد، وكذلك بنى حديقة بناحية

سرهند وبنى بها قصوراً فاخرة ثم جعلها مسكناً له، له كتاب في الموسيقى يسمى راكك دربن وفيه

يقول ناصر علي السرهندي:

كفت وكوي طوطي از آئينه مي خيزد على كر نباشد سيف خان ما را نفس در كار نيست

مات سنة خمس وتسعين وألف، كما في مآثر الأمراء.

الشيخ محمود بن عبد الباقي السندي

الشيخ العالم الفقيه محمود بن عبد الباقي بن محمود بن أبي سعيد الحسيني السبزواري ثم السندي،

أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، ولي شياخة الإسلام ببلاد السند بعد ما توفي والده، وكان

معدوم النظير في زمانه في العلم والكمال، مات سنة عشرين وألف، كما في تحفة الكرام.

الشيخ محمود بن عبد الله الكجراتي

الشيخ العالم الصالح محمود بن عبد الله الصوفي الكجراتي، أحد الرجال المعروفين بالصلاح، ولد

ونشأ بكجرات وحفظ القرآن، وسار إلى برهانبور وأخذ الطريقة عن الشيخ لشكر محمد العارف

البرهانبوري، ثم سافر إلى الحجاز سنة 997 هـ مع الشيخ جمال محمد المحدث البرهانبوري فحج

وزار ورجع إلى الهند، وكان صاحب وجد وحالة، توفي سنة أربع وألف بمدينة برهانبور فدفن بها،

كما في كلزار أبرار.

الشيخ محمود بن محمد الكجراتي

الشيخ الصالح الفقيه محمود بن محمد بن الحسن العمري الجشتي الأحمدآبادي الكجراتي، أحد العلماء

الصالحين، ولد ونشأ بأحمدآباد، وقرأ العلم على والده ولازمه ملازمة طويلة وأخذ عنه الطريقة، ولما

مات والده تولى الشياخة، أخذ عنه ولده يحيى وخلق آخرون، مات لتسع خلون من ربيع الآخر سنة

أربعين وألف بأحمدآباد، كما في محبوب ذي المنن.

الشيخ محمود بن محمد الجونبوري

الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة الشهير محمود بن محمد العمري الجونبوري، أحد الأفاضل

المشهورين، لم يكن في زمانه مثله في العلوم الحكمية

ص: 645

والمعارف الأدبية، ولد بجونبور سنة ثلاث

وتسعين وتسعمائة، ونشأ في مهد جده شاه محمد وقرأ عليه الكتب الدرسية، ثم لازم الشيخ الأستاذ

محمد أفضل بن محمد حمزة العثماني الجونبوري وأخذ عنه، وأقبل على المنطق والحكمة إقبالاً كلياً

حتى برز في تلك الفضائل وبرع أقرانه وله سبع عشرة سنة، وكان غاية في الذكاء والفطنة وسيلان

الذهن وقوة الحفظ والإدراك، كان يحضر المجالس والمحافل في صغره فيتكلم ويناظر ويفحم الكبار

ويأتي بما يتحير منه أعيان البلدة في العلم، قال محمد يحيى بن محمد أمين العباسي الإله آبادي في

وفيات الأعلام: إنه لم ينهض من الهند أحد مثله في الحكمة والمعاني والبيان، وكان أراد أن يبني

مرصداً فذهب إلى أكبر آباد ليحرض السلطان على ذلك، فما وافقه الوزير فمنع السلطان عنه وقال

إن مهمات بلخ تقتضي مالاً خطيراً وإن المرصد الذي بناه ألغ بيك يغني عنه، قال الإله آبادي: إن

الأرض التي ارتضاها محمود للمرصد هي التي ارتضاها أحد ملوك الهند لذلك في القديم، قال: فلما

استيأس محمود عن ذلك رجع إلى جونبور ودرس وأفاد بها زماناً، ثم استقدمه شجاع ابن شاهجهان

إلى بنكاله فسار إليه، وقرأ عليه الشجاع كتباً في العلوم الحكمية، وأدرك محمود نعمة الله بن عطاء

الله الفيروزبوري بأرض بنكاله فبايعه وأخذ عنه الطريقة سنة اثنتين وخمسين وألف، وإني رأيت

رسالة له في الأذكار التي أخذها عن الشيخ المذكور، نقلها الإله آبادي في الوفيات، وقرأ عليه نواب

شائسته خان أبو طالب بن أبي الحسن الأكبرآبادي الفرائد المحمودية والشيخ نور الدين جعفر

الجونبوري وعبد الباقي بن غوث الإسلام الصديقي صاحب الآداب الباقية وخلق كثير من العلماء.

قال السيد غلام علي بن محمد نوح الحسيني البلكرامي في سبحة المرجان: إنه ما صدر عن العلامة

في طول العمر قول يرجع عنه، وكان إذا سأله سائل عن مسألة وكان فكره حاضراً أجاب وإلا يقول:

أنا غير نشيط ولا يحضرني الآن، ونقل عن صبح صادق أنه رحل بعد التحصيل إلى أكبرآباد ولقى

آصف خان، ثم رجع إلى جونبور واشتغل بالتدريس قال: ولا ريب أنه لم يظهر بالهند مثل

فاروقيين: أحدهما في الحقائق وهو مولانا الشيخ أحمد السرهندي، والثاني في العلوم الحكمية والأدبية

وهو الملا محمود الجونبوري، أقول: وثالثهم الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم العمري الدهلوي، فإنه

كان عديم النظير في الفلسفة الإلهية.

وللشيخ محمود الجونبوري مصنفات عديدة، أشهرها الشمس البازغة في الحكمة، والفرائد شرح

الفوائد للقاضي عضد الدين الأيجي في المعاني والبيان وله تعليقات نفيسة على ذلك الشرح، وله

حرز الإيمان في الرد على التسوية للشيخ محب الله الإله آبادي، وله رسالة بالفارسية في أقسام

النساء، وله ديوان شعر فارسي.

توفي لتسع خلون من ربيع الأول سنة اثنتين وستين وألف بمدينة جونبور، وقبره مشهور ظاهر

خارج البلدة.

الشيخ محمود بن مصطفى السهارنبوري

الشيخ الصالح محمود بن مصطفى بن عبد الستار الأنصاري السهارنبوري، أحد عباد الله

الصالحين، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وقرأ النحو والعربية ثم تفقه على أساتذة عصره، ثم سار إلى

كنكوه وأخذ الطريقة عن الشيخ ركن الدين بن عبد القدوس الكنكوهي، ثم سافر إلى الحرمين

الشريفين فحج وزار، وساح البلاد مدة من الدهر وأدرك كثيراً من المشايخ فصحبهم وأخذ عنهم

ورجع إلى سهارنبور، مات في خامس ذي الحجة سنة خمسين وألف، كما في مرآة جهان نما.

الشيخ محمود الكيلاني

الشيخ محمود اليكلاني الشاعر المتلقب في الشعر

ص: 646

ببهشتي، كان من ندماء عباس شاه الصفوي ملك

إيران، صاحبه زماناً ثم غضب عليه الملك وحبسه في قلعة من القلاع المتينة، ثم أطلقه بعد مدة

فخرج من بلاده ودخل الهند، فجعله شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند معلماً لولده مراد

بخش.

مات سنة ستين وألف بأكبر آباد، كما في رياض الشعراء للداغستاني.

مولانا محي الدين البهاري

الشيخ العالم الكبير العلامة محيي الدين بن عبد الله الحنفي البهاري، أحد الفقهاء المشهورين في

عصره، ولد ونشأ بناحية بهار، وحفظ القرآن وهو ابن تسع سنين، ثم اشتغل على والده بالعلم، وقرأ

فاتحة الفراغ وله سبع عشرة سنة، ثم تصدى للتدريس ببلدته فدرس وأفاد زماناً، ثم قدم دهلي فجعله

شاهجهان ابن جهانكير الدهلوي معلماً لولده أورنك زيب، فاشتغل بتعليمه اثنتي عشرة سنة، ثم أخذ

الطريقة عن الشيخ حيدر حفيد العلامة وجيد الدين العلوي الكجراتي وذهب إلى بلدته وانقطع إلى

الزهد والعبادة، وكان يدعي بملا موهن، وله شرح على كافية ابن الحاجب إلى مبحث غير

المنصرف بالفارسي على لسان الحقائق والمعارف، وللشيخ أبي البقاء صاحب الكليات أيضاً شرح

عليه بلسان الحقائق إلى مبحث غير المنصرف بالعربية، رآه السيد غلام علي بن محمد نوح

الحسيني البلكرامي، ذكره في مآثر الكرام.

قال الشيخ غلام أرشد الجونبوري في كنج أرشدي: إن محيي الدين المترجم له كان من أشياخ الشيخ

محمد أفضل الجونبوري، قدم جونبور ذات مرة ودخل على الشيخ محمد أفضل وكان الشيخ يدرس

فأراد أن يتركه، فأمره محيي الدين أن يدرس في حضرته ليختبر استعداد الشيخ محمد رشيد الذي

كان يقرأ على محمد أفضل المذكور في ذلك الوقت، ثم اشتغل بالمذاكرة معه فكاد أن يفحمه محمد

رشيد فنظر إليه الشيخ محمد أفضل فسكت، انتهى.

توفي سنة ثمان وستين وألف، كما في مآثر الكرام، وفي مرآة العالم أن بعض الناس عمل تاريخاً

لوفاته من قوله أستاذ الملة والدين وهذا يوافق لما ضبطه البلكرامي من سنة وفاته في المآثر إن لم

تعتبر اللام وتركت إحدى الدالين من الدال المشددة في قوله: والدين، قال بختاور خان في المرآة إن

وفاته كانت في السنة الأولى من جلوس عالمكير على سرير الملك، وكان سنه حينئذ أربعاً وثمانين

سنة.

الشيخ محيي الدين الكجراتي

الشيخ الفاضل محيي الدين بن عبد الوهاب الحنفي الكجراتي، كان من مشاهير عصره، ولاه

عالمكير بن شاهجهان الدهلوي الصدارة في بلاد كجرات وجعله أميناً على جزية تلك البلاد، فاستقل

بها مدة من الزمان، توفي سنة مائة وألف بمدينة أحمد آباد، كما في مرآة أحمدي.

الشيخ مخدوم بن بهاء الدين الكوروي

الشيخ الصالح مخدوم بن بهاء الدين بن سالار الحنفي الكوروي، أحد المشايخ الجشتية، ولد ونشأ

بمدينة كوره واشتغل على أبيه، وأخذ عنه الطريقة وتولى الشياخة بعده، له كتاب بسيط في أخبار

أبيه وجده يسمى بأسرار سالاري، كما في بحر زخار.

نواب مرتضى بن أحمد البخاري

الأمير الكبير مرتضى بن أحمد بن أبي بكر بن جلال بن إله ديا بن لطف الله بن بهاء الدين بن أبي

الغيث بن محمد غوث بن جلال الدين حسين بن علي الحسيني البخاري، نواب فريد الدين مرتضى

خان أحد أجواد الدنيا، لم يكن له نظير في زمانه في السياسة والتدبير والسخاء والكرم والمحبة لأهل

الفضائل والميل إلى معالي الأمور، أدرك أكبر شاه بن همايون التيموري في صغر سنه فتقرب إليه،

وتدرج إلى الإمارة حتى نال المير بخشيكري سنة أربعين الجلوسية، ثم لما ولي المملكة ولده جهانكير

بن أكبر شاه أضاف في منصبه ولقبه بصاحب السيف والقلم، ثم لقبه بمرتضى خان وولاه على

كجرات، فاستقل بها أربع سنين، ثم ولي على بنجاب فأقام بها مدة حياته.

وكان أجود الناس وأنفعهم خيراً وأثبتهم رأياً وأشدهم بطشاً، جمع الشجاعة والسخاء بما لا يساويه

ص: 647

فيها أحد، قال الخوافي في مآثر الأمراء: إنه لم يخيب سائله قط، وكلما كان يذهب إلى الحضرة يقسم

الدراهم والدنانير على الفقراء بيده، ويبذل عليهم قباءه ودثاره ورداءه وما كان معه.

ومن أخباره أن أحد الفقراء جاءه سبع مرات فأعطاه كل مرة ثم جاءه وسأل فأدناه وأسره بأن يخفي

ما أعطاه لئلا ينهبه الفقراء، ومن أخباره أنه كان يوظف الأيامى والمتوكلين وأهل الحاجة من يومية

وسنوية، ويرسل إليهم الرواتب في حضر وغيبة، ولا يلجئهم إلى عرض الأسانيد المجددة، وكان

يكفل اليتامى ويربيهم كتربية الآباء للأبناء، ويستخدم المعلمين لهم، وكانوا يلعبون في حجره فيفرح

بهم، ومن أخباره أنه أحصى أعداد السادة والأشراف في ولاية كجرات فجهز لبناتهم، وأعطى

للحوامل أموالاً فأتمنها لتجهيز البنات، وكان لا يعطي المغني والمطرب شيئاً.

ومن آثاره الأبنية الرفيعة على قبر العلامة وجيه الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي بأحمد آباد،

ومنها حارة كبيرة بها تدعى بخارا محله، ومنها جامع كبير بأحمد آباد قريباً من مقبرة الشيخ وجيه

الدين المذكور، ومنها بلدة عامرة بقرب دهلي سماها فريد آباد، فيها عمارات عالية وبساتين زاهرة

له، ومنها حارة كبيرة وحمام نظيف بمدينة لاهور، ومنها رباطات كثيرة في بلاد أخرى.

وكان يأكل على سفرته ألف وخمسمائة نفس، وكان يقسم الرواتب بحضرته ولا يضيق ذرعاً

بضوضاء الناس وصياحهم، وهذا قليل من كثير، إن شئت التفصيل فارجع إلى مآثر الأمراء.

وصنف له إسماعيل بن شاه عالم عبد العزيز رسالة بالفارسية سماها بمعارج الكمال ومناقب الكمل

في مقامات الولاية، وصنف له الشيخ زين الدين الشيرازي تفسير مرتضوي بالفارسي سنة ست

عشرة وألف، وأطنب في مدحه.

توفي سنة خمس وعشرين وألف بقرية بنهان فنقلوا جسده إلى دهلي ودفنوه بمقبرة أسلافه، كما في

مآثر الأمراء.

القاضي مرتضى بن محمود البيجابوري

الشيخ العالم الفقيه رضي الدين مرتضى بن محمود النائطي البيجابوري، أحد الفقهاء المشهورين في

عصره، ولي القضاء بعد ما توفي والده في بندركووه سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة، له كتاب مفيد في

الصنائع والبدائع سماه تحفة الفقير وأتحفه إلى إبراهيم عادل شاه البيجابوري، فاستحسنه إبراهيم، كما

في تاريخ النوائط.

السيد مرتضى بن محيي الدين الكجراتي

الشيخ الصالح مرتضى بن محيي الدين بن يحيى الحسيني الكجراتي، أحد عباد الله الصالحين، ولد

ونشأ ببلدة بزوده، وأخذ عن السيد كالي الشطاري البزودوي، ثم سافر إلى برهانبور ولازم الشيخ

لشكر محمد العارف، ثم لازم صاحبه عيسى بن قاسم السندي، وكان صاحب وجد وحالة، كان مولانا

يونس السندي يقول: لم يكن له نظير في الترك والتجريد بعد إبراهيم بن أدهم البلخي.

توفي سنة اثنتين بعد الألف بمدينة برهانبور فدفن بحصيرة الشيخ بهكاري، كما في كلزار أبرار.

السيد مرتضى بن هاشم البيجابوري

الشيخ الصالح مرتضى بن هاشم العلوي الكجراتي ثم البيجابوري، أحد المشايخ المشهورين في

عصره، أخذ عن أبيه، وحصل له القبول العظيم في بيجابور، مات سنة خمس وأربعين وألف بمدينة

بيجابور فدفن بها.

ملا مرشد اليزدجردي

الشيخ الفاضل مرشد اليزدجردي الشاعر المشهور، قدم الهند وتقرب إلى مرزا غازي السندي ونال

منه صلات، ثم لما قتل الغازي قدم آكره وتقرب إلى جهانكير، ومن أبياته قوله:

طره دلبرنيم تاكي بريشان زيستن جشم عاشق نيستم تا جند حيران زيستن

توفي سنة ثلاثين وألف، كما في سرو آزاد.

ص: 648

ملا مرشد الشيرازي

الأمير الكبير مرشد الشيرازي نواب مكرمت خان، قدم الهند وتقرب إلى مهابت خان ولبث عنده

زماناً، ثم تقرب إلى جهانكير ثم إلى ولده شاهجهان، فلقبه شاهجهان مكرمت خان ورقاه درجة بعد

درجة حتى ولاه على إيالة دهلي، وأضاف في منصبه غير مرة حتى صار أربعة آلاف له وأربعة

آلاف للخيل، وكان فاضلاً كريماً بارعاً في الهيئة والهندسة والحساب، يرجع إليه فضل كبير في

تأسيس شاهجهان آباد وقلعتها.

الحكيم مسيح الملك الشيرازي

الفاضل الكبير مسيح الملك الشيرازي الحكيم الحاذق، ولد بشيراز ونشأ في مهد الحكيم نجم الدين

عبد الله بن حسن الشيرازي، وأخذ عنه حتى بلغ مبلغ الرجال من أهل النظر والحكمة، ثم قدم الهند

وأقام ببلاد الدكن مدة طويلة، ثم دخل آكره فأجزل عليه أكبر شاه عطاياه الجميلة، وجعله نديماً لولده

مراد، ثم وجهه إلى كجرات، مات بأرض مالوه، وكانت له يد بيضاء في مداواة الناس ومعالجتهم،

كما في منتخب التواريخ.

الشيخ مصطفى بن خالق داد العباسي

الشيخ الفاضل مصطفى بن خالق داد العباسي الهاشمي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح،

له توضيح الملك صنفه بأمر جهانكير بن أكبر شاه التيموري سلطان الهند سنة عشرين وألف.

الشيخ مصطفى بن عبد الحميد البرونوي

الشيخ العالم الصالح مصطفى بن عبد الحميد بن راجو بن سعيد بن عارف ابن عبد الواسع بن

منجهلي بن بدي بن عبد الملك بن متهن بن نصير الدين بن بخشي شيخ الرومي العثماني البرونوي،

كان من ذرية الشيخ سري بن مفلس السقطي العثماني الولي المشهور، وكان أصله من سكلائي قرية

من أعمال أميتهي من بلاد أوده، ولد ونشأ بها، وبايع الشيخ محمد بن نظام الدين العثماني الأميتهوي،

ثم اشتغل بالعلم وقرأ على أساتذة بلاده، ثم رخصه محمد المذكور إلى جونبور، فسار إلى تلك البلدة

وقرأ على أساتذتها، ولبس الخرقة من الشيخ قيام الدين ابن قطب الدين الجونبوري، ثم رجع إلى

أميتهي ولبث بها زماناً، ثم انتقل عنها إلى برونه بفتح الموحدة قرية من أعمال جونبور، وتزوج بها

بابنة الشيخ نور الدين بن عبد القادر الصديقي البرونوي ورزق أولاداً من بطنها، ثم ترك عياله في

برونه وذهب إلى برنيه - بضم الباء الفارسية بلدة من أرض بنكاله - وأقام بها إلى أن توفي، وكان

فقيهاً زاهداً متوكلاً متورعاً يحترز عن المشتبهات، قال ولده محمد رشيد في حاشيته على مواقع

النجوم لابن عربي: إن أباه إذا كان يرى طعام الشبهة يرى كأنه وقع فيه دود قذر فيجتنب عنه، ولما

استفسروه بين ما رأى في الطعام، انتهى.

توفي لعشر بقين من ذي الحجة سنة ست وسبعين وألف ببلدة برنيه، كما في كنج أرشدي.

الشيخ مصطفى الجونبوري

الشيخ العالم الكبير مصطفى بن فلان الجونبوري، أحد العلماء المبرزين في العلوم الآلية والعالية،

قرأ عليه جين قليج خان اللاهوري، فلما قتل جين قليج خان في أيام جهانكير وكان اتهمه بالبغي

والخروج أخذوا مصطفى بتلك العلاقة وأحضروه عند السلطان بمدينة أجمير سنة اثنتين وعشرين

وألف، فأمر السلطان محمد بن يوسف التتوي السندي ليناظره في المباحث الدقيقة النظرية فناظره،

واستمرت المناظرة بينهما إلى أسبوع كامل، واعترف التتوي بفضله وكماله وشفع له، فعفا السلطان

عنه ورخصه إلى الحرمين الشريفين، فسافر إلى الحجاز فحج وزار، ورجع إلى الهند ومات ببلدته،

كما في مآثر الأمراء.

السيد مصطفى بن هاشم البيجابوري

الشيخ العالم الفقيه مصطفى بن هاشم بن برهان الدين العلوي الكجراتي ثم البيجابوري، أحد العلماء

الربانيين، ولد ونشأ بمدينة بيجابور، وأخذ العلم والطريقة عن أبيه ولازمه ملازمة طويلة، وتولى

الشياخة

ص: 649

بعده، وكان مرزوق القبول، توفي نحو سنة سبعين وألف بمدينة بيجابور، كما في محبوب

ذي المنن.

الشيخ مصطفى الجنيدي

الشيخ العالم الصالح مصطفى الجنيدي البيجابوري، أحد عباد الله الصالحين، كان من نسل الشيخ

الكبير عين الدين خزانة العلم، ولد ونشأ بمدينة بيجابور، وقرأ العلم على القاضي عبد اللطيف

البيجابوري، ثم لازم الشيخ حبيب الله الصبغة اللهي وأخذ عنه، وتولى الشياخة مدة من الزمان، كان

تقياً نقياً متورعاً قنوعاً، مات سنة ثمان وستين وألف.

الشيخ معين الدين الكشميري

الشيخ العالم الفقيه معين الدين بن خاوند محمود بن ضياء الدين بن مير محمد ابن تاج الدين بن

علاء الدين العطار النقشبندي البخاري، أحد المشايخ النقشبندية والفقهاء الحنفية، ولد ونشأ بكشمير

وتفقه على والده، ثم سار إلى دهلي وقرأ العلم على الشيخ عبد الحق بن سيف الدين البخاري

الدهلوي ولازمه وأخذ عنه الفقه والحديث، ثم رجع إلى كشمير وتولى الشياخة بها، وصار مرجعاً

إليه في المذهب والفتوى، وانقاد العلماء لأوامره وخضعوا له.

وله مصنفات، منها الفتاوي النقشبندية وكنز السعادة في الفقه والرضواني في السير والسلوك، مات

في محرم الحرام سنة خمس وثمانين وألف بكشمير، كما في روضة الأبرار.

الشيخ معصوم بن أحمد السرهندي

الشيخ الإمام العالم الكبير معصوم بن أحمد بن عبد الأحد العدوي العمري الشيخ محمد معصوم

النقشبندي السرهندي، كان أحب أولاد أبيه وأشبههم سمتاً به، وأقربهم منزلة إليه، وأتبعهم لسيرته،

وأخصهم بمعارفه، وأبعدهم صيتاً بين الناس، وأنفعهم لهم.

ولد لإحدى عشرة خلون من شوال سنة سبع أو تسع بعد الألف، وقرأ بعض الكتب الدرسية على

صنوه الكبير الشيخ محمد صادق وأكثرها على والده وعلى الشيخ محمد طاهر اللاهوري، ولازم أباه

وأخذ عنه الطريقة، وحفظ القرآن في ثلاثة أشهر، وحاله في تحصيل نسبة والده كحال صدر الشريعة

صاحب شرح الوقاية حيث كان يحفظ ما يؤلفه جده بلا تأخير، ولذلك بلغ رتبة لم يصل إليها أحد من

أصحاب والده، فبشره والده بمقامات عالية من القيومية وغيرها، ولما توفي أبوه جلس على مسند

الإرشاد، وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وأقام بالمدينة المنورة زماناً صالحاً، ثم رجع إلى

الهند وصرف عمره في الدرس والإفادة، وكان أكثر أشغاله تدريساً بتفسير البيضاوي والمشكاة

والهداية والعضدي والتلويح.

قال الشيخ مراد بن عبد الله القزاني في ذيل الرشحات إنه كان آية من آيات الله مثل والده الماجد، قد

نور العالم وبدد ظلمات الجهل والبدع بيمن توجهاته العلية وأحواله السنية، وصار ألوف من الرجال

محرماً للأسرار الخفية، وتحققوا بالحالات السنية، بشرف صحبته العلية، حتى قيل إن جميع من

بايعه في الطريقة تسعمائة ألف، وعدد خلفائه سبعة آلاف، منهم الشيخ حبيب الله البخاري، كان أعظم

مشايخ خراسان وما وراء النهر في زمانه، قد تنورت بخارى بنور السنة بعد ما غشيتها ظلمة البدعة،

وشرف بالخلافة والإجازة أربعة آلاف من مريديه بعد إيصالهم إلى رتبة الكمال، انتهى.

وللشيخ معصوم رسائل في ثلاثة مجلدات مثل رسائل والده متضمنة لغوامض الأسرار واللطائف،

أكثرها في حل مغلقات معارف والده المرحوم.

توفي في اليوم التاسع من ربيع الأول سنة تسع وسبعين وألف بمدينة سرهند فدفن بها، وقبره

مشهور ظاهر يزار.

الشيخ معاذ بن تاج الهندي

الشيخ العالم الصالح معاذ بن تاج الدين العثماني النقشبندي السنبهلي، أحد كبار المشايخ، ولد ونشأ

بمكة المباركة، وقرأ العلم بها على أكابر العلماء،

ص: 650

وأخذ الطريقة عن والده ولازمه مدة حتى بلغ رتبة

المشيخة، قدم الهند سنة بضع وستين وألف فدخل دار الملك وأهدى لشاهجهان بن جهانكير التيموري

سلطان الهند من الهدايا والتحف التي أتى بها من مكة، فخصه السلطان بمزيد القرب إليه وأجزل

عليه الصلات والجوائز، ثم ذهب إلى مدينة سنبهل ولبث بها زماناً، لقيه بها كمال محمد السنبهلي

وذكره في الأسرارية.

ملا خواجه اللاهوري

الشيخ العالم الكبير العلامة ملا خواجه الحنفي البهاري ثم اللاهوري أحد الرجال المعروفين بالفضل

والكمال، ولد ونشأ بحاجيبور من أعمال بهار، وقرأ العلم حيثما أمكنه في بلاده، ثم سافر ودخل كوره

فلازم الشيخ جمال بن مخدوم الكوروي وقرأ عليه الكتب الدرسية، ثم سافر إلى لاهور وأخذ بعض

العلوم الشرعية عن الشيخ محمد فاضل اللاهوري، وسكن بداره، وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد مير

اللاهوري ولازمه ملازمة طويلة حتى بلغ رتبة المشيخة، وحصل له القبول العظيم بعد ما توفي

شيخه.

وكان قانعاً عفيفاً ديناً مرتاضاً مجاهداً، لا يقبل النذور والفتوحات أصلاً، لقيه شاهجهان بن جهانكير

الدهلوي سلطان الهند بمدينة لاهور وأراد أن يجزل عليه العطايا السلطانية فلم يقبل، كما في عمل

صالح، مات سنة ستين - وقيل: سبع وستين - وألف بلاهور، فدفن بمقبرة شيخه محمد مير رحمه

الله.

نواب ملتفت خان الساوي

الأمير الكبير ملتفت خان بن مير محمد باقر الحسيني الساوي، أحد رجال الفضل والكمال، ولد ونشأ

بأرض الهند وتقرب إلى شاهجهان، وكان والده من كبار الأمراء في أيامه، فترقى درجة بعد درجة

حتى ولي على العرض المكرر ثم على بخشيكري، ثم بعثه شاهجهان المذكور إلى بلاد الدكن فتقرب

إلى عالمكير ابن شاهجهان ولازمه في سفره إلى أكبر آباد فأضاف عالمكير في منصبه، فصار أربعة

آلاف له وألفين للخيل، وولاه على ديوان الخراج، فسار معه إلى أكبر آباد وقاتل داراشكوه حتى قتل

في المعركة.

وكان فاضلاً كبيراً مفرط الذكاء جيد القريحة بشوشاً طيب النفس متواضعاً حسن المعاشرة مجيد

الشعر، ومن أبياته قوله:

بخواب ديده ام آن طره بريشان را تمام عمر دكر خواب من بريشان است

مولانا ملك القمي

الشيخ الفاضل الكبير ملك القمي أحد الشعراء المفلقين، ولد ونشأ بقم، وسافر إلى كاشان فلبث بها

زماناً، ثم أتى قزوين وأقام بها أربع سنوات، وخرج منها في شهر رمضان سنة سبع وثمانين

وتسعمائة وقدم الهند ودخل أحمد نكر، فتقرب إلى مرتضى نظام شاه ثم إلى برهان شاه ونال منهما

الصلات والجوائز، ثم دخل بيجابور وتقرب إلى إبراهيم عادل شاه ونال منه الالتفات، فطابت له

الإقامة بمدينة بيجابور، وهنالك زوج ابنته بمحمد طاهر الترشيزي وشاركه في تصنيف نورس بأمر

عادل شاه المذكور، أدركه أبو الفيض بن المبارك الناكوري بمدينة بيجابور حين قدمها بالسفارة،

وكان القمي شاعراً جيد الشعر، له أبيات رقيقة رائقة بالفارسية، منها قوله:

دلم ز داغ غمت صد هزار جا ريش است كسى كه دوست بود با تو دشمن خويش است

توفي سنة أربع وعشرين وألف، كما في سرو آزاد

الشيخ منجهن بن عبد الله اللكهنوي

الشيخ العالم الصالح منجهن بن عبد الله بن القاضي خير الدين اللكهنوتوي، أحد المشايخ الشطايرة،

يصل نسبه من جهة أبيه إلى القاضي تاج الدين النحوي البلخي، ومن جهة أمه إلى القاضي سماء

الدين الدهلوي، ولد ونشأ بلكهنوتي، وقرأ العلم على أساتذة الشيخ أحمدي مشاركاً له في الأخذ

والقراءة، وأخذ الطريقة عن الشيخ تاج الدين الحسيني البخاري ولازمه زماناً، ثم شفع له تاج الدين

المذكور إلى شيخه محمد غوث الكواليري وتركه عند الشيخ، فقرأ عليه جواهر خمسة واشتغل

بأعمالها مدة من الزمان،

ص: 651

وألبسه محمد غوث الخرقة الشطارية.

وكان عالماً كثير الدرس والإفادة، لم يزل مشتغلاً بمطالعة الكتب والمراقبة والمحاسبة، ولما فتح شير

شاه قلعة رائسين في أرض مالوه وسماها إسلام آباد انتقل من لكهنوتي إلى إسلام آباد، فولي بها

شياخة الإسلام، ولما تسلط الهنادك مرة أخرى على تلك الناحية انتقل من رائسين إلى سارنكبور

ودرس بها زماناً، وصنف رسائل كثيرة في العلوم والفنون، فلما نتاهت به السن هاجر من تلك البلدة

وذهب إلى آشته على مسيرة يومين من سارنكبور، واختار الانزواء بذلك المقام، ولما سمع داعي

الرحيل يدعوه إلى النشأة الآخرة رجع إلى سارنكبور فودع عياله، ثم ذهب إلى آشنه ومات بها في

شهر ربيع الأول سنة إحدى وألف، كما في كلزار أبرار.

الشيخ منور بن عبد الستار السهارنبوري

الشيخ العالم منور بن عبد الستار بن عبد الكريم بن سالار الأنصاري السهارنبوري، كان من العلماء

المبرزين في المعقول والمنقول والعلوم الغريبة كالجفر الجامع والتكسير والقراءة والشعر، ولد ونشأ

بمدينة سهارنبور، وحفظ القرآن وقرأ العلم، ثم لبس الخرقة من الشيخ ركن الدين بن عبد القدوس

الكنكوهي، ومهر في التجويد والقراءة، وحصلت له الإجازة عن الشيخ محي الدين بن عبد الوهاب

السادهوروي أيضاً مات في غرة جمادي الأولى سنة سبع عشرة وألف، فأرخ لوفاته بعض الناس من

قوله منور بنور هدايت كما في مرآة جهان نما.

الشيخ منور بن عبد المجيد اللاهوري

الشيخ العالم الكبير العلامة منور بن عبد المجيد بن عبد الشكور بن سلميان ابن إسرائيل اللاهوري،

كان من العلماء المبرزين في العلوم العقلية والنقلية، قرأ العلم على الشيخ سعد الله بن إبراهيم

اللاهوري، وكان غاية في قوة الحفظ والإدراك، ولذلك فرغ من التحصيل وله نحو العشرين، وبرع

أقرانه في القراءة والتجويد، كان يقرأ القرآن على سبع قراءات، ولاه الصدارة أكبر شاه بأرض مالوه

سنة خمس وثمانين وتسعمائة، فاستقل بها عشر سنين، وعزل سنة خمس وتسعين وتسعمائة، عزله

أكبر شاه المذكور وأمر بحبسه في قلعة كواليار، فلبث في السجن خمس سنين وصنف بها الدر النظيم

في ترتيب الآي وسور القرآن الكريم وعرب البحر المواج للقاضي شهاب الدين الدولة آبادي،

واشتعل السلطان عليه غضباً وأمر بنهب أمواله وكتبه فسلبوها، وكانت عدة كتبه ألفاً وخمسمائة كتاب

فما بقي في يده غير الدر النظيم، ثم طلبه السلطان إلى آكره وضيق عليه في السجن حتى مات.

قال المندوي في كلزار أبرار إنه كان من كبار العلماء غاية في تدقيق النظر وسعة المعلومات

واستحضار المسائل وسيلان الذهن وسرعة الإدراك، له، له مصنفات كثيرة، منها الدر النظيم في

ترتيب الآي وسور القرآن الكريم، وتعريب البحر المواج في التفسير وحدائق البيان شرح على بديع

البيان، وشرح الطوالع، وشرح قصيدة البردة للبوصيري، والحق الصريح في إثبات عدم قبول التوبة

لساب النبي صلى الله عليه وسلم، رد فيه على عبد الله بن شمس الدين السلطانبوري، انتهى.

وقال بختاور خان في مرآة العالم: إنه كان ماهراً في التفسير غاية في قوة الحفظ، وعد بختاور خان

من مصنفاته شرحاً على إرشاد القاضي شهاب الدين، وشرحاً على مشارق الأنوار للصغاني، انتهى.

توفي في الثاني عشر من ذي القعدة سنة إحدى عشرة وألف فدفنوه في مقبرة الغرباء، ثم نقل أولاده

جسده إلى لاهور ودفنوه بمقبرة أسلافه سنة خمس عشرة وألف، كما في كلزار أبرار.

الشيخ منور بن المنصور السنبهلي

الشيخ الصالح منور بن المنصور بن عبد الله بن عثمان الحسيني المودودي السنبهلي، أحد عباد الله

الصالحين، تصدر للارشاد بعد والده، وكان أخذ الطريقة عن عن أبيه عن جده وعن الشيخ تاج الدين

النقشبندي السنبهلي، مات سنة ثمان وثلاثين وألف فأرخ لوفاته بعض الناس من قوله تاريك شد

زمانه يعني أظلم الدهر، ولا تخفي لطافته على العارف.

ص: 652

الشيخ مودود بن أولياء الكالبوي

الشيخ الفاضل مودود بن أولياء بن سراج الحنفي الكالبوي، أحد العلماء المبرزين في الحديث، ولد

ونشأ في مهد العلم والمشيخة، وسافر مع والده إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وأخذ الحديث عن

الشيخ عبد الوهاب بن ولي الله المتقي البرهانبوري المهاجر إلى مكة المشرفة ولازمه مدة من

الزمان، كما في كلزار أبرار.

الشيخ موسى بن الحامد الأجي

الشيخ الصالح موسى بن الحامد بن عبد الرزاق الشريف الحسني جمال الدين أبو الحسن الأجي،

أحد المشايخ المشهورين، ولد ونشأ بمدينة أج، وأخذ عن والده، وحصل له القبول التام عند العوام،

أخذ عنه الشيخ عبد الحق ابن سيف الدين البخاري الدهلوي، مات مقتولاً في نواحي الملتان سنة

إحدى وألف، كما في خزينة الأصفياء.

الشيخ موسى الحنفي السندي

الشيخ الفاضل موسى بن أبي موسى الحنفي السندي، كان من أصحاب السيد صبغة الله بن روح الله

الحسيني البروجي نزيل المدينة المنورة، ذهب إلى دمشق الشام في آخر عمره ومات بالقدس، ذكره

الشيخ نجم الدين الغزي الشافعي في لطف السمر وقطف الثمر، وذكره محمد بن فضل الله المحبي في

خلاصة الأثر، والشيخ نجم الدين الغزي ممن أدركه في سفره إلى دمشق، وله قصة معه في ذلك

السفر ذكرها في كتابه، ونقل عنه المحبي في الخلاصة.

قال الغزي في لطف السمر: إنه كان من الفضلاء البارعين والأولياء الصالحين، جاور بالمدينة

المنورة ولازم صبغة الله المذكور، وله اشتغال بالعلم قديماً، وسافر من المدينة إلى الشام قاصداً زيارة

الخليل عليه الصلاة والسلام وبيت المقدس لمنام قيل له فيه إن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام

يطلبك، وصحبناه في طريقه ذلك من المدينة إلى الشام في سنة إحدى عشرة بعد الألف، وكان يتردد

إلينا في المنازل معتقداً مستفيداً، فرأيناه فاضلاً في علوم التفسير والمعاني والبيان والمنطق والحديث

والتصوف، وكان لطيف المزاج نافذ الفهم ذكياً، كنا نراه كالمقهور الملجأ في خروجه من المدينة

متعلق قلبه بالحضرة النبوية كمال التعلق إلا أنه خرج منها للمنام المذكور ليقضي الله أمراً كان

مفعولاً، وزارني بمنزله ذات صبح في أوائل صفر سنة إحدى عشرة وكنت قد اضطجعت للقائلة

وكنت حريصاً عليها بقرب الرحيل ويتعذر تيسر النوم في المسير، فزارني ولم يغلب على النوم وأنا

مسجي برداً: فلم أنهض له إيذاناً بأني نائم وقلت في نفسي: يجلس ثم يقوم من عندنا في شأنه

فعرضت عليه القهوة وشيء من المآكل فقال: أنا مكتف، إنما جئت لزيارة الشيخ، ولم يأكل ولم

يشرب، فقلت في نفسي: أما تستحي من الله تعالى؟ إن رجلاً صالحاً يزورك في الله ولا ينال غرضاً

من زيارتك أي جفاء فوق هذا! فقعدت وسلمت عليه ورفعت الوسادة فإذا تحتها عقرب كبيرة فقتلناها،

وعلمت أن ذلك كرامة لذلك الرجل، ثم صحبناه برهة من الزمان بدمشق ولم يمكث بها إلا أياماً قليلة،

ثم سافر إلى بيت المقدس فزار الخليل عليه الصلاة والسلام، وقطن في القدس الشريف حتى مات في

سنة إحدى عشرة بعد ألف، انتهى.

وفي خلاصة الأثر أنه توفي سنة اثنتي عشرة بعد الألف.

مولانا موسى البرهانبوري

الشيخ الفاضل موسى بن أبي موسى البوبكاني السندي ثم البرهانبوري، أحد فحول العلماء، قرأ

النحو والعربية على القاضي محمود الموربي وسائر العلوم المتعارفة على غيره من العلماء ثم ولي

التدريس بمدرسة عادل بور من أعمال برهانبور، كما في كلزار أبرار.

ص: 653

الشيخ موسى الكشميري

الشيخ الصالح أبو إسحاق موسى الكشميري، أحد العلماء وعباد الله الصالحين، مات سنة ست عشرة

وألف بكشمير فدفن بها.

الشيخ موسى الكشميري

الشيخ الصالح المحدث موسى بن جعفر الكشميري، أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، أخذ

عنه السيد شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني بمدينة عدن سنة 1016، وأخذ عنه الشيخ عبد القادر

بن سيد شيخ الحضرمي بمدينة أحمد آباد، ذكره عبد القادر في النور السافر.

السيد ميران البيجابوري

الشيخ العالم الفقيه ميران بن أسد الله بن عبد الله بن وجيه الدين العلوي البيجابوري، أحد الفقهاء

المشهورين في الزهد والمجاهدة، ولد ونشأ بكجرات، وقرأ العلم بها على أساتذة عصره، ثم انتقل إلى

بيجابور وقطن بها في أيام إبراهيم عادل شاه البيجابور، وصرف عمره في الدرس والإفادة.

مات في سلخ جمادي الأولى سنة خمس وخمسين وألف بمدينة بيجابور فدفن بها، كما في روضة

الأولياء.

مولانا ميرك شيخ الهروي

الشيخ العالم الكبير العلامة ميرك شيخ بن فصيح الدين الحنفي الهروي، كان ابن أخ القاضي محمد

أسلم الهروي، ولد ونشأ بهرات وقدم الهند في شبابه، واشتغل على المفتي عبد السلام اللاهوري وقرأ

عليه أكثر الكتب الدرسية، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين وأخذ الحديث عن كبار المشايخ، ورجع

إلى الهند فجعله شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند معلماً لولده دارا شكوه وأعطاه المنصب،

ثم جعله معلماً لولده مراد بخش، ثم ولاه العرض المكرر، كما في بادشاه نامه، ولما ولي المملكة

عالمكير بن شاهجهان الدهلوي ولاه الصدارة، وعزله عنها لكبر سنه في مدة قليلة، كما في عالمكير

نامه.

مات سنة سبعين وألف، كما في مرآة العالم أو سنة إحدى وسبعين وألف، كما في مآثر الأمراء.

حرف النون

الشيخ ناصر الدين الشيخبوري

الشيخ العالم الفقيه ناصر الدين الحنفي الشيخبوري، كان من سلائل الشيخ خواجه كلان بن نصير

الدين الجبونسوي الإله آبادي، أخذ العلم والمعرفة عن الشيخ تاج الدين الجهونسوي ولازمه ملازمة

طويلة حتى بلغ رتبة المشيخة، أجازه الشيخ طيب بن المعين البنارس أيضاً، توفي يوم الجمعة غرة

ربيع الأول سنة ثمان وستين وألف، كما في كنج أرشدي.

الشيخ نصرة بن الجمال الملتاني

الشيخ الصالح نصرة بن الجمال بن نور الرشيدي الملتاني صاحب كنج رشيدي ولد بمدينة الملتان

في الثاني عشر من ذي القعدة سنة أربعين وألف، ولما بلغ العاشرة من عمره جاء إلى جونبور مع

جده ولازم الشيخ محمد رشيد العثماني الجونبوري وبايعه سنة ثمان وخمسين وألف، ثم تزوج بأمره

سنة تسع وخمسين وألف، ثم ذهب إلى بنارس ودخل في العسكرية فتغير حاله بها، فندم واستغفر عنه

وبايع الشيخ محمد رشيد مرة ثانية سنة تسع وستين وألف وترك الخدمة العسكرية سنة ثلاث وسبعين

وألف ثم لازم شيخه زماناً صالحاً، فاستخلصه الشيخ لنفسه واستخلفه وبعثه إلى أرض أوده، فاعتزل

عن الناس وبنى زاوية له على شاطئ نهر كومتي في قرية من أعمال سلطانبور سنة اثنتين وثمانين

وألف، واستقام على الطريقة الظاهرة والصلاح وحصل له القبول العظيم، له كتاب مفيد في ملفوظات

شيخه يسمى بكنج رشيدي.

توفي يوم الاثنين سابع ذي القعدة سنة تسعين وألف فدفن في زاويته، وأرخ لوفاته غلام قطب الدين

الجونبوري من قوله ع:

نصرت جمال قطب زمانه نيامده، كما في كنج أرشدي.

ص: 654

الشيخ نصيب الدين الكشميري

الشيخ الكبير نصيب الدين الحنفي الصوفي الكشميري، أحد المشايخ المشهورين، أخذ العلم والمعرفة

عن الشيخ داود بن الحسن الكشميري وصحبه مدة مديدة، وحصل له القبول العظيم بكشمير، مات في

الثالث عشر من محرم الحرام سنة سبع وأربعين وألف، كما في خزينة الأصفياء.

الشيخ نصير بن قريش الكجراتي

الشيخ الصالح نصير بن قريش الكجراتي، أحد رجال العلم والمعرفة، ولد ونشأ بكجرات وخدم

الملوك مدة من الزمان، ثم لما فتح أكبر شاه تلك الناحية انتقل منها إلى خانديس ولازم الشيخ المحدث

جمال محمد البرهانبوري وتزوج بابنته، وكان مولعاً بمطالعة إحياء العلوم ولما مات قال بهاء الدين

محمد ابن أخ الشيخ وجيه الدين العلوي الكجراتي: اليوم مات علي المتقي، مات بمدينة برهانبور،

كما في كلزار أبرار.

القاضي نصير الدين البرهانبوري

الشيخ العالم المحدث الفقيه القاضي نصير الدين بن القاضي سراج محمد الحنفي البرهانبوري، أحد

العلماء المبرزين في الفقه والحديث والعربية، لم يكن في زمانه أعلم منه بالرجال والحديث، وأطوع

منه للكتاب والسنة، وأصدق منه في لهجة، قرأ العلم على والده وعلى الشيخ عثمان بن عيسى

السندي، ولازم شيخه عثمان ملازمة طويلة حتى فاق أقرانه في العلم، وأفحم العلامة شكر الله

الشيرازي في البحث وله ثمان عشرة سنة.

وكان القاضي نصير الدين ممن يرجح الحديث أياماً كان على قياس المجتهد، وكان ينكر القياس

ويقول إن حديث علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل موضوع، فلذلك كفره صهره الشيخ علم الله

البيجابوري وأفتى بقتله وإحراقه في النار، ورتب المحضر لذلك فأثبت العلماء توقيعاتهم على ذلك،

وأبى الشيخ محمد بن فضل الله البرهانبوري والشيخ عيسى بن قاسم السندي عن تصويبه وتصديقه،

فانتصر له عبد الرحيم بن بيرم خان، فرفعوا تلك القضية إلى سلطان الهند، فأمر باحضارهما في

معسكره، فذهب الشيخ علم الله المذكور إلى بيجابور والتجأ إلى إبراهيم عادل شاه البيجابوري،

وسافر القاضي نصير الدين إلى الحجاز، وجهز له عبد الرحيم المذكور وأعانه في رحلته، فأقام

بالحرمين الشريفين خمس سنوات، ثم رجع إلى الهند ووقع في أيدي الأفرنج ولبث فيهم برهة من

الزمان، ثم أطلقوه فدخل في بندر دائل سنة أربع وعشرين وألف وكانت في سلطة عادل شاه،

فاستقبله العادل إلى ثلاثة أميال وجاء به إلى دار الامارة، ولما سمع جهانكير بن أكبر شاه الدهلوي

سلطان الهند بمجيئه من الحجاز استقدمه إلى معسكره وأكد عليه، فجاء إلى برهانبور واعتزل في

بيته وعزم أن لا يخرج من البيت، فلما جاء خرم بن جهانكير إلى برهانبور بعثه إلى آكره، فأكرمه

واحتفى به جهانكير ورخصه بعد مدة طويلة، فرجع إلى برهانبور واعتزل في بيته، وكانت وفاته

سنة إحدى وثلاثين وألف، كما في مآثر رحيمي.

الشيخ نصير الدين الجونبوري

الشيخ الصالح نصير الدين المداري الجونبوري، أحد رجال العلم والطريقة، مات ليلة السبت الرابع

من جمادي الآخرة سنة ست وسبعين وألف بجونبور فدفن بها.

الشيخ نظام الدين التهانيسري

الشيخ العالم الفقيه الزاهد نظام الدين بن عبد الشكور العمري البلخي التهانيسري، أحد المشايخ

الجشتية، جمع العلم والعمل والرياضة والمجاهدة، وأخذ عن عمه وصهره جلال الدين العمري

التهانيسري، وتولى الشياخة بعده، وسافر إلى الحجاز سنة سبع وألف فحج وزار، ورجع إلى الهند

سنة عشرين وألف فمر على بيجابور، واحتفى به إبراهيم عادل شاه البيجابوري وأكرمه غاية

الاكرام، ثم تصدر بتهانيسر للدرس والافادة، ولما خرج خسرو بن جهانكير على والده ومر على

تهانيسر لقيه فغضب عليه جهانكير وأمر بجلائه من الهند، فسار إلى بلخ واشتغل بها مدة من الزمان

في العبادة والافادة، أخذ عنه خلق كثير من العلماء والمشايخ، وكان السلطان إمام قلي

ص: 655

أزبك يأتيه في

كل أسبوع مرة واحدة ويتبرك به.

له مصنفات عديدة أشهرها شرح اللمعات للعراقي، وشرح السوانح للغزالي، ورسالة الحقيقة

والرسالة البلخية، والتفسير النظامي.

توفي لأربع ليال بقين من شوال سنة أربع وعشرين، وقيل: ست وثلاثين وألف، ببلخ.

خواجه نظام الدين الأكبرآبادي

الأمير الفاضل نظام الدين بن محمد مقيم الهروي الأكبر آبادي صاحب طبقات أكبري، ولد ونشأ

بالهند، وقرأ العلم ومهر في الحكمة والتاريخ، وتقرب إلى أكبر شاه فولاه على بخشيكري في بلاد

كجرات، له مصنف لطيف في تاريخ الهند سماه بطبقات أكبري.

مات سنة ثلاث بعد الألف وله خمس وأربعون سنة، وقد أرخ لوفاته عبد القادر بن ملوك شاه

البدايوني من قوله ع:

كوهر بي بها ز دنيا رفت، كما في المنتخب.

مولانا نظام الدين السندي

الشيخ الفاضل نظام الدين بن نور محمد بن شكر الله بن ظهير الدين بن شكر الله الحسيني التتوي

السندي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول، سافر إلى دهلي وبذل جهده في تدوين الفتاوي

الهندية ثم طلب المنصب، فلم يقبله عالمكير بن شاهجهان الدهلوي لأنه كان لا يعطي الخدمات

العسكرية لأهل العلم، وأجرى له الأرزاق السنية فلم يرض بها نظام الدين ولم يزل بمعسكره حتى

مات، كما في تحفة الكرام.

الشيخ نظام الدين البرهانبوري

الشيخ العالم الصالح نظام الدين البرهانبوري، أحد رجال العلم والمعرفة، لبس الخرقة من السيد

إبراهيم البهكري ولازمه زماناً، وكان يشتغل بالكتابة ثم يبيع النسخ المكتوبة ويصرفها في عرس

شيخه كل سنة، مات في سنة تسع بعد الألف بمدينة برهانبور، كما في كلزار أبرار.

مولانا نظام الدين البرهانبوري

الشيخ العالم الفقيه نظام الدين الحنفي البرهانبوري، أحد أكابر الفقهاء الحنفية وعلمائهم المشهورين

ممن تبحر في العلوم وحرر المسائل ونقل الأحكام وجدد مآثر الفتوى، وهو ممن تخرج على القاضي

نصير الدين المحدث البرهانبوري، استخدمه عالمكير بن شاهجهان الدهلوي حين كان والياً في بلاد

الدكن من قبل والده وجعله من ندمائه، وولاه تدوين الفتاوي الهندية وترتيبها باستخدام الفقهاء الحنفية،

وولي أربعة رجال منهم تحت أمره، فقسم أرباعها على أربعتهم: أحدهم القاضي محمد حسين

الجونبوري المحتسب، وثانيهم السيد علي أكبر أسعد الله خاني، وثالثهم الشيخ حامد الجونبوري،

ورابعهم المفتي محمد أكرم اللاهوري، فبذل جهده في تلك الخدمة الجليلة حتى رتبها في سنتين،

فأضاف في منصبه عالمكير واستثناه عن التكليفات والتسليمات المعتادة في حضرة السلطان التي يقال

لها كورنش، وكان عالمكير يذاكره في إحياء العلوم والفتاوي العالمكيرية وبعض كتب السلوك ثلاثة

أيام في كل أسبوع، فخدمه نظام الدين أربعين سنة وجاوزت سنة ثمانين حولاً، وولده عبد الله أخذ

عن أبيه ونال الفضيلة في أيامه، كما في مرآة العالم.

الشيخ نظام الدين السندي

الشيخ الفاضل نظام الدين السندي النقشبندي، أحد أصحاب الشيخ صبغة الله ابن روح الله الحسيني

البروجي، قرأ عليه ولازمه بالمدينة المنورة مدة من الزمان وأخذ عنه الطريقة، فألبسه الخرقة وحكمه

في الإلباس والتحكيم، ثم سافر إلى دمشق وأخذ عنه الشيخ أيوب بن أحمد بن أيوب الخلوتي الدمشقي

وخلق كثير، ثم سار إلى بيت المقدس ومر بنابلس ودخل غزة، ثم رحل إلى مصر وتوفي بها.

ذكره البوريني وقال: إنه ورد إلى دمشق ومعه أخ له صغير وصار يدعى علماً غزيراً ويزعم أنه

حمل فضلاً كثيراً ولم يكن كما قال ولا صدقت منه الأقوال غير أنه كان ذكياً جداً، والعجب أنه كان

يتنوع في الدعاوي فتارة يقول: أنا شريف علوي، وتارة كان يدعى

ص: 656

الرياضة المطلقة، وترك دمشق

ورحل إلى صالحيتها وقطن بمدرسة شيخ الاسلام أبي عمر وصار يدعى أنه مهدي الزمان الموعود

به، فقيل له: ذاك محمد وأنت نظام الدين! فقال: محمد يلقب بنظام الدين، فقيل له: ذاك الشريف وأنت

سندي أسود، فقال: أنا شريف علوي صحيح النسب غير أني تركت دعوى ذلك إلا في وقتهن وأما

سواد الوجه فكان يعتذر عنه بأن المراد البياض المعنوي الذي يكون في الأفعال، وزاد به الحال إلى

أن صعد المنارة الشرقية بين المغرب والعشاء وقال: يا أهل الدمشق! أنا مهدي الزمان وأن أدعوكم

إلى إجابتي واتباعي، وسمع ذلك كثير من الصالحين وغيرهم ممن كان بالجامع الأموي، وكان مرة

بالجامع السليمي السلطاني يوم الجمعة فلما نزل الخطيب عن المنبر قام وأمر رجلاً أن يصعد المنبر

ويلعن أمين الدفتري العجمي، وقال بصوت عال: إن الدفتر دار محمد أمين رافضي يبغض أبا بكر

وعمر رضي الله عنهما وقد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ألعنه، وشاع ذلك الأمر وذاع،

فوضع في البيمارستان القيمري بالصالحية مدة وسكن عن التخليط وقلل من التخبيط، فأمر قاضي

القضاة باخراجه بعد أن أمر بايلاجه، وضاقت دمشق بعد هذه الدعوى وكان يذوق من الزمان شديد

البلوي فطار من دمشق إلى بيت المقدس ومر بنابلس ودخل غزة واقتتل بعض علمائها، ووصل إلى

مصر ومكث بها قليلاً ولم تطل مدته بها بل توفي هو وأخوه بها، انتهى ما قال البوريني.

وقال ابن فضل الله في خلاصة الأثر: والذي تلقيته من أحواله أنه كان من المحققين العظام، وأنه

كان من أرباب الولاية، وممن أدركته عين العناية في البداية والنهاية، وهو من خواص تلامذة السيد

صبغة الله نزيل المدينة المنورة، وكان السيد المذكور يحبه وينافس في ولايته المقررة، ووقع للسيد

بسببه كرامة ذكرتها في ترجمته وألمعت فيها بذكر انتمائه إليه وتلمذه وما وقع بدمشق من بعض

التخاليط، فقال إنه يموه بها عن حقيقة أمره حتى تعد من الأغاليط، ومما شاع أن وضعه في

البيمارستان كان عن أغراض نفسانية وأنه دعا على من كان السبب في ذلك من الفضلاء بأن يسلب

رونق فضيلته البهية، فاستجيب دعاءه فيهم وحرموا لذة النفع بالعلوم، على أن كلاً منهم كان ممن

برع على هذا الأستاذ في المنطوق والمفهوم، ولقد حكى بعض علماء الشام الكبار أنه حج فزار السيد

صبغة الله في مدينة النبي المختار صلى الله عليه وسلم فما استقر به الجلوس حتى سأله عن أحوال

الملا نظام، مبدياً للقائه غاية الشوق والغرام، فقال له ذلك العالم إنه جن فوضع في البيمارستان، ولم

يتنبه بقرائن السؤال إلى ما تضمنه من الاعتناء لرفعة الشأن، فاضطرب السيد وقال لذلك العالم بلسان

عادل: لاح! ذا مليح وعشاقه كلهم ملاح ويكفي ما في هذه الكلمة من الاشارة إلى علو قدره، وأنه ممن

يغالي في التنويه بفضله الذي سلم له أعظم أهل عصره، وكانت وفاته في سنة ست عشرة بعد الألف

رحمه الله.

خواجه نعمة الله الهروي

الشيخ الفاضل نعمة الله بن خواجه حبيب الله الهروي، كان من ندماء خان جهان خان الجهانكيري،

له مخزن أفغاني كتاب في أخبار الأفاغنة وأنسابهم، صنفه سنة عشرين وألف، كما في محبوب

الألباب.

الشيخ نعمة الله الفيروزبوري

الشيخ العالم الكبير العلامة جلال الدين نعمة الله بن عطاء الله النارنولي ثم الفيروزبوري، أحد

المشايخ القادرية، ولد ونشأ بنارنول، وسافر للعلم إلى بلاد شتى وتردد إلى جونبور، وأخذ الهيئة عن

الشيخ محمد أفضل العثماني الجونبوري، ثم تزوج وسكن بفيروزبور، فأعطاه سيف خان أربعمائة

فدادين من الأرض الخراجية بفيروزبور، ثم بايعه شجاع بن شاهجهان حين كان والياً من قبل أبيه

في بنكاله، فحصل له القبول والوجاهة العظيمة عند الناس، ثم لما هزم شجاع وفر إلى أقصى بلاد

الهند أعطاه عالمكير خمسة آلاف من النقود.

وله مصنفات عديدة، منها: تفسير القرآن الكريم على نهج الجلالين، صنفه في ستة أشهر وأتمه سنة

سبعين وألف، وله ترجمة القرآن، صنفه في أيام جهانكير حين كان بدهلي وسماه تفسير جهانكيري

وإني رأيت وثيقة الخلافة له إلى بعض أصحابه ذكر فيه أنه لبس الخرقة القادرية من الشيخ شمس

الدين أبي الفتح محمد الشريف من الشيخ بهاء الدين الأنصاري،

ص: 657

ولبس الخرقة الجشتية من الشيخ

محمد المذكور بسنده إلى السيد الشريف محمد بن يوسف الحسيني الكلبركوي، ولبس الخرقة

النقشبندية من محمد بن الجلال الكجراتي بسنده إلى الشيخ برهان الدين عبد الله بن محمود الحسيني

البخاري الكجراتي من الشيخ نور الدين أبي الفتوح الطاؤوسي الشيرازي، وإني رأيت في وفيات

الأعلام للشيخ محمد يحيى العباس الإله آبادي أن العلامة محمود بن محمد الجونبوري أخذ عنه

الطريقة وتلقن الذكر منه، انتهى.

وفي كنج أرشدي أنه سكن بفيروزبور وله خمس وأربعون سنة، وعاش بعد ذلك بضعاً وخمسين

سنة، انتهى.

مات سنة اثنتين وسبعين وألف، كما في مرآة العالم.

الشيخ نعمة الله الشيخبوري

الشيخ الصالح نعمة الله العمري الشطاري الشيخبوري، كان من نسل الشيخ فريد الدين مسعود

الأجودهني، سافر إلى الحجاز في عنفوان شبابه فحج وزار، ورجع إلى الهند ودخل برهانبور فأخذ

الطريقة عن الشيخ عيسى بن قاسم السندي ولازمه أياماً، ثم رجع إلى بلدته، وكان زاهداً عفيفاً

متوكلاً صاحب وجد وحالة، كما في كلزار أبرار.

المفتي نور الحق الدهلوي

الشيخ الامام العالم المحدث الفقيه المفتي نور الحق بن عبد الحق بن سيف الدين البخاري أبو

السعادات جمال الدين الدهلوي، أحد كبار الفقهاء الحنفية ولد ونشأ بمدينة دهلي، وقرأ العلم على والده

وأخذ عنه الحديث، وولي القضاء بأكبرآباد.

قال والده في كتابه أخبار الفضلاء: إنه جيد القريحة سليم الذهن غاية في الفضل والكمال، ينظم

أحياناً ويتلقب بالمشرقي، وإن توجه إلى الشعر بالكلية كما هو عادة الشعراء لكان يقتدر أن يتتبع

خمسة النظامي وخسرو وينسج على منوالهما ولكنه اشتغل بالعلم والصلاح وبما هو نفس الأمر فغلب

عليه ذلك، انتهى.

وفي عمل صالح: إنه كان عالماً كبيراً عارفاً بارعاً متقناً ذا نظر كثير في العلوم ومشاركة في

المنثور والمنظوم فصيح العبارة قوي المباحثة محمود السيرة في القضاء، انتهى.

له مصنفات جليلة يلوح عليها أثر القبول الرحماني، أشهرها شرح الجامع الصحيح للامام البخاري

في ستة مجلدات كبار بالفارسي، صنفه امتثالاً لأمر والده، وله شرح على شمائل الترمذي بالفارسي،

وله رسالة في إثبات رفع المسبحة في التشهد، وله زبدة في التاريخ، وله تعليقات على شرح هداية

الحكمة وعلى شرح المطالع وعلى العضدية وعلى غيرها من الكتب الدرسية، كما في عمل صالح

ومن أبياته الرقيقة الرائقة قوله:

از شيوه همدمان اين دور خلاف كويم رمزي اكر نكيري بكزاف

جون شيشه ساعتند بيوسته بهم دلها همه بر غبار وروها همه صاف

مات سنة ثلاث وسبعين وألف وله اثنتان وتسعون سنة، وقبره بدهلي، كما في مرآة العالم.

الأمير نور العلاء الأكبرآبادي

الشيخ العالم الصالح الأمير نور العلاء بن أبي العلاء بن أبي الوفاء بن عبد السلام الحسيني

الأكبرآبادي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بأكبرآباد، وأخذ عنه والده، ولازمه

ملازمة طويلة وتولى الشياخة بعده، وكان عالماً متورعاً بارعاً في العلوم انتفع به الأجلاء، مات سنة

تسعين وألف وله ثلاث وسبعون سنة، كما في مهرجهانتاب.

القاضي نور الله التستري

السيد الشريف نور الله بن شريف بن نور الله الحسيني المرعشي التستري المشهور عند الشيعة

بالشهيد الثالث، ولد سنة ست وخمسين وتسعمائة بمدينة تستر ونشأ بها، ثم سافر إلى المشهد وقرأ

العلم على أساتذة ذلك المقام، ثم قدم الهند وتقرب إلى أبي الفتح بن عبد

ص: 658

الرزاق الكيلاني فشفع له عند

أكبر شاه، فولاه القضاء بمدينة لاهور فاستقل إلى أيام جهانكير، وكان يخفي مذهبه عن الناس تقية

ويقضي على مذهبه ويقول إنه يقضي على المذاهب الأربعة عند ما يظهر له الدليل، وكان يصنف

الكتب في المذهب ويشنع فيها على الأشاعرة تشنيعاً بالغاً كما في إحقاق الحق ومجالس المؤمنين

وكان يخفي مصنفاته عن الناس ويبالغ في الاخفاء حتى وصل مجالس المؤمنين إلى بعض العلماء

فعرضه على جهانكير وأظهر عليه أنه يخفي مذهبه تقية، فغضب عليه جهانكير فو أمر أن يضرب

بدرة ذات الأشواك، فهلك من ساعته وكان له سبعون سنة، فلقبه الشيعة بالشهيد الثالث.

قال القاضي في خاتمة إحقاق الحق: هذا آخر ما قصدته من إيضاح مقاصد الكتاب المستطاب،

وإنجاح مسؤل الأحبة والأصحاب، من الرد على رؤساء ذوي الأذناب، خصوصاً الناصبي الشقي

المرتاب، الزائغ عن طريق الصواب، وذلك من جلائل نعم الله الوهاب، علي عبده الأواب، الراجي

للشهود العيني، المجاهد أعداءه بالسيف القيني، والرمح الرديني، نور الله بن شريف المرعشي

الحسيني، كان الله له، وأجرى على نهج الحق عمله، والمسؤل من فضله العظيم وكرمه العميم، أن

يجعل مقاساتي في نصرة هذا المعشر، ذريعة مخلفة لزاد المحشر، ووسيلة مزلفة إلى سيد البشر،

وآله الأئمة الاثني عشر، وأن يرزقني طلب ثأرهم، مع الإمام المهدي يدعو إلى اقتفاء آثارهم، وأن

يحشرني في زمرة أحبائهم وأنصارهم، ويبوئني في دار القرار في جوارهم، والمأمول من أفاضل

المؤمنين الذين هم في حب الدين آمين، أن يدعوا لي بدعاء الانتظام في زمرة الآمنين، إذا وقفوا على

ما قاسيته في نظم هذا العقد الثمين، من عرق الجبين، وكد اليمين، فإنه سبحانه لا يضيع أجر

المحسنين وأن يصلحوا ما فيه من الفتور والتقصير، ومظان المؤاخذة والتعبير، فإن قلة باعتي لائحة،

وإضاعة وقتي في الشواغل الدنيوية واضحة، مع ما أنا فيه من غربة الوطن وغيبة الكتب وضيق

البال، بمفارقة الأهل والآل، إذ بعد ما ركبت غارب الاغتراب في مبادئ الشباب، لتحصيل الحكم،

وتكميل الفيوض والنعم، من وطني شوستر المحروسة، إلى المشاهد المقدسة الرضوية والمأنوسة،

رماني زماني إلى الهند المنحوسة، قامت تلك الشوهاء المأيوسة على ازدياد غمي، واتهمت في

عداوتي وإعداد همي، حتى ظننت أنها هند اللائكة لكبد عمي، لكن الله سبحانه ببركات محبة أهل

البيت، عليهم السلام أحيا قلبي الميت، وأجرى بناني على منوال وما رميت إذ رميت فانتصرنا

للمصنف العلامة حاشرين، ووسمنا على جاعرة الأشاعرة القاصرين، والناصبة الفاجرة الخاسرين،

فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقاً علينا نصر المؤمنين والله الناصر والمعين، وقد اتفق نظم هذه

اللآلي، وشحت بها عوالي المعالي، في سبعة أشهر من غير الليالي، لما شرحت من كثرة ملالي،

وضعف القوي وتحول البدن كالشن البالي، وكان آخرها آخر ربيع الأول المنتظم في سلك شهور

سنة ألف وأربع عشرة 1014 في بلدة آكره، أكره بلاد اتخذها الكفر وكره، واستعمل فيها الشيطان

مكره، صان الله المؤمنين عن مكره وجهله، وأخرجهم عن سواد الهند حزنه وسهله، بحق الحق

وأهله، انتهى هذا التعليق اللاذع والمدح المطري لممدوحه وقدوته.

وللقاضي مصنفات كثيرة غير ما ذكرنا نحو مصائب النواصب والصوارم المهرقة في رد الصواعق

المحرقة والحاشية على قواعد الحلي، والحاشية على إلهيات شرح التجريد، والحاشية على تفسير

البيضاوي، وله حاشية أخرى على ذلك التفسير، وله حاشية على شرح التجريد، وحاشية على شرح

الجغميني وحاشية على الحاشية القديمة، وحاشية على تهذيب الكلام، وحاشية على شرح الشمسية

وحاشية على شرح الجامي، وحاشية على الميبذي، وحاشية على شرح التهذيب للدواني، وحاشية

على المطول وله غير ذلك من الحواشي والتعليقات، ذكرها الكشميري في نجوم السماء وكانت وفاته

سنة تسع عشرة بعد الألف بمدينة آكره.

الشيخ نور الله الجونبوري

الشيخ العالم الصالح نور الله بن طه الأنصاري الجونبوري، كان من نسل الشيخ عبد الله الأنصاري

ص: 659

الهروي، ولد ونشأ بجونبور، وقرأ العلم على صنوه الكبير عبد الجليل الجونبوري، ثم ولي الصدارة

في بعض الايالات واستقل بها مدة حياته، وكان بارعاً في الفقه والأصول والعربية، لم يزل مشتغلاً

بالدرس والإفادة ومطالعة الكتب، أخذ عنه جمع كثير من العلماء، توفي سنة اثنتي عشرة بعد الألف

فدفن بحظيرة أجداده في سدهور: كما في كنج أرشدي.

السيد نور الله البيجابوري

الشيخ الفاضل نور الله بن علي محمد الحسيني البيجابوري، أحد العلماء المبرزين في الفنون

الأدبية، له إنشاء على عادل شاهيه كتاب في أخبار بيجابور، صنفه في أيام علي بن محمد بن

إبراهيم عادل شاه البيجابوري.

الشيخ نور محمد السهارنبوري

الشيخ العالم نور محمد بن محمود الحنفي الأنصاري السهارنبوري، أحد عباد الله الصالحين، ولد

ونشأ بمدينة سهارنبور، وتفقه على الشيخ عزيز الله بن ركن الدين الحنفي الكنكوهي وأخذ الطريقة

عنه، وألزم نفسه الإفادة والعبادة، وكان رجلاً صالحاً تقياً محسناً إلى الناس، مات يوم الخميس لعشر

بقين من ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وألف، كما في مرآة جهان نما.

الشيخ نور محمد المداري

الشيخ العالم الفقيه نور محمد بن نصير الدين المداري الجونبوري، أحد رجال العلم والطريقة، ولد

ليلة الجمعة السادس عشر من جمادي الآخرة سنة خمس وسبعين وتسعمائة، فلما بلغ سن الرشد قرأ

العلم على والده وعلى غيره من العلماء حتى برع في العلم وفاق أقرانه في القراءة والتجويد، ولذلك

ولي الخطابة في المسجد الذي كان في زاوية الشيخ بديع الدين المدار المكنبوري بجونبور، قرأ عليه

الشيخ محمد رشيد بن مصطفى الجونبوري درساً أو درسين من كافية ابن الحاجب وأخذ عنه ابن

أخيه نور الدين جعفر، مات لليلة بقيت من رجب سنة تسع وخمسين وألف، كما في كنج أرشدي.

الشيخ نور محمد البتني

الشيخ العالم الفقيه نور محمد الحنفي النقشبندي البتني، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح،

قرأ العلم على أساتذة عصره ثم سافر إلى البلاد ولقي المشايخ الأمجاد حتى وصل إلى حضرة الشيخ

أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية، فلازمه وأخذ عنه الطريقة واشتغل عليه

بالأذكار والأشغال مدة من الدهر حتى نال حظاً وافراً من المعرفة، فاستخلفه الشيخ ورخصه إلى بلدة

بتنه، فسكن بها على شاطئ نهر كنك وبنى بها مسجداً، أخذ عنه غير واحد من الأعلام، كما في زبدة

المقامات.

نورجهان بيكم

اسمها مهر النساء وهي بنت اعتماد الدولة غياث الدين بن محمد شريف الطهراني، انتقل والدها

غياث الدين من طهران إلى بلاد الهند بعد ما توفي أبوه محمد شريف سنة أربع وثمانين وتسعمائة،

فلما وصل إلى قندهار ولدت مهر النساء وجاءت مع والديها إلى فتحبور في أيام أكبر شاه التيموري

ونشأت في مهد العفة والطهارة، وتعلمت الخط والحساب وفنوناً أخرى، وكانت نادرة في الجمال

فافتتن بها جهانكير بن أكبر شاه، فلما علموا ذلك زوجوها بعلي قلي الأصفهاني، فلما تولى المملكة

جهانكير ولاه على بردوان ولقبه شير أفكن خان وولي قطب الدين أخاه من الرضاعة على بلاد

لنكاله، فلما وصل قطب الدين إلى بردوان استقبله شير أفكن خان ولكنه أساء الظن به فوقع فيه وقتله

ثم قتل، وكان ذلك سنة ست عشرة بعد الألف، فقبضوا على أهله وأمواله وأرسلوها إلى جهانكير،

فأراد أن يتزوج بمهر النساء فأبت ثم رضيت فتزوج بها، فحببت إليه حتى ألقى بيدها زمام السلطة

ولقبها نورجهان بيكم وأمر أن يضرب الدراهم والدنانير باسمها فضربت، ومنها هذا البيت:

بحكم شاه جهانكير يافت صد زيور بنام نورجهان بادشاه بيكم زر

وكانت من خيار النساء حسناً وجمالاً وعلماً وعقلاً، اخترعت أموراً كثيرة في الزي واللباس والحلي

والأشياء

ص: 660

العطرة، وكانت ماهرة بالرمي والفروسية والسياسة والتدبير، دبرت لختنها شهريار بن

جهانكير من بطن آخر ليوليه الملك بعده، ورغبت زوجها جهانكير عن ابنه خرم الذي دبر جهانكير

بولايته بالملك بعده، فوقع الخلاف بينهما حتى آل إلى الحرب، وتوفي جهانكير ساخطاً على ابنه

خرم، فلما مات جهانكير أجلست نورجهان بيكم ختنها شهريار بن جهانكير على سرير الملك ببلدة

لاهور، ودبر أخوها آصف جاه الوزير لختنه خرم ابن جهانكير الحيلة فأعلن لولاية داور بخش بن

خسرو بن جهانكير، فوقع الحرب بينهما حتى دخل خرم بمدينة آكره وجلس على سرير الملك،

واجتمع معه آصف جاه ودفع فتنة أخته نورجهان فاقتعدت بلاهور، ووظف لها شاهجهان مائتي ألف

تصل إليها كل سنة، ولها أبيات رائقة بالفارسية، منها قولها:

نه كل شناسد وني رنك وبو نه عارض وزلف دل كسى كه بحسن ادا كرفتار است

توفيت سنة خمس وخمسين وألف ببلدة لاهور ولها اثنتان وسبعون سنة، فدفنوها في حديقتها التي

كانت قريبة من مقبرة جهانكير.

حرف الواو

المفتي وجيه الدين الكوباموي

الشيخ الفاضل العلامة المفتي وجيه الدين بن عيسى بن آدم بن محمد الصديقي الكوباموي، كان سبط

الشيخ جعفر بن نظام الدين العثماني الأميتهوي، ووالده عيسى كان سبط الشيخ نظام الدين إله ديا

الرضوي الخيرآبادي، ولد يوم الأحد لليلتين خلتا من رجب سنة خمس بعد الألف بكوبامؤ، وقرأ العلم

على جده الشيخ جعفر وعلى غيره من العلماء، وولي الافتاء والده بكوبامؤ، وله مشاركة في تصنيف

الفتاوي الهندية ذكره السهارنبوري في مرآة جهان نما وقال إنه أمر بتأليف الربع من ذلك الكتاب

وتحت يده عشرة رجال من الفقهاء، انتهى.

وكان رحمه الله كثير الدرس والإفادة، قرأ عليه الشيخ محمد آفاق اللكهنوي والقاضي عصمة الله بن

عبد القادر العمري وخلق كثير من العلماء، له شرح على الحصن الحصين وتعليقات على الخيالي

والمطول ورسائل في التصوف، مات لخمس خلون من جمادي الآخرة سنة ثلاث وثمانين وألف

بمدينة دهلي فنقل جسده إلى كوبامؤ.

الشيخ وجيه الدين الأكبرآبادي

الشيخ الفاضل وجيه الدين بن نصير الدين الأكبرآبادي، أحد كبار العلماء، ولد ونشأ بأكبرآباد، وأخذ

عن أبيه ولازمه زماناً طويلاً حتى برع في العلم والمعرفة وتولى الشياخة بعده، وكان صاحب وجد

وسماع، مات سنة اثنتين وسبعين وألف، كما في الأسرارية.

الشيخ ولي محمد النارنولي

الشيخ العالم الكبير ولي محمد النارنولي، أحد المشايخ المشهورين بالفضل والصلاح، أخذ الطريقة

عن الأمير أبي العلاء الأكبرآبادي، وأخذ عنه الشيخ أبو القاسم وخلق آخرون، ومن مصنفاته شرح

بسيط على المثنوي المعنوي.

قال الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي في أنفاس العارفين: إن علاقته بالشيخ أبي العلاء كانت

كعلاقة الشيخ نصير الدين محمود الأودي بشيخه نظام الدين محمد بن أحمد البدايوني، وكانت طريقته

اتباع الشريعة المحمدية واقتفاء السنة السنية، لا ينحرف عنها قدر رأس شعرة لا في الأقوال ولا في

الأفعال، انتهى.

توفي لخمس بقين من شوال سنة سبع وخمسين وألف بأكبر آباد فدفن بها، كما في مهر جهانتاب

للسيد الوالد رحمه الله.

الشيخ ولي محمد الكجراتي

الشيخ الفاضل ولي محمد الحنفي الكجراتي المشهور بخانو، كان من العلماء المبرزين في المنطق

والحكمة يدرس ويفيد بكجرات، أخذ عنه الشيخ أحمد بن سليمان الكجراتي وقرأ عليه شرح المواقف

وسائر الفنون الحكمية، كما في مرآة أحمدي.

ص: 661

الشيخ ولي محمد الكجراتي

الشيخ الصالح ولي محمد الشطاري الكجراتي، أحد رجال العلم والطريقة، ولد ونشأ بكجرات، ولازم

الشيخ صدر الدين محمد الجانبانيري سنة إحدى وثمانين وتسعمائة فسافر معه إلى كواليار ولبث بها

زماناً، ثم رجع معه وسكن بمندو وأقام بها بضع سنين، ثم سافر إلى خانديس وسكن بمدينة برهانبور،

وكان صاحب وجد وحالة، مات سنة عشر بعد الألف ببرهان بور، كما في كلزار أبرار.

حرف الهاء

الشيخ هاشم المنورآبادي

الشيخ العالم الصالح هاشم بن أبي الهاشم الحنفي المنورآبادي الكشميري، كان من الرجال المعروفين

بالفضل والصلاح، أخذ العلم عن الشيخ حيدر بن فيروز الكشميري، وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد

منور الكشميري، وكان الشيخ حيدر المذكور قد تبناه، وقام مقامه في الدرس والإفادة، أخذ عنه خلق

كثير، توفي سنة سبع وتسعين وألف، كما في خزينة الأصفياء.

السيد هاشم العلوي البيجابوري

الشيخ الكبير هاشم بن برهان الدين العلوي الكجراتي ثم البيجابوري، أحد كبار المشايخ، ولد ونشأ

بكجرات، وقرأ العلم على عمه الشيخ وجيه الدين العلوي وعلى غيره من العلماء، ثم سافر إلى

الحجاز فحج وزار ورجع إلى الهند، فلما وصل إلى بندر كووه أغار على السفينة صاحب كووه وكان

نصرانياً من البورتغاليين، فأخذ وأسر من كان في السفينة وحبسهم في كووه، فلما سمع ذلك إبراهيم

عادل شاه البيجابوري كاتب ذلك النصراني وهدده فأطلق الأسراء من حبسه، فقدم السيد بيجابور

وسكن بها، ومات في أيام محمد عادل شاه.

مولانا هداية الله النصيرآبادي

الشيخ العالم الصالح هداية الله بن إسحاق بن معظم بن أحمد بن محمود بن العلاء الشريف الحسني

النصيرآبادي، كان من نسل الأمير الكبير بدر الملة المنير قطب الدين محمد بن أحمد الحسني

المدني، ولد ونشأ بنصيرآباد، وقرأ العلم على صنوه الكبير أحمد بن إسحاق النصيرآبادي ولازمه

ملازمة طويلة حتى برز في الفقه والأصول والعربية، رأيت بخطه الشريف رسالة في الخراج، وكان

من أجدادي يصل إليه نسبي بسبع وسائط.

الحكيم همام الشيعي الكيلاني

الفاضل الكبير همام بن عبد الرزاق الكيلاني كان شقي أبي الفتح بن عبد الرزاق الحكيم المشهور،

قدم الهند مع صنوه أبي الفتح ونال حظاً وافراً من عناية السلطان أكبر شاه بن همايون التيموري

والتفاته إليه، وكان اسمه همايون فبدله السلطان بهمايون قلي ثم بالهمام تأدباً لاسم والده، كما في مآثر

الأمراء.

قال البدايوني: إنه كان أحسن من أخيه الكبير أبي الفتح في الأخلاق، وهو وإن كان لا ينفع الناس

فإنه لا يضرهم أيضاً، مات في سادس ربيع الأول سنة أربع بعد الألف.

حرف الياء

مولانا يار محمد البدخشي

الشيخ العالم الصالح يار محمد الجديد البدخشي الطالقاني، أحد رجال العلم والمعرفة، أخذ عن الشيخ

أحمد بن عبد الأحد السرهندي وقرأ عليه بعض الكتب ولازمه مدة طويلة حتى بلغ رتبة المشيخة

فاستخلفه الشيخ، وله در المعرفة مجموع لطيف جمع فيه ثلاثة عشر وثلاثمائة مكتوب لشيخه وهو

المجلد الأول من المكتوبات، صنفه سنة خمس وعشرين وألف.

الشيخ ياسين بن أحمد البنارسي

الشيخ العالم الفقيه ياسين بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم بن أوحد الصديقي الجونبوري ثم

البنارسي، أحد المشايخ الجشتية، ولد سنة اثنتين وعشرين وألف بقرية مندواديه ونشأ في مهد الشيخ

طيب بن المعين البنارسي وقرأ عليه الصرف والنحو

ص: 662

والفقه إلى الإرشاد والكنز، ثم ذهب إلى

جونبور فأقام بها سبع أو ثماني سنوات، وقرأ النحو والمنطق والحكمة والفقه والأصول على الشيخ

محمد أفضل بن محمد حمزة العثماني الجونبوري والشيخ محمد رشيد بن مصطفى الجونبوري، ثم

أنسد الحديث عن الشيخ محمد رشيد المذكور وعن الشيخ المحدث نور الحق بن عبد الحق البخاري

الدهلوي، ثم لازم الشيخ طيب وتلقى الذكر منه، فكتب له الشيخ وثيقة الخلافة سنة أربعين وألف

ووجهه إلى كوزه فسار إليها، وقرأ على الشيخ جمال بن مخدوم الكوزوي شطراً من هداية الفقه

وتفسير البيضاوي، ثم رجع إلى مندواديه وكان شيخه توفي قبل وصوله إلى ذلك المقام فجاور قبره،

واستفاض عن الشيخ محمد رشيد المذكور فيوضاً كثيرة، ثم تولى الشياخة مقام الشيخ طيب، وصرف

عمره في الافادة والعبادة، أخذ عنه كثير من المشايخ، وله كتاب بسيط في أخبار مشايخه سماه مناقب

العارفين كما في كنج أرشدي.

مولانا يتيم الله الأحمدنكري

الشيخ العالم الفقيه يتيم الله بن الجمال بن الحسين الحسني الحسيني القادري الأحمدنكري، أحد

العلماء الراسخين في العلم، كان من ذرية الشيخ عبد الوهاب ابن عبد القادر الجيلاني، ولد ونشأ

بقرية بتهري من أعمال أحمدنكر، وتلقى العلم من كبار الأساتذة، ثم تصدى للدرس والإفادة مقام

والده، لقيه محمد بن الحسن المندوي سنة ثلاث بعد الألف وقال في كلزار أبرار: إنه نعى به بعد

خمس سنين، لعله مات سنة ثمان أو تسع بعد الألف.

الشيخ يحيى بن أحمد السرهندي

الشيخ العالم الفقيه يحيى بن أحمد بن عبد الحد بن زين العابدين العمري السرهندي، كان من العلماء

الربانيين، ولد سنة سبع وعشرين وألف بمدينة سرهند، وقرأ العلم على أخويه: الشيخ محمد سعيد،

والشيخ محمد معصوم، ثم تصدى للدرس والإفادة، وتزوج بابنة الخواجه عبيد الله بن عبد الباقي

النقشبندي الدهلوي، وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار مرتين، قال الشيخ محسن بن يحيى

النرهتي في اليانع الجني: هو الذي خالفهم في مسألة الإشارة، انتهى، يعني أنه خالف والده وإخوته

في مسألة الإشارة بالمسبحة في التشهد في الصلاة، وله مصنفات.

مات لثلاث ليال بقين من جمادي الآخرة سنة ثمان وتسعين وألف وله إحدى وسبعون سنة، كما في

هديه أحمديه.

يحيى بن أحمد المعصوم الدستكي

السيد الشريف يحيى بن أحمد بن محمد المعصوم الدستكي الشيرازي أصلاً ومحتداً والمدني

الحجازي مولداً والهندي الحيدرآبادي مسكناً ومدفناً، ذكره شقيقه علي بن أحمد المعصوم الدستكي في

سلافة العصر قال: إنه ولد بالحجاز سنة ثمان وأربعين وألف ونشأ بها، ثم سافر إلى والده بالهند وأقام

بحيدرآباد إلى أن مات، وله شعر رقيق رائق، منها قوله:

تذكرت أيام الحجيج فأسبلت جفوني دماء واستجد بي الوجد

وأيامنا بالمشعرين التي مضت وبالخيف إذ حادي الركاب بنا يحدو

وقوله:

ألا لا سقى الله البعاد وجوره فإن قليلاً منه عنك خطير

ووالله لو كان التباعد ساعة وأنت بعيد إنه لكثير

وقوله:

ألا يا زماناً طال فيه تباعدي أما رحمة تدنو بها وتجود

لألقى الذي فارقت أنسى إذ نأى فها أنا مسلوب الفؤاد فريد

وقوله من قصيدة طويلة في مدح شقيقه علي:

أفق أيهذا القلب عما تحاوله فإنك مهما زدت زاد تشاغله

ص: 663

دع الدهر يفعل كيف شاء فقلما يروم امرؤ شيئاً وليس يواصله

وما الدهر إلا قلب في أموره فلا يغترر في الحالتين معامله

ويا طالما طاب الزمان لواجد فسر وقد ساءت لديه أوائله

سقى ورعى الله الحجاز وأهله ملثاً تعم الأرض سقياً هواطله

فإن به دار ودار عزيزة علي ومهما أشغل القلب شاغله

ولكن لي شوقاً إلى خلتي التي متى ذكرت للقلب هاجت بلابله

أبيت ولي منها حنين كأنني طريح طعان قد أصيبت مقاتله

هوى لك ما ألقاه يا عذبة اللمى وإلا فصعب ما أنا اليوم حامله

أكابد فيك الشوق والشوق قاتلي وأسأل عمن لم يجب من يسائله

تقي الله في قتل امرء طال سقمه وإلا فإن الهجر لا شك قاتله

صليه فقد طال الصدود فقلما يعيش امرؤ والصد ممن يقاتله

حزين لما يلقاه فيك من الجوى فها هو مضني مدنف الجسم ناحله

بلى إن يكن لي من علي وعزمه معين فإني كلما شئت نائله

فراجعه عنها بقوله:

إليك فقلبي لا تقر بلابله إذا ما شدت فوق الغصون بلابله

تهيج لي ذكرى حبيب مفارق زرود وحزوي والعقيق منازله

سقاهن صوب الدمع مني ووبله منازل لا صوب الغمام ووابله

يحل بها من لا أصرح باسمه غزال على بعد المزار أغازله

تقسمه للحسن عبل ودقة فرن وشاحاه وصمت خلاخله

وما أنا بالناسي ليالي بالحمى تقضت وورد العيش صفو مناهله

ليالي لا ظبي الصريم مصارم ولا ضاق ذرعاً بالصدود مواصله

وكم عاذل قلبي وقد لج في الهوى وما عادل في شرعة الحب عاذله

يلومون جهلاً بالغرام وإنما له وعليه بره وغوائله

فلله قلب قد تمادى صبابة على اللوم لا تنفك تغلى مراجله

وبالحلة الفيحاء من أبرق الحمى رداح حماها من قنا الخط ذابله

تميس كما ماس الرديني مائداً وتهتز عجباً مثل ما اهتز عامله

مهفهفة الكشحين طاوية الحشا فما مائد الغصن الرطيب ومائله

تعلقتها عصر الشبيبة والصبا وما علقت بي من زماني حبائله

حذرت عليها آجل البعد والنوى فعاجلني من فادح البين عاجله

إلى الله يا أسماء نفساً تقطعت عليك غراماً لا أزال أزاوله

وخطب بعاد كلما قلت هذه أواخره كرت على أوائله

لئن جار دهر بالتفرق واعتدى وغال التداني من دهى البين غائله

ص: 664

فإني لأرجو نيل ما قد أملته كما نال من يحيي الرغائب آمله

من النفر الغر الذين بمجدهم تأطد ركن المجد واشتد كاهله

لقد ألبست نفس المعالي بروده وزرت على شخص الكمال غلائله

توفي سنة اثنتين وتسعين وألف، كما في خلاصة الأثر.

السيد يحيى بن عبد الواحد البلكرامي

الشيخ العالم الفقيه يحيى بن عبد الواحد بن إبراهيم بن قطب الدين الحسني البلكرامي، أحد العلماء

الربانيين، ولد لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة خمس وثمانين وتسعمائة، ونشأ في مهد العلم والمعرفة

وأخذ عن والده وتفنن عليه بالفضائل، ثم تصدر للدرس والإفادة ذكره البلكرامي في مآثر الكرام قال:

إنه كان ملكاً نزل على صورة إنسان، وكان زاهداً قنوعاً متوكلاً لا يلتفت إلى الدنيا وأسبابها، له

ميزان الأعمال ومعيار الأحوال مصنف لطيف في السلوك، توفي ببلكرام ودفن عند أبيه، انتهى.

مير يحيى الكاشي

الشيخ الفاضل يحيى بن فلان الحسيني الكاشي، أحد الشعراء المفلقين، قدم الهند ونال الصلات

الجزيلة من شاهجهان بن جهانكير سلطان الهند، ومن أبياته الرائقة قوله:

دولب دو ناخن مرد است تا بهم نرسد كره زخاطر خود وا نميتوان كردن

توفي في الحادي عشر من محرم سنة أربع وستين وألف بدهلي، كما في سرو آزاد.

الشيخ يعقوب بن الحسن الكشميري

الشيخ العالم الكبير يعقوب بن الحسن الصرفي الكشميري، أحد فحول الأساتذة، ولد سنة ثمان

وتسعمائة بكشمير، وحفظ القرآن وقرأ النحو والصرف والفقه على مولانا رضي الدين الكشميري،

وقرأ المنطق والحكمة والمعاني وغيرها على نصير الأعمى وأخذ عنه ولازمه زماناً، وأخذ الشعر

عن الشيخ محمد الآني تلميذ الشيخ عبد الرحمن الجامي، ثم سافر إلى سمرقند وأخذ الطريقة الكبروية

عن الشيخ حسين الخوارزمي وصحبه برهة من الزمان، ثم عاد إلى كشمير ولبث بها زماناً، ثم سافر

إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وأخذ الحديث عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي

المكي، وسار إلى بغداد واستفاض عن مشايخها، ثم رجع إلى كشمير ومكث بها مدة طويلة، ثم سافر

إلى الحجاز فحج وزار، وأتى بالكتب النفيسة من الفقه والحديث والتفسير، وتصدر للدرس والإفادة،

أخذ عنه الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية وخلق آخرون.

ومن مصنفاته تفسير القرآن الكريم، ولم يتم، وشرح على صحيح البخاري ومغازي النبوة ومسلك

الأخيار ومناسك الحج والروائح والوامق والعذراء وليلى مجنون وجواهر خمسه على منوال خمسة

الجامي وشرح الرباعيات، وله رسالة في الأذكار ورسالة في المقامات وتعليقات على التلويح، في

أصول الفقه، ومن أبياته الرائقة قوله:

در هرجه بينم آن رخ نيكو است جلوه كر در صد هزار آئينه يكرو است جلوه كر

خلقى بهر طرف شده سر كشته بهر دوست وين طرفه تركه دوست بهر سو است جلوه كر

مات ليلة الخميس الثاني عشر من ذي القعدة سنة ثلاث بعد الألف، كما في المنتخب.

مولانا يعقوب البناني

الشيخ العالم المحدث أبو يوسف يعقوب البناني اللاهوري، أحد الرجال المشهورين في الفقه

والحديث والفنون الحكمية، ولد ونشأ بلاهور، وقرأ العلم على أساتذة عصره، وبرع في كثير من

العلوم والفنون، جعله شاهجهان مير عدلاً في معسكره، كما في مرآة آفتاب نما.

ص: 665

وقال رزق الله في الطبقة التاسعة من كتابه الأفق المبين في أخبار المقربين: إنه كان عالماً عارفاً،

جمع بين المعقول والمنقول من الفروع والأصول، ولي التدريس في المدرسة الشاهجهانية فانتفع به

كثير من الناس، وكان له باع طويل في الحديث، وإني رأيت في أثناء دروسه يتعقب على الفاضل

السيالكوتي بتعريضات، ومن مصنفاته كتابه الخير الجاري في شرح صحيح البخاري وكتابه المعلم

في شرح صحيح الإمام مسلم وكتابه المصفي في شرح الموطأ، وله شرح على تهذيب الكلام وشرح

على الحسامي وشرح على شرعة الاسلام، وكتابه أساس العلوم في التصريف، وله حاشية على

الرضي وحاشية على العضدي وحاشية على البيضاوي، وكانت وفاته ببلدة دهلي، دفن بها في داره،

وقبره مشهور انتهى.

وقال بختاور خان في مرآة العالم إن عالمكير بن شاهجهان جعله ناظر المحاكم العدلية في معسكره

وكان مع ذلك يدرس ويفيد، له حاشية على البيضاوي وتعليقات كثيرة على الكتب الدرسية، انتهى.

مات سنة ثمان وتسعين وألف، صرح به المفتي ولي الله الفرخ آبادي في بعض التعاليق.

خواجه يعقوب الدهلوي

الشيخ الفاضل خواجه يعقوب بن محمد صادق الحنفي النقشبندي الدهلوي، أحد الأفاضل المشهورين

بدهلي، له مصنفات، منها كتابه في أخبار المشايخ الذين أدركهم، ذكره السنبهلي في الأسرارية.

القاضي يوسف البلكرامي

الشيخ العالم الفقيه القاضي يوسف بن أبي المكارم بن أبي الفتح بن عبد الدائم، العثماني البلكرامي،

أحد الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ ببلكرام، واشتغل بالعلم أياماً في بلدته، ثم سافر إلى إله آباد وقرأ الكتب

الدرسية على الشيخ محب الله الإله آبادي، ثم أخذ الطريقة عنه وولي القضاء ببلدته بلكرام بعد والده

أبي المكارم في أيام شاهجهان بن جهانكير في السنة التاسعة الجلوسية، له رسالتان بالعربية والفارسية

في أجوبة مسائل دارا شكوه بن شاهجهان، وهي ستة عشر سؤالاً بعثها إلى الشيخ محب الله المذكور،

فأجاب عنها القاضي يوسف في رسالة سماها بالهدية السلطانية، وكانت وفاته في خامس ذي القعدة

سنة أربع وثمانين وألف ببلكرام، كما في شرائف عثماني.

مولانا يوسف اللاهوري

الشيخ العالم الكبير العلامة يوسف بن أبي يوسف الحنفي اللاهوري الفاضل المشهور، لم يكن له

نظير في عصره في كثرة الدرس والإفادة وملازمة التفسير والوعظ مع الطريقة الظاهرة والصلاح،

قرأ العلم على مولانا جمال الدين التلوي اللاهوري، ودرس خمسين سنة ببلدة لاهور، أخذ عنه خلق

كثير، وكان بارعاً في التفسير، حسن القصص، حلو الكلام، مليح الشمائل، له اليد الطولى في جميع

العلوم عقلية كانت أو نقلية، مات في أيام شاهجهان بن جهانكير وله ثمانون سنة، كما في بادشاهنامه.

وفي مرآة العالم أنه اختار الخدمة الملوكية في أوائل عمره ثم تركها وانقطع إلى الدرس والإفادة

بمدينة لاهور فدرس بها اثنتي عشرة سنة، أخذ عنه الشيخ عبد اللطيف السلطانبوري وسعد الله خان

التميمي الوزير وجمع كثير من العلماء، انتهى.

المفتي يوسف الكشميري

الشيخ العالم الفقيه المفتي يوسف بن أبي يوسف الحنفي الكشميري كان مستحضراً للفروع مع

الخبرة التامة بالمعاني والبيان والمنطق وغيرها، يعترف بفضله ملا فاضل وابن أخته عبد الرزاق

المدفونان بكشمير، وكانا لا يجاريانه في حلبة البحث والتدقيق، وكان محباً للفقراء والمشايخ، يخضع

لديهم لا سيما للشيخ خاوند محمود البخاري، كما في حدائق الحنفية.

شريف الدين يوسف الحيدرآبادي

الشيخ الفاضل شريف الدين يوسف الحيدرآبادي، أحد رجال العلم والطريقة، مات سنة ثمان

وعشرين وألف بحيدرآباد فدفن خارج البلدة، كما في مهرجهانتاب للسيد الوالد.

ص: 666

مولانا يونس الكروي

الشيخ العالم المحدث يونس بن أبي يونس، الحسيني الكروي، أحد فحول العلماء، لم يزل يشتغل

بتدريس الفقه والحديث والفنون العربية، وكان غاية في الزهد والقناعة واتباع السنة السنية، انتقل من

بلدته إلى كالبي، وقرأ عليه السيد محمد بن أبي سعيد الحسيني الترمذي الكتب الدرسية إلى المطول

وأسند الحديث عنه، كما في الضياء المحمدي.

ص: 667