المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ ‌ ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: رُوِيَ فِي حَدِيثِ إمَامَةِ جَبْرَائِيلَ عليه - نصب الراية - جـ ١

[الجمال الزيلعي]

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ ‌ ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: رُوِيَ فِي حَدِيثِ إمَامَةِ جَبْرَائِيلَ عليه

‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: رُوِيَ فِي حَدِيثِ إمَامَةِ جَبْرَائِيلَ عليه السلام أَنَّهُ أَمَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ أَسْفَرَ جِدًّا وَكَادَتْ الشَّمْسُ تَطْلُعُ، ثُمَّ قَالَ فِي آخَرِ الْحَدِيثِ: مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ لَك وَلِأُمَّتِكَ، قُلْت: حَدِيثُ إمامة جبريل رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ: مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَابْنُ مسعود. وأبي هُرَيْرَةَ. وَعَمْرُو بْنُ حَزْمٍ. وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. وَابْنُ عُمَرَ.

أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1 وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"أمَّني جبرئيل عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ: فَصَلَّى الظُّهْرَ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا: حِينَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْلَ الشِّرَاكِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ مثله ظِلِّهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ وَجَبَتْ الشَّمْسُ، وَأَفْطَرَ الصَّائِمُ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ بَرِقَ الْفَجْرُ، وَحُرِّمَ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ، وَصَلَّى الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ: الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ لِوَقْتِ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ لِوَقْتِهِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَتْ الْأَرْضُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إليِّ جبرئيل، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِك، وَالْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حديث حسن صحيح، رواه ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ2 وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الحارث تَكَلَّمَ فِيهِ أَحْمَدُ، وَقَالَ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، هَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ وَلَيَّنَهُ النَّسَائِيُّ. وَابْنُ مَعِينٍ. وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَابْنُ حِبَّانَ، قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ: وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ النَّاسِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا بِكَلَامٍ لَا وَجْهَ لَهُ، وَرُوَاتُهُ كُلُّهُمْ مَشْهُورُونَ بِالْعِلْمِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ

1 في المواقيت ص 62، والترمذي في باب ما جاء في المواقيت ص 21، واللفظ له، والطحاوي في: ص 87، وأحمد: ص 333 - ج 1، والبيهقي: ص 364، والدارقطني: ص 96.

2 ص 193 - ج 1.

ص: 221

عَنْ الثَّوْرِيِّ. وَابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بِإِسْنَادِهِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ الْعُمَرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، قَالَ الشَّيْخُ: وَكَأَنَّهُ اكْتَفَى بِشُهْرَةِ الْعَلَمِ مَعَ عَدَمِ الْجَرْحِ الثَّابِتِ، وَأَكَّدَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بِمُتَابَعَةِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُتَابَعَةِ الْعُمَرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ، وَهِيَ مُتَابَعَةٌ حَسَنَةٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ، فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ1 وَالنَّسَائِيُّ، وَاللَّفْظُ لَهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جاء جبرئيل إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ زَالَتْ2 الشَّمْسُ، فَقَالَ: قُمْ يَا مُحَمَّدُ فَصَلِّ الظُّهْرَ حِينَ مَالَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ مَكَثَ حَتَّى إذَا كَانَ فَيْءُ الرَّجُلِ مِثْلَهُ جَاءَهُ لِلْعَصْرِ، فَقَالَ: قُمْ يَا مُحَمَّدُ فَصَلِّ الْعَصْرَ، ثُمَّ مَكَثَ حَتَّى إذَا غَابَتْ الشَّمْسُ جَاءَهُ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّ الْمَغْرِبَ، فَقَامَ فَصَلَّاهَا حِينَ غَابَتْ الشَّمْسُ سَوَاءً، ثُمَّ مَكَثَ حَتَّى إذَا غَابَ الشَّفَقُ جَاءَهُ فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّ الْعِشَاءَ فَقَامَ فَصَلَّاهَا، ثُمَّ جَاءَهُ حِينَ سَطَعَ الْفَجْرُ فِي الصُّبْحِ، فَقَالَ: قُمْ يَا مُحَمَّدُ فَصَلِّ الصُّبْحَ، ثُمَّ جَاءَهُ مِنْ الْغَدِ حِينَ كَانَ فَيْءُ الرجل مثله، فقال: يا محمد قم فَصَلِّ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ جَاءَهُ حِينَ كَانَ فَيْءُ الرَّجُلِ مِثْلَيْهِ، فَقَالَ: قُمْ يَا مُحَمَّدُ فَصَلِّ، فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ جَاءَهُ لِلْمَغْرِبِ حِينَ غَابَتْ الشَّمْسُ وَقْتًا وَاحِدًا لَمْ يَزُلْ عَنْهُ ، فَقَالَ: قُمْ يَا مُحَمَّدُ فَصَلِّ ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ، ثُمَّ جَاءَهُ لِلْعِشَاءِ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ ، فَقَالَ قُمْ يَا مُحَمَّدُ فَصَلِّ ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ ، ثُمَّ جَاءَهُ لِلصُّبْحِ حِينَ أَسْفَرَ جِدًّا فَقَالَ: قُمْ يَا مُحَمَّدُ فَصَلِّ ، فَصَلَّى الصُّبْحَ ، ثُمَّ قَالَ: مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ كُلُّهُ انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ: حَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْمَوَاقِيتِ، انْتَهَى. قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَبُرَيْدَةَ. وَأَبِي مُوسَى. وَأَبِي مَسْعُودٍ. وَأَبِي سَعِيدٍ. وَجَابِرٍ. وَعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. وَالْبَرَاءِ. وَأَنَسٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ3 وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يخرجاه لعلة4 حَدِيثِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْأَصْغَرِ، انْتَهَى. حُسَيْنٌ الْأَصْغَرُ هو أخو أبو جَعْفَرٍ وَابْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ. وَابْنُ رَاهْوَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: هَذَا الْحَدِيثُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُرْسَلًا5 لِأَنَّ جَابِرًا لَمْ يَذْكُرْ مَنْ حَدَّثَهُ بِذَلِكَ، وَجَابِرٌ لَمْ يُشَاهِدْ ذَلِكَ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ لِمَا عُلِمَ أَنَّهُ أَنْصَارِيٌّ إنَّمَا صَحِبَ بِالْمَدِينَةِ، وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَابْنِ عَبَّاسٍ، فَإِنَّهُمَا رَوَيَا إمَامَةَ جبرئيل مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. انْتَهَى.

1 في باب ما جاء في المواقيت ص 22، والنسائي في باب أول وقت العشاء ص 91، والبيهقي في باب وقت المغرب ص 368 - ج 1.

2 وفي - س - مالت.

3 ص 196.

4 وفي - س - لقلة.

5 قلت: أخرج الحاكم في المستدرك ص 196 عن عبد الكريم عن عطاء بن جابر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أمَّني جبرئيل بمكة مرتين"، قال الحاكم: عبد الكريم هذا هو ابن أبي المخارق بلا شك، وإنما خرجته شاهداً. قال الذهبي: عبد الكريم واه، اهـ.

ص: 222

قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَهَذَا الْمُرْسَلُ1 غَيْرُ ضَارٍّ، فَمِنْ أَبْعَدِ الْبُعْدِ أَنْ يَكُونَ جَابِرٌ سمعه من تابعي صَحَابِيٍّ، وَقَدْ اُشْتُهِرَ أَنَّ مَرَاسِيلَ الصَّحَابَةِ مَقْبُولَةٌ وَجَهَالَةُ عَيْنِهِمْ غَيْرُ ضَارَّةٍ، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ، فَرَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عَمْرٍو الزَّهْرَانِيُّ حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ بِلَالٍ2 ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ3 قَالَ: جَاءَ جَبْرَائِيلُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّ - وَذَلِكَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ حِينَ مَالَتْ - فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا، ثُمَّ أَتَاهُ، حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّ:، فَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ أَرْبَعًا، ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ، فَقَالَ لَهُ: قُمْ فَصَلِّ، فَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، فَقَالَ لَهُ: قُمْ فَصَلِّ، فَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أَرْبَعًا، ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ بَرِقَ الْفَجْرُ، فَقَالَ لَهُ: قُمْ فَصَلِّ، فَقَامَ فَصَلَّى الصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ الْغَدِ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، فَقَالَ لَهُ: قُمْ فَصَلِّ، فَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا، ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّ الْعَصْرَ، فَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ أَرْبَعًا، ثُمَّ أَتَاهُ لِلْوَقْتِ الْأَوَّلِ حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّ الْمَغْرِبَ، فَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا، ثُمَّ أتاه بعد ما غَابَ الشَّفَقُ وَأَظْلَمَ، فَقَالَ لَهُ: قُمْ فَصَلِّ، فَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أَرْبَعًا، ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ وَأَسْفَرَ، فَقَالَ لَهُ: قُمْ فَصَلِّ الصُّبْحَ، فَقَامَ فَصَلَّى الصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قال جبرئيل: مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتُ صَلَاةٍ، قَالَ يَحْيَى: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بن عمر أن جبرئيل قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: هَذِهِ صَلَوَاتُك وَصَلَوَاتُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَك، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ4 مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ بْنِ عُتْبَةَ ثَنَا5 أَبُو بكر عن عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ ابْنِ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِالسَّنَدِ الْأَوَّلِ6 فِي كِتَابِ السُّنَنِ وَقَالَ: إنَّهُ مُنْقَطِعٌ لَمْ يَسْمَعْ أَبُو بكر من ابن مَسْعُودٍ إنَّمَا هُوَ بَلَاغٌ بلغه، انتهى. وقد وَصَلَهُ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، وَيُنْظَرُ إسْنَادُهُ، وَفِي الْإِمَامِ:

1 وفي - س - الإرسال.

2 في البيهقي سليمان بن بلال، فليراجع.

3 حديث أبي مسعود هذا ما فيه من الانقطاع يخالف حديث عائشة في الصحيحين في عدد الركعات، قالت: فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعاً أخرجه البخاري في الهجرة، ص 560، وفي رواية عند مسلم في صلاة المسافرين ص 241 - ج 1 إن الصلاة أول ما فرضت ركعتين، اهـ. وهذا حديث صحيح متفق عليه، ورواية المخرج رحمه الله حديث أبي مسعود. وأنس في ص 310.

4 أورد الهيثمي في الزوائد ص 304 - ج 1 بتمامه، وقال: رواه الطبراني في الكبير وقال: أيوب بن عتبة الأكثر على تضعيفه.

5 وفي نسخة أنبأنا.

6 أخرج البيهقي حديث أبي مسعود في سننه ص 361 في باب عدد ركعات الصلوات الخمس من حديث سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد بالإسناد المتقدم، وقال في آخره: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لم يسمعه من أبي مسعود الأنصاري، وإنما هو بلاغ بلغه، اهـ. فليحرر ما نقل المخرج عن البيهقي.

ص: 223

لَمْ يُسْنِدْهُ إلَّا أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ، انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ1 إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُفَسَّرٍ، وَلَفْظُهُمَا عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "نَزَلَ جبرئيل فأمَّني فصليت مَعَهُ، وَيَحْسُبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صلاة"، ثُمَّ قَالَ:"بِهَذَا أُمِرْت"، انْتَهَى. وَلَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عن بشير عن أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد2 عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ، فَزَادَ فِيهِ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَرُبَّمَا أَخَّرَهَا حِينَ يَشْتَدُّ الْحَرُّ، وَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ، فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ مِنْ الصَّلَاةِ، فَيَأْتِي ذَا الْحُلَيْفَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ حِينَ تَسْقُطُ الشَّمْسُ، وَيُصَلِّي الْعِشَاءَ حِينَ يَسْوَدُّ الْأُفُقُ، وَصَلَّى الصُّبْحَ مَرَّةً بِغَلَسٍ، ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أُخْرَى فَأَسْفَرَ، ثُمَّ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَلَسٍ حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ لَمْ يَعُدْ إلَى أَنْ يُسْفِرَ، انْتَهَى. قَالَ أَبُو دَاوُد: وَرَوَاهُ مَالِكٌ. وَمَعْمَرٌ. وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. وَغَيْرُهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا الْوَقْتَ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، وَلَمْ يُفَسِّرُوهُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صحيحه عن مسنده3 عَنْ أُسَامَةَ بِهِ، قَالَ: لَمْ يُسْفِرْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْفَجْرِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ سَاقَهُ، وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ الْإِسْفَارِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ4 ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن أَسِيد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم حدثهم أن جبرئيل عليه السلام جَاءَهُ فَصَلَّى بِهِ الصَّلَاةَ وَقْتَيْنِ وَقْتَيْنِ، إلا المغرب، جاءني المغرب فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْلَ شِرَاكِ نَعْلِي، ثُمَّ جَاءَنِي فَصَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ كَانَ فَيْءٌ مِثْلِي، ثُمَّ جَاءَنِي الْمَغْرِبَ فَصَلَّى بِي سَاعَةَ غَابَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ جَاءَنِي الْعِشَاءَ فَصَلَّى بِي سَاعَةَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ جَاءَنِي الْفَجْرَ فَصَلَّى بِي سَاعَةَ بَرِقَ الْفَجْرُ، ثُمَّ جَاءَنِي مِنْ الْغَدِ فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْلِي، ثُمَّ جَاءَنِي الْعَصْرَ فَصَلَّى بِي حِينَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْلَيْنِ، ثُمَّ جَاءَنِي الْمَغْرِبَ فَصَلَّى بِي سَاعَةَ غَابَتْ الشَّمْسُ لَمْ يُغَيِّرْهُ عَنْ وَقْتِهِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ جَاءَنِي الْعِشَاءَ فَصَلَّى بِي حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، ثُمَّ أَسْفَرَ بِي فِي الْفَجْرِ حَتَّى لَا أَرَى فِي السَّمَاءِ نَجْمًا، ثُمَّ قَالَ: مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ، انْتَهَى. قَالَ الْبَزَّارُ: وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ هَذَا لَا نَعْلَمُ

1 أخرجه البخاري في بدء الخلق في باب ذكر الملائكة ص 457، ومسلم في الصلاة في باب أوقات الصلوات الخمس ص 221 - ج 1، وسياق المخرج من حديث الليث دون مالك.

2 في باب المواقيت ص 62، وفي سياق المخرج بعض اختصار، وأخرجه الدارقطني: ص 93 أيضاً، والبيهقي ص 435 - ج 1.

3 وفي - س - عن ابن خزيمة بسنده.

4 إبراهيم بن نصر لم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات زوائد ص 303 - ج 1.

ص: 224

رَوَى عَنْهُ إلَّا مُحَمَّدُ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسِيد، انْتَهَى. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ1 أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ أَبُو عَمَّارٍ ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَذَا جبريل عليه السلام جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ" فَصَلَّى الصُّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، وَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَاغَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ رَأَى الظِّلَّ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَحَلَّ فِطْرُ الصَّائِمِ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ ذَهَبَ شَفَقُ اللَّيْلِ، ثُمَّ جَاءَهُ الْغَدَ فَصَلَّى بِهِ الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَ قَلِيلًا، ثُمَّ صَلَّى بِهِ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ الظِّلُّ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ الظِّلُّ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِوَقْتٍ وَاحِدٍ حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَحَلَّ فِطْرُ الصَّائِمِ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ، ثُمَّ قَالَ:"الصَّلَاةُ مَا بَيْنَ صَلَاتِك أَمْسِ وَصَلَاتِك الْيَوْمَ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ كَذَلِكَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ2 وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، فَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، قال: جاء جبرئيل فَصَلَّى بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَصَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ الظُّهْرَ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ ذَهَابَ الشَّفَقِ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ فَجَرَ الْفَجْرُ بِغَلَسٍ، ثُمَّ جَاءَ جبرئيل مِنْ الْغَدِ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَصَلَّى النَّبِيُّ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ لِوَقْتٍ وَاحِدٍ، ثم صلى العشاء بعد ما ذَهَبَ هَوِيٌّ مِنْ اللَّيْلِ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ بِهَا، انْتَهَى. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، رَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ الْخُدْرِيِّ، فَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ3 حَدَّثَنَا إسْحَاقُ بْنُ عِيسَى ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ4 ثَنَا بُكَيْر بْنُ الأشبح عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْد السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أمَّني جبرئيل" فَذَكَرَ الْحَدِيثَ: "أَنَّهُ صَلَّى بِهِ الصَّلَوَاتِ فِي يَوْمَيْنِ لِوَقْتَيْنِ، وَصَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُلُثَ اللَّيْلِ"، وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ، فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ5 مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عن أنس أن جبرئيل أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلنَّاسِ بِالصَّلَاةِ حِينَ فرضت عليهم، فقام جبرئيل أَمَامَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَامَ النَّاسُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ

1 النسائي في المواقيت في باب آخر وقت الظهر ص 87.

2 ص 194، والطحاوي: ص 88 والدارقطني: ص 97، وقال الذهبي: على شرط مسلم، والبيهقي: ص 369 - ج 1، كلهم مختصراً.

3 ص 30 - ج 3 والطحاوي: ص 88 مفسراً.

4 وابن لهيعة فيه ضعف.

5 ص 97.

ص: 225

لَا يَجْهَرُ فِيهَا بِقِرَاءَةٍ يَأْتَمُّ النَّاسُ بِرَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يأتمُّ بجبرئيل، ثُمَّ أَمْهَلَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ، فَصَلَّى بِهِمْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، يَأْتَمُّ الْمُسْلِمُونَ بِرَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وَيَأْتَمُّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بجبرئيل، ثُمَّ أَمْهَلَ حَتَّى وَجَبَتْ الشَّمْسُ، فَصَلَّى بِهِمْ ثَلَاثَ ركعات يجهر في الأوليين بِالْقِرَاءَةِ، وَلَا يَجْهَرُ فِي الثَّالِثَةِ، ثُمَّ أَمْهَلَهُ حَتَّى إذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ صَلَّى بِهِمْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَجْهَرُ فِي الْأُولَيَيْنِ بِالْقِرَاءَةِ، وَلَا يَجْهَرُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِهَا، ثُمَّ أَمْهَلَ حَتَّى إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَرَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ مُرْسَلًا، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ الْوَهْمِ وَالْإِيهَامِ: هَذَا حَدِيثٌ يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جِدَارٍ1 عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ هَذَا مَجْهُولٌ، وَالرَّاوِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ أَبُو حَمْزَةَ إدْرِيسُ بْنُ يُونُسَ بْنِ يَنَّاقٍ الْفَرَّاءُ، وَلَا يُعْرَفُ لِلْآخَرِ حَالٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ2 عَنْ الْحَسَنِ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَلْفَ جبرئيل، وأن أَسَرَّ فِي الظُّهْرِ. وَالْعَصْرِ. وَالثَّالِثَةِ مِنْ الْمَغْرِبِ، وَالْأُخْرَيَيْنِ مِنْ الْعِشَاءِ نَحْوَ ذَلِكَ، وَذَكَرَهُمَا عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ وَقَالَ: إنَّ مُرْسَلَ الْحَسَنِ أَصَحُّ، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ حُمَيْدٍ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ مَحْبُوبِ بْنِ الْجَهْمِ بْنِ وَاقِدٍ مَوْلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عن عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتاني جبرئيل حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ"، وَذَكَر الْحَدِيثَ، وَقَالَ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ:"ثُمَّ أَتَى حِينَ سَقَطَ الْقُرْصُ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّ، فَصَلَّيْت الْمَغْرِبَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ أَتَانِي مِنْ الْغَدِ حِينَ سَقَطَ الْقُرْصُ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّ، فَصَلَّيْت المغرب ثلاث ركعات"، رواه ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ وَأَعَلَّهُ بِمَحْبُوبِ بْنِ الْجَهْمِ، وَقَالَ: إنَّهُ يَرْوِي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَلَا مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ، وَلَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ صَحِيحٌ بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ، انْتَهَى. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، انْتَهَى. وَيُنْظَرُ لَفْظُهُ، فَإِنَّ بَقِيَّةَ الْأَحَادِيثِ صَرِيحَةٌ فِي ابْتِدَائِهِ بِالظُّهْرِ، وَأَنَّهُ أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا عليه السلام، وَفِيهِ إشْكَالٌ مَعْرُوفٌ وَيَشْهَدُ لِلْأَكْثَرِ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْوَسَطِ مِنْ حَدِيثِ يس الزَّيَّاتِ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَأَبِي سَعِيدٍ، قَالَا: أَوَّلُ صَلَاةٍ فُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، صَلَاةُ الظُّهْرِ، انْتَهَى. وَسَكَتَ عَنْهُ، وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أنس قبله أن جبرئيل أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلنَّاسِ بِالصَّلَاةِ حِينَ فرضت عليهم، فقام جبرئيل إلى آخره. انتهى.

1 وفي نسخة حدار.

2 والدارقطني من طريقه في: ص 97، وأحال بالمتن.

ص: 226

الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَغُرَّنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ وَلَا الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ، وَإِنَّمَا الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيرُ فِي الْأُفُقِ"، قُلْت: رَوَاهُ مُسْلِمٌ1 وَأَبُو دَاوُد. وَالتِّرْمِذِيُّ. وَالنَّسَائِيُّ كُلُّهُمْ فِي الصَّوْمِ وَاللَّفْظُ لِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ سَوَادَةَ بْنِ حَنْظَلَةَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعكم مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ وَلَا الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ، وَلَكِنْ الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيرُ فِي الْأُفُقِ"، انْتَهَى. وَلَفْظُ مُسْلِمٍ فِيهِ:"لَا يَغُرَّنَّكُمْ مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ وَلَا بَيَاضُ الْأُفُقِ الْمُسْتَطِيلِ - هَكَذَا - حَتَّى يَسْتَطِيرَ هَكَذَا"، وَحَكَى حَمَّادٌ بِيَدَيْهِ، قَالَ: يَعْنِي مُعْتَرِضًا، انْتَهَى. وَبِلَفْظِ التِّرْمِذِيِّ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ رَاهْوَيْهِ. وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مَسَانِيدِهِمْ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: فِي حَدِيثِ إمامة جبرئيل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ، قُلْت: تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عباس أمَّني جبرئيل عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ: فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ - إلَى أَنْ قَالَ -: وَصَلَّى بِي الظُّهْرَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، الْحَدِيثَ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَالتِّرْمِذِيُّ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي حديث: جاء جبرئيل إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ مَالَتْ الشَّمْسُ، فَقَالَ: قُمْ يَا مُحَمَّدُ فَصَلِّ الظُّهْرَ، فَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ - إلَى أَنْ قَالَ: - ثُمَّ جَاءَهُ مِنْ الْغَدِ حِينَ كَانَ فَيْءُ الرَّجُلِ مِثْلَهُ، فَقَالَ: قُمْ يا محمد فصل الظُّهْرَ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَالنَّسَائِيُّ. وَابْنُ حِبَّانَ. وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ أَيْضًا نَحْوُهُ، وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، قَالَ: جاء جبرئيل فَصَلَّى بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَصَلَّى النَّبِيُّ بِالنَّاسِ - حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ - الظُّهْرَ، الْحَدِيثُ، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ وَفِي الْبَابِ لِمُسْلِمٍ2 حَدِيثُ بُرَيْدَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ:"اشْهَدْ مَعَنَا الصَّلَاةَ"، فَأَمَرَ بِلَالًا، فَأَذَّنَ بِغَلَسٍ فَصَلَّى الصُّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالظُّهْرِ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْمَغْرِبِ حِينَ وَجَبَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعِشَاءِ حِينَ وَقَعَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ الْغَدَ فَنَوَّرَ بِالصُّبْحِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالظُّهْرِ فَأَبْرَدَ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ لَمْ يُخَالِطْهَا صُفْرَةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْمَغْرِبِ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعِشَاءِ عِنْدَ ذَهَابِ ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ بَعْضِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ:"أَيْنَ السَّائِلُ؟ مَا بَيْنَ مَا رَأَيْتَ وَقْتٌ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا، وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مَا لَمْ يَحْضُرْ وَقْتُ الْعَصْرِ، وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ.

1 1 في الصوم ص 350، وأبو داود في باب وقت السحور ص 327 - ج 1، والترمذي في باب بيان الفجر ص 88، والنسائي في باب كيف الفجر ص 305.

2 في باب أوقات الصلوات الخمس ص223.

ص: 227

وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً إن الصلاة أَوَّلًا وَآخِرًا، وَإِنَّ أَوَّلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَآخِرُ وَقْتِهَا حِينَ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ، وَسَيَأْتِي فِي السَّابِعِ، وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالظُّهْرِ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ، وَسَيَأْتِي أَيْضًا.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ"، انْتَهَى. وَرَوَى الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ1 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ، فَأَبْرِدُوا عَنْ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ"، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ2 مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَارِثَةَ3. وَأَبِي مُوسَى. وَعَمْرِو بْنِ عَنْبَسَةَ. وَصَفْوَانَ. وَالْحَجَّاجِ الْبَاهِلِيِّ. وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ4 وَمُسْلِمٌ5 عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالظُّهْرِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَبْرِدْ أَبْرِدْ"، وَقَالَ:"إنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشتد الحر فأدبردوا عَنْ الصَّلَاةِ" قَالَ أَبُو ذر: حتى رأينا في التُّلُولِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَدْرَكَهَا". قُلْت: رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ. وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: إذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ6 عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ سَوَاءً، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الثَّامِنِ وَالتِّسْعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ بَعْدَةِ أَلْفَاظٍ: فَمِنْهَا مَنْ صَلَّى مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ لَمْ تَفُتْهُ الصَّلَاةُ، وَمَنْ صَلَّى مِنْ الْعَصْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ لَمْ تَفُتْهُ الصَّلَاةُ، وَفِي لَفْظٍ: فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا، وَفِي لَفْظٍ: وَلْيُتِمَّ مَا بَقِيَ، وَفِي لَفْظٍ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا7، وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ8 عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ حَدَّثَنِي

1 البخاري في باب الإبراد بالظهر ص 77، ومسلم في باب استحباب إبراد الظهر ص 224.

2 راجع له الزوائد ص 34 - ج 1.

3 في نسخة جارية وقال أبو نعيم: حارثة راجع له الإصابة.

4 ص 76.

5 ص 224.

6 في باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة ص 231.

7 وتمامه عند النسائي ص 95 إلا أنه يقضي ما فاته.

8 هذه الرواية والتي بعدها عزاها المخرج إلى النسائي، وتبعه الحافظ في الدراية، ولكني لم أجد في النسائي في مظانه، ولم أجد في الجامع الصغير ورأيت

ص: 228

أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَلْيُصَلِّ إلَيْهَا أُخْرَى"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ: سُئِلَ قَتَادَةُ1 عَنْ رَجُلٍ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ، وَقَالَ: حَدَّثَنِي خِلَاسٌ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ2 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"يُتِمُّ صَلَاتَهُ"، انْتَهَى. وَفِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ كُلِّهَا رَدٌّ عَلَى مَنْ يُفَسِّرُ3 حَدِيثَ الصَّحِيحَيْنِ بِالْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ، فَقَدْ أَدْرَكَ مِقْدَارَ رَكْعَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُفَسِّرُهُ بِالْمَأْمُومِ، وَيَشْهَدُ لَهُ رِوَايَةُ الدَّارَقُطْنِيِّ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الْإِمَامُ صُلْبَهُ، انْتَهَى. وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ أَيْضًا مُشْكِلَةٌ عَنْ مَذْهَبِنَا فِي الْقَوْلِ بِبُطْلَانِ الصلاة الصُّبْحِ إذَا طَلَعَتْ عَلَيْهَا الشَّمْسُ، وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ: رُوِيَ أن جبرئيل عليه السلام أَمَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَغْرِبِ فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، قُلْت: تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي حَدِيثِ ابن مَسْعُودٍ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَفِي حَدِيثِ الْخُدْرِيِّ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ فِي إمامة جبرئيل إلَّا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَلَكِنْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّاهَا فِي وَقْتَيْنِ، فَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ4 عَنْ بُرَيْدَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ:"اشْهَدْ مَعَنَا الصَّلَاةَ"، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ بِغَلَسٍ فَصَلَّى الصُّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالظُّهْرِ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْمَغْرِبِ حِينَ وَجَبَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعِشَاءِ حِينَ وَقَعَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ مِنْ الْغَدِ فَنَوَّرَ بِالصُّبْحِ،

= في سبيل السلام أنه عزاها إلى البيهقي، وهو كما قال: أوردهما البيهقي ص 379 - ج 1، ولم يخرجهما عن طريق النسائي، وكذا الرواية الأولى عزاها الحافظ في الفتح ص 46 - ج 2 إلى البيهقي، قلت: أخرجهما الدارقطني: ص 146.

1 حديث قتادة عن خلاس أخرجه الطحاوي ص 232، وأحمد في مسنده ص 489، والبيهقي: ص 379 من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه، ولفظه: فليصل إليها أخرى والحاكم في المستدرك: ص 274، والدارقطني: ص 147، والبيهقي: ص 379 - ج 1 من طريق همام عن قتادة، ولفظه: يتم صلاته.

2 أخرجه الدارقطني: ص 147، والبيهقي: ص 379.

3 الذي فسر حديث من أدرك من صلاة الصبح ركعة بالكافر هو أبو جعفر الطحاوي رحمه الله، في شرح معاني الآثار ص 232، لكن اللفظ الذي رد به المخرج على الطحاوي ليس هو بغافل عنه، فقد أخرج حديث أبي هريرة من طريق قتادة عن خلاس عن أبي رافع عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أدرك من الغداة ركعة قبل أن تطلع الشمس فليصل اليه أخرى" ثم أجاب عنه بأن هذا قد يجوز أن يكون كان من النبي صلى الله عليه وسلم قبل نهيه عن الصلاة عند طلوع الشمس، فإنه قد نهى عن ذلك، وتواتر عنه الآثار بنهيه عن ذلك، ثم أتى على ذلك بدلائل من حديث عمران، وأبي قتادة، وجبير. وأبي هريرة رضي الله عنهم، وأوضح ذلك.

4 في باب أوقالت الصلوات الخمس قي: ص223.

ص: 229

ثُمَّ أَمَرَهُ بِالظُّهْرِ فَأَبْرَدَ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ لم يخالطها الصفرة، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْمَغْرِبِ قُبَيْلَ أَنْ يَقَعَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعِشَاءِ عِنْدَ ذَهَابِ ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ بَعْضِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قَالَ:"أَيْنَ السَّائِلُ؟ مَا بَيْنَ مَا رَأَيْتَ وَقْتٌ"، انْتَهَى. وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، وَسَيَأْتِي، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ: وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ قِصَّةُ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الْمَوَاقِيتِ بِالْمَدِينَةِ، وَقِصَّةُ إمامة جبرئيل عليه السلام بِمَكَّةَ، وَالْوَقْتُ الْآخَرُ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ زِيَادَةٌ مِنْهُ، وَرُخْصَةٌ، انْتَهَى. وَحَدِيثُ الْكِتَابِ اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ الشافعي عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ قَدْرُ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: وَلَنَا عَنْ أَحَادِيثِ: إمَامَةِ جبرئيل - أَنَّهُ أَمَّ بِهِ عليه السلام الْمَغْرِبَ فِي الْيَوْمَيْنِ وَقْتًا وَاحِدًا - ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ: أَحَدُهَا أَنَّ أَحَادِيثَنَا أَنَّهُ صَلَّاهَا فِي وَقْتَيْنِ أَصَحُّ، وَأَكْثَرُ رُوَاةً الثَّانِي أَنَّ إمامة جبرئيل كَانَتْ بِمَكَّةَ، وَفِعْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ مِنْ أَمْرِهِ عليه السلام. وَالثَّالِثُ: أَنَّ فِعْلَهُ عليه السلام للمغرب وفي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا غَيْرُهُ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْعَصْرَ يَصِحُّ بَعْدَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ، وَهُوَ وَقْتٌ لَهَا، مَعَ أَنَّهُ عليه السلام لم يصلها مع جبرئيل فِي الْوَقْتَيْنِ، إلَّا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ، وَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا غَيْرُهُ، وَمُبَادَرَتُهُ عليه السلام إلَى الْمَغْرِبِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فِي الْيَوْمَيْنِ إنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ الْفَضِيلَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

الْحَدِيثُ السَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: "أَوَّلُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ، وَآخِرُهُ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ"، قُلْت: غَرِيبٌ، وَبِمَعْنَاهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ1 مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ وَقْتِ الصَّلَوَاتِ، فَقَالَ:"وَقْتُ صَلَاةِ الْفَجْرِ مَا لَمْ يَطْلُعْ قَرْنُ الشَّمْسِ الْأَوَّلُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ مَا لَمْ تَحْضُرْ الْعَصْرُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَيَسْقُطْ قَرْنُهَا الْأَوَّلُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إذَا غَابَتْ الشَّمْسُ مَا لَمْ يَسْقُطْ الشَّفَقُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، انْتَهَى. وَفِي رِوَايَةٍ: مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ2 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا، وَإِنَّ أَوَّلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَآخِرُ وَقْتِهَا حِينَ يَدْخُلُ وقت العصر، وإن أَوَّلَ وَقْتِ الْعَصْرِ حِينَ يدخل وقتها، وإن آخِرِ وَقْتِهَا حِينَ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ، وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ يَغِيبُ الْأُفُقُ، وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ حِينَ يَغِيبُ الْأُفُقُ، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ يَنْتَصِفُ

1 في باب أوقات الصلوات الخمس ص 223، وأحمد في مسنده ص 213 - ج 2، وفيه: ووقت صلاة المغرب ما لم يسقط نور الشفق.

2 الترمذي في باب - بعد باب - ما جاء في مواقيت الصلاة ص 22، والطحاوي. ص 89، وأحمد في مسنده ص 32 - ج 2.

ص: 230

اللَّيْلُ، وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْفَجْرِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ، وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ: حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ هَذَا خَطَأٌ، أَخْطَأَ فِيهِ ابْنُ فُضَيْلٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ1، وَقَالَ: إنَّهُ لَا يصح مسنداً، انتهى. وَهِمَ فِيهِ ابْنُ فُضَيْلٍ، وَغَيْرُهُ يَرْوِيه عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا، وَهُوَ أَصَحُّ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: وَابْنُ فُضَيْلٍ ثِقَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَعْمَشُ سَمِعَهُ مِنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا، وَسَمِعَهُ مِنْ أَبِي صَالِحٍ مُسْنَدًا، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: سَأَلْت أَبِي عَنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ هَذَا، فَقَالَ: وَهِمَ فِيهِ ابْنُ فُضَيْلٍ، إنَّمَا يَرْوِيه أَصْحَابُ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابٍ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْأَعْمَشِ فِي هَذَا طَرِيقَانِ: إحْدَاهُمَا: مُرْسَلَةٌ. وَالْأُخْرَى: مَرْفُوعَةٌ، وَاَلَّذِي رَفَعَهُ صَدُوقٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ الْبَابِ: مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى الشَّافِعِيِّ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَمُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ جاء يوم الخندق بعد ما غربت، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "وَاَللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا" فَنَزَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ وَتَوَضَّأْنَا، فصلى العصر بعد ما غربت، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ3. وَمُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "إذَا قدم العشاء فابدؤوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ، وَلَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ4 عَنْ بُرَيْدَةَ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ:"أَقِمْ مَعَنَا"، فَأَمَرَ بِلَالًا، فَأَقَامَ فَصَلَّى حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ مُرْتَفِعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْمَغْرِبِ حِينَ وَقَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعِشَاءِ فَأَقَامَ فَصَلَّى حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ مِنْ الْغَدِ فَنَوَّرَ بِالْفَجْرِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالظُّهْرِ وَأَنْعَمَ أَنْ يُبْرِدَ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعَصْرِ، فَأَقَامَ وَالشَّمْسُ آخِرَ وَقْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ إلَى قُبَيْلِ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعِشَاءِ، فَأَقَامَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ قَالَ: "أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ

1 ص 97.

2 في باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت ص 83 ومسلم في باب صلاة الوسطى هي العصر ص 227.

3 في باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة ص 92، ومسلم في باب كراهية الصلاة بحضرة الطعام ص 208 - ج 1.

4 في باب أوقات الصلاة ص 223 مع المغايرة في الألفاظ، ولفظ المخرج لفظ الترمذي: ص 22، إلا أن قوله: فصلى، زائد في الموضعين: في الفجر. والعشاء.

ص: 231

مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ؟ " قَالَ الرَّجُلُ: أَنَا، فَقَالَ: "مَوَاقِيتُ الصَّلَاةِ بَيْنَ هَذَيْنِ"، انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الثَّالِثِ.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ سَائِلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، قَالَ: فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ، وَالنَّاسُ لَا يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَقَامَ بِالظُّهْرِ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ، وَالْقَائِلُ يَقُولُ: قَدْ انْتَصَفَ النَّهَارُ، وَهُوَ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ، ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَقَامَ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ وَقَعَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَخَّرَ الْفَجْرَ مِنْ الْغَدِ حَتَّى انْصَرَفَ، وَالْقَائِلُ يَقُولُ: قَدْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ ثُمَّ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ، ثُمَّ أَخَّرَ الْعَصْرَ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا، وَالْقَائِلُ يَقُولُ: قَدْ احْمَرَّتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى كَانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ، ثُمَّ أَخَّرَ الْعِشَاءَ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا السَّائِلَ، فَقَالَ:"الْوَقْتُ بَيْنَ هَذَيْنِ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ، مَا لَمْ يَحْضُرْ وَقْتُ الْعَصْرِ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الْأَوْسَطِ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنْ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ1 وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عن ابن أبي لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَوْفٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا جُمُعَةَ حَبِيبَ بْنَ سِبَاعٍ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْأَحْزَابِ صَلَّى الْمَغْرِبَ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ:"هَلْ عَلِمَ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنِّي صَلَّيْت الْعَصْرَ؟ " قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَلَّيْتَهَا، فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَعَادَ الْمَغْرِبَ، انْتَهَى. وَفِيهِ ضَعَّفَ ابْنَ لَهِيعَةَ بِمَا انْفَرَدَ بِهِ.

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ"، قُلْتُ: رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ2 مِنْ حَدِيثِ عَتِيقِ بْنِ يَعْقُوبَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ"، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ كَذَلِكَ فِي كِتَابِهِ غَرَائِبِ مَالِكٍ غَيْرَ مَوْصُولِ الْإِسْنَادِ، فَقَالَ: قَرَأْتُ فِي أَصْلِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ الرَّمْلِيِّ بِخَطِّ يَدِهِ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ

1 7 ص 106 - ج 4.

2 ص 100.

ص: 232

عَبْدِ الصَّمَدِ الطَّيَالِسِيُّ ثَنَا هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ الْمُسْتَمْلِي حَدَّثَنِي عَتِيقٌ بِهِ، وَيُنْظَرُ السُّنَنُ، وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَرُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ فِي سُنَنِهِ1 مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عُمَرَ. وَعَلِيٍّ. وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ. وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَا يَصِحُّ2 عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ شَيْءٌ، انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ: وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الدِّمَشْقِيُّ أَخْبَرَنَا زَاهِدُ بْنُ طَاهِرٍ3 عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَيْهَقِيّ أَنْبَأْنَا عَبْدُ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنْبَأْنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إسْحَاقَ الْفَقِيهُ أَنْبَأْنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الطَّيَالِسِيُّ ثَنَا هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ الْمُسْتَمْلِي حَدَّثَنِي عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ صِدِّيقٍ بِهِ سَنَدًا وَمَتْنًا. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ4: الصَّحِيحُ مَوْقُوفٌ، قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ: رَوَاهُ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الْعُمَرِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ جَمِيعًا عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: وَرَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ جَنْدَلٍ ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ ثَنَا أَبُو حُذَافَةَ ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ" قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: تَفَرَّدَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ جَنْدَلٍ الْوَرَّاقُ عَنْ الْمَحَامِلِيِّ عَنْ أَبِي حُذَافَةَ أَحْمَدَ بْنِ إسْمَاعِيلَ السَّهْمِيِّ، وَقَدْ رَوَاهُ عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مَالِكٍ، وَكِلَاهُمَا غَرِيبٌ، وَحَدِيثُ عَتِيقٍ أَمْثَلُ إسْنَادًا، انْتَهَى كَلَامُهُ.

قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ: وَمَا رَوَاهُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ، انْتَهَى. وَاَلَّذِي وَجَدْتُهُ فِي مُوَطَّإِ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، قَالَ مَالِكٌ: الشَّفَقُ هُوَ الْحُمْرَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي

1 في سنن الدارقطني التي بأيدينا حديث أبي هريرة موقوفاً في: ص 100، وأما حديث ابن عمر فهو الذي عزاه إلى كتاب غرائب مالك أي مرفوعاً، ووصل إسناده.

2 قال الخطابي في معالم السنن ص 125 - ج 1 ما نصه: لم يختلفوا في أن أول وقت العشاء غيبوبة الشفق إلا أنهم اختلفوا في الشفق ما هو؟ فقالت طائفة: هو الحمرة، روي ذلك عن ابن عمر. وابن عباس. وهو قول مكحول. وطاوس، وبه قال مالك. وسفيان الثوري. وأبي يوسف. ومحمد. والشافعي. وأحمد. وإسحاق. وروي عن أبي هريرة أنه قال: الشفق البياض، وعن عمر بن عبد العزيز مثله، واليه ذهب أبو حنيفة، وهو قول الأوزاعي، وقد حكي عن الفراء أنه قال: الشفق الحمرة، وأخبرني أبو عمر عن أبي العباس أحمد بن يحيى، قال: الشفق البياض، وأنشد لأبي النجم:

حتى إذا الليل جلاه المجتلي

بين سماطي شفق مهوّل

يريد الصبح، وقال بعضهم: الشفق اسم للحمرة. والبياض معاً، إلا أنه يطلق على أحمر ليس بقان، وأبيض ليس بناصع، وإنما يعلم المراد منه بالأدلة لا بنفس اللفظ، كالقرء الذي يقع اسمه على الطهر، والحيض معاً، وكسائر نظائره من الأسماء المشتركة، اهـ. قلت: ذكر الهيثمي في الزوائد ص 304 - ج 1 حديث جابر رضي الله عنه في المواقيت بطوله، وفيه ثم أذن للعشاء حتى ذهب بياض النهار، وهو الشفق قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن، اهـ. قلت: هو الشفق، إن كان قول جابر فهو موافق لمن قال: الشفق الأبيض، والله أعلم، وفي مسند أحمد ص 213 - ج 2 عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وقت صلاة المغرب ما لم يسقط نور الشفق".

3 وفي نسخة زاهر بن ظاهر.

4 ص 273.

ص: 233

الْمَغْرِبِ، فَإِذَا ذَهَبَتْ الْحُمْرَةُ فَقَدْ وَجَبَتْ صلاة العصر، وَخَرَجْتَ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ، انْتَهَى. وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ غَيْرَ ذَلِكَ لَا مَرْفُوعًا وَلَا مَوْقُوفًا، وَيُنْظَرُ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ يَحْيَى.

الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "آخِرُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إذَا اسْوَدَّ الْأُفُقُ"، قُلْت: غَرِيبٌ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ1 مِنْ حَدِيثِ بَشِيرِ بْنِ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"نزل جبرئيل فَأَخْبَرَنِي بِوَقْتِ الصَّلَاةِ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ،، يَحْسُبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ"، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَرُبَّمَا أَخَّرَهَا حِينَ يَشْتَدُّ الْحَرُّ، وَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَهَا الصُّفْرَةُ، فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ مِنْ الصَّلَاةِ، فَيَأْتِي ذَا الْحُلَيْفَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ حِينَ يَسْقُطُ الشَّمْسُ، وَيُصَلِّي الْعِشَاءَ حِينَ يَسْوَدُّ الْأُفُقُ، وَرُبَّمَا أَخَّرَهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، وَصَلَّى الصُّبْحَ مَرَّةً بِغَلَسٍ، ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أُخْرَى فَأَسْفَرَ بِهَا، ثُمَّ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّغْلِيسَ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَعُدْ إلَى أَنْ يُسْفِرَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ الْإِسْفَارِ، وَصَدْرُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ إلَى قَوْلِهِ: يَحْسُبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، وَكَذَلِكَ النَّسَائِيّ. وَابْنُ مَاجَهْ. وَوَهِمَ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ فِي عَزْوِهِ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ لِأَبِي دَاوُد. وَالنَّسَائِيُّ مُقَلِّدًا لِغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ، وَالنَّسَائِيُّ لَمْ يُخَرِّجْ مِنْهُ إلَّا صَدْرَهُ، كَمَا بَيَّنَّاهُ.

الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "وَآخِرُ وَقْتِ الْعِشَاءِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ"، قُلْت: غَرِيبٌ أَيْضًا، وَتَكَلَّمَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الآثار2: ههنا كَلَامًا حَسَنًا، مُلَخَّصُهُ أَنَّهُ قَالَ: يَظْهَرُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الْعِشَاءِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ. وأبا موسى. والخضرمي رَوَوْا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَّرَهَا حتى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ. وَأَنَسٌ أَنَّهُ أَخَّرَهَا حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ، وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ أَخَّرَهَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَرَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّهُ أَعْتَمَ بِهَا حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ، وَكُلُّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فِي الصَّحِيحِ، قَالَ: فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ وَقْتٌ لَهَا، وَلَكِنَّهُ عَلَى أَوْقَاتٍ ثَلَاثَةٍ، فَأَمَّا مِنْ حِينِ يَدْخُلُ وَقْتُهَا إلَى أَنْ يَمْضِيَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، فَأَفْضَلُ وَقْتٍ صُلِّيَتْ فِيهِ، وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَتِمَّ نِصْفُ اللَّيْلِ، فَفِي الْفَضْلِ دُونَ ذَلِكَ، وَأَمَّا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَدُونَهُ، ثُمَّ سَاقَ بِسَنَدِهِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إلَى أَبِي مُوسَى: وَصَلِّ الْعِشَاءَ أَيَّ اللَّيْلِ شِئْتَ، وَلَا تُغْفِلْهَا، وَلِمُسْلِمٍ فِي قِصَّةِ التَّعْرِيسِ3 عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

1 في باب المواقيت ص 62، والدارقطني: ص 93.

2 في المواقيت ص 93.

3 قطعة من حديث طويل أخرجه مسلم في الصلاة - باب قضاء الفائتة ص 239.

ص: 234

"لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إنَّمَا التَّفْرِيطُ أَنْ يُؤَخِّرَ صَلَاةً حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى"، فَدَلَّ عَلَى بَقَاءِ الْأُولَى إلَى أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى، وَهُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ الثَّانِي، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الْحَادِيَ عَشَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْوِتْرِ: "فَصَلَّوْهَا مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ"، قُلْت: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد1 وَالتِّرْمِذِيُّ. وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"إنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ لَكُمْ خَيْرٌ مِنْ حُمُرِ النِّعَمِ، وَهِيَ الْوِتْرُ، فَجَعَلَهَا لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ"، انْتَهَى. وَسَيَأْتِي فِي الْوِتْرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَصْلٌ

الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَمِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ حَوَّاءَ الْأَنْصَارِيَّةِ2.

أَمَّا حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، فَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ3 مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ"، انْتَهَى. التِّرْمِذِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، وَالْبَاقُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد فِيهِ:"أَصْبِحُوا بِالْفَجْرِ"، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: طَرِيقُهُ طَرِيقٌ صَحِيحٌ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ. وَابْنُ مَعِينٍ. وَأَبُو زُرْعَةَ. وَغَيْرُهُمْ، وَلَا أَعْرِفُ أَحَدًا ضَعَّفَهُ، وَلَا ذَكَرَهُ فِي جُمْلَةِ الضُّعَفَاءِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ وَالْأَرْبَعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ:"أَسْفِرُوا بِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ"، وَفِي لَفْظٍ لَهُ:"فَكُلَّمَا أَصْبَحْتُمْ بِالصُّبْحِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِأُجُورِكُمْ"، وَفِي لَفْظٍ لِلطَّبَرَانِيِّ:"وَكُلَّمَا أَسْفَرْتُمْ بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ"، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَأَحْمَدُ. وَإِسْحَاقُ: مَعْنَى الْإِسْفَارِ أَنْ يَصِحَّ الْفَجْرُ، فَلَا يُشَكَّ فيه، ولم يروا أَنَّ مَعْنَى الْإِسْفَارِ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ، انْتَهَى. وَأَمَّا حَدِيثُ محمود بن لبييد، فَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا إسْحَاقُ بْنُ عِيسَى ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ، لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ رَافِعُ بْنُ

1 في باب استحباب الوتر ص 208، والترمذي في فضل الوتر ص 60، وابن ماجه في باب ما جاء في الوتر، ص 83.

2 ومن حديث رجال من الأنصار عند الطحاوي: ص 106، والنسائي: ص 94.

3 أبو داود في المواقيت - في باب وقت الصبح ص 67، والترمذي في باب ما جاء في الإسفار بالفجر ص 22، والنسائي: ص 94، وابن ماجه في باب وقت الفجر ص 49، والطحاوي: ص 105.

ص: 235

خَدِيجٍ، وَمَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ1 فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ رَافِعٍ أَوَّلًا فَرَوَاهُ عَنْهُ، ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَرَوَاهُ عَنْهُ، إلَّا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِيهِ ضَعْفٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ بِلَالٍ، فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ2 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ثنا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ثنا أَيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ3 عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ بِلَالٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ، قَالَ الْبَزَّارُ: وَأَيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، انْتَهَى. قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَأَيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: الضَّعْفُ عَلَى حَدِيثِهِ بَيِّنٌ إلَّا أَنَّ أَحَادِيثَهُ لَيْسَتْ بِمُنْكَرَةٍ جِدًّا، وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ، فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ أَيْضًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْأَزْدِيُّ ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ4 عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك مرفوعاً نحوه، ولفطه: أَسْفِرُوا بِصَلَاةِ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ، قَالَ الْبَزَّارُ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي دَاوُد الْجَزَرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ مسلم عن ابن نجاد عَنْ جَدَّتِهِ حَوَّاءَ، وَلَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ هِشَامٍ إلَّا إسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيُّ، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ: اُخْتُلِفَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِيهِ بِسَنَدَيْنِ: أَحَدُهُمَا: عَنْ حَوَّاءَ الْأَنْصَارِيَّةِ، وَالْآخَرُ: عَنْ أَنَسٍ، وَأَمَّا حَدِيثُ حَوَّاءَ، فَرَوَاهُ إسْحَاقُ الْحُنَيْنِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ بُجَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ حَوَّاءَ - وَكَانَتْ مِنْ الْمُبَايِعَاتِ - وَوَهَمَ فِيهِ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ، فَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ النَّوْفَلِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَنَسٍ، وَوَهَمَ فِيهِ أَيْضًا، وَالصَّحِيحُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ جِهَةِ آدَمَ بْنِ أَبِي إيَاسٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي دَاوُد الْجَزَرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مَرْفُوعًا، نَوِّرُوا بِالْفَجْرِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ. وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ ثنا عاصم بن عمر بْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، قَالَ الْبَزَّارُ5: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ فُلَيْحِ بْنَ سُلَيْمَانَ عَلَى رِوَايَتِهِ، وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ. وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ، انْتَهَى.

1 اختلف في رؤيته النبي صلى الله عليه وسلم وصحبته.

2 والطحاوي: ص 106 عن علي بن معبد ثنا شبابة بإسناد البراء، وقال في الزوائد ص 315: رواه البزار. والطبراني في الكبير وفيه أيوب بن سيّار، وهو ضعيف، اهـ.

3 كذا في الطحاوي.

4 يزيد بن عبد الملك النوفلي ضعفه أحمد. والبخاري. والنسائي. وابن عدي، ووثقه ابن معين في رواية، وضعفه في أخرى كما في الزوائد ص 315.

5 قال الهيثمي في الزوائد ص 315: رواه البزار، ورجاله ثقات.

ص: 236

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْحَضْرَمِيُّ ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاسِطِيُّ ثنا الْمُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1 ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. وشعبة عن زبيدة عَنْ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ 2، فَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَوْسٍ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَأَعَلَّهُ بِسَعِيدٍ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِمَا انْفَرَدَ بِهِ مِنْ الْأَخْبَارِ، وَلَا الِاعْتِبَارُ إلَّا بِمَا وَافَقَ الثِّقَاتِ فِي الْآثَارِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ. وَلَا ابْنِ سِيرِينَ، وَلَا أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَقَطْ، وَهَذَا بِمَا لَا يَسْأَلُهُ أَنَّهُ مَقْلُوبٌ أَوْ معمول، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ حَوَّاءَ، فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُمَحِيُّ ثنا إسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيُّ ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ بُجَيْدٍ الْحَارِثِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ حَوَّاءَ الْأَنْصَارِيَّةِ - وَكَانَتْ مِنْ الْمُبَايِعَاتِ - قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ"، انْتَهَى. قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَإِسْحَاقُ الْحُنَيْنِيُّ بِضَمِّ الْحَاءِ، بَعْدَهَا نُونٌ، ثُمَّ يَاءٌ آخِرُ الْحُرُوفِ، ثُمَّ نُونٌ قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ نَظَرٌ، وَذَكَرَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ أَحَادِيثَ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ مَعَ ضَعْفِهِ يَكْتُبُ حَدِيثَهُ، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ: وَابْنُ بُجَيْدٍ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُجَيْدٍ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَفَتْحِ الْجِيمِ بَعْدَهَا آخِرُ الْحُرُوفِ سَاكِنَةٌ ابْنُ قَيْظِيٍّ بِفَتْحِ الْقَافِ، بَعْدَهَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ بَعْدَهَا ظَاءٌ مُعْجَمَةٌ الْحَارِثِيُّ الْمَدَنِيُّ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ بِحَالِهِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ وَجَدَّتُهُ حَوَّاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ السَّكَنِ أُخْتُ أَسْمَاءَ بِنْتِ زَيْدِ بْنِ السَّكَنِ.

الْآثَارُ فِي ذَلِكَ، أَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ3 عَنْ دَاوُد بْنِ يَزِيدَ الْأَوْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يُصَلِّي بِنَا الْفَجْرَ وَنَحْنُ نَتَرَاءَى الشَّمْسَ مَخَافَةَ أَنْ تَكُونَ قَدْ طَلَعَتْ، انْتَهَى. وَعَنْ أَبِي إسْحَاقَ4 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَكَانَ يُسْفِرُ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ، انْتَهَى. وَعَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ5 عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَسْفِرُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، انْتَهَى. وَعَنْ الْقَعْنَبِيِّ6 عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: مَا اجْتَمَعَ أَصْحَابُ

1 المعلى بن عبد الرحمن، قال الدارقطني: كذاب، وضعفه الناس زوائد.

2 أقول في الزوائد ص 315: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال أمتي على الفطرة ما أسفروا بصلاة الفجر" رواه البزار. والطبراني في الكبير، وفيه حفص بن سليمان ضعفه ابن معين. والبخاري. وأبو حاتم. وابن حبان، وقال ابن خراش: كان يضع الحديث، ووثقه أحمد في روايته وضعفه في أخرى، اهـ.

3 ص 106.

4 وإسناده صحيح دراية ص 54.

5 ص 108.

6 ص 109.

ص: 237

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَيْءٍ مَا اجْتَمَعُوا عَلَى التَّنْوِيرِ، انْتَهَى. وَتَأَوَّلَ الْخُصُومُ الْإِسْفَارَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بِظُهُورِ الْفَجْرِ، وهذ بَاطِلٌ، فَإِنَّ الْغَلَسَ الَّذِي يَقُولُونَ بِهِ، هُوَ اخْتِلَاطُ ظَلَامِ اللَّيْلِ بِنُورِ النَّهَارِ، كَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ، وَقَبْلَ ظُهُورِ الْفَجْرِ لَا يَصِحُّ صَلَاةُ الْفَجْرِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْفَارِ إنَّمَا هُوَ التَّنْوِيرُ، وَهُوَ التَّأْخِيرُ عَنْ الْغَلَسِ، وَزَوَالُ الظُّلْمَةِ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ، يَقْتَضِي حُصُولَ الْأَجْرِ فِي الصَّلَاةِ بِالْغَلَسِ، فَلَوْ كَانَ الْإِسْفَارُ هُوَ وُضُوحُ الْفَجْرِ وَظُهُورُهُ لَمْ يَكُنْ فِي وَقْتِ الْغَلَسِ أَجْرٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْوَقْتِ، قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَفَسَّرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْإِسْفَارَ فِي الْحَدِيثِ بِبَيَانِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِهِ، أَيْ لَا تُصَلُّوا إلَّا عَلَى تَبَيُّنٍ مِنْ طُلُوعِهِ، قَالَ: وَهَذَا يَرُدُّهُ بَعْضُ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ أَوْ يُبَعِّدُهُ، انْتَهَى. وَرَوَى النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ1 أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٌ ثنا إسْمَاعِيلُ ثنا حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الْغَدَاةِ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَمَرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ فَصَلَّى، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ أَسْفَرَ، فَأَمَرَ، فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى، ثُمَّ قَالَ:"أَيْنَ السَّائِلُ؟ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ"، انْتَهَى. فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْفَارِ التَّنْوِيرُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدْفَعُ تَأْوِيلَهُمْ: مِنْهَا - عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ - فِي صَحِيحِهِ فَكُلَّمَا أَصْبَحْتُمْ بِالصُّبْحِ فَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ، وَعِنْدَ النَّسَائِيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، قَالَ: مَا أَسْفَرْتُمْ بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ، وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ: فَكُلَّمَا أَسْفَرْتُمْ بِالْفَجْرِ.

حَدِيثٌ آخَرُ يُبْطِلُ تَأْوِيلَهُمْ، رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ. وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ2 فِي مَسَانِيدِهِمْ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، قَالَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَدَنِيُّ، وَقَالَ الْبَاقُونَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَدَنِيُّ ثنا هُرَيْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ سَمِعْت جَدِّي رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِبِلَالٍ: "يَا بِلَالُ نَوِّرْ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى يُبْصِرَ الْقَوْمُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِمْ مِنْ الْإِسْفَارِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي عِلَلِهِ3 فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي ثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ. وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ هُرَيْرٍ بِهِ، قَالَ: وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُجَمِّعٍ عَنْ هُرَيْرٍ بِهِ، هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ أَبِي: وَقَدْ سَمِعْنَا مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ كِتَابَ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ كُلَّهُ، فَلَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِيهِ ذِكْرٌ، وَقَدْ حَدَّثَنَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبِ، لَكِنِّي رَأَيْت لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مُتَابِعًا آخَرَ، إمَّا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى. أَوْ غَيْرُهُ، فَلَعَلَّ الْخَطَأَ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَبَا إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبَ، فَغَلِطَ فِي نِسْبَتِهِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. قُلْت: قَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَكَذَلِكَ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ. وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ،

1 النسائي في باب أول وقت الصبح ص 94.

2 ص 129.

3 ص 143.

ص: 238

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ أَبِي إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبِ، وَأَسْنَدَ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: أَبُو إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَلَمْ أَجِدْ فِي تَضْعِيفِهِ غَيْرَ هَذَا، وَلَهُ أَحَادِيثُ غَرَائِبُ حِسَانٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ، وَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثَهُ، أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبِ عن هرير. انتهى.

حَدِيثٌ آخَرُ يُبْطِلُ تَأْوِيلَهُمْ، رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ، السَّرَقُسْطِيُّ1 فِي كِتَابِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ثنا الْمُعْتَمِرُ سَمِعْت بَيَانًا أَبَا سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْت أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الصُّبْحَ حِينَ يَفْسَحُ الْبَصَرُ، انْتَهَى. قَالَ: فَقَالَ: فَسَحَ الْبَصَرُ. وَانْفَسَحَ: إذَا رَأَى الشَّيْءَ عَنْ بُعْدٍ يَعْنِي بِهِ إسْفَارَ الصُّبْحِ انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ يُؤَيِّدُ مَذْهَبَنَا، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2 وَمُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلَاةً لِغَيْرِ وَقْتِهَا إلَّا بِجَمْعٍ، فَإِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ المغرب والعشاء بجَمْع، ويصلي صَلَاةَ الصُّبْحِ مِنْ الْغَدِ قَبْلَ وَقْتِهَا، انْتَهَى. قَالَ الْعُلَمَاءُ: يَعْنِي وَقْتَهَا الْمُعْتَادَ فِي كُلِّ يَوْمٍ لَا أَنَّهُ صَلَّاهَا قَبْلَ الْفَجْرِ، وَإِنَّمَا غَلَّسَ بِهَا جِدًّا، وَيُوَضِّحُهُ رِوَايَةٌ فِي الْبُخَارِيِّ3 وَالْفَجْرُ حِينَ بَزَغَ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يُسْفِرُ بِالْفَجْرِ دَائِمًا، وَقَلَّمَا صَلَّاهَا بِغَلَسٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَبِهِ اسْتَدَلَّ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ لِأَصْحَابِنَا، وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ4 بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، قَالَ: مَا اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَيْءٍ مَا اجْتَمَعُوا عَلَى التَّنْوِيرِ، انْتَهَى. قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى. وَقَالَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِهِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ5: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِسْفَارِ وَالتَّغْلِيسِ، فَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْإِسْفَارَ أَفْضَلُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَأَصْحَابُهُ. وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. وَأَهْلُ الْكُوفَةِ أَخْذًا بِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ، وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ التَّغْلِيسَ أَفْضَلُ وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ، وَمَالِكٌ. وَأَحْمَدُ أَخْذًا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ: كُنَّ نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يُصَلِّينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ، ثُمَّ يَنْصَرِفْنَ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ6. وَمُسْلِمٌ، قَالَ: وَزَعَمَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ حَدِيثَ الْإِسْفَارِ نَاسِخٌ لِحَدِيثِ التَّغْلِيسِ، وَأَنَّ حَدِيثَ التَّغْلِيسِ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْأَفْضَلِ بِخِلَافِ حَدِيثِ رَافِعٍ، أَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدْخُلُونَ مُغَلِّسِينَ، وَيَخْرُجُونَ مُسْفِرِينَ، قَالَ: وَالْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ

1 هو ابن حزم، وسرقسطة بلدة بالأندلس قابوس.

2 في الحج - في باب من يصلي الفجر بجمع ص 228، والمسلم في الحج - في استحباب زيادة التغليس بصلاة الصبح يوم النحر ص 417.

3 في باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما ص 227 - ج 1.

4 ص 109.

5 في باب الإسفار في صلاة الفجر ص 75.

6 في المواقيت - في باب وقت الفجر ص 82، ومسلم في باب استحباب التبكير بالصبح ص 230.

ص: 239

الطَّحَاوِيُّ، لِأَنَّ حَدِيثَ التَّغْلِيسِ ثَابِتٌ، وَأَنَّهُ عليه السلام دَاوَمَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا، وَلَمْ يَكُنْ عليه السلام يُدَاوِمُ إلَّا عَلَى مَا هُوَ الْأَفْضَلُ، ثُمَّ رَوَى حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّهُ عليه السلام صَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ، ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أُخْرَى فَأَسْفَرَ بِهَا، ثُمَّ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْغَلَسِ، حَتَّى مَاتَ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَعُدْ إلَى أَنْ يُسْفِرَ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد1. وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ وَالْأَرْبَعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، كِلَاهُمَا مِنْ حَدِيث أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ سَمِعْت بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْت أَبَا مَسْعُودٍ، فَذَكَرَهُ، وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثِ الْمَوَاقِيتِ، وَحَدِيثُ الْمَوَاقِيتِ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَيْسَ فِيهِ هَذَا، قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ: مَالِكٌ. وَمَعْمَرٌ. وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. وَغَيْرُهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ هَذَا، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى نَسْخِ أَفْضَلِيَّةِ الْإِسْفَارِ، وَلَيْسَ فِيهِ: مَنْ مُسَّ، إلَّا أُسَامَةُ، فَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ تَرَكَهُ بِآخِرِهِ، انْتَهَى. وَفِي التنقيح واختلف الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ، وَقَالَ: أَبُو حَاتِمٍ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ النَّسَائِيّ. والدارقطني: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ الْخُصُومِ الْخَاصَّةُ بِالْفَجْرِ: - حَدِيثُ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إنْ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ليصلي بالصبح فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: وَمَا يُعْرَفْنَ مِنْ تَغْلِيسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّلَاةِ، وَزَادَ الْبُخَارِيُّ فِي لَفْظٍ: وَلَا يَعْرِفْنَ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ2 عَنْ إسْحَاقَ الدَّبَرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدِ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ نَحْوَهُ، سَوَاءٌ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَالدَّبَرِيُّ هَذَا بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَالْمَغْرِبَ إذَا وَجَبَتْ الشَّمْسُ، وَالْعِشَاءَ إذَا كَثُرَ النَّاسُ عَجَّلَ، وَإِذَا قَلُّوا أَخَّرَ، وَالصُّبْحَ بِغَلَسٍ، أَخْرَجَاهُ أَيْضًا.

حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ3 حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا الْأَوْزَاعِيُّ ثَنَا نَهِيكُ بْنُ يَرِيم الأوزاعي ثنا مغيب بْنُ سُمَيٌّ، قَالَ: صَلَّيْت مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الصُّبْحَ بِغَلَسٍ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلْت عَلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقُلْت: مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: هَذِهِ صَلَاتُنَا كَانَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَبِي بَكْرٍ. وَعُمَرَ، فَلَمَّا طُعِنَ عُمَرُ أَسْفَرَ بِهَا عُثْمَانُ، انْتَهَى. وَفِيهِ حَدِيثُ أُسَامَةَ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

1 في المواقيت ص 62 ص 62، والدارقطني: ص 93.

2 رجاله رجال صحيح، سوى شيخ الطبراني، زوائد ص 318 - ج 1.

3 في وقت صلاة الفجر ص 49.

ص: 240

أَحَادِيثُ الْخُصُومِ الْعَامَّةُ لِسَائِرِ الْأَوْقَاتِ، رَوَى أَبُو دَاوُد1 مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ عَنْ بَعْضِ أُمَّهَاتِهِ عَنْ أُمِّ فَرْوَةَ، قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ فَرْوَةَ، وَلَمْ يَقُلْ عَنْ بَعْضِ أُمَّهَاتِهِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ لَا يُرْوَى إلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ اضْطَرَبُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، انْتَهَى. وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَاضْطِرَابًا، ثُمَّ قَالَ: وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ جَدَّتِهِ الدُّنْيَا عَنْ أُمِّ فَرْوَةَ، انْتَهَى. وَهَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ2 عَنْ الْعُمَرِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ الدُّنْيَا عَنْ أُمِّ فَرْوَةَ، فَذَكَرَهُ، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَمَا فِيهِ مِنْ الِاضْطِرَابِ فِي إثْبَاتِ الْوَاسِطَةِ بَيْنَ الْقَاسِمِ، وَأُمِّ فَرْوَةَ. وَإِسْقَاطُهَا يَعُودُ إلَى الْعُمَرِيِّ، وَقَدْ ضُعِّفَ، وَمَنْ أَثْبَتَ الْوَاسِطَةَ يَقْضِي عَلَى مَنْ أَسْقَطَهَا، وَتِلْكَ الْوَاسِطَةُ مَجْهُولَةٌ، وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مُصَغَّرًا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ جِهَةِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ فَرْوَةَ، فَذَكَرَهُ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الثَّامِنِ، مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ، عَنْ أَبِيهِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ ثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ الْوَلِيدِ بن العيراز عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وقتها"، انتهى. ورواه أبي بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ. وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ قَالَهُ فِي الْإِمَامِ، وَفِي لَفْظٍ: قَالَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ الْحَدِيثَ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ أَعْنِي قَوْلَهُ: فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا تَفَرَّدَ بِهَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ شُعْبَةَ. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ بِلَفْظِ: الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا، وَرَوَاهُ - كَالْأَوَّلِ - الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ كَذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَرْبَعِينَ - لَهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ أَخْرَجَاهُ3 مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ4 عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ بِلَفْظِ: الصَّلَاةُ عَلَى مِيقَاتِهَا، وَإِنَّمَا هَذِهِ زِيَادَةٌ تَفَرَّدَ بِهَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وَهِيَ مَقْبُولَةٌ مِنْهُ، فَإِنَّ مَذْهَبَهُمَا قَبُولُ الزِّيَادَةِ مِنْ الثِّقَةِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ

1 في باب المحافظة على الصلوات ص 67، والترمذي في باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل ص 24، والدارقطني: س 92، والحاكم في المستدرك ص 189.

2 ص 189.

3 البخاري في فضل الجهاد ص 390، ومسلم في الإيمان - في باب كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال ص 62، لكن من غير طريق محمد عن مالك.

4 في نسخة من رواية محمد بن سابق.

ص: 241

أَيْضًا عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ ثنا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ الْمَدَائِنِيُّ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ بِهِ سَنَدًا وَمَتْنًا، ثُمَّ قَالَ: رَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ جَمَاعَةٌ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذِهِ اللَّفْظَةَ غَيْرُ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ، وَهُوَ حَافِظٌ ثِقَةٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَفْصٍ الْمَدَائِنِيِّ، وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ سَمِعْت بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْت أَبَا مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "نَزَلَ جبرئيل فَأَخْبَرَنِي بِوَقْتِ الصَّلَاةِ فَصَلَّيْت مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْت مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْت مَعَهُ"، إلَى أَنْ قَالَ: وَصَلَّى الصُّبْحَ مَرَّةً بِغَلَسٍ، ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أُخْرَى فَأَسْفَرَ، ثُمَّ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْغَلَسِ حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ لَمْ يُعِدْ إلَى أَنْ يُسْفِرَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ فِي الْحَدِيثِ التَّاسِعِ، قَالَ أَبُو دَاوُد: وَرَوَاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ: مَعْمَرٌ. وَمَالِكٌ. وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ. وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا الْوَقْتَ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، وَلَمْ يُفَسِّرُوهُ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: تَرَكَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ بِآخِرِهِ، وَقَالَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ: رَوَى عَنْ نَافِعٍ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ، وَاخْتَلَفَ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ، فَقَالَ مَرَّةً: ثِقَةٌ صَالِحٌ، وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ مَرَّةً: ثِقَةٌ حُجَّةٌ، وَقَالَ مَرَّةً: تُرِكَ حَدِيثُهُ بِآخِرِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يَكْتُبُ حَدِيثَهُ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ النَّسَائِيّ. والدارقطني: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ، وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَبِسَنَدِ أبو دَاوُد وَمَتْنِهِ، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ1 عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ بِهِ، فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ2 مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ3 عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَدَنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْوَقْتُ الْأَوَّلُ مِنْ الصَّلَاةِ رِضْوَانُ اللَّهِ، وَالْوَقْتُ الْأَخِيرُ عَفْوُ اللَّهِ"، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يُؤَثِّرُ عَلَى رِضْوَانِ اللَّهِ شَيْءٌ، لِأَنَّ الْعَفْوَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ تَقْصِيرٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بِلَفْظِ: خَيْرُ الْأَعْمَالِ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، قَالَ الْحَاكِمُ: وَيَعْقُوبُ بْنُ الْوَلِيدِ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ هَذَا الْكِتَابِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَعْقُوبُ بْنُ الْوَلِيدِ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى الثِّقَاتِ لَا يَحِلُّ كَتْبُ حَدِيثِهِ إلَّا عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ، وَمَا رَوَاهُ إلَّا هُوَ، انْتَهَى. وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ مِنْ الْكَذَّابِينَ الْكِبَارِ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ4 حَدِيثُ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ

1 والدارقطني في سننه ص 39 عن الربيع عن ابن وهب، وكذا البيهقي: ص 263.

2 في نسخة في النوع الخامس والأربعين.

3 في باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل ص 24.

4 ومثله في السنن الكبرى ص 435 أيضاً.

ص: 242

رِضْوَانُ اللَّهِ، إنَّمَا يُعْرَفُ بِيَعْقُوبَ بْنِ الْوَلِيدِ، وَقَدْ كَذَّبَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَسَائِرُ الْحُفَّاظِ، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَسَانِيدَ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، وَإِنَّمَا يُرْوَى عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ قَوْله، انْتَهَى. وَأَنْكَرَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابٍ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْحَقِّ كَوْنَهُ أَعَلَّ الْحَدِيثَ بِالْعُمَرِيِّ، وَسَكَتَ عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: وَيَعْقُوبُ هُوَ عِلَّةٌ، فَإِنَّ أَحْمَدَ، قَالَ فِيهِ: كَانَ مِنْ الْكَذَّابِينَ الْكِبَارِ، وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ يَكْذِبُ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ مَوْضُوعٌ، وَابْنُ عَدِيٍّ إنَّمَا أَعَلَّهُ بِهِ، وَفِي بَابِهِ ذَكَرَهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

طَرِيقٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ حُمَيْدٍ حَدَّثَنِي فَرَجُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُهَلَّبِيُّ ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ مُطَيِّنٌ فِي الْحُسَيْنِ بْنِ حُمَيْدٍ: هُوَ كَذَّابٌ ابْنُ كَذَّابٍ لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وهو مُتَّهَمٌ فِيمَا يَرْوِيهِ، وَسَمِعْت أحمد بن عبدة العافظ، يَقُولُ: سَمِعْت مُطَيِّنًا، يَقُولُ - وَقَدْ مَرَّ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدٍ بْنِ الرَّبِيعِ -: هَذَا كَذَّابٌ ابْنُ كَذَّابٍ ابْنِ كَذَّابٍ، انْتَهَى.

طَرِيقٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ1 أَيْضًا عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ زَكَرِيَّا ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي مَرْفُوعًا: أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ، وَأَوْسَطُهُ رَحْمَةُ اللَّهِ، وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ مَجْهُولٌ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ مُنْكَرٌ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَ عَنْ الثِّقَاتِ بِالْأَبَاطِيلِ، وَالضَّعْفُ عَلَى حَدِيثِهِ بَيِّنٌ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الضُّعَفَاءِ، قَالَ: وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ فَقَالَ: لَيْسَ بِثَابِتٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

طَرِيقٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ، وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هَذَا مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَرْوِيهَا بَقِيَّةُ عَنْ الْمَجْهُولِينَ، فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَوْلَى عُثْمَانَ. وَعَبْدَ الْعَزِيزِ لَا يُعْرَفَانِ، انْتَهَى. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: أَحَادِيثُ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا، وَأَحَادِيثُ أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ، وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ2 عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ،

1 ص 93، والبيهقي: ص 435

2 ص24، والدارقطني: ص 92.

ص: 243

قَالَتْ: مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِوَقْتِهَا الْأَخِيرِ إلَّا مَرَّتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، انْتَهَى. وَقَالَ: غَرِيبٌ، وَلَيْسَ إسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهُوَ مُرْسَلٌ، إسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: عَنْ أَبِيهِ إسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ، رَوَى عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ مَجْهُولٌ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: إنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ مَجْهُولٌ، انْتَهَى. وَلَمْ يَعْزُهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ إلَّا لِلدَّارَقُطْنِيِّ فَقَطْ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ قَالَ: إسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ أَحَدُ الْمَجَاهِيلِ، رَوَى عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ عمرة عَائِشَةَ نَحْوَهُ، وَفِي سَنَدِهِ مُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْت أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عائشة نحوه، وفيه الوافدي، وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مُكَبَّرًا عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "الصَّلَاةُ لِمِيقَاتِهَا الْأَوَّلِ"، وَأَخْرَجَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مُصَغَّرًا عَنْ نَافِعٍ بِهِ نَحْوَهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أَحَدَكُمْ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَقَدْ تَرَكَ مِنْ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِهِ1 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:"يَا عَلِيُّ! ثَلَاثَةٌ لَا تُؤَخِّرْهَا: الصَّلَاةُ إذَا أَتَتْ. وَالْجِنَازَةُ إذَا حَضَرَتْ. وَالْأَيِّمُ إذَا وَجَدْتَ لَهَا كُفْئًا"، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَمَا أَرَى إسْنَادَهُ بِمُتَّصِلٍ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ: رَوَى أَنَسٌ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا كَانَ فِي الشِّتَاءِ بَكَّرَ بِالظُّهْرِ، وَإِذَا كَانَ فِي الصَّيْفِ أَبْرَدَ بِهَا، قُلْت: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ2 مِنْ حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا أَمِيرُنَا الْجُمُعَةَ، ثُمَّ قَالَ لِأَنَسٍ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ؟ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلَاةِ، وَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ، انْتَهَى. وَأَمَّا حَدِيثُ خَبَّابُ بْنِ الْأَرَتِّ: شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ فِي الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3 وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ، قَالَ زُهَيْرٌ:

1 في باب ما جاء في الوقت الأول.

2 في باب إذا اشتد الحر يوم الجمعة ص124.

3 في باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت، ص 225.

ص: 244

قُلْت لِأَبِي إسْحَاقَ فِي تَعْجِيلِ الظُّهْرِ، قَالَ: نَعَمْ، انْتَهَى. فَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذَا، فَقِيلَ: لَمْ يَعْذُرْنَا، وَقِيلَ: لَمْ يُحْوِجْنَا إلَى الشَّكْوَى بَعْدُ، وَلَكِنْ رُوِيَتْ فِيهِ زِيَادَةٌ مُثْبَتَةٌ لِلْأَوَّلِ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ثنا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إسْحَاقَ ثنا سَعِيدُ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ، قَالَ: شَكَوْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّمْضَاءَ فَمَا أَشْكَانَا، وَقَالَ:"إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ فَصَلُّوا"، انْتَهَى. وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ: شَكَوْنَا حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا، قُلْت: وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ أَخْرَجَاهُ1 وَانْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِحَدِيثِ الْخُدْرِيِّ2 أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ.

أَحَادِيثُ لِمَذْهَبِنَا فِي تَأْخِيرِ الْعَصْرِ، أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ نَافِعٍ، قَالَ: دَخَلْت مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بِالْعَصْرِ، وَشَيْخٌ جَالِسٌ فَلَامَهُ، وَقَالَ: إنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِتَأْخِيرِ هَذِهِ الصَّلَاةِ، فَسَأَلْت عَنْهُ، فقلوا: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ: قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنَا عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْحَارِثِ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ، وَالصَّحِيحُ عَنْ رَافِعٍ. وَغَيْرِهِ ضِدُّ هَذَا، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، وَلَا يَصِحُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ رَافِعٍ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ نَافِعٍ يَرْوِي عَنْ أَهْلِ الْحِجَازِ الْمَقْلُوبَاتِ، وَعَنْ أَهْلِ الشَّامِ الْمَوْضُوعَاتِ، لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الْكُتُبِ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْقَدْحِ فِيهِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الْعَيْنِ - فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ نَافِعٍ بِهِ، وَقَالَ: لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَافِعٍ وَالصَّحِيحُ عَنْ رَافِعٍ غَيْرِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ رَافِعٍ، قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَاةَ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَنْحَرُ الْجَزُورَ، وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ نَافِعٍ أَبُو الرَّمَّاحِ مَجْهُولُ الْحَالِ مُخْتَلَفٌ فِي حَدِيثِهِ، انْتَهَى.

أَثَرٌ فِي ذَلِكَ، أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ3 عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيّ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: اجْلِسْ فَجَلَسَ، ثُمَّ عَادَ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: هَذَا الْكَلْبُ يُعَلِّمُنَا السنة، فقام عليّ صلى بن الْعَصْرَ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا فَرَجَعْنَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي كُنَّا فِيهِ جُلُوسًا فَجَثَوْنَا لِلرُّكَبِ، لنزول الشمس للغروب نتراآها، انْتَهَى. وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ كَذَلِكَ عَنْ الْعَبَّاسِ

1 أخرجه البخاري في المواقيت - في باب الإبراد بالظهر ص 76، ومسلم: ص 224.

2 ص 77.

3 والدارقطني في سننه ص 93.

ص: 245

بْنِ ذريح عن زياد عن عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيّ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَزِيَادُ بْنُ عبد الله مَجْهُولٌ لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُ الْعَبَّاسِ بْنُ ذُرَيْحٍ، انْتَهَى. قُلْت: وَهَذَا الْأَثَرُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ، أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ، لِذِكْرِ السُّنَّةِ فِيهِ.

أَحَادِيثُ الْخُصُومِ فِي أَفْضَلِيَّةِ التَّعْجِيلِ: مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي بَرْزَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْعَصْرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إلَى رَحْلِهِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ1.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْعَصْرَ، ثُمَّ يَذْهَبُ أَحَدُنَا إلَى الْعَوَالِي، وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَالْعَوَالِي عَلَى مِيلَيْنِ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَثَلَاثَةٍ، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَأَرْبَعَةٍ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ أَيْضًا2 عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَنْحَرُ الْجَزُورَ، فَنَقْسِمُ عَشْرَ قِسَمٍ، ثُمَّ يُطْبَخُ فَيُؤْكَلُ لَحْمًا نَضِيجًا قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْمَغْرِبَ وَأَخَّرُوا الْعِشَاءَ"، قُلْت: غَرِيبٌ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ3 مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ"، أَوْ قَالَ:"عَلَى الْفِطْرَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إلَى أَنْ تَشْتَبِكَ النُّجُومُ"، مُخْتَصَرٌ، وَتَمَامُهُ: عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو أَيُّوبَ غَازِيًا، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ يَوْمَئِذٍ عَلَى مِصْرَ، فَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ، فَقَامَ إلَيْهِ أَبُو أَيُّوبَ، فَقَالَ لَهُ: مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ يَا عُقْبَةُ؟ قَالَ: شُغْلِنَا، قَالَ: أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ" إلَى آخِرِهِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، قَالَ الشَّيْخُ تقي الدين فِي الْإِمَامِ: وَقَدْ خُولِفَ ابْنُ إسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرَوَاهُ حَيْوَةُ. وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ التُّجِيبِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يا داود بَادِرُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ طُلُوعِ النُّجُومِ"، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَحَدِيثُ حَيْوَةَ أَصَحُّ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ4 عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ عُمَرَ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عبد الطلب، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى الْفِطْرَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ حَتَّى يَشْتَبِكَ النُّجُومُ"، انْتَهَى.

1 في باب وقت العصر ص 78: ومسلم: ص 230.

2 في الشركة ص 238، ومسلم في باب استحباب التبكير بالعصر ص 235، والحاكم: ص 192 - ج 1.

3 في باب وقت المغرب ص 66.

4 في باب وقت المغرب ص 50.

ص: 246

وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ1 عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا، وَأَنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد2 مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَلَفْظُهُ: ثُمَّ يَرْمِي، فَيَرَى أَحَدُنَا مَوْضِعَ نَبْلِهِ.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ3 عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ إذَا تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ، وَفِي لَفْظَةٍ: إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَتَوَارَتْ بِالْحِجَابِ، انْتَهَى. وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد فِيهِ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب ساعة يغرب الشمس إذ غَابَ حَاجِبُهَا.

الْحَدِيثُ الْخَامِسَ عَشَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْت الْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ4 وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْت الْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، أَوْ نِصْفِهِ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَسَارٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَلَأَخَّرْت الْعِشَاءَ الآخرة إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ"، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الطَّهَارَةِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي الصَّوْمِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَلَأَخَّرْت العشاء الآخرة إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ"، فَكَانَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ يَشْهَدُ الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسْجِدِ، وَسِوَاكُهُ عَلَى أُذُنِهِ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ، لَا يَقُومُ إلَى الصَّلَاةِ إلَّا اسْتَنَّ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، انْتَهَى. وَذَهِلَ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ فِي عَزْوِهِ هَذَا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ، لِأَبِي دَاوُد، وَأَبُو دَاوُد لَمْ يُخَرِّجْ مِنْهُ إلَّا فَضْلَ السِّوَاكِ، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ تَأْخِيرَ الْعِشَاءِ، وَعَجِبْت مِنْ أَصْحَابِ الْأَطْرَافِ إذْ لَمْ يُبَيِّنُوا ذَلِكَ: مَعَ أَنَّهُ مِنْ عَادَتِهِمْ، كَابْنِ عَسَاكِرَ، وَشَيْخِنَا الْحَافِظِ جَمَالِ الدِّينِ الْمِزِّيِّ، وَقَدْ أَحْسَنَ الْمُنْذِرِيُّ فِي

1 في باب وقت المغرب ص 79، ومسلم: ص 228.

2 في باب وقت المغرب ص 66.

3 البخاري في باب وقت المغرب ص 79، ومسلم: ص 226، وأبو داود:66.

4 في باب تأخير العشاء الآخرة ص 23، وابن ماجه: ص 50، والدارمي: ص 182 بطوله.

ص: 247

مُخْتَصَرِهِ إذْ بَيَّنَ ذَلِكَ لَمَّا ذَكَرَ لَفْظَ أَبِي دَاوُد، فَعَزَاهُ لِلتِّرْمِذِيِّ. وَالنَّسَائِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَحَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْفَضِيلَتَيْنِ: يَعْنِي فَضْلَ السِّوَاكِ. وَفَضْلَ الصَّلَاةِ وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ مُقْتَصِرًا عَلَى فَضْلِ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ. وَعَزَاهُ لِأَبِي دَاوُد. وَالتِّرْمِذِيِّ، ثُمَّ إنَّ أَصْحَابَ الْأَطْرَافِ عَزَوْهُ لِلنِّسَائِيِّ1 فِي الصَّوْمِ وَلَمْ أَجِدْهُ فِي الصُّغْرَى فَلْيُنْظَرْ الْكُبْرَى2.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3 عَنْ الْحَكَمِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَكَثْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، فَخَرَجَ إلَيْنَا حِينَ ذَهَبَ اللَّيْلُ أَوْ بَعْضُهُ فَلَا نَدْرِي أَشَيْءٌ شَغَلَهُ فِي أَهْلِهِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، فَقَالَ حِينَ خَرَجَ:"إنَّكُمْ لَتَنْتَظِرُونَ صَلَاةً مَا يَنْتَظِرُهَا أَهْلُ دِينٍ غَيْرُكُمْ، وَلَوْلَا أَنْ يَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِي لَصَلَّيْت بِهِمْ هَذِهِ السَّاعَةَ"، ثُمَّ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَصَلَّى، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْت أَبِي، وَذَكَرَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا أَنْ يَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْت صَلَاةَ الْعِشَاءِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ"، قَالَ أَبِي: إنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قال الشيخ تقي الدين فِي الْإِمَامِ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ الْمُزَنِيّ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وَالْمَقْبُرِيِّ رَوَى عَنْهُ مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، وَلَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي ثِقَاتِ التَّابِعِينَ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ4 هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى بِهِمْ، وَقَالَ:"لَوْلَا الضَّعِيفُ وَالسَّقِيمُ لَأَحْبَبْتُ أَنْ أُؤَخِّرَ هَذِهِ الصَّلَاةَ إلَى شَطْرِ اللَّيْلِ"، انْتَهَى كَلَامُهُ.

الْحَدِيثُ السَّادِسَ عَشَرَ: حَدِيثُ السَّمَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بَعْدَ الْعِشَاءِ، أَشَارَ إليه في الكتاب بقوله: وَلِأَنَّ فِيهِ قَطْعَ السَّمَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بَعْدَهَا، قُلْت: رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ5 مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا يَعْنِي الْعِشَاءَ وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا، انْتَهَى. رَوَوْهُ فِي الْمَوَاقِيتِ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: كَانَ لَا يُحِبُّ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَبِ6 أَيْضًا، وَلَفْظُهُ: كَانَ يَنْهَى عَنْ النَّوْمِ قَبْلَهَا، وَالْحَدِيثِ بَعْدَهَا، انْتَهَى. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ7 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى الطَّائِفِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

1 عزاه السيوطي في الجامع إلى الترمذي، وأحمد فقط، ولم يذكر النسائي.

2 في س وهو ثابت في الكبرى.

3 في المواقيت ص 229 - ج 1.

4 في باب وقت العشاء ص 50.

5 البخاري: ص 80، وص 78 بطوله، ومسلم في: ص 230.

6 في باب السَّمَر بعد العشاء ص 318 - ج 2.

7 في باب النهي عن النوم قبل صلاة العشاء ص 51.

ص: 248