المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الأوقات المكروهة - نصب الراية - جـ ١

[الجمال الزيلعي]

الفصل: ‌فصل في الأوقات المكروهة

بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَلَا سَمَرَ بَعْدَهَا، انْتَهَى. وفد أَجَازَ الْعُلَمَاءُ السَّمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي الْخَيْرِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ1 عَنْ سَالِمٍ بن ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ، فَقَالَ:"أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ"، انْتَهَى. وَبَوَّبَ عَلَيْهِ النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ2 - بَابُ السَّمَرِ فِي الْعِلْمِ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي الصَّلَاةِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ فِي الْأَمْرِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَا مَعَهُ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ جُعْفِيٍّ، يُقَالُ لَهُ: قَيْسٌ، أَوْ ابْنُ قَيْسٍ عَنْ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي أَطْرَافِهِ عَلْقَمَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ: رَوَى أَوْسُ بْنُ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِينَا بَعْدَ الْعِشَاءِ يُحَدِّثُنَا، وَكَانَ أَكْثَرُ حَدِيثِهِ تَشْكِيَةَ قُرَيْشٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ رَوَاهُ3.

فَائِدَةٌ: اسْتَدَلَّ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ عَلَى جَوَازِ تَسْمِيَةِ الْعِشَاءِ بِالْعَتَمَةِ بِحَدِيثِ رَوَاهُ مَالِكٌ في موطأه عَنْ سُمَيٌّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا، وَلَوْ حَبْوًا"، مُخْتَصَرٌ، وَيَنْبَغِي الْجَمْعُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ أَلَا إنَّهَا الْعِشَاءُ، وَهُمْ يعتمون الإبل، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ4.

الْحَدِيثُ السَّابِعَ عَشَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ آخِرَهُ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ5 عَنْ الأعمش عن أبي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ، فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ"، انْتَهَى.

1 في العلم - في باب السمر بالعلم ص 22، ومسلم في الفضائل - في باب - معنى رأس مائة سنة لا يبقى نفس منفوسة الخ ص 310 - ج 2.

2 في باب الرخصة في السمر بعد العشاء ص 24.

3 قلت: ذكره ابن ماجه في باب كم يختم القرآن وهو في مسند أحمد ص 9 - ج 4، ص 343 - ج 4، عن أوس بن حذيفة، قال: كنت في الوفد الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلموا من ثقيف من بني مالك أنزلنا في قبة له، فكان يختلف إلينا بين بيوته، وبين المسجد، فإذا صلى العشاء الآخرة انصرف إلينا ولا نبرح حتى يحدثنا، ويشتكي قريشاً، ويشتكي أهل مكة، الحديث.

4 ص 229.

5 ص 258

ص: 249

‌فَصْلٌ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ

الْحَدِيثُ الثَّامِنَ عَشَرَ: حَدِيثُ عُقْبَةَ رضي الله عنه، قَالَ: ثَلَاثُ أَوْقَاتٍ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ

ص: 249

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُصَلِّيَ فِيهَا، وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهَا مَوْتَانَا: عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَتَّى تَرْتَفِعَ. وَعِنْدَ زَوَالِهَا حَتَّى تَزُولَ. وَحِينَ تَضَيَّفُ لِلْغُرُوبِ، قُلْت: رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ1 إلَّا الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ. وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: وَرَوَاهُ رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ، وَزَادَ فِيهِ، قُلْت لِعُقْبَةَ: أَيُدْفَنُ بِاللَّيْلِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ دُفِنَ أَبُو بَكْرٍ بِاللَّيْلِ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَنَهْيُهُ عَنْ الْقَبْرِ فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ لَا يَتَنَاوَلُ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَهُوَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهِيَةِ الدَّفْنِ فِي هذه السَّاعَاتِ، انْتَهَى. قُلْت: حَمَلَهُ أَبُو دَاوُد عَلَى الدَّفْنِ الْحَقِيقِيِّ2 فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْجَنَائِزِ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ بَابُ الدَّفْنِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا، وَحَمَلَهُ التِّرْمِذِيُّ عَلَى الصَّلَاةِ، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ: مَا مَعْنَى أَنْ نَقْبُرَ فِيهَا مَوْتَانَا؟ يعني صلاة الجنائز انْتَهَى. وَقَدْ جَاءَ بِتَصْرِيحِ الصَّلَاةِ فِيهِ، رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ شَاهِينَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ حَدِيثِ خَارِجَةَ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ بِهِ، قَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُصَلِّيَ عَلَى مَوْتَانَا عِنْدَ ثَلَاثٍ: عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، إلَى آخِرِهِ.

أَحَادِيثُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ: مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْهَا أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ3 عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: إنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلَاةً لَقَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيهَا، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهَا يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَى إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ4 ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ جِهَتِهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَخْبَرَنِي أَبُو إسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حمزة عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ إلَّا الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ، انْتَهَى.

1 مسلم في أوقات النهي ص 276، والنسائي في المواقيت ص 95، وص 96، والجنائز ص 283، وأبو داود في الجنائز - في باب الدفن عند طلوع الشمس وغروبها ص 98 - ج 2، والترمذي في باب كراهية الصلاة على الجنازة عند طلوع الشمس وغروبها ص 122، وابن ماجه في باب ما جاء في الأوقات التي لا تصلى فيها على الميت ص 110.

2 وابن ماجه على الصلاة والدفن، وبوّب عليه. في الجنائز - باب ما جاء في الأوقات التي لا يصلى فيها على الميت ولا يدفن ص 110.

3 في باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس ص 83.

4 وأبو داود في السنن - في أبواب التطوع - باب من أرخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة ص 188 - ج 1، والطحاوي: ص 179 - ج 1، وأحمد: ص 125 وص 144.

ص: 250

حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ عَنْبَسَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ عَنْهُ، وَفِيهِ: فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ الصَّلَاةِ، قَالَ:"صَلِّ الصُّبْحَ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلَاةِ حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ محضورة حين تَسْتَقْبِلَ الظِّلَّ بِالرُّمْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ"، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.

مَا وَرَدَ فِي إبَاحَتِهَا: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ2 عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: رَكْعَتَانِ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَعُهُمَا سِرًّا وَلَا عَلَانِيَةً: رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ. وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْتِينِي فِي يَوْمٍ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْهَا، قَالَتْ: وَهَمَ عُمَرُ، إنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَحَرَّى طُلُوعَ الشَّمْسِ وَغُرُوبَهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا فَتُصَلُّوا عِنْدَ ذَلِكَ"، وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ عَنْ أَيْمَنَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: وَاَلَّذِي ذَهَبَ بِهِ مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ، وَمَا لَقِيَ اللَّهَ حَتَّى ثَقُلَ عَنْ الصَّلَاةِ، وَكَانَ يُصَلِّيهِمَا، وَلَا يُصَلِّيهِمَا فِي الْمَسْجِدِ مَخَافَةَ أَنْ يُثْقِلَ عَلَى أُمَّتِهِ، وَكَانَ يُحِبُّ مَا خَفَّفَ عَنْهُمْ، انْتَهَى.

مَا وَرَدَ فِي الْعُذْرِ مِنْهَا، أَخْرَجَ مُسْلِمٌ. وَالْبُخَارِيُّ فِي الْمَغَازِي3 عَنْ كُرَيْبٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ. وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ، وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَرْسَلُوهُ إلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: اقْرَأْ عليها السلام مِنَّا جَمِيعًا وَسَلْهَا عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَقُلْ لَهَا: بَلَغَنَا أَنَّك تُصَلِّيهِمَا، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُمَا، قَالَ كُرَيْبٌ: فَدَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ، فأخبرتها، فقالت: سألت أُمَّ سَلَمَةَ، فَرَجَعَتْ إلَيْهِمْ، فَأَخْبَرْتُهُمْ، فَرَدُّونِي إلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْهُمَا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، قال:"إنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَهُمَا هَاتَانِ" مُخْتَصَرٌ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ4 فَقَالَ: وَقَالَ كُرَيْبٌ: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: "شَغَلَنِي

1 في فضائل القرآن - في باب الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها ص 276، وأبو داود في التطوع ص 188، والطحاوي: ص 91.

2 في باب ما يصلى بعد العصر من الفوائت ص 83، ومسلم في ص 277.

3 في فضائل القرآن - في باب الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها ص 227، والبخاري: قبيل الجنائز بباب: ص 164، وفي المغازي في باب وفد عبد القيس ص 627.

4 هذا التعليق في ترجمة باب ما يصلى بعد العصر من الفوائت ص 83، ووصله البخاري في أواخر التهجد في - باب إذا كلم وهو يصلي ص 164، وكذا في المغازي ص 627.

ص: 251

نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ"، انْتَهَى. وَيُنْظَرُ الْبُخَارِيُّ فِي الْمَغَازِي فَكَأَنَّهُ وَصَلَهُ فِيهِ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ، ثُمَّ إنَّهُ شُغِلَ عَنْهُمَا أَوْ نَسِيَهُمَا، فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، ثُمَّ أَثْبَتَهُمَا. وَكَانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً أَثْبَتَهَا يَعْنِي دَاوَمَ عَلَيْهَا، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد1 مِنْ جِهَةِ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ، أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ يَعْنِي رَكْعَتَيْنِ وَيَنْهَى عَنْهُمَا وَيُوَاصِلُ، وَيَنْهَى عَنْ الْوِصَالِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ التَّاسِعَ عَشَرَ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَعَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ. قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ الْخُدْرِيِّ، وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ.

فَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ2 أَنَّهُ قَالَ: شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ - وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَعَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ3. وَمُسْلِمٌ4 عَنْهُ أَنَّهُ عليه السلام نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَعَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ الْخُدْرِيِّ، فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ"، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ5 عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:"صَلِّ الصُّبْحَ ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتْ فَلَا تُصَلِّ حَتَّى تَرْتَفِعَ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ"، مُخْتَصَرٌ.

وَاعْلَمْ أَنَّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ دَاخِلَتَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَكَرِهَهَا أَصْحَابُنَا فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ،

1 في التطوع - في باب من رخص إذا كانت الشمس مرتفعة ص 189.

2 البخاري في باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس ص 82، ومسلم: ص 275، وأبو داود في التطوع - في باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة ص 188.

3 ص 83.

4 ص 275 في باب أوقات النهي عن الصلاة.

5 ص 276 في فضائل القرآن.

ص: 252

وَخَالَفَنَا الشَّافِعِيُّ، فَأَجَازَهَا فِيهَا آخِذًا بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ1 مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَاهُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ، وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ - فِي كِتَابِ الْحَجِّ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: إنَّمَا لَمْ يُخْرِجَاهُ لِاخْتِلَافٍ وَقَعَ فِي إسْنَادِهِ، فَرَوَاهُ سُفْيَانُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَرَوَاهُ الْجَرَّاحُ بْنُ مِنْهَالٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ سَمِعَ أَبَاهُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ، وَرَوَاهُ مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَرَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: أَظُنُّهُ عَنْ جَابِرٍ، فَلَمْ يَجْزِمْ بِهِ، وَكُلُّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ جِهَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: أَقَامَ ابْنُ عُيَيْنَةَ إسْنَادَهُ، وَمَنْ خَالَفَهُ فِيهِ لَا يُقَاوِمُهُ، فَرِوَايَةُ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَوْلَى أَنْ تَكُونَ مَحْفُوظَةً، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَابَاهُ، وَيُقَالُ: ابْنُ بَابَيْهِ، وَيُقَالُ: ابْنُ بَابِي، قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: هُوَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مَعْرُوفٌ، وَأَخْبَرَنِي الشَّيْخُ مُحِبُّ الدِّينِ بْنُ الْعَلَّامَةِ عَلَاءِ الدِّينِ الْقُونَوِيِّ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ بَحَثَ هُنَا بَحْثًا فَقَالَ: إنَّ بَيْنَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَدِيثِ جُبَيْرٍ عُمُومًا وَخُصُوصًا، فَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَكَانِ، خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَقْتِ، فَهَذَا الْحَدِيثُ خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَكَانِ، عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ، قَالَ: فَلَيْسَ حَمْلُ عُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى خُصُوصِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أولى مِنْ حَمْلِ عُمُومِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَكَانِ عَلَى خُصُوصِ هَذَا الْحَدِيثِ فِيهِ، قُلْنَا: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرٍ، فَلَا يُقَاوِمُهُ إلَّا مَا يُسَاوِيهِ فِي الصِّحَّةِ، فَيُحْمَلُ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَيْضًا فَقَدْ وَرَدَ مِنْ فَهْمِ الصَّحَابَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمُعَارَضَةِ، رَوَى إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ2 أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ثنا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بن عبد الرحمن بن عَوْفٍ، قَالَ: سَمِعْت نَصْرَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْ جَدِّهِ مُعَاذِ ابْنِ عَفْرَاءَ أَنَّهُ طَافَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَمْ يُصَلِّ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عنِ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ، انْتَهَى.

1 أبو داود في المناسك - في باب الطواف بعد العصر ص 267 - ج 1، وكذا الترمذي في باب ما جاء في الصلاة بعد العصر، وبعد الصبح في الطواف ص 106، والنسائي في المواقيت - في باب إباحة الصلاة في الساعات كلها بمكة ص 98، وابن ماجه في الصلاة - في باب الرخصة من الصلاة بمكة في كل وقت ص 90، والطحاوي في: 395، والحاكم في المناسك ص 448 - ج 1 والبيهقي في سننه ص 461 - ج 2، والدارقطني: ص 162، وص 274، والدارمي: ص 247.

2 والبيهقي في سننه ص 464 - ج 2، وأخرج الطحاوي المرفوع فقط في: ص 179، وأخرج أحمد ص 219 - ج 4 الأثر مع المرفوع، وكذا الطيالسي: ص 170.

ص: 253

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ1 عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الْعَدَنِيِّ عَنْ رَجَاءٍ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَوْ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيُصَلِّي، فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ بعد الصبج حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ إلَّا عِنْدَ هَذَا الْبَيْتِ يَطُوفُونَ وَيُصَلُّونَ"، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: وأبو الوليد العدلي لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا فِي الْكُنَى - لِأَبِي أَحْمَدَ الْحَاكِمِ. وَأَمَّا رَجَاءُ بْنُ الْحَارِثِ أَبُو سَعِيدٍ الْمَكِّيُّ، فَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ الْخُصُومِ فِي النَّافِلَةِ بِمَكَّةَ، وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى جَوَازِ النَّافِلَةِ بِمَكَّةَ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِدُونِ كراهية بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ مَرْفُوعًا:"يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ، وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ"، وَبِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ2 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ مَوْلَى عَفْرَاءَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَدِمَ أَبُو ذَرٍّ فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيْ بَابِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ بَعْدَ الصُّبْحِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ إلَّا بِمَكَّةَ يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثًا"، انْتَهَى. وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، قَالَ أَحْمَدُ: أَحَادِيثُ ابْنِ الْمُؤَمَّلِ مَنَاكِيرُ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ3، وَقَالَ: هَذَا يُعَدُّ فِي أَفْرَادِ ابْنِ الْمُؤَمَّلِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ إلَّا أَنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ طَهْمَانَ قَدْ تَابَعَهُ فِي ذَلِكَ عَنْ حُمَيْدٍ، وَأَقَامَ إسْنَادَهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ خَلَّادِ بْنِ يَحْيَى ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ثَنَا حُمَيْدٍ مَوْلَى عَفْرَاءَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: جَاءَنَا أَبُو ذَرٍّ، فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ الْبَابِ الْحَدِيثَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَحُمَيْدَ الْأَعْرَجُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَمُجَاهِدٌ لَا يَثْبُتُ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ أَبِي ذَرٍّ، وَقَوْلُهُ: جَاءَنَا أَيْ جَاءَ بَلَدَنَا، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُجَاهِدٍ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَدِيٍّ بِسَنَدِهِ عَنْ الْيَسَعِ بْنِ طَلْحَةَ الْقُرَشِيِّ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ: سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُولُ: بَلَغَنَا أَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِحَلْقَتَيْ الْبَابِ يَقُولُ ثَلَاثًا: "لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَّا بِمَكَّةَ"، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَاَلْيَسَعُ بْنُ طَلْحَةَ ضَعَّفُوهُ، وَالْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ، مُجَاهِدٌ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا ذَرٍّ، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ هَذَا مَعْلُولٌ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: انْقِطَاعُ مَا بَيْنَ مُجَاهِدٍ. وَأَبِي ذَرٍّ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الْبَيْهَقِيّ. وَالثَّانِي: اخْتِلَافٌ فِي إسْنَادِهِ، فَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ الْمُؤَمَّلِ عَنْ حُمَيْدٍ مَوْلَى عَفْرَاءَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ،

1 ص 163، والطحاوي: ص 396.

2 ص 163.

3 ص 461- ج2.

ص: 254

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّامِيُّ عَنْ ابْنِ الْمُؤَمَّلِ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ مُجَاهِدٍ. وَالثَّالِثُ: ضَعْفُ ابْنِ الْمُؤَمَّلِ، قَالَ النَّسَائِيُّ. وَابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ: أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ حَدِيثِهِ الضعف عليه بيِّن. والرابع: ضَعْفُ حُمَيْدٍ مَوْلَى عَفْرَاءَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ ضَعِيفٌ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ خَاصٌّ بِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَقَدْ وَرَدَ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ بِمَكَّةَ إنَّمَا هُوَ فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، فَأَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، مَنْ طَافَ فَلْيُصَلِّ أَيْ حِينَ طَافَ"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَسَعِيدٌ هَذَا يُحَدِّثُ عَنْ عَطَاءٍ، وَغَيْرِهِ بِمَا لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَقَالَ: لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الْعِشْرُونَ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَتَنَفَّلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، قُلْت: رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ1، وَاللَّفْظُ لَهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أُخْتِهِ حَفْصَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ لَا يُصَلِّي إلَّا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَاقُونَ إلَّا أَبَا دَاوُد: مِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ هَكَذَا، وَمِنْهُمْ مَنْ أَتَى بِهِ فِي جُمْلَةِ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَطَوُّعًا. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَلَفْظُهُ قَالَ: كَانَ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ لَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَّا سَجْدَتَيْنِ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ قُدَامَةَ، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ وُهَيْبٍ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَيُّوبَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ2 عَنْ عَبْدِ العزيز مُحَمَّدِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ قُدَامَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ، قَالَ: ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: كُلُّ مَنْ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ مَعْرُوفٌ إلَّا مُحَمَّدَ بْنَ الْحُصَيْنِ فَإِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَمَجْهُولُ الْحَالِ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ. والدراوردي يَقُولَانِ: عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَيُّوبَ

1 البخاري في التهجد - في باب الركعتين قبل الظهر ص 157، ومسلم في باب استحباب ركعتي سنة الفجر، والحث عليهما ص 250، والنسائي في باب ذكر ركعتي الفجر ص 254 - ج 1، والبيهقي: ص 465 - ج 2.

2 في باب لا صلاة بعد طلوع الفجر، إلا ركعتين ص 56.

ص: 255

بْنِ الْحُصَيْنِ، وَقَالَ عُثْمَانُ: بْنُ عُمَرَ أَنْبَأَ قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ، وَذَكَرَ هَذَا الِاخْتِلَافَ الْبُخَارِيُّ، وَلَمْ يُعْرَفْ هُوَ، وَلَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَالِهِ بِشَيْءٍ، فَهُوَ عِنْدَهُمَا مَجْهُولٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ قُدَامَةَ ثنا أَيُّوبُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ بِهِ، لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، إلَّا رَكْعَتَيْنِ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ وَلَفْظُهُ عَنْ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: رَآنِي ابْنُ عُمَرَ أُصَلِّي بَعْدَ الْفَجْرِ فَحَصَبَنِي، وَقَالَ: يَا يَسَارُ! كَمْ صَلَّيْت؟ قُلْت: لَا أَدْرِي، قَالَ: أَلَا دَرَيْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ أَنْ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَّا رَكْعَتَيْنِ؟! " انْتَهَى. وَقُدَامَةُ هَذَا مَعْرُوفٌ، ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ. وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: مُحَمَّدُ بْنُ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَيُّوبُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَمُحَمَّدُ أَصَحُّ، انْتَهَى. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ: هَذَا حَدِيثٌ يَرْوِيهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَتَابَعَهُ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ. وَخَالَفَهُمْ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَوُهَيْبٌ، فَرَوَيَاهُ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَيُّوبَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ. وَوُهَيْبٍ، لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ، انْتَهَى. فَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُ الدَّارَقُطْنِيِّ. وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

طَرِيقٌ آخَرُ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْوَسَطِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَحْيَى بْنِ بُكَيْر حَدَّثَنِي أَبِي ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ النَّبِيلِ الْفِهْرِيُّ عَنْ أبي عمر مرفوعاً حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمُّويَةَ الْجَوْهَرِيُّ ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خِرَاشٍ عَنْ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَّا الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ"، انْتَهَى. وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خِرَاشٍ، انْتَهَى.

طَرِيقٌ آخَرُ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ"، انْتَهَى. وَكُلُّ ذَلِكَ يُعَكِّرُ عَلَى التِّرْمِذِيِّ فِي قَوْلِهِ: لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ قُدَامَةَ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَمِمَّا اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَمْنَعَنَّكُمْ آذَانُ بِلَالٍ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ حَتَّى يَرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَيُوقِظَ نَائِمَكُمْ"، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ1 قَالَ: فَلَوْ كان التنقل بَعْدَ الصُّبْحِ مُبَاحًا لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ: حَتَّى يَرْجِعَ قَائِمَكُمْ مَعْنًى، وَبِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ

1 البخاري في باب الأذان قبل الفجر ص 87، ومسلم في الصوم في باب أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر ص 350.

ص: 256

مَرْفُوعًا أَيْضًا صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى، أَخْرَجَاهُ أَيْضًا1، قَالَ: فَلَوْ كَانَ أَيْضًا مُبَاحًا لَمَا كَانَ لِخَشْيَةِ الصُّبْحِ مَعْنًى، قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَشِيَ الصُّبْحَ لِخَوْفِ فَوْتِ الْوِتْرِ، قَالَ الشَّيْخُ: وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَجَازَ التَّنَفُّلَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد2 فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ؟. قَالَ: "جَوْفُ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ، فَصَلِّ مَا شِئْت، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَقْبُولَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ"، وَفِي لَفْظٍ3:"فَصَلِّ مَا بَدَا لَك حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ"، الْحَدِيثُ بطوله.

1 البخاري في الوتر ص 135، ومسلم في باب صلاة الليل ص 257.

2 في التطوع - في باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة ص 188.

3 في لفظ: الخ، أي عند النسائي في باب إباحة الصلاة إلى أن يصلي الصبح ص 98.

ص: 257

قَوْلُهُ الأذان

قوله: الْأَذَانُ سُنَّةٌ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَالْجُمُعَةُ دُونَ مَا سِوَاهَا لِلنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ، قُلْت: هَذَا مَعْرُوفٌ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ4 عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ صَلَّيْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعِيدَيْنِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ، انْتَهَى. وَفِيهِ أَيْضًا5 عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الشَّمْسَ خُسِفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ مُنَادِيًا: بِالصَّلَاةَ جَامِعَةً، انْتَهَى. وَالْجُمُعَةُ فِيهَا حَدِيثُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، وَالصَّلَوَاتُ تَأْتِي أَحَادِيثُهَا.

مَسْأَلَةٌ: فِي تَثْنِيَةِ التَّكْبِيرِ أَوَّلَ الْأَذَانِ، وَتَرْبِيعِهِ، أَمَّا التَّثْنِيَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ6 حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، مَالِكُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ. وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَا: ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ صَاحِبُ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرٍ7 الْأَحْوَلِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ الْأَذَانَ: اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَى آخِرِهِ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد8 عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ الْجُمَحِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ الْجُمَحِيِّ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ نَحْوَهُ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ إبْرَاهِيمَ9 بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ

4 في العيدين ص 290.

5 في الكسوف ص 296.

6 في بدء الأذان ص 165 فيه نسختان: في نسخة التربيع، وفي نسخة التثنية وروى النسائي: ص 103 عن إسحاق بن إبراهيم عن معاذ به، وفيه التربيع.

7 في مسلم عن أبي عامر.

8 في باب كيف الأذان ص 80.

9 هذه الرواية ذكرها المخرج في تثنية التكبير، والذي في أبي داود ص 80 تربيعه والله أعلم، وأخرج النسائي عن بشر بن معاذ عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: حدثني أبي، وجدي عن أبي محذورة، وفيه التثنية، وكذا الدارقطني: ص 86 عن أبيه عن ابن محيريز وفي ص 87، وفيه التربيع عن جده عن أبيه.

ص: 257

سَمِعْت جَدِّي عَبْدَ الْمَلِكِ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَحْذُورَةَ يَقُولُ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَّمَهُ نَحْوَهُ، وَاسْتَدَلَّ لِلْقَائِلَيْنِ بِالتَّثْنِيَةِ أَيْضًا بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْت أَبَا جَعْفَرٍ يُحَدِّثُ عَنْ مُسْلِمٍ أَبِي الْمُثَنَّى عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً، غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ، انْتَهَى. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَمَّا التَّرْبِيعُ، فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ هَمَّامٍ ثَنَا عَامِرٌ الْأَحْوَلُ بِسَنَدِ مُسْلِمٍ، وَفِيهِ تَرْبِيعُ التَّكْبِيرِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرٍ، وَفِيهَا التَّرْبِيعُ، قَالَ: وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي كِتَابِهِ الْمُخَرَّجِ عَلَى كِتَابِ مُسْلِمٍ مِنْ جِهَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ. وَأَبِي مُوسَى. وَإِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ، كُلُّهُمْ عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ، وَفِيهِ التَّرْبِيعُ، قَالَ: وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَنْدَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ بِسَنَدِهِ، وَفِيهِ التَّرْبِيعُ، قَالَ: وَزَعَمَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ أَنَّ الصَّحِيحَ عَنْ عَامِرٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، إنَّمَا هُوَ التَّرْبِيعُ، هَكَذَا رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ: مِنْهُمْ عَفَّانَ. وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ. وَحَجَّاجٌ، وَبِذَلِكَ يَصِحُّ كَوْنُ الْأَذَانِ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، كَمَا وَرَدَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَالنَّسَائِيُّ. وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام عَلَّمَهُ التَّأْذِينَ، وَفِيهِ التَّرْبِيعُ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ السَّائِبِ أَخْبَرَنِي أَبِي. وَأُمُّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي مَحْذُورَةَ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَفِيهِ التَّرْبِيعُ، قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَهُوَ مَعْلُولٌ بِجَهَالَةِ حَالِ ابْنِ السَّائِبِ1 وَأَبِيهِ. وَأُمُّ عَبْدِ الْمَلِكِ، انْتَهَى.

وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي قِصَّةِ الْمَنَامِ، وَفِيهِ التَّرْبِيعُ، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَفِيهِ التربيع، وعله ابْنُ الْقَطَّانِ بِجَهَالَةِ حَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَضَعْفِ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، إذْ عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَذَانَ بِمَكَّةَ عَامَ حُنَيْنٍ، فَرُوِيَ عَنْهُ فِيهِ تَرْبِيعُ التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِهِ، وَرُوِيَ عَنْهُ فِيهِ بِتَثْنِيَةٍ، وَالتَّرْبِيعُ فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ، وَهِيَ زِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا، وَالْعَمَلُ عِنْدَهُمْ بِمَكَّةَ فِي آلِ أَبِي مَحْذُورَةَ بِذَلِكَ إلَى زَمَانِنَا، وَهُوَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي قِصَّةِ الْمَنَامِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ. وَأَحْمَدُ، انْتَهَى.

1 لكن عد الحافظ في التقريب هؤلاء الثلاثة من المقبولين.

ص: 258

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: حَدِيثُ أَذَانِ الْمَلَكِ النَّازِلِ مِنْ السَّمَاءِ، قُلْت: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ1 مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَّاسِ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ، طَافَ بِي - وَأَنَا نَائِمٌ - رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ، فَقُلْت: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْت: نَدْعُو بِهِ إلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّك عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْت: بَلَى، قَالَ: فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَالَ: ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ قَالَ: تَقُولُ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْت أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْت، فَقَالَ:"إنَّهَا لِرُؤْيَا حَقٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ، فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْت، فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْك"، فَقُمْت مَعَ بِلَالٍ، فَجَعَلْت ألقيه لإليه، وَيُؤَذِّنُ بِهِ، قَالَ: فَسَمِعَ عُمَرُ ذَلِكَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَجَعَلَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، وَيَقُولُ: وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ، لَقَدْ رَأَيْت مِثْلَ مَا رَأَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"فَلِلَّهِ الْحَمْدُ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ وَلَا الْإِقَامَةِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ لَفْظَ الْإِقَامَةِ، وَزَادَ فِيهِ شِعْرًا، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الرَّابِعِ وَالتِّسْعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، فَذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ: لَيْسَ فِي أَخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي فَضْلِ الْأَذَانِ أَصَحَّ مِنْ هَذَا، لِأَنَّ محمداً بن يحيى سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ يَقُولُ: لَيْسَ فِي أَخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ، إلَى آخِرِ لَفْظِ الْبَيْهَقِيّ، وَزَادَ: خَبَرُ ابْنِ إسْحَاقَ هَذَا ثَابِتٌ صَحِيحٌ، لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، وَلَيْسَ هُوَ مِمَّا دَلَّسَهُ ابْنُ إسْحَاقَ، انْتَهَى. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي عِلَلِهِ الْكَبِيرِ: سَأَلْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ2 وَزَادَ فِي آخِرِهِ: ثُمَّ أَمَرَ بِالتَّأْذِينِ، وَكَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ بِذَلِكَ، وَيَدْعُو رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: فَجَاءَهُ ذَاتَ غَدَاةٍ فَدَعَاهُ إلَى الْفَجْرِ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَائِمٌ، قَالَ: فَصَرَخَ بِلَالٌ بِأَعْلَى

1 في باب كيف الأذان ص78، وابن جارود في باب ما جاء في الأذان ص 82.

2 ص 43- ج3.

ص: 259

صَوْتِهِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، قَالَ سَعِيدٌ: فَأُدْخِلَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي التَّأْذِينِ إلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ، انْتَهَى. رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ، فَذَكَرَهُ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد1 مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ بِنَحْوِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الرَّابِعِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ2 - فِي فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ -: وَإِنَّمَا اشْتَهَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ بِحَدِيثِ الْأَذَانِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ لِاخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ فِي أَسَانِيدِهِ، وَقَدْ تَدَاوَلَهُ فُقَهَاءُ الْإِسْلَامِ بِالْقَبُولِ، وَأَمْثَلُ الرِّوَايَاتِ فِيهِ رِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا أَنَّ سَعِيدًا لَمْ يُلْحِقْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فِي أَوَاخِرِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ. حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مَشْهُورٌ، رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ. وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ. وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ. وَمُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ. وَغَيْرُهُمْ، وَأَمَّا أَخْبَارُ الْكُوفِيِّينَ فِي هَذَا الْبَابِ فَمَدَارُهَا عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَأَمَّا رِوَايَةُ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ آبَائِهِمْ عَنْهُ، فَغَيْرُ مُسْتَقِيمَةِ الْأَسَانِيدِ، وَقَدْ أَسْنَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ هَذَا حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الَّذِي أُرِيَ الْأَذَانَ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا حَائِطِي صَدَقَةٌ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَجَاءَ أَبَوَاهُ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ قِوَامَ عَيْشِنَا، فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَيْهِمَا، ثُمَّ مَاتَا فَوَرِثَهُمَا ابْنُهُمَا بَعْدُ، انْتَهَى كَلَامُهُ. قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَهَذَا فِيهِ إرْسَالٌ انْتَهَى. وَنُقِلَ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُعْرَفُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ إلَّا حَدِيثُ الْأَذَانِ، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ فِي أَنَّ الْأَذَانَ كَانَ وَحْيًا لَا مَنَامًا، رَوَى الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مَخْلَدٍ الْوَاسِطِيُّ ثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعَلِّمَ رسوله الأذان أتاه جبرئيل عليه السلام بِدَابَّةٍ يُقَالُ لَهَا: الْبُرَاقُ، فَذَهَبَ يَرْكَبُهَا فَاسْتَصْعَبَتْ، فَقَالَ لَهَا:"اُسْكُنِي، فَوَاَللَّهِ مَا رَكِبَك عَبْدٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ مُحَمَّدٍ"، قَالَ: فَرَكِبَهَا حَتَّى انْتَهَى إلَى الْحِجَابِ الَّذِي يَلِي الرَّحْمَنَ تبارك وتعالى، فبينا هُوَ كَذَلِكَ إذْ خَرَجَ مَلَكٌ مِنْ الْحِجَابِ، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا جبرئيل مَنْ هَذَا؟ " قَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ إنِّي لَأَقْرَبُ الْخَلْقِ مَكَانًا، وَأَنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا رَأَيْتَهُ مُنْذُ خُلِقْت قَبْلَ سَاعَتِي هَذِهِ، فَقَالَ الْمَلَكُ: اللَّهُ أَكْبَرُ.

1 ص 82.

2 ص336-ج3.

ص: 260

اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: صَدَقَ عبدي، أَنَا أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ الْمَلَكُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: صَدَقَ عَبْدِي، أَنَا لَا إلَهَ إلَّا أَنَا، ثُمَّ قَالَ الْمَلَكُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقِيلَ لَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: صَدَقَ عَبْدِي، أَنَا أَرْسَلْت مُحَمَّدًا، ثُمَّ قَالَ الْمَلَكُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، ثُمَّ قَالَ الْمَلَكُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقِيلَ لَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: صَدَقَ عَبْدِي، أَنَا أَكْبَرُ أَنَا أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قَالَ: فَقِيلَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: صَدَقَ عَبْدِي، أَنَا لَا إلَهَ إلَّا أَنَا، قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ الْمَلَكُ بِيَدِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَقَدَّمَهُ، فَأَمَّ أَهْلَ السَّمَاءِ: فَمِنْهُمْ1 آدَم. وَنُوحٌ، انْتَهَى. قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى بِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ عَلِيٍّ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَزِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ شِيعِيَّةٌ2 وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. وَغَيْرُهُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي كِتَابِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، انْتَهَى. وَلَمْ يَعْزُهُ فِي الْإِمَامِ إلَّا لِلْأَصْبَهَانِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ أَنَّ بَدْءَ الْأَذَانِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ وَيَتَحَيَّنُونَ بِالصَّلَاةِ، وَلَيْسَ يُنَادِي لَهَا أَحَدٌ، فَتَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ، الْحَدِيثُ.

فَائِدَةٌ أُخْرَى، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: قَدْ اُشْتُهِرَ فِي خَبَرِ الرُّؤْيَا فِي الْأَذَانِ كَلِمَةُ الشَّهَادَتَيْنِ، وَأَمْرُهُ عليه السلام لِبِلَالٍ بِهَا، وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَا أُذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ عُمَرُ: قُلْ فِي إثْرِهَا: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ عليه الصلاة والسلام:"قُلْ كَمَا أَمَرَك عُمَرُ"، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ قَالَ فِيهِ النَّسَائِيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ. أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ - فِي الْفَضَائِلِ عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ الْأَجْلَحِ عَنْ الْبَهِيِّ بن سُفْيَانَ بْنِ اللَّيْلِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ مَا كَانَ قَدِمْت عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، قَالَ: فَتَذَاكَرْنَا عِنْدَهُ الْأَذَانَ، فَقَالَ بَعْضُنَا: إنَّمَا كَانَ بَدْءُ الْأَذَانِ رُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: إنَّ شَأْنَ الْأَذَانِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، أذّن جبرئيل فِي السَّمَاءِ مَثْنَى مَثْنَى، وَعَلَّمَهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَقَامَ مَرَّةً مَرَّةً، فَعَلَّمَهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَذَّنَ بِهِ الْحَسَنُ حَتَّى وَلَّى، انْتَهَى. وَسَكَتَ عَنْهُ، قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: نُوحُ بْنُ دَرَّاجٍ كَذَّابٌ، انْتَهَى

1 زياد بن المنذر مجمع على ضعفه زوائد ص 329، وقال ابن كثير في البداية والنهاية ص 223 - ج 3: هذا الحديث ليس كما زعم السهيلي أنه صحيح، بل منكر تفرد به زياد بن المنذر أبو الجارود الذي تنسب إليه الفرقة الجارودية، هو من المتهمين، ثم لو كان هذا سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء لأوشك أن يأمر به بعد الهجرة في الدعوة إلى الصلاة، والله أعلم، اهـ.

2 في ص 171-ج 3

ص: 261

حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْوَسَطِ حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَاهَانَ حَدَّثَنِي أَبِي ثَنَا طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ إلَى السَّمَاءِ أُوحِيَ إلَيْهِ بِالْأَذَانِ، فَنَزَلَ بِهِ، فعلمه جبرئيل، انْتَهَى. وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَاهَانَ الْوَاسِطِيُّ ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَنِيفَةَ الْوَاسِطِيُّ ثَنَا عَمِّي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَاهَانَ الْوَاسِطِيُّ ثَنَا أَبِي بِهِ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ1، قَوْلُهُ: وَلَنَا أَنَّهُ لَا تَرْجِيعَ فِيهِ فِي الْمَشَاهِيرِ قُلْت: فيه أحاديث: منها عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِأَلْفَاظِهِ وَطُرُقِهِ، ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ هُوَ أَصْلُ التَّأْذِينِ. وَلَيْسَ فِيهِ تَرْجِيعٌ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّرْجِيعَ غَيْرُ مَسْنُونٍ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد2. وَالنَّسَائِيُّ3 مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، قَالَ: سَمِعْت أَبَا جَعْفَرٍ مُؤَذِّنَ مَسْجِدِ الْعُرْبَانِ فِي مَسْجِدِ بَنِي هِلَالٍ - يُحَدِّثُ عَنْ مُسْلِمٍ أَبِي الْمُثَنَّى مُؤَذِّنِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً، غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، فَكُنَّا إذَا سَمِعْنَا الْإِقَامَةَ تَوَضَّأْنَا، ثُمَّ خَرَجْنَا إلَى الصَّلَاةِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ4 وَالْبَيْهَقِيِّ فِي سُنَنِهِمَا أَخْرَجَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الصَّيَّادِ ثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَهَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ، سَعِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَغَيْرُهُ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَرْجِيعٌ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْإِمَامِ: قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَالَ أبي سَعِيدِ: بْنُ الْمُغِيرَةِ ثِقَةٌ، وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْنَدِهِ بِلَفْظِ: مَثْنَى مَثْنَى، وَالْإِقَامَةُ فُرَادَى، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْوَسَطِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيِّ ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، قَالَ: سَمِعْت جَدِّي عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي مَحْذُورَةَ يَقُولُ: إنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ أَبَا مَحْذُورَةَ يَقُولُ: أَلْقَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَذَانَ حَرْفًا حَرْفًا: اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، إلَى آخِرِهِ، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ تَرْجِيعًا، وَهَذَا مُعَارِضٌ لِلرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي عِنْدَ مُسْلِمٍ. وَغَيْرِهِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، فَذَكَرَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَفِيهِ تَرْجِيعٌ.

1 طلحة بن زيد،، قال الهيثمي في الزوائد ص 329 - ج 1: نسب إلى الوضع.

2 ص 83.

3 ص 103.

4 ص 88.

ص: 262

الْحَدِيثُ الثاني: حدثنا أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُ عليه السلام أمر بِالتَّرْجِيعِ، قُلْت: رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ1 إلَّا الْبُخَارِيَّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ الْأَذَانَ: اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. أَشْهَد أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، انْتَهَى. وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِمْ2: عَلَّمَهُ الأذان تسعة عشر كَلِمَةً، فَذَكَرَهَا، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد3: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي سُنَّةَ الْأَذَانِ، قَالَ: تَقُولُ: "اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ تَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، تَخْفِضُ بِهِمَا صَوْتَك، ثُمَّ تَرْفَعُ صَوْتَك بِهِمَا" 4 الْحَدِيثُ، وَهُوَ لَفْظُ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَاخْتَصَرَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلَفْظُهُ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْعَدَهُ وَأَلْقَى عَلَيْهِ الْأَذَانَ حَرْفًا حَرْفًا، قَالَ بِشْرٌ: فَقُلْت لَهُ: أَعِدْ عَلَيَّ، فَوَصَفَ الْأَذَانَ بِالتَّرْجِيعِ، انْتَهَى. وَطَوَّلَهُ النَّسَائِيّ. وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَوَّلُهُ: خَرَجْت فِي نَفَرٍ، فَلَمَّا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي: ارْجِعْ فَامْدُدْ مِنْ صَوْتِك، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، الْحَدِيثُ، قَوْلُهُ: وَكَانَ مَا رَوَاهُ تَعْلِيمًا، فَظَنَّهُ تَرْجِيعًا، هَذَا فِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ5: يُحْتَمَلُ أَنَّ التَّرْجِيعَ إنَّمَا كَانَ لِأَنَّ أبا محذورة لم يَمُدُّ بِذَلِكَ صَوْتَهُ، كَمَا أراده النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه السلام:"ارْجِعْ فَامْدُدْ مِنْ صَوْتِك"، وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا قَالَهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: إنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ كَانَ كَافِرًا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، فَلَمَّا أَسْلَمَ وَلَقَّنَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأَذَانَ أَعَادَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةَ، وَكَرَّرَهَا لِتَثْبُتَ عِنْدَهُ وَيَحْفَظَهَا، وَيُكَرِّرَهَا عَلَى أَصْحَابِهِ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَنْفِرُونَ مِنْهَا، خِلَافَ نُفُورِهِمْ مِنْ غَيْرِهَا، فَلَمَّا كَرَّرَهَا عَلَيْهِ ظَنَّهَا مِنْ الْأَذَانِ فَعَدَّهُ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَأَيْضًا فَأَذَانُ أَبِي مَحْذُورَةَ، عَلَيْهِ أَهْلُ مَكَّةَ، وَمَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالْعَمَلُ عَلَى الْمُتَأَخِّرِ مِنْ الْأُمُورِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ مُتَقَارِبَةٌ فِي الْمَعْنَى، وَيَرُدُّهَا لَفْظُ أَبِي دَاوُد، قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي سُنَّةَ الْأَذَانِ، وَفِيهِ: ثُمَّ تَقُولُ: " أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، تَخْفِضُ بِهَا صَوْتَك، ثُمَّ تَرْفَعُ صَوْتَك بِهَا" فَجَعَلَهُ مِنْ سُنَّةِ الْأَذَانِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي صَحِيحِ - ابْنِ حِبَّانَ،

1 مسلم في: ص 165.

2 هي عند أبو داود: ص 80، والنسائي في باب كم الأذان من كلمة ص 103، والترمذي في باب الترجيع في الأذان ص 27، وابن ماجه في باب الترجيع في الأذان ص 52.

3 في باب كيف الأذان ص 79.

4 في أبو داود. والنسائي: شهادة التوحيد مرتين وكذا شهادة الرسالة.

5 ص 79.

ص: 263

وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ1 لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَلَيْسَ فِيهِ تَرْجِيعٌ، وَسَيَأْتِي.

حَدِيثٌ آخَرُ لِلْخَصْمِ، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ2 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدِ الْقَرَظِ عَنْ سَعْدِ الْقَرَظِ أَنَّهُ وَصَفَ أَذَانَ بِلَالٍ، وَفِيهِ التَّرْجِيعُ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: هَذَا لَا يَصِحُّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ بِلَالًا كَانَ لَا يرجع3 وعبد الله بن مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ سَعْدِ الْقَرَظِ، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ فِيهِ: لَيْسَ بِشَيْءٍ4 انْتَهَى كَلَامُهُ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: رُوِيَ أَنَّ بِلَالًا رضي الله عنه، قَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، حِينَ وَجَدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَاقِدًا، فَقَالَ عليه السلام:"مَا أَحْسَنَ هَذَا يَا بِلَالُ، اجْعَلْهُ فِي أَذَانِك". قُلْت: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ الْمَكِّيُّ ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يونس بن زيد عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُؤْذِنُهُ بِالصُّبْحِ فَوَجَدَهُ رَاقِدًا، فَقَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم "مَا أَحْسَنَ هَذَا يَا بِلَالُ، اجْعَلْهُ فِي أَذَانِك"، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ فِي بَابِ الْبَاءِ - فِي تَرْجَمَةِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ بِلَالٍ وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حَيَّانَ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ - لَهُ حَدَّثَنَا عَبْدَانُ ثَنَا محمد بن موسى الجرشي ثَنَا خَلَفُ الْحَزَّانُ يَعْنِي البكتا قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: جَاءَ بِلَالٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَوَجَدَهُ قَدْ أَغَفَا، فَقَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، فَقَالَ:"اجْعَلْهُ فِي أَذَانِك إذَا أَذَّنْت لِلصُّبْحِ"، فَجَعَلَ بِلَالٌ يَقُولُهَا إذَا أَذَّنَ لِلصُّبْحِ، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ الْبَابِ، رَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ5 حَدَّثَنَا عمرو بْنُ رَافِعٍ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُؤْذِنُهُ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، فَقِيلَ: هُوَ نَائِمٌ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ. الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، فَأُقِرَّتْ فِي تَأْذِينِ الْفَجْرِ، فَثَبَتَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ والدارقطني6 ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ7 فِي سُنَنِهِمَا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: مِنْ السُّنَّةِ إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

1 ص 408 - ج 3.

2 ص 87.

3 وأخرج الحاكم في المستدرك ص 607 - ج 3 حديث سعد هذا، وذكر أذان بلال، وليس فيه الترجيع.

4 وسيأتي في باب صلاة العيدين عند ذكر أحاديث الخصوم المرفوعة ص 323 - ج 1.

5 ص 51.

6 ص 90.

7 ص 423.

ص: 264

حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُ أَذَّنَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ. وَعُمَرَ، فَكَانَ يَقُولُ فِي أَذَانِهِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.

حَدِيثٌ آخَرُ، أخرجه الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْوَسَطِ عَنْ عَمْرِو بْنِ صَالِحٍ الثَّقَفِيِّ ثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَ بِلَالٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُؤْذِنُهُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا، فَقَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، فَأُقِرَّتْ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ1 عَنْ الْحَاكِمِ بِسَنَدِهِ إلَى الزُّهْرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ الْمُؤَذِّنِ أَنَّ سَعْدًا كَانَ يُؤَذِّنُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ حَفْصٌ: فَحَدَّثَنِي أَهْلِي أَنَّ بِلَالًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، فَقَالُوا: إنَّهُ نَائِمٌ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، فَأُقِرَّتْ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، انْتَهَى. وَقَالَ: هَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ، وَالطَّرِيقُ لَهُ صَحِيحٌ، قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَأَهْلُ حَفْصٍ غَيْرُ مُسَمِّينَ، فَهُمْ مَجْهُولُونَ.

حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ ثَنَا أَبِي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَشَارَ النَّاسَ لِمَا يُهِمُّهُمْ إلَى الصَّلَاةِ، فَذُكِرَ الْبُوقُ، فَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ الْيَهُودِ، ثُمَّ ذَكَرُوا النَّاقُوسَ، فَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ النَّصَارَى، فَأُرِيَ النِّدَاءَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ. وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَطَرَقَ الْأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ عليه السلام بِلَالًا فَأَذَّنَ بِهِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَزَادَ بِلَالٌ فِي نِدَاءِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّه قَدْ رَأَيْت مِثْلَ الَّذِي رَأَى، وَلَكِنَّهُ سَبَقَنِي، انْتَهَى. قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ هَذَا تكلم فيه. انتهى.

حَدِيثٌ آخَرُ، فِي حَدِيثِ أبي محذورة عند أَبِي دَاوُد، قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي سُنَّةَ الْأَذَانِ، وَفِي آخِرِهِ: فَإِنْ كَانَ صَلَاةُ الصُّبْحِ، قُلْت: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ. الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الرَّابِعِ وَالسَّبْعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ.

حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ2 حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِ أَبِي دَاوُد، وَزَادَ

1 وفي السنن الكبرى ص 423- ج1، الحديث فقط.

2 ص 43- ج4.

ص: 265

فِي آخِرِهِ: ثُمَّ أُمِرَ بِالتَّأْذِينِ، فَكَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ بِذَلِكَ، ويدعو رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الصَّلَاةِ، قال: فجاء ذَاتَ غَدَاةٍ فَدَعَاهُ إلَى الْفَجْرِ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَائِمٌ، فَصَرَخَ بِلَالٌ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، قَالَ سَعِيدٌ: فَأُدْخِلَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي التَّأْذِينِ إلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ، انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَذَانِ الْمَلَكِ النَّازِلِ مِنْ السَّمَاءِ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ: أَمْثَلُ الرِّوَايَاتِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ، فَإِنَّ ابْنَ إسْحَاقَ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ مِنْ الزُّهْرِيِّ، فَبَقِيَ فِيهِ شُبْهَةُ التَّدْلِيسِ، قَالَهُ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّ الْمَلَكَ النَّازِلَ مِنْ السَّمَاءِ أَقَامَ بِصِفَةِ الْأَذَانِ يَعْنِي مَثْنَى مَثْنَى وَزَادَ: بَعْدَ الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ، قُلْت: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ1 مِنْ حَدِيثِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: أُحِيلَتْ الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، وَأُحِيلَ الصِّيَامُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، إلَى أَنْ قَالَ: فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، وَقَالَ فِيهِ: فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَعْنِي الْمَلَكَ، وَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ثُمَّ أُمْهِلَ هُنَيَّة، ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ مِثْلُهَا، إلَّا أَنَّهُ زاد بعد ما قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَقِّنْهَا بِلَالًا" فَأَذَّنَ بِهَا بِلَالٌ، مُخْتَصَرٌ. وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْت ابْنَ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَقَدْ أَعْجَبَنِي أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْمُؤْمِنِينَ وَاحِدَةً، حَتَّى لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَبُثَّ رِجَالًا فِي الدُّورِ يُنَادُونَ النَّاسَ بِحِينِ الصَّلَاةِ، وَحَتَّى هَمَمْت أَنْ آمُرَ رِجَالًا يَقُومُونَ عَلَى الْآطَامِ يُنَادُونَ بِحِينِ الصَّلَاةِ، حَتَّى نَقَسُوا2 أَوْ كَادُوا أَنْ يَنْقُسُوا"، فَقَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: يا رسو ل اللَّهِ إنِّي لَمَّا رَجَعْت - لَمَّا رَأَيْت مِنْ اهْتِمَامِك - رَأَيْت رَجُلًا كَأَنَّ عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ أَخْضَرَيْنِ، فَقَامَ عَلَى الْمَسْجِدِ، فَأَذَّنَ، ثُمَّ قَعَدَ قَعْدَةً، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ مِثْلَهَا، إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى، أَنْ يَقُولُوا، لَقُلْت: إنِّي كُنْت يَقْظَانَ غَيْرَ نَائِمٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَقَدْ أَرَاك اللَّهُ خَيْرًا، فَمُرْ بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ"، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا إنِّي قَدْ رَأَيْت مِثْلَ الَّذِي رَأَى، وَلَكِنْ لَمَّا سُبِقْت استحيت، قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ إذَا جَاءَ يَسْأَلُ فَيُخْبِرُ بِمَا سَبَقَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَأَنَّهُمْ قَامُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَقَاعِدٍ وَمُصَلٍّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَجَاءَ مُعَاذٌ، فَأَشَارُوا إلَيْهِ،

1 في باب كيف الأذان ص 82، وأحمد في مسنده ص 246، والبيهقي في سننه ص 296 - ج 2 مختصراً، وقال: عبد الرحمن لم يدرك معاذاً، وسيأتي الحديث ص 349.

2 أي ضربوا بالناقوس.

ص: 266

قَالَ: فَقَالَ مُعَاذٌ: لَا أَرَاهُ عَلَى حَالٍ إلَّا كُنْت عَلَيْهَا، قَالَ: فَقَالَ: إنَّ مُعَاذًا قَدْ سَنَّ لَكُمْ سُنَّةً كَذَلِكَ فَافْعَلُوا، مُخْتَصَرٌ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ نَحْوُهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ: حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَرُوِيَ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زيد1 وروى عنه عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ، قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذٍ، وَلَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ بِلَالٍ، فَإِنَّ مُعَاذًا تُوُفِّيَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ سَنَةَ ثَمَانَ عَشْرَةَ، وَبِلَالٌ تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ سَنَة عِشْرِينَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى وُلِدَ لِسِتٍّ بَقَيْنَ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ. وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ، فَثَبَتَ انْقِطَاعُ حَدِيثِهِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا2 إنْ أَرَادَ الصَّحَابَةَ، فَهُوَ قَدْ سَمِعَ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ، فَيَكُونُ الْحَدِيثُ مُسْنَدًا، وَإِلَّا فَهُوَ مُرْسَلٌ، انْتَهَى. قُلْت: أَرَادَ بِهِ الصَّحَابَةَ، صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ3 فَقَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْت فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَجُلًا قَامَ، وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ، فَقَامَ عَلَى حَائِطٍ، فَأَذَّنَ مَثْنَى مَثْنَى، وَأَقَامَ مَثْنَى مَثْنَى، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ وَكِيعٍ بِهِ، قَالَ فِي الْإِمَامِ4: وَهَذَا رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَهُوَ مُتَّصِلٌ عَلَى مَذْهَبِ الْجَمَاعَةِ فِي عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ، وَأَنَّ جَهَالَةَ أَسْمَاءَهُمْ لَا تَضُرُّ.

أَحَادِيثُ الْبَابِ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ5 مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: كَانَ أَذَانُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَفْعًا شَفْعًا فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ: وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِمَا6 عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ أَنَّ مَكْحُولًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَيْرِيزٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ حَدَّثَهُ، قَالَ: عَلَّمَنِي رسول الله

1 عند الطحاوي: ص 79، والدارقطني: ص 89، والبيهقي: ص 421 - ج 1، والترمذي في باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى ص 27.

2 قوله: أصحابنا، قلت: بهذا اللفظ في رواية الطحاوي: ص 80، وأبي داود ص 81، والله أعلم.

3 ابن أبي شيبة في مسنده ص 136، والطحاوي في: ص 79، وص 80، والبيهقي: ص 420 - ج 1، وفي مصنف ابن أبي شيبة ص 145، وكيع ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى، قال: نا أصحاب محمد أن بلالاً أذن مثنى، وأقام مثنى، وقعد قعدة أي بين الأذان والإقامة

4 وقال ابن حزم في المحلى ص 158 - ج 3: وهذا إسناد في غاية الصحة من إسناد الكوفيين، اهـ.

5 في باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى ص 27.

6 في باب كيف الأذان ص 80، وابن ماجه في باب الترجيع في الأذان ص 52، وابن جارود في الأذان ص 85.

ص: 267

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ تسعة عشر كَلِمَةً، وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، فَذَكَرَ الْأَذَانَ مُفَسَّرًا بِتَرْبِيعِ التَّكْبِيرِ أَوَّلَهُ، وَفِيهِ التَّرْجِيعُ، وَالْإِقَامَةُ مِثْلُهُ، وَزَادَ فِيهَا: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ1 وَالنَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا، لَمْ يَذْكُرَا فِيهِ لَفْظَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، إلَّا أَنَّ النَّسَائِيّ قَالَ: ثُمَّ عَدَّهَا أَبُو مَحْذُورَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَسَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَلَفْظُهُ: فَعَلَّمَهُ الْأَذَانَ، وَالْإِقَامَةَ مَثْنَى مَثْنَى، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَهَذَا السَّنَدُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، وَاعْتَرَضَ الْبَيْهَقِيُّ2، وَقَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ، دُونَ ذِكْرِ الْإِقَامَةِ، كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَهَذَا الْخَبَرُ عِنْدِي غَيْرُ مَحْفُوظٍ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ مُسْلِمًا لَمْ يُخَرِّجْهُ، وَلَوْ كَانَ مَحْفُوظًا لَمَا تَرَكَهُ مُسْلِمٌ. الثَّانِي: أَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُهُ. الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَمْ يَدُمْ عَلَيْهِ أَبُو مَحْذُورَةَ، وَلَا أَوْلَادُهُ، وَلَوْ كَانَ هَذَا حُكْمًا ثَابِتًا لَمَا فَعَلُوا بِخِلَافِهِ، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، قَالَ: أَدْرَكْت أَبِي وَجَدِّي يُؤَذِّنُونَ هَذَا الْأَذَانَ وَيُقِيمُونَ هَذِهِ الْإِقَامَةَ، فَذَكَرَ الْأَذَانَ مُفَسَّرًا بِتَرْبِيعِ التَّكْبِيرِ أَوَّلَهُ، وَتَثْنِيَةَ الشَّهَادَتَيْنِ، ثُمَّ يُرَجِّعُ بِهَا مَثْنَى مَثْنَى، وَتَثْنِيَةُ الْحَيْعَلَتَيْنِ. وَالتَّكْبِيرِ، وَيَخْتِمُ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَالْإِقَامَةُ فُرَادَى، وَتَثْنِيَةُ التَّكْبِيرِ، أَوَّلُهَا وَآخِرُهَا، وَأَجَابَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ بِأَنَّ عَدَمَ تَخْرِيجِ مُسْلِمٍ لَهُ لَيْسَ بِمُقْتَضٍ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ إخْرَاجَ كُلِّ الصَّحِيحِ، وَمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَاتِ وَلَدِ أَبِي مَحْذُورَةَ، فَلَمْ يَقَعْ لَهَا فِي الصَّحِيحِ ذِكْرٌ، ثُمَّ إنَّ لِحَدِيثِ هَمَّامٍ تَرْجِيحَاتٍ: أحددها: أَنَّ رِجَالَهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَأَنَّ أَوْلَادَ أَبِي مَحْذُورَةَ لَمْ يُخَرَّجْ لَهُمْ فِي الصَّحِيحِ. الثَّانِي: أَنَّ فِيهِ ذكر الكلمات تسع عشر. وسبع عشر، وَهَذَا يَنْفِي الْغَلَطَ فِي الْعَدَدِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الرِّوَايَاتِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَقَعُ فِيهَا اخْتِلَافٌ وَإِسْقَاطٌ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ قَدْ وَجَدَ مُتَابَعَةً لهمام فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عَامِرٍ، كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُحَيْرِيزٍ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، قَالَ: عَلَّمَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأَذَانَ تسع عشر كَلِمَةً، وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَ كلمة، ثم إنه معارض بِتَصْحِيحِ التِّرْمِذِيِّ لَهُ، وَقَوْلُهُ: إنَّ هَذَا لَمْ يَدُمْ عَلَيْهِ أَبُو مَحْذُورَةَ، فَهَذَا دَاخِلٌ فِي بَابِ التَّرْجِيحِ، لَا فِي بَابِ التَّضْعِيفِ، لِأَنَّ عُمْدَةَ التَّصْحِيحِ عَدَالَةُ الرَّاوِي، وَتَرْكُ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ لِوُجُودِ مَا هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ، لَا يَلْزَمُ مِنْهُ ضَعْفُهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَنْسُوخَةَ يُحْكَمُ بِصِحَّتِهَا إذَا

1 في باب الترجيع في الأذان ص 27، والنسائي في باب كم الأذان من كلمة ص 103، والطحاوي: ص 78.

2 إن كان هذا الاعتراض في السنن، فقد التقطه المخرج من ص 417 - ج 1، وما بعدها من مواضع، والله أعلم.

ص: 268

كَانَتْ رُوَاتُهَا عُدُولًا، وَلَا يُعْمَلُ بِهَا لِوُجُودِ النَّاسِخِ، وَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى التَّرْجِيحِ فَقَدْ تَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ، فَالْبَيْهَقِيُّ صَدَّرَ كَلَامَهُ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحَدِيثَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَفِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ، كَلَامُهُ. وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ عِنْدَ أَبِي دَاوُد1، أَخْرَجَهُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ السَّائِبِ أَخْبَرَنِي أَبِي، وَأُمُّ عَبْدِ الْمَلِكِ بن أَبِي مَحْذُورَةَ، وَفِيهِ: وَعَلَّمَنِي الْإِقَامَةَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَهَا مُفَسَّرَةً، وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرُ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ2 أَخْرَجَهُ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، قَالَ: سَمِعْت أَبَا مَحْذُورَةَ يُؤَذِّنُ مَثْنَى مَثْنَى، وَيُقِيمُ مَثْنَى مَثْنَى. قَالَ فِي الْإِمَامِ: قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ ثِقَةٌ، قَالَ: وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَاكِمِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا مَحْذُورَةَ3.

حَدِيثٌ آخَرُ، أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُثَنِّي الْأَذَانَ، وَيُثَنِّي الْإِقَامَةَ، وَكَانَ يَبْدَأُ بِالتَّكْبِيرِ وَيَخْتِمُ بِالتَّكْبِيرِ، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ4 وَالطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: وَالْأَسْوَدُ لَمْ يُدْرِكْ بِلَالًا، قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ، وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيّ لِلْأَسْوَدِ عَنْ بِلَالٍ حَدِيثًا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي كِتَابِ مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ كَانَ يَجْعَلُ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ سَوَاءً مَثْنَى مَثْنَى، وَكَانَ يَجْعَلُ إصْبَعَهُ فِي أُذُنِهِ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيِّ ثَنَا إدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَثْنَى مَثْنَى، وَيُقِيمُ مَثْنَى مَثْنَى، انْتَهَى. وَزِيَادُ الْبَكَّائِيُّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَا أَرْوِي عَنْهُ، وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ بِزِيَادٍ، وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ، وَقَالَ وَكِيعٌ: هُوَ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ، انْتَهَى. وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، وَرَوَاهُ لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ.

الْآثَارُ، رَوَى الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ

1 في باب كيف الاذان ص 79، والطحاوي: ص 80.

2 في باب الإقامة كيف هي ص 81.

3 ذكر الحافظ رواية الطحاوي من طريق عبد العزيز بن رفيع، قال: سمعت أبا محذورة، الخ، وقال: هذا يرد قول الحاكم: إن عبد العزيز لم يدرك أبا محذورة، اهـ.

4 ص 90، والطبراني: ص 80، وسيأتي الحديث في: ص 153، مع ما له وما عليه.

ص: 269

مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ1 عَنْ عُبَيْدٍ مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ كَانَ يُثَنِّي الْإِقَامَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ ثَوْبَانُ يُؤَذِّنُ مَثْنَى، وَيُقِيمُ مَثْنَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ فِي الْإِقَامَةِ: مَرَّةً مَرَّةً إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَحْدَثَهُ الْأُمَرَاءُ، وَإِنَّ الْأَصْلَ هُوَ التَّثْنِيَةُ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ مَرْفُوعٌ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الرَّازِيُّ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ أُرِيَ الْأَذَانَ مَثْنَى مَثْنَى، وَالْإِقَامَةَ مَثْنَى مَثْنَى، قَالَ: فَأَتَيْت النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:"عَلِّمْهُنَّ بِلَالًا"، فَعَلَّمْتُهُنَّ بِلَالًا، قَالَ: فَتَقَدَّمْت، فَأَمَرَنِي أَنْ أُقِيمَ، فَأَقَمْت، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا فِي مَتْنِهِ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ أَبَا أُسَامَةَ أَتَى فِيهِ بِشَيْءٍ لَمْ يَرَوْهُ أَحَدٌ، وَهُوَ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ أَقَامَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ تَثْنِيَةَ الْإِقَامَةِ، وَعَبْدُ السَّلَامِ أَعْلَمُ الْكُوفِيِّينَ بِحَدِيثِ أَبِي الْعُمَيْسِ، وَأَكْثَرُهُمْ عَنْهُ رِوَايَةً، قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَحَدِيثُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَالطَّحَاوِيُّ، وَعَمَّا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَاكِمِ جَوَابَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الرَّاوِيَ إذَا كَانَ ثِقَةً يُقْبَلُ مَا يَتَفَرَّدُ بِهِ، وَأَبُو أُسَامَةَ لَا يُسْأَلُ عَنْهُ، فَإِنَّهُ ثِقَةٌ عِنْدَهُمْ: وَمُخَرَّجٌ لَهُ فِي الصَّحِيحِ، وَالرَّاوِي عَنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الرَّازِيُّ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِيهِ: صَدُوقٌ، وَالرَّاوِي عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، وَعَنْهُ الْحَاكِمُ، وَهَؤُلَاءِ أَعْلَامٌ مَشَاهِيرُ. الثَّانِي: أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ لَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ، فَإِنَّ عَبْدَ السَّلَامِ بْنَ حَرْبٍ الَّذِي قَالَ الْحَاكِمُ: إنَّهُ رَوَاهُ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْإِقَامَةَ، قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَفِيهِ إقَامَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ بَعْدَ أَذَانِ بِلَالٍ، هَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَرَوَاهُ أَبُو حَفْصِ بْنُ شَاهِينَ2 مِنْ جِهَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيِّ3 عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ عَبْدِ الله بن محمد عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ حِينَ أُرِيَ الْأَذَانَ أَمَرَ بِلَالًا، فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ فَأَقَامَ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ4 حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَذَانِ أَشْيَاءَ يَصْنَعُ مِنْهَا شَيْئًا، قَالَ: فَأُرِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ:"أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ" فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ، فَقَالَ

1 في نسخة حارثة.

2 والحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ - له ص 24 من جهة يعلى بن منصور عن عبد السلام به، وكذا الدارقطني: ص 90، والطحاوي: ص 85.

3 الطحاوي: ص 85، والبيهقي: ص 399 من جهة محمد بن سعيد.

4 في باب الرجل يؤذن، ويقيم آخر ص 83.

ص: 270

عَبْدُ اللَّهِ: أَنَا رَأَيْتُهُ، وَأَنَا كُنْت أُرِيدُهُ، قَالَ: فَأَقِمْ أَنْتَ، انْتَهَى. قَالَ الْحَازِمِيُّ1: هَذَا إسْنَادٌ حَسَنٌ، وَاسْتِشْهَادُهُ بِحَدِيثِ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ اسْتِدْلَالٌ بِالْمُعَارَضَةِ، وَلَيْسَتْ الْمُعَارَضَةُ بِمُوجِبَةٍ لِبُطْلَانِ الْمُعَارَضِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: مِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ، قَالَ: أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ2: وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْفُقَهَاءِ، وَالْأُصُولِيِّينَ أَنَّ قَوْلَ الرَّاوِي: أُمِرَ، أَوْ أُمِرْنَا مُلْحَقٌ بِالْمُسْنَدِ3. لَكِنَّهُ وَرَدَ بِصِيغَةِ الرَّفْعِ، كَمَا رَوَى قُتَيْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ، إلَّا أَنَّ ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ4، ذَكَرَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، انْتَهَى. لَمْ يَذْكُرْ مَنْ خَرَّجَهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَالنَّسَائِيُّ5. وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً، غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَحَادِيثِ التَّرْجِيعِ.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَيُوتِرَ الإقامة، انتهى. أخرجه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّ أَبَاهُ بِهِ.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ أَذَانَ بِلَالٍ كَانَ مَثْنَى مَثْنَى، وَإِقَامَتَهُ مُفْرَدَةٌ، انْتَهَى. قَالَ فِي الْإِمَامِ: ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بن أبي حيثمة عَنْ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا: ضَعِيفٌ.

حَدِيثٌ آخَرُ، أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ مَعْمَرٍ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ حَدَّثَنِي أبي محمد عن أبي عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: رَأَيْت بِلَالًا يُؤَذِّنُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَثْنَى مَثْنَى، وَيُقِيمُ وَاحِدَةً، انْتَهَى. قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَمَعْمَرٌ هَذَا مُتَكَلَّمٌ فِيهِ، انْتَهَى.

1 في الناسخ والمنسوخ ص 45، ولم أجد قوله واستشهاده الخ.

2 في باب الأذان مثنى مثنى، ص 85، ومسلم في بدء الأذان ص 164.

3 قال ابن حزم في المحلى ص 152 ج 3: قال علي: قد ذكرنا ما لا يختلف فيه اثنان من أهل النقل أن بلالاً رضي الله عنه لم يؤذن قط لأحد بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة بالشام، ولم يتم أذانه فيها، فصَار هذا الخبر مسنداً صحيح الإسناد، صح أن الآمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أحد غيره.

4 في العلل ص 94.

5 في باب الإقامة ص 83، والنسائي في باب كيف الإقامة ص 108.

ص: 271

حَدِيثٌ آخَرُ، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ يزيد بن أبي عبيد عن سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَثْنَى مَثْنَى، وَالْإِقَامَةُ فُرَادَى، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ، أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَثْنَى مَثْنَى، وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً وَاحِدَةً1، انْتَهَى. قَالَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِهِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ2: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّ الْإِقَامَةَ مِثْلُ الْأَذَانِ مَثْنَى مَثْنَى، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَأَهْلِ الْكُوفَةِ، وَاحْتَجُّوا بِمَا أَخْبَرْنَا، وَأَسْنَدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ ثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي. وَأُمُّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حُنَيْنٍ خَرَجْت عَاشِرَ عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَطْلُبُهُمْ فَسَمِعْنَاهُمْ يُؤَذِّنُونَ بِالصَّلَاةِ، فَقُمْنَا نُؤَذِّنُ نَسْتَهْزِئُ بِهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"قَدْ سَمِعْت فِي هَؤُلَاءِ تَأْذِينَ إنْسَانٍ حَسَنِ الصَّوْتِ" فَأَرْسَلَ إلَيْنَا فَجِئْنَا، فَأَذَّنَّا رَجُلًا رَجُلًا، وَكُنْت آخِرَهُمْ، فَقَالَ حِينَ أذنت: تعال فأجلسني ببين يَدَيْهِ وَمَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِي وَبَرَّكَ عَلَيَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ:"اذْهَبْ فَأَذِّنْ عِنْدَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ"، قُلْت: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَعَلَّمَنِي: اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ. لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قَالَ: وَعَلَّمَنِي الْإِقَامَةَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ. حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ. لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ السَّائِبِ بِهَذَا الْخَبَرِ كُلِّهِ عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ أُمِّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُمَا سَمِعَا ذَلِكَ مِنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، قَالَ: وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، عَلَى شَرْطِ أَبِي دَاوُد. وَالتِّرْمِذِيِّ. وَالنَّسَائِيُّ، وَجَعَلُوا هَذَا الْحَدِيثَ نَاسِخًا لِحَدِيثِ أَنَسٍ أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ، قَالُوا: وَحَدِيثُ بِلَالٍ إنَّمَا كَانَ أَوَّلَ مَا شُرِعَ الْأَذَانُ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمَذْكُورُ، وَحَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ كَانَ عَامَ حُنَيْنٍ، وَبَيْنَهُمَا مُدَّةٌ مَدِيدَةٌ، وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مالك. والشافعي.

1 قلت: يعارضه ما رواه الطبراني في الكبير والأوسط عن أبي جحيفة، قال: أذن بلال للنبي صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى، وأقام مثل ذلك، قال الهيثمي في الزوائد ص 330 - ج 1: رجاله ثقات.

2 في باب تثنية الإقامة ص 46، في كلام طويل، اختصر المخرج، وقدم وأخر

ص: 272

وَأَحْمَدُ، مُحْتَجِّينَ بِحَدِيثِ أَنَسٍ، قَالُوا: وَحَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ نَاسِخًا لِهَذَا، لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ النَّاسِخِ أَنْ يَكُونَ أَصَحَّ سَنَدًا، وَأَقْوَى مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِ التَّرْجِيحِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَحَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ لَا يُوَازِي حَدِيثَ أَنَسٍ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، فَضْلًا عَنْ الْجِهَاتِ كُلِّهَا، مَعَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْحُفَّاظِ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ، ثُمَّ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ1 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَخْبَرَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ أَخْبَرَنِي جَدِّي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَحْذُورَةَ يَقُولُ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ أَدْرَكْت جَدِّي، وَأَبِي، وَأَهْلِي يُقِيمُونَ، فَيَقُولُونَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ. لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. وَحَكَى الشَّافِعِيُّ نَحْوَ ذَلِكَ عَنْ وَلَدِ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَفِي بَقَاءِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَوَلَدِهِ عَلَى إفْرَادِ الْإِقَامَةِ،، دَلَالَةً ظَاهِرَةً عَلَى وَهْمٍ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ مِنْ تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ، وَقَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ: الْحَدِيثُ إنَّمَا وَرَدَ فِي تَثْنِيَةِ كَلِمَةِ التَّكْبِيرِ، وَكَلِمَةِ الْإِقَامَةِ فَقَطْ، فَحَمَلَهَا بَعْضُ الرُّوَاةِ عَلَى جَمِيعِ كَلِمَاتِهَا، وَفِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ أُمِّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ كِلَيْهِمَا عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مَحْفُوظَةٌ، وَأَنَّ الْحَدِيثَ ثَابِتٌ لَقُلْنَا بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ، فَإِنَّ أَذَانَ بِلَالٍ هُوَ آخِرُ الْأَذَانَيْنِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا عَادَ مِنْ حُنَيْنٍ وَرَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ أَقَرَّ بِلَالًا عَلَى أَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ الْخَلَّالِ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَنْبَأَ الْأَثْرَمُ، قَالَ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ: أَلَيْسَ حَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي مَحْذُورَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ؟ فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، إلَى الْمَدِينَةِ فَأَقَرَّ بِلَالًا عَلَى أَذَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ؟ وَبِالْإِسْنَادِ، قَالَ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: نَاظَرْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي آذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ، فَقَالَ: نَعَمْ، قَدْ كَانَ أَبُو مَحْذُورَةَ يُؤَذِّنُ، وَيُثْبِتُ تَثْنِيَةَ أَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَلَكِنَّ أَذَانَ بِلَالٍ هُوَ آخِرُ الْأَذَانِ، انْتَهَى كَلَامُ الْحَازِمِيِّ. وَاعْتَرَضَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ: قَوْلَهُ: مِنْ شَرْطِ النَّاسِخِ أَنْ يَكُونَ أَصَحَّ سَنَدًا وَأَقْوَى مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِ التَّرْجِيحِ، فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ إنَّ مِنْ شَرْطِ النَّاسِخِ مَا ذُكِرَ، بَلْ يَكْفِي فِيهِ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا مُتَأَخِّرًا مُعَارِضًا غَيْرَ مُمْكِنٍ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُعَارِضِهِ، فَلَوْ فَرَضْنَاهُمَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الصِّحَّةِ، وَوُجِدَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الشُّرُوطِ لَثَبَتَ النَّسْخُ، وَأَمَّا أَنَّهُ

1 وهذا الحديث لم يخرجه البخاري في صحيحه.

ص: 273

يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ أَرْجَحَ مِنْ الْمُعَارِضِ فِي الصِّحَّةِ،، فَلَا نُسَلِّمُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ دُونَهُ فِي الصِّحَّةِ، فَفِيهِ نَظَرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ تَثْنِيَةِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ1 عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ، إلَّا الْإِقَامَةَ، انْتَهَى. قَالَ فِي الْإِمَامِ: قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: قَوْلُهُ: إلَّا الْإِقَامَةَ زِيَادَةٌ أَدْرَجَهَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْحَدِيثُ، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ حَمَّادٍ، فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ هَذِهِ اللَّفْظَةَ2، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْنَدِهِ والدارقطني فِي سُنَنِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ بِلَالٌ يُثَنِّي الْأَذَانَ، وَيُوتِرُ الْإِقَامَةَ، إلَّا قَوْلَ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد3 عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مسلم أَبِي الْمُثَنَّى عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً، غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ. قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَأَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ. وَأَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَا أَعْرِفُهُ إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَبُو الْمُثَنَّى مسلم بن المثنى، قيل: مِهْرَانُ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: كُوفِيٌّ ثِقَةٌ، انْتَهَى.

مَا جَاءَ فِي إفْرَادِهَا أَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ بلالاً أن يدخل إصبعه فِي أُذُنَيْهِ، وَقَالَ:"إنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِك"، وَأَنَّ أَذَانَ بِلَالٍ كَانَ مَثْنَى مَثْنَى، وَإِقَامَتَهُ مُفْرَدَةٌ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ مَرَّةً وَاحِدَةً، قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَدِيٍّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ هَذَا بِجَرْحٍ وَلَا تَعْدِيلٍ، فَهُوَ مَجْهُولٌ عِنْدَهُ، وَأَمَّا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فَذَكَرَ تَضْعِيفَهُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا. وَأَبُوهُ. وَجَدُّهُ كُلُّهُمْ لَا يُعْرَفُ لَهُمْ حَالٌ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: رُوِيَ أَنَّ الْمَلَكَ النَّازِلَ مِنْ السَّمَاءِ أَذَّنَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قُلْت: تَقَدَّمَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذٍ، وَقَالَ فِيهِ: فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَقَالَ:

1 في باب الأذان مثنى مثنى ص 85.

2 قلت: روى الحديث أبو داود عن سليمان بن حرب. وعبد الرحمن بن المبارك، قالا: ثنا حماد بإسناد البخاري، قال أبو داود: وزاد حماد في حديثه: إلا الإقامة، ثم روى من طريق إسماعيل بن علية عن خالد عن أبي قلابة عن أنس مثل حديث وهيب بدون: الإقامة قال إسماعيل: فحدثت به أيوب، فقال: إلا الإقامة اهـ. وكذا في المنتقى من طريق إسماعيل: إلا الإقامة.

3 في باب الإقامة ص 83 والدارقطني: ص 88، والطحاوي: ص 80، والنسائي في باب تثنية الإقامة ص 103، وص 108، والحاكم في المستدرك ص 198، وقال: صحيح الإسناد، والدارمي: ص 140، والبيهقي: ص 413 - ج 1.

ص: 274

اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، إلَى آخِرِهِ، وَرَوَى الْإِمَامُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الْأَنْصَارِيُّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي رَأَيْت رَجُلًا نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ، فَقَامَ عَلَى جَذْمِ حَائِطٍ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَرَّتَيْنِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ عَنْ يَمِينِهِ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ عَنْ يَسَارِهِ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ثُمَّ قَعَدَ قَعْدَةً، ثُمَّ قَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، وَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَأَيْت مِثْلَ مَا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ سَبَقَنِي، فَقَالَ:"عَلِّمْهَا بِلَالًا، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْك"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدِ الفرظ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ آبَائِهِ أَنَّ بِلَالًا كَانَ إذَا كَبَّرَ بِالْأَذَانِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أبي خثيمة، قَالَ: سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ هَذَا، فَقَالَ: مَدَنِيٌّ ضَعِيفٌ، انْتَهَى. وَهَذَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ1 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدِ الْقَرَظِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ سَعْدِ الْقَرَظِ، فَذَكَرَهُ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا. وَأَبُوهُ. وَجَدُّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُمْ حَالٌ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إذَا أَذَّنْت، فَتَرَسَّلْ، وَإِذَا أَقَمْت، فَاحْدُرْ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ2 عَنْ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ نُعَيْمٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِبِلَالٍ:"يَا بِلَالُ، إذَا أَذَّنْت، فَتَرَسَّلْ، وَإِذَا أَقَمْت، فَاحْدُرْ، وَاجْعَلْ بَيْنَ آذَانِك وَإِقَامَتِك قَدْرَ مَا يَفْرُغُ الْآكِلُ مِنْ أَكْلِهِ، وَالشَّارِبُ مِنْ شُرْبِهِ، وَالْمُعْتَصِرُ إذَا دَخَلَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ، وَهُوَ إسْنَادٌ مَجْهُولٌ، انْتَهَى. وَعَبْدُ الْمُنْعِمِ هَذَا ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ فَائِدٍ الْأُسْوَارِيِّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ مُسْلِمٍ بِهِ، سواءاً، ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ فِي إسْنَادِهِ مَطْعُونٌ فِيهِ غَيْرُ عَمْرِو بْنِ فَائِدٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَعَمْرُو بْنُ فَائِدٍ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُسْلِمٍ بِهِ، وَقَالَ فِيهِ: فَاحْذِمْ - بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ، وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ -، وَأَسْنَدَ عَنْ يَحْيَى، قَالَ: يَحْيَى بْنُ مُسْلِمٍ بَصْرِيٌّ مَتْرُوكُ الحديث. انتهى.

1 في ذكر سعد القرظ ص 607 –ج3، وفيه عبد الرحمن، وهو الصواب.

2 في باب الترسل في الأذان 27.

ص: 275

وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا أَنْ نُرَتِّلَ الْأَذَانَ وَنَحْذِفَ الْإِقَامَةَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ مَرْحُومِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ - مُؤَذِّنِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ - قَالَ: جَاءَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: إذَا أَذَّنْت فَتَرَسَّلْ، وَإِذَا أَقَمْت فَاحْذِمْ، انْتَهَى. وَعَبْدُ الْعَزِيزِ مَوْلَى آلِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الْقُرَشِيِّ الْبَصْرِيِّ، ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ مَرْحُومٌ، وَلَمْ يُعْرَفْ بِحَالِهِ، وَلَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ، قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْوَسَطِ عَنْ عَمْرِو بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِلَالًا أَنْ يُرَتِّلَ الْأَذَانَ، وَيَحْدُرَ فِي الْإِقَامَةِ، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ السُّنَّةُ يَعْنِي تَحْوِيلَ الْوَجْهِ فِي الْأَذَانِ يَمِينًا وَشِمَالًا مَعَ ثَبَاتِ الْقَدَمَيْنِ، قُلْت: رَوَى الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ: الْبُخَارِيُّ فِي الْأَذَانِ1 وَمُسْلِمٌ فِي الصَّلَاةِ - فِي بَابِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ أَنَّهُ رَأَى بِلَالًا يُؤَذِّنُ، قَالَ: فَجَعَلْت أَتَتَبَّعُ فَاهُ ههنا وههنا بِالْأَذَانِ، يَقُولُ يَمِينًا وَشِمَالًا: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، وَذَكَرَ فِيهِ قِصَّةً، وَرَوَاهُ الْبَاقُونَ فِي الْأَذَانِ وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد: فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ لَوَى عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَمْ يَسْتَدِرْ، ثُمَّ دَخَلَ، فَأَخْرَجَ الْعَنَزَةَ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَلَفْظُ الطَّبَرَانِيِّ فِيهِ: وَجَعَلَ يَقُولُ بِرَأْسِهِ. هَكَذَا. وَهَكَذَا، يَمِينًا وَشِمَالًا، حَتَّى فَرَغَ مِنْ أَذَانِهِ، وَلَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ2 فِيهِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ، قَالَ: أَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِالْأَبْطَحِ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ، فَخَرَجَ بِلَالٌ، فَأَذَّنَ فَاسْتَدَارَ فِي أَذَانِهِ، وَجَعَلَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَ، وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ: لَمْ يَذْكُرَا فِيهِ إدْخَالَ الْإِصْبَعَيْنِ فِي الْأُذُنَيْنِ، وَالِاسْتِدَارَةَ فِي الْأَذَانِ، وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا جَمِيعًا، انْتَهَى مَا وَجَدْته، كَمَا عَزَوَاهُ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ - فِي كِتَابِ الْفَضَائِلِ3 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ4 بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدِ الْقَرَظِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ سَعْدِ الْقَرَظِ، قَالَ: كَانَ بِلَالٌ إذَا كَبَّرَ بِالْأَذَانِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَرَّتَيْنِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ، وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ يَنْحَرِفُ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ، فَيَقُولُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ

1 البخاري في هل يتبع المؤذن فاه ههنا وههنا ص 88، ومسلم في باب سترة المصلي ص 196، وأبو داود في باب المؤذن يستدير في أذانه ص 84، والنسائي: في كيف يصنع المؤذن في أذانه ص 106.

2 في باب السنة في الأذان ص 52.

3 ص 607 - ج 3.

4 الصواب عبد الرحمن كما أشرنا إليه سابقاً.

ص: 276

ثُمَّ يَنْحَرِفُ عَنْ يَسَارِ الْقِبْلَةِ، فَيَقُولُ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، فَيَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا الله، مختصر، وَسَكَتَ عَنْهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي أَفْرَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَشِيدٍ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن يزيغ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ عَنْ بِلَالٍ، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَذَّنَّا أَوْ أَقَمْنَا أَنْ لَا نُزِيلَ أَقْدَامَنَا عَنْ مَوَاضِعِهَا، رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَرِّجٍ الجنديسابوري عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْهُ، وَقَالَ: غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ عَنْ بِلَالٍ، تَفَرَّدَ بِهِ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ عَنْهُ، وَتَفَرَّدَ بِهِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ طَلْحَةَ، وَتَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يزيغ عَنْ الْحَسَنِ، وَتَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَشِيدٍ عَنْهُ، انْتَهَى. مِنْ الْإِمَامِ.

وأما الاستدارة، فَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ. وَالْحَاكِمِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَفِيهِ: فَاسْتَدَارَ فِي أَذَانِهِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ1 حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْت بِلَالًا يُؤَذِّنُ، ويدور، ويتبع فاه ههنا وههنا، وَإِصْبَعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَاعْتَرَضَ الْبَيْهَقِيُّ2، فَقَالَ: الِاسْتِدَارَةُ فِي الْأَذَانِ لَيْسَتْ فِي الطُّرُقِ الصَّحِيحَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَنَحْنُ نَتَوَهَّمُ أَنَّ سُفْيَانَ رَوَاهُ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَوْنٍ، وَالْحَجَّاجُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وُهِمَ فِيهِ، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ سُفْيَانَ بِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ الِاسْتِدَارَةُ، وَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عَوْنٍ، وَفِيهِ: وَلَمْ يَسْتَدِرْ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: أَمَّا كَوْنُهُ لَيْسَ مُخَرَّجًا فِي الصَّحِيحِ، فَغَيْرُ لَازِمٍ، وَقَدْ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّأْنِ، وَأَمَّا أَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ وَهَمَ فِيهِ، فَقَدْ تَابَعَهُ مُؤَمَّلٌ، كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُؤَمَّلٍ عَنْ سُفْيَانَ بِهِ نَحْوُهُ، وَأَمَّا تَوَهُّمُهُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ فَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ، كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْت بِلَالًا أَذَّنَ فَأَتْبَعَ فاه، ههنا وههنا، قَالَ يَحْيَى: قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ يَذْكُرُ عَنْ عَوْنٍ أَنَّهُ قَالَ: وَاسْتَدَارَ فِي أَذَانِهِ، فَلَمَّا لَقِينَا عَوْنًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ: وَاسْتَدَارَ، وَأَيْضًا فَقَدْ جَاءَتْ الِاسْتِدَارَةُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْحَجَّاجِ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ، فَقَامَ بِلَالٌ فَأَذَّنَ، وَجَعَلَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، وَجَعَلَ يَسْتَدِيرُ، وَذَكَرَ بَاقِيَهُ،

1 في باب ما جاء في إدخال الاصبع الأذن عند الأذان ص 27، والنسائي في الزينة - في باب اتخاذ القباب الحمر: ص 302 - ج 2 عن إسحاق الأزرق عن سفيان به.

2 في السنن ص 395 - ج 1.

ص: 277

وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ عَنْ حَمَّادٍ. وَهَيْثَمٍ جَمِيعًا عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَطْحَاءِ، فَوَضَعَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَجَعَلَ يَسْتَدِيرُ يَمِينًا وَشِمَالًا.

الْحَدِيثُ السَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَجْعَلَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ حِينَ الْأَذَانِ، قُلْت: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ1 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَجْعَلَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، وَقَالَ:"إنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِك"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ - فِي كِتَابِ الْفَضَائِلِ عَنْ عَبْدِ الله2 بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدِ الْقَرَظِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَضَعَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، وَقَالَ:"إنه أرفع لصوتك"، مختصر، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ مِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهُ:"إذَا أَذَّنْت فَاجْعَلْ إصْبَعَيْك فِي أُذُنَيْك، فَإِنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِك"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يُدْخِلَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، وَقَالَ:"إنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِك"، ذَكَرَهُ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ بِجَرْحٍ وَلَا تَعْدِيلٍ، فَهُوَ مَجْهُولٌ عِنْدَهُ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا: وَأَبُوهُ. وَجَدُّهُ كُلُّهُمْ لَا يُعْرَفُ لَهُمْ حَالٌ، انْتَهَى. قَالَ الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ السُّرُوجِيِّ فِي الْغَايَةِ رَوَى ابْنُ حَيَّانَ أَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَجْعَلَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، وَهَذَا لَيْسَ ابْنَ حِبَّانَ صَاحِبَ الصَّحِيحِ، وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ حَيَّانَ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيُّ، رَوَاهُ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ وَهُوَ جُزْءٌ حَدِيثِيٌّ، وَأَبُو حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ هُوَ صَاحِبُ الصَّحِيحِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا أَنَّ الْمَلَكَ حِينَ أَذَّنَ وَضَعَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيِّ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: اهْتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْآذَانِ بِالصَّلَاةِ، وَكَانَ إذَا جَاءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ صَعِدَ رَجُلٌ يُشِيرُ بِيَدِهِ، فَمَنْ رَآهُ جَاءَ، وَمَنْ لَمْ يَرَهُ لَمْ يَعْلَمْ بِالصَّلَاةِ، فَاهْتَمَّ لِذَلِكَ هَمًّا شَدِيدًا، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمَرْت بِالنَّاقُوسِ؟ قَالَ: فِعْلُ النَّصَارَى، قَالُوا: فَالْبُوقُ؟ قَالَ: فِعْلُ الْيَهُودِ، قَالَ: فَرَجَعْت إلَى أَهْلِي، وَأَنَا مُغْتَمٌّ، لِمَا رَأَيْت مِنْ اغْتِمَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إذَا كَانَ قُبَيْلَ الْفَجْرِ رَأَيْت رَجُلًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ، وَأَنَا بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقِظَانِ، فَقَامَ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ،

1 في باب إفراد الإقامة ص 54.

2 الصواب عبد الرحمن كما تقدم.

ص: 278

فَجَعَلَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَنَادَى، الْحَدِيثُ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ تَقَدَّمَ قَوْلُ مَنْ قَالَ فِيهِ انْقِطَاعٌ، قَوْلُهُ: وَالشَّافِعِيُّ رحمه الله يَفْصِلُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي الْمَغْرِبِ بِرَكْعَتَيْنِ، سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى أَحَادِيثِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ النَّوَافِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "وَلْيُؤَذِّنَّ لَكُمْ خِيَارُكُمْ"، قُلْت: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاةِ فِي بَابِ مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي الْأَذَانِ مِنْ حَدِيثِ حُسَيْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عباس، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لِيُؤَذِّنْ لكم خياركم، ويؤمكم قرائكم"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عِيسَى تَفَرَّدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، وَحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَأَبُو زُرْعَةَ الرّازيان، وَفِي الْإِمَامِ: وَرَوَى إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَا يُؤَذِّنْ لَكُمْ غُلَامٌ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ"، انْتَهَى. وَلَمْ يَعْزُهُ، ثم قال: قَالَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ: إبْرَاهِيمُ هَذَا وَثَّقَهُ الشَّافِعِيُّ خَاصَّةً، وَضَعَّفَهُ النَّاسُ، وَأَصْلَحُ مَا سَمِعْت فِيهِ مِنْ غَيْرِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ التَّثْوِيبِ، وَهُوَ مَخْصُوصٌ عِنْدَنَا بِالْفَجْرِ، كَمَا ذكره فِي الْكِتَابِ، وَفِيهِ حَدِيثَانِ ضَعِيفَانِ: أَحَدُهُمَا: لِلتِّرْمِذِيِّ. وَابْنِ مَاجَهْ1 عَنْ أَبِي إسْرَائِيلَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ بِلَالٍ، قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا أَثُوبَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي إسْرَائِيلَ الْمُلَائِيِّ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ الْحَكَمِ، إنَّمَا رَوَاهُ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ الْحَكَمِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ2 عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ بِلَالٍ، قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا أَثُوبَ إلَّا فِي الْفَجْرِ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ لَمْ يَلْقَ بلالاً، انتهى. ولكنت اخْتَلَفُوا فِي التَّثْوِيبِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: هُوَ أَنْ يَقُولَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ، وَقَالَ الْبَاقُونَ: هُوَ قَوْلُهُ فِي الْأَذَانِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ.

أَحَادِيثُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَذَّنَ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَنَا. وَعِنْدَ مَالِكٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ. وَأَحْمَدُ: يُسْتَحَبُّ لَنَا: مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد3 عَنْ أَبِي سَهْلٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

1 في باب ما جاء في التثويب في الفجر ص 27، وابن ماجه في باب السنة في الأذان ص 52.

2 ص 424.

3 في باب الرجل يؤذن، ويقيم آخر ص 83 الإسناد إسناده، وسياق المتن عند أحمد: ص 42 - ج 4، وأخرجه الدارقطني: ص 91.

ص: 279

عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ أُرِيَ الْأَذَانَ، قَالَ: فَجِئْت إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:"أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ"، فَأَلْقَيْتُهُ عَلَيْهِ، فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا رَأَيْت، فَأُرِيدُ أَنْ أُقِيمَ، قَالَ:"فَأَقِمْ أَنْتَ"، فَأَقَامَ هُوَ وَأَذَّنَ بِلَالٌ، انْتَهَى. وَأَعَلُّوهُ بِأَبِي سَهْلٍ1 تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ. وَغَيْرُهُ، قَالُوا: وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ، فَإِنَّمَا أَرَادَ تَطَيُّبَ قَلْبِهِ، لِأَنَّهُ رَأَى الْمَنَامَ، أَمْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ الصُّدَائِيِّ:"مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَالتِّرْمِذِيُّ2 وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ الْأَفْرِيقِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: إنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ الْأَفْرِيقِيِّ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ سَعِيدٌ الْقَطَّانُ. وَغَيْرُهُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا أَكْتُبُ حَدِيثَ الْأَفْرِيقِيِّ، وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ3 عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ حِينَ أُرِيَ الْأَذَانَ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا، فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ، فَأَقَامَ.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ شَاهِينَ فِي كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، وَأَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيِّ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ وَالْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ الْمَازِنِيِّ ثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ، فَنَزَلَ الْقَوْمُ فَطَلَبُوا بِلَالًا فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَأَذَّنَ، ثُمَّ جَاءَ بِلَالٌ، فَذُكِرَ لَهُ، فَأَرَادَ أَنْ يقيم، فقال عليه السلام:"مَهْلًا يَا بِلَالُ، فَإِنَّمَا يُقِيمُ مَنْ أَذَّنَ"، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ4: قَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَسَعِيدٌ هَذَا مُنْكَرُ الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ5. قَالَ فِي الْإِمَامِ: هَكَذَا وَقَعَ فِي لَفْظِ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْوَاقِفِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ6 قَالَ: وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ الْأَوَّلِ، انْتَهَى.

1 راجع التهذيب ص 328 - ج 9، فإنه ذكر محمد بن عمرو أبا سهل للتمييز، والذي عد من رواة أبي داود هو محمد بن عمرو الأنصاري المدني، وهو مقبول: قال في التهذيب: الحديث الذي أخرجه أبو داود في الأذان في مسند أحمد من الطرق المذكورة، فوقع مكنى أبا سهل قلت: الحديث في المسند ص 42 - ج 4، وفيه: أبو سهل عن محمد بن عمرو.

2 في باب الرجل يؤذن، ويقيم آخر ص 83، والترمذي في باب من أذن فهو يقيم ص 28، وابن ماجه في باب السنة في الأذان ص 53، والطحاوي: ص 85، ويأتي الحديث في: ص 151، وابن أبي شيبة: ص 145.

3 في باب الرجلين: يؤذن أحدهما، ويقيم الآخر ص 85، والدارقطني: ص 90.

4 ص 123.

5 تمامه، وقال مرة: متروك الحديث، اهـ.

6 ذكر الإسناد ولم يذكر المتن، وليس متن حديث عبد الله بن زيد، كمتن حديث ابن عمر ليكتفى به، فلعلّ ههنا خرماً، وعبارة المتن كما في مسند الطيالسي ص 148 هكذا: أنه رأى الأذان في المنام، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، قال: فأذن بلال، وجاء عمي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إني أرى الرؤيا، ويؤذن بلال، قال:"فأقم أنت"، فأقام عمي، اهـ. =

ص: 280

الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَضَى الْفَجْرَ غَدَاةَ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَأَعَادَهُ فِي بَابِ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. وَعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ. وَذِي مِخْبَرٍ. وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. وَبِلَالٍ. فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ1 حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ثَنَا أَبَانُ ثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْخَبَرِ يَعْنِي قِصَّةَ التَّعْرِيسِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " تحولوا عَنْ مَكَانِكُمْ الَّذِي أَصَابَتْكُمْ فِيهِ الْغَفْلَةُ"، قَالَ: فَأَمَرَ بِلَالًا، فَأَذَّنَ، وَأَقَامَ، وَصَلَّى، انْتَهَى. قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ مَالِكٌ. وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. وَالْأَوْزَاعِيُّ. وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ. وَابْنِ إسْحَاقَ، لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ الْأَذَانَ، فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ هَذَا، وَلَمْ يُسْنِدْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ إلَّا الْأَوْزَاعِيُّ. وَأَبَانُ الْعَطَّارُ عَنْ مَعْمَرٍ، انْتَهَى. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ2 فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْأَذَانَ، أَخْرَجَهُ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ، وَفِيهِ: ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَ بِلَالًا، فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى بِهِمْ الصُّبْحَ، الْحَدِيثُ.

وَأَمَّا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد3 أَيْضًا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ عَنْ خَالِدٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَنَامُوا عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَاسْتَيْقَظُوا بِحَرِّ الشَّمْسِ، فَارْتَفَعُوا قَلِيلًا حَتَّى اسْتَقَلَّتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَ مؤذن، فَأَذَّنَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ، انْتَهَى. وَحَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْأَذَانِ وَلَا الْإِقَامَةِ، بَلْ وَلَا ذُكِرَ فِيهِ الْوُضُوءُ بِالْجُمْلَةِ4 وَلَفْظُهُ، فَقَالَ:"ارْتَحِلُوا"، فَسَارَ بِنَا حَتَّى إذَا ابْيَضَّتْ الشَّمْسُ، قَامَ، فَصَلَّى5 بِنَا الْغَدَاةَ، الْحَدِيثُ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ6، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الثَّامِنِ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ، فَذَكَرَهُ، وَزَادَ: فَقُلْنَا: يَا نبي الله ألا نقضيها7 لِوَقْتِهَا مِنْ الْغَدِ؟ فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَيَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الرِّبَا،

= تنبيه: هذا الحديث أورده الطيالسي في مسند عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري والصحيح أنه حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه، وهذا هو صاحب الرؤيا دون ابن عاصم، والله أعلم.

1 في باب من نام عن صلاة أو نسيها، ص 69 – ج 1.

2 في باب قضاء الفائتة، ص 238 – ج 1.

3 في المواقيت - في باب من نام عن صلاة أو نسيها ص 70.

4 أما الإقامة، فلم أر في رواية الصحيحين، وأما الوضوء والأذان، ففي البخاري في التيمم - في باب الصعيد الطيب وضوء المسلم ص 49، ولفظه: ثم نزل فدعا بوضوء فتوضأ، ونودي بالصلاة فصلى بالناس، اهـ. إلا أنه ليس بصريح في الأذان، والله أعلم.

5 في مسلم ص 140 نزل فصلى.

6 في ص 441 - ج 4، والطحاوي: ص 233، والدارقطني ص 148.

7 في نسخة ألا نقضها!.

ص: 281

وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ؟ "، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ كَذَلِكَ فِي الْمُسْتَدْرَكِ1 بِدُونِ الزِّيَادَةِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ صِحَّةِ سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَإِعَادَتُهُ عليه السلام الرَّكْعَتَيْنِ، لَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى. قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَلَفْظُهُ: ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ.

وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا2 مِنْ حَدِيثِ حَيْوَةَ بْنِ شريح عن عياش ين عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ أَنَّ كُلَيْبَ بْنَ صُبَيْحٍ حَدَّثَهُ أَنَّ الزِّبْرِقَانَ حَدَّثَهُ عَنْ عَمِّهِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَنَامَ عَنْ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"تَنَحَّوْا عَنْ هَذَا الْمَكَانِ"، قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا، فَأَذَّنَ، ثُمَّ توضؤا، وَصَلَّوْا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا، فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الصُّبْحِ، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ ذِي مِخْبَرٍ، فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أيضاً من حديث حزير بْنِ عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ صُلَيْحٍ عَنْ ذِي مِخْبَرٍ الْحَبَشِيِّ - وَكَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَتَوَضَّأَ يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وُضُوءًا لَمْ يَلِنْ3 مِنْهُ التُّرَابُ، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، غَيْرَ عَجِلٍ، ثُمَّ قَالَ لِبِلَالٍ:"أَقِمْ الصَّلَاةَ"، ثُمَّ صَلَّى، وَهُوَ غَيْرُ عَجِلٍ، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سِرْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْنَا الْأَرْضَ فَنِمْنَا، رَعَتْ رَكَائِبُنَا، قَالَ:"فَمَنْ يَحْرُسُنَا؟ " قُلْت: أَنَا، قَالَ: فَغَلَبَتْنِي عَيْنَيْ، فَلَمْ تُوقِظْنِي إلَّا وَقَدْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ، وَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا بِكَلَامِنَا، قَالَ: فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى بِنَا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد4 غَيْرَ مُفَسَّرٍ، وَلَفْظُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ يَكْلَؤُنَا؟ " فَقَالَ بِلَالٌ: أَنَا، فَنَامُوا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"افْعَلُوا كَمَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ" قَالَ: فَفَعَلْنَا، قَالَ:"فَكَذَلِكَ فَافْعَلُوا لِمَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ"، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ بِلَالٍ 5، فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ. وَالْفَضْلُ

1 ص 274 وفيه: ثم أمر المؤذن فأذن، ثم صلى الركعتين قبل الفجر، الخ.

2 في المواقيت - في باب من نام عن صلاة أو نسيها ص 71، وكذا الرواية التي بعدها.

3 في النسخة المطبوعة، لأبي داود - التي بأيدينا - لم يلث، وهو قريب بلم يلن.

4 في المواقيت ص 71، والطحاوي: ص 296، وفيه زمن تبوك.

5 وسيأتي في: ص 296، وأخرجه الدارقطني في سننه ص 146، ولم يذكر الإقامة.

ص: 282

بْنُ سُهَيْلٍ. قَالَا: ثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُمْ نَامُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَامُوا بِلَالًا، فَأَذَّنَ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقَامَ بِلَالٌ فَصَلَّى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر بعد ما طَلَعَتْ الشَّمْسُ، انْتَهَى. قَالَ الْبَزَّارُ: وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ عَبْدِ الصَّمَدِ، فَقَالَ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا، انْتَهَى.

وَاعْلَمْ أَنَّ شَيْخَنَا عَلَاءَ الدِّينِ اسْتَشْهَدَ لِحَدِيثِ الْكِتَابِ بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ، وَلَفْظُهُ: قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"إنكم تسيرون يوكم وَلَيْلَتَكُمْ وَتَأْتُونَ الْمَاءَ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ" إلَى أَنْ قَالَ: "فَمَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الطَّرِيقِ فَوَضَعَ رأسه"، ثم قال:"احفظوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا" فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالشَّمْسُ فِي ظَهْرِهِ، قَالَ: فَقُمْنَا فَزِعِينَ، ثُمَّ قَالَ:"ارْكَبُوا" فَرَكِبْنَا، فَسِرْنَا، حَتَّى إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ نَزَلَ، ثُمَّ دَعَا بِمِيضَأَةٍ كَانَتْ مَعِي فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ قَالَ لِأَبِي قَتَادَةَ:"احْفَظْ عَلَيَّ مِيضَأَتَك، فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ"، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى عليه السلام رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ، فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ، الْحَدِيثُ. وَفِيهِ:"لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى"، وَفِيهِ أَيْضًا "إنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا"، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ، إقَامَةَ الْأَرْكَانِ، فَلَيْسَ صَرِيحًا فِي الْمَقْصُودِ، وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ 15 مُخْتَصَرًا، وَلَفْظُهُ: عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: سِرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: لَوْ عَرَّسْت بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"أَخَافُ أَنْ تَنَامُوا عَنْ الصَّلَاةِ" فَقَالَ بِلَالٌ: أَنَا أُوقِظُكُمْ، فَاضْطَجَعُوا، وَأَسْنَدَ بِلَالٌ ظَهْرَهُ إلَى رَاحِلَتِهِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَالَ:"يَا بِلَالُ أَيْنَ مَا قُلْت؟ "، قَالَ: مَا أُلْقِيَتْ عَلَيَّ نَوْمَةٌ مِثْلُهَا قَطُّ، قَالَ:"إنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدَّهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ، يَا بِلَالُ قُمْ فَأَذِّنْ بِالنَّاسِ بِالصَّلَاةِ"، فَتَوَضَّأَ، فَلَمَّا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ وابياضت، قَامَ فَصَلَّى، انْتَهَى. وَلَيْسَ كُلٌّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ صَرِيحًا فِي الْمَسْأَلَةِ، بَلْ فِيهِ احْتِمَالٌ يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ.

الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِبِلَالٍ: "لَا تُؤَذِّنْ حَتَّى يَسْتَبِينَ لَك الْفَجْرُ هَكَذَا": وَمَدَّ يَدَهُ عَرْضًا، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد2 عَنْ شَدَّادٍ عَنْ بِلَالٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهُ:" لَا تُؤَذِّنْ حَتَّى يَسْتَبِينَ لَك الْفَجْرُ، هَكَذَا": وَمَدَّ يَدَيْهِ عَرْضًا، انْتَهَى. وَسَكَتَ عَنْهُ، وَأَعَلَّهُ الْبَيْهَقِيُّ

1 في باب قضاء الصلاة الفائتة ص 239 - ج 1.

2 في باب الأذان بعد الوقت ص 83 في المواقيت.

ص: 283

بِالِانْقِطَاعِ، قَالَ فِي الْمَعْرِفَةِ: وَشَدَّادٌ مَوْلَى عِيَاضٍ لَمْ يُدْرِكْ بِلَالًا، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَشَدَّادٌ أَيْضًا مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ بِغَيْرِ رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْهُ، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ الْبَابِ، أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد. وَالتِّرْمِذِيُّ. وَالنَّسَائِيُّ. وَأَحْمَدُ1 عَنْ سَوَادَةَ بْنِ حَنْظَلَةَ الْقُشَيْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْت سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ يَقُولُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَغُرَّنَّكُمْ آذَانُ بِلَالِ، فَإِنَّ فِي بَصَرِهِ سُوءً"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ وَهَذَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ لَمْ يَقُولُوا: فِي بَصَرِهِ سُوءٌ، قُلْنَا: سَوَادَةُ بْنُ حَنْظَلَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَزِيَادَةٌ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، سَوَاءٌ.

حَدِيثٌ آخَرُ مُرْسَلٌ، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2 عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَيَانٍ ثَنَا هَيْثَمٌ ثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ هِلَالٍ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ لَيْلَةً بِسَوَادٍ، فَأَمَرَهُ عليه السلام أَنْ يَرْجِعَ فَيُنَادِيَ: إنَّ الْعَبْدَ نَامَ، فَرَجَعَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا مُرْسَلٌ، قَالَ فِي الْإِمَامِ: لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ جَيِّدٌ لَيْسَ فِي رِجَالِهِ مَطْعُونٌ فِيهِ.

حَدِيثٌ آخَرُ، أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ بِالْفَجْرِ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ فَحَرَّمَ الطَّعَامَ، وَكَانَ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يُصْبِحَ، انْتَهَى. قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَاعْتَرَضَهُ الْأَثْرَمُ، فَقَالَ: وَحَدِيثُ حَفْصَةَ رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ نَافِعٍ، فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ مَا ذَكَرَ عَبْدُ الْكَرِيمِ، قَالَ الشَّيْخُ: وَعَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ، قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ. وَابْنُ الْمَدِينِيِّ: ثَبْتٌ ثِقَةٌ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: مَا رَأَيْت مِثْلَهُ، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كان يَقُولُ: إلَّا حَدَّثَنَا. أَوْ سَمِعْت، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْأَذَانِ الثَّانِي.

حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَى الْأَوْزَاعِيُّ3 عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ بِالْأَذَانِ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، قَالَ الْأَثْرَمُ:

1 حديث سمرة أخرجه أبو داود في باب وقت السحور ص 327، والنسائي في باب كيف الفجر ص 305، والترمذي في باب بيان الفجر ص 88، ومسلم في باب: إن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر ص 350، والدارقطني: ص 231، والبيهقي، ص 380 - ج 10، والطحاوي: ص 83، ولم أجد في شيء منها فإن في بصره سوء إلا ما في مسند أحمد ص 9 - ج 5، وإسناده صحيح، قال الهيثمي في الزوائد ص 153 - ج 3: رجاله رجال الصحيح.

2 ص 91.

3 قال الحافظ في الدراية ص 64، روى الأثرم من طريق الأوزاعي عن الزهري، فذكر الخبر نحوه، وقال: إسناده جيد، إلا أن أحمد ضعفه.

ص: 284

سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ1 يُضَعِّفُ حَدِيثَ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: لَيْسَ هَذَا بِتَعْلِيلٍ جَيِّدٍ، فَإِنَّ الْأَوْزَاعِيَّ مِنْ أَئِمَّةِ المسليمن، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ وَكِيعٍ2 عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْهَا، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد3 عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ4 عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْجِعَ، فَيُنَادِيَ: أَلَا إنَّ الْعَبْدَ نَامَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَرَجَعَ فَنَادَى: أَلَا إنَّ الْعَبْدَ نَامَ، انْتَهَى. قَالَ أَبُو دَاوُد: وَرَوَاهُ الداوردي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ لِعُمَرَ مُؤَذِّنٌ، يُقَالُ لَهُ مَسْعُودٌ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَقَالَ: هَذَا أَصَحُّ مِنْ ذَاكَ، وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ5 لَفْظَ الْحَدِيثِ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَلَعَلَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ أَرَادَ حَدِيثَ عُمَرَ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ"، الْحَدِيثُ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ حَدِيثٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ6: وَقَدْ تَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ زَرْبِيٍّ عَنْ أَيُّوبَ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ، قَالَ: وَسَعِيدُ بْنُ زَرْبِيٍّ ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: وَقَدْ تَابَعَ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ زَرْبِيٍّ عَنْ أَيُّوبَ، وَكَانَ ضَعِيفًا، قَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: عِنْدَهُ عَجَائِبُ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنْ الْأَثْبَاتِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ7 أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إسْحَاقَ الْفَقِيهُ سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ الْمُطَرِّزَ، يَقُولُ: سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى، يَقُولُ: حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، شَاذٌّ غَيْرُ وَاقِعٍ عَلَى الْقَلْبِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: قُلْت لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: إنَّ الصُّبْحَ يُنَادَى لَهَا قَبْلَ الْفَجْرِ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا

1 وقال يحيى بن معين: حديث الأوزاعي عن الزهري. ويحيى بن كثير ليس يثبت كتاب العلم ص 201، الأوزاعي ثقة حجة، ربما انفرد ووهم، وحديثه عن الزهري فيه شيء ما، وقد قال أحمد بن حنبل: حديث ضعيف، ورأى ضعيف رسالة الذهبي من طبقات الشافعية ص 220 - ج 5.

2 قال الحافظ في الدراية ص 64،: إسناده صحيح، قلت: وذكره ابن حزم في المحلى ص 119 - ج 3، وسكت سكوت رضاء.

3 في باب الأذان قبل دخول الوقت ص 86، والطحاوي: ص 83.

4 لا أعلم روى هذا الحديث إلا حماد بن سلمة علل ص 114 - ج 1.

5 في باب ما جاء في الأذان بالليل ص 28.

6 قلت: حديث حماد هذا أخرجه الدارقطني ص 90، والبيهقي في السنن: ص 383، وكلاهما ذكرا متابعة سعيد وضعفه، ولم أر واحداً منهما أسند حديثاً لسعيد، والله أعلم.

7 روى عنه البيهقي في سننه ص 383 - ج 1.

ص: 285

وَاشْرَبُوا"، قُلْت: أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَ الْأَذَانَ؟ قَالَ: لَا، لَمْ يَزَلْ الْأَذَانُ عِنْدَنَا بِلَيْلٍ، وَقَالَ ابْنُ بُكَيْر: قَالَ مَالِكٌ: لَمْ يَزَلْ الصُّبْحُ يُنَادَى بِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ، فَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّا لَمْ نَرَ يُنَادَى لَهَا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَحِلَّ وَقْتُهَا، انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَوْ كَانَ حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ صَحِيحًا لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ: إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَائِدَةٌ، وَكَيْفَ يَأْمُرُهُ أَنْ يُعِيدَ الْأَذَانَ، وَهُوَ يَقُولُ: إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ؟ وَقَالَ الْأَثْرَمُ: وَأَمَّا حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَإِنَّهُ خَطَأٌ مِنْهُ، وَأَصْلُ الْحَدِيثِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ مُؤَذِّنًا يُقَالُ لَهُ: مَسْرُوحٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَسْعُودٌ أَذَّنَ بِلَيْلٍ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَرْجِعَ، فَيُنَادِيَ: إنَّ الْعَبْدَ نَامَ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ بَعْدَ إخْرَاجِهِ حَدِيثَ حَمَّادٍ هَذَا: وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ أَحْمَدُ بن حنبل: أرأيت الرَّجُلَ يَغْمِزُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ فَاتَّهِمْهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، إلَّا أَنَّهُ لَمَّا طَعَنَ فِي السِّنِّ سَاءَ حِفْظُهُ، فَلِذَلِكَ تَرَكَ الْبُخَارِيُّ الِاحْتِجَاجَ بِحَدِيثِهِ، وَأَمَّا مُسْلِمٌ فَإِنَّهُ اجتهد في أمره، أخرج مِنْ أَحَادِيثِهِ عَنْ ثَابِتٍ مَا سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ، وَمَا سِوَى حَدِيثِهِ عَنْ ثَابِتٍ، فَلَا يَبْلُغُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ حديثاً، أخرجها الشَّوَاهِدِ دُونَ الِاحْتِجَاجِ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ لَا يُحْتَجَّ بِمَا يُخَالِفُ فِيهِ الثِّقَاتِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ جُمْلَتِهَا، انْتَهَى كَلَامُهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَاهُ الْإِمَامُ الْقَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ السَّرَقُسْطِيُّ فِي كِتَابِهِ غَرِيبُ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ أَنْبَأَ أَبُو سُفْيَانَ السَّعْدِيُّ1 عَنْ الْحَسَنِ2 أَنَّهُ سَمِعَ مُؤَذِّنًا أَذَّنَ بِلَيْلٍ، فَقَالَ: علوج تبارى3 الدُّيُوكَ، وَهَلْ كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلا بعد ما يَطْلُعُ الْفَجْرُ؟ وَلَقَدْ أَذَّنَ بِلَالٌ بِلَيْلٍ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَعِدَ، فَنَادَى: إنَّ الْعَبْدَ قد نام، فوِجد بلال وَجْدًا شَدِيدًا، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ4 عَنْ عَامِرِ بْنِ مُدْرِكٍ ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ: إنَّ الْعَبْدَ نَامَ، فَوَجَدَ بِلَالٌ وَجْدًا شَدِيدًا، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَهَمَ فِيهِ عَامِرُ بْنُ مُدْرِكٍ، وَالصَّوَابُ مَا رَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ مُؤَذِّنٍ لِعُمَرَ، يقل له: مستروح أَذَّنَ قَبْلَ الصُّبْحِ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَرْجِعَ، فَيُنَادِيَ، انْتَهَى.

1 هو طريف بن شهاب ضعيف.

2 أبو بكر نا أبو خالد عن أشعث عن الحسن، قال: أذن بلال بلبل، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي: نام العبد: فنادى: نام العبد، وهو يقول:

ليت بلالاً لم تلده أمه

وابتل من نضح دم جبينه

قال: وبلغنا أنه أمره أن يعيد الأذان. مصنف ابن أبي شيبة ص 149.

3 في نسخة تنادى.

4 ص 91.

ص: 286

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَصْعَدَ، فَيُنَادِيَ: إنَّ الْعَبْدَ نَامَ، فَفَعَلَ، وَقَالَ: لَيْتَ بِلَالًا لَمْ تَلِدْهُ أُمُّهُ وَابْتَلَّ مِنْ نَضْحِ دَمِ جَبِينِهِ، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَة. وَغَيْرُهُ، يُرْسِلُهُ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ بِلَالًا، وَلَا يَذْكُرُ إسْنَادًا، وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ1، انْتَهَى. ثُمَّ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَسَدِيِّ ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صَبِيحٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَذَّنَ بِلَالٌ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَ، فَرَقَى، وَهُوَ يَقُولُ: لَيْتَ بِلَالًا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ وَابْتَلَّ مِنْ نَضْحِ دَمِ جَبِينِهِ، يُرَدِّدُهَا حَتَّى صَعِدَ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ الْعَبْدَ نَامَ، مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَذَّنَ حِينَ أَضَاءَ الْفَجْرُ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: وَمُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ مَجْرُوحٌ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَحَادِيثُهُ مَوْضُوعَةٌ، لَيْسَ بِشَيْءٍ رَمَيْنَا حَدِيثَهُ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يَكْذِبُ، وَفِي إسْنَادِهِ أَيْضًا الرَّبِيعُ بْنُ صَبِيحٍ، قَالَ عَفَّانَ: أَحَادِيثُهُ كُلُّهَا مَقْلُوبَةٌ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ رَجُلًا صَالِحًا لَيْسَ الْحَدِيثُ مِنْ صِنَاعَتِهِ، فَوَقَعَ فِي حَدِيثِهِ الْمَنَاكِيرُ.

حَدِيثٌ آخَرُ، رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي كِتَابِهِ مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ الدِّمَشْقِيُّ ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَنَا إسماعيل بن عباس عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ بِلَالٍ، قَالَ: كُنَّا لَا نُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى نَرَى الْفَجْرَ، وَكَانَ يَضَعُ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ2، انْتَهَى. وَبِهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ بِلَالٍ نَحْوُهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد3 عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، قَالَتْ: كَانَ بَيْتِي مِنْ أَطْوَلِ بَيْتٍ حَوْلَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ بِلَالٌ يَأْتِي بِسَحَرٍ، فَيَجْلِسُ عَلَيْهِ يَنْظُرُ إلَى الْفَجْرِ، فَإِذَا رَآهُ أَذَّنَ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَهَذَا أَيْضًا صَحِيحٌ عَلَى أَصْلِهِ، فَإِنَّ ابْنَ إسْحَاقَ عِنْدَهُ ثِقَةٌ، وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ الضَّعْفُ إلَّا مِنْ جِهَةِ مُعَارَضَةِ غَيْرِهِ لَهُ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَالتَّعَارُضُ بَيْنَهُمَا لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فِي سَائِرِ الْعَامِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، وَاَلَّذِي يُقَالُ فِي هَذَا الْخَبَرِ: إنَّهُ حَسَنٌ، انْتَهَى. والله أعلم.

1 أي ثم أخرج مرسلا وقال: المرسل أصح.

2 قال الحافظ في الدراية ص 64 بإسناد ضعيف.

3 أبو داود في باب الأذان فوق المنارة، ص 84، قال الحافظ في الدراية إسناده حسن وأخرج أبو داود: ص 86 عن شداد عن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له "لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر، هكذا": ومد يديه عرضاً، قال أبو داود: شداد مولى عياض، لم يدرك بلالاً، اهـ.

ص: 287

أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ1 عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلِ2، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ"، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا3 عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَعَائِشَةَ، قَالَا: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُؤَذِّنَانِ: بِلَالٌ. وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يؤذن ابن أم مَكْتُومٍ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ4 عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ آذَانُ بِلَالٍ مِنْ سُحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ"، أَوْ قَالَ:"يُنَادِي بِلَيْلٍ: لِيَرْجِعَ قَائِمُكُمْ، وَيَنْتَبِهَ نَائِمُكُمْ، وَلَيْسَ الْفَجْرُ5 أَنْ يَقُولَ: وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ فَرَفَعَهَا إلَى فَوْقَ، وَطَأْطَأَ إلَى أَسْفَلَ، حَتَّى يَقُولَ: هَكَذَا"، وَقَالَ زُهَيْرٌ: بِسَبَّابَتَيْهِ: إحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى، ثُمَّ مَدَّهَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، انْتَهَى. وَقَدْ تَأَوَّلَ الطَّحَاوِيُّ أَحَادِيثَ: إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ خَطَأً، عَلَى ظَنِّ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ6 لَا يَغُرَّنَّكُمْ آذَانُ بِلَالٍ، فَإِنَّ فِي بَصَرِهِ سُوءًا وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَحَدِيثٌ أَخْرَجَهُ هُوَ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِبِلَالٍ: "إنَّك تُؤَذِّنُ إذَا كَانَ الْفَجْرُ سَاطِعًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ الصُّبْحَ إنَّمَا الصُّبْحُ هَكَذَا: مُعْتَرِضًا"، انْتَهَى. قَالَ الطَّحَاوِيُّ: فَأَخْبَرَ عليه السلام أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ بِطُلُوعِ مَا يَرَى أَنَّهُ الْفَجْرُ، وَلَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ بِفَجْرٍ، قَالَ: وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ عليه السلام، قَالَ:"إنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ: فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ"، قَالَتْ: وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَّا مِقْدَارُ مَا يَنْزِلُ هَذَا، وَيَصْعَدُ هَذَا، فَلَمَّا كَانَ بَيْنَ آذَانِهِمَا مِنْ الْقُرْبِ مَا ذَكَرْنَا ثَبَتَ أَنَّهُمَا كَانَا يَقْصِدَانِ وَقْتًا وَاحِدًا، وَهُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ، لَكِنْ بِلَالٌ يُخْطِئُهُ، وَيُصِيبُهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ حَتَّى يَقُولَ لَهُ الْجَمَاعَةُ: أَصْبَحْت أَصْبَحْت.

وَاسْتَدَلَّ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ لهذا التأويل بحديث الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ7 عَنْ الْحَاكِمِ بِسَنَدِهِ8 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ خَالِدٍ النَّيْسَابُورِيُّ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ

1 في باب أذان الأعمى ص 86، ومسلم في الصوم - في باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر ص 349.

2 قال ابن حزم: وهذا حق، إلا أنه كما ذكرنا من أنه لم يكن أذان الصلاة محلى ص 119 - ج 3، قال: ولم يأت في شيء من الآثار التي احتجوا بها ولا غيرها: أنه عليه السلام اكتفى بذلك الأذان لصلاة الصبح، بل في كلها، وغيرها أنه كان هنالك أذان آخر بعد الفجر.

3 البخاري في الصيام - في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال" ص 157، ومسلم: ص 350، واللفظ له.

4 في باب الأذان قبل الفجر ص 87، واللفظ له، ومسلم: ص 350.

5 لفظ البخاري هكذا: ليس أن يقول الفجر.

6 هو حديث أنس.

7 في باب من روى النهي عن الأذان قبل الوقت ص 383.

8 هذا خطأ، فإن الحاكم في السند المتقدم على هذا الحديث.

ص: 288

بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دَاوُد عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ؟ " قَالَ: اسْتَيْقَظْت وَأَنَا وَسْنَانٌ، فَظَنَنْت أَنَّ الْفَجْرَ طَلَعَ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُنَادِيَ بِالْمَدِينَةِ ثَلَاثًا: إنَّ الْعَبْدَ قَدْ نَامَ1، ثُمَّ أَقْعَدَهُ إلَى جَنْبِهِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، انْتَهَى. وَبِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ عَنْ جَدِّهِ شَيْبَانُ، قَالَ: تَسَحَّرْتُ، ثُمَّ أَتَيْت الْمَسْجِدَ، فَاسْتَنَدَتْ إلَى حُجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْتُهُ يَتَسَحَّرُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"أَبُو يَحْيَى؟ " قُلْت: نَعَمْ، قَالَ:"هَلُمَّ إلَى الْغَدَاءِ"، قُلْت: إنِّي أُرِيدَ الصِّيَامَ، قَالَ:"وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، وَلَكِنْ مُؤَذِّنُنَا هَذَا فِي بَصَرِهِ سُوءٌ"، - أَوْ قَالَ: شَيْءٌ، - "وَأَنَّهُ أَذَّنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ"، انْتَهَى2.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ،3 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعكم مِنْ سُحُورِكُمْ آذَانُ بِلَالٍ، وَلَا الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ، وَلَكِنَّ الْفَجْرَ الْمُسْتَطِيرَ فِي الْأُفُقِ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَالتِّرْمِذِيُّ. وَابْنُ مَاجَهْ4 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ الْأَفْرِيقِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ أَنَّهُ سَمِعَ زِيَادَ بْنَ الْحَارِثِ الصُّدَائِيَّ، قَالَ: لَمَّا كَانَ أَوَّلُ أَذَانِ الصُّبْحِ أَمَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَذَّنْت، فَجَعَلْت أَقُولُ: أُقِيمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إلَى نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ إلَى الْفَجْرِ، فَيَقُولُ:"لَا"، حَتَّى إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ نَزَلَ فَتَبَرَّزَ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَتَوَضَّأَ، فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ، فَقَالَ لَهُ:"إنَّ أَخَا صُدَاءٍ أَذَّنَ، وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ"، انْتَهَى. وَزِيَادُ بْنُ نُعَيْمٍ، هُوَ زِيَادُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ نُعَيْمٍ، وَثَّقَهُ الْعِجْلِيّ. وَابْنُ حِبَّانَ، قَالُوا: فَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ضَعِيفٌ، قُلْنَا: قَدْ قَوَّى أَمْرَهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَالَ: هُوَ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ. وَغَيْرُهُ، وَرَأَيْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ يُقَوِّي أَمْرَهُ، وَيَقُولُ: هُوَ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، نَحْنُ لَا نَرْوِي عَنْهُ شَيْئًا، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ.

فَائِدَةٌ: أَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ بِلَالٌ"، وَكَانَ بِلَالٌ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَرَى الْفَجْرَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَيْضًا. وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ5. وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ6 عَنْ خُبَيْبِ

1 في البيهقي إن العبد قد رقد.

2 قال الهيثمي: ص 153 - ج 3، رواه الطبراني في الكبير - والأوسط وفيه قيس بن الربيع، وثقه شعبة. والثوري، وفيه كلام، وقال الحافظ في الدراية ص 64: إسناده صحيح.

3 حديث سمرة تقدم، وذكرت هناك مخارجه.

4 أبو داود ص 83، والترمذي: ص 28، وابن ماجه: ص 53، والطحاوي: ص 85، وتقدم في ص 147.

5 والنسائي في المجتبى - في باب هل يؤذنا جميعاً أو فرادى؟ ص 105.

6 ص 433 - ج 6.

ص: 289

بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمَّتِهِ أُنَيْسَةَ بِنْتِ خُبَيْبِ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذَا أَذَّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا. وَإِذَا أَذَّنَ بِلَالٌ، فَلَا تَأْكُلُوا وَلَا تَشْرَبُوا"، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ بِلَالٌ"، قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: وَهَذَا الْخَبَرُ لَا يُضَادُّ بِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عليه السلام جَعَلَ الْأَذَانَ بَيْنَ بِلَالٍ وابن مَكْتُومٍ نَوَائِبَ، فَأَمَرَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِيِ بِلَالًا أَنْ يُؤَذِّنَ بِلَيْلٍ، فَإِذَا نَزَلَ بِلَالٌ صَعِدَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَأَذَّنَ فِي الْوَقْتِ، فَإِذَا جَاءَتْ نَوْبَةُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ بَدَأَ فَأَذَّنَ بِلَيْلٍ، فَإِذَا نَزَلَ صَعِدَ بِلَالٌ، فَأَذَّنَ فِي الْوَقْتِ، فَكَانَتْ مَقَالَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "إنَّ بلال يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ" فِي وَقْتِ نَوْبَةِ بِلَالٍ، وَكَانَتْ مَقَالَتُهُ: إن ابن مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فِي وَقْتِ نَوْبَةِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِابْنَيْ أَبِي مُلَيْكَةَ: "إذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا، وَأَقِيمَا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ1 مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، قَالَ: أَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، أَنَا، وَصَاحِبٌ لِي، وَفِي رِوَايَةٍ: وَابْنُ عَمٍّ لِي، وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ: وَابْنُ عُمَرَ2 قَالَ: فَلَمَّا أَرَدْنَا الِانْصِرَافَ، قَالَ لَنَا:"إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا"، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ، وَمُسْلِمٌ فِي الْإِمَامَةِ، وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُد. وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَالنَّسَائِيُّ فِي الْأَذَانِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فيه: لابني أبي ملكيكة غَلَطٌ، وَصَوَابُهُ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ، وَصَاحِبٌ لَهُ - أَوْ ابْنُ عَمٍّ لَهُ - أَوْ ابْنُ عُمَرَ، عَلَى الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ، وَذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ عَلَى الصَّوَابِ3 فَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ السَّيْفِ الْمُحَلَّى: لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ قَدْ يُرَادُ بِهِمَا الْوَاحِدُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} ، وَالْمُرَادُ أَحَدُهُمَا، وَقَالَ عليه السلام لِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ. وَابْنِ عُمَرَ:"إذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا"، وَالْمُرَادُ أَحَدُهُمَا، انْتَهَى لَفْظُهُ.

1 البخاري في ص 90، وفي الجهاد في باب سفر الاثنين ص 399، ومسلم في الصلاة - في باب من أحق بالإمامة ص 236، وأبو داود في باب من أحق بالإمامة ص 94، وابن ماجه في باب من أحق بالإمامة ص 70، والنسائي في الإمامة ص 126، وفي الأذان - في باب أذان المنفردين في السفر ص 104، و108، والترمذي في باب أذان السفر ص 28.

2 كذا في: ص 196 - ج 2، والدراية ص 290، ولم أقف عليه في النسائي، والله أعلم.

3 كذا قال ابن الهمام في الفتح ص 178 - ج 1، ولفظه: الصواب مالك بن الحويرث. وابن عم له، وقد ذكره المصنف في الصرف على الصواب، اهـ. وقال المخرج: ص 196 - ج 2 في كتاب الصرف الحديث الرابع: قال عليه السلام لمالك بن الحويرث. وابن عمر: "إذا سافرتما فأذنا وأقيما" ثم ذكر من أخرجه، وكذا صاحب الفتح ذكر الحديث في كتاب الصرف كأنه متن هو بصدد شرحه، أما على ما في النسخة المطبوعة في الهند، فالحوالة غير رائجة، فإن الحديث ليس له في كتاب الصرف أثر، ولا أثارة، والله أعلم.

ص: 290

مَا جَاءَ فِي حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ: أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ1 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ. وَعَمَّارٌ. وَعُمَرُ ابْنَيْ أَبِي سَعْدِ2 بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ آبَائِهِمْ عَنْ أَجْدَادِهِمْ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ كَانَ يُنَادِي بِالصُّبْحِ، فَيَقُولُ: حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، وَتَرَكَ حَيَّ عَلَى خَيْرِ العمل، فقال الْبَيْهَقِيُّ: لَمْ يَثْبُتْ هَذَا اللَّفْظُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا عَلَّمَ بِلَالًا، وَأَبَا مَحْذُورَةَ. وحن نَكْرَهُ الزِّيَادَةَ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَرِجَالُهُ يُحْتَاجُ إلَى كَشْفِ أَحْوَالِهِمْ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ أَحْيَانًا إذَا قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالَ عَلَى إثْرِهَا: حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، نَحْوُهُ، قَالَ: وَرَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ3 عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، رُبَّمَا زَادَ فِي أَذَانِهِ: حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ.

قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: أَذَانُ - الْحَيِّ - يَكْفِينَا يَعْنِي حِينَ صَلَّى فِي دَارِهِ بِغَيْرِ آذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ، قُلْت: غَرِيبٌ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا إسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ. وَعَلْقَمَةَ. وَالْأَسْوَدَ صَلَّوْا بِغَيْرِ أَذَانٍ، وَلَا إقَامَةٍ، قَالَ سُفْيَانُ: كَفَتْهُمْ إقَامَةُ الْمِصْرِ، انْتَهَى. حَدَّثَنَا إسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ4 عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي دَارِهِ بِغَيْرِ إقَامَةٍ، وَقَالَ: إقَامَةُ الْمِصْرِ تَكْفِينَا، انْتَهَى. وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ5 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّ الْأَسْوَدَ. وَعَلْقَمَةَ كَانَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فِي الدَّارِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَلَّى هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَصَلَّى بِهِمْ بِغَيْرِ آذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ، وَقَامَ وَسَطَهُمْ، الْحَدِيثُ، وَسَيَأْتِي، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ - فِي الْأَذَانِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ. وَعَلْقَمَةَ، قَالَا: أَتَيْنَا عَبْدَ اللَّهِ فِي دَارِهِ، فَقَالَ: أَصَلَّى هَؤُلَاءِ خَلْفَكُمْ.؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: قُومُوا فَصَلُّوا، وَلَمْ يَأْمُرْ بِآذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ، انْتَهَى.

ذِكْرُ الطَّهَارَةِ فِي الْأَذَانِ، أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ6 عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى

1 في الأذان - في باب ما روي في حي على خير العمل ص 424 - ج 1.

2 قلت: في البيهقي بدل أبي سعد حفص فلعل أبا سعد هو حفص، والله أعلم.

3 قلت: في البيهقي: عبد الله بن عمر، وفي ابن أبي شيبة ص 145 - ج 1: أبو أسامة نا عبيد الله عن نافع، قال: كان ابن عمر ربما زاد في أذانه حيَّ على خير العمل، اهـ.

4 قلت: مراسيل النخعي صحيحة، كما في الطحاوي: ص 133، والدراية ص 16، والدارقطني ص 361، والبيهقي: ص 148 - ج 1، وأطال ابن القيم على ذلك في الهدى ص 354 - ج 2، ص 204 - ج 4.

5 ص 447 - ج 1.

6 في باب كراهية الأذان بغير وضوء ص 28.

ص: 291

عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يُؤَذِّنُ إلَّا مُتَوَضِّئٌ"، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ أبي هُرَيْرَةَ: لَا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ إلَّا مُتَوَضِّئٌ، قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ الْأَوَّلِ، وَالزُّهْرِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ1 الْحَافِظُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هارون القروي2 حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! إنَّ الْأَذَانَ مُتَّصِلٌ بِالصَّلَاةِ، فَلَا يُؤَذِّنُ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ"، انْتَهَى.

ذِكْرُ الْقِيَامِ فِي الْأَذَانِ، أُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ عليه السلام:"قُمْ يَا بِلَالُ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ"، وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ حَدَّثَنَا عَبْدَانُ ثَنَا هِلَالُ بْنُ بِشْرٍ ثَنَا عُمَيْرُ بْنُ عِمْرَانَ الْعَلَّافُ3 ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَقٌّ وَسُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ أَنْ لَا يُؤَذِّنَ إلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ، وَلَا يُؤَذِّنُ إلَّا وَهُوَ رَاكِبٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ الْقِيَامَ فِي الْأَذَانِ مِنْ السُّنَّةِ، وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ الرُّكُوبُ، أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ، قَالَ: كُنْت مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَحَضَرَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ، فَقَالَ لِي:"يَا أَخَا صُدَاءٍ! أَذِّنْ"، وَأَنَا عَلَى رَاحِلَتِي، فَأَذَّنْت، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ4 عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ ثَنَا سَعِيدٌ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِلَالًا فِي سَفَرٍ، فَأَذَّنَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ نَزَلُوا فَصَلَّوْا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَقَامَ، فَصَلَّى بِهِمْ الصُّبْحَ، وَقَالَ: هَذَا مُرْسَلٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ5: ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُؤَذِّنُ عَلَى الْبَعِيرِ، وَيَنْزِلُ، فَيُقِيمُ.

ذِكْرُ الْأَذَانِ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ، أُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ عليه السلام:"لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ رِجَالًا فَيَقُومُونَ عَلَى الْآطَامِ يُنَادُونَ بِالصَّلَاةِ"، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد6، وَكَذَا قَوْلُهُ: فَقَامَ عَلَى حَائِطٍ، وَقَوْلُهُ: فَقَامَ عَلَى الْمَسْجِدِ، وَقَوْلُهُ: فَقَامَ عَلَى جُدُرِ حَائِطٍ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد7 مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ محمد بن حعفر بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، قَالَتْ: كَانَ بَيْتِي

1 وأخرجه البيهقي في سننه ص 392 من حديث حارث بن عتبة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه، قال: حق وسنة مسنونة أن لا يؤذن الرجل إلا وهو طاهر، ولا يؤذن إلا وهو قائم، اهـ. وهذا هو المناسب لما هو بصدد إثباته، والله أعلم.

2 وفي نسخة الفروي.

3 في نسخة العارف.

4 في السنن، ص 362 - ج 1 عن عبد الوهاب ثنا إسماعيل عن الحسن، فذكره.

5 أسند البيهقي في سننه ص 362 أن ابن عمر كان يؤذن على راحلته، اهـ. وفي رواية. ربما أذن على راحلته الصبح، ثم يقيم بالأرض، اهـ.

6 قلت: أما كلمة على الآطام. وعلى المسجد ففي حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أصحابه عند أبي داود في باب كيف الأذان ص 81، وأما جذم الحائط ففي حديثه عن عبد الله بن زيد عند الطحاوي ص 79، والدارقطني: ص 89، والبيهقي:421.

7 في باب الأذان فوق المنارة ص 84.

ص: 292

مِنْ أَطْوَلِ بَيْتٍ حَوْلَ الْمَسْجِدِ، فَكَانَ بِلَالٌ يَأْتِي بِسَحَرٍ، فَيَجْلِسُ عَلَيْهِ يَنْظُرُ إلَى الْفَجْرِ، فَإِذَا رَآهُ أَذَّنَ، وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: مِنْ السُّنَّةِ الْأَذَانُ فِي الْمَنَارَةِ، وَالْإِقَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ فَوْقَ الْبَيْتِ، انْتَهَى.

مَا جَاءَ فِي اسْتِحْبَابِ الْإِقَامَةِ فِي غَيْرِ موضوع الْأَذَانِ، أُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا:"ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ"، وَتَقَدَّمَ: مِنْ السُّنَّةِ الْأَذَانُ فِي الْمَنَارَةِ، وَالْإِقَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ.

مَا جَاءَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَكُونُ مُؤَذِّنًا، فِيهِ حَدِيثَانِ ضَعِيفَانِ: أَحَدُهُمَا: أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ سَلَّامٍ الطَّوِيلِ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ مُؤَذِّنًا" قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَالْبَلَاءُ فِيهِ مِنْ سَلَّامٍ. أو زَيْدٍ. أَوْ مِنْهُمَا، وَقَالَ النَّسَائِيّ: سَلَّامٍ مَتْرُوكٌ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ الْبُسْتِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ عَنْ الْمُعَلَّى بْنِ هِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ فِيهِ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مُؤَذِّنًا، انْتَهَى. قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَالْمُعَلَّى هَذَا، قَالَ فِيهِ يَحْيَى: هُوَ مِنْ الْمَعْرُوفِينَ بِالْكَذِبِ وَوَضْعِ الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَحَدِيثُهُ مَوْضُوعٌ، انْتَهَى. قال فيالإمام: لَكِنْ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ عن شعبة بن الْمُغِيرَةِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، سَمِعْت أَذَانَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ أَذَانُهُ وَإِقَامَتُهُ مَثْنَى مَثْنَى، وَأَخْرَجَهُ أَبُو حَفْصِ بْنِ شَاهِينَ فِي كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ شَيْبَةَ، وَكَذَلِكَ أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيُّ، لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي الِاتِّصَالِ بَيْنَ الشَّعْبِيِّ. وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ نَقْلًا عَنْ الْحَاكِمِ، أَوْ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ: الرِّوَايَاتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي هَذَا الْبَابِ كُلُّهَا وَاهِيَةٌ، لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ اُسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ فِيمَا بَلَغَنَا، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنَ حَمْزَةَ ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: دَخَلَتْ ابْنَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا ابْنَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَبِي شَهِدَ بَدْرًا، وَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: سَلِي مَا شِئْت، فَسَأَلَتْ، فَأَعْطَاهَا مَا سَأَلَتْ، قَالَ الْحَاكِمُ: فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ تُصَرِّحُ بِأَنَّ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ لَمْ يَلْقَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ صَاحِبَ الرُّؤْيَا، وَلَا أَدْرَكَ أَيَّامَهُ، فَتَصِيرُ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا مُرْسَلَةً، وَلِذَلِكَ تركها الشيخان في صحيحهما قَالَ الشَّيْخُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَيْضًا إرْسَالًا، فَإِنَّ أَبَا عُثْمَانَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَيْسَ فِي طَبَقَةِ مَنْ يَرْوِي عَنْ

ص: 293

عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مُشَافَهَةً وَلِقَاءَا، وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ1 بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، فَصَرَّحَ فِيهِ بِسَمَاعِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَبِيهِ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ2، وَفِي عِلَلِ التِّرْمِذِيِّ الْكَبِيرِ سَأَلْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ يَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ إسْحَاقَ، وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ. وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي أَخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي قِصَّةِ الْأَذَانِ أَصَحُّ مِنْ هَذَا، لِأَنَّ مُحَمَّدًا سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ فِي صَحِيحِهِ: إنَّ مُحَمَّدًا سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ، وَأَيْضًا فَالْبَيْهَقِيُّ قَدْ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْوَاقِدِيَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ أَبِي بِالْمَدِينَةِ3 سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.

وَحَدِيثُ الْأَسْوَدِ 4 أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُثَنِّي الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ، أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ نَحْوَهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ عَنْ بِلَالٍ، وَقَالَ مِثْلُهُ، لَمْ يُسَقْ لَفْظُهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَإِبْرَاهِيمُ عَنْ بِلَالٍ مُرْسَلٌ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ لَمْ يُدْرِكْ أَذَانَ بِلَالٍ، وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ، وَعَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُثَنِّي الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ، وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ5 بِلَفْظِ: سَمِعْت بِلَالًا يُؤَذِّنُ مَثْنَى وَيُقِيمُ مَثْنَى، وَاعْتَرَضَ الْحَاكِمُ بِأَنَّ الْأَسْوَدَ بن يزيد. وسويد بنغفلة لَمْ يُدْرِكَا بِلَالًا وَأَذَانُهُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَبِي بَكْرٍ، قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَكَوْنُ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ لَمْ يُدْرِكْ أَذَانَ بِلَالٍ فِي عَهْدِهِ عليه السلام صَحِيحٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، مَعَ أَنَّهُ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَأَدَّى الزَّكَاةَ لِمُصَدِّقِهِ عليه السلام، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ خُرُوجَ بِلَالٍ إلَى الشَّامِ كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ، كَمَا رَوَاهُ حَفْصُ6 بْنُ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ الْقَرَظِ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى بِلَالٌ إلَى أَبِي بكر، فقال: يا خليقة رَسُولِ اللَّهِ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إنَّ أَفْضَلَ عَمَلِ الْمُؤْمِنِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَرْبِطَ نَفْسِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ

1 ثقة من الثالثة.

2 في باب كيف الأذان ص 78، وابن سعد في طبقاته ص 87 - ج 3 من القسم الثاني، من المجلد الثالث، والدارمي في الأذان ص 140.

3 كذا أسند ابن سعد في طبقاته ص 87 - ج 3 من القسم الثاني، من طريق الواقدي.

4 أخرجه الطحاوي: ص 80، والدارقطني: ص 90 من حديث عبد الرزاق أنا معمر عن حماد عن إبراهيم عن الأسود: أن بلالاً كان يثني الأذان، ويثني الإقامة، اهـ.، والدارقطني: ص 90 من حديث عد الرزاق أنا الثوري عن أبي معشر عن إبراهيم عن الأسود عن بلال، قال: كان أذانه وإقامته مرتين مرتين اهـ. قلت: لم أجد عن إبراهيم عن بلال مثله، والله أعلم.

5 في باب الإقامة ص 80.

6 حديث حفص عند الدارقطني: ص 87 بغير هذا السياق، لكن فيه استأذن بلال عمر رضي الله عنه في الخروج للجهاد، قال له عمر: إلى من أدفع الأذان يا بلال؟ قال: إلى سعد، فإنه أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء فدعى عمر سعداً، فقال:"الأذان إليك، وإلى عقبك من بعدك"، الحديث. وفيه دلالة على أن بلالاً أذن لأبي بكر، ثم لعمر، ثم استأذن في الخروج للجهاد، والله أعلم.

ص: 294